ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏بدلة‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏لا يتوفر وصف للصورة.
Farid Hasan

32كيف نربي أطفالنا – التربية بين الدلال والقسوة :

نتابع في حاجة الطفل الى التعلم وكيف أن الاهل متعددو المواقف في التعامل مع طريقة مساعدتهم لولدهم – ومن الاخطار التي تنجم عن استمرار اعتماد الطفل على والده أو والدته أو معلمه أو مدرسه الخصوصي أو اخوته الاكبر سنا منه في مجال الدراسة ؟
ومن ثم انسحاب هذا الاعتماد على مجالات الحياة الاخرى مما يطمس شخصية طفل اليوم رجل المستقبل , فيصبح تابعا لغيره دون أن تكون له شخصية متميزة مستقلة وقوية ؟
إن الحل لجميع هذه المشاكل هو ترك الطفل يعمل ويخطئ ويستفيد بل يتعلم من خطئه , مع الاستمرار في نصحه وارشاده ومتابعته بشكل غير مباشر , والتصويب عند وجود الخطأ , ولكن ليس عن طريق التلقين والحلول محل الطفل , بل عن طريق الحوار والمناقشة ليصل الى النتائج بنفسه فتصبح هذه المعلومات جزءا منه ؟
وهناك من يستخدم الى جانب الجلوس الى جانب طفله ( من أجل تعليمه ) شكلا او أكثر من أشكال العقاب ( تأنيب – توبيخ – تهديد – ضرب ) وقد يصل الاهل الى غايتهم فعلا وهي حفظ الطفل لما أرادوا له أن يحفظ , لقد اتبعوا أقصر الطرق واسهلها للوصول الى مبتغاهم لكن دون الاهتمام بما يمكن أن ينتج عن ذلك من آثار سلبية آنية أو مستقبلية ؟
إن هناك كثيرا من الطرق التربوية للتعلم التي يتناسب كل منها مع مادة دراسية معينة – كما أن لكل عمر طرقا تتناسب معه , ولكل عمر معلومات تتناسب معه ايضا , كما أن المربي يمكن أن يدرك إذا ما كان الطفل يوازي في عمره العقلي عمره الزمني , إن هذه الامور وكثير غيرها ليست متوفرة إلا في المتخصصين في التربية ؟
وهذا يضيف تأكيدا آخر للأهل أن يتركوا أمر عملية التعلم للجهات المسئولة عنها مع الابقاء على حبل المودة والاتصال والتشاور بين البيت والمدرسة , إضافة الى المتابعة غير المباشرة للطفل للتأكد من إنجازه لما طلب منه وبالشكل الصحيح ؟
وهناك مشكلتان تعترضان الاهل والمربين وهما مشكلة الطفل المتفوق أو الطفل الذي يرغب له اهله التفوق رغم كونه دون هذا المستوى – والمشكلة الثانية هي مشكلة الطفل المتخلف ؟
حيث يتعامل الاهل مع هاتين المشكلتين بشدة وقسوة :
أما مشكلة الطفل المتفوق : فهي مشكلة قد تكون خاصة بقطرنا العربي السوري في العقود الاخيرة من القرن العشرين بعد تضخم عدد المنتسبين الى الجامعات بشكل مخيف – وذلك لانه لو ترك الامر دون تخطيط وتدخل من الدولة لنجمت عن ذلك مئات المشاكل اهمها النقص في بعض الاختصاصات لعدم رغبة قسم كبير من الشباب الانخراط فيها وكذلك موقف الاهل في هذا الصدد – بينما يكون الضغط على اختصاصات أخرى كون الشباب يرغبونها لما تدره عليهم من أرباح ؟
وقد تبلور تدخل الدولة على شكل قرارات توجب على من يريد دخول الفروع المرغوبة – توجب الحصول على درجات عالية جدا , وقد نجم عن ذلك مزيد من الشدة والقسوة مارسها الاهل على ابنائهم بل مارسها الابناء على انفسهم ايضا ؟
لقد قمت بكتابة مقال منذ عامين قبل تأليف هذا الكتاب في جريدة محلية عن حادثتي انتحار وقعتا في شهر واحد وكان سببهما واحد ايضا – وهو الضغط على الشاب المراهق من اجل حصوله على درجات التفوق التي تؤهله للدخول الى الفروع الجامعية المرغوبة ماديا كالطب والصيدلة ؟
ويكون السبب الرئيسي في هذه المشكلة هو مكابرة الاهل ومعهم ولدهم عن رؤية الواقع والاعتراف به , فتراهم يصرون على النظر الى ولدهم على انه نابغة وأن قليلا من الجهد سيجعله يحصل على الدرجات المطلوبة لافضل الفروع في الجامعة ؟
