حوار مع الكاتب و الشاعر سليم كِرَام

بقلم : فوزي مصمودي

الأستاذ سليم كرام

حوار أدبي فكري ثقافي أجريته مع الكاتب الشاعر الأستاذ سليم كرام

 

حوار مع الكاتب و الشاعر سليم كِرَام حاوره فوزي مصمودي الأديب الشاعر والأستاذ المربّى سليم كرام من الكتّاب المقتدرين والمثقفين الموسوعيين ، برز في المشهد الثقافي الوطني أكثر بعد صدور ديوانه الأول ( ملحمة الزيبان ..نشيد المجد والخلود ) عام 2006 الذي قدّم له الشاعر الكبير محمد بلقاسم خمّار ، وكتابه ( الطبيعة في الشعر الجزائري الحديث .. أحمد سحنون أنموذجا ) إضافة إلى نشاطه المتميّز ضمن بعض الفضاءات الجمعوية ، وإطلالاته الثقافية والتربوية المنتظمة عبر أثير إذاعة الجزائر من بسكرة، وحضوره ومشاركاته في العديد من الملتقيات والمهرجانات المحلية والوطنية .. كل ذلك زاد في وهجه الثقافي وتألقه الأدبي . رغم أن هذه الإنجازات لا تشفع له إحجامه عن نشر مؤلفاته المخطوطة والكثير من كتاباته وإبداعاته ورقيا أو إلكترونيا .. والذي يوعزه محاورنا إلى انهماكه في تحضير رسالة الدكتوراه ( المرأة في الشعر الجزائري الحديث ) ( سليم ) الذي تشرّفتُ بصداقته منذ المرحلة الابتدائية ودراستنا في قسم واحد بالمرحلتين المتوسطة والثانوية إلى اليوم ، لمدة قاربت الأربعين عاما ، عرفتُه خلالها : الناثر إذا رغب والشاعر إذا طرب والمبدع إذا كتب . التقينا به على هامش إحدى الفعاليات الثقافية ببسكرة ، فكان لنا معه هذا الحوار: س : من المناهل الأساسية الأولى التي اقتبس منها الأستاذ سليم كرام وشكّلت شخصيته الثقافية وطبـعت عوالمه الإبداعية ، لا شك أنها كانت عديدة ومتنوعة ، أليس كذلك؟ سليم كرام : الحياة تجارب يستثمرها الإنسان على مستوى امتداد حياته حتى تتبلور شخصيته أيا كانت ، وخاصة إذا كانت فترات الحياة غنية بالتجارب ، لذلك أنا محظوظ حينما توافرت في تجارب حياتي صحبة ساعدت على تنشيط هذه التجارب ، وخاصة في صميم العمل الجمعوي الذي نشأت فيه منذ بدايات حياتي وبلور جانبا من اهتماماتي عموما . س : بصفتكم أستاذا للأدب العربي لمدة فاقت ألـ ( 20 عاما ) هل تعتقدون أن المحضن الأول والمصـدر الرئيس الذي يصقل مواهب المبدعين هو المدرسة بمراحلها الثلاثة ؟ سليم كرام : المدرسة أم المحاضن تغرس في الفرد البذرة فإن ارتوت بالمزيد من الاهتمام كان تحقيق الهدف . وروّاد المدرسة هم من يحددون دورها بنشاطهم ومثابرتهم بالتوازي مع الدراسة ، وأنت أخي تذكر ما دورها في حياتنا العلمية وكذلك التنشيط الفكري وكيف نمت طموحاتنا وطورت وسائل العمل في أسلوبنا وتفكيرنا ، من خلال أنشطتها الثقافية من محاضرات وخرجات علمية ومجلة حائطية وورقية ومنافسات فكرية ورياضية وأنشطة مختلفة .. أما اﻵن لم تعد تمثل لأواخر هذه الأجيال تلك القيمة ، فلم تعد تحرك السواكن في ظاهرهم أو باطنهم . س : معلوم أن الأستاذ والأديب الشاعر سليم عضو فعّال في الحركة الجمعوية الثقافية بولاية بسكرة منذ ثمانينيات القرن الماضي إلى اليوم ، سواء من خلال جمعية أضواء للثقافة والفنون أو الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية كنائب لرئيسها ، وكذا اتحاد الكتّاب الجزائريين ، ماذا أضافت هذه الفضاءات الثقافية لسليم ؟ سليم كرام : قد تبعث المؤسسة ـ كما سبق ـ الحيوية في الفرد ، ولكن عليك بالمزيد من الحركة فالنشاط الجمعوي أكيد أخي يزيد في إثراء الرصيد ويساعد في تحقيق اﻷهداف ، غير أنني أضيف أن حياتي في الحركة الجمعوية التي تجاوزت الثلاثين عاما أثمرت في نفسي وعلمتني ضرورة التواصل مع اﻵخر وأكدت لي أن الفرد منا ﻻ يستطيع تحقيق ذاته بعيدا عن هذه المجهودات ، فالبذل فيها يساوي الحياة وأدركتُ أنها صورة حقيقة الإنسان . س : هذا الجواب يجرّنا للحديث عن الراهن الثقافي محليا ووطنيا ، كيف يبدو لكم هذا المشهد في ظل التحولات العميقة التي يشهدها المجتمع في جميع المجالات ؟ سليم كرام : لقد عرف النشاط الثقاقي انتعاشة كبيرة في الجزائر عموما وخاصة بعد التحولات الاجتماعية الحادثة في حياتنا ، ونشطت الساحة المحلية من خلال إنتاج الفكر والثقافة في السنوات الأخيرة ، بانتشار ثقافة النشر والمشاركة في المحافل الفكرية والتاريخية والاجتماعية بمختلف توجهاتها ، و بذلك ﻻ نشك أن هذه الحال من الانتعاش هي لبنة هامة وخطوة عملاقة في مسار الحياة مستقبلا ، لقد أشعلنا بهذا اﻻنتاج شموعا في ظلام الخوف والجهل والتهميش الذي أرادته بعض القوى في حق هذا الشعب . س : ما أعلمه عن الصّديق سليم منذ أن كان تلميذا وطالبا وأستاذا وأديبا أنه قلم سيال إذا كتب نثرا وشاعرا مبدعا إذا نظم شعرا ، ومع ذلك مقلّ للنشر مقارنة بمجموعة من الأصدقاء المبدعين ، إﻻَم يرجع ذلك ؟ سليم كرام : رغم ما بات من إمكانية النشر في واقعنا المحلي إﻻ أن الساحة ﻻبد أن تسع الجميع ، ورغم ذلك بحوزتي أعمال عديدة تنتظر فرصة الخروج إلى النور ، واكتفيتُ مما قمتُ بنشره في الجرائد الجزائرية من قصائد وما احتوته ( المجلة الخلدونية ) من دراسات ، إضافة إلى ما نشر من مداخلات في سلسلة كتب الملتقى الذي تصدره الجمعية الخلدونية من أعمال ملتقياتها ، وأعترف أخي أن الظروف الاجتماعية العامة ومسؤوليات المهنة قد تقلل من توهج نشاط الكتابة ، وإذا أضفنا لها مشاغل الجمعية في تحضير أعمالها ، ورسالة الدكتوراه التي أحضرها وقد شارفت على الختام معيقات أرجو من الله أن يغلبني عليها .

من almooftah

اترك تعليقاً