انكب العديد من الأدباء على كتابة القصة القصيرة أو الأقصوصة بهدف ترجمة الواقع وتصويره بشفافية أحيانا وبمبالغة أحيان أخرى والقصة هي نص أدبي سردي يصور جانبا من الحياة يركز من خلالها على الحدث أو الشخصية ولا يعنى بالتفاصيل ولا يلتزم ببداية أو نهاية وتتجسد بمشهد واحد أو حالة نفسية معينة أو لمحة محددة, بخلاف المسرحية التي برز فيها البعض فهي نص قصصي حواري يترافق بمناظر ومؤثرات فنية مختلفة ويراعى فيها : جانب الكتابة وجانب التمثيل الذي ينقل النص إلى المسرح وتنقسم لكوميديا وتراجيديا فكان لنا وقفة في حمص لاتحاد الكتاب العرب من خلال أمسية مسرحية قصصية يشترك فيها الأستاذ سلام اليماني والدكتور جرجس حوراني أدار الأمسية محمد بري العواني بأسلوب شيق احترافي :
شارك حوراني بثلاث قصص قصيرة كانت الأولى “قلب امرأة” تحدث من رتابة الحياة والملل الذي يرافقنا ,وكيف يواجه البعض مشكلاتهم بالهرب منها وعدم العمل على حلها وتركها للزمن ليحلها ,حيث تتعقد وتصبح غير قابلة للحل يروي قصة رجل يتزوج بلا حب على أمل أن يأتي بعد الزواج ويترك الأمر للزمن ولكن يكبر الأولاد ويهاجروا وتهجره زوجته ولا يتكفل الزمن بمساعدته .
والقصة الثانية هي “شجرة الزيتون” تتحدث على تشوه القيم الإنسانية والمفاهيم وتفضيل المصلحة على أي مشاعر إنسانية أخرى تروي قصة أخوين , كانوا قدوة بالمحبة والعمل المشترك لكن عندما يكبر الأولاد وتظهر المصلحة الشخصية , يكون سبب الشقاق شجرة الزيتون حيث يطمع كل منهما بها فتكون النهاية بمحاولة كل منهما قتل الأخر .
وألقى قصة “شهونجي ” التي تتحدث عن الشهوة بكافة أشكالها وكيف يصل الشخص إلى نهايته إذا تبعها يقول البطل ” إياك أن تظن , ليست الشهوة ما أوصلني إلى هنا , وإنما الدناءة البشرية لذلك الخاطئ “.
ونلاحظ من خلال مشاركة الحوراني أنه استوفى عناصر القصة القصيرة فكانت قصصه واقعية غلب عليها النقمة على الواقع وابتعاد الناس عن القيم الإنسانية السامية وانتشار الانحلال الأخلاقي ….
أما اليماني فشارك بسرد مسرحية الزواج لغوغل مأخوذة عن الأدب الروسي حيث فشلت عندما قدمت في روسيا ولكن عندما فهم الناس مضمونها أخذت شهرة كبيرة هدفت إلى تصوير حالة نفسية ومجتمعيه في زمنه عن تردد الرجال في الزواج أو تأخر
بعضهم زمنا طويلا بالزواج والهدف الثاني كان تصوير نماذج من حطام المجتمع وكيف يتقاتل مجموعة من الرجال على الزواج من امرأة حتى لو حمقاء وبليدة لمجرد امتلاكها ثروة , وقد اختار مشكلة الفساد في مجتمعنا وفي أجهزة الدولة لطرحها من خلال المسرحية مع اعترافه أن الموضوع مكرر منذ عشرين عام ولابد لحله من الابتعاد عن الكلام والعمل على تغيير البنية الاجتماعية الفاعلة التي تضع مشاريع لاستبدال الفاسد بالشريف وكان الهدف من طرحه إثارة الرغبة لتجاوز الكلام والانتقال إلى الانفعال فكان المكان عاصمة روسيا فعمل على الحفاظ على النص لكنه جعل منه نصا حمصي , حيث جرت الأحداث في دار تاجر كبير عملت الخطابة على جمع العديد من الأشخاص لخطبة ابنت التاجر المتوفى ,وتقديم العديد من الإغراءات المادية للعرسان بهدف تزويجها بدفع من أخيها الذي طعن بوصية والده , واستطاع من خلال الفساد القضائي ووجوده بموقع السلطة إن يحرم أخته من ميراث والدها , فحدثت مهاترات بين العرسان ومناقشات حاول كل واحد منهم المبالغة بعرض ظروفه وإظهار بالمبالغة أنه الزوج المناسب وضياع الفتاة وارتباكها بين سخاء العروض, فكان أحد الخطاب يدعى ايفان فهو احد موظفيه يحاول توريطه بهذا الزواج لرفضه الانسياق خلف الفساد والسرقة وإرغامه عليه من خلال تزويجه فتاة فقيرة , وتنتهي القصة بزواج إيفان من الفتاة بعد كشفه المؤامرة وإصراره على عدم تخليه عن مبادئه على عكس النهاية في القصة الحقيقة التي هرب فيها العريس من الزواج .
وقد سرد اليماني المسرحية بأسلوب شيق شدَّ الحضور وتفاعلوا معه ….