القاهرة

القاهرة
القاهرة  تعديل قيمة خاصية (P1448) في ويكي بيانات

القاهرة

علم

القاهرة

شعار


الموقع الجغرافي

اللقب مدينة الألف مأذنة
تاريخ التأسيس 969 (منذ 1054 سنة)
تقسيم إداري
البلد  مصر[1][2]
عاصمة لـ
مصر  تعديل قيمة خاصية (P1376) في ويكي بيانات
المحافظة  محافظة القاهرة
المسؤولون
المحافظ خالد عبد العال.[3]
خصائص جغرافية
إحداثيات 30.02°N 31.13°E
المساحة 3084.676[4] كم²
الارتفاع 23 متر  تعديل قيمة خاصية (P2044) في ويكي بيانات
السكان
التعداد السكاني 9.7 مليون نسمة (إحصاء 2018.[5] (#17 عالمياً))
الكثافة السكانية 18194 نسمة/كم2
معلومات أخرى

القاهرة هي عاصمة جمهورية مصر العربية وأكبر وأهم مدنها على الإطلاق، وتعد أكبر مدينة عربية من حيث تعداد السكان والمساحة،[9] وتحتل المركز الثاني أفريقياً والسابع عشر عالمياً من حيث التعداد السكاني،[10][11] يبلغ عدد سكانها 21,322,750 مليون نسمة حسب إحصائيات عام 2021.[12] يمثلون 20% من إجمالي تعداد سكان مصر أكثر من (100 مليون نسمة).

تعد مدينة القاهرة من أكثر المدن تنوعاً ثقافياً وحضارياً، حيث شهدت العديد من الحقب التاريخية المختلفة على مر العصور، وتوجد فيها العديد من المعالم القديمة والحديثة، فأصبحت متحفاً مفتوحاً يضم آثاراً فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية وإسلامية. يعود تاريخ المدينة إلى نشأة مدينة أون الفرعونية أو هليوبوليس «عين شمس حالياً» والتي تعد واحدة من أقدم مدن العالم القديم. أما القاهرة بطرازها الحالي فيعود تاريخ إنشائها إلى الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص عام 641 م وإنشائه مدينة الفسطاط، ثم إنشاء العباسيين لمدينة العسكر، فبناء أحمد بن طولون لمدينة القطائع، ومع دخول الفاطميين مصر قادمين من إفريقية (تونس حالياً) بدأ القائد جوهر الصقلي في بناء العاصمة الجديدة للدولة الفاطمية بأمر من الخليفة الفاطمي المعز لدين الله وذلك في عام 969م، وأطلق عليها الخليفة اسم «القاهرة». وأطلق على القاهرة- على مر العصور- العديد من الأسماء، فهي مدينة الألف مئذنة ومصر المحروسة وقاهرة المعز. شهدت القاهرة خلال العصر الإسلامي أرقى فنون العمارة التي تمثلت في بناء القلاع والحصون والأسوار والمدارس والمساجد، مما منحها لمحةً جماليةً لا زالت موجودة بأحيائها القديمة حتى الآن.

وتعد القاهرة محافظة ومدينة، أي أنها محافظة تشغل كامل مساحتها مدينة واحدة، وفي نفس الوقت مدينة كبيرة تشكل محافظة بذاتها، وتنقسم إلى 37 حياً، وتحتفل القاهرة بعيدها القومي في 6 يوليو من كل عام، وهو اليوم الذي يوافق وضع القائد جوهر الصقلي حجر أساس المدينة عام 969م، ليبلغ عمر القاهرة الآن ما يربو على 1044 عام.[4][5]

تعد القاهرة أيضاً مقراً للعديد من المنظمات الإقليمية والعالمية، حيث يقع بها مقر جامعة الدول العربية، والمكتب الإقليمي لكل من: منظمة الصحة العالمية، منظمة الأغذية والزراعة، منظمة الطيران المدني الدولي، الاتحاد الدولي للاتصالات، صندوق الأمم المتحدة للسكان، هيئة الأمم المتحدة للمرأة، مقر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، وكذلك مقر الاتحاد الأفريقي لكرة السلة.[13][14]

التسمية:

اختلفت الأقاويل حول سبب تسمية القاهرة بهذا الاسم، فقيل أن جوهر الصقلي سمى المدينة في أول الأمر المنصورية تيمناً باسم مدينة المنصورية التي أنشأها خارج القيروان المنصور بالله والد المعز لدين الله، أو تيمناً باسم والد المعز نفسه إحياءً لذكراه، واستمر هذا الاسم حتى قدم المعز إلى مصر فأطلق عليها اسم «القاهرة»، وذلك بعد مرور أربع سنوات على تأسيسها، تفاؤلاً بأنها ستقهر الدولة العباسية المنافسة للفاطميين، وقيل أنه سماها بالقاهرة لتقهر الدنيا، أو أنها سميت نسبة إلى الكوكب القاهر وهو كوكب المريخ.[معلومة 1][15][16]:10:11[17]:ج1ص110:114 ولمدينة القاهرة عدة أسماء شهيرة منها مصر المحروسة، قاهرة المعز، مدينة الألف مئذنة، جوهرة الشرق.[18]

التاريخ:

