في اليوم العالمي لهن.. 17 امرأة مصرية أثرن في التاريخ

المرأة المصرية

          في اليوم العالمي لهن.. 17 امرأة مصرية أثرن في التاريخ

كتب- أحمد لطفي:

أعدت جبهة الشباب الليبرالي، قائمة تضم 17 امرأة مصرية، أثرن على مدار التاريخ المصري، وذلك تزامناً مع اليوم العالمي للمرأة، الذي يحل في الثامن من مارس كل عام، تنوعت القائمة من ملكيات وصحفيات وناشطات سياسية، تزايدت شهرتن مع النضال السياسي والدفاع عن حقوق المرأة.

حتشبسوت (1508-1458 ق.م) فرعون مصر:

أتت حتشبسوت على رأس القائمة، فلم تكن أول امرأة حكمت مصر قديماً فنيتوكريس من الأسرة السادسة وسوبكنفرو من الأسرة الثانية عشر كانتا ضمن اخريات حكمن مصر قبل حتشبسوت المنتمية للأسرة الـ18.

حتشبسوت التى طالما تشبهت بمظهر الرجال ليتقبلها المصريون خليفة لأبيها تحتمس الأول، قادت البلاد لمدة 21 سنة وهى من اطول فترات الحكم فى العصر الفرعونى، واتسم عصرها بأنه من أكثر العصور سلاماً ورخاءاً.

قادت حتشبسوت الجيوش للحرب فى مستهل حكمها، ولكنها وجهت جل طاقتها لتوطيد العلاقات التجارية مع البلاد المجاورة مما عاد على مصر واهلها بالثراء والرخاء وساهم فى بدء حقبة ارتقت فيها الفنون والعمارة وشيدت فيها مشروعات عملاقة لم يعرف التاريخ القديم مثيلاً لها.

ولكون الخلود مسألة هامة عند الفراعنة ومنهم حتشبسوت، فقد كتبت على أحد مسلاتها فى معبد الكرنك معبرة برقة عن ذلك الهاجس:”الآن يتردد قلبى بين هذا الطريق وذاك كلما فكرت فيما سيقوله الناس الذين سيشاهدوا الآثار التى تركتها ويتحدثوا عن اعمالى.”

سَهير القلماوى (1911-1997) أستاذة جامعية وصحفية:

فى عام 1929 كان وجود فتاة واحدة بين 14 رجلاً يدرسون فى كلية الآداب فى جامعة فؤاد الأول امراً غريباً، ولكن سهير لم تعر نظرات الاستغراب التفاتاً وتفوقت على جميع زملائها فى كل سنوات الدراسة لتصبح من أوائل المصريات الاتى تخرجن من الجامعة وحصلن على درجة الماجستير وكانت هى أول من حصلت منهن على الدكتوراه التى كان موضوع البحث فيها عن رواية الف ليلة وليلة، ذلك الكتاب الذى واجه هجوماً ضاريا بعد ذلك بعقود بدعوة انه مناف للأخلاق.

فى عام 1956 أصبحت سهير القلماوى استاذاً للأدب العربى المعاصر ثم رئيسة لقسم اللغة العربية بكلية الآداب فى الجامعة العريقة ولمدة تسع سنوات.

ولدت سهير القلماوى فى طنطا ودرست فى المدرسة الأمريكية للبنات هناك، ثم اقدمت على تسجيل اسمها للدراسة بجامعة فؤاد الأول مع بعض الفتيات الأخريات فى سابقة كانت الأولى من نوعها.

اعجب عميد كلية الآداب آنذاك د.طه حسين بحماسها وشجعها وساعدها ان تكتب فى مجلة الجامعة المصرية وما لبثت أن اصبحت محررة بها لتبدأ بعد ذلك مسيرة طويلة فى عالم الكتابة والصحافة.

انضمت القلماوى للبرلمان المصرى سنة 1967 وشاركت فى تأسيس معرض الكتاب فقد ارادت ان تكون أعمال الأدب العالمى متاحة امام جميع المصريين، وشجعت اقامة عديد من المكتبات والمشروعات التى عنيت بترجمة كلاسيكيات الأدب العالمى وتوفيرها فى طبعة شعبية لتصبح فى متناول الجميع، وكانت هى ايضاً من قدمت الأدب المصرى المعاصر كفرع من فروع الدراسة بكلية الآداب التى سيطر عليها ولايزال الأدب العربى الكلاسيكى.

