ببجي والحروب الإلكترونية.. هل تقتل الألعاب هوايات السعوديين؟
لا يخفى على أحد التأثير الخطير الذي باتت تسببه الألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو على المراهقين والشباب، في ربوع الوطن العربي، وخاصة في المملكة العربية السعودية، حيث كان الشباب السعودي جُلُّ اهتمامه منصباً على بعض الهوايات المميزة، مثل هوايات الصيد بالصقور، ونوادي جمع الطوابع، وبعض الهوايات الأخرى التي تميزهم عن شعوب غيرهم في المنطقة نفسها؛ الأمر الذي كان يُضفي للشباب صقلاً في حياتهم المستقبلية.
فمن المستحيل أن تجد شاباً لديه هواية ويمارس العنف أو عديم المسؤولية أو أي من الصفات السيئة، ولكن مع إدمان ألعاب الهواتف الجديدة وألعاب الفيديو تتزايد المخاوف من أن يتأثر المراهقون والشباب بما تقدمه ألعاب الفيديو من عنف، ينقلة المراهقون إلى مجتمعاتهم، فالتأثير ليس بسيطاً، حيث إن اندماج المراهقين والشباب في ألعاب مثل ببجي وألعاب الحروب الإلكترونية، تجعل منهم قابلين لتنفيذ العنف في مجتمعاتهم.
تأثير ألعاب الفيديو في المراهقين
العديد من الأبحاث التي تم إطلاقها للحديث عن تأثير العاب الفيديو في المراهقين، بعد تطبيق الأمر على عينة من المراهقين، حيث إن جميع الأبحاث التي صدرت في هذا الصدد، أكدت أن تعرض المراهقين للكثير من ألعاب الفيديو المليئة بالعنف، تزيد من مخاطر السلوك العدواني لدي بعض المراهقين والأطفال؛ وهو ما يدفعهم لأن يكونوا حساسين للعنف، ويجعلهم يعتقدون بقوة أن العالم الخارجي الحقيقي مكان أكثر عنفاً من العالم الافتراضي هذا.
وعلى الرغم من التكاليف الباهظة التي تتطلبها هذه الألعاب لاستكمالها بطريقة أفضل من وجهة نظر المراهقين، والوصول إلى مراحل النجاح في اللعبة، فسوف تجد أن جميع الألعاب تستنزف أموال الآباء أيضاً، وبخلاف ذلك فإنها تتطلب من الأطفال والمراهقين الكثير من الطاقة والتركيز والمزيد من الوقت؛ حيث إنه في أغلب تلك الألعاب يكون اللاعب ملتزماً باللعب بانتظام شديد؛ حتي يقوم بتجميع أكبر كم من النقاط، حتى ينتقل إلى مرحلة جديدة في اللعبة؛ ما يجعل وقته ليس ملكه.
هوايات السعوديين هل اندثرت؟
العديد من الهوايات يمكن أن تراها في الشباب السعودي، ولعل أبرز تلك الهوايات المنتشرة بين الشباب السعودي، هي الهوايات البرية في الصحراء والسهول والجبال أيضاً؛ حيث إن ذلك بسبب التأثر بطبيعة المملكة الجبلية الصحراوي في أغلب المناطق، وذلك قياساً بالمناطق البحرية أو الأودية؛ ولذا فإن هواية الصيد بالصقور تعتبر الأكثر انتشاراً في المملكة، للارتباط الوثيق بين السعوديين والخليجيين مع الصقور.
لذا فإن هواية الصيد بالصقور من الهوايات المنشرة بين جميع شرائح المملكة العمرية؛ فهي لا تقتصر فقط على الشباب، وتتميز هذه الهواية بعراقتها وتعبيرها عن التراث التاريخي للمملكة، وكون تلك الهواية تحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة، للإنفاق على الصقور فإنها منحصرة على أصحاب القدرات المالية المرتفعة في الأغلب؛ كون الإنفاق على الصقور وتدريبها يتطلب المزيد من الأموال، هذا بخلاف امتلاك سيارة دفع رباعي وإقامة المخيمات في الصحراء والبقاء هناك.
هواية أخرى مهمة بالنسبة للسعوديين الذين يعشق معظمهم السيارات، فيهوون ركوب الرمال، وهذه الهواية يُطلق عليها في المملكة «التعطيس»، وجاءت هذه الكلمة من كلمة الطعوس التي تطلق على التلال الأكثر انحداراً، فتتلخص هذه الهواية في ركوب الرمال بالسيارة.