القاهرة القديمة

اكتسبت القاهرة مكانتها وتأثيرها على مختلف الحضارات بفضل موقعها الاستراتيجي الذي اختاره لها أهل مصر منذ فجر الحضارة، وتميزت عن بقية العواصم التاريخية بصفة الاستمرار، فشكل تطورها سلسلة من الحلقات بدأت مع مدينة أون في عهد ما قبل الأسرات والتي كانت بمثابة العاصمة الدينية بعد توحيد البلاد وبداية عهد الأسرات على يد الملك مينا بينما كانت منف هي أول عاصمة إدارية وسياسيه لمصر بعد استقرار الوحدة. وعرفت أون فيما بعد بالاسم الإغريقي هليوبوليس أو عين شمس حالياً.[19]:5 عقب الفتح الإسلامي لمصر سنة 18 هـ/639 م، شيد عمرو بن العاص مدينة الفسطاط سنة 21 هـ/641 م، وبنى جامع عرف باسمه، ثم اختطت أماكن إقامة القبائل العربية. وعقب قيام الدولة العباسية والقضاء على الدولة الأموية أنشأ العباسيون مدينة العسكر في مكان عرف باسم الحمراء القصوى يقع شمال شرق الفسطاط وأقاموا فيه دورهم ومساكنهم، وشيد فيها صالح بن علي دار الإمارة وثكن الجند، ثم شيد الفضل بن صالح مسجد العسكر، وبمرور الأيام اتصلت العسكر بالفسطاط وأصبحتا مدينة كبيرة خطت فيها الطرق وشيدت بها المساجد والأسواق. وذلك إلى أن تولى أحمد بن طولون حكم مصر ورأى أن مدينة العسكر لا تتسع لحاشيته وجنده، فصعد إلى جبل المقطم ورأى بين العسكر والمقطم أرض فضاء فاختط في موضعها مدينته الجديدة التي سميت القطائع. وبعد قرابة مائة عام على إنشاء القطائع دخل الفاطميون مصر بقيادة جوهر الصقلي موفداً من الخليفة المعز لدين الله، فأخذ في وضع أساس «القاهرة» شمال شرقي القطائع، كما وضع أساس القصر الفاطمي الكبير، وشرع بجانبه في بناء الجامع الأزهر.[20]:14:11

العصور القديمة:

أون:

iunu
في الهيروغليفية
iwn nw
O49
أو O28

كانت مدينة أون القديمة وموقعها حالياً منطقة المطرية وعين شمس من أبرز مراكز الثقافة المصرية القديمة وذكرت في المتون المصرية القديمة بأسماء «أونو أفق السماء» و«أنو سماء مصر» واعتبرتها مقر الآلهة المختارة وموطن ميلاد كل معبود، وسميت المدينة في القبطية «أونو»، وفي اليونانية «هليوبوليس» بمعنى مدينة الشمس. كان للمدينة ماضيها السياسي حيث تعد واحدة من أقدم عواصم مصر المتحدة في فجر التاريخ وذلك نتيجة لجهود زعمائها الذين أقاموا بها أول وحده للوجهين سبقت الوحدة التي تمت على يد الملك مينا. وكفل للمدينة شهرتها في الفلسفة والدين قدم مذهبها في تفسير نشأة الوجود. أما في الفلك ترجع شهرة المدينة إلى ابتكار التقويم الشمسي الذي تميزت به الحضارة المصرية. وعلى الرغم من أن مدينة أون لم تلعب دوراً سياسياً بارزاً في العصور التاريخية إلا أنها ظلت محتفظة بمكانتها الثقافية والحضارية والدينية وحرص الملوك على ترك آثارهم بها على مر العصور، وأسفرت الحفائر الحديثة عن الكثير من الآثار التي تدل على ذلك منها الجزء العلوي لمسلة صغيرة من الحجر الرملي تعود إلى عهد الملك تتي من الدولة القديمة. ومن آثار عصر الدولة الوسطى، مسلة من الجرانيت الأحمر أقامها الملك سنوسرت الأول، وبقايا مسلة للفرعون تحتمس الثالث، وعدد من اللوحات من الحجر الجيري وجزء من تمثال أثري. ومن آثار عصر الدولة الحديثة، عمود مرنبتاج الموجود في منطقة المعابد، وتمثال الملك سيتي الثاني من الحجر الجيري، وبقايا معبد للملك رمسيس الثالث، وعدد من تيجان الأعمدة وأجزاء من أعمدة وتماثيل لأبو الهول.[21]

بابليون:

الكنيسة المعلقة من الداخل
حصن بابليون

تقع مدينة بابليون في منطقة القاهرة القبطية حالياً، وقام بإنشائها رمسيس الثاني واتخذت اسمها من أسرى البابليين الذين ثاروا عليه، فبنى بها القلعة التي اعتقلهم فيها، ثم أطلق الاسم على المدينة بأكملها. واشتهرت المدينة في العصر الروماني في عهد الإمبراطور أغسطس، وأمر بإعادة بنائها الإمبراطور تراجان عام 130 ق.م وحول الحصن إلى مدينة عسكرية، ورمم الحصن ووسعه الإمبراطور الروماني أركاديوس في القرن الرابع الميلادي. استعمل في بناء الحصن أحجار أخذت من معابد فرعونية وأكملت بالطوب الأحمر ولم يبق من مباني الحصن حالياً سوى الباب القبلي الذي يكتنفه برجان كبيران، وبنى فوق أحد البرجين الكنيسة المعلقة، كما بني فوق البرج الآخر كنيسة مار جرجس الروماني للروم الأرثوذكس، وعلى باقي السور بنيت كنيسة القديس أبو سرجة وكنيسة العذراء وقصرية الريحان ودير مار جرجس للراهبات وكنيسة القديسة بربارة ومعبد لليهود. يعرف الحصن الروماني بقصر الشمع أو قلعة بابليون وتبلغ مساحته حوالي نصف كيلومتر مربع، ويقع بداخله المتحف القبطي. في عام 641 م سقط الحصن في يد عمرو بن العاص بعد حصار دام نحو سبعة أشهر في 18 ربيع الآخر 20 هـ/16 أبريل 641 م، وكان سقوطه إيذاناً بدخول الإسلام في مصر. اختار عمرو بن العاص مكان إستراتيجي شمال حصن بابليون وأقام فيه مدينة الفسطاط وداخلها حصن بابليون لتكون مدينة للجند العرب.[19]:8[22][23][24]

