ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -1-9- نوري عبدالدائم
**************************

مصطفى الأمير وإبراهيم بن عامر
يحكيان قصة المسرح قصة المسرح في ج. ع. ل
حوار / محمد بالحاج
من خلال اللقائين اللذين أجرتهما المجلة مع المخرج والكاتب المسرحي العربي الليبي “مصطفى الأمير” والممثل المخضرم “إبراهيم بن عامر” تمكنا إلى حد كبير من أن نرصد حركة المسرح العربي الليبي وتطوراته التي بدأت منذ أربعين عاماً تقريباً، الأمر الذي يتضح منه أن الحركة المسرحية في ج.ع.ل لم تكن معزولة عن الحركات المسرحية في العالم بشكل عام، وفي الوطن العربي بشكل خاص، والأمل كبير في أن تنشط الحركة المسرحية وأن تؤتى ثمارها في ظل ثورة الفاتح من سبتمبر التي أعطت للفن والفنانين الدعم والإمكانات التي تمكنها من أن تلعب دورها التثقيفي على المستوى المحلي والقومي.
* المسرح في ج. ع. ل
يقول مصطفى الأمير:
يمكن تقسيم المسيرة المسرحية في ج. ع. ل إلى ثلاث مراحل:
الأولى: مع احتلال الإيطاليين الفاشست لأرضنا.
والثانية: مع بداية ظهور الفرق المسرحية الأهلية.
والثالثة: مع قيام ثورة الفاتح من سبتمبر وصولاً إلى تاريخ إنشاء أول نقابة للفنانين في ج. ع. ل.
* “المرحلة الأولى”:
لقد كانت فرقة طلائع خريجي الفنون والصنائع هي النواة الأولى في طرابلس، غير أنه كثيراً ما نما إلى علمي أن مجموعات من الشباب المثقف كانت تجتمع من حين إلى آخر، وبعد أن يقع اختيارهم على أحد النصوص كانوا يقومون بتقديمه، وكثيراً ما يلاقون المصادرة من سلطات الاستعمار الإيطالي لما كانوا يقدمونه من مسرحيات وطنية مثل (صلاح الدين الأيوبي) و(معركة اليرموك) الأمر الذي أدى إلى عدم مواصلتهم العمل في هذا المجال وبالتالي كان من الصعب التعرف على الأسماء المنضمة لتلك المجموعات المثقفة خاصة وأنها لم تكن فرقا مسرحية بالمعنى المعروف.. سبب آخر في عدم ذيوع أسماء هؤلاء كرواد للمسرح الليبي أنهم لم يستعملوا أسماءهم الحقيقية حيث كان من المستهجن اجتماعياً أن يشتهر أحد بالتمثيل أو الغناء في ذلك الوقت.
* فرقة الفنون والصنائع:
لهذا فإن فرقة الفنون والصنائع تعتبر النواة الحقيقية لقيام المسرح الليبي وقد قدمت الفرقة عدداً لا بأس به من الروايات والاسكتشات وقد أسهم في هذه العروض فنان مصري كبير حضر من القاهرة وكان برفقته فتاتان.. وقد ظلت الفرقة تقدم عروضها المسرحية منذ عام 1936 حتى عام 1939م حيث بدأت الحرب العالمية الثانية:
* فرقة نادي العمال:
ظهرت الفرقة إلى الوجود حوالي عام 1940م وقد ركزت اهتمامها على “الكوميديا” والعروض الفنية إذ كان لديها فرقة موسيقية ثابتة وهي فرقة “إذاعة ماركوني” في ذلك الوقت، والجدير بالذكر أن معظم أعضاء الفرقة الموسيقية كانوا من خريجي مكتب الفنون والصنائع، وقد استمر نشاط فرقة نادي العمال حتى عام 1947م حيث حدث انشقاق داخل مجلس إدارة النادي مما دعا إلى حله، وبما أني كنت أحد أعضائه فقد غادرته إلى نادي الشباب وذلك بعد أن قدمت على خشبة مسرحه _أي مسرح العمال_العديد من الفكاهة الهادفة التي كانت بداية لحياتي في عالم الفن والمسرح.
* فرقة نادي الشباب:
كان النادي يقع بباب البحر وكان نادياً رياضياً صرفا إلا أنه أثناء فترة التحاقي به تقرر دمجه في نادي النهضة وتكون منهما “نادي الاتحاد” الذي ضم خيرة الشباب.. ومنذ تاريخ تكوينه وتكوين فرقة مسرحية خاصة به، شاهد جمهور طرابلس عروضاً عديدة لا أعتقد أن من شاهدها بإمكانه أن ينسى الجهد الذي بذل من أجل الوصول بها إلى المستوى الرفيع من الأداء والاخراج في ذلك العهد، لقد كان مدير الفرقة عمر الباروني ومن أعضائها فؤاد الكعبازي وكمال سعيد ونجاتي السراج وأبناء الشكشوكي..
