عرض لدمى متحركة

أراجوزات في مهرجان بالفيوم

أراجوز أو القراقوز وهناك من يسميها دمى متحركة هي كلمة ذات اصل تركي لكلمة ” قره قوز ” والتي تتكون من مقطعين هما ” قره ” بمعنى سوداء و” قوز ” بمعنى عين ، وبذلك يصبح المعنى العام لكلمة ” قره قوز ” هو ” ذو العين السوداء ” وذلك دلالة علي سوداوية النظر علي الحياة [1].

نبذة
5016 - Archaeological Museum, Athens - Dolls - Photo by Giovanni Dall'Orto, Nov 13 2009.jpg

الأراجوز هو أحد الأشكال التي تنتمي لما يعرف باسم (مسرح العرائس) وهو علي وجه الدقة عبارة عن دمية قفاز ، حيث نجد رأسه مصنوعة من خامة خفيفة وصلبة كالخشب ، مرسوم عليها وجه ذو تعبيرات حادة ، وتنتهي من أعلي ب ” طرطور أحمر اللون ” . أما وسط الدمية ” الأراجوز ” وصدره فهما عبارة عن جلباب أحمر طويل ، ويداه قطعتان من الخشب [2].

و يتم التحكم في تحريك الدمية ” الأراجوز ” ، عن طريق اليد حيث يستطيع اللاعب أن يحرك رأسه باصبع السبابة . وتختفى يد اللاعب كاملة داخل جلباب الأراجوز الأحمر . وهذه هي آلية تحريك دمية الأراجوز .

شكل المسرح

أما عن شكل المسرح ، ينقسم مسرح الأراجوز إلي مساحتين ” داخلية وخاريجية ” فمن الخارج هو عبارة عن عربة علي هيئة متوازى مستطيلات ، رسم وكتب عليها من المساحتين الكبيرتين وأحد الأوجه الصغيرة صور للأراجوز وبعض الشخصيات التي تشاركه في تمثيلياته ، أما واجهة العربي فتحتوى علي باب تحجب ما بداخله ستارة سوداء ، ويرتفع عن الأرض مسافة 60 سم ، ويصل ما بين المستويين سلم خشبيذو ثلاث درجات [3].

و تقف العربة علي أربع عجلات وهي متنقلة بين الأحياء الشعبية حسب الموالد والأعياد ، أما إذا نظرنا إلي العربة من الداخل ، فهي عبارة عن مسرح بكل معايير البناء المسرحي في ابسط أشكاله ، فهو عبارة عن منطقتين أساسيتين تفصلهما مسافة خالية [4].

المنطقة الأولى هي منطقة اللعب أو التمثيل وهي مقسمة بدورها إلي جزئين تفصلهما مسافة إيضا : الجزء الأيمن وهو المكان الذي يجلس به المساعد وطبلته ، والجزء الثاني ” الأيسر ” خاص بالأراجوز ولاعبه .

هذا الجزء عبارة عن جانب من الخشب مواجه للمتفرج علي ارتفاع حوالي مترا . والجانب الآخر مفتوح يواجه المساعد ولا يرى ما بداخله المتفرج ، أما الجانبان الآخران فأولهما الجانب الأيسر للعربة ، وأخرهما خلفية العربة .

أما عن منطقة الفرجة فهي عبارة عن صفوف من الارائك بينهما مسافة تسع رجل أو صبي ، وهناك مسافة فاصلة بين المنطقتين تساعد الحضور علي رؤية الأراجوز [4].

النصية والارتجال

النصوص الدرامية الخاصة بمسرح الأراجوز تكون ما بين النصية والارتجال ، حيث هناك مجموعة من النصوص الدرامية تظل في ذاكرة اللاعبين ، فهم يتوارثون هذه النصوص المسرحية جيلا وراء جيل ، ولاعبا وراء لاعب ، وقد يتم هذا النقل الشفاهي من أب إلي ابنه ، أو من معلم إلي أحد الصبية المساعدين . وهذا النقل يمكن أن يكون مجهول المصدر بمعنى لا يعرف اللاعب من هو مؤلف هذا النص حتي وإن تناقله مع غيره من اللاعبين [4].

و لكن هذا الحفظ الشفهي لا يخلو من الأداء الخاص حيث يقدم اللاعب ما حفظه عن طريق الارتجال العفوي الفوري ، ويتم تحديد موضوع هذا الارتجال عاملان وهما [5]:

  1. طبيعة التمثيلية المقدمة .
  2. ظروف تلقى العملية الفنية .