العصور الوسطى:

الفسطاط:

مسجد عمرو بن العاص

اتخذت الفسطاط اسمها من خيمة عمرو بن العاص التي أقامها في وسط معسكره، وأنشأها عمرو بن العاص شمال حصن بابليون، وأمر بتخطيطها لتكون أول عاصمة للإسلام في مصر بدلاً من الإسكندرية، وفي وسط المدينة أقام مسجداً للصلاة سمي باسمه واشتهر بمناراته الأربعة، وخططت الأرض حوله إلى أحياء، وولى عمرو بن العاص أربعة من المسلمين لتنظيم المدينة وهم معاوية بن خديج التجيبي، شريك بن سمي الغطيفي، عمرو بن محزم الخولاني، جبريل بن ناشرة المعافري. اشتهرت الفسطاط بشوارعها المرصوفة ومنازلها الفسيحة التي تتوسطها نافورات المياه والحدائق الداخلية، وتعددت بالمدينة الأسواق التي كان يقع معظمها على شاطئ نهر النيل وذلك بخلاف الأسواق حول الجامع. تميز اختيار موقع المدينة بسهولة الدفاع عنه لأسباب طبيعية فالنيل يحدها من الغرب وجبل المقطم من الشرق واللذان شكلا حاجزا طبيعياً ضد أي اعتداء خارجي.[19]:8[20]:11:12[25]:5

العسكر:

العسكر هي ثاني العواصم الإسلامية في مصر، وأنشأها العباسيون في مكان عرف باسم الحمراء القصوى يقع شمال شرق الفسطاط، وأقاموا فيه دورهم ومساكنهم، وشيد فيه صالح بن علي دار الإمارة وثكنات الجند أو دار العسكر، ومنه اتخذت المدينة اسمها، ثم شيد الفضل بن صالح مسجد العسكر. تعتبر المدينة امتداداً للاتجاهات التخطيطية والعمرانية لمدينة الفسطاط، وعظمت بها العمارة وشيدت المساكن والقصور وتوسع عمرانها حتى التحمت بالفسطاط، وحكم مصر منها 65 والياً على امتداد 120 عاماً، ويرجح أن موقعها كان بالقرب من حي السيدة زينب حالياً.[19]:9[20]:12[25]:5

القطائع:

جامع أحمد بن طولون

القطائع هي المدينة التي أسسها أحمد بن طولون، لتصبح بذلك ثالث عاصمة إسلامية في مصر، ويرجع اسمها إلى نظام تخطيطها المنقول عن مدينة سامراء التي شب فيها بن طولون، وهو التخطيط المتقاطع المكون من قطع سكنية كل منها لجماعة من السكان تربطهم رابطة أو طبقة أو مستوى واحد، يطلق عليها اسم القطع. شيدت المدينة في الأرض الفضاء بين مدينة العسكر وجبل المقطم، ووضعت أولى خططها عام 256 هـ/870 م، وبعد ست سنوات في عام 876 م احتفل ابن طولون بوضع أساس الجامع الذي سمي باسمه على جبل يشكر، والذي انتهى بناؤه في سنتين، ويقع في وسط المدينة، ويعد من أكبر مساجد العالم الإسلامي بمساحة تبلغ 26500 متر مربع، واشتهر باسم الجامع المعلق إذ يصعد إلى أبوابه بسلالم دائرية الشكل، كما أنشأ ابن طولون أول مستشفى في مصر بمنطقة البساتين. وانتقل إلى المدينة كل من له صلة بالحكم أو إدارة البلاد وأفراد الجيش، ولم يكن مسموحاً للعامة بالسكن فيها. ظلت القطائع عاصمة مصر خلال الحكم الطولوني الذي استمر 27 عاماً حتى سنة 293 هـ/905 م، مع قدوم الجيش العباسي إلى مصر، والذي محى القطائع وحولها إلى أطلال مع الإبقاء على الجامع، وعادت مدينة العسكر مقراً للحكم حتى دخول الفاطميين.[19]:9:11[20]:12:13[25]:6

قاهرة المعز:

باب الفتوح
مخطط القاهرة في عهد الفاطميين

بعد قرابة المائة عام على إنشاء القطائع، قدم إلى مصر جيش الفاطميين من المغرب بقيادة جوهر الصقلي موفداً من الخليفة المعز لدين الله، ووصل إلى الفسطاط في 11 شعبان 358 هـ/يوليو 969 م، ودخلها في اليوم التالي، ونزل مع جنوده في الفراغ الواقع شمال شرقي القطائع وأخذ في وضع أساس القاعدة الفاطمية الجديدة في 17 شعبان 385 هـ/7 يوليو 969 م، والتي سماها «القاهرة»، كما وضع أساس القصر الفاطمي الكبير في 18 شعبان 358 هـ، وشرع بجانبه في بناء الجامع الأزهر في جمادي الأول سنة 359 هـ/أبريل 970 م. أنشئت المدينة على مساحة 340 فدان، وبني حولها سور من اللبن مربع الشكل طول كل من ضلعيه الشمالي والجنوبي 1500 ذراع، وضلعيه الشرقي والغربي 1700 ذراع، وبكل ضلع من أضلاع السور بوابتان، فالضلع الشمالي به باب النصر وباب الفتوح، والشرقي به باب البرقية (الغريب) والقراطين (المحروق)، والجنوبي يواجه الفسطاط عند باب الخلق وبه باب زويلة (المتولي) وباب الفرج، والغربي به باب القنطرة وباب سعادة. بدأت المدينة كمدينة عسكرية تشتمل على مساكن الأمراء ودواوين الحكومة وخزائن المال، وفي سنة 973 تحولت إلى عاصمة الدولة الفاطمية عندما انتقل إليها المعز لدين الله من المغرب، وأطلق عليها قاهرة المعز. بعد انقضاء 120 سنة من تأسيس القاهرة رأى أمير الجيوش بدر الجمالي وكان وزيراً للخليفة المستنصر بالله أن الناس شيدوا خارج سور القاهرة بسبب اتساع العمران، فأحاطها بسور وصله بسور جوهر عام 480 هـ/1087 م، وأقام السور الجديد من اللبن والأبواب من الحجارة.[19]:11[20]:13:22[25]:6

العصر الأيوبي:

قلعة صلاح الدين

أرسل السلطان نور الدين محمود حملة إلى مصر لطرد الصليبيين بقيادة أسد الدين شيركوه، الذي اصطحب معه صلاح الدين ابن أخيه نجم الدين أيوب. وعقب وفاة شيركوه ولي الخليفة العاضد صلاح الدين وزارة مصر، فأصبح بذلك الرجل الأول في الدولة. ثم استبد صلاح الدين بالأمور وضعف أمر العاضد وهدم دار المعرفة وبناها مدرسة شافعية وبنى دار الغزل للمالكية وعزل قضاة الشيعة وأقام قاضياً شافعياً في مصر واستناب في جميع البلاد.[26]:م4:ص103 وبدلاً من أن ينشئ صلاح الدين عاصمة جديدة، اتجه إلى ضم ضواحي المدينة الأربعة (الفسطاط والعسكر والقطائع والقاهرة الفاطمية) لتكون معاً عاصمة الدولة، فخرجت القاهرة عن نطاق أسوارها القديمة وامتد تخطيطها ليصل إلى قلعة الجبل، التي ظلت مقراً لحكم مصر في مختلف العصور التي تلت حكم الأيوبيين، وحتى عصر الخديوي إسماعيل الذي نقل مقر الحكم إلى قصر عابدين. وفي عام 569 هـ انتدب بهاء الدين قراقوش لمد سور حول القاهرة بحدودها الجديدة، فزاد في سور القاهرة الممتد من باب القتطرة إلى باب الشعرية، ومن باب الشعرية إلى باب البحر، ثم زاد في الجزء الذي يلي باب النصر إلى برج الظفر ومن هذا البرج إلى برج البرقية ومنه إلى درب بطوط وإلى خارج باب الوزير ليتصل بسور قلعة الجبل. ومن معالم تلك الحقبة التي ما زالت باقية، سواقي عيون بئر يوسف وقناطر مجرى المياه التي تحمل المياه إلى القلعة.[19]:11:12[20]:23:37[25]:7

العصر المملوكي:

يعد عصر المماليك هو العصر الذهبي للقاهرة، ولا سيما بعدما خفت وطأة الحروب الصليبية في الشام، وانتصر المماليك على المغول. ففي عهد الظاهر بيبرس امتدت القاهرة في اتجاه الشمال خارج أسوارها في حي الحسينية، وشيد مسجداً رائعاً يعرف اليوم باسم جامع الظاهر وكان اسمه قديماً جامع الصافية، كما شيد العديد من المباني في قلعة صلاح الدين كدار الذهب، وأنشأ الأسواق والجسور والقناطر، وشاركه أمراؤه في بناء العديد من العمائر والرباع والخانات والدور والمساجد والحمامات التي أضافت لمسة من الجلال والجمال على المدينة.[20]:39

