ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏4‏ أشخاص‏، و‏‏‏‏أشخاص يقفون‏، و‏بدلة‏‏ و‏منظر داخلي‏‏‏‏

Mohamad Alaaedin Abdul Moula

هؤلاء من أبواب حمص:
من يسار الصورة:
حنا عبود: بابٌ إلى عطر المعرفة، في بيته لا أقفاص لعصافير الشعر ولا حملانه، يقدم لك القهوةَ أو النبيذ أو الكتاب، ويهرب في كل ذلك كاريزما الناقد الطفل الكبير، القادر فجأة على اتخاذ دور ممثل يتهكم من ظاهرة ما يرويها لنا. رجل يشرب مع الماء العكر فيصبح الماء خمرة جليلية في عرس العقل. طبقات صوته تتلون كما تتلوّن طبقات الثقافة وهو يأخذ بيدك في مدارجها. مبتكرٌ ماكرٌ، مكره هو تفتيقُ الأنساق عن دلالات لا تخطر في بالك. بيته الحمصي كان مشغلا للنقد والترجمة، والنبل.
فرحان بلبل: بابٌ إلى المسرح، يأخذك إلى المنصة التي قد تكون هي جسدك، أو ضحكتك، أو كتابك الذي قرأته لسعد الله ونوس، أو لبريخت، ثم يطلق عليك كائنات مسرحه يلعبون ويكشفون عن قناعك، ثم يترك المسرح ليبحث في ماهيته الاجتماعية، وحين يناديه رواده يذهب إليهم معيدا الاعتبار لهم، وبينما هو يبني السينوغرافيا، ترى نفسك وقد وقعت في متعته الفكرية وهو يلبس وشاح الناقد، ولا يكفّ عن تغريده، البلبلُ.
محمد بري العواني: باب تدخله فتحتكّ كتفك بالكمنجة السائلة كما لو أنها دمعة الله العاشق. وفي فرصة الاستراحة يجلجل بضحكته السمراء، وبعد انتهاء الضحكة يجلس وراء نظارته وتشعشع عيناه فكرة مدهشة حول الفنّ، يفاجئك ـ وهو المسرحي العازف كاتب الأطفال ـ بأنه ربّى في داخله حسّا نقديا جماليا لم يكترث به كثيرون. مثلما ربّى الليلَ في خشبة المسرح على القيمةِ والمتعة. ومثلما ربّى دوحة ميماسه بالسمر الحمصي السوري المفتوح على شبابيك الزرقة.
محمد الفهد: بابٌ بنفسجيّ. يقذفك في العشوائية اللذيذة، يعلو صوته مثل دقّ المهباج في صيف عربيّ، يتدفق جنوناً لا يخلو من مسحة الذكورة التي تدغدغ طاقاته الكامنة في صداقته. يقول لك المرحبا فتتسع أمامك الرحابات، يسابقك في الشراب وتحمرّ عيناه فترى القصيدة وقد خرجت من يديه امرأة تغوي ونداء يجمع حوله أهل البيت، وأهل بيته كرامٌ في كرمِ الحبّ.

هؤلاء أبوابٌ من تاريخ حمص.

من almooftah

اترك تعليقاً