مجموعة من الباحثين تفكك النص الشعري لقصائد

سيدي لخضر بن خلوف

 

 

مجموعة من الباحثين تفكك النص الشعري لقصائد سيدي لخضر بن خلوف
معجم جديد لتوثيق وتأصيل فكر وتصوف الولي الصالح
قايدعمر هواري
الولي الصالح المتعبد سيدي لخضر بن خلوف، متصوف و زاهد، خلّف وراءه موروثا دينيا وثقافيا لا يستهان به، لا تزال إلى اليوم العديد من كتب الأدب والتاريخ تتحدث عنه وعن أسراره الكثيرة والمحيرة، كيف ولا وهو الذي أصّل وعمّق معنى مفهوم الزهد والتصوف بطريقته و شِرعَته الخاصة به، لهذا انهمك الكثير من الباحثين والأكاديميين الجزائريين في الغوص والتعمق بحرص وعناية في أعماله الفنية الرائعة، ونفض الغبار عن التراث الغزير لهذا الشاعر الفحل المرابط، ومن بين هؤلاء الذين حاولوا إعادة قراءة فكر هذا الولي الصالح وتنقيح الكثير من الدواوين الشعرية والمصادر التي لم تعطه حقه من البحث والنظر العلمي الموضوعي الدقيق، نذكر الباحث الدائم في المركز الوطني للبحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران الدكتور حمو كريم، والأستاذين الباحثين، دلاي أمين وقناو مصطفى، الذين قاموا بإنجاز دراسة في 400 صفحة في شكل معجم سموه “معجم سيدي لخضر بن خلوف”، من المنتظر أن تطبع قريبا في شكل كتاب، من قبل الـ “كراسك”، وأكد الباحث حمو كريم أمس، أن البحث الذي دام قرابة الثلاث سنوات، أماط اللثام عن الألفاظ الشعرية التي استخدمها سيدي لخضر بن خلوف وكذا الواقع الاجتماعي والثقافي للمرحلة التي عاش فيها الولي الصالح المولود في سنة 899هـ الموافق لـ 1479 م وتوفي سنة 1024 هـ الموافق لـ 1585 م، ومن جملة ما استخلصته فرقة البحث هذه – يضيف نفس المتحدث – أن الشاعر المجاهد وابن مدينة مستغانم، استخدم في جميع قصائده ألفاظا صوفية، معتمدا في ذلك على المعجم الديني الصرف(القرآن والسنة) وكذا كتب السيرة، التفاسير والحكم العطائية لعطاء الله السكندري، مشددا “أن المدونات التي قرأها واستوعبها، وظّفها في أبياته وشعره الملحون، كانت جلّها في مدح النبي عليه الصلاة والسلام، طلب الشفاعة، رؤيته في المنام واليقظة والتحسر والندم على ما فاته طيلة الأيام التي قضاها في الزهد والتعبد”، موضحا أن سيدي لخضر بن خلوف، لم يتكلم عن الدنيا ومغوياتها الزائلة، بحكم أنه عاصر الحقبة العثمانية التي شهدت حروبا ضارية مع الإسبان، وكان مرابطا منافحا عن العروبة والإسلام، وكشف لنا الأستاذ حمو أنه استطاع رفقة فريق البحث الذي اشتغل معه أن يجمع 160 قصيدة، كُتِبت كلها باللغة العربية مع الاستعانة ببعض المفردات من الدارجة، حتى يسهل فهمها من قبل جميع قارئيها، فضلا عن استخدامه لبعض الألفاظ العثمانية، على غرار “السنجاق”، الباشا”إلخ… والكثير من الرموز الصوفية التي لا يزال العديد منها إلى اليوم غامضا وصعبا فهمها واستيعابها، حيث يذكر هذا الولي الصالح في أشعاره الملحونة، أسماء الأمكنة، الصحابة الكرام، الأولياء الصالحين، وحتى أسماء الحيوانات، مثل “شواش” التي معناها الرقيب، خوجة: الكاتب، الفاخت: الغراب أو الحمام، بحر الظلام: المحيط الأطلسي…إلخ، وعن سؤال حول أسباب استعمال سيدي لخضر بن خلوف الرموز في جميع قصائده الشعرية، أكد نفس المتحدث، “أن الأمر راجع إلى تأثره بكتابات طلبة العلم الذين سبق لهم وأن نهجوا مثل المسلكية والطريق التي سلكها سيدي لخضر” وأنه أراد أن يترك قصائده حية مقروءة لأكثر من 5 قرون، لاسيما وأنها كانت مرتبطة بالمقدس (القرآن والسنة)، فضلا عن تأكيده لرؤية الرسول صلى الله عليه وسلم مشاهدة بصرية و حتى منامية، مما يؤكد بالفعل أن هذا المتصوف العارف بالله، كان بالفعل رجلا زاهدا متعبدا، وما خروج النخلة من قبره لخير دليل على ذلك، حيث ولا تزال إلى اليوم شامخة باسقة، يزورها الزوار ويتبركون ببركتها، فضلا عن تأكيده في الكثير من قصائده عن قبوله من قبل الولي الصالح سيدي بومدين، الذي زار سيدي لخضر ضريحه في ولاية تلمسان، وجاءه في المنام وأكد له قبوله ضمن رجال الصوفية الأفاضل.، خاتما تدخله معنا أن الدراسة التي قام بها رفقة فريق البحث الذي اشتغل معه، جاءت انطلاقا من مشروع بحث سابق تناول المقدس في الشعر الجزائري خلال العهد التركي – منطقة الغرب الجزائري نموذجا- مما يؤكد بالفعل ضرورة إعطاء المزيد من الاهتمام بهؤلاء الشعراء المرابطين الفطاحل، لما لهم من دور في تنوير المجتمع وتثبيت دعائم الدولة الجزائرية.

من almooftah

اترك تعليقاً