لطفية النادى (1907-2002) أول كابتن طيار مصرية :

كانت الفتاه الصغيرة لطفية مولعة بالطيران، فتلقت دروساً فيه بينما اوهمت والدها أنها تتلقى حصص تقوية لرفع مستواها الدراسى مرتين اسبوعياً، وعندما علم والدها بالأمر اضطرت للعمل كموظفة استقبال فى مطار القاهرة لتوفر نفقات دروس تعلم الطيران.

كانت لطفية تعشق المغامرة وقد اختبأت ذات مرة فى طائرة صغيرة قبل اقلاعها لتخوض تجربة الطيران لأول مرة، وفى عام 1933 حصلت النادى على رخصة الطيران (الرخصة رقم 34 على مستوى القطر المصرى) وكان عمرها آنذاك 26 سنة لتحقق بذلك حلمها بالطياران بمفردها بين القاهرة والأسكندرية فى سباق استطاعت ان تحتل فيه المركز الأول.

وقد اخذت لطفية والدها على متن الطائرة فى جولة طارت فيها فوق الأهرامات عدة مرات، وما لبث والدها أن أصبح اكبر المشجعين لها.

أمينة السعيد (1914-1995) كاتبة ورئيس تحرير مجلة:

اشتهرت أمينة السعيد برئأسة تحرير مجلة ”حواء” المطبوعة النسائية الشهيرة التى صدر أول اعدادها عام 1954 وكان معدل توزيعها يصل الى 175،000 نسخة.

تناولت أمينة السعيد فى كتاباتها موضوعات أكبر وأهم من نصائح الجمال ووصفات الطهى التى اعتادات الكتابات النسائية تناولها، كان دفاع امينة السعيد عن المساواة بين الرجل والمرأة هو وقود كتاباتها القيمة لسنوات طويلة تغير فيها تاريخ مصر.

عاشت أمينة السعيد طفولتها وسط مجتمع اسيوط المغلق عندما كان نضال هدى شعراوى وزميلاتها من أجل المساواة قد وصل الى ذروته. وما أن بلغت أمينة عمر الرابعة عشر، حتى انضمت الى الإتحاد النسائى، ثم فى عام 1931 التحقت بجامعة فؤاد الأول ضمن أول دفعة تضم فتيات.

عملت أمينة السعيد بعد تخرجها سنة 1935 فى مجلة المصور وظلت تكتب عمودها بانتظام حتى قبيل وفاتها، وكثيراً ما دافعت من خلاله عن زميلات الكفاح مثل درية شفيق وغيرهما. اشتهرت امينة السعيد ايضاً بباب ”اسألونى”، وقد اكسبتها شجاعتها وجرأتها احترام وشعبية بين زملائها من الكتاب والصحفيين.

ثم أصبحت أمينة السعيد رئيسة لدار الهلال العريقة، وقادت بجرأة حملة جديدة من أجل المرأة المصرية، ولكن هذه المرة ضد المد الأصولى الإسلامى الذى بدأ فى سبعينيات القرن الماضى، وتوفيت أمينة السعيد عام 1995 وهى حزينة ومحبطه لما آل اليه حال المرأة فى مصر، وقالت قبل وفاتها بأيام: ”ان المرأة المصرية اليوم لم يعد لديها الشجاعة الكافية للنضال.”

قادت هدى شعراوى حملة لجمع المال لشراء طائرة للطفية النادى لتحلق بها فى جميع انحاء العالم، وتبين للجميع مقدرة المرأة المصرية وعلى الرغم من عدم اقبال المرأة المصرية على مهنة الطيران بعد ذلك الا ان هناك بعض النماذج النادرة (مثل الكابتن طيار دينا الصاوى) التى اقتدت بلطفية النادى وغيرها من الرائدات فى مجال الطيران مثل بلانش فتوش وعزيزة محرم وعايدة تكلا وليلي مسعود وعائشة عبد المقصود وقدرية طليمات، وليندا امين مسعود التى تزامنت مع لطفية النادى ويقول البعض انها سبقتها فى اقتحام مجال الطيران.

