​​​​​​​​​​​​​​​​​
ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008 م”أو هكذا تكلم المسرحيون -2-69 – نوري عبدالدائم
*****************​​​​*********************​​​​​

من سرق مهرجان المسرح الليبي
بقلم / عبدالوهاب قرينقو

( 1 )

المسرحيون الرحل

في 18 . 10 . 2008 كانت الحافلة المتوسطة ذات الـ 24 راكب تشق بنا شبه القارة الليبية .. فمن مدينة هون وسط
ليبيا اتجهنا مائتا كم شمالاً ، ثم شرقاً عابرين أكثر من 1500 كم ، للمشاركة في المهرجان الوطني الحادي عشر
للفنون المسرحية ! ، والذي يقام للعام الثاني على التوالي في غير مكانه الطبيعي – مدينة طرابلس – وهي المكان
الطبيعي لأسباب كثيرة ، الأول لأن طرابلس هي عاصمة البلاد ، والمنطق يقول أن أي مهرجان سمته الوطني يجب أن يقام
في عاصمة البلاد لا أن يتنقل مرتحلاً بين المدن والجبال والقفار والمناطق الفقيرة للإعلام والنخب المثقفة والبنية
الملائمة للإقامة ، والمناخات التي توفر الاحترام ! .. السبب الثاني طرابلس حسب وجهة نظري الشخصية هي المدينة
الوحيدة في ليبيا التي تقترب من مواصفات المدينة عالمياً وعدة أسباب أخرى يمكن أن تكون مقنعة لأي إنسان عاقل ،
ولعل أهم ما يلفت النظر أن جميع المسرحيين والإعلاميين والمهتمين بالشأن المسرحي الليبي من طبرق شرقا إلى
غريان غرباً ومن سبها جنوباً إلى هون شمالاً يؤيدون وبشدة فكرة توطين المهرجان و إقامته بشكل أبدي في العاصمة
طرابلس ، ولا يجد أحد مانعاً من أن تقام مهرجانات نوعية رافدة في مدن أخرى ، فلتحتضن البيضاء مهرجان المسرح
التجريبي كما كانت تفعل ، ولتستقبل بنغازي مهرجان المسرح الكوميدي ، ولتتواصل أيام طرابلس المسرحية بصفة
محلية ، ولتتبنى مثلا مصراته مهرجان المسرح الجامعي ، ولتنظم مدينة أخرى مهرجان المسرح الشعري مثلاً ، ولتعد
مدينة هون إلى مهرجانها المحلي لمسرح الطفل .. فليكن لكل مدينة مهرجانها الأهلي للمسرح وكل حسب إمكاناته
لتطوير أي مهرجان ، أما المهرجان الوطني فليبق في طرابلس .. عاصمتنا الليبية ، والى الأبد ! .

ما سبق طرحه هو رأيي الشخصي الذي كنت أقره مع نفسي وافتتح حوارات مع الأصدقاء من مثقفين ومسرحيين ولا أجد من
يرفض هذا الرأي ، وبعد مهرجان هذا العام الذي احتضنته 4 مدن بالجبل الأخضر الجميل بطبيعته وآثاره الإغريقية !
– سوسة ( إقامة ) ، الجارتان شحات و البيضاء ( عروض ) ودرنة الأبعد ( حفل اختتام غرائبي ) – لاحظت قبيل انطلاق
المهرجان وأثناءه وبعد ختامه أن ما كنت أراه رأيي الشخصي إنما هو رأي الجميع ، حتى قبل التئام مهرجان العام
الماضي في بنغازي ، والسؤال الذي يلح الآن : مادامت هذه رغبة الجميع فلماذا الإصرار على أن يكون مسرحنا
كإعرابي رحال يعبأ لهُ في الشاحنات ديكورات خمسة عشر فرقة مسرحية وفي الحافلات يتم حشو الممثلين والممثلات
والمؤلفين والمخرجين والمرافقات ، والصحفيين والطفيليين وأنصاف المثقفين والفنيين والموسقيين والمثقفات ،
لعبور مفازات وسهول وإرهاق وطائرات وحجوزات وضيوف عرب ممثلين وممثلات مجاملين ومجاملات ومتطاولين ومستهزئات
وقليلاً من المنصفين والمنصفات ومكرمين على لاشيء ومكرمات وبرستيج ونفاق ومياه صفراء بالمطاعم والحمامات ،
وإقامة رديئة ، بل وبعض الفرق شبه نامت في الشارع فيما يسمى تجاوزاً في سوسة بالفيلات ! ، ماهذا ؟! هل القصد
إحباط الحركة المسرحية في البلاد هل لجعل صدى عروضها كصخرة في واد لن يسمعها أحد – وهذا تقريباً ما حدث – هل
ليلقى مهرجان المسرح مصيراً مماثلاً لشقيقه الأصغر مهرجان الأغنية الذي احتضنته طرابلس بشكل ناضج لعامين فنقلوه
لبنغازي ثم إلى مدينة هون ثم لا مهرجان أغنية ولاهم يحزنون ؟!! .