ألعاب الفيديو تقتل الهوايات
وبالتالي، فإن الحديث عن أي هوايات لدى هؤلاء الأطفال أو المراهقين، أو حتي الشباب من مدمني هذه الألعاب الإلكترونية، بات في طي النسيان؛ لأن أي موهبة تظهر لدى طفل يجب تنميتها، وذلك من خلال الاهتمام بها، والذهاب إلى متخصصين للوصول بالطفل إلى أن يكون موهوباً ومحترفاً في ما هو يحبه من رياضات أو هوايات أخرى، ولكن إذا ما كان هذا الطفل يخسر ما لديه من وقت وطاقة على هذه الألعاب فكيف يمكنه أن يتحسس موهبته وينميها؟!
وبحسب الأبحاث التي تم إنتاجها حول مدى تأثير ألعاب الفيديو الجديدة على هوايات الشباب، فإنها خلصت إلى أن مدمني الألعاب الإلكترونية، لديهم دائماً تفضيل للتخلي عن القيام بأي أعمال أخرى من أجل قضاء المزيد من الأوقات في اللعب، مؤكدين أن الأمر هذا يترتب عليه التخلي التام عن هواياتهم، وليس هذا فقط، بل إن كان من يدمن ألعاب الفيديو من الموظفين فإنهم يهملون في عملهم مقابل الاهتمام باللعب أكثر؛ ما يؤثر في قدرتهم على العطاء والإنتاج.
مبيعات ألعاب الفيديو
24.5 مليار لعبة تم بيعها في العام 2016، وذلك بزيادة أكثر من مليار لعبة في 2015، وذلك بحسب الإحصاءات الأميركية الرسمية التي أكدت أن 72% من ألعاب الفيديو المتداولة في أميركا يستخدمها الشباب ممن تزيد أعمارهم على 18 سنة؛ ما أثار مخاوف لدى المسؤولين هناك بمخاطر نقل العنف أو التأثير البدني في الشباب، ونقلهم للعنف في الألعاب للواقع، وتأثير تلك الألعاب في أدمغة الشباب.
لم تكن تلك الإحصاءات نهاية المطاف في ما يخص هذا الأمر، بل هناك تقارير صادرة عن منظمات دولية، تشير إلى أن هناك أكثر من 175 ألف حالة مرضية على مستوى العالم، كلها نتيجة الإدمان على ألعاب الفيديو والإلكترونية، في ما إن 285 ألف طفل يتعرضون للإصابة بمشكلات في النظر جراء إدمانهم ألعاب الفيديو عبر شاشات الكمبيوتر، في ما تعرض 112 ألف طفل آخرين للإصابة بسبب المسدسات البلاستيكية التي يستخدمون فيها كرات قوية وتكون مؤذية للآخرين.
كيف تعرف أن طفلك مدمن؟
كشف الدكتور فهد عبد الرحمن الماجد، المستشار النفسي والتربوي، عن الأعراض التي يمكن للأهل من خلالها أن يعرفوا إدمان الأطفال على الألعاب الإلكترونية من عدمه، مؤكداً أن تلك الأعراض تتمثل في التعلق الشديد بالأجهزة الإلكترونية، غياب الرغبة في اللعب مع الآخرين واللهو في الخارج، وأيضاً إذا ما كان طفلك مدمناً على الألعاب فسوف تجد لديه علامات التوتر الشديد والمستمر إذا لم يملك الأجهزة الإلكترونية ليلهو بها.
وقال الدكتور فهد إن هناك تأثيراً كبيراً جراء إدمان الأطفال ألعاب الفيديو، مؤكداً أن التأثير يكون على الدراسة ووقت التعلم، فيكون الطفل فاقد التركيز تماماً في هذه الأوقات، ويكون لديه قصور في الكتابة والدراسة بشكل صحيح، وأيضاً يكون متأففاً للجلوس لوقت طويل لإتمام دراستة وواجباته الدراسية، ويكون من الصعب عليه الثبات لفترات من دون أن يلهو، في هذه الحالات يجب التنبه على أن الطفل مدمن على الألعاب ويجب علاجه تدريجياً.
وإذا ما نجحنا في تلاشي بعض من الإدمان على ألعاب الفيديو والألعاب الإلكترونية التي انتشرت مؤخراً بين الشباب، فإنه تلقائياً سوف يعود الشباب إلى الاهتمام بما لديهم من مواهب، ويعودون إلى الرياضات الخفيفة التي كان يهواها الأطفال والشباب؛ ما يساهم في تحسين المجتمع