سميرة موسى (1917-1952) أول عالمة ذرّة:

كان صراع والدتها مع مرض السرطان الدافع الرئيسى وراء اتجاه سميرة موسى الى دراسة العلوم بغية التوصل لاستخدامات نافعة للطاقة النووية، خاصة فى مجال الطب.

ولدت سميرة فى بلدة صغيرة فى الغربية وعندما اتمت دراستها بالكتّاب شجعها والدها على الإستمرار فى الدراسة فألحقها بمدرسة بنات الأشراف الثانوية التى اسستها نبوية موسى واستطاعت سميرة ان تحتل المركز الأول على القطر المصرى فى امتحان البكالوريا سنة 1935، فإستحقت المدرسة منحة التفوق الحكومية واستخدمتها نبوية موسى لإنشاء معمل لسميرة.

تخرجت سميرة موسى بتفوق مع مرتبة الشرف من كلية العلوم، جامعة فؤاد الأول، وساندها الدكتور مصطفى مشرفة عميد الكلية، فأصبحت أول امرأة تحاضر فى الجامعة ثم حصلت سميرة على درجة الماجسيتر وسافرت لإنجلترا حيث حصلت على درجة الدكتوراة فى الإشعاع الذرى.

آمنت سميرة موسى بالإستخدام السلمى للطاقة الذرية وقالت: ”اتمنى ان يصبح استخدام الطاقة الذرية فى علاج السرطان فى متناول الجميع كقرص الأسبرين.”

ولو عاشت سميرة موسى لرأت حلمها يتحقق الا انه فى 5 اغسطس 1952 واثناء زيارتها للولايات المتحدة الأمريكية لتفقد عدة مراكز بحثية هناك، وفى طريقها الى جامعة كاليفورنيا ظهرت احدى الشاحنات الكبيرة المسرعة فجأة لتطيح بسيارتها لتسقط من اعلى الطريق الجبلى وتلقى حتفها فى الحال، بينما استطاع السائق الذى كان بصحبتها القفز من السيارة قبل اصطدامها بلحظات واختفى للأبد، مما اثار الشبهات حول مصرعها الذى ظل لغزاً حتى اليوم.

مفيدة عبد الرحمن (1914-2002) أول محامية:

كانت الأستاذة مفيدة عبد الرحمن محامية ناجحة الى جانب كونها ناشطة وعضوة فى عدة منظمات ونائبة فى البرلمان لأكثر من 17 عام، والمدهش انها كانت فى الوقت نفسه زوجة واماً لتسعة ابناء.

كانت مفيدة من أولى خريجات جامعة فؤاد الأول وأول من تخرج منهن فى كلية الحقوق بعد ان شجعها زوجها على الإلتحاق بها عام 1933، وكانت حينئذ اماً لخمسة ابناء.

كانت القضية الأولى التى ترافعت فيها مفيدة عبد الرحمن هى قضية قتل خطأ، عندما نجحت فى اقناع رئيسها فى العمل بقدرتها على تولى القضية، فأعطاها الفرصة، وكسبت مفيدة القضية وذاع صيتها كمحامية بارعة فأسست مكتب محاماة خاص بها بعد عدة سنوات.

من أهم القضايا التى ترافعت فيها مفيدة عبد الرحمن قضية الناشطة السياسية درية شفيق التى واجهت تهمة اقتحام البرلمان المصرى اثناء انعقاده مع 1500 سيدة اخرى لعرض قائمة بمطالبهن. كان فى مصر وقتها عدد لا بأس به من المحاميات إلا ان مفيدة عبد الرحمن كانت ابرعهن، وقد نجحت بالإشتراك مع هيئة الدفاع الذين تطوعت للدفاع عن درية شفيق ان تحيل القضية للحفظ.

وقد تم اشراك مفيدة عبد الرحمن كعضو مع اللجنة التى تولت اجراء تعديلات على لائحة قوانين الأحوال الشخصية فى الستينيات من القرن الماضى، وكان من مهام تلك اللجنة مراعاة تطور المجتمع المصرى ودخول المرأة لميدان العمل ومشاركتها فى الحياة العامة.

