ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

Joumana Mohammad

(( على سطح بيتنا الريفي ))
حملني إحساسي للأعالي .. استلقيتُ على بساط الروح ..وبدأت رحلتي ..
رأيتُ أن لا قوة تقدر أن ترفعنا فوق كل كيان إلا الإحساس .. وحده يمكن له أن يجعلنا فوق كل شيئ .. ينتزعنا من عمق الأرض ومن سطحها .. من ظلمة السجون ومن فوق سجّادة صلواتنا .. من غمرة السعادة ومرارة الألم ..
يستطيع الاحساس أن يتحرّر من السجون ويفكّ القيود ويقترب من الله .. من القدرة.. من المعجزة .. ويجرِّدنا من الألم الدّفين .. ويسمو بروحنا نحو المستحيل .. نحو الكون .. نحو الكتلة الواحدة البعيدة التي يربطنا بها الإحساس .. قوة البصر التي تجمع الكون حتى ليبدو لنا نهاية لخط يتّصل بنقطة بدايتنا.. نقطة تأمُّلنا.. إحساسنا.. نقطة الإلتصاق بأنفسنا ..فلن يبدو العالم بالنسبة لنا نقطة واحدة إلا إذا توحَّدنا مع أنفسنا.. فكنّا والعالم بداية قديمة يقابلها نهاية بعيدة ..
لا زالتْ رحلتي على بساط الروح تسير ببطءٍ شديد.. ترى كل شيئ ساكن في الأسفل.. جميل ومضيئ ..مُخضرّ ومُثمر.. هانئ ومُستقر .. مُنفتح نحو الأعالي.. وينشرُ عبيره في الفضاء .. أتنشّق عطر هذا العبير.. عبير الفضاء ..عبير الكون.. عبير الحياة.. ليستقرّ في أعماق صدري..
إنّي أرى الأرض زهرة” بيضاء نضِرة متفتحة باتجاه السماء..و يدنو منها النحل ليمتصّ رحيقها ويصنع العسل.. أتذوّق الآن عسل النحل ..كم هو لذيذ وشهي ووفير لا ينضب.. زهرة” واحدة” عبيرها يفيض في أرجاء الكون وعسلها يسيل في كل مكان ..زهرة الحياة تتّسع لنا جميعا” تضمّنا بين حنايا وريقاتها الرقيقة برفق وتكسو أجسادنا الباردة وتسكب في أفواهنا رحيقها لتمنحنا من روحها استمرارا لروحنا ودااااائما” ذلك حتى تذبل.. فلا يبق فيها عبير ولا رحيق.. لتنغلق علينا وتنام بهدوء.. معلِنة الحداد على نفسها..
فلا أحد ولا شيئ بعدها يحيا ليقدِّم لها العزاء .. وعزاؤها……
أنّه حينما يحلّ أوان النوم الأخير لا شيئ يمكن له أن يوقِظها .
جومانا محمد
1/2003

من almooftah

اترك تعليقاً