أحد أعمال الفنان علاء الحوت ، تصوير مجسم ، آتيلية القاهرة 2008م.
 الفكر التجريبي فى الفن :
تعتمد فروع العلوم على التجريب لكون ممارسات تجريبية ، وكذلك الفنون التشكيلية التي تخضع لمنطلقات التجريب وهذا لان الفنون تتأثر بالعصر الحديث وعلوم المعرفة فيه ، ويحاول الفنان أن يقدم كل ما هو جديد متمشيا مع روح العصر ، فنرى دخول الكمبيوتر والليزر في ممارسة الأعمال الفنية وايضا وجود خامات وبدائل تشكيليه لم تكن من ذي قبل .
تفصيلة من أحد الاعمال التجريبية للمدون.
ويؤكد ” جون ديوي ” على أن التجريب من السمات الجوهرية للفنان وبدون هذه السمات يصبح الفنان مجرد أكاديمي ، وإذا كان الفنان ملزما بأن يكون مجربا فذلك لآن عليه أن يعبر عن خبره ذات طابع فردي عميق .. كما أن منطلق التجريب يعد معادلا سيكولوجيا للعمليات الديناميه التي تنتج عنها تنظيم المثيرات الادراكيه في الانظمه الحيوية ، وهذا في مجمله يعني استراتيجيه حديثه للصياغة التشكيلية في العمل الفني ” شكل – ومضمون ” ، وتطلق على تلك العملية بالموازاة بين الحيز الداخلي للشكل وبين المكان الحيوي .. بمعنى انه كلما كان النظام المكاني في الحيز الفني يقتفي اثر القوانين الايقاعيه والوظيفية الظاهرة لها دلالتها التعبيرية أدى ذلك على دخول الأجزاء المتعددة بما فيها الخامات المتنوعة في مسار دينامي بشكل يجعلها واضحة ، ثم تخف حدة التوتر في الحيز فينصرف المدرك إلى إعطاء قيمة أو دلاله معينه لذلك الحيز تؤكد وحدته.

من أعمال الفنان علاء الحوت ، تصوير مجسم ، آتيلية القاهرة 2008م
والتجريب هو أحد أساليب الأداء الفني، ونشاط إبداعي قد يكون في مجموعة التخطيطات التي سبق إنجاز العمل الفني بحثاً عن جوانب تشكيلية مختلفة أو إبداعية جديدة، وقد يكون في إظهار الرؤى الجمالية المختلفة للموضوع، مما يهيء العقل والحس للممارسة التشكيلية بحثا عن حلول متعددة ومختلفة، إما في إطار خبرة الفنان الحاضرة، وإما نتيجة لمرور الفنان بخبرات فنية سابقة، فيقدم حلولاً جديدة بتصميمات مستحدثة(1).

أحد أعمال الفنان وائل درويش ، مراكب الشمس تستعد للرحيل ،
وسائط متعددة مخلوطة على الخشب وألوان أكريلك ، 765x197x5 سم ، 2012
 تفصيلة من العمل السابق
تفصيلة من العمل السابق
 تفصيلة من العمل السابق
إن التجريب في الفنون التشكيلية يتيح مجالاً واسعاً واتجاهات متشعبة أمام الفنان، في تعامله مع عناصر التشكيل وأسس البناء الفني، لتحقيق الغرض أو المضمون الرمزي للعمل، وتتحقق الأساليب والاتجاهات الفنية من خلال التجريب في المحاولات المتعاقبة التي يسلكها المصمم بحثاً عن توافقات وتبادلات تشكيلية تحقق له القناعة بتكامل العمل الذي أنتجه(2).

أحد الاعمال التجريبية للمدون ، من مجموعة (البحر ، بعنوان طلسم) ،
خامات مختلفة ، والوان أكريلك على الخشب ، 25 × 42 سم ، 2001م.
وفي مجال التجريب بالخامات غالباً ما تكون للفنان أفضليات خاصة للخامات التي يستخدمها في التعبير، وهو حين يحدد الخامات يحدد أيضاً التقنية المناسبة لإخضاعها للتعبير(3). فمرحلة التعامل الأول للفنان مع الخامة هي مرحلة اكتشاف لإمكانيتها التعبيرية والتركيبية عن طريق نُظِّم التشكيل المختلفة، وقدرة الفنان على التعامل معها.
تفصيلة من أحد الاعمال التجريبية للمدون، عمل مركب فى الفراغ،
من معرض (طوالع الرجال والنساء) بقاعة الاليانس فرانسيس ، بورسعيد ، 2001م.
كما أن التجريب – كأحد متغيرات فن التصوير – يختلف في أسلوب وتناول وترتيب وصياغة عناصر العمل الفني. ويتضح ذلك في سعي الفنان للحصول على حلول جديدة مبتكرة للوصول إلى أهدافه – كأن يبدأ بالطبيعة وينتهي بالتصميم – وقد استطاع الفنان موندريان “Mondrian” خلال رؤيته الفنية أن يقدم حلولاً تشكيلية للمسطحات والخطوط، وأوضاعاً مختلفة للشكل والفراغ مستخدما التجريب والتحليل الرياضي في ذلك. ويعني هذا أن التجربة في هذه الحالة تخضع لعمليات فكرية متداخلة، تسمح بالحذف والإضافة، وقد تكون غير محددة الخطوات، أو تسمح بتقديم خطوة على أخرى، وعنها تنشأ العلاقات التشكيلية الجديدة(4).

بييت موندريان، التركيب الثاني في الأحمر والأزرق والأصفر ، 1930م.
هذا إلى جانب أن التغير في طريقة تناول الشكل تتطلب فكراً جديداً ومستوىً غير مألوف في الرؤية، والتي تسفر عن هيئة الشكل، وبهذا يكون العمل الفنى باستخدام التجريب في الخامات نشاطاً ابتكارياً يحدد هيئة العناصر، تلك الهيئة ليست قاصرة فقط على الهيئة الخارجية، ولكن في العلاقات البنائية والوظيفية للعناصر التي تحول نظاماً معيناً إلى وحدة متكاملة(5) ، وهو هدف العمل الفنى.

أحد الاعمال التجريبية للمدون ، من مجموعة (طوالع الرجال والنساء) ،
خامات مختلفة ، والوان أكريلك على خشب ، 20 × 24 سم ، 2001م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1- هدى أحمد زكي السيد: “المفهوم التجريبي في التصوير الحديث وما يتضمنه من أساليب ابتكارية وتربوية”، رسالة دكتوراه، كلية التربية الفنية، جامعة حلوان، 1979، ص 27.
2- أحمد حافظ رشداه، فتح الباب عبد الحليم: “التصميم في الفن التشكيلي”، القاهرة، 1970، ص 30.
3- محمد اسحق قطب: “المفهوم الجمالي لتناول الخامة في النحت الحديث وأثره على القيم التشكيلية والتعبيرية في أعمال طلاب كلية التربية الفنية”، رسالة دكتوراه، كلية التربية الفنية، جامعة حلوان، 1994، ص ص 13.
4- هدى أحمد زكي السيد: مرجع سابق، ص 19.
5- مصطفى الرزاز: “أسس التصميم بين البنائي والإدراكي”، مجلة دراسات وبحوث، جامعة حلوان، كلية التربية الفنية، 1984، ص 48.

من almooftah

اترك تعليقاً