( 2 )

عن عروض الدورة 11

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نطلق صفة التدني على عروض الدورة 11 من مهرجان المسرح الوطني ، فقد جانب الصواب
المدير التنفيذي للدورة عندما وسم جهود زملاءه المسرحيين بهذا اللفظ غير اللائق ، بل والمشين ، . . . ولو
افترضنا جدلاً أن حسن قرفال كان أكثر لباقة ، واستبدل لفظ ( متدنية ) بعبارة دون المستوى ، فلازال الصواب
مجانبه ، لأسباب عدة ، في مقدمتها لعنة الترحال التي حلت بالمهرجان مما يجعل التخبط والعشوائية والارتجالية من
سمات هذه الدورة ، فالمعروف لدى من حضر أو تابع الأخبار أن عدد الفرق المتنافسة وصل إلى خمس عشرة فرقة مسرحية
، .. أما الذي لا يعرفه الكثيرون أن لجنة المشاهدة التي جالت عبر الأراضي الليبية لقبول أو رفض العروض
المتقدمة للمنافسة والمشاركة بالمهرجان اختارت سبع مسرحيات فقط لا غير ! ، ( أظنُ ) أنها :

1 – امراءة واحدة .. لفرقة الجيل الصاعد – طرابلس

2 – نزيف الحجر .. لفرقة المسرح الوطني – سبها

3 – برج القهوة .. لفرقة هون للمسرح – هون

4 – الإطار .. لفرقة التمثيل والمسرح المرج

5 – يا مطر يا عمتي .. لفرقة المسرح الحديث البيضاء

6 – جريدة أم بسيسي .. لفرقة أصدقاء التمثيل اجدابيا

7 – فانتازيا .. لفرقة بيت شحات الثقافي شحات

. . . ولأن المهرجان الرحَّالة سيصعد أو سيهبط إلى خصوبة الجبل الأخضر ، فإن الغلة لابد وأن تكون وفيرة ، ! ،
فــــ عيب .. ثمة ضيوف كبار من سوريا ومصر وتونس وايطاليا ، كيف نعرض لهم سبعة فرق مسرحية وحسب .. ماذا
سيقولون عنا ؟ هل هذا مهرجان أم مجرد أسبوع مسرحي ، أيضاً لا ننس الترضيات والمجاملات لــــ مقص أو لصقة
الجغرافية الجهوية فلابد من مشاركة المزيد من بنغازي وماذا لدى مصراته وان لم توجد فالخمس ولنصعد لنر مالدى
غريان ولنختر فرقة أخرى من طرابلس . . . وليكتمل العدد إلى 15 فرقة مسرحية !! ، فقد تم العفو عن 8 فرق
مسرحية – دفعة واحدة – والسماح لها بالمشاركة ، فاعتمد الكم على حساب النوع .. وربما ثمة قصدية في الأمر ،
وإلا كيف سيجد الممثل حسن قرفال – مدير هذه الدورة والسابقة و القادمة فيما يبدو – الفرصة و المبرر ليقف على
منبر مسرح جديد جميل تحتفي درنه الفن بافتتاحه ، ويقول : عروض هذه الدورة متدنية ، . .
. . . وماذا قدمت يا سيد قرفال للمسرح الليبي لتسخر من جهود مئات المسرحيين الكادحين بليبيا الخير ، الذين
يعملون بعشر ما يتوفر لك من إمكانات ويقدمون مسرحاً أشاد به كبار ضيوفك من سوريا والأردن ومصر وايطاليا ! .
كان بالإمكان جداً الاكتفاء بالفرق السبعة في المنافسة مضاف إليها الفرق القادمة من تونس وايطاليا والفرقتين
الجامعيتين على هامش المنافسة ، فيتم تقديم عرض واحد يومياً ولكل عرض ندوة في نفس اليوم ، ولمدة عشرة أيام ،
عوضاً عن الإرهاق مع ماراثون المدن الثلاثة يومياً .