صحن مسجد السلطان الناصر بن قلاوون

وفي عهد أسرة قلاوون التي حكمت مصر قرابة المائة عام، شيد المنصور قلاوون طائفة من العمائر النادرة، منها مدرسة الجليلة وقبته أو ضريحه، وأنشأ المارستان وجعله وقفاً لجميع الطوائف من الملك حتى العبيد، وما زال جزء منه قائماً إلى اليوم. وفي أيام السلطان الناصر محمد بن قلاوون، امتدت القاهرة جهة الشمال عبر الصحراء والشمال الغربي والغرب أيضاً بما طرحه النيل من طمي أثمر تدريجياً عن أرض جديدة غرب القاهرة، فلم يترك أمراء المماليك قطعة أرض داخل القاهرة إلا وأقاموا فيها المساجد والمدارس والحمامات والسبل والوكالات والأضرحة، فعم الرخاء على المدينة وازدهرت التجارة وتسابق الأمراء والأعيان على تشييد أبهى فنون العمارة. وأحب السلطان الناصر العمارة فرصع القاهرة بأفخم المباني، وأنشأ تحت قلعة صلاح الدين ميداناً للألعاب والمسابقات بين الأمراء، وعمر كثيراً من القصور داخل القلعة، وشيد جامعه ذا المئذنتين الذي ما زال قائماً حتى الآن، وفي أيامه زار مصر الرحالة المسلم ابن بطوطة في عام 1326 فقال عنها «قهرت قاهرتها الأمم، وتملكت ملوكها نواصي العرب والعجم»، وفي أثناء حكم المماليك البحرية ولد المؤرخ تقي الدين المقريزي، الذي ألف موسوعة هامة عن خطط مصر وعن القاهرة بوجه خاص وصفت جمال عمارة القاهرة وفنونها. وفي أيام السلطان حسن بن قلاوون شيدت عمارة جليلة تمثلت في مدرسة ومسجد السلطان حسن، الذي يعد أجمل مساجد القاهرة.[20]:41:63 وفي عهد المماليك الجراكسة ظهر حبهم للعمائر الجميلة والذوق السليم، فشيد سلاطينهم وأمراؤهم العمائر والمساجد ومنها مسجد الملك الظاهر برقوق بجوار مدرسة الناصر قلاوون، وخانقاه الملك الناصر بن برقوق، وهي بناء ضخم صمم ليخدم عدة أغراض، فهو ضريح لآل برقوق ومدرسة للعلوم ومسجد وخانقاه فخمة، ومسجد الملك المؤيد شيخ بجوار باب زويلة، ومسجد السلطان الأشرف برسباي، ومسجد السلطان الأشرف قايتباي، ومسجد السلطان قنصوه الغوري.[20]:64:83

العصر العثماني:

بيت الكريتلية “متحف جاير أندرسون حالياً”
مدينة القاهرة كما تظهر في “كتاب بحرية” المرسوم في مطلع القرن السادس عشر على يد الملاح العثماني بيري رييس.

استولى السلطان سليم على مصر وشرع في تأييد سلطته، فجعل عليها حاكماً يلقب بالباشا، وليضمن عدم خروج الباشا على الآستانة ويستقل بمصر، جعل في مصر ثلاث إدارات كل منها يراقب الآخر، حتى لا يخشى من اتحادها أو تمردها، فكانت القوة الأولى هي «الباشا» وأهم واجباته هي إبلاغ الأوامر السلطانية لرجال الحكومة والشعب ومراقبة تنفيذها، والقوة الثانية هي «الوجاقات الست» وواجبها هو حفظ النظام والدفاع عن القطر المصري، وتوزعت في القاهرة والمراكز الرئيسية، أما القوة الثالثة فهي «المماليك» وهم بقايا المماليك البحرية والجراكسة، وواجبهم حفظ التوازن بين الباشا والوجاقات لأنهم أعداء لكلا الفريقين. وظل أمراء المماليك هم أصحاب القوة الفعلية بالبلاد، وزاد نفوذهم مع تقلص نفوذ الباب العالي وتقلص نفوذ ولاته في مصر.[16]:193:194 ومن آثار تلك الحقبة التي ما زالت باقية مسجد محمد بك أبو الذهب تجاه الجامع الأزهر،[16]:218 وعمائر عبد الرحمن كتخدا «محافظ مصر»، والذي كان مغرماً بالبناء فأنشأ وجدد الكثير من المساجد والسبل والأضرحة، وكان في مقدمة الساعين لتجميل القاهرة، ويتجلى ذلك في سبيله الرائع الواقع في ملتقى شارعي النحاسيين والجمالية والمعروف باسمه حتى اليوم، كما أنشأ بالقرب من باب الفتوح مسجداً وكتاباً، وزاد في مقصورة الجامع الأزهر وبنى به محراباً جديداً وأقام له منبراً وأنشأ له باباً عظيماً وبنى بأعلاه مكتباً لتعليم الأيتام من أطفال المسلمين، وبنى المدرسة الطيبرسية، وأنشأ عند باب البرقية «باب الغريب» جامعاً ومكتباً، وجامعاً ومكتباً وساقية ومنارة جهة الأزبكية، كما بنى المشهد الحسيني، ومشاهد السيدة زينب والسيدة سكينة والسيدة عائشة والسيدة فاطمة والسيدة رقية، وجدد المارستان المنصوري، وكانت دار سكناه بحارة عابدين من الدور العظيمة المحكمة الوضع والإتقان.[16]:219

العصر الحديث:

عصر الأسرة العلوية:

مسجد محمد علي من الداخل
مسجد محمد علي من الخارج

أسس محمد علي الأسرة العلوية في مصر وأرسى خلال حكمه أسس النهضة الحديثة، وانتقل بمصر من الاضمحلال الذي سيطر عليها خلال حكم العثمانيين إلى مشارف العصر الحديث، وارتقى بها إلى رتب الدول المتقدمة. أدرك محمد علي بعبقريته الفطرية الفذة أن السبيل لبناء النهضة هو الارتقاء بالعلوم والإدارة والصناعة والزراعة، فأنشأ المدارس الحديثة وأرسل البعثات العلمية وأعاد تنظيم الجيش والإدارة الحكومية وشيد دور الصناعة بأنواعها والتي تركزت بمنطقة السبتية، كما أقام الجسور والقناطر وحفر الترع. واهتم محمد علي بالقاهرة فأمر بتنظيم وتوسيع وتنظيف وإنارة شوارعها، وأزال الأنقاض المحيطة بها وردم بها بركها، وكون في عام 1834 مجلساً للإشراف على تجميل القاهرة، كما استقدم الفنانين والعمال المهرة من فرنسا وإيطاليا وتركيا لبناء القصور واشترط عليهم تعيين أربعة من المصريين مع كل منهم ليتعلموا حرفتهم، ومن أشهر القصور التي شيدها قصر الجوهرة وقصر القبة وقصر الحرم وقصر الأزبكية وقصر النيل، وقام أيضاً ببناء جامعه بالقلعة، والذي تم تصميمه على غرار مسجد السلطان أحمد بالآستانة.[25]:9[27]:216 وفي أبريل 1847 انتقلت ولاية مصر من محمد علي إلى إبراهيم باشا، والذي اهتم بتقوية الجيش والأسطول ونظم جمعية الحقانية لتنظيم سير القضايا، وشيد قصر الروضة والقصر العالي، وفي عهده تم ردم بركة الأزبكية تماماً وحولت إلى متنزه ضخم. وفي عهد عباس باشا الأول منح امتياز إنشاء خط سكك حديدية بين القاهرة والإسكندرية للبريطانيين عام 1851، وأنشئ حي العباسية في صحراء شمال شرق القاهرة عام 1849 بغرض إقامة ثكنات عسكرية، كما أقام فيها سراي الباشا أو «سراي الحصوة» ومدرسة حربية ومستشفى. عقب وفاة عباس الأول آل حكم مصر إلى سعيد باشا، فافتتح في عهده خط السكك الحديدية بين القاهرة والإسكندرية عام 1854، وأنشئت المحطة الرئيسية للسكك الحديدية بباب الحديد عام 1856، وبوفاته انتقل حكم مصر إلى إسماعيل باشا عام 1863.[25]:9:10

عصر الخديوي إسماعيل:

دار الأوبرا القديمة
قصر عابدين

يعود لقب القاهرة الخديوية إلى أول حاكم لمصر يحمل هذا اللقب وهو الخديوي إسماعيل، والذي تولى عرش مصر في 18 يناير 1863، فمنح القاهرة وجهاً جديداً متألقاً، وحدد معالمها الحضارية من خلال إنجازات بقيت محفورة على جدران مبانيها وشوارعها الحديثة.[25]:11 كانت القاهرة عند تولي إسماعيل باشا عرش مصر يبلغ تعدادها 270 ألف نسمة وتمتد من منطقة القلعة بسفح المقطم شرقاً إلى مدافن الأزبكية وميدان العتبة والمناصرة غرباً، وساد على أحيائها الانحلال العمراني مما أثار حماس إسماعيل باشا لصنع ثورة عمرانية بعاصمة البلاد ترقى بها إلى مصاف العواصم الأوروبية، ولتكون «باريس الشرق»، فطلب إسماعيل باشا من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم هاوسمان المهندس العالمي بتخطيط القاهرة على غرار التخطيط الجديد لباريس، واستغرق إعداد وتصميم وتنفيذ المشروع خمس سنوات، وفي عام 1872 افتتح الخديوي إسماعيل شارع محمد علي «القلعة»، كما شق شارع «كلوت بك» عام 1875، وأنشأ دار الأوبرا، والكتب خانة، وكان من أهم القصور التي شيدت خلال تلك الحقبة قصر عابدين، الذي بدأ إنشاؤه في غام 1863، وأصبح مقر الحكم بدلاً من القلعة في عهد الخديوي إسماعيل، ويعود اسم القصر إلى أنه بني مكان قصر «عابدين بك»، وطلب إسماعيل باشا الاحتفاظ باسم عابدين للقصر وميدانه. وفي فترة لاحقة أنشئ كوبري قصر النيل وكوبري أبو العلا ليصلا القاهرة بجزيرة الزمالك والجيزة، وأدخل خط الترام إلى شوارع القاهرة عام 1896 لربط العتبة الخضراء بالعباسية.[25]:14:21

القاهرة المعاصرة:

القاهرة في حقبة العشرينيات

في بداية القرن العشرين شهدت مدينة القاهرة تطوراً هائلاً نتيجة قدوم رجال الأعمال الأجانب، وتم إنشاء العديد من الوكالات والمحال التجارية والتي أصبحت فيما بعد علامات تجارية شهيرة مثل جروبي وغيره، كذلك شهدت توسعاً من خلال ربط شبرا بالقاهرة عام 1902، وربط حي الظاهر بالسيدة زينب وغرب الأزبكية عام 1903، وبدأ نمو حي الفجالة وحي التوفيقية، كما بدأ إنشاء حي جاردن سيتي عام 1906، وتعمير حي الزمالك عام 1905، وبدأ العمل في ضاحية مصر الجديدة عام 1906، أما ضاحية المعادي فنشأت عام 1907.[25]:14:21

