حياة وأسطورة صلاح الدين AA رافع البرغوثي
– صدر نهاية العام الماضي كتاب «حياة وأسطورة السلطان صلاح الدين»، للمؤرخ جوناثان فيليبس، المتخصص في تاريخ الصليبين، ومؤلف «الحملة الصليبية الثانية: توسيع حدود المسيحية»، و«الحملة الصليبية الرابعة ونهب القسطنطينية»، و«الحروب الصليبية 1095 ــ 1197»، و«المدافعون عن الأراضي المقدسة 1187 ــ 1119». يرى المؤلف ان صلاح الدين لا يزال يتمتع بمكانة بارزة في التاريخ والسياسة والثقافة. وهو يسلط الضوء على سيرته، وعلى اساطير نسجها الناس حوله عبر القرون، ويفسر الاعجاب المستمر به في العالم الإسلامي وفي الغرب، مؤكدا ان كياسة صلاح الدين ومروءته وشجاعته سمات أعجب بها فرسان اوروبا بشدة. ويشير الى ان معاملة السلطان المتسامحة للأسرى الفرنجة – على النقيض من المذبحة الوحشية التي رافقت الحملة الصليبية الأولى في عام 1099 – محل إعجاب واسع النطاق. ويقول ان «من المستحيل أن تجد شخصية تاريخية أخرى قد أصابت قومًا أو عقيدةً بمثل هذا الضرر العميق، ثم هم مع ذلك يُكنّون له مثل هذا الإعجاب الكبير». ويسلط فيليبس الضوء على عبقرية صلاح الدين، باعتباره سياسيا محنكا ودبلوماسيا من الدرجة الأولى، منبها الى انه رغم شجاعة صلاح الدين، وكفاءته الاستراتيجية، فإنه كثيرا ما حقق انتصاراته من دون معارك أو قتال، بالعمل السري لبناء التحالفات، وشراء الولاءات، وصرف الناس عن تأييد أعدائه. ويشير الى وعي السلطان العميق بأهمية الدعاية السياسية، وكسب العقول والقلوب. ويرى فيليبس ان أفضل استثمارات السلطان كان دعمه الواسع، مادياً وسياسياً، للمؤسسة الدينية التي كانت في وقت لاحق ذات دور محوري في نجاح التعبئة العامة والتجهيز للزحف نحو القدس. وينفي فيليبس كثيرا من الحكايات المتداولة عن صلاح الدين، ومنها حكاية لقائه ريتشارد قلب الأسد، فذلك لم يحدث قط. ويرفض صورة القائد الذي رحم الفرنجة الذين ظفر بهم عند تحرير القدس، فلم يعمل في رقابهم السيف، وجلهم من المقاتلين الوالغين في دماء المسلمين، وسمح لهم بشراء حريتهم ومغادرة المدينة، ويرى أن السلطان كان بحاجة ماسة للأموال ليضمن استمرار حملته لتحرير بقية المنطقة. ويقدم المؤلف في الجزء الأخير من الكتاب إشارات تدعو القارئ الى الربط بين وقائع الحروب الصليبية، وما قد بقي من آثارها السيكولوجية والثقافية العميقة محفوراً في الوجدان الغربي حتى اليوم.