1

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كتاب عن “شارلي شابلن” يحوز جائزة “النقد” في الدورة العاشرة ل”جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب”.

    أشرف منصور- الرباط

        

       خاص  تم الإعلان عن اسم الناقد “عادل أيت أزكاغ” المنحدر من مدينة “طاطا” في الجنوب المغربي، فائزا بجائزة “اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب” عن كتابه: (رؤية الضّحِك ونقدُه؛ في تجربة قصّة حياتي لشارلي شابلن) في حفل كبير، وفي لحظة حاسمة ندّت لها القاعة المحتضنة له بتصفيقات محفزة من جمهور تأهّب وتحمّس لها، وتجلّت حين تناوب على منصة التتويج، الفائزون الذين وزّعت عليهم جوائز “الإتحاد” في أصناف سبعة، هي الرواية، والشعر، والقصة القصيرة، والنقد الأدبي، والمسرح، والسيناريو وأدب الأطفال.

     وكما نال جائزة الشعر، مناصفة، كل من “لطيفة إدلمودن” و”عمر الأزمي”، كذلك عادت جائزة النقد الأدبي للناقد “عادل أيت أزكاغ”، بينما فاز بجائزة القصة القصيرة، مناصفة، كل من القاصة “كريمة حداد” و”مراد المساري”. أما جائزة الرواية فقد فاز بها “سعيد زريبع”، بينما آلت جائزة المسرح ل”عادل الضريسي”، فيما “نال معاد” محال جائزة السينايو، في حين عادت جائزة أدب الطفل ل”زهير القاسمي”.

 

          دورة عبد الرحيم مودن

      هكذا، ضمَّت قاعة المكتبة الوطنية الكبرى للملكة المغربية بمدينة الرباط، مساء يوم الجمعة 29 يناير 2016، حفلا بهيجا، شهد فعاليات توزيع جوائز “اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب” في دورتها العاشرة (2014) الحاملة لاسم الأديب الكبير، الناقد المبدع والقاص الراحل “عبد الرحيم مودن”، على تسعة أدباء شباب مغاربة، إلى جانب نشر كتاب للمنوه به من طرف لجان قراءة الأعمال المرشحة. وقد عرفت ساعة تتويج الظافرين بالجوائز، حضور شخصيات رسمية وممثلين لهيئات ديبلوماسية، منهم مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم القصر الملكي “عبد الحق المريني”، والمستشار الثقافي بسفارة جمهورية الصين الشعبية “صخر- تشي”، والمدير التنفيذي لوكالة بيت القدس “محمد سالم الشرقاوي” وغيرهم، إلى جانب ثلة من المبدعين أعضاء الاتحاد وسائر المهتمين وجمهور المتتبعين المواكبين لهذه اللحظة الإحتفائية بالشباب المبدع الحامل لمشعل الأدب ومستقبل الثقافة المغربية.

      في البداية، استهل الناقد والمؤلف والمخرج المسرحي “عبد المجيد شكير” منشط الحفل، كلمته في قيامه بالتذكير بالسياقات والدلالات المهمة التي تندرج فيها هذه الجائزة وتطورها الملحوظ الذي تعرفه من دورة إلى أخرى. وعَقِبه، أكد الكاتب والناقد رئيس الاتحاد “عبد الرحيم العلام” في كلمة ألقاها، على أن الاتحاد ظل وفيا لموعد الجائزة حيث تنظم كل سنتين في أصناف التباري الإبداعية السبعة لكي تصبح في القادم تسعة، مشيرا أن موعد الجائزة أضحى شيئا هاما لإبراز المواهب المغربية في مجال الأدب، وأصبح يستقطب شبابا معروفين وكتابا مبدعين في العديد من الأجناس الأدبية، غدا لهم حضور مشرف في المشهد الإبداعي المغربي والعربي، وأن هذه الجائزة- يضيف العلام، تحمل اسم المبدع الراحل “عبد الرحيم مودن” تكريما لروحه، ولذكراه، ولمساره الإبداعي والنقدي، الحافل والمتميّز، وتكريما أيضا لجميع المبدعين المغاربة المنتمين لرعيل الكاتب المرحوم، كما ذكّر في ختام كلمته، بزمن الجائزة التي انطلقت في بدايتها منذ سنة 1990، لتكون اليوم بهذا العبور التاريخي محتفية بربع قرن على إحداثها.

