مكتبة قطر الوطنية

مكتبة قطر الوطنية تقتني أول خريطة لمنطقة الخليج

سمية تيشة

تعتمد على مسح جغرافي أعده البريطانيون عام 1820م

المسح الجغرافي أدى إلى الوصول للعديد من البيانات والمعلومات عن الخليج وسواحله

تبرز مكتبة قطر الرقمية التابعة لمكتبة قطر الوطنية، الأهمية التاريخية لقطر ولمنطقة الخليج والشرق الأوسط، من خلال مجموعة ضخمة من المقتنيات النادرة والثمينة التي تتنوع ما بين وثائق تاريخية ومخطوطات وخرائط وتقارير وخطابات ومراسلات وأوراق خاصة ومطبوعات تاريخية لم تنشر من قبل.

وتعد المكتبة، التي أنشئت بالشراكة مع المكتبة البريطانية، بوابة إلكترونية تتيح لكافة المهتمين حول العالم إمكانية الاطلاع المفتوح والمجاني على مجموعة ضخمة من المواد الأرشيفية التاريخية والمخطوطات المحفوظة في مجموعة المكتبة البريطانية وتتعلق بتاريخ دولة قطر والمنطقة والعالم الإسلامي.

ومن أهم الخرائط التي تملكها المكتبة “أول خريطة لمنطقة الخليج تعتمد على مسح جغرافي أعده البريطانيون في عام 1820م”، وبناء على هذا المسح الجغرافي تم الوصول لتفاصيل مهمة أسهمت في تيسير التدخّل البريطاني اللاحق في المنطقة، فيما تم الوصول للعديد من البيانات والمعلومات عن الخليج وسواحله وتسجيل معلومات عن الطبيعة الجيولوجية ومراكز التجارة.

أول مسح جغرافي

حول تفاصيل هذه الخريطة تقول السيدة ماجدلينا بيشكو، مسؤولة الخرائط بالمكتبة البريطانية: “قبل القرن التاسع عشر، كانت المعلومات الملاحية الأوروبية عن الخليج، بما في ذلك مضيق هرمز الذي يُعدّ حاليًا أحد أهم ممرات السفن وأكثرها حيوية، تقتصر على مسارات معينة مهمة لحركة السفن التجارية، وكانت الخرائط المُعدّة للملاحة في الشرق تبيّن طريقا واحدا فقط، وكان هو الأشهر ويعتبر أكثر الممرات البحرية أمانا في المنطقة، وامتد هذا الممر البحري من الساحل العُماني إلى مضيق هرمز، ثم بمحاذاة الساحل الفارسي، وكانت الخرائط تحدّد جزيرة خارج كمحطة للتزود بالمياه وتبيّن خطا واحدا لقياس العمق بطول الممر، مما افتقر إلى التفاصيل، في حين أن أغلب مناطق ساحل الخليج كانت تعتبر خطرة في نظر القوى الأوروبية، ولكن بعد إجراء مسح جغرافي في عام 1820م، أظهر تفاصيل مهمة أسهمت في تيسير التدخّل البريطاني اللاحق في المنطقة.

وأضافت ماجدلينا في مقال منشور بموقع المكتبة: “أجريت أول عملية مسح جغرافي منهجية لطبوغرافيا ساحل الخليج على يد ضباط البحرية في بومباي في الفترة بين 1820 و1829م، وكان الهدف منها إنتاج مجموعة من البيانات والمعلومات عن الخليج وسواحله لأغراض ملاحية وعسكرية وتجارية، وكان لدى الضُباط تعليمات بتسجيل البيانات المهمة لملاحة السُفُن، ويشمل ذلك توثيق الطبوغرافيا الساحلية، على سبيل المثال المناطق الضحلة وقياسات العمق التي لم يجرِ تسجيلها من قبل وأيضا الحركة الغالبة للرياح والأمواج، كما قاموا بإعداد خرائط مُفصّلة للموانئ وتسجيل معلومات عن الطبيعة الجيولوجية ومراكز التجارة، بالإضافة إلى الانتماءات القبلية والدينية للسكان على ضفتي الخليج، وكان لذلك أهمية كبيرة بالنسبة للبريطانيين بسبب الاعتقاد الأوروبي السائد وقتها بأن ساحل ينطوي على مخاطر خاصة”، لافتة إلى أن هذه الأعمال بدأت في أكتوبر 1820م، على ساحل رأس مسندم في عمان تحت قيادة فيليب موجان. وبعد رحيله، كان الضباط المسؤولون عن تلك المهمة تباعا: جون جاي، جورج بارنز بروكس، وستافورد بيتسورث هاينز الذي قام بإتمام عملية المسح وعاد إلى بومباي في نهاية أبريل 1829م.

