hqdefault

رياض السنباطي…. عبقري الموسيقى العربية

 

الكاتب: إسلام عمرو

أن الفن المصري فن عريق جداً وعميق جداً كعمق الأرض إلى قاعها وتمتد منذ بدأ الحضارات عند عصر الفراعنة وحتى الأن سواءً على نطاق التمثيل أو الغناء أو التلحين أو التأليف وأنواع مختلفة من الفن. ومن هذه الشخصيات التي تركت بصمة كبيرة ولا تمحى من الإبداع والتاريخ الفني المعاصر لمصر والعالم العربي ويعتبر مدرسة من مدارس التلحين الموسيقى حتى الأن، هو الموسيقار الكبير “رياض السنباطي”.

“رياض محمد السنباطي” هو ملحن وموسيقار مصري من مواليد مدينة فارسكور بمدينة دمياط عام 1906، ولكنه تربى وترعرع في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية. التحق السنباطي بأحد الكتاتيب الموجودة في المدينة لكنه لم يكن شغوفاً بالتعليم، ولكن شغفه الكبير كان بالموسيقى حيث أن والده “محمد السنباطي” وكان مقرئاً ومنشداً دينيا، وأيضاً كان عاشقاً للموسيقى وعلم نفسه بنفسه وجعل ل “رياض” أملاً كبيراً في الإلتحاق بمعهد الموسيقى للدراسة والتمعن في الموسيقى وخباياها.

في مساعيه للدراسة في المعهد كان يجب أن يأتي بالكثير من المال الازم لإستمرار تعاليمه ولم يجد أي مساعي أو طريقة للحصول على المال إلا العمل وكان يوافق بين العمل والدراسة. شهد له الكثير من المعلمين في المعهد بتميزه وإتقانه لمعرفة المقامات والنغمات التي كان يرددها بدون كلل أو ملل وبسرعة شديدة ومن ضمنهم الموسيقار العبقري أيضاً “سيد درويش” الذي كان مثله الأعلى أيضاً بجاني الشيخ “سلامة حجازي” و”عبده الحامولي”. “سيد درويش” أيضاً شهد لل “سنباطي” بنبوغه وعبقريته السابقة لسنة وأنه سيكون له شأن عظيم وأعطاه لقب “بلبل المنصورة” لغنائه في الفرقة الغنائية لأيضاً براعته في الغناء، وهذا ما حدث بالضبط بأن بالرغم من صغر سنه إلا أنه أُختير بأجماع ليكون مدراساً في المعهد ليس طالباً، لكنه ترك التدريس في المعهد بعد ثلاث سنوات من العمل به للتفرغ للتلحين.

بدأ “السنباطي” مشواره للتلحين في أواخر العشرينيات ومطلع الثلاثينيات بشكلاٍ ملفتاٍ للنظر والأعجاب مما جعل أنه يلحن الكثير من الأغاني المحفورة في التاريخ الفني العربي والمصري ومطربيها أيضاً مثل، “منيرة المهدية”، “فتحية أحمد”، “محمد عبد المطلب”، “عبد الغني السيد”، “أسمهان”، “فايزة أحمد” وغيرهم من الذين أسهموا وأثروا في رفع مستوى الموسيقى المصرية والعربية في العالم أجمع. لكن ظهرة نبوغه وإبداعاته التي لا حدود لها والتي أسهمت في إدخاله التاريخ الفني العربي والمصري هو تعاونه مع سيدة الغناء العربي كوكب الشرق السيدة “أم كلثوم”.

كان تعاونهم معاً بمثابة إلتحام قوي جداً بين قامتين وقيمتين فنيتين عظيمتين خالدين إلى الأبد للعظمة الفنية والإبداع الذي ليس له حدود الذين تركوه لنا، ومن هذه الأعمال الخالدة “على بلد المحبوب” عام 1935، “يا ليلة العيد” عام 1939، “يا ظالمني” عام 1951، “عودت عيني” 1958، “ثورة الشك” عام 1962، وتوجت بتحفه لم ولن يحدث مثلها أو يقترب منها بأن اللحن يعطي ويساعد في الإحساس المطلوب والواضح في الأغنية من شجن وحب ليس له حدود مثل الذي جاء في أغنية “الأطلال” التي أخرجت للعالم ورفعت من المستوى الفني للعالم عام 1966.

لم يكن التعاون بينهما فقط في أغاني الحب والعشق، بل أيضاً في الأغاني الدينية مثل “ولد الهدى” عام 1944، “نهج البردة” عام 1946، “رباعيات الخيام” عام 1949، “حديث الروح” عام 1967، و”الثلاثية” عام 1972″.

رحل عنا العبقري الموسيقى “رياض السنباطي” في عام 1981 في التاسع من شهر سبتمبر ولكنه ترك لنا فناً عريقاً تاريخياً يُشجِن الروح والعقل. رحم الله الموسيقي العبقري.

 

 

من almooftah

اترك تعليقاً