ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏‏وقوف‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏ و‏طبيعة‏‏‏‏

29كيف نربي أطفالنا – التربية بين الدلال والقسوة :
في التدوينات السابقة : تحدثنا عن التعامل الصحيح مع حاجات الطفل بدءا من حاجته الى الطعام – والنوم – والنظافة – واللعب – واللباس – والدواء والعلاج – وأخيرا تحدثنا عن حاجته الى العاطفة ؟
وننتقل اليوم الى حاجة الطفل الى الاجتماع :
من التعريفات العديدة للإنسان أنه كائن عاقل – ناطق – اجتماعي ….الخ ؟
وبالرغم من وجود كائنات اجتماعية أخرى كالنحل والنمل وغيرها – لكن الانسان يختلف عنها بأن اجتماعه أكثر تعقيدا – والسمة الاساسية فيه والتي لا توجد عند غيره من الكائنات الاجتماعية هي التعقل – بينما يكون الاجتماع المنظم عند النمل أو النحل اجتماعا آليا وغريزيا بحتا ؟
كما أن طفولة الانسان الطويلة مقارنة بطفولة الكائنات الاخرى حيث لا توجد طفولة أطول منها في الكائنات الحية :
ما يجعله بحاجة ماسة الى الآخرين وخاصة أفراد اسرته ( والداه واخوته أو من ينوب عنهم أحيانا كالاجداد والاعمام والاخوال ) وذلك كي يبقى على قيد الحياة وخاصة في طفولته المبكرة , وذلك من أجل تأمين الحاجات التي سبق لنا التعرض لها في البحوث السابقة وبعض الحاجات التي مازلنا سنتعرض اليها لاحقا ؟
أقول إضافة إلى كون الاجتماع عند الانسان ضرورة لا بد منها من اجل توفير هذه الحاجات , فإن الاجتماع ضرورة نفسية أيضا ؟
حيث أن تأمين الحاجات السابقة لا يكفي بل لا بد من إشباع دافع فطري عند الطفل ألا وهو حب الاجتماع ؟
وإذا أردنا أن ندرك مدى أهمية وضرورة الاجتماع عند الانسان – فلنتصور انفسنا داخل دار مجهزة بكل حاجات الانسان اليومية – ولنقفل هذه الدار على أنفسنا فترة من الزمن دون الالتقاء بأحد ( وكي يكون الشرط تاما لا بد أن يكون الانسان منقطعا عن العالم الخارجي فلا هاتف ولا أي وسيلة اتصال أخرى أو وسائل اعلام ) كم من الزمن يمكن للانسان أن يستمر على ذلك دون أن يشعر بضيق شديد , هذا إذا كان الشخص سويا من الناحية النفسية طبعا ؟
وكحاجة الطفل للطعام والنوم واللباس والنوم واللباس والنظافة والعاطفة والعلاج واللعب يحتاج الى الاجتماع ؟
وقد تتداخل هذه الحاجات مع غيرها من الحاجات أو تتحقق من خلالها – فهي تتداخل ( اي الحاجة الى الاجتماع ) وتتحقق من خلال ممارسته لحاجة اللعب ؟
كما تتداخل وتتحقق عند اشباع حاجة العاطفة , مثلما يحصل ذلك عند زيارته لبيت جده أو عمه أو خاله والالتقاء بأولاد اعمامه وعماته أو أخواله وخالاته ؟
وهو حتى يلبي حاجته للعلاج لابد أن يزور الطبيب وتتكون علاقة اجتماعية طيبة بين الطفل والطبيب والممرضة ؟
وتتحقق حاجة الطفل الى الاجتماع وتتداخل مع حاجته الى اللباس فمن أجل حصوله على حذاء أو بنطال أو قميص لابد من مرافقته لامه أو والده حيث يحقق ذلك للطفل جزءا من حاجته للاجتماع عندما يشاهد الناس والباعة والشوارع ووسائل المواصلات ومن فيها ؟
وهذا ينطبق على الطعام وخاصة الاطعمة المشتراة من السوق فإنها تلبي حاجة الطفل للاجتماع بنفس الطريقة ؟
ويمكن أن يكون النوم أقل الحاجات الغريزية تحققا وتداخلا مع حاجة الطفل للاجتماع , لكنه يبقى بالنسبة للطفل أكثر سعادة عندما ينام والناس من حوله ؟