هيباتيا (350-370 م وحتى مارس 215م)، فيلسوفة وعالمة رياضيات:

اراد من قتلوها القضاء عليها وعلى افكارها، فجاء مصرعها الوحشى سبباً فى خلود اسطورتها، وأصبحت هيباتيا ملهمة للكتاب والشعراء والدارسين وصناع السينما وغيرهم حتى مطلع القرن الـ21، فقد كانت أول عالمة عرفها التاريخ وكان لها كتب عدبدة فى مجال الرياضيات، والفلك الذى كانت مولعة به.

ارتدت هيباتيا ملابس العلماء الرجال وقادت عربتها التى يجرها الجياد بنفسها.

وتشير بعض الدلائل إنها اخترعت الإسطرلاب المستوى والهيدروميتر والهيدروسكوب بالإشتراك مع تلميذها سيونيسيوس الذى اصبح زميلها فيما بعد. اتسع تأثير ونفوذ هيباتيا كثيراً ليتعدى حدود مدينة الأسكندرية التى عاشت فيها، وقد عرف ذلك من خلال الخطابات المتبادلة بين تلاميذها ومريديها، وكانت محاضراتها تجذب طلاب العلم من شتى انحاء الامبراطورية الرومانية.

كان كثير من تلاميذ هيباتيا من المسيحيين، وكانوا يبجلونها، ومع هذا قتلتها بوحشية حشود المسيحيين الغاضبة عقب خلافاتها مع كيرلس الأول بابا الأسكندرية، فكونها فيلسوفة وثنية وعالمة تشجع إجراء التجارب العلمية واعمال العقل، خلق بينهما جدلاً كبيراً وصراعاً انتهى بمصرعها.

وفى احد ايام شهر مارس عام 215 ميلادياً كانت هيباتيا تقود عربتها فى احد شوارع الأسكندرية عندما هاجمتها حشود المسيحيين وجردوها من ملابسها وسحلوها عارية فى شوارع المدينة، ثم احرقوا جسدها المثخن بالجراح وهم لا يعلمون انهم بذلك قد خلدوا اسطورتها.

الأميرة فاطمة اسماعيل (1853-1920)، راعية العلم :

ترجع النهضة التى شهدتها مصر فى النصف الاول من القرن العشرين بشكل كبير لتأسيس أول جامعة بها.

تلك الجامعة التى تخرج منها العلماء والسياسيين والمفكرين والفنانين والأدباء الذين كانوا جميعا –رجال ونساء- هم الدعائم التى قامت عليها تلك النهضة.

فى بادىء الأمر تم عمل اكتتاب شعبى لجمع التبرعات من افراد الشعب المصرى، بدءاً بالأثرياء والوجهاء وانتهاءً بتلاميذ المدارس الى جانب بعض الدعم المقدم من خديو مصر عباس الثانى، وبالفعل تم استئجار مبنى مؤقت ولما عجزوا عن سداد ايجاره تم استبداله بمبنى اخر كمقر مؤقت للجامعة، وظل المشروع يعانى من مصاعب مالية لما يفوق العشر سنوات، الى ان تلقى دفعة قوية ودعماً كبيراً من الأميرة فاطمة اسماعيل التى قررت التبرع بقطعة ارض شاسعة تملكها فى الجيزة لبناء مقر دائم للجامعة عليها، وتبرعت ايضاً بمعظم ما تملكه من مجوهرات للإنفاق على انشاءات الجامعة، ولكى تضمن الأميرة فاطمة استدامة المشروع اوقفت علية ستمائة فدان من اطيانها لتغطية نفقاته السنوية.

اليوم، وبعد مرور أكثر من مائة عام على انشائها، تعتبر جامعة القاهرة (الجامعة المصرية ثم جامعة فؤاد الأول سابقاً) هى اكبر جامعات مصر واعرقها، فلا يجب ان ننسى تلك السيدة العظيمة التى نجحت بسخائها وحماسها لمشروع الجامعة، ان تغير وجه مصر.

صفية زغلول (1878-1946) ”أم المصريين” :

سلكت صفية زغلول طريقاً غير تقليدياً فى حياتها عندما تزوجت وهى ابنة رئيس وزراء مصر رجلاًمن عامة الشعب، وعندما خلعت اليشمك سنة 1921 وتقدمت صفوف الثوار المصريين اثناء حياة زوجها وبعد وفاته.

