إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كتاب / للمسافرين والمتزوجين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب / للمسافرين والمتزوجين



    كتاب / للمسافرين والمتزوجين

    عبدالوهاب الرهيبي


    المقدمة
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ{([1])}اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{([2]).
    }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا{([3]).([4]).
    أما بعد:
    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
    أيها المسلمون: قال ربكم جل وعلا: }وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{([5]).
    وقال رسولكم r : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»([6]).
    فالزواج في الإسلام شرَّعه الله، وحث عليه رسوله r لحكم سامية وغايات نبيلة وفوائد جليلة منها؛ الاستخلاف في الأرض وعمارتها ومجاراة للفطرة التي خلق عليها الإنسان وإشباعا للغريزة الجنسية بما أحلَّ الله.
    وكذلك لغض البصر وتحصين الفرج والابتعاد عن العلاقات الشاذة وبقاء النوع الإنساني ولتكثير النسل ولتحصل المباهاة والمكاثرة التي وعد رسولنا r بها.
    كما أن الزواج سكن للنفس, وراحة للجسم وطمأنينة للقلب, وهو سبب لكثرة الرزق والغنى قال سبحانه وتعالى: }وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{([7]).
    وقال المصطفى r : «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله والمكاتب يريد الأداء والناكح يريد العفاف»([8]).
    أيها الإخوة في الله: مادام أن الزواج أمر شرعه الله وبينه رسوله r فهو عبادة نتقرب بها إلى الله جل وعلا ونهتدي بهدي رسوله r في ضوابطها وكل ما يتعلق بها.
    قال تعالى: }قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{([9]).
    لذا فيجب أن تكون مراسم الزواج ابتداء من الخِطبة إلى آخر لحظة في حياة الزوجين ـ يجب أن تكون ـ منضبطة بضوابط الإسلام وهذا وجوب لا استحباب؛ لقوله سبحانه وتعالى: }وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا{([10]).
    وحذر من خالف أمر نبيه r فقال سبحانه: }فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{([11]).
    وقال سبحانه: }فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{([12]).
    أيها المسلمون: إذا عُلم هذا, فكم نسمع وكم نرى من المنكرات التي وقع فيها بعض المسلمين ـ هداهم الله ـ قبل الزواج أو أثناءه أو بعده؛ فمنهم من وقع في المعصية لجهله وهو غير معذور بالجهل في هذا الزمن الذي انتشر فيه العلم وكثر العلماء والله سبحانه وتعالى يقول: }فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{([13]). ومنهم من وقع في المعصية لضعف إيمانه وتقليده لغيره، إلى غير ذلك من الأسباب فنسأل الله الحماية من الذنوب والآثام.
    أيها الإخوة في الله:
    إن ما نحن بصدد الحديث عنه فتنة وقع فيها كثير من المسلمين ألا وهي فتنة السفر إلى الخارج سواء إلى بلاد تكثر فيها المنكرات أو بلاد الكفار في الغرب أو الشرق، والسفر إلى الخارج يختلف فيه الناس حسب حاجاتهم ورغباتهم فمنهم من يسافر للدعوة ومنهم من يسافر للعلم ومنهم من يسافر للتجارة ومنهم من يسافر للعلاج ومنهم من يسافر للنزهة والتسلية, وحديثنا سيقتصر على سفر الشباب بعد زواجهم إلى الخارج بنسائهم لقضاء فترة ما بعد الزواج. وهذه الفترة- أي ما بعد الزواج- ابتدع لها الناس اسما قبيحا؟ هو (شهر العسل) وهذا الاسم نقل إلينا من بلاد الكفر, فأصبحنا نردده شبابا وشيبا رجالا ونساء بلا معرفة لمعناه أو لسبب تسميته, واستمعوا إلى سبب تسميته بهذا الاسم وهو أنه (كان الشباب في أمريكا قديما يخطف أحدهم بنتا ويذهب بها إلى الغابة ويجلسان هناك فترة يمارسان فيها علاقة غير مشروعة، وكانوا يضطرون في فترة إقامتهم تلك في الغابة إلى الاعتماد على عسل النحل المتوافر فيها ولذلك سمي هذا السفر بشهر العسل) ([14]).
    ونحن نقول للزوج ولزوجته هل العلاقة التي بينكما غير مشروعة حتى تقلدان الكفار بهذه التسمية؟! الجواب طبعا: لا.. إذا اربؤوا بأنفسكما عن هذه التسمية القبيحة والسبب الأقبح.
    ولعلي في حديثي عن السفر أذكر بعض القصص التي حدثت لبعض الفتيات اللاتي تربين في بيوت صالحة أو بيوت محافظة ولكنهن ابتلين بأزواج فتنوا بالسفر إلى الخارج معتقدين جهلا أن السفر إلى الخارج من مقومات الزواج الناجح أو لأسباب سيرد ذكرها فيما بعد كما سترد قصص لبعض المتزوجين من غير المسافرين ومواقف بعض الآباء والأمهات من سفر أبنائهم وبناتهم للخارج وهذه القصص تكرر حدوثها في أكثر من بلد وفي أكثر من أسرة.
    وثمة مبرر آخر لذكر القصص وهو أننا نعرف المراحل التي مر بها السفر ابتداء من نية السفر وانتهاء بعودة العروسين إلى أهلهما بسلام متلطخين بكثير من الوزر والآثام.
    فنبدأ مستمدين العون والتوفيق من الله جل شأنه داعينه سبحانه أن يسدد خطانا ويصلح مقصدنا ومغزانا وقد عنونت هذه القصص بعنوان:




  • #2
    رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



    "للمسافرين والمتزوجين"
    القصة الأولى
    أعدني إلى بيت أهلي
    شاب سافر هو وزوجته إلى الخارج وكانت من بيت صالح وقد تربت على الصلاح والستر والحشمة والعفاف وكان هذا الزوج يرغب في إقناعها بنزع الحجاب عن وجهها!
    وفعلا بدأ بإقناعها بهدوء ولكنها لم تستجب لطلبه وتمسكت بحجابها ومضت الأيام وهو صابر على مضض ومتحمل على كره وما زال يقنعها يوما بعد يوم بهدوء ومن غير إصرار, وفي يوم من الأيام وفي أحد شوارع إحدى البلدان الغربية سار بعض الأطفال خلف زوجته وأخذوا يرددون كلاما لا تعرفه هذه الزوجة فكانت فرصة زوجها التي لا تعوض, حيث قال: إنهم يسخرون منك ويسمونك الوحش والبعبع! إلى غير ذلك مما بدأ يترجمه هذا الزوج بأمانة وإخلاص من كلام سفهاء الكفار، ولكنها ظلت على سترها وحشمتها ثم قال: كفى تحجبا انزعي الحجاب, فإنه لا يرانا أحد ممن يعرفوننا! فردت عليه بالرفض وحاول ثانية وثالثة ولكن دون جدوى وفي يوم من الأيام طال بينهما الجدل فقالت: إذا كنت مصرا على أن أنزع حجابي عن وجهي وآثرت رضا الناس على رضا الله فأعدني إلى بيت أبي!
    فتغير وجهه وجف ريقه, ثم قالت: نعم أعدني إلى أهلي فلقد خرجت من بيت أبي عفيفة محتشمة ولم أوافق على الزواج منك إلا لتعفني وتسترني لا أن تعرض وجهي للذئاب البشرية تنهشني بعيونها الجائعة، واعلم أن الطعام والشراب والكساء متوافر في بيت أبي أكثر مما عندك.
    فلست مستعدة لأن أنزع حجابي الذي أمرني به ربي جل وعلا بقوله لنبيه r: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا{([1]).
    ثم قالت:
    أما علمت أن هذه الآية أوجبت على كل مسلمة أن تغطي وجهها وكفيها وجميع بدنها, فلماذا نستجيب لسفهاء الكفار ونرفض أوامر الله وأوامر رسوله r؟ أما سمعت قول الحق تبارك وتعالى: }اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ{([2]).
    فلما رأى قوة إيمانها وشدة تمسكها بحجابها تركها وحرص على ألا تخرج معه دائما، وبعد انتهاء فترة السفر عادا معا ولم يجرؤ على السفر بها بعد تلك المرة حيث لقنته درسا في الاعتزاز بالدين والتمسك بشرائعه وآدابه حتى في بلاد الكفار؛ إذ ليس لتطبيقه مكان أو زمان محددان؟