   12642882_10207409709213307_6635357678032685868_n[1] (1)   وكما وضّح العلاّم في ختام حديثه، فإن: “الدورة الحالية تميّزت بإضافة جائزة الإبداع الأمازيغي، وانتداب ملاحظين اثنين لتتبع مداولات لجنة التحكيم، بهدف ضمان شفافية ونزاهة عملية اختيار الفائزين”.

      وتلتْ كلمة رئيس الاتحاد، كلمة أخرى مشجعة للشباب باسم أحد رعاة الجائزة ومحتضنيها ممثلا في “صندوق الإيداع والتدبير”، قدمتها مديرته بالنيابة في المناسبة ذاتها، التي تعاقب على منصتها أولئك فضلا عن “زوجة” المُحتفى به التي توقفت في لحظة أثيرة توهّجت لها مشاعر الحاضرين، أثناء إلقائها لكلمة مؤثرة، رقيقة ومعبرة، عند جوانب متعددة من شخصية الرجل وحياته، معتبرة أن “عبد الرحيم مودن” كان إنسانا كريما ونبيلا، تنسكب في شخصيته صفات كثيرة، يجمع فيها بين الإنسان الخلوق، الباحث، والكاتب الكبير، والأخ، والأب، والزوج الحنون…

     ذكرى “شابلن” وحياته في “رؤية الضّحِك”

        ولعل الميزة اللافتة، التي تستحق ألا تغفل في سياق جائزة الأدباء المغاربة الشباب، هي صدور الكتاب الحائز على جائزة “النقد”، والموسوم ب (رؤية الضّحك ونقده؛ في تجربة “قصّة حياتي” لشارلي شابلن- منشورات اتحاد كتاب المغرب 2016)، الذي يعيد إحياء ذكرى “شارلي شابلن”، ليس بوصفه شخصية عالمية كوميدية مشهورة في التمثيل والتأليف والإخراج في ميدان السينما الصامتة، وإنما في ثوب جديد، وفي صورة جديدة تنضاف إلى شخصيته الإبداعية المتعددة المشارب، هي المتمثلة أساسا، في سعي الناقد عادل أيت أزكاغ إلى جانب محاولة رصده لتجليات المُضحك ومظاهر الساخر في كتابيه الاثنين اللذين خصصهما الباحث لاقتفاء أثر سيرة شارلي  بحثا عن الفكاهة والسخرية ومعالجة آليات اشتغالهما في مختلف تمظهراتهما، فهما وتفسيرا وتحليلا ونقدا وتأويلا، من خلال انهماكه على دراسة محكي “حياة” أسطورة القرن العشرين المترجم إلى العربية تحت مسمى “قصّة حياتي” المنقولة عن الأصل الفرنسي  Histoire de ma vie، التي كتبها الفنان البريطاني “شارلي شابلن” بخط يده عام (1964)، في أصلها باللغة الإنجليزية ووسمها بعنوان: My Otoubiography[1]؛ – سعى عادل، لأن يبرز أيضا “تشارلي تشابلن” كاتبا موهوبا، نحت سيرته الذاتية ببراعة فنية خلاّقة، ورشاقة سردية، جريا على طريقة الكبار؛ مؤكدا بالقول: “إن من يتأمل أسلوب شابلن في تدوين (كتابه) صياغة وتعبيرا، سيجد أن له من المقومات التي من شأنها أن تؤهله لاستحقاقه أن يعدّ من هذا الجانب، أثرا أدبيا وتجربة ذاتية ناجحة أغنت رصيده في مسيرته الإبداعية، ستزيده حضورا أكثر إشعاعا، من حيث كشفها النقاب عن وجه مخبوء في ملامحه ذات المرايا المتعددة، التي تعد الموهبة الأدبية صورة منعكسة على إحداها. ما سيدفع بالقارئ من ن دون شك، إلى التواجد من ثمة أمام مفارقة كبيرة..! تتمثل إحدى مظاهرها في الاستثناء الذي شكله شابلن على مدى تاريخ سينما القرن العشرين والمعاصر إلى الآن، ألا وهو النجاح في لون كوميدي صعب المراس، تخصص فيه وحده لدرجة لا يكاد يجاريه فيه أحد؛ إنه الكوميديا الصامتة. شابلن الذي يعرفه الكثيرون صامتا في أفلامه غدا في كتابه يتحدثّ..!.


252276_570402132982932_1518649190_n[1]   المفارقة الثانية؛ قائمة- كما يرى: “في هذا التوليف العجيب والغريب حقا بين التمثيل والكتابة، وهي قدرة وموهبة، تنطويان على تجربة نادرة قلما تجتمع لدى المبدعين ولا يخوضون غمارها إلا لماما، وهذا هو الاستثناء الثاني عنده، الجمع بينهما”.

