L’image contient peut-être : 6 personnes, dont Hassan Oumouloud, personnes debout

 

مع رواد الرواية بالأمازيغية و ثلة من الأساتذة و الطلبة و الباحثين في الثراث و اللغة الأمازيغيين في إطار الجلسات الثقافية و الأدبية التي تنظمها رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية بمركب جمال الدرة بأكادير . 
جلسة هذه الأمسية عرفت تقديم ورقة نقدية مستفيضة و غاية في الدقة و العمق و الترتيب من طرف الروائي و الناقد السيد محمد اوسوس . الورقة حول مظاهر التجديد في الرواية الأمازيغية الحديثة شكلا ومضمونا. 
شكر خالص للكتاب الكبار السيد محمد أكوناض و السيد لحسن زاهور و السيد محمد أوسوس و السيد عياد ألحيان و للجميع دون استثناء. شكرا راديو بلوس على التغطية. حسن أومولود

قراءة في الرواية المغربية المكتوبة بالأمازيغية

لعل قيمة الأعمال الإبداعية تكمن في مدى غوصها في أعماق النفس الإنسانية لتقترب من هذه الجوانب المعتمة عسى أن تلتقط منها إشارات أشبه بومضات في لجة حالكة، يوظف فيها المبدع الخلاق تقنية السرد واللغة بصورة فنية تتيح له الولوج إلى هذه العوالم العميقة في النفس البشرية وما يعتمل فيها، و إلى الكشف عن العلاقات الاجتماعية باعتبارها الجانب المكشوف للصراع الإنساني بمختلف تلاوينه من جهة أو للتوافق الإنساني من جهة ثانية. فمن منا لم تأسره رواية دوستوفسكوي الخالدة بأجزائها الثلاثة ” الإخوة كازاماروف” و رواية تولستوي ” الحرب و السلم” و رواية مكسيم كوركي ” الأم”، و رواية ” ذهب مع الريح” للروائية الأمريكية” وولف”، ورواية نجيب محفوظ ” زقاق المدق” أو ” الثلاثية ” ، ورواية ” مدام بوفاري” لگوستاف فلوبير، و رواية ” مائة عام من العزلة” لگارسيا ماركيز، و ” الطاعون ” لأربير كاميAlbert Camus ، و اللائحة طويلة… وفي الأمازيغية بدأت بعض الأعمال الروائية تأخذ طريقها نحو الشهرة كرواية محمد أكوناض ” تاواركيت د ئميك – Tawargit d imik ” الصادرة سنة 2002 والمترجمة مؤخرا إلى الفرنسية.
فروعة الأعمال الإبداعية لا تعرف الحدود الاثنية و لا الدينية و لا الجغرافية و لا تعترف بقداسة اللغات ، فكثير من الأعمال الروائية لكثير من الروائيين من مختلف الأجناس و اللغات نالت إعجاب الناس، فسجلت خلودها في الآداب العالمية، و بقيت حية منذ أن كتب الكاتب الأمازيغي أبوليوس أول رواية في التاريخ في القرن الثاني الميلادي و التي ترجمت الى عدة لغات منها الأمازيغية (1) .
و في أدبنا المغربي و مع الموجة الجديدة من الكتاب و الروائيين بدأت الرواية المغربية تتجذر في تربتها المغربية حاملة قضايا و هموم إنسان هذا الوطن، بعد أن كان الروائيون المغاربة الرواد الذين يكتبون بالعربية منبهرين برواد الرواية في مصر و سوريا و العراق و لبنانفحذوا حذوهم في إنتاج نصوص روائية مرتبطة بهموم الشرق. هذا الانفصال عن الواقع المغربي بهويته الأصيلة هو ما دفع ببعض النقاد السوريين الذي زار الرباط و تجول في أزقتها القديمة و انبهر بعمارتها وبحيويتها إلى القول في إحدى الملاحق الثقافية لبعض الجرائد الوطنية في أواخر الثمانينات من القرن الماضي بان قارئ الرواية المغربية لن يجد فيها ما يدل على مغربيتها، و بأنها تفتقر إلى نكهتها المغربية و هو ما أ دى إلى تهميشها من طرف المشارقة، و هي إعادة لنفس القولة الشرقية القديمة حول الشعر الاندلسي و المغربي المكتوبين بالعربية ” بضاعتنا ردت الينا ” ، و هو ما تنبه له الجيل الجديد من الروائيين المغاربة برجوعهم في كتاباتهم الروائية إلى الالتصاق بتربة هذا الوطن و قضاياه كالأعمال الروائية لأحمد التوفيق، و حسن أوريد…
أما الرواية المغربية المكتوبة بالأمازيغية فلم تسقط في هذا المطب القاتل نظرا لاختلاف المرتكزات الإبداعية و الفكرية لكتاب هذا النوع الأدبي و الفني، فإذا كان أغلب الروائيين الرواد المغاربة بدأوا كتاباتهم الرواية في فترة تاريخية من تاريخ المغرب هيمن فيها فكر ايديولوجي معين تابع للفكر القومي الشرقي مما جعل أغلبهم يسقطون في إعادة إنتاج نفس التصورات الفكرية و الإبداعية للكتاب المشارقة، فإن كتاب الرواية المغربية بالأمازيغية بدأوا إبداعاتهم بالغوص في الواقع المغربي حاملين لهم ثقافي و حضاري متمثل في الانطلاق من الهوية المغربية و تكريسها في كتباتهم، و هذا ما يميز الروائي المغربي بالأمازيغية في ارتباطه بالهوية المغربية و بواقعه المغربي في عمقه الثقافي.