    ونحن نقول:
    لهذا ولأمثاله أما سمعتم قول الحق تبارك وتعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ{([3])، ونقول لهم: لا خيار لكم في ما أمر الله به أو أمر به رسوله r واسمعوا مصداق ذلك في كتاب الله قال سبحانه: }وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا{([4]).
    ونقول لهذه الزوجة وأمثالها هنيئا لكن بهذا الإيمان الصادق والاعتزاز بالدين وعدم التنازل عن شيء من أحكامه.
    وأرجو أن تكوني ممن قال الله تعالى فيهن: }فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ{([5]) واسألن العلماء عن حكم سفركن مع أزواجكن للخارج.
    * * * * *

    تعليق


    • #3
      رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



      القصة الثانية
      إنهم يفسدون الصالحات
      امرأة مسلمة صالحة اتصلت بأحد العلماء قائلة: إن زوجي يسافر بي ويجبرني على نزع الحجاب فما العمل؟ وأمثال هذه كثير والجواب بلا شك قول النبي r : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»([1])، أرأيتم يا عباد الله: إنهم يفسدون الصالحات.
      ونحن نقول:
      لهذا ولأمثاله من سفراء الغرب في بلاد المسلمين أما علمتم أن نزع الحجاب من وجه المسلمة هي أمنية أعداء الإسلام واسمعوا إلى أحد الماسونيين وهو يقول: (لن تستقيم للشرق حالة حتى ينزع الحجاب من وجه المرأة ويغطى به القرآن).
      فيا سبحان الله نساء يردن الحشمة والستر ورجال يريدون التبرج والانحلال! ويجدر بنا هنا أن نذكر مثالا للغيرة عند بعض الجاهليين قديما لنرى مدى ما وصل إليه بعض الرجال في هذا الزمان من ضعف في الإيمان وقلة في الحياء وعدم الغيرة على محارمه حتى صدق فيهم قول الشاعر:
      أشباه الرجال ولا رجال






      أجسام البغال وأحلام العصافير



      كان رجل وامرأته يمشيان سويا, فنظر رجل آخر إلى هذه المرأة التي تمشي مع زوجها, ونظرت إليه, فقال لها الزوج: أنت طالق!! ثم تمثل هذين البيتين:
      إذا وقع الذباب على الطعام






      رفعت يدي ونفسي تشتهيه


      وتجتنب الأسود ورود ماء






      إذا كن الكلاب ولغن فيه



      الله أكبر ما هذه الغيرة من عربي جاهلي؟
      نحن لا نريد من الأزواج أن يطلقوا نساءهم إذا نظر إليهن الرجال الأجانب، ولكن نقول لهم: مروا نساءكم بالستر والحشمة فأنتم مسؤولون عنهن أمام الله يوم القيامة، فكيف تأمرونهن بنزع الحجاب «فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»([2]).
      قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{([3]).
      * * * * *

      تعليق


      • #4
        رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



        القصة الثالثة
        لم أسافر وأنا أريد أن أحتجب!؟
        رجل سافر هو وزوجته لقضاء ما يسمى: بشهر العسل ـ عفوا ـ شهر المعصية، واتفق مع صديقين على اللقاء في بلد ما وتم اللقاء واجتمع الثلاثة مع زوجاتهم السافرات المتبرجات وكأن من مقتضيات السفر التخلي عن ضوابط الدين ومبادئ الحشمة أو أن الحجاب عادة موروثة لم تنزل بوجوبها الآيات ولم تصرح بها الأحاديث، وقد نزع من وجوههن الحياء بعد أن نزعن عنها الحجاب؛ لأن النبي r أخبرنا في الحديث الصحيح بذلك فقال: «إن الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر»([1]).
        وعندما سئلت إحداهن بعد عودتها إلى أهلها عن عدم التزامها بالحجاب قالت وبكل جرأة: لم أسافر وأنا أريد أن أحتجب!!؟
        ونحن نقول:
        صدق رسول الله r : «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»([2]).
        الله أكبر! ماذا دهى بنات حواء وماذا أصاب فتيات المسلمين؟! يا أمة الله, أتجاهرين بمعصية الله؟! فاعلمي أنك ضعيفة مسكينة ألا تقرئين قول الحق تبارك وتعالى: }اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ{([3]).
        فلا تغترِّي بالشباب وتتمردي على أحكام رب الأرباب، ألا تخافين أن تكوني ممن قال الرسول r عنهن في الحديث الصحيح: «وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم»([4]). أي: ندرة الداخلات منهن للجنة كندرة هذا النوع من الغربان. أما (الزوج عديم الغيرة) فلم يمنعها من التبرج وإلا لما فعلت ما ذكرت ولما جاهرت بما صنعت ولكن (إنهم يفسدون الصالحات) فكيف بالفاسقات؟
        نسأل الله لهن الهداية والصلاح.
        * * * * *

        تعليق


        • #5
          رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



          القصة الرابعة
          سافرت للخارج وعادت وهي غير راضية
          فتاة صالحة زوَّجها والدها شابا مقصِّرا في كثير من أمور دينه، وسافر بها بعد الزواج لقضاء فترة ما بعد الزواج خارج البلاد ولم تكن راضية ولم يكن لوالدها دور في إقناع هذا الزوج بالعدول عن السفر.
          وبعد عودة الفتاة إلى بلدها وإلى أهلها بدأت تحذر كل فتاة من السفر خارج المملكة وتعدد مفاسده التي أقلها ما يرى من مناظر مزرية وملابس فاضحة في المطارات التي تقلع منها أو تهبط فيها الطائرة، وكانت بعض السفيهات من المراهقات والمتزوجات يسمعن هذه الفتاة وهي تحذر من السفر للخارج, فقلن بالحرف الواحد: (لأول مرة نسمع بنتا تسافر للخارج وتعود غير راضية) وهذا الكلام يعني أن معظم اللاتي يسافرن خارج المملكة وخاصة إلى بلاد الكفار يعدن مسرورات وهذا دليل على ضعف إيمانهن وأنهن سررن بالسفر رغم معصيتهن لله ولرسوله r ابتداء بكشف الوجه والتصوير والتبرج وانتهاء بمدح الكفار والإعجاب بحضارتهم الزائفة، بل إن النبي r قال: «إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن»([1]).
          وتعليقنا على هذه القصة هو:
          هنيئا لهذه الفتاة على ندمها ونسأل الله أن يزيدها صلاحا واستقامة وثباتا ويا أسفا على أزواج يبحثون عن سعادة زوجاتهم في معصية الله.
          * * * * *