فقد كانت مشاركة النساء فى ثورة 1919 مع الرجال لأول مرة مطالبات بإستقلال البلاد ملمح شهير لتلك الثورة التى كان الزعيم سعد زغلول ملهمها، ولكنه لم يقدها بنفسه فقد كان فى المنفى. وعندما احتشدت الجموع امام بيته اعلنت صفيه زغلول –عن طريق سكرتيرتها- انه: ” إن كانت السلطة الإنجليزية الغاشمة قد اعتقلت سعداً ولسان سعد فإن قرينته شريكة حياته السيدة صفية زغلول تُشهد الله والوطن على أن تضع نفسها في نفس المكان الذي وضع زوجها العظيم نفسه فيه من التضحية والجهاد من أجل الوطن، وأن السيدة صفية في هذا الموقع تعتبر نفسها أماً لكل أولئك الأبناء الذين خرجوا يواجهون الرصاص من أجل الحرية”.

منذ ذلك اليوم لقبت صفية زغلول بـ”ام المصريين” وأصبح بيتها وبيت سعد زغلول ”بيت الأمة”.

روز اليوسف (1898-1958) ناشرة :

ولدت روز فى لبنان وعندما بلغت العاشرة من عمرها جائت الى مصر وعاشت فى الاسكندرية مع أسرة اسكندر فرج صاحب الفرقة المسرحية ومن هنا جاءت بداية علاقتها بالمسرح.

عملت روز كممثلة مسرحية فى فرقة عزيز عيد، ثم فرقة عكاشة، واخيراً فى فرقة رمسيس، حيث نجحت فى ان تصنع لنفسها اسماً وشهرة.

وفى عام 1925 اعتزلت التمثيل وتقدمت بطلب ترخيص لإنشاء دار نشر، ونجحت بمواردها المحدودة ومساندة اصدقائها فى الوسط الفنى ان تنشىء مجلة وصفتها ابنتها امال طليمات بأنها مجلة ”بدون مكتب، ولا رواتب، ولا لحظة راحة.” وكانت تلك هى بداية مشوارها فى عالم الصحافة والنشر الذى خلد اسمها. اسست روز مجلة حملت اسمها ”روز اليوسف” بدأت كمجلة ادبية ثقافية، ثم تحولت الى مجلة ذات طابع سياسى.

دفعت روز ثمن اقتحام مجلتها عالم السياسة، خاصة اثناء فترات الإضطرابات السياسية فى مصر. فقد سُحبت رخصة المجلة منها فاضطرت لإصدارها تحت اسم جديد مؤقتاً لتستمر فى نشر المقالات النارية ضد الإحتلال الإنجليزى التى اثارت الحكومة، وتعرضت للإعتقال أكثر من مرة.

عاشت روز اليوسف أكثر من قصة حب، وقد تزوجت محمد عبد القدوس المهندس الذى عشق التمثيل وعمل به وانجبت منه احسان، الذى أصبح أحد أشهر الروائيين المصريين، ثم تزوجت زكى طليمات وكلا الزيجتين لم يكتب لهما الإستمرار طويلاً.

ومازالت دار النشر العريقة التى انشأتها والمجلة الرئيسية التى تصدر عنها ملء السمع والبصر حتى اليوم، ومازالتا تحملان اسم روز اليوسف.

هدى شعراوى (1879-1947) رائدة نسائية :

اقترن النضال النسائى فى مصر دائماً باسم هدى شعراوى، الا ان اكثر المواقف التى يتذكرها الناس لها كانت عقب عودتها من مؤتمر نسائى فى أوروبا عام 1923 عندما نزلت هى وزميلاتها نبوية موسى وسيزا نبراوى من القطار فى محطة مصر وخلعن حجابهن فتملكت حشود النساء الاتى كن فى انتظارهن الدهشة، ليسود بعدها الصمت للحظات قبل أن يدوى الجميع بالتصفيق. وقدمت بعض السيدات الاتى تحلين بالشجاعة الكافية على خلع حجابهن ايضاً.