فإذا كان الروائي المغربي بالأمازيغية محكوما عليه بحمل صخرته وحيدا في واقع لغوي و ثقافي تهيمن فيه لغة و ثقافة معينة بحكم الغلبة السياسية و الإيديولوجية، فإنه يجد متنفسا ذاتيا و وجوديا لهذا الحمل الثقيل الذي يحمله في تحقيق عزيمته للوصول إلى غايته الوجودية كذات مبدعة و كفاعل و مناضل في سبيل ترسيخ دعائم أدب مغربي أمازيغي و هوية تبحث عن مكانها تحت الشمس،
و الناظر في الروايات الأمازيغية المكتوبة و المنشورة في السنوات الأخيرة سيلاحظ هذا المستوى من النضج الفني الذي بلغته في فترة قصيرة مقارنة بجنسها في اللغات الأخرى، و مرد ذلك إلى الروائيين أنفسهم ، فأغلبهم إن لم نقل كلهم يتوفرون على مستوى جامعي و يتقنون أكثر من ثلاث لغات ( الأمازيغية و العربية و الفرنسية) مما أتاح لهم الاطلاع على الآداب العالمية بما فيها التجارب الروائية العالمية، مما سينعكس بايجابية كبيرة على إنتاجاتهم الإبداعية.
فقد بدأت الرواية المغربية المكتوبة بالأمازيغية منذ التسعينات من هذا القرن، حيث ظهرت رواية محمد شاشا سنة 1997 “ءارز طابو أد تفغ ثفوشت” التي طبعت بهولندا (2) ، ثم رواية محمد بوزگو ” تشري خ ثما ن تسرافت” (2001)، ثم توالت الروايات. و في سوس بدأت الرواية سنة 2002 بروايتين ” ئمولا ن تمكتيت” لأبي القاسم أقولاي و رواية ” تاواركيت د ئميك ” ل محمد أكوناض ” تاوارگيت د ئميك” التي نالت شهرة حيث ترجمت مؤخرا الى اللغة الفرنسية (3) .
و ما يميز هذه البداية هو ارتباطها بالعمق المغربي المتمثل في البادية المغربية بما تعيشه من مشاكل اجتماعية و قهر طبيعي و سلطوي و من تهميش هوياتي.
و ستتوالى الروايات الإبداعية التي ستنطلق بدورها من هذا العمق المغربي و بنفس الهموم الاجتماعية و السياسية و الهوياتية، و يمكن أن نصنفها ضمن الأدب الملتزم الذي فرضته اللحظة التاريخية، و هو أدب يطغى عليه الالتزام دون أن يفقد هويته الفنية والأدبية، مثل ” أزكيف ن وانزاضن” لعمر الطاوس، و “ميميس ن إفستي د أوال” لأحمد حداشي، و “ثيشري خ ثامان تساراف” لمحمد بوزكو، و” أزرف أكوشام ” لعبد الله صبري، و” ئجيكن ن تيدي” لمحمد أكوناض التي بناها بطريقة التداعي النفسي ، و ” تامورت ن ئلفاون’ لنفس الروائي، و رواية ” تاونزا” لفاطمة بهلول، و ” وئسمضال ن تماگيت ” لابراهيم العسري الذي تناولت روايته قضية الهوية في فضاء مديني, و رواية ” ئكضاض ن وهران” للحسين بويعقوبي و هي رواية تتناول مشكل الهجرة الى الخارج، و رواية ” يان ؤسگاس غ تزكي” لعياد ألحيان، و رواية ” ئزوران” لسعيدة فرحات.. و ستتخذ رواية ” تيتريت ن توودشي” لخديجة إيكن الصادرة سنة 2012 مسارا أدبيا يبتعد عن مجال الالتزام في الرواية الأدبية الأمازيغية نحو عوالم جديدة تمتح من الواقع المغربي المشحون بهالة أسطورة في بعض وقائعها المرتبطة بالثقافة و المخيلة المغربية.
لتصل الآن حصيلة الإنتاجات الروائية بالأمازيغية إلى ما يفوق 27 رواية (4).

/////////////////////

الهوامش:
1- ترجمها محمد أكوناض و محمد أسوس إلى الأمازيغية و أصدرها المعهد الملكي للثقافة الامازيغية سنة 2013.
2- انظر مقالا لفؤاد ازروال في كتاب ” دراسات في الأدب الأمازيغي الحديث” من منشورات رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية سنة 2013. مطبعة دار السلام، الرباط
3- ترجمها الحسن ناشف تحت عنوان ” « Un youyou dans la mosquée2011. منشورات Edilivre APARIS – فرنسا، و أعيد طبعها بالمغرب سنة 2014.
4- لمن أراد الاطلاع على عناوين هذه الروايات يرجع الى مقال محمد أفقير ” الرواية الأمازيغية في المغرب: النشأة و الحصيلة ” ، كتاب ” قراءات في الرواية الأمازيغية” من منشورات رابطة تيرا بشراكة مع وزارة الثقافة ، صدر سنة 2014، مطبعة دار السلام، الرباط

.عن جريدة المنعطف

اترك تعليقاً