          تعليق


          • #6
            رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



            القصة الخامسة
            كانت تالية للقرآن فأصبحت مستمعة للغناء
            فتاة صالحة بل مؤمنة داعية تزوجت من شاب مضيع لكثير من أمور دينه، همه سيارته ومظهره وكأني بهذه الفتاة تقول قبل الزواج: (لعل الله يهديه على يدي) لأنها كانت تعلم عدم استقامته ولكن..
            تم الزواج وبدأت محاولات الزوجة لنصح زوجها وتوجيهه ليصلح من حاله مع الله إلا أنه كان يقنعها في أي منكر تناصحه عنه ويهون الأمر في نظرها ويحتج أحيانا بأنه أفضل حالا ممن هم أسوأ منه! ومع استمرار النصيحة واستمرار الإقناع والتبرير ظهر بعض التغير إلا أن ذلك كان مقابل تنازلها عن كثير مما لا يجوز التنازل عنه حتى أصبحت مستمعة للغناء بالإكراه بعد أن كانت تالية للقرآن برغبة وإقبال!؟ ([1]).
            ولا تزال على هذه الحال مع أنه يتهمها بالتشدد ويكره نصحها له ولكنها صابرة وتشكو حالها إلى الله وحده. وأخيرا طلقها, لأنها تدعوه إلى الله والجنة ولكنه اعتاد على حياة اللهو والعبث زاعما البحث عن السعادة, فرغب عنها إلى من تعينه على لهوه أو تكون شيطانا أخرس أمام منكراته, وظن أنه بطلاقه لها ارتاح منها! وما علم أنها هي التي ارتاحت منه فقد زادت بعده هدى وإيمانا وزاد بعدها لهوا وطغيانا فأيهما الخاسر في ميزان العقلاء؟
            وتعليقنا هو:
            يا ويل والد يلقي بابنته الصالحة العفيفة في يد شاب فاسق عاص لله ولرسوله بحجة أنه (ولد حمو له) أو أنها (أعطيت له منذ الصغر) أو (أن والده عزيز عليهم) أو أنه (صديق أحد إخوانها وله فضل عليهم) فهذا غش لها؛ قال عليه الصلاة والسلام: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»([2]).
            ونقول أيضا يقول النبي r : «ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له سترا من النار»([3]).
            وهذا الأب أساء لابنته ولم يحسن لها وستخاصمه أمام الله يوم القيامة حين لا ينفع الندم, لأنه لم يختر لها صاحب الدين والخلق.
            * * * * *

            تعليق


            • #7
              رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



              القصة السادسة
              هذا وأمثاله لا يستحقون الصالحات الشريفات
              فتاة صالحة تربت في بيت محافظ فهي شريفة وعفيفة لم تدنس سمعتها الألسن ولم يَلُكْ عرضها الفُسَّاق. زوجها والدها شابا لا يعرف للزوجة حقا إلا في المتعة والسفر والذهب والفساتين وغير ذلك من متاع الدنيا.
              ومن أول ليلة وقبل دخوله بها لاك عرضها أمام زملائه السفهاء حيث بدأ يطلق لسانه في عرض فتاة شريفة لم تقبل الزواج منه إلا لصيانة عرضها وحفظ كرامتها والسكون إلى زوج تحبه ويحبها (ولكن هذا وأمثاله لا يستحقون الصالحات الشريفات) لأنه عندما قال له أحد زملائه لم لا تكثر من العشاء؟ أم أنك تخشى من العجز هذه الليلة؟ (وكأن الهدف الأول والأخير من الزواج هو الجماع والمتعة الجنسية فقط).
              (وهذه عادة أصدقاء السوء قذري الألسن بذيئي الكلام) فنصائحهم وتعليقاتهم ومزاحهم وذكر خبراتهم كلها عن الجنس وما حوله).
              فأجاب هذا الزوج من سأله عن سبب عدم إكثاره من العشاء قائلا: لأن عندي الليلة ... (وذكر كلاما ووصفا لما سيفعله مع زوجته... كلاما فيه بذاءة وقذارة وفيه إساءة لهذه الفتاة الصالحة.
              وأنا أسأل: هل ستوافق هذه الفتاة على هذا الشاب لو علمت عن خلقه وقلة حيائه؟ ولا أبالغ إذا قلت: هل ستبقى معه لو علمت أنه يقول ذلك بعد زواجه؟ أظن أن الجواب معروف.
              وتعليقنا على هذه القصة هو:
              هذا الشاب لا ينطبق عليه قول النبي r : «إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فانكحوه»([1]). ولكن يظهر لنا أن سبب تزويجه لهذه الصالحة ليس دينه وخلقه بل مظهره وأناقته, فإنا لله وإنا إليه راجعون.
              وهذا الفعل بذاءة تنافي حسن الخلق اللذين قال النبي r فيهما: «ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن فإن الله تعالى يبغض الفاحش البذيء أو الفاجر البذيء»([2]).
              بل إن النبي r شبَّه من يذكر ما يحصل بينه وبين زوجته بالشيطان عندما قال: «هل فيكم رجل إذا أتى فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله؟» قالوا: نعم، قال: «ثم يجلس بعد ذلك فيقول: فعلت كذا، فعلت كذا» فسكتوا ثم أقبل على النساء، فقال: «هل منكن من تحدث (أي عما يحصل بينها وبين زوجها)» فسكتن، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها، وتطاولت لرسول الله r ليراها ويسمع كلامها، فقالت: يا رسول الله! إنهم ليحدثون وإنهن ليحدثن فقال r : «هل تدرون ما مثل ذلك, إنما مثل ذلك شيطانة لقيت شيطانا في السكة فقضى حاجته والناس ينظرون إليه! ألا إن طيب الرجال ما ظهر ريحه ولم يظهر لونه ألا إن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه»([3]).
              فاتقوا الله يا عباد الله واستتروا بستر الله ولا تهتكوا حرماتكم واحذروا أيها الأزواج من أن تكونوا ممن يفسدون الصالحات ويلوكون أعراض نسائهم الفاضلات.
              * * * * *