( 3 )

أين اختفى الإطار

منذ حضوري لمهرجان المسرح في دورته الثامنة بطرابلس 1999 لاحظت الإشكالات المزمنة للجنة التحكيم ، . . . فلم أر
لجنة تحكيم وفقت تماماً أو رضي عنها من حضر ، سواءً متنافسين أو حضور عام ، فدائماً ثمة مظلومين ، في 1999 لن
ننسى كيف ظُلم عمل لست أنت جارا للمخرج الليبي داوود الحوتي ، عن قصة للكاتب التركي الكبير عزيز نيسين ، ومن
المضحك المبكي أن لجنة التحكيم سنتئذٍ كانت على درجة من الحياء فلم تحرم العمل نهائياً فمنحته جائزة أحسن ملابس
! ، ولم نرى في العرض أية ملابس تذكر !! ، وفي ذات الدورة وقع الظلم الصارخ على الممثلة ( المثقفة ) فاطمة
غندور بحرمانها من جائزة أحسن ممثلة بدورها المتفرد في مسرحية توقف للمخرج أحمد إبراهيم حسن والنص للكاتب
المسرحي منصور أبوشناف ، . . . . في دورة هذا العام لم يختلف الأمر إلا أن لجنة التحكيم أكثر ( جرأة ) ، فالذي
سيحرم من جائزة العمل المتكامل لن تتم مجاملته / ترضيته ، أو لنقل إنصافه بأية جائزة !! وهذا ما حدث مع
المسرحية المتكاملة حسب رأي الأكثرية المثقفة وكبار الفنانين من الضيوف العرب ، وهي مسرحية الإطار لفرقة المرج
من إعداد وإخراج الفنان المتميز عبد السيد آدم ، والعمل عن نص البكاء في غياب القمر للكاتب السوري وليد
إخلاصي . . ناهيك عن الظلم الماحق الذي تعرض لهُ الممثل البارع إبراهيم إدريس ، عن دوره المدهش وأدائه الناضج
في مسرحية يا مطر يا عمتي لفرقة المسرح الحديث / البيضاء .

( 4 )

مهرجان بلا مسابقة

. . . على مدى الدورات الأخيرة أثبتت التجربة أن التحكيم المؤدي إلى جوائز لا يخدم مصلحة الحركة المسرحية في
ليبيا ولا يخدم تطورها ولا نشرها ولا ترسيخها ولا تفعيلها ، بقدر ما يزرع مزيد الحساسيات والتباعد بين الفنانين
وأعضاء اللجنة ، الذين غالباً هم زملاء وأصدقاء للمسرحيين ، ويجعل من جمهور المسرح أقرب إلى جمهور كرة القدم
( الغوغائي ) ، وأنا أقترح أن يتواصل المهرجان بدون جوائز مُتبِعاً هذه الأسس :

1 – تنتخب أو تُختار لجنة للتقييم لا للتحكيم ، وتتغير هذه اللجنة بعد كل – 4 – دورات .

2 – العمل الأساسي لهذه اللجنة تقييم كل عمل مشارك بالمهرجان ووضع النقاط لكل عنصر من عناصر المسرحية ،
وإبداء الملاحظات الفنية العلمية .

3 – في نهاية المهرجان ، تستلم كل فرقة نموذج تقييم شامل لعملها المسرحي .

4 – أن يوضع في الاعتبار دعوة مثقفي ليبيا ونقادها وكتابها وصحفييها الثقافيين لحضور المهرجان في كل دورة
وتحديداً للمساهمة في ندوات العروض والندوات العامة عن المسرح .

4 – تكون ندوات النقاش مكثفة وجدية لكل عمل

6 – . . . ولأن اللجنة تقييمية ، لا ضير هنا من مشاركة أعضائها في نقاشات الورش .

7 – توثق وتُفرغ كل ندوة عمل ، وتُرفق مع نموذج التقييم الشامل المُقدم للفرقة المُشاركة .

ختاماً .. الحديث عن المسرح الليبي ومهرجانه الوطني لا ينتهي ، لأن إشكالاته كثيرة والذين يتخذونه جسراً
لغاياتهم الذاتية والأنانية كثيرون أيضاً ! .

من almooftah

اترك تعليقاً