بينما نظرة بسيطة الى درجاته في السنوات السابقة كافية لإعطاء الاجابة الصحيحة ( هذا اذا كانت الدرجات ناجمة عن تقييم موضوعي بعيد عن الغش , أو مداهنة الاهل كما يفعل فئة من زملائنا المعلمين أو المدرسين عندما يوحون الى زملائهم أو يطلبون منهم إضافة بعض الدرجات أو العلامات لأولادهم ليكون ترتيبهم الاول على زملائهم رغم كونهم يستحقون ترتيبا دون ذلك ؟
إن طالبا متفوقا بالأصل لا يحتاج إلا الى القليل من الجهد ليحصل على الدرجات التي يريد , أما المشكلة فهي عند الطالب العادي عندما يريد له اهله أو يريد هو لنفسه أن يحصل على الدرجات التي تؤهله دخول الفرع الذي قد لا يكون أصلا متوافقا مع مواهبه أو إمكاناته لكنه متوافق مع رغبته وهواه المرتكز الى نظرة المجتمع الآنية , ومردود هذه المهنة المادي الجيد ؟
إن القسوة كل القسوة أن تطالب قدرات عقلية وخبرات محدودة تكونت عبر سنوات طويلة , أن تطالبه بما لايطيق ويحتمل لأن النتائج ستكون سلبية على الولد عاجلا أو آجلا ؟ وستكون سلبية على الاهل بل وعلى المجتمع وقد يصعب في هذه العجالة الإتيان على كل هذه النتائج السلبية ؟
ولا بد من تذكير الاهل بضرورة الانتباه الى ميزات كل عمر يمر به ولدهم وخاصة مرحلة المراهقة التي تكاد تكون عند بعض المراهقين قريبة من المرض النفسي , حيث يمكن أن يؤدي أي ضغط بسيط في نظرنا نحن الكبار الى تصرفات مدمرة للطفل المراهق , ومعذرة لاستخدامي عبارة الطفل المراهق في هذا السياق لأنها الانسب هنا , لأنه يجب أن لا ننخدع بطول الطفل المفاجئ كما ينخدع هو به , فيعتبر نفسه قد اصبح رجلا ؟
إن مشاكل خطيرة جدا قد تنجم عن الضغط على المراهق وهذه هي أهمها ( هروب من البيت – التحاق بعصابات اجرامية – انحراف – اللجوء الى المخدرات – انتحار – قتل – مجابهة الوالدين والمدرسين والإداريين وارباب العمل ) ؟
أما المشكلة الثانية في قسوة الاهل فهي تجاه الطفل المتخلف : ويكون الاهل أمام أكثر من نوع من أنواع التخلف , فقد يكون التخلف بسبب ضمور في الدماغ لأسباب مرضية في فترة الحمل أو خلال الولادة أو بعد الولادة في بداية الطفولة المبكرة , وقد يكون التخلف بسبب مرض عضوي أدى الى أذية في أحد أجزاء الدماغ ؟
كما قد يكون التخلف لأسباب جينية وراثية : وهنا لابد من تذكر قانون ماندل في الوراثة إذ ليس من الضروري أن يرث الطفل ذكاءه من والده أو والدته لانه يرث النصف من والديه والربع من أجداده المباشرين والثمن من أجداده الذين قبلهم وواحد على ستة عشر من مجموعة الاجداد الأبعد وهكذا – ورغم أن الاحتمالات الاقوى هي أن يرث من أحد والديه لكنه يمكن أن يرث ممن سبقوهم من اجداد , وقد يكون أحد هؤلاء الذين ورث الطفل عنهم الذكاء قد يكون محدود الذكاء وهناك أمر آخر يجب عدم تجاهله وهو ان الذكاء يمكن أن يتجه نحو ابداع عملي – أو فني – أو رياضي – وجميع هذه الامور مفيدة جدا للانسان – بل قد يكون بعضها أكثر فائدة عندما يكون عطاء الطفل محدودا في التعلم بينما يكون ممتازا فيها ؟
وعندها يكون من واجب الاهل الاهتمام بهذه الهواية وتنميتها مع الاستمرار في تعليم الطفل الى نهاية المرحلة الاعدادية على الاقل – بل حتى نهاية المرحلة الثانوية إن امكن ذلك ؟
أما أن نصر على صنع طفل متفوق في المواد النظرية رغم عدم امتلاكه القدرة فنكون عندها كمن يريد الحصول على الزبدة من الماء إضافة الى ما يمكن وقوعه من خلافات ومشاكل ضمن الاسرة ؟
والى حلقة جديدة استودعكم الله على أمل لقائكم الخميس القادم بإذن الله – دمتم لفنانكم الباحث في التربية وعلم النفس الاجتماعي فريد حسن

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏بدلة‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏
لا يتوفر وصف للصورة.
التعليقات
Fareed Zaffour
اكتب تعليقًا…

من almooftah

اترك تعليقاً