              تعليق


              • #8
                رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



                القصة السابعة
                لقد استطاع أن يكسر حاجز الحياء والخجل لديها!
                فتاة صالحة نشأت في بيت وتعودت فيه على الالتزام بالحجاب الإسلامي الكامل والحياء والحشمة تزوجت من شاب فاسق يُرى أثر الفسق على وجهه وملابسه لم تكن هذه الفتاة تكشف وجهها حتى عند الضرورة "العلاج" فكشفته عند المصور لأخذ صورة لجواز السفر!
                لأن (زوجها) العصري! ممن انبهروا بحضارة الغرب الزائفة وممن هزموا نفسيا, فيريد أن يفتتح أيام زواجه ويستهلها بالسفر إلى بلاد الغرب.
                فوافقت هذه الفتاة المسكينة التي لا رأي لها وهي تعتقد أن الزوجة لا رأي لها ولا تستطيع رفض أوامر الزوج ولو كانت معصية لله (على الأقل أول أيام الزواج وهذا من الجهل وقلة التقوى أو كليهما).
                كانت هي المرة الأولى التي تكشف وجهها عند رجل أجنبي لذا خجلت وتصبب العرق من وجهها, لأنها ما زالت ذات حياء وحشمة واستطاع هذا الزوج عديم الغيرة أن يكسر حاجز الحياء والخجل لديها وتوالت بعد ذلك المخالفات وانتهاك المحرمات في شهر المعصية، كانت تمج تخفيف الحجاب فخففته بطلب من الزوج بل هتكت ونزعت بعضه برضاه وتحت إشرافه! يزعم أنه يغار عليها ولكن لا يمانع أن يشاركه غيره في النظر إلى جسدها! هو يحبها ويزعم أن سفره بها إلى بلاد الكفار دليل على ذلك الحب.
                هو يشكر الله بلسانه أما لسان حاله فكفران لنعم الله! ودليل ذلك علاقته بربه وحال زوجته في السفر, هو يريد متعتها ولكن لا يهم إن كان على حساب حيائها ودينها, هو يزعم أنه نقلها من حياة الملل والروتين إلى حياة الرفاهية والسعادة, نعم, لقد نقلها من حياة القرار في البيت والحشمة في بلدها إلى حياة السفر والتبرج والفيديو وإضاعة الصلاة وفي ختام شهرهما وبعد العودة قال: نحن نعترف بأن للسفر أضرارا ولكن "هو الزواج كم مرة".
                وتعليقنا هو:
                مسكينٌ هذا الشاب وأمثاله ممن يعتقدون أن أثر هذا السفر قد زال بمجرد عودتهم إلى بلادهم، لا أيها الشاب إن آثاره باقية ومكتوبة قال جل وعلا: }فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ{([1]) ومن لم يندم على سفره وعلى كل ما ارتكبه من محرمات فهذا لم يَتُبْ.
                فالتصوير للسفر لا يعتبر ضرورة وهو محرم، والسفر إلى بلاد الكفار محرم أيضا وعدم إظهار الدين في البلاد التي يسافر إليها الرجل وزوجته كل ذلك لا يبيح له السفر.
                وأما ما يعتقده بعض الشباب الذين يلزمون زوجاتهم أو يقنعونهن بنزع الحجاب إذا سافروا أن الحياء كالثوب تنزعه هناك وتلبسه هنا فهيهات هيهات لهم أن يعود الحياء الذي نزعه برضاه هناك إلى وجه زوجته إلا أن يشاء الله, لأنه كما قال الشاعر:
                إذا قل ماء الوجه قل حياؤه






                ولا خير في وجه إذا قل ماؤه



                ونذكر لهذا ولأمثاله قول الله تعالى: }وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا{([2]).
                * * * * *

                تعليق


                • #9
                  رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



                  القصة الثامنة
                  حاولنا منعه من السفر لكنه رفض!
                  فتاة صالحة تزوجها شاب, حاله كحال كثير من الشباب الذين يحسبون للدنيا ألف حساب, ولا يحسبون للدين أي حساب إلا ما وافق رغباتهم.
                  قرر السفر خارج المملكة وعندما قيل لأهله: انصحوه وأقنعوه بالبقاء هنا، قالوا: حاولنا ولكنه رفض! وهو مصمم على السفر, الله يهديه, مع أنه لو أراد أن يتزوج ممن هم أقل منه نسبا لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها ولوقفت له الأسرة كاملة ولمنعوه بالقوة, ولو أصر لهددوه بالقطيعة أو القتل كحال بعض البادية, مع أن الزواج بمن هي أقل نسبا جائز, ولا شيء فيه }إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ{([1]) إلا إذا ترتب عليه مفسدة فيعدل عنه.
                  وفي الآية السابقة دلالة على أن التقوى والصلاح مقدمان على غيرهما ويؤيد ذلك قول النبي r : «تنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك»([2])، فأكد على ذات الدين، وعندما قيل لأهل الزوجة: أقنعوا ابنتكم وزوجها بالعدول عن السفر؛ فمفاسده كثيرة قالوا: (ماذا نفعل، هو زوجها وهما أحرار, نحن عجزنا عن إقناعها ولا نريد أن نكدر عليهما حياتهما) الله أكبر! ما هذا المقياس؟ ماذا لو كان قد وعدهم بأن يسكنها في بيت لوحدها, فلم يتيسر له ذلك, ماذا لو علموا أنه متزوج بأخرى؟!
                  بل ماذا سيفعلون لو أخل بشرط من شروط الزواج ولو كان إحضار خادمة كافرة أو مربية مشركة؟ هل سيقولون هو زوجها وهما أحرار لا نريد أن نكدر عليها حياتهما؟!
                  لا.. لن يقولوا ذلك, ولن يعلنوا عجزهم بل سيلزمونه بكل الشروط ولو أدى ذلك إلى دخول المحاكم.
                  أما منعه عن المعصية, فهم عاجزون, فيا سبحان الله.
                  نرقع دنيانا بتمزيق ديننا






                  فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع



                  والأب الذي لا يستطيع أن يمنع ابنه أو ابنته من السفر إلى بلاد الكفار (لا يستحق أن يكون أبا) وهو مسؤول عن تفريطه هذا يوم القيامة قال سبحانه }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{([3]).
                  فيجب على المسلم أن يقي نفسه وأهله من النار والبنت من الأهل، بل قيل إنها من نفس الإنسان, لأنها خرجت من صلبه, فحذار من التهاون أيها الآباء ومن الرضوخ لرغبات النساء المحرمة ولا تغلبنَّكم النساء على رجولتكم فإن القوامة لكم فلا تأخذكم في الله لومة لائم، واسألوا العلماء عما أشكل عليكم من أمور النساء والزواج والسفر وغيرها ولا ترضوا المخلوقين وتسخطوا الخالق جل شأنه، قال الله تعالى: }فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{([4]) ويقول المصطفى r : «من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس»([5]).
                  * * * * *

                  تعليق


                  • #10
                    رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين


                    القصة التاسعة
                    قالا: سنذهب للعمرة!!
                    شاب تزوج حديثا ولملم حقائبه واستكمل إجراءات سفره هو وزوجته وعندما سئل إلى أين؟ قال: في المملكة لن نذهب بعيدا، قالها: وهو غير صادق وأمثاله كثير ـ هداهم الله ـ بل إن بعضهم يتفق مع زوجته من أول يوم على أن يقولا لمن سألهما عن وجهة السفر ـ أن يقولا ـ سنذهب للعمرة, وهما كاذبان (وهو بهذا يضحك على نفسه ويفسد زوجته) وهذا هو أول الدروس والمكاسب التي جنتها الزوجة من هذا الزوج الذي اعتبره والدها مكسبا عندما تقدم لخطبتها, لأنه إما صاحب مال أو منصب أو جاه.
                    أما الدَّيِّن فلو نصحوا بعدم تزويجه, لأنه مفرط في دينه مضيع لصلاته معرض عن كتاب ربه هاجر لسنة نبيه r لقالوا: هو أفضل من غيره وعسى الله أن يصلحه، ثم إن البنت وافقت على الزواج منه.
                    وتعليقنا هو:
                    سبحان الله! ما هذه الحجج يا عباد الله؟ ألم يقل الله سبحانه وتعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ{([1]) أليست هذه البنت أمانة عندك أيها الأب؟ لم تضعها في يد شاب عاص لله راغب عن سنة رسول الله؟ ألستَ تعلم أنك راع لها وستسأل عنها يوم القيامة؟ لم تسلمها لشاب فاسق يفسد عليها دينها ودنياها فكما قال بعض السلف (من زوج كريمته من فاجر فقد قطع رحمها) ([2]).
                    ألم تعلم توجيه النبي r لك ولأمثالك من أولياء أمور الفتيات عندما قال: «إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»([3]).
                    أما علمت أن الفتاة ضعيفة غير قادرة على اختيار الزوج ومعرفته، لأنها درة مصونة في المنزل وجوهرة مكنونة في بيتك وأنت واجب عليك اختيار الزوج الصالح لابنتك وتستطيع السؤال عنه ومحادثته ومعرفة بعض مخبره من مظهره وحديثه، كما تستطيع أن تسأل إمام مسجد حيه وزملاءه في العمل وهي ليس لها ذلك كله.
                    فليس الخبر كالمعاينة, وليس النقل كالمحادثة بل إن عرض البنت على شاب صالح مستقيم أمر مطلوب في هذا الزمن بالذات, إذا تأخَّر خُطَّابها فلقد سبقنا من هو خير منا إلى هذا العمل.
                    وهذا توجيه خاص بالعقلاء أما السفهاء فهم يستهجنونه، لأنهم لا يعرفون قصة عثمان بن عفان رضي الله عنه ولا قصة سعيد بن المسيب رحمه الله.
                    ولأن الفتاة قد يخدعها معسول الكلام من شاب يهاتفها أو يراسلها أو يكلمها مباشرة في لحظة عابرة فتوافق على الزواج منه.
                    ولأنها قد تخونها العاطفة في اختيار الزوج, فيفسد عليها دينها إن كانت صالحة أو يزيدها عصيانا وفسقا إن كانت غير صالحة لذا اعتبر الإسلام موافقة الولي شرطا أساسيا في صحة الزواج فقال r: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل»([4]) ولكن الإسلام قيده في حدود مصلحتها فإذا تعسف الولي في استخدام هذا الحق الذي أعطاه إياه الإسلام, فللفتاة مراجعة القاضي بذلك فإذا ثبت له رفضه تزويجها لمجرد الهوى زوجها القاضي بمن تشاء بعد التأكد من صلاحه، الله أكبر يا عباد الله, كم في هذا الدين من الحلول لما وقعنا فيه من مشاكل في شتى المحالات لو أخذنا به جملة وتفصيلا قال تعالى: }مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ{([5]).
                    وقال سبحانه: }وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{([6]).
                    ولنعد إلى قصة الذي اتفق مع زوجته على أن يقولا سنسافر للعمرة وإذ بهما في الشرق أو الغرب.
                    أيها الزوجان لماذا تبدآن هذا الزواج بمعصية الله؟ لماذا تقتطعان هذه الفترة من حياتكما بمعصية الله في سفركما إلى بلاد كافرة؟ أو إلى بلاد تحاد الله في أنظمتها وقوانينها؟ أو إلى بلادٍ الحلالُ فيها قليل وصعب, والحرام فيها كثير وميسور؟ ألا تتدبرون قول الله جل وعلا: }إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا{([7]) لماذا تقتطعان هذه الفترة من حياتكما للشيطان والله سبحانه وتعالى يقول: }قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{([8]).
                    من يضمن لكما الحياة حتى تعودا؟ أما سمعتما من مات وهو ساجد لفاجرة كافرة؟ أما سمعتما من مات وهو يدخن؟ أما سمعتما من مات وهو سكران؟ أما سمعتما من مات وهو يغني؟
                    إن هذا المسكين وزوجته أرضيا الناس وأسخطا الله! وما علما أن رسول الله r يقول: «من أرضى الناس بسخط الله وَكلَه الله إلى الناس ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس»([9]).
                    ولمَِ الكذب وهو طريق إلى الفجور والنار قال r : «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا»([10]).
                    ولمَ الكذب والله سبحانه وتعالى يقول: }مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ{([11]) بل إن بعض الشباب يحلف بالله ليرضي من سأله أنه لن يسافر (وهو كذاب) وهذا والعياذ بالله تشبه بالكفار الذين قال تعالى عنهم: }يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ{([12]).
                    فتوبوا إلى الله يا من فعلتم أو قلتم مثل ذلك فالتوبة تَجُبُّ ما قبلها واعلموا أن من أهم شروط التوبة الندم فمن لم يندم على ما فعل فهو لم يتب ولو لم يعد إلى فعله المحرم، نسأل الله أن يتوب علينا وعلى المسلمين إنه تواب رحيم.
                    * * * * *

                    تعليق


                    • #11
                      رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



                      القصة العاشرة
                      لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
                      شاب تزوج حديثا وبيت النية على السفر إلى بلاد كافرة بزوجته المسكينة التي لا رأي لها، بل يقودها كما تقاد الشاة لأنها تعتقد أنه لا ينبغي معصية الزوج من بداية مشوار الحياة الزوجية أو لا تريد تعكير صفو هذا الزواج (كما تقوله بعض الجاهلات) أو (أنها معصية بسيطة) وتسلي نفسها بأنها غير راضية في قلبها ولو لم تظهر ذلك وأنها مرة واحدة فقط وأنها ستنصحه عن ذلك بعد العودة من السفر وكأن معها ضمانا بالحياة حتى تعود من سفرها المحرم (نعم, المحرم وسنورد فتاوى العلماء في السفر إلى بلاد الكفار في ثنايا هذا الموضوع).
                      أقول لهذه الفتاة ولأمثالها:
                      اعلمي أن الله جل وعلا يقول: }أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{([1])، ويقول الرسول r : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»([2])، فينبغي بل يجب على الزوجة أن لا تطيع زوجها فيما حرم الله ولو كان بعد دخوله عليها ليلة الزفاف بساعات أو دقائق ولتعلم أن الله يدافع عنها قال سبحانه: }إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ{([3])، وقال تعالى: }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا{.. وقال: }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا{([4]) وقال سبحانه: }وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ{([5]) فمن أراد الله نصرته نصره ولو اجتمع عليه من بأقطار الأرض كما جاء في الحديث: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك...»([6]).
                      هذا الشاب الذي نحن بصدد الحديث عنه تظاهر أمام أهله وأهل زوجته بأنه قاصد إحدى مدن بلاده للنزهة والابتعاد عن الإزعاج وغيره وبعد أن فارقهم هاتفهم بالهاتف من المطار وقال إننا مسافران! وعندما يسأل عن هذا الأمر وسبب عدم إبلاغهم قبل ذلك يحتج بأنه لم يقرر السفر إلا بعد ذهابه عنهم!
                      بل إن بعضهم لا يخبر أهله إلا بعد عودته محتجا ومعتذرا بأن قرار السفر جاء متأخرا, وهو غير صادق ولكن فعل ذلك حتى لا يحرج بالنصيحة وحتى تفوت الفرصة على من يريدون إقناعه, بل إن بعضهم لا يخبر أحدا إلا أصدقاءه المقربين من باب التفاخر ولهذا الشاب وأمثاله يقال تذكر قول الحق تبارك وتعالى: }يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ{([7]) واعلم أن أعضاءك ستشهد عليك بما فعلت هذه الأعضاء التي أردت متعتها في الدنيا ولم تمنعها مما يسخط الباري جل وعلا وينجيها من النار يوم القيامة قال تعالى: }الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ{([8]).
                      وصح عن النبي r أنه قال: «يقول العبد يوم القيامة يا رب ألم تجرني من الظلم؟ فيقول: بلى، فيقول (العبد) إني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني فيقول الله تعالى }كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا{ وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه ويقال لأركانه: انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل»([9]).
                      فاتق الله في نفسك وعد إلى رشدك واندم على فعلك وإياك والتكبر على الحق, فإنه مهلكة وأي مهلكة.
                      * * * * *