وبعد تأكيدنا على كون الاجتماع حاجة غريزية عند الانسان , لا بد من العودة الى ربطها بموضوعنا الاساسي الا وهو التربية بين الدلال والقسوة وكباقي حاجات الطفل فإن حاجة الطفل الى الاجتماع يجب أن تكون محققة بشكل كاف بعيدا عن الافراط أو التفريط ؟
إن بعض الاسر تكون هي بذاتها قليلة العلاقات الاجتماعية , وهكذا يكون الامر مفروضا على الطفل الذي يعيش ضمن أسرة كهذه , وخاصة في مرحلة ما قبل الروضة ( هذا بالنسبة للذين يرسلون أطفالهم الى الروضة )أما بالنسبة للذين لا يرسلون أطفالهم الى الروضة فإن الوضع سيكون أكثر خطورة على الطفل إذا كان الاهل من النوع المقل في علاقاته الاجتماعية ؟
إن طفلا كهذا سينقصه الكثير من الخبرات اللغوية , والاجتماعية , والثقافية ( من مستوى طفل آخر في مثل عمره ) هذا عدا عن الضيق الذي يشعر به الطفل , وتفاقم وتضاعف أية مخاوف أو وساوس أو هموم طفلية يمكن أن يمر بها , بسبب التفكير المتواصل فيها دون وجود فترات انقطاع وترويح تنسيه اياها ؟
وكثيرا ما تكون بعض المشاكل النفسية عند الاطفال ناجمة عن ذلك الخوف من الاماكن المغلقة والخوف من الغرباء والخوف من بعض الحشرات ولو كانت غير خطرة – والخوف قبل النوم – أو الخوف في المنام أو التبول في الفراش أو تلطيخ الملابس ليلا أو التاتأة عند التحدث أمام الغرباء – أو عدم قدرة الطفل على التسميع الشفوي أو المذاكرات الشفوية في المرحلة الابتدائية فما بعد أو عدم قدرته على التعامل المتكافئ مع الاطفال الآخرين ؟
وليس ضروريا أن يعاني الطفل من تلك المشاكل النفسية مجتمعة – بل قد يعاني من واحدة منها أو أكثر؟
هذا بالنسبة للطفل الذي يعاني من قلة علاقاته الاجتماعية بسبب كون أسرته من النوع المقل في علاقاتها الاجتماعية ؟
لكن هناك نوع آخر من الاسر وهي تلك التي لها علاقات اجتماعية طبيعية مع غيرها من الاسر لكنها لا تسمح لاطفالها بمرافقتها في زياراتها بل تتركهم سجيني الدار ؟
وهنا إذا كان الاهل أصلا يسمحون لطفلهم بالخروج من المنزل أو يصطحبونه الى المتنزهات أو الملاهي أو ….الخ فإن الوضع يكون أكثر سهولة بكثير من الطفل الذي يتركه أهله في البيت عند خروجهم – ويكون أهله مقصرين في عدم اصطحابه الى أماكن يلهو فيها ويلعب , كما أنهم لا يسمحون له بالخروج لوحده أيضا ؟
وفي جميع هذه الحالات يمكن أن نصف تصرف الاهل هذا بالقسوة التي سبق وذكرنا ما يمكن أن ينجم عنها من أضرار ؟
إن ترك الطفل سجين الدار , أو تركه يعيش أكثر وقته في الشارع أمران في مستوى واحد من الخطورة على نفسية الطفل وجسمه وأخلاقه ؟
ولا تقل أخطار عزلة الطفل عن أخطار خروجه الى الشارع أو بيوت الجيران دون قيود ناظمة لخروجه ؟
وقد تفرض ظروف عمل الام أو الاب أو ظروف الاسرة من حيث عدد الاولاد وعدم اتساع الغرف أو قلة عددها وعدم توفر الالعاب في البيت أو وضع الام الصحي أو العصبي أو النفسي وغير ذلك من أمور , أقول قد يفرض واحد من هذه الامور أو عدد منها على الاسرة نمطا من التعامل مع الطفل من حيث السماح له بالبقاء خارج المنزل فترة طويلة , أو إخراجه من البيت وتركه في الشارع أو في مدخل البناية وما أذكره هو من واقع أنا مطلع عليه ؟
والى اللقاء الاثنين القادم بإذن الله لنكمل بحث حاجة الطفل الى الاجتماع ودمتم للفنان الباحث فريد حسن

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏
لا يتوفر وصف للصورة.
  • Farid Hasan
    Farid Hasan صورتي في الحادية عشرة من العمر
     

من almooftah

اترك تعليقاً