* ومن أهم المسرحيات التي قدمتها الفرقة:
ليبيا سنة 2000 – طارق بن زياد – وقد شاهد المسرحية الاخيرة ما يزيد على 3500 متفرج واشتراك في تمثيل المسرحية 80 ممثلًا.
* فرقة نادي النهضة:
وقد كانت بدايتها مع فرقة نادي العمال تقريباً وقد ركزت اهتمامها على المسرحيات التاريخية مثل مسرحية (روح الجهاد في الإسلام) إلا أنها بالرغم من ذلك قد حافظت على العادة التي كانت متبعة في ذلك العهد، وهي تقديم فصل فكاهي عقب نهاية كل عرض، وقد كان (خليفة ماعونة) و(ظافر حورية) بطلي هذا الفاصل.
* المرحلة الثانية:
بدأت هذه المرحلة بظهور الفرقة الاهلية ولعل أهمها الفرقة القومية التي تأسست عام 1951 وانضم إلى هذه الفرقة عند تأسيسها أكثر الشباب قدرة في هذا المجال ومن أولى الاعمال التي قدمتها كانت مسرحيات (الدنيا ساعة بساعة – نكران واعتراف – الوارث) وكلها من تأليف وإخراج سعيد السراج وقد كان مقر الفرقة آنذاك بسوق الترك وكانت الفرقة تصنع المناظر من أكياس الاسمنت ويمكننا القول إن مؤسسي الفرقة القومية هم:
– البهلول الدهماني.
– شعبان القبلاوي.
– إدريس الشغيوي.
– سعيد السراج.
– نوري المغربي.
– عبد السلام العجيلي.
ومع أول انتخابات حدثت بالفرقة انتخبت (أي مصطفى الامير) مديراً لها ولا أزال أحمل تبعة هذا المنصب في الفرقة منذ ذلك التاريخ حتى الآن.
وفي هذه الفترة ظهر الكثير من الفرق واختفى الكثير منها أيضاً.. ومن الفرق التي ظهرت في عالم المسرح في تلك الفترة:
– فرقة الجيل الصاعد.
– فرقة الأمل.
– الفرقة الوطنية.
– فرقة النهضة المسرحية.
– فرقة الأنوار.
– فرقة المسرح الليبي.
أما أسباب اختفاء بعض الفرق أو الكثير منها فهو يرجع إلى:
الاول: الإمكانات المادية.
الثاني : العروض الهزيلة التي كانت تقدمها بعض هذه الفرق على عكس ما تعوده الجمهور من فرقة نادي الاتحاد.
ويتحدث (مصطفى الامير) عن تجربته في الفرقة القومية فيقول:
(بدأت تجربتي مع الفرقة منذ خمسة وعشرين عاماً وقد مرت الفرقة بالعديد من الازمات ولكنها لم تيأس.. ولم تفشل، والدليل على ذلك استمرار وجودها حتى هذه اللحظة وقد ناضلت الفرقة حتى تم لها بناء قاعة للمسرح (يوجد مكانها الآن جناح ج.ع.ل في أرض المعرض) ولا يمكن تصور العناء الذي لاقيناه في جمع التبرعات ومراجعة الدوائر الحكومية من أجل الحصول على مقر لقد نقل من مجرد دكان إلى مسرح حقيقي وقد قدمت الفرقة منذ قيامها ما يزيد على 36 مسرحية منها 8 مسرحيات عالمية والبقية من تأليفي وإحياناً من تأليف شرف الدين.
المرحلة الثالثة:
وتبدأ هذه المرحلة بقيام ثورة الفاتح من سبتمبر وأهم السمات المميزة لهذه الفترة:
* تكوين الهيئة العامة للمسرح.
* إنشاء نقابة الفنانين.
وقد قامت الهيئة بتجربة دمج الفرق الذي تفاءلنا به في البداية اعتقاداً منا بأن لدى الهيئة العامة للمسرح فكرة رائعة لا ندركها من وراء القرار ولكن تجربة دمج الفرق قد فشلت فقد ولدت هيئة المسرح وتقوقعت على نفسها داخل الملفات والاوراق والمكاتب وقد كان من الممكن للهيئة أن تلعب دوراً أساسه دراسة واقعية لحقيقة الحركة المسرحية في بلادنا هذا بالاضافة إلى أنها ركزت جل اهتمامها على الفنون الشعبية مما جعل حذف كلمة المسرح من اسمها شيئاً طبيعياً وما لم يوجد مخطط شامل للعمل المسرحي فسيظل الفشل ملازماً لأي نشاط كما أنني أدعو إلى إنشاء معهد عالٍ للتمثيل يعامل خريجوه على قدم المساواة مع خريجي المعاهد العليا والكليات.