                      تعليق


                      • #12
                        رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



                        القصة الحادية عشرة
                        الله يأمرنا بالسير والسياحة!
                        شاب تزوج لِتَوِّه وجمع حقائبه كغيره من الشباب المهزومين نفسيا وممن أصيبوا بمرض حب السفر بعد الزواج ووافقتهم على ذلك ضعيفات الإيمان من الفتيات.
                        وعندما نصح بترك السفر خارج بلاده فكل ما يريده من متعة وأنس وغيرهما من المباحات في بداية زواجه سيحصل عليه في بلاده وحتى لو لم يحصل على ما يريد لا يجوز له أن يرتكب المحرم من أجل إشباع نزوته وإطلاق العنان لنفسه.
                        أقول عندما نصح بترك السفر خارج بلاده رد قائلا: الله سبحانه وتعالى أمرنا في كتابه الكريم بالسير في الأرض والسياحة!
                        وتعليقنا هو:
                        الله أكبر يا أمة الإسلام تأخذون من القرآن ما تشتهون وتنعقون بما لا تعرفون.
                        إن الله سبحانه وتعالى قال:}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ{([1]).
                        والنبي r نهى عن الإقامة بين المشركين عندما قال r : «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين»([2]).
                        لذا فالسفر إلى بلاد الكفار محرم إلا عند الضرورة كالعلاج الذي لا يجده الإنسان في بلاده (وهذا نادر ولله الحمد في هذا الزمن في بلادنا). أو يكون المسافر مضطرا لذلك كالتجارة أو تعلم علم تكون البلاد بحاجة ماسة إليه كبعض التخصصات النادرة، فيجوز ذلك بقدر الحاجة وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين.
                        شروط السفر من أجل العلم والدراسة:
                        يشترط كذلك لجواز هذا السفر أن يكون المسافر مظهرا لدينه معتزا بإسلامه مبتعدا عن مواطن الشر حذرا من دسائس الأعداء ومكائدهم.
                        ويشترط للسفر من أجل العلم ثلاثة شروط, لأنه يستدعي البقاء فترة قد تكون طويلة وهي:
                        1-أن يكون لديه دين يمنعه من الشهوات.
                        2-أن يكون لديه علم يدفع عنه الشبهات.
                        3-أن تكون البلاد بحاجة ماسة إلى تخصصه أو العلم الذي سيتعلمه.
                        فهل هذه الضوابط متوافرة لدى من يسافرون بعد الزواج؟
                        إنني أجزم أن أكثرهم ليس لديه علم بحرمة السفر وضوابطه أو قد يكون لديه علم ولكن ليس لديه دين (إيمان قوي) يمنعه من الشهوات بدليل أحوال المسافرين في المطارات حيث يجترئون على ما حرم الله بدافع الهوى والشهوة، وإنك لتعجب أشد العجب إذا رأيت الفتيات المحتشمات في بلادهن وبين أهلهن وبمجرد ركوبهن الطائرة يظهرن ما أمرهن الله بستره! والأعجب من هذا موافقة الرجال وإلا فإنهن ناقصات عقل ودين إذا لم يجدن من يخوفهن بالله ويحذرهن من مغبة مخالفة أوامر الله ولكن يزول العجب إذا علمت أن بعض الأزواج هم الذين يأمرون نساءهم بنزع الحجاب, وعندما تصعد الطائرة في أيام الأجازات وتجول بناظريك في الرجال وبجوارهم نساؤهم المتبرجات يقفز إلى ذهنك قول الشاعر:
                        فما كنت العذراء تبدي سترها






                        لو كان في هذي الجموع رجال



                        لكنهم ذكور زالت رجولتهم بزوال غيرتهم على نسائهم فلا حول ولا قوة إلا بالله.
                        فتوى سماحة المفتي في حكم السفر لبلاد الكفار بقصد النزهة:
                        لقد أفتى سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية ومفتي عام المملكة, حفظه الله, بحرمة السفر لبلاد الكفار بقصد النزهة وكفى به علما وفقها (نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا) فقال سماحته: (السفر إلى بلاد المشركين من المحرمات، نص العلماء على تحريم السفر إلى بلاد الشرك، وهذا هو الأصل وقد نعى الله على الذين بقوا بين المشركين وبين خطرهم وعقابهم في النار وأنهم ظالمو أنفسهم بإقامتهم بين المشركين.
                        فليس للمؤمن أن يسافر إلى بلاد أهل الشرك بل يجب علي الامتناع عن ذلك والبقاء بين إخوانه المسلمين.
                        ومما ورد في هذا قول النبي r : «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين»([3]) ويروى عنه r أنه قال: «من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله»([4])، وجاء في الحديث الصحيح: «لا يقبل الله تعالى من مشرك أشرك بعدما أسلم عملا حتى يفارق المشركين إلى المسلمين»([5]).
                        فالواجب عدم السفر إليهم والبقاء بين أظهرهم لما فيه من الخطر العظيم, لأنه قد يستحسن أحوالهم وقد تؤثر فيه بعض شبههم وقد يشاركهم في بعض المعاصي فهو على خطر.
                        وأعظم من ذلك أن يستحسن دينهم أو تنقدح في قلبه شبهة من شبههم فيشك في دينه ويرجع من ذلك كافرا مرتدا نسأل الله العافية).
                        هذا بعض ما ذكره سماحته عن السفر إلى بلاد المشركين.
                        فما هي حجة المسافرين بزوجاتهم أو المسافرين للهو والنزهة هناك, ليس لهم حجة أو دليل ولكنه الإعراض عن أوامر الله وعدم استفتاء العلماء عن ذلك اتباعا للهوى والشيطان.
                        وقد قال r : «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين لا تراءى ناراهما»([6]).
                        وسبب سفر بعض الشباب إلى بلاد الغرب هو الإعجاب الذي يبينه البعض منهم ويبيته البعض الآخر (كما قال أحد العلماء).
                        وقال: حتى أن الذهاب إلى بلاد الغرب أصبح أمنية يتمناها كثير من المسلمين يفتخر أنه زار ذلك البلد الغربي! لماذا يفتخر؟ هذه هزيمة نفسية قاتلة وإعجاب بالغرب وما عنده.
                        يشعر بمركب نقص, إذا قال إنني أحمل شهادة من بلد إسلامي, ولكنه يرفع رأسه عاليا إذا حمل شهادة من بلد غربي.
                        والسير الذي أمر الله به من أجل التأمل ثم التدبر ثم الحذر ثم الخشية، التأمل فيما تقع عليه عين السائح من حيوانات ونباتات وغيرهما حيث تستشعر قدرة الله عز وجل فيه.
                        (وفي كل شيء له آية






