إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بلا قانون ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بلا قانون ..

    الى اسامة الصغير عندما عانقني

    يحمل على كتفه البض شيئاً يفجر في داخله سؤالاً لا يجرؤ على البوح به ، يقطع أزقة المخيم الموحلة و برك الماء ، يصاحب الريح ، يتلطى جداراً يحميه من مطر غزير ، و في الصيف بواجه غباراً و رملاً و أكياس قمامة .
    يرفع يده باتجاه الشمس يحمي بها عينين طالما اشتاقتا للبكاء ، لم يكن أسامة الوحيد بين أقرانه ، إنما كان الوحيد الذي يسأل أسئلة كبيرة تفجّر في العقل الصغير شوقاً وحنيناً .
    يملك القدرة على القراءة و الحساب و التفوق ، يحسد أمه المرأة ، التي تملك كماً من الدموع يخالها أحياناً قادمة من نبع يتفجّر في جمجمتها ، لها قدرة على النزف من عينين يحملان لون الغياب .
    ( أه يا امي لو استطيع البكاء ) .
    حدث نفسه كم من الألعاب اشترى لي والدي ، هذه الألعاب المتكدسة ، كيف لي أن أركب الدرّاجة أريد أن يكون لي أصدقاء ، لماذا يحرمونني من الأًصدقاء ؟ …
    لا أخ يزاحمني على الألعاب ، و لا صديق يفرح معي ، تلك الطائرة الصغيرة ، أحس أن تلك الألعاب لا قيمة لها .
    في الصف حدثت رفاقي عنها ، إتهمني ( أحمد ) بالكذب و ( محمود ) بالمبالغة … كيف يمكن أن تعطي صدق دموع أمي و صدقاً لرفاقي .
    بيته في آخر المخيم ، في الطرف الشمالي الغربي ، يفصله عن المخيم حاجز فسيح مملوء بالماء الآسن و القمامة ، تجول فيه قطط تموء بحرقة المنشرد ، و بعض من كلاب أرهقتها حجارة أطفال المخيم و قضّ مضاجعها جوع مزمن …
    تحتمي خلف جدار البيت ، تعوي أنيناً و وجعاً .
    والده معلم في مدرسة يذهب باكراً و يعود ظهراً ، يتناول طعامه و يغادر . و لم يخطئ والده مرة و يصاحبه في الذهاب أو العودة .
    كم تمنى ألاّ يذنبه ، و ألا يقسو عليه ، و ألا تكون لغة الحوار مرهونة بيده و خدّه …
    في الليل و بين تردد عواء الكلاب و مواء مجروح لقط هرم ، يهرع إلى حضن أمه متوسلاً بقبلات ناعمة حارّة ، أن يصعد الى سطح البيت …
    يصعد سلماً خشبياً ، تنظر وفاء الى الغرب ، ليس هناك ما يدعو للشك أن مطراً سينهمر .
    تأخذه أشعة قمر ، يتابع القمر في سيره و حركة غلالات الغيم و هي تمسح وجه القمر المتعب ، و يتساءل هل في طريق القمر و في رحلته حفر و ماء ؟! … كان يجيب ليس في السماء الا الجميل و هكذا تعلّم من أمه ، و أن يقدس السماء بوجل و خوف و احترام .
    أما ( وفاء ) فتشاغل نفسها في ملاحقة الكلاب في خصامها و اقتتالها ، تتعاطف مع جراء لا تستطيع اللحاق بأمها فتعوي عواء ناعماً ، أو في حب و إلفة كلاب تتجمع تحت جدار البيت .
    الكلب الاسود يملك سطوة و قوّة ، و تدرك هذا الامر من حركة الكلاب …
    أما ذاك الكلب المرقط ، عندما يعدو تخاله سهماً ، أنفلت من قوس توتر من زمن ..
    تعاود مرافبة من بقي في المكان ، تحدّق ملياً في تعداداها تتابع سير كلبين يبدو ودّ ألف بينهما ، لا عراك ولا نباح ، و اهتزازات ذيل كل منهما تتم عن جذل .
    أنهما متفقان في كل حلات الافتراض ، و بكل احترام يتابعان الطريق ,,
    تتنهد بحسرة صحراء تتوق لقطرة مطر أو ماء ….
    تغص .. لا تتابع حوارها ، لا يجرؤ على رسم الصورة أو إكمالها ، ترفع رأسها الى البعيد … صوت ( أسامة ) يوقظها من شرودها …
    - أمي : انظري الى ذاك الجرو الذي يسير قرب أمه ، كم عمره ؟ أليس جميلاً ؟ هل أبوه في البيت و هم ذاهبون إليه ؟ لماذا ينظرون الى السماء ؟ أيطلب من الله شيئاً ؟ ….
    بدأت أسئلة ( أسامة ) تطوق ( وفاء ) تحتضنه و تجيب : جرو جميل ، عمره شهوراً ، ليس لهم بيت ، كل الأزقة بيوتاً لهم .. و بهدوء تضيف : ليس لهم زنزانة مثلنا ، أنهم أحراراً ….
    يتسمّر نظرها على الجرو و أمه ، يسيران بكبرياء في أرض الله الواسعة ، و حدثت نفسها : ليتني يا بني مثل تلك الكلبة تسير معي حيث نريد … نختال بين الأزقة ، الكل يفزع من نباحنا ، نحيا ، لا نخاف صراخ أحد .. لا يجرؤ على صفعنا إنسان … ربما انحنى بهامته الطويلة قاصداً حجراً ما … نتحفز … نعوي فيهرب منّا …
    آه تلك الكلبة تحيا أمومتها ، و القانون لا يسلب الأم أمومتها ..
    رفع أسامة يده : أمي لماذا تبكين ؟ بلني الدمع ..
    تصحو ، تبتسم تقبّله و تضيف ، أبكي حرمان الأم ابنها ..
    عانقها دون أن يفهم ، و قال : إذا أخذت عشرة في الامتحان هل تشترين لي جرواً صغيراً ؟