* القرارات لا تصنع مسرحاً:
لقد كانت تجربة دمج الفرق تجربة فاشلة اتخذ فيها قرار غير مدروس من هيئة المسرح وقد أعطاها القرار الحق في الاستيلاء على مقار الفرق وأثاثاتها وتغيير أسمائها بل ونقل أعضائها دون أن يكون من وراء ذلك خطة لتنظيم الحركة المسرحية أو متابعتها والاهتمام بها.. وقد أدى ذلك إلى انسحاب الكثير من القدرات الفنية، وباختصار فإن القرارات لا تصنع مسرحاً والدليل على ذلك أنه تم حل الفرق المندمجة بعد سنتين من فشل التجربة.
* فرقة المسرح الوطني:
فرقة متفرغة تصرف لها مرتبات من الدولة وللاسف فإن عملها يكاد يكون موسمياً يبدأ في الخريف وينتهي مع بداية الصيف حيث يجب أن يقام مهرجان سواء أكان على مستوى الجمهورية أو الوطن العربي.
إن المسرح الوطني مسؤول عن عدم وجود مسرح يعمل باستمرار.. طوال أيام العام.. حتى لو اضطره إلى تقديم عروضه للمقاعد.. ومع ذلك.. فإن الأعمال التي قدمها منذ انشائه -على قلتها- كان معظمها رائعاً وناجحاً.
* نقابة المعلمين:
وهي من العلامات المميزة لفترة الثورة، فقد تكونت في نهاية عام 1976م، وقد انتخبت فيها نقيباً للمخرجين المسرحيين، ولا أملك إلا أن أقول أن هذا الحدث قد انتظره الفنان الليبي طوال عمره، وتقع على هذه النقابة مسؤولية الخروج بالحركة الفنية من حالة الركود التي تعانيها، وعلى كل فنان عضو بها أن يبذل كل جهوده في هذا الشأن.
إن تكوين نقابة الفنانين مفخرة من مفاخر ثورة الفاتح العظيمة التي أرادت للفن أن يأخذ مكانه الطبيعي في مجتمعنا.
وفي حديثنا مع “إبراهيم بن عامر” تتضح أبعاد وتطورات الحركة المسرحية في “بنغازي”، فقد عاشت الحركة المسرحية في بنغازي حياة نشطة منذ عام 1939م حتى يومنا هذا والتاريخ للحركة المسرحية في ج.ع.ل لا ينفصل بأي حال عن الحركة المسرحية التي اتسعت رقعتها في “بنغازي”.
بدأت أول فرقة مسرحية في بنغازي عام 1936م وكان مؤسسها رجب البكوش، وقد كانت بداية حياتي المسرحية مع هذه الفرقة أنا و”حسن فليفلة” الذي عمل مدرباً بالفرقة ومخرجاً لها.. والغريب أننا في ذلك الوقت لم نكن نملك مسرحاً وكنا نقدم العروض على شاطئ البحر ولهذا اتخذت الفرقة اسم (فرقة الشاطئ). وعندما حضرت المهرجان المسرحي في دمشق دار حول مسرحية قدمتها إحدى الفرق اللبنانية بدون خشبة مسرح وبدون مناظر وهم يسمون هذا النوع من المسارح (المسرح التجريدي) وقد قلت في هذا المهرجان بأننا قد سبقناكم حيث قدمنا هذه التجربة في بنغازي عام 1936. وليس غريباً أن قمنا بهذه التجربة بطريقة عفوية مما يؤكد صدق الإحساس الفني لدى الليبيين. فقد شهدت ليبيا ازدهاراً مسرحياً يرجع إلى عصور قديمة تعلن عنها آثار الفينيقيين والرومان والإغريق وهم خير شاهد على ذلك.
وبالإضافة إلى نقص الإمكانات المادية التي كانت الفرقة تعانيها، فقد كنا نتحايل لتفادي الاصطدام بسلطة الاستعمار الإيطالي الذي كان يحارب اللغة العربية إذ كان يحارب أي نشاط فني، بل كان يحارب اللغة العربية إذ لم يكن بالإمكان أن تزيد حصة اللغة العربية في المدارس عن ساعة واحدة في الأسبوع.