وخلال ثورة 1919 كانت القاهرة هي مركز الاحتجاجات والتي كانت تتخذ من بيت سعد زغلول (بيت الأمة) مقراً لها، وعقب الثورة والانتهاء من تأسيس بنك مصر أصبحت القاهرة مركز ومقر للعديد من الشركات والمشروعات المصرية التي نشأت واحدة تلو الأخرى، وبلغت القاهرة في العشرينيات مستوى عال من الرقي والتحضر، ففي عام 1921 تم اختيارها لتنظيم مؤتمر القاهرة الذي جمع العديد من قادة أوروبا والشرق الأوسط لبحث تداعيات الحرب العالمية الأولى،[28] كذلك في عام 1925 حصلت على وسام أجمل وأنظف مدينة في دول حوض البحر المتوسط باعتبارها مدينة الأناقة في تصميم مبانيها ونظافة شوارعها وانتظام حركة المرور بها.[29][30]

صورة لقادة الحلفاء أثناء مؤتمر القاهرة 1943

وفي نوفمبر 1943 أثناء الحرب العالمية الثانية، شهدت القاهرة اجتماع قادة الحلفاء في مؤتمر القاهرة والذي حضره الرئيس فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل والقائد الصيني تشان كاي شيك ورئيس وزراء تركيا عصمت إينونو، وكان المؤتمر بمثابة نقطة فارقة بصدور إعلان القاهرة الذي تم التوقيع عليه يوم 27 نوفمبر 1943 ونص على نشر قوات في فرنسا وضرورة انسحاب اليابان من المقاطعات الصينية، واستمرار المعارك حتى الاستسلام غير المشروط.[31][32]

حريق القاهرة

وفي 26 يناير 1952 عقب وقوع موقعة الإسماعيلية يوم 25 يناير بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المصرية، قام مجهولون بإشعال حرائق في مدينة القاهرة التهمت الكثير من الأماكن العامة والفنادق والسينيمات والمحلات تجارية والمكاتب، كما أسفرت عن عشرات الضحايا. أدت تلك الأحداث إلى استقالة وزارة الوفد ذات الشعبية الجماهيرية، وتولى الوزارة علي ماهر باشا، وأعلنت الأحكام العرفية في البلاد، وتلاها في يوليو قيام الضباط الأحرار بالتحرك كبداية لأحداث ثورة 23 يوليو، وكانت القاهرة محطة فاصلة في تلك الأحداث، بالرغم من أن الملك فاروق وحاشيته كانوا بالإسكندرية، إلا أن حصار قصر عابدين والاستيلاء على القيادة العامة للجيش المصري تسبب في رضوخ الملك فاروق لمطالب الحركة، ووافق على مغادرة البلاد في 26 يوليو والتنازل عن العرش لابنه.[33][34]:31

وعقب حرب 1967 ونتيجة للمعارك تم إجلاء سكان محافظات القناة (بورسعيد، الإسماعيلية، السويس)، وكانت القاهرة من أكثر المحافظات استقبالاً للنازحين والتي كانت بأعداد كبيرة، تسببت في اندلاع الأزمة العقارية وقتها وارتفاع أسعارها بشكل متزايد، وترتب عليها ظهور العديد من المناطق السكنية مثل منشأة ناصر وغيرها.[35]

المظاهرات المعارضة لمحمد مرسي
ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير

وفي أعقاب حرب أكتوبر وبداية عصر الانفتاح الاقتصادي شهدت القاهرة موجة هجرة واسعة من سكان الأقاليم بغرض التعليم أو العمل، وترتب عليها تغير ديموغرافيا المدينة عما كانت عليه، حيث بدأت عمليات هدم القصور القديمة لبناء أبنية سكنية وكذلك شهدت فترة الثمانينات والتسعينيات أوسع عمليات التعدي والبناء على الأراضي الزراعية، مما ترتب عليها فقدان القاهرة معظم مساحاتها الخضراء. شهد الربع الأخير من القرن العشرين مرحلة بناء المدن الجديدة، فبعد إنشاء مدينة نصر في عهد ناصر ومدينة 15 مايو ومدينة السلام في عهد السادات، شهد عهد مبارك إنشاء القاهرة الجديدة ومدينة بدر والشروق، وشهد أيضاً تشغيل مترو الأنفاق وإنشاء الطريق الدائري ليكون أكبر طريق بري يربط القاهرة الكبرى ببعضها.

في 25 يناير 2011 انطلقت مجموعة من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية ذات الطابع الاجتماعي والسياسي، وكان ميدان التحرير بالقاهرة أبرز أماكن هذه المظاهرات حيث شهد أعداداً وصفت بالمليونية،[36][37] كما شهدت القاهرة أيضاً أحداث لاحقة مثل أحداث مسرح البالون، أحداث ماسبيرو، أحداث محمد محمود، أحداث مجلس الوزراء، أحداث العباسية.

وعقب تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية اتخذ عدة إجراءات وأصدر قرارات أثارت ضده احتجاجات ومظاهرات، كان أبرزها أحداث قصر الاتحادية مما أسفر عن وقوع ضحايا، وفي 30 يونيو 2013 خرجت مظاهرات حاشدة من المعارضين لحكم محمد مرسي في الميادين المصرية وعلى رأسها ميدان التحرير مطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة ورحيل النظام.