  • #2
    رد: بلا قانون ..

    حسام أبدعت في قصتك برغم قصرها الا انها احتوت الكثير من المعاني صورت الحياة بالمخيم على حالها كان القاريءداخل ذلك الركام وخلصت الى القول ليتنا ننبح لنسمع صوتنا من يسمع صوتنا يا حسام نادي ان اسمعت حيا لاحياة لمن تنادي

    تعليق


    • #3
      رد: بلا قانون ..

      الأخ حسام زيدان

      أولا : مرحبا بك في رحاب واحة الإبداع و نحن سعداء بهذه المشاركة الأولة التي نرجو أن

      تتلوها مشاركات أخرى .

      ثانيا : إن جمال هذه الأقصوصة يكمن في أنها تجاوزت حدود الوصف الظاهري و الخارجي

      إلى الوصف الداخلي و الباطني للشخصية و هذا الوصف كان مناسبة للإنفتاح على العالم

      الخارجي بطرح جملة من الأسئلة ظاهرها البراءة و الطفولة و العفوية و غايتها التساؤل

      عن المصير و الوجود و المقارنة بين الحرية و القيود و بين الواقع المعيش و الواقع

      المنشود يطرحها طفل يعيش في المخبمات فكبر قبل سنه و طرح أسئلة يتجاوزها عمره

      و حنّ إلى حياة العبث و الطفولة مقارنا بين حياة الإنسان و حياة الحيوان . و حياة العقل

      و الرشد و حياة السذاجة و البساطة ليكشف عمق المفارقة بين عالمين متناقضين.


      شكرا لك على ما أبدعت

      و لك تحياتي و ودّي
      إذا الشعب يوما أراد الحياة
      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

      تعليق


      • #4
        رد: بلا قانون ..


        أهلاً بك أخي حسام

        وتشرفنا بتسجيلك ، وغبطتنا بك على هذا الإبداع القصصي المعبر عن شيء فيه تلامس

        كبير مع هواجس الأم لأنها هواجس تنطق .

        أبدعت في تركيب القصة واسقاطها على حالتين

        حالة بشرية محرومة وغير آمنة

        وحالة حيوانية تتمثل في الكلاب التي تحافظ على ذاتها بعوائها

        لأن البشر يخاف شرّها .

        وتركت المقارنة للقارئ ونقول

        المنطق اليوم للقوة " مالم يؤخذ بالقوة لن يؤخذ ولن يعود إلا بالقوة" .

        دمت اخي حسام

        وتقبل مروري

        تعليق


        • #5
          رد: بلا قانون ..

          أخى حسام
          اولا وقبل التعليق ارحب بك فى ربوع واحتنا التى اتمنى ان ترى ابداعتك دوما
          ثانيا اشكرك على هذا الابداع ,
          فأنت فى اقصوصتك جاوزتك الشخصيات والمخيم والطرقات المهملة لتفضح واقع
          ملموس , وحالة وجدانية انسانية استطعت ان تحكم ما فيها بكل قوة من خلال