الخصائص الدرامية لمسرح الأراجوز

أولا : الموضوع المعالج

يتناول الأراجوز موفقا دراميا أساسيا في معظم عروضه التمثيلية ، وهو موقف غالبا ما يكون بسيطا ومتمثلا في أن الأراجوز يكون في حالة من السعادة والنشوة يعبر عنهما عن طريق القفشات والغناء مع صديقه ” ويكون المساعد غالبا ” ولكن لا يدوم هذا الحال ويلا ، حيث يصطدم بشخصية مدعية في أغلب الأحوار تعكر صفوه .

يستطيع الأراجوز أن يزيح هذه الشخصية التي تعكر صفوه ، وذلك باستخدام عصاته ، ليعود إلي نشوته وسعادته عن طريق الغناء مرة أخرى .

ثانيا: تنميط الشخصيات [6]

إن نماذج الشخصيات التي تتوافر في مسرح الأراجوز مثل ” الاراجوز ، زوجته ، ابنه ، الشحات ، البربريى ، الجانوتي ، الشاويش ، الحرامي … وغيرهم ” . و هي في حقيقة الأمر مجموعة من الأنماط حيث يتميز كل منها بمجموعة من السمات

  • فالأراجوز إنسان بسيط لا يريد سوى أن يعيش كما يهوى ، ويكره التعالى والكذب -و إن اضطر غلي ذلك أحيانا- ، حاد الطباع ، ساخر ، عنيد . إنه نموذج لابن البلد في مصر .
  • الزوجة : دائما ما تكون الشاكية من زوجها ، الجاهلة ، الذكية ، الثرثارة ، العنيدة ، وكذلك هي نموذج للمرأة السيئة .
  • الشحاذ : نجد نموذج الشحاذ الكذاب ، المخادع ، كثير الطلبات ، لذه يمكن القول أن هذه الأنماط ، وعلاقاتها فيما بينها تفرض علي المبدع الشعبي تركيب مواقف تتناسب معها .

ثالثا : الإيحاء بالزمان والمكان

إن مسرح الأراجوز غالبا ما يوحى لنا بالزمان والمكان دون أن يجسدهما في الفقرة الحوارية أو الصورة المرئية ، فنجد في تمثيلية ” الأراجوز والبربرى ” -علي سبيل المثال- أن الأراجوز يكرر محاولة استرجاع العصا في فترات متباعدة زمنيا وإن كانت اللحظة المعاشة في إطار العرض لا تتعدي الدقيقة . واخبار المساعد للأراجوز بإن البرابرى سأل عنه منذ ثلاثة أيام رغم أنه لم تمر سوى لحظات علي سؤال البربرى عن الأراجوز ، وفي جميع عروض مسرح الأراجوز لا توجد ديكورات تحدد هوية المكان أو نوعية العرض المقدم ، وإنما نجد خلفية واحدة ذات لون واحد هو الأسود تجمع العروض جميعها [7].

رابعا :اللغة

بدرامات الأراجوز يتم استخدام مفردات اللغة العامية والتي تختلف بأختلاف لهجات أصحابها ، فمثلا البربرى يتحدث بلغة أهل السودان لفظا ونطقا ، والصعيدي يتكلم بلهجة أهل الصعيد ، أما الأراجوز فيتحدث بمفردات أهل القاهرة .

خامسا : الطابع الملهوى الساخر

إن أغلب عروض مسرح الأراجوز ، عروض تنتمي إلي الطابع الملهوى ، وذلك للاسباب الأتية

1- كثرة القفشات والنكات طوال العرض .

2- البطل ” الأراجوز ” يستطيع أن ينعم بحريته بعد أن يحاول البعض -و هم مثيرات الصراع الدرامي في هذه التمثيليات- تعكير صفو الأراجوز .

3- تنتهي أغلب التمثيليات نهاية سعيدة نظرا لإزاحة البطل للعقبات التي تحول دون العيش عيشة حرة .

4- الاعتماد علي مثيرات الضحك

  • اللفظ وذلك كما يرد في نص ” الأراجوز والشحاذ ” حينما يقول له ” أنا بقي هابلغ الشوتش ” حيث أن كلمة ” شوتش [8]” تناسب الكلاب ولا تناسب الإنسان [9].
  • الحركة ويتضح ذلك في اقتراب وابتعاد الأراجوز من الشحاذ في الوقت الذي يطلب به الشحاذ أن يقترب منه فقط .
  • الموقف مثل الموقف الذي ينام فيه البربرى أثناء حراسة منزل الأراجوز ، وحين يقترب منه الأخير ويستيقظ .
  • الشخصية مثلا مثل شخصية الشحاذ يكاد يطلب كسرة خبز وشربة ماء ، ولكنه سرعان ما يفضح نمطه فيطلي مأكولات معينة وكأنه سيد البيت ، ونجد ذلك إيضا في نموذج الكسول الغبي ” البربرى ” الذي يعمل حارسا وينام أثناء الحراسة ، ولا يتوالى عن ضرب سيده الأراجوز . ويساعد هذا بإعلاء قيمة الضحك بالأداء التمثيلي سريع الإيقاع .

