حوار مع الكاتب والشاعر عبد القادر صيد بقلم : فوزي مصمودي

فوزي مصمودي وعبد القادر صيد

حوار مع الكاتب والشاعر عبد القادر صيد
حاوره فوزي مصمودي
منذ أن جمعتنا ثانوية واحدة (الدكتور سعدان ببسكرة) أواسط ثمانينيات القرن الماضي ، عرفتُ الطالب والكاتب والشاعر والأستاذ والمدير والمفتش عبد القادر صيد شغوفا بالمطالعة مولعا بآثار عمالقة الفكر والأدب العربي ، على غرار ؛ المتنبّي ، البُحتري، أبي تمّام ، نزار قباني، العقاد، طه حسين، الرافعي، محمد الغزالي ، الإبراهيمي .. فقلّما تخلو محفظته من كتاب أو أثر لأحد هؤلاء ، وكانت تجمعنا جلسات أدبية ومناقشات ثقافية مع نخبة من الأصدقاء الذين كانوا ومازالوا يشاركوننا الهمّ الثقافي ، كالأديب الروائي والإعلامي عبد الله لالي، والأديب الشاعر سليم كرام .. وغيرهما .
و رغم ثقافته الموسوعية ، وتراكم مطالعاته وتمكّنه من أدوات الكتابة وفي مختلف ضروبها (المقالة ، القصة القصيرة ، القصيدة ) إلا أنه ظل محجما عن الغوص في عالم الكتابة ودروب النشر، حتى ناهز الأربعين عاما، وقد ذكّرنا بالشاعر الجاهلي الفحل النابغة الذبياني صاحب المعلقة الشهيرة ، وكانت أولى بواكيره مجموعة من القصائد والقصص وبعض المقالات ..
إلا أنه طلع علينا مؤخرا بكتاب ضخم تناول من خلاله مسيرة ونضال وجهاد حسّان الحركة الإصلاحية الأديب الشاعر أحمد سحنون (1907ـ 2003) الذي صدر له عن الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية لولاية بسكرة ، والذي جاء في ( 300 صفحة ).
التقينا به على هامش تكريمه من قبل الجمعية الخلدونية ، وبعض المؤسسات الثقافية الإعلامية بدار الثقافة أحمد رضا حوحو ببسكرة ، وأجرينا معه هذا الحوار :
س : بداياتكم الأولى تميزت بغزارة المطالعة قبل غزو وسائل الاتصال المعاصرة ووسائل الإعلام الالكترونية التي أحدثت ثورة في كل المجتمعات وعلى جميع المستويات ، وكادت أن تقضي على ثقافة المطالعة الجادة . هل هذه الجذوة مازالت متّقدة في كامن الأستاذ عبد القادر صيد ؟
عبد القادر صيد : الجذوة ما زالت على عهدها من الاتّقاد ، غير أنها من قبل كانت تشمل كل المجالات ، كما كانت مركزة بشكل كبير على التراث ، وهي الآن محصورة فيما يُكتب هذه الأيام ، وبشكل أدق القصة والشعر، ولا يخفى أن نسبة المقروئية عموما في مرحلة الإنتاج غيرها في سنّ التحصيل .
س : الذين تأثر بهم الأستاذ صيد في مراحل تحصيله العلمي وتكوينه الأدبي كانوا كثر، لكن بالتأكيد أن ّهناك أسماء معيّنة تركت بصماتها على شخصيتكم ، وانسحب ذلك على كتاباتكم فيما بعد.
عبد القادر صيد : في النثر قرأتُ للكثير غير أنّي تأثرت كثيرا بالجاحظ ، وبأسلوبه ، وذكائه ورفقه بقارئه ، كما تأثرتُ بكتابات العقاد وطه حسين ، وعشت مع الرافعي بكل وجداني ، ولا يمكن أن أنكر مدى تعلقي بأسلوب الشيخ الغزالي رحمة الله عليه سواء كتابة أو إلقاء ، فهو شحرور الكلمة الدينية، وعقل هذا العصر، نسجوا على منواله ولم يتقدموا ، بل تقهقروا ، كما نهلت من الأدب الفرنسي بلغته ، واستمتعت كثيرا مع أقطابه ..
عموما لا يمكن أن أحصر فترة حافلة بالمطالعة ، كما لا أستطيع أن أميز بين الكتّاب لأنهم كلهم شئنا أو أبينا ساهموا في صناعة وجداننا وتفكيرنا وسلوكنا .. أما عن مدى انعكاس هذا المقروء على كتاباتي فهو أمر يرجع إلى النقاد ..
س : و بالنسبة لأدباء الجزائر و شعرائها الكبار ؟
عبد القادر صيد : قرأتُ كثيرا لابن باديس ، والإبراهيمي ، وللشعراء الأفذاذ : محمد العيد آل خليفة وأحمد سحنون ومفدي زكريا ، كما قرأت لشيخ المؤرخين أبي القاسم سعد الله ، الطاهر وطار ،عبد الحميد بن هدوقة ، ورشيد بوجدرة ، و لهذا الجيل والفكر عموما ، كما عشت فترات تفكير مع الأستاذ مالك بن نبي باللغتين .. عموما قرأتُ ما يجب أن يقرأه من يدّعي الثقافة في تلك الفترة .
س : تأخر الأستاذ عبد القادر صيد عن النشر حتى بلغ أشدّه ، هل يوعز ذلك إلى عدم الرغبة في النشر أم إلى عدم وجود منابر ثقافية جادة يمكن النشر على صفحاتها ؟ أم هو حبّ ممارسة طقوس الكتابة بعيدا عن الأضواء ؟
عبد القادر صيد : مرحلة الانهماك في التحصيل والاندهاش بكل جديد قد تغري البعض وتلهيهم عن الكتابة مدى الحياة ، حدث هذا للكثير ، كما يحجم عن الكتابة من يعتقد أنه لا يقدم الجديد سواء تواضعا أو سوء تقدير لقدراته ، ولكن وبفضل الله هبّت نفحات فاغتنمتها ، وكتبتُ وأكتب ، لا أعتقد أن المسألة لها علاقة بالمقروئية ، فالكتابة في وجه عملتها الرئيسية ذاتية ، وأما الوجه الثاني وهو جانب القرّاء فهو فرعي ، يتعزز كلما أكثر الكاتب من إنتاجه ..والكاتب المتزن لا يجري وراء الأضواء ولا يهرب منها..
س : الذين يحرصون على مطالعة المجلات الثقافية الإلكترونية في الآونة الأخيرة يلاحظون أن عبد القادر صيد أقبل بشكل ملحوظ على نشر أعماله وإبداعاته الأدبية (الشعرية و القصصية) وحتى بعضا من المقالات والقراءات في الكتب..هل يعني ذلك أن الأستاذ عبد القادر صيد وجد ضالته في الصحافة الالكترونية؟
عبد القادر صيد : الكتابة الإلكترونية تمتاز بالسرعة ، وبانعدام الحواجز والعراقيل ، كما تتصف بالتفاعل الفوري والردود الآنية مما يجعل الكتابة فيها متعة المشاركة والمجاذبة ، على عكس الورقية التي تكتسي طابع الإلقاء و التلقيّ ، ويمكن حصر النسخ المبيعة دون المقروءة ، خلافا للصحف الالكترونية ، حيث يمكن معرفة المتصفّحين .. أضف إلى ذلك فإن المستقبل القريب سيكون حتما لكل ما هو إلكتروني ، وسيصبح الكتاب الورقي قريبا نوعا من المخطوطات ..المسألة مسألة وقت لا أكثر..

من almooftah

اترك تعليقاً