رغم هذا، لم يكن خلع الحجاب هو القضية التى شغلت هدى شعراوى فقد كرست مجهودها فى الدفاع عن حقوق المرأة خاصة الحقوق السياسية والتعليم.

ولدت هدى (ابنة محمد باشا سلطان) من اسرة ارستقراطية وتزوجت من زعيم وفدى مرموق هو على باشا شعراوى وناضلت من اجل قضايا المرأة كثيراً قبل واقعة خلع الحجاب ففى عام 1914 اسست الجمعية الفكرية للمرأة المصرية، وفى ثورة 1919 تقدمت صفوف النساء فى المظاهرات التى تطالب بالإستقلال جنباً الى جنب مع الرجال لأول مرة.

فى عام 1923 وعقب عودتها من المؤتمر الدولى لحقوق المرأة الذى عقد فى روما اسست الاتحاد النسائى المصرى وأصبحت أول رئيسة له، وكان أهم اهدافه التأكيد على حق المرأة فى التعليم والدعوة لتغيير بعض قوانين الأحوال الشخصية، وفى عام 1924 قادت وقفة نسائية اثناء انعقاد جلسة افتتاح البرلمان وقدمت عريضة تحوى بعض المطالب التى تجاهلها حزب الوفد مما دفعها للإستقالة من لجنته النسائية.

لم تكن معركة هدى شعراوى سهلة وربما لم يمتد بها العمر لتجنى ثمار كفاحها الطويل، ولكنها بتأسيسها الإتحاد النسائى المصرى قد ارست الدعامة الأساسية لنجاحات كثيرة حققتها المرأة المصرية فيما بعد.

سيزا نبراوى (1897-1985)، ناشطة نسائية :

فى واقعة خلع النساء حجابهن فى محطة القطار سنة 1923 كانت هى اصغرهن. سارت سيزا نبراوى على خطى هدى شعراوى وتقدمت معها صفوف المتظاهرات فى ثورة 19 واكملت كفاحها فى الاتحاد النسائى بعد وفاة مؤسسته هدى شعراوى، كان اسمها عندما ولدت زينب مراد ولما انفصل ابواها تبنتها احدى قريبات امها وعاشت فى الاسكندرية ثم سافرت الى فرنسا وتعلمت فى مدرسة ليسيه دو فرساى حتى سن السابعة عشر.

وعندما عادت لحياتها المرفهة الخاوية فى مصر اصيبت بالإكتئاب الى ان احتضنتها هدى شعراوى وبدأتا معاً مسيرة كفاحهما لتحرير المرأة المصرية.

الى جانب رئاستها لتحرير مجلة L’Egiptienne”” التى يصدرها الاتحاد النسائى، كانت سيزا نبراوى اشهر عضوات الاتحاد لعقود طويلة، واصبحت ايضاً رئيسة للأتحاد النسائى الديمقراطى الدولى (مقره برلين) الذى استقالت منه فيما بعد اعتراضاً على موقفه من القضية الفلسطينية.

كانت سيزا نبراوى أسعد حظاً من هدى شعراوى، فقد عاشت لترى تحقق كثير من المطالب التى نادى بها الاتحاد النسائى، وعلى رأسها رفع سن الزواج للفتيات ليصبح 16 عاماً والتأكيد على حق الفتاة فى التعليم، ومن ثم السماح لها بالترشح للبرلمان والمناصب المختلفة.

نبوية موسى (1887-1951) رائدة تعليم البنات :

ربتها امها بمفردها، فأدركت جيداً أهمية ان تكسب المرأة عيشها. كانت نبوية موسى من أهم الشخصيات النسائية المصرية فى القرن العشرين، دافعت عن حقوق المرأة ودافعت ايضاً عن حرية وطنها. حفرت صورتها فى ذاكرة المصريين عندما كانت أحد النساء الثلاثة الاتى خلعن حجابهن فى محطة القطار فى الواقعة الشهيرة، معلنةً بذلك للمجتمع المصرى أن المرأة لن تظل صامتة أو مختبأة بعد ذلك اليوم. وعلى الرغم من انخراطها فى أنشطة عديدة، الا أن قضية التعليم ظلت هى شغلها الشاغل. فقد ادركت ان تعليم المرأة هو الطريق الوحيد الذى سيؤدى بها لتحقيق استقلالها المادى بما من شأنه تحقيق ذاتها والحصول على حقوقها.