                        تدل على أنه الواحد) ([7])



                        وقد أنكر الله عز وجل على أناس يسيحون في الأرض، ولا يتأملون فقال سبحانه: }وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ{([8]).
                        وكذلك التأمل لحياة الأمم السابقة وأحوالها وما أجرى الله عليها من غضبه قال سبحانه: }ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ{([9]).
                        وقال سبحانه: }وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ{([10])، ولنتأمل الأمم الحاضرة التي ابتلاها الله تعالى بالحروب والنكبات من جوع ومرض وزلازل وبراكين وما إلى ذلك، فنستشعر نعمة الله علينا ونعلم أن سنة الله هذه إنما تجري على كل أمة غلبت فيها المعاصي وصدق الله إذ قال: }وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا{([11]).
                        قال الشاعر:
                        إذا كنت في نعمة فارعها






                        فإن المعاصي تزيل النعم


                        وحطها بطاعة رب العباد






                        فرب العباد سريع النقم



                        أيها المسلمون:
                        إن معظم آيات السير في الأرض (إن لم تكن كلها) سبقها ذكر أمم كذبت أو كفرت نعم الله أو حقت عليهم الضلالة أو ظهور الفساد أو ذكر ما نال المستكبرين من العذاب أو كره ما أنزل الله من الحق ثم ذكر سبحانه السير في الأرض لأخذ العظة والعبرة مما وقع لتلك الأمم المكذبة، والاستقامة على طاعة الله وعدم مبارزته سبحانه بالمعاصي فقد كان منهم من هو أشد قوة من الأمم الحاضرة قال تعالى: }أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{([12]).
                        كما يجب على المسلم ألا ينخدع بحضارة الغرب الزائفة فبقدر ما يتقدمون صناعيا وتكنولوجيا ينحدرون أخلاقيا وتتفكك روابطهم الأسرية وعلاقاتهم الاجتماعية قال سبحانه: }فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ{([13]). وعن علمهم قال سبحانه: }يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ{([14]).
                        أيها الإخوة في الله:
                        يقول أحد الكتاب الإسلاميين (إنك عند زيارتك لدول الغرب عليك أن تعرف حقيقة هذه البلاد في ثلاث أماكن:
                        1-(في السجون) فتعرف معدل الجريمة هناك كم هو عظيم.
                        2-(في المصحات النفسية) فتعرف تعاسة تلك المجتمعات التي ظاهرها السعادة.
                        3-(في دور رعاية المسنين والعجزة) حتى تعرف مدى الجحود والنكران للآباء والأمهات في إلقائهم في دور العجزة.
                        أيها المسلمون:
                        قبل إنهاء الحديث عن هذا موضوع هناك بعض الوقفات أحببت التذكير بها والتنبيه عليها وهي:

                        تعليق


                        • #13
                          رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



                          الوقفة الأولى
                          أسباب السفر إلى الخارج
                          إن المسافرين بعد الزواج خاصة والمسافرين عامة يسافرون لعدة أسباب منها:
                          1-الاستجابة للدعوات التي تبث بطريقة أو بأخرى لقضاء الأجازات خارج البلد في ربوع دول شرقية أو غربية وهؤلاء (أي مروجي الدعايات التي تحث أبناء وبنات هذا البلد لقضاء الإجازات خارج وطنهم) دعاة شر وفساد همهم الدرهم والدينار ولو على حساب دين وأخلاق المسلمين قال تعالى عن مثل هؤلاء الذين يضلون عباد الله: }لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ{([1]).
                          2-تقليدا للغير ممن يجالسهم المسافر من إخوان أو أقارب أو أصدقاء (فهو بذلك إمعة ليس له مبدأ يسير عليه، بل يستجيب لأقرب الناعقين وينقاد مع أفجر المضللين) ولهؤلاء نوجه النداء الرباني الذي قال فيه سبحانه: }وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا{([2]).
                          3-المباهاة وطلبه للشهرة والمدح من الجهال والغافلين أمثاله ولهؤلاء نقول تدبروا قوله تعالى: }اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ{([3]).
                          4-الزوجة التي أول سيئاتها على هذا المسكين هو هذا السفر (إن كانا حديثي الزواج) وضعف إيمان المرأة وقلت حيائها وحبها في مجاراة جاراتها وقريباتها اللاتي يسافرن تجعلها تلزم زوجها (الذي تنازل عن القوامة عليها وسلم القياد لها) تلزمه بالسفر بها أو بها وبأولادها وبناتها إن كانت ذات أولاد أو السماح لها ولهم بالسفر وحدهم, لهذا نقول استمع قوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ{([4]). وقوله تعالى: }يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ{([5]) ونقول له أيضا اعلم أن زوجتك فتنة كما قال ذلك الصادق المصدوق r: «إن في مال الرجل فتنة وفي زوجته فتنة وولده»([6]).
                          5-حب التفلت من الدين والتمتع ولو على حساب دينه وإشباع شهواته المحرمة واتباع الهوى قال تعالى: }أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا{([7])، ويقال له أيضا: ألا تخشى أن تكون ممن قال الله تعالى عنهم: }وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا{([8]).
                          وإننا نخاطب عقول هؤلاء فنقول:
                          ما بال دينك ترضى أن تدنسه






                          وأن ثوبك مغسول من الدنس


                          ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها






                          إن السفينة لا تمشي على اليبس



                          * * * * *


                          تعليق


                          • #14
                            رد: كتاب / للمسافرين والمتزوجين



                            الوقفة الثانية
                            نواجه إحراجا من أقاربنا لو بقينا
                            بعض الأزواج حديثي الزواج يحتجون بأنهم يواجهون إحراجا من أقاربهم في أول أيام زواجهم (بالزيارات أو الدعوات أو غيرها) لذا فهم يسافرون منعا لهذا الإحراج وابتعادا عن الإزعاج، ويقال لهؤلاء بإمكانكم أن تسافروا بعد زواجكم مباشرة ولو كان منذ الليلة الأولى ولكن ليكن هذا السفر داخل بلادكم إلى المناطق السياحية كالمنطقة الجنوبية وخاصة أبها وما حولها والطائف وما جاورها فالمساكن متوافرة والراحة متيسرة ولله الحمد (فقد بذلت في هذه المناطق جهودا كبيرة ومبالغ طائلة لذا ففيها مناظر جميلة واستراحات هادئة، يقصدها كثير من أبناء الخليج لخلوها من المناظر الفاضحة والمنكرات المتعددة التي تعج بها البلدان الأخرى شرقيها وغربيها).
                            ونقول لهم يقول المصطفى r : «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟»([1]).
                            * * * * *

