جبور الدويهي بين رواية وأخرى: الكتابة أسلوب حياة حتى في «فترة الاستراحة»

بيروت ـ جويل رياشي

جبور الدويهي بين رواية وأخرى: الكتابة أسلوب حياة حتى في «فترة الاستراحة»

ماذا يفعل الروائي جبور الدويهي فيما يسميها «فترة الاستراحة» بين عمل وآخر؟ هل يرتاح من التدوين وتجميع الأفكار؟

درج الدويهي على تكريس فترة استراحة بين رواية وأخرى. ويقول انه شارف الانتهاء من الإجازة الإلزامية التي تلت مولوده التاسع بالعربية «ملك الهند».

لا يبدل الدويهي من طقوسه اليومية بين بيروت واهدن (صيفا)، في تمضية فترة قبل الظهر في المقاهي ولقاء الأصدقاء وتدوين الملاحظات والمشاهدات ثم الغرق في الكتابة لفترة تمتد سنتين. طقوس عبر عنها في باكورة أعماله بالعربية «اعتدال الخريف» مدونا يوميات تعود الى 1986. «أقرأ كتبا تستفزني في مضمونها وأسلوبها. شيء يفاجئك يضربك في جسمك». ويسمي عملين بالعربية يتابعهما حاليا، الأول للسوري خالد خليفة «لم يصل عليهم أحد»، والثاني للكاتب والصحافي السوداني حمور زيادة وقد حصل عليه اثناء مشاركته في معرض القاهرة للكتاب. وفي اللغة الأجنبية، هو حاليا منغمس في كتاب يتخطى الألف صفحة للكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر وعنوانه «4-3-2-1».

وردا على سؤال «هل تستطيع العيش من دون كتابة؟»، يسارع الى القول «سأتوقف عندما أشعر بالعجز».

أما الأبرز حاليا في يومياته قبل الظهر في المقاهي فهو «تناول القهوة والثرثرة مع الأصدقاء والاطلاع على كل جديد وتدوين الملاحظات». ويذهب مباشرة الى استباق السؤال التالي بالقول «سأبدأ التحضير لعملي المقبل في بداية الصيف (…) استغرقت الاستراحة 9 أشهر، ولم تخل من تدوين ملاحظات وتسطير شطحات حصلت أمامي». أبرز الملاحظات عن سيدة فقدت ذاكرتها، لكنها لم تنس بيت شعر لإيليا أبو ماضي.

الاستراحة لم تمنعه من متابعة شؤون تعود الى أعمال سابقة، كالترجمة الى لغات أجنبية وتسويقها في الخارج. «لدي وكيلة أدبية تدعى ياسمين جريصاتي وتهتم بأعمالي في الخارج». ويقر بأن المردود المادي من التوزيع في الخارج يتخطى ما يحصله من السوق المحلي «على رغم أنني من الكتاب الأكثر مبيعا لأعمالهم هنا (في بيروت)، والفارق أنني أحصل سلفا على بدل مادي مقطوع قبل التوزيع في الخارج». ويسارع الى القول قاطعا الفكرة عن أن الكتابة في عالمنا العربي تطعم خبزا «بالطبع لا يمكننا العيش من المردود المادي».

ويكشف الدويهي سرا لـ «الأنباء» عن تكون ملامح الفكرة لعمله العاشر مستعملا كلمة «يعني» (أي قليلا) عن تبلورها. ويجزم ردا على سؤال ان مسرح الرواية الجديدة سيكون بعيدا من مقر إقامته في شمال لبنان «لأنني استنفدت الكثير من الأحداث التي تعود الى طبيعة مجتمعنا هناك، وتلك المتعلقة بالأقارب وأبناء المنطقة».

ولم يغص أكثر في تفاصيل الفكرة، علما انه كان حدد في جلسة سابقة قبل أكثر من ثلاثة أعوام ملامح «ملك الهند» بالحديث عن صراع على إرث عائلي. فيما استبق عمله قبل الأخير «طبع في بيروت» بنص نشره في يومية محلية تناول فيه مدرس يبحث عن طبع روايته الأولى ونشرها باحثا عن دار نشر تتبناها.

وبسؤالنا عن رواية يختارها لنا لنبدأ بقراءتها من بين أعماله التسعة التي وضعناها أمامه على الطاولة، يبادر سريعا «لم أعد أعرف بماذا أنصحكم. في كل رواية شيء ما أحببت القيام به. ويعود الأمر الى اي شخصية يتمتع بها القارئ، لأدله على ما يناسبه».

بعد قلم الرصاص في تدوين أعماله الأولى وانتقاله الى نقل أفكاره الى أصابعه وتدوينها عبر لوحة المفاتيح، يكشف الدويهي أن جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص به بات لا يفارقه في جلسات المقاهي. ولا يتردد في الإجابة عن سؤال حول مفهوم الاستراحة والاحتفاظ بالكمبيوتر رفيقا دائما قائلا «أدون ملاحظات وأكتب مقالات غالبيتها بالفرنسية وأنشرها في ملحق أسبوعي لجريدة «لوريان لو جور» اللبنانية». وكشف جديدا عن كتابة نصوص بالعربية، وهو الذي غاب عن نشر نصوص صحافية، بالاعلان عن تحضيره لإلقاء محاضرة أواخر يونيو المقبل في كلية الطب في جامعة القديس يوسف في بيروت (طريق الشام)، دعي اليها أكثر من 300 طبيب نفساني وصحة. المحاضرة تتناول روايته «مطر حزيران» الصادرة عن «دار النهار» في طبعتها الأولى في مارس 2006. وسيتطرق الدويهي الى تجربته مع أحداث الرواية التي تعود الى النصف الأخير من خمسينيات القرن الماضي ونظرة الناس في بلدته والجوار اليها.

«كتبت عن أحداث مضت عشتها لأخرجها من داخلي كي أرتاح من وطأتها. كتبت لآخذ مسافة منها (…)».

في المحصلة، يقنع الدويهي نفسه بما سماها «فترة استراحة» بين عمل وآخر. الا انه، كحال الكتاب الحقيقيين، لا يعرف الراحة من أسلوب حياة يعيشه ويقوم على إخراج ما في داخله عبر الكتابة.

 

من almooftah

اترك تعليقاً