كانت نبوية موسى أولى الحاصلات على شهادة البكالوريا من مدرسة السنية وكرست حياتها بعد ذلك لتشجيع تعليم البنات وادماج المدرسات وتقدمهن فى نظام التعليم المصرى، واصبحت اول ناظرة مدرسة واول كبيرة مفتشين فى وزارة المعارف، واول عضوة فى نقابة الصحفيين.

دُعييت موسى، هى والرائدتان ملك حفنى ناصف ولبيبة هاشم لإلقاء محاضرات فى الجامعة المصرية الوليدة حينذاك (التى اصبحت فيما بعد جامعة فؤاد الأول ثم جامعة القاهرة)، ومن اهم ما نشر لها كتاب ”المرأة والعمل” و”ثمرة الحياة في تعليم الفتاة” الذى ادخلته وزارة المعارف كجزء من المقررات الدراسية. كتبت نبوية موسى قصة حياتها واستعرضت فيها كفاحها الطويل فى تحرير المرأة فى مجتمع ذكورى وفى دولة تحت الإحتلال.

ملك حفنى ناصف (1886-1918)، كاتبة وناشطة:

كانت ملك ناصف من أوائل المدافعات عن حقوق المرأة، ولكن مطالبها كانت متواضعة مقارنةً بالناشطات النسائيات الائى عشن فى زمنها والائى جئن بعدها، ففى عام 909ا وفى محاضرة القتها أمام جمع من النساء، ذكرت قائمة لمطالبها ومنها منح المرأة الحق فى التعليم الأساسى وتخصيص نسبة من الوظائف فى مجال التدريس والطب للنساء.

وعلى عكس هدى شعراوى المتأثرة بالفكر الغربى، كانت أفكار ملك ناصف ملائمة اكثر مع مجتمع شرقى متحفظ فى أوائل القرن الـ20، فكان من مطالبها ايضاً مراعاة تعاليم الإسلام التى تعطى المرأة الحق فى رؤية من ستتزوجه وتحتم موافقها عليه.

لملك حفنى ناصف مجموعة كتابات وأحاديث تسمى ”النسائيات” صدرت عام 1910 عارضت فيها القيم الغربية فيما يخص النساء ولكنها حاولت أن تصل الى إطار اصلاحى بما يلائم المجتمع الإسلامى.

عرفت ملك بلقب ”باحثة البادية” الذى اكتسبته عقب انتقالها للعيش مع زوجها فى الفيوم ووضعتها كتاباتها واشعارها فى مصاف كبار الشعراء والأدباء فى عصرها.

كانت ملك اصلاحية اكثر منها ثورية، وقد آثرت التحرك وفقاً لحدود الإطار المتحفظ للمجتمع الذى عاشت فيه.

درية شفيق (1908-1972) ناشطة وكاتية :

وصفتها الصحافة ذات مرة أنها ”الرجل الوحيد فى مصر” فبفضلها أعطى الدستور المصرى للمرأة حق الانتخاب وحق تولى المناصب السياسية.

فى 19 فبراير 1950 قادت درية شفيق مظاهرة قوامها 1500 سيدة واقتحمت ابواب البرلمان اثناء انعقاد احد جلساته واعلنت اضرابها عن الطعام حتى تنال المرأة المصرية حقوقها الدستورية المساوية للرجل وبعدها بأسبوع كان لها ما ارادت.

حصلت درية على درجة الدكتوراه من السوربون عام 1940 وكان موضوعها المرأة فى الأسلام واثبتت من خلالها ان الإسلام يساوى بين الرجل والمرأة، ثم عادت الى مصر لتؤسس عام 1948 حركة لتحرير المرأة اسمتها ”اتحاد بنت النيل”.

بعد عام 1952 طلبت درية شفيق تحويل اتحاد بنت النيل الى حزب سياسى فأصبح بالفعل حزب سياسى بأجندة نسائية، ولكن سرعان ما ادركت درية أن جميع الأحزاب السياسية فى مصر ومنها حزب بنت النيل قد أصبحت بعد 1952 بدون قوة فعلية.

