كيف يبدو شكل القائد؟ وهل تؤثر سمات الوجه على عملية اختيار القادة ؟!

كيف يبدو شكل القائد؟ وهل تؤثر سمات الوجه على عملية اختيار القادة ؟!
بواسطة فريق أكاديمية نيرونتسنة
في عام 2008، دعا عالم النفس السويسري “جون أنطوناكس” مجموعة من أطفال المدارس بالمختبر الخاص به، حيث كان عليهم أن يتخيلوا وكأنهم علي متن سفينة برحلة بحرية، كما طُلب منهم أن يختاروا قبطانًا لها، ومن ثم أظهر لهم صورتين إحداهما “لباراك أوباما”، والأخرى “لهيلاري كلينتون”، وهما من أوائل المرشحين الديمقراطيين لرئاسة الولايات المتحدة.

ومع ذلك، لم يتعرف أحد على أسمائهم أو وجوههم، ولاسيما أطفال المدارس في سويسرا، إنما ما حدث أن قام الشباب باختيار “أوباما” قبطانًا بأغلبية ساحقة، ولكن هل من الصعب تفسير هذه النتيجة؟!

من ناحية، كنا نتوقع من الأطفال أن يختاروا “أوباما”؛ بكل بساطة لأنه الرجل، حيث أن الصورة النمطية لقبطان البحر هي أن يكون من الذكور، ومن ناحية أخرى ربما توقعنا أن يقع الاختيار على “كلينتون” بملامحها الأوروبية المألوفة.
بعبارة أخرى، فإن كلا من العرق والجنس من المتغيرات المتضمنة الداخلة بهذه التجربة.

كرر “انطوناكس” التجربة هذه المرة باستخدام صور لـ57 مُرشح، ولكن بالانتخابات البرلمانية الفرنسية. لذا، لم يكن أي منهم معروف بسويسرا.

على أي حال توقع طلاب المدارس الفائز في الانتخابات بنسبة 71٪، وعندما طُلب من البالغين أن يفعلوا الشيء نفسه حصلنا على نفس النتائج؛ وذلك يشير إلى أن الكبار والأطفال قد يستخدمون نفس عمليات صنع القرار في اختيار قادتهم.

يُظهر تقرير عن أحكام القدرة على القيادة بعض الأنماط المثيرة للإهتمام؛ فعندما يطلب الباحثون من الناس التنبؤ بأي من الشخصين المرشحين قد يفوز بالانتخابات بمجرد النظر إلى صورهم فقط، أظهرت النتائج ما يلي:-

– الأفراد بحاجة لجزء صغير من الثانية لعمل تنبؤات دقيقة.
– هناك اتفاق واسع النطاق حول الشخص الذي يبدو وكأنه القائد.
– يتم الحصول على نتائج مماثلة لهذه التجربة حتى مع اختلاف الثقافات.
– يصدر الأطفال وكبار السن أحكامًا قيادية مشابهة جدًا.

وتشير هذه البيانات إلى أنه لدينا آليات فطرية لاستنتاج قدرة الشخص على القيادة من خلال النظر لملامح وجهه.

في الواقع، يمكننا جمع كل أنواع المعلومات المفيدة عن الأشخاص من خلال النظر إليهم، على سبيل المثال، يمكننا الحكم على القوة البدنية، والصحة العامة لشخص بدقة من خلال النظر في وجهه؛ فنحن أيضًا إلى حد معقول نجيد التمييز إن كان الشخص أمامنا منفتح أم لا، حيث تستند هذه الصفات كلها على ما يُعرف بالتناظر الوجهي، وهو مؤشر صادق للتنوع الجيني، وقوة جهاز المناعة.
بصفة عامة، نجد أن الأشخاص ذوي الوجوه المثالية أكثر جاذبية.

بالرغم من ذلك، فإن الحكم على الناس بالنظر لوجوههم وحدها قد يضللنا، ذلك أننا نميل إلى افتراض أن الأشخاص الجذابة هم أيضًا أشخاص أذكياء -يُسمى ذلك بتأثير “الهالة”- وهذا يعني أننا لسنا جيدين في الحكم على مدى ذكاء الأشخاص الجذابين.