سادسا : الشخصيات المضافة وعنصر الصراع

إن الأراجوز يبدأ في حالة من النشوة والسعادة والشعور بالحرية ، ولكن سرعان ما يثقل قلبه بالأزمات مع حلول المضاف أو الزائر ، حيث لا يتوائم الأراجوز مع هذا الوضع الجديد فيقوم بكل المحاولات كي يزيح هذا الزائر عن عالمه ، ويحقق له ذلك في نهاية كل تمثيلية .

اسلوب الأداء التمثيلي

طبيعة الأداء التمثيلي الذي يقوم بع اللاعب بمسرح الأراجوز ، أداء غير مباشر في وجهته المرئية حيث يعتمد علي الدمية ومباشر في وجهته المسموعة -حيث صوت اللاعب.

و لما كانت الادوار المؤداة في المسرح أدوار مختلفة ، كما في مسرحية ” الأراجوز والشحاذ ” حيث يقوم اللاعب بأداء دورى الأراجوز والشحاذ كاملين وحده ، فإن هذا الأداء للأدوار المتعددة ، يتطلب من اللاعب أن يفرق في أدائه التمثيلي المباشر ” الصوتي ” من ناحية ضبط إلقاء اللهجات المميزة لشخوص مسرحيته ، والتحكم في كنه الصوت عند كل شخصية [10].

و لما كان هناك بعض المواقف الدرامية تقدم غناء ، فإن اللاعب لابد وان يمتلك حسن الصوت ، حتي يستطيع أن يجذب اهتمام متفرجيه ، وذلك بأداء أغنية بصوت عال يفوق أصواتهم ، ثم يمتعهم بأغنية الافتتاحية وبقية عرضه المسرحي .

وظيفة الأداء التمثيلي

و يقوم أسلوب الأداء التمثيلي في مسرح الأراجوز علي الإيحاء لا الإيهام ، فأسلوب التمثيل الغيحائي يعنى بأن ما يراه المتفرج ليس إلا لعبة مسرحية ، أما أسلوب التمثيل الإيهامي فيقصد إلي اقناع المتفرج بأن ما يراه علي ساحة التمثيل هو واقع حقيقي ماثل أمام عينيه .

و يعتبر اختيار أسلوب الأداء التمثيلي اختيارا متوائما مع طبيعة البنية الدرامية للنص المسرحي الشفاهي الذي يقدمه اللاعب في مسرح الأراجوز ، فالنص المعروض هنا يتوجه بشكل مباشر وصريح إلي المتفرج مع بداية العرض وتستمر هذه العلاقة المباشرة ، والمعلنة لأسرار اللعبة وخفاياها ، بنفس الدرجة طوال عرض المسرحية .

و ذلك لسببين مهمين :

  • أولا : أن لاعب الأراجوز متمرس في أدائه ، أمى ، يجعل من مهنته حرفة يرتزق منها .
  • ثانيا : اعتماد اللاعب علي أداة الخيال السحرية التي يمتلكها المتفرجون سواء من الصغار أو الكبار ، فهم يرون دمية تتحرك وتتكلم وتقلدهم ، لذلك فإن الإطار الجمالي للأداء المتثيلي لا يتعدي أكثر من محاولة اللاعب تقليد أنماط بشرية ، وبعدها يتم إشراك المتفرج بالعملية الإبداعية وصنع العرض المسرحي [11].

المتفرج في المسرح الشعبي

يتمتع المتفرج بالمسرح الشعبي بخصوصية عن أنواع المسرح المختلفة ، فمن حقه المشاركة بالعملية الإبداعية والعرض المسرحي المقدم ، لتكوين العملية التمثيلية ، فيبدأ بالتصفيق علي نغمات الأغاني لخلق نوع من الإيقاع ، أو الرد علي إحدى الشخصيات المتكلمة أو يردد الأغاني مع الأراجوز أو المساعد ، ومن حقه إيضا -إن استطاع ذلك- أن يقيم محاورة مع إحدى الشخصيات [12].

من almooftah

اترك تعليقاً