المعدات المستخدمة

وتطرقت ماجدلينا بيشكو إلى السفن والمعدات التي تم استخدامها في عملية المسح والتي افتقدت الجودة وكانت رديئة قائلة: “لم تحمل السُفن الثلاث –ذا ديسكفري، سايكي، بينارز– التي تم استخدامها في عملية المسح أية معدات للمسح في بادئ الأمر حتى تم تجهيزها على نحو خاص، وقد اشتكى الضباط في تقاريرهم على سبيل المثال من رداءة جودة الأدوات المتوافرة لإتمام المهمة، كما أن السُفن لم تكن مُصممة أو مهيأة لهذه المهمة الخطرة، مما زاد من صعوبتها، خاصةً فيما يتعلق بالأعمال التي تمت على الجانب العربي من الخليج، وحسب التقارير كان الشريط الساحلي الممتد من رأس ركن إلى الكويت، والذي يُعرف أحيانًا باسم ساحل القراصنة، يتميز بصعوبة خاصة، وذلك لأن شواطئه ضحلة وصخرية، ولابد من الإشارة إلى أن استخدام سُفن المسح لم يكن قاصراً على عمليات المسح، فكان العمل كثيرا ما يتعطل عندما تكون السُفن مطلوبة في موقع آخر، مثلًا في مهام النقل إلى الساحل الفارسي ومسقط، ولذلك كان تقدّم هذه العمليات بطيئا، علاوة على ذلك، أدت الأحوال الجوية القاسية إلى عرقلة المهمة عدة مرات، مما دفع المسّاحين إما لتغيير خططهم أو الاحتماء سريعا بالقواعد البريطانية – أولاً في باسيدو على جزيرة قشم، ثم في بوشهر بعد1823م.

بيانات مهمة

كما ذكرت السيدة ماجدلينا بيشكو، مسؤولة الخرائط بالمكتبة البريطانية، بأن في السنوات التالية لعمليات المسح تم جمع معلومات وبيانات مهمة لم تُكن قد جُمعَت في بادئ الأمر وإضافتها مباشرةً إلى المواد التي طُبعت لاحقا، وفي عام 1828م طلبت حكومة بومباي إدراج أسماء جميع الأماكن في ذلك الخليج بحروف عربية إلى جانب الإنجليزية في جميع النُسخ، وكان الرد كالتالي: “لقد وُجِد استحالة طباعة هذه الحروف بدقة، لأنها غير مدرجة في خرائط المسح المرسلة إلى هذه البلاد، وإنما تم استلامها في ورق منفصل، كما أن هجاء أسماء العديد من الأماكن المرتبطة بالحروف العربية في هذا الورق مختلف إلى حد كبير عن أي هجاء لأسماء الأماكن المحددة على الخرائط حتى أنه في بعض الحالات لا يمكن إيجاد أي رابط بينهم”، موضحة أن في نهاية الأمر تم تنفيذ طلب حكومة بومباي بطباعة خريطة عامة مكونة من ورقتين للخليج العربي في عام 1832م.

وأضافت: ” إلى جانب الرسومات والخرائط اليدوية المُجمّعة، قام المسّاحون بإرسال تقارير إدارية عن تقدم العمل إلى ضباط البحرية وأُرسلت تلك التقارير إلى لندن للنشر وقامت شركة الهند الشرقية مؤسسة بريطانية كانت تدير المصالح التجارية والعسكرية في الهند وجنوب غرب آسيا بإصدارها في هيئتها المطبوعة بين عامي 1826، 1832م، وقد تم إدراجها مع الأوصاف في النُسخ الحديثة لتوجيهات الإبحار التي أصدرتها الشركة، وفي وقت لاحق من القرن التاسع عشر، خضعت الخرائط والخطط للتعديل بناءً على عمليات مسح مائي ورصد فلكي جديدة، وتم تحديثها في نسخة لاحقة من دليل الخليج العربي الذي أصدرته البحرية البريطانية بين عامي 1864، 1932م”، لافتة إلى أن المعلومات الطبوغرافية التي تم جمعها في عشرينيات القرن التاسع عشر شكلت الأساس للمعلومات الأوروبية عن الخليج طيلة مائة سنة تقريبا، وتم تأليف كتاب” The Persian Gulf” للمؤلف جيروم أ. سالدانيا في 1903م، وبعده موسوعة جون جوردن لوريمر دليل الخليج وعمان ووسط الجزيرة العربية، والتي نشرتها حكومة الهند في 1908 و1915م تم إدراك تلك المعلومات الملاحية وتجاوزها.

من almooftah

اترك تعليقاً