من جانب آخر، نحن أفضل بكثير في التنبؤ بمدى ذكاء الأشخاص الغير جذابة!؛ لذلك يجب أن تكون هناك إشارات أخرى بوجه الشخص توحي بالذكاء، ولكننا نتجاهلها في حالة الأشخاص الوسيمين.

ليس من المؤكد كيف تكون ملامح الوجه التي يمكن اتخاذها كدلالة على وجود سمات القيادة بالرغم أن مثالية الوجه من المُحتمل أن تكون إحدى هذه الدلالات.

السؤال المهم حقًا هو: هل ذلك سيساعدنا حقًا على اختيار الأشخاص الذين سيكونون قادة جيدين؟!.. والجواب “لا” على الأقل ليس في المجتمع الحديث، فالوجه المميز قد يشير إلى ارتفاع نسبة اختيار الشخص إلى المناصب القيادية -فضلًا عن ارتفاع دخلهم- ولكن لا يستطيع التنبؤ بمدى فاعلية هذا الشخص الفعلية كقائد.

لماذا إذن؟ هل نختار القادة على أساس ملامح الوجه، والتي لا تكون فعّالة في التنبؤ بإمكانية الفرد وقدرته على القيادة؟!
التطور هو أحد الأسباب؛ ففي الواقع قد تدل ملامح الوجه على حسن القيادة كما كان يحدث حدود مجتمع جماعات الصيادين، حيث يكون الهدف هو تنظيم مجموعات صغيرة لتحقيق أهداف محددة، وقد يكون هذا صحيحًا في الحياة الحديثة أيضًا إذا كنا نختار قبطان فريق كرة القدم للهواة، أو رئيس أحد اللجان في العمل، فإن القدرة على التحمل، وامتلاك المهارات الإجتماعية هما على الأرجح أهم سمتين للقيادة الفعّالة، إضافة إلى أننا جيدون جدًا في تمييز تلك الصفات في وجوه البشر.

ويعتقد أنطوناكس أن “نظرية القيادة” قد تأتي أيضًا من خلال عملية تعُرف باسم “نبوءة تحقيق الذات” ؛ فنحن ننجذب بشكل طبيعي إلى أنواع معينة من الوجوه، ويفسر أنطوناكس ذلك بقوة الإشارة، الانبساط، والكفاءة؛ ثم نقترب من هؤلاء الناس، لننقل توقعاتنا إليهم بشكل صارم، فيتحملون بدورهم تلك السلوكيات، ومانتوقعه منهم.

من خلال الدراسات التي عرضناها الآن، طُلب من الناس إصدار أحكام القيادة على أساس الصور، وذلك على غرار ما يحدث بالحياة الحقيقية؛ فنحن نصدر أحكام مفاجئة على الأشخاص الآخرين ليس فقط على أساس ملامح وجوههم الثابتة، ولكن من لغة جسدهم المتغيرة أيضًا.
وتبين البحوث أن لغة الجسد الصحيحة، والمهارات الإجتماعية يمكن أن تتغلب على ملامح الوجه في إصدار الحكم علي الأشخاص .

إذا كنت تطمح إلى منصب القيادة، هناك القليل يمكنك القيام به بوجهك إذا لم يكن لديك بالفعل “مظهر جيد”، كما يمكنك أيضًا تعلم لغة الجسد، والمهارات الاجتماعية، فهناك الكثير من الكتب التي تساعدك ذاتيًا في الكشف عن أسرار هذه اللعبة.

فالأشخاص الذين يتمتعون بالكفاءة العالية بدون امتلاك “وجه القائد” يصعدون إلى أدوار قيادية مع أن ذلك يتطلب منهم الكثير من العمل الشاق، إلا أنه بالأخير لا يمكن الاعتماد بشكل رئيسي على المظهر الجيد وحده!.

من almooftah

اترك تعليقاً