فى عام 1957 بعد اعلانها الاضراب عن الطعام احتجاجاً على نظام جمال عبد الناصر، تم تحديد اقامتها فى بيتها وغلق مجلتها ”المرأة الجديدة” وحظر ذكر اسمها فى الصحافة.

عانت درية شفيق طويلاً من العزلة حتى انهت حياتها بالانتحار عام 1975 بالسقوط من شرفة منزلها.

عزيزة أمير (1901-1952) ممثلة ومنتجة :

ولدت مفيدة محمد غنيم الشهيرة بعزيزة أمير فى الأسكندرية وكانت من اهم مؤسسى صناعة السينما فى مصر.

التحقت عزيزة أمير بفرقة رمسيس المسرحية ثم اتجهت من التمثيل الى الإنتاج السينمائى واشتهرت بإنتاجها لأول فيلم روائى مصرى طويل عام 1927 هو فيلم ”ليلى” وقد اشاد بها الإقتصادى الكبير طلعت حرب وقال لها ”لقد حققت يا سيدتي مالم يستطع الرجال أن يفعلوه.” وكحال معظم الجميلات، اعتمدت امير بشكل كبير على الرجال فى حياتها لتتقدم وتنجح، قتزوجت من احمد الشريعى (من اثرياء الصعيد) الذى تبرئت منه اسرته لزواجه من ممثلة، ثم تركتة لتتزوج اخاه الأصغر، ثم تزوجت بعده الفنان محمود ذو الفقار الذى اسست معه شركة الإنتاج السينمائى ”امير فيلم”.

كرست عزيزة امير حياتها لإنتاج افلام تعبر بصدق عن واقع المجتمع المصرى وقضاياه وقد تم تكريمها بإعتبارها رائده مصرية فى مجال الإنتاج السنمائى الذى كان حكراَ على الرجال والأجانب، وارادت عزيزة امير ان تثبت ان مصر تستطيع ان تنجب فنانات عالميات ايضاً، فسعت للمشاركة فى افلام خارج مصر كالفيلم الفرنسى ”الفتاة التونسية” عام 1930 والفيلم التركى ”فى شوارع اسطنبول”.

إنجى افلاطون (1924-1989) فنانة تشكيلية وناشطة سياسية:

كانت لغزاً حير الكثيرين، فرغم من انتمائها لعائلة برجوازية ميسورة الحال، كانت لوحاتها تعبر عن العذاب والمعاناة. لم ترض انجى بحياتها المرفهه والفساتين الباريسية ودروس العزف على البيانو. فاعتنقت الفكر اليسارى ويقال ان استاذها كمال التلمسانى كان كثيراً ما يحكى لها عن معاناة الفلاح المصرى وفقره، فكرست حياتها للدفاع عن الطبقات الكادحة.

فى عام 1948 كتبت ”ثمانون مليون امرأة معنا” وهو كتاب نددت فيه بشدة بالإمبريالية، وفى العام التالى كتبت ”نحن النساء المصريات”، قدمت فيه تحليلاً للإضطهاد فى مصر، واضطهاد المرأة بشكل خاص، وكانت انجى افلاطون قد اصبحت عضواً نشطاً فى الحزب الشيوعى المصرى، تدافع عن حقوق المرأة المصرية وتمثلها فى المحافل الدولية.

تعد انجى افلاطون من رائدات الفن التشكيلى فى مصر فقد بدأت الرسم فى سن صغيرة وحققت نجاحاً كبيراً، وقد عُرضت اعمالها الفنية فى بينالى فينيسيا وبينالى ساوباولو سنة 1956.

تم اعتقالها مع مجموعة من الشيوعيين أثناء حكم جمال عبد الناصر وقد ظلت ترسم لوحاتها داخل السجن لتسجل تجربة اعتقالها فى سجن القناطر. بعد الإفراج عنها فى 1963 وعقب حل الحزب الشيوعى المصرى، عكفت على الرسم واقامت عدة معارض دولية كان اخرها معرض القاهرة 1987 وتوفيت عن عمر يناهز الخامسة والستين قبل أن تنتهى من كتابة مذكراتها.

من almooftah

اترك تعليقاً