   إلى هنا يضيف كذلك الناقد المغربي بالقول: “إن شابلن في تجربته مع الكتابة، يظهر نفسه ليس كممثل كوميدي وكاتب سينمائي مقتدر فقط، بل وكاتب سيرة ذاتية ماهر أيضا. فقد كتبها ببراعة برهن فيها على كونه صاحب ريشة أدبية موحية، لا تقل قيمة ولا أهمية عن رقة أسلوبه ولطف ذكائه وجماليته في التمثيل الساخر، مما يزيده مرة أخرى تألقا في الحضور، وتميّزا أكثر، وفرادة في هذا المجال”.

    عديدة هي القضايا الأدبية والنقدية التي ناقشها وتناولها هذا الكتاب، الذي يعتبر حلقة جديدة، أو لنقل إن شئنا الدقة، جزءًا ثانيا مكملا لجزء أوّل في كتاب سابق للكاتب في الموضوع نفسه، أصدرته دار مؤسسة “فكر” للتنمية والثقافة والعلوم بالرباط، وجاء بعنوان: (رؤية الضّحك ونقده 2015)، قبل شهر، من خروج كتابه الثاني المتوج بجائزة الاتحاد إلى حيز الوجود (رؤية الضحك ونقده في تجربة قصة حياتي لشارلي شابلن 2016) الذي لقي صدى طيبا من لدن شريحة عريضة من جمهور القراء المتخصصين والعاديين، الذين كانوا ينتظرون لحظة صدوره باهتمام وشغف، منهم مثلا، الباحث والشاعر المغربي “عبد السلام دخان” رئيس رابطة الإبداع الثقافي بالقصر الكبير الذي اعتبر الكتاب الثاني الفائز: «عملا بحثيا متميّزا، يستثمر مقومات النقد الأكاديمي من أجل بلورة كتاب يزاوج بين القراءة التفكيكية وبين المتعة الجمالية».


أما الناقد الجمالي ورائد علم نفس الإبداع، وزير الثقافة المصري “د. شاكر عبد الحميد” فيقدم رأيه حول الكتاب بجُزأيه، ناعتا إياه بوصفه مهما جدا وممتع جدا، يحتوي على: «دراسة تحليلية نقدية عميقة، لمعنى الضّحك والآخر الضّاحك وللكوميديا وفن التمثيل وجماليات التلقي، ولحياة شابلن المبكرة وتأثيرات والدته والآخرين من الممثلين والعلماء والفنانين والسياسيين عليه. فيه الكثير من الأفكار والتحليلات المهمّة عن معاناة شابلن خلال الفترة المكارثية، وكذلك كانت الدراسات التطبيقية لأعماله عميقة وممتعة، قُدّمت بلغة جميلةٍ صافيةٍ رائقةٍ رصينة، ميّزت هذا الكتاب الذي استمتعت حقا بقراءته؛ إنه من أفضل الكتب التي مرّت عليَّ أخيرا، بابا وتبويبا ومعالجة وموضوعا».

    متحف ل”شارلي شابلن” في الربيع المقبل

     وتجدر الإشارة، في الأخير، إلى أن هذا الكتاب قد جاء تماما في موعده، لاسيما أن المنزل الفخم الكبير المصمم على الطراز الكلاسيكي المدرج من طرف السلطات على قائمة المباني المحمية، والذي قرّر تشابلن الإقامة به في “سويسرا” في عام 1952 بعد أن رُفضت عودته إلى الولايات المتحدة في الفترة المكارثية، سيتحول إلى “متحف” بعد خمسة عشر عاما من التدبير والتصميم والتجهيز. والأشغال جارية به الآن على قدم وساق ليكون مستعدا لاستقبال الجمهور في الربيع المقبل من عامنا هذا (2016) .

     عاش صاحب الفلسفة الراقية في الإضحكاك، ذو البصمة العالمية في الفكاهة المؤثرة التي لا مثيل لها قبله وبعده، ولن تتكرر، الكوميديان البريطاني “تشارلي تشابلن” مع عائلته في “كورسييه” حتى وفاته في عيد الميلاد لسنة 1977 في سن الثامنة والثمانين. أما زوجته أوانا، التي كانت تصغره بـخمسة وثلاثين عاما، والتي فارقت الحياة عام 1991، فقد أنجب منها ثمانية أطفال. وكان اثنان منهم، أوجين وميكائيل، ما يزالان  يعيشان في القصر عندما فاتح دوران الأسرة في موضوع المتحف عام 2000. 

من almooftah

اترك تعليقاً