توسعات المدينة:

نصب الجندي المجهول بمدينة نصر
هليوبوليس
مدينتي بالقاهرة الجديدة

اعتمدت الحكومة المصرية خطة إستراتيجية قومية لغزو الصحراء وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة خارج وادي النيل ودلتاه لتكون مراكز حضارية ومناطق جذب سكاني واقتصادي بهدف إعادة توزيع السكان والأنشطة المختلفة توزيعاً متوازناً على أنحاء جمهورية مصر العربية، وبدأت تلك المشاريع خلال العهد الملكي مع إنشاء ضاحية مصر الجديدة «هليوبوليس» التي تعد أهم التجارب على مستوى العالم في مجال إنشاء المدن الجديدة خلال النصف الأول من القرن العشرين، والتي تعود فكرة إنشائها إلى عام 1905، واستوحي تخطيطها من المدن الحدائقية التي شيدت في أوروبا نهاية القرن التاسع عشر، فكان انتشار الفراغات الحضرية الكبيرة والشوارع المستقيمة المتسعة والتي خططت في هيئة حي عمراني راق يضاهي الأحياء الأوروبية.[41]:6:1 وفي أعقاب ثورة 23 يوليو 1952 أنشئت مدينة نصر بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر بهدف التوسع العمراني في المنطقة الصحراوية شمال شرق القاهرة وخصوصاً شرق حي العباسية بعيداً عن الأراضي الزراعية، وأعطى إشارة البدء لإنشاء مدينة متكاملة بأسلوب حضاري راق وطريقة عمرانية متميزة أطلق عليها «مدينة نصر». نفذ التخطيط الأولي والتصاميم المعمارية لمشروع المدينة المهندس المعماري سيد كريم، على مساحة تصل لأكثر من 250 كم مربع وتمتد في الشرق من طريق مصر/السويس حتى الكيلو 51 وتقاطعه مع طريق القطامية، وفي الغرب من شارع صلاح سالم وفي الشمال حي مصر الجديدة وفي الجنوب المقطم.[42] وفي عام 1978 بدأ إنشاء مدينة 15 مايو التي تعد إحدى مدن الجيل الأول من المجتمعات العمرانية الجديدة التي قامت بإنشائها وزارة الإسكان والتي تعود تسميتها نسبة إلى ثورة التصحيح في 15 مايو 1971، ويربط مدينة 15 مايو بالقاهرة طريقان رئيسيان هما كورنيش النيل وطريق الأوتوستراد، وبدأت في استقبال سكانها بعد عامين فقط من البدء في تنفيذها.[43] وفي عام 1979 صدر قرار إنشاء مدينة القاهرة الجديدة والتي توسعت بأحيائها المعروفة الأمل والرحاب ومدينتي والتجمع الأول والثالث والخامس.[44] وفي عام 1982 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بإنشاء مدينة بدر بطريق القاهرة/السويس على مساحة 18454.43 فدان، منها 7018 فدان مناطق سكنية، و2173 فدان مناطق خدمية.[45] وفي عام 1995 صدر قرار جمهوري بإنشاء مدينة الشروق على مساحة 16.11 ألف فدان منها 9200 فدان كتلة عمرانية، أضيف إليها 5302 فدان عام 2015.[46]

الجغرافيا والسكان:

الموقع:

تقع القاهرة على جوانب جزر نهر النيل في شمال مصر، مباشرة جنوب شرق النقطة التي يترك فيها نهر النيل واديه محصوراً فيِ الصحراء منقسماً إلى فرعين داخل منطقة دلتا النيل المنخفضة. بني الجزء الغربي على نموذج مدينة باريس مِن قبل حاكم مصر الخديوي إسماعيل في منتصف القرن التاسع عشر، والذي تميز بالأحياء الواسعة والحدائق العامة والمناطق المفتوحة. أما القسم الشرقي الأقدم للمدينة فتوسع بشكل عشوائي على مدى القرون، وامتلأ بالطرقِ الصغيرة والمباني المزدحمة. بينما يمتلئ غرب القاهرة بالبنايات الحكومية والهندسة المعمارية الحديثة، وأصبح الجزء الأهم في القاهرة، ويحوي النصف الشرقي الآثار التاريخية للمدينة على مر العصور لما يوجد به من مساجد وكنائس عتيقة ومباني أثرية ومعالم قديمة، كما توسعت المدينة شرقاً بإنشاء حي مدينة نصر الذي يعتبر من أكبر أحياء القاهرة.

جزيرة الزمالك بحي غرب

التقسيم الإداري:

تنقسم المدينة إلى أربع مناطق رئيسية هي:

درجات الحرارة بالقاهرة

المناخ[عدل]

يتصف مناخ القاهرة بالاعتدال معظم أيام السنة ويتراوح المعدل اليومي لدرجة الحرارة خلال فصل الصيف بين 22 درجة مئوية و34 درجة مئوية في حين يتراوح المعدل اليومي خلال فصل الشتاء بين 18 درجة مئوية و9 درجة مئوية. ويمكن اعتبار أن هناك موسمين خلال العام صيف ساخن من مايو إلى أكتوبر، وشتاء معتدل من نوفمبر إلى أبريل، ويتميز مناخ القاهرة أيضاً بأنه جاف جداً، ويسقط المطر بكثافة منخفضة خلال فصل الشتاء، وترتفع مستويات الرطوبة خلال الصيف، وأحياناً تتعرض القاهرة لهبوب بعض الرياح الساخنة المحملة بالغبار خلال الفترة الممتدة بين شهري مارس ويونيو وتعرف باسم رياح الخماسين.

من almooftah

اترك تعليقاً