فاديا رستم

سامحيني سوريا لأني عنك إبتعدت!

الكاتبة : فاديا رستم
خلوني احكي بالعامية، و باللهجة السورية
فأنا لست بكاتبة و لا عبقرية لغة عربية

انا مغتربة سوريّة كانت تحلم بيوم العودة للوطن فاغتصب المارد الأسود منها أحلامها و رماها للمحن.
سأكتب اليوم لكل مغترب
و لكل من فكّر عن الوطن يبتعد

بعد سنوات ليست بقليلة، بعيدة انا عن أرضك سوريا
عانيت آلام الهجر
عانيت من كثرة القهر
بنيت لنفسي بيتاً، درست و إجتهدت.
بحثت و وجدت. و ها انا ندمت!
لآني أطلت الهجر.
رغم كل نجاحاتي، حزنت.
كلما كنت أقرر الرجوع لسوريا أؤجل مشروعي لأحقق هدافاً أخرة قبل العودة.
أعترف أني كنت مطمأنة جداً ان سوريا بخير.
اعترف أني كنت أراها كأمي موجودة هناك أبدية.
اعترف ان ثقتي الكبيرة بقدرتي على العودة متى تمنيّت ، كان من اجمل الأحاسيس عندي كمغتربة.
أعترف أني تباهيت كثيراً أمام الجميع هنا ان بلدي بلد السلام و دوما بخير.
أعترف أني رأيت السلام فيكي حقيقة مطلقة و تماديت بهجرك، سوريا و ظلمت.
فجأة و دون مرسال!
دون سابق إنذار..
تدهورت كل الارض و بعنفٍ مخيف إهتزت تحت قَدَميّ.
قتلوا الثقة، الطمئنية، و كل الأحاسيس الجميلة المتبقية لمغتربة.
فأعذروني إن تمردت!
تحمّلوني إن غضبت!
فسنواتي الطويلة هنا لن يفهما الا من هو مثلي ، إقتحم الدنيا و المجتمع و العلم و النجاح و من بعدها حَنّ و جَنّ.
إفرحوا يا مهاجرين الآن
إفرحوا لوصولكم بلاد الآمان، و إقتحموا خبايا البلد هنا إن إستطعتم اولاً
و من بعدها تذكروني و تذكروا حنيني و ما قلت..
إفرحوا و هللوا الآن لأنكم ستعلمون عند نجاحكم ،إن نجحتم ، اننا جميعاً ظلمنا سوريا
عندما كنا نحلم بالهجرة عنها..
سامحيني سوريا.
ففي سنيني الاولى بعيدة عنك، كنت اتغزّل بما أراه هنا و كأنني لم أرى من قبله قط.
و في سنيني التي تلت الاولى، كنت منهمكة بتكوين مستقبلي و لم أقارن بعد.
و في سنيني التي تلت ما بعد الاولى، تغلغلت في المجتمع بعمق و عرفت ما لا لم اعرفه من قبل.
و في سنيني الاخيرة ، تأكدت انني لبلدي ظلمت عندما حقوقك تجاهلت.
و في سنيني الاخيرة، عندما قارنت و عرفت أعماق الحضارة الغربية السافلة و انا لقشورها إنبهرت، ندمت.
و في سنيني الاخيرة أيقنت أن رغم كل أخطائك فأنت العفوية و الصادقة و المحبة و لكتي بجهلي ظلمت.
سامحيني لأني عنك إبتعدت.

من almooftah

اترك تعليقاً