وقد كان أول مسرحية اشترك في تقديمها مسرحية (راعي الغنم) وتتلخص في أن الذئب يظل دوماً في انتظار أن ينام الراعي لكي يفترس أغنامه، وقد كنا نرمز به إلى الاستعمار الإيطالي الذي اكتشف بالفعل ما يمكن أن تثيره هذه المسرحية من انفعالات لدى الجمهور فسارع إلى مطاردة الفرقة ومنعها من عرض المسرحية.
* الاستعمار الإيطالي والمسرح:
إن أول شيء أقدم الاستعمار الإيطالي على إنشائه هو الملاهي، وقد أنشأ بعض دور العرض ولكن ليس لغير الإيطاليين ولم يكن لليبي الحق في ارتياد هذه الدور، وقد أسهم هذا في بعث الحماس فينا، فاغتنمت الفرصة وكونت فرقة مسرحية من بعض العناصر الشابة وعملت بها مديراً ومخرجاً ومؤلفاً، وبهذا أصبح عدد الفرق اثنين، وقد سمح الإيطاليون لنا بالعمل، وقد اكتشفنا أنهم يقصدون أن تتصارع الفرقتان ويدب الخلاف بينهما الأمر الذي يعطيهم الحق في حلهما حينما تسنح الفرصة بذلك، ولكننا خدعناهم، فقد كنا في الظاهر منفصلين، ولكننا في الحقيقة كنا متفاهمين فيما بيننا تماماً.
ومن المسرحيات التي قدمت مسرحية (اللحظات الأخيرة من حياة سكير) وهي من تأليفي وكنت استهدف بها محاربة تعاطي الخمور التي كان الاستعمار الإيطالي يعمد إلى نشرها.
وكانت (قاتل أخيه) هي المسرحية الثانية التي تعمل على مناهضة أفكار الاستعمار وأهدافه في بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
وكنا إلى جانب ذلك نقدم أشعار “رفيق المهدوي” الوطنية بعد أن نقوم بتلحينها وتقديمها على خشبة المسرح مع نهاية كل عرض، ولم يدرك الاستعمار ما كانت تحويه تلك الأشعار من حماس ومشاعر وطنية.
* مسرحية في درنة:
وفي هذه الأثناء، قامت أول فرقة مسرحية في درنة، وقد أسسها “محمد عبد الهادي” وعمل معه “أنور الطرابلسي” ولكن النشاط المسرحي بها ظل ضعيفاً ربما لأن الشعر قد بدأ يحتل مركزاً رئيساً، بدأ في المبارزات الشعرية العديدة التي كان فرسانها:

– أحمد رفيق المهدوي.
– إبراهيم الأسطى عمر.
– محمد عبد القادر الحصادي.
– أحمد الشارف.
أما الدعاية للمسرح فقد كانت فريدة في نوعها فقد كان يقوم بها (الفرجاني بن حريس) الذي لعب دوراً مهماً في الحركة المسرحية في بنغازي فقد كان يذهب إلى ميدان الحدادة وإلى سور المدينة ومداخلها منادياً ومعلناً عن العرض المسرحي، لقد كان الفرجاني أحدث وسيلة للإعلان عن المسرح في ذلك الوقت.
* المسرح المرتجل بداية المسرح في ليبيا:
يقول “إبراهيم بن عامر” في معرض الحديث عن بدايات المسرح الليبي أنه بدأ يقدم عروضه ارتجالياً دون نص مكتوب ودون حفظ للحوار، ثم تطور بعد ذلك إلي حفظ الحوار إلي أن وصل إلي مرحلة التأليف المسرحي بمعناه الحديث وقد وصلنا اليوم إلى نوع من المسرح أسميناه (مسرح المعركة) وهو يقدم عروضه في ميادين المعسكرات بدون خشبة مسرح وبدون مناظر.
العروض المسرحية التي قدمت في بنغازي من عام 1936م- حتى 1950م:
1- الوفاء العربي.
2- قاتل أخيه.
3-فرج الزواق.
4- راعي الغنم.
5- اللحظات الأخيرة من حياة سكير.
6- الملاكم الشفوي.
7- الملح على الطاولة.
8- الحب والحيلة.
9- طرح الزرده.
10- البخيل.
11- الأعمى والمقعد.
12- سيدي الرفيق.
13- هارون الرشيد.
14- الأمين والمأمون.
15- أميرة الأندلس.
محمد بالحاج
ج. ع. ل

من almooftah

اترك تعليقاً