                            الوقفة الثالثة
                            إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها
                            بعض الشباب والفتيات خاصة والمسافرون عامة يتظاهرون أمام أهلهم وفي بلادهم بالصلاح والاستقامة وإذا ابتعدوا عن أعين الناس جعلوا الله أهون الناظرين إليهم، وما ذلك إلا لضعف إيمانهم قال تعالى: }يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ{([2])، وقال سبحانه: }وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ{([3]) أي: بعلمه ولهؤلاء نقول: اسمعوا وعوا قول النبي r : «لأعلمن أقواما من أمتي، يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء، فيجعلها الله هباء منثورا، أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها»([4]). فاحذروا أيها المسافرون والمقيمون من هذه الخصلة.
                            * * * * *
                            الوقفة الرابعة
                            إنهم يفتخرون بسفر أبنائهم للخارج
                            بعض الآباء والأمهات يتظاهرون بعدم رغبتهم في سفر أبنائهم بعد الزواج ولكنك تجد في بعض أقوالهم ما يخالف ذلك.
                            ومن ذلك ما حدث لي شخصيا مع أحد الآباء؛ حيث سافر ابنه بزوجته بعد زواجهما إلى إحدى البلدان الغربية، وفي أثناء ذلك حضرت عند هذا الأب لأمر ما فلما أردتُ الانصراف ألح علي بالبقاء لتناول وجبة العشاء معهم ولكني اعتذرت فقال لي: إذا نسمح لك بالانصراف ولكن لن نسمح لك بالاعتذار عن دعوتنا إذا حضر فلان وزوجته من أوروبا! وأكد وكرر ذكر أوروبا!! وكأنه يقول: إن لم تكن تعلم فاعلم أن ابني مسافر إلى أوروبا, وما علم أن فعل ابنه هذا محرم فكيف يتبجح هذا الأب بذهاب ابنه إلى بلاد الكفار, ألم يكن قد تظاهر أمام الناس بعدم رضاه, لماذا يجاهر ويعلن معصية ابنه وقد ستره الله عن بعض الناس, ولكن أخشى أن يكون قوله هذا كقول بعض الشباب عندما يسافر في ابتعاث أو نزهة أو استقدام عمال أو غير ذلك يتظاهر أمام أهله بعدم رضاه عن البقاء هناك وذلك عندما يهاتفهم بالهاتف وتسمع منه عبارات التأفف والتذمر من تلك البلاد ولو كشفت الأستار وزالت الحواجز بينهم وبينه, لعلموا من بجواره, وماذا بيده (لا أقول كلهم ولكن بعضهم) ولكن سترهم الله بستره أو كحال بعض الشباب الذين إذا عادوا من بلاد الكفر يكونون كذي الوجهين إذا جالس الصالحين والعقلاء أبدى استياءه من السفر وتذمره من بلاد الكفار وإذا جالس الفساق والعصاة والسفهاء أثنى ومدح وأبدى إعجابه بتلك البلاد, وهذا الصنف يخشى أن ينطبق عليهم قول النبي r : «من كان له وجهان في الدنيا، كان له يوم القيامة لسانان من نار»([5]).
                            * * * * *
                            الوقفة الخامسة
                            الشروط المطلوبة في الزواج
                            أيها المسلمون:
                            لقد بين رسول الله r الشروط التي يجب أن تكون في الزوج والتي على أساسها نوافق على تزويجه أو نرفضه. فقد قال r : «إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»([6]).
                            لذا فيجب على الأب ألا يضع ابنته في يد شاب عاص لله ورسوله ومعرض عن أوامر ربه جل وعلا وزاهد في سنة رسوله r لأنه مسؤول عن هذه البنت أمام الله يوم القيامة كما قال r : «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»([7]).
                            والبنت خاصة يجب أن تحاط بالعناية (خاصة في موضوع الزواج) لأنها ستنتقل عند زوجها وستقضي بقية عمرها عنده فإن كان صالحا أعانها على طاعة الله وذكرها بالله وأمرها بأوامر الله وإن كان غير صالح أفسد عليها دينها وأهمل نصحها وعاش معها في لهو وعبث ومتع محرمه وحجته في ذلك الحرية والسعادة.
                            ولا يحق للأب أن يزوج ابنته من شاب فاسق أو فاجر أو منحرف بحجة أنه ابن عمها ولابد لها من الزواج منه، أو بحجة أنها قد أعطيت له منذ الصغر أو لأن والده عزيز على والدها وغال عنده أو لأنه صديق لإخوانها أو لأنه ولد حمو له (فجبر الخواطر ليس على حساب البنات), لا وألف لا, فهذا من تضييع الفتاة.
                            أما سمعنا قول المصطفى r : «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»([8]). وأي غش للفتاة أعظم من تزويجها من شاب عاص لله معرض عن سنة رسول الله r .
                            فاتقوا الله يا عباد الله واستجيبوا لقول الله جل وعلا: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{([9]).
                            * * * * *
                            الوقفة السادسة
                            من أجل الحد من سفر حديثي الزواج للخارج
                            أيها المسلمون:
                            من أجل الحد من سفر الشباب حديثي الزواج بنسائهم إلى الخارج وجب على كل أب أن يشترط على زوج ابنته إذا تقدم لخطبتها ـ أن يشترط عليه ـ عدم السفر بها لأن في السفر مفاسد عظيمة حتى ولو كان إلى بلدان إسلامية أو دول مجاورة.
                            لأن أول المحرمات هو التصوير لوضع صورة الفتاة على جواز سفرها وهذا التصوير محرم, لأنه لغير ضرورة كالحفيظة أو البطاقة التي لابد منها.
                            كما يجب على الآباء ألا يخشوا في ذلك إلا الله قال تعالى: }أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{([10])، وقال r : «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ومن أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس»([11]).
                            والأب الذي لا يستطيع منع ابنه أو ابنته من السفر لا يستحق أن يكون أبا. وكون الفتاة راضية ليس عذرا, لأن المرأة ضعيفة سريعة الإقناع من قبل زوجها. كما يجب أن ينصح كل من علم أنه سيسافر, ليتعلم الجاهل ويتذكر الناسي وتقوم الحجة على من علم ولم يعمل.
                            * * * * *
                            الوقفة السابعة
                            الصفات التي تنكح من أجلها المرأة
                            أيها الشاب:
                            لقد حدد لكم النبي r المواصفات التي تنكح من أجلها المرأة فقال: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها» وما ترك r الأمر بل قال «فاظفر بذات الدين تربت يداك»([12]).
                            فلا تنخدع بالجمال أو المال أو الحسب والنسب وتترك الدين ولو وجد المال مع الدين لكان طيبا, ولو وجد الجمال مع الدين لكان حسنا أيضا ولو وجد الحسب مع الدين لكان طيبا ولكن الخسارة كل الخسارة أن تختار ذات الجمال أو المال أو الحسب مع فسادها وسوء أخلاقها وحبها للتبرج وإضاعة أوامر الله. فهنا تكون الندامة ليس في بداية الزواج ولكن بعد أن تكون أم أولاد، فغير المتدينة لن تأمنها على نفسها ولا على مالك ولا على نفسك ولن تسلم من شرها, لأنها ستطلب منك تأمين المحرمات فور زواجك منها كآلات اللهو وأجهزة الفساد والخادمة والسائق والله المستعان.
                            نسأل الله للمسلمين الفقه في الدين ولنسائهم الستر والعفاف.
                            سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

                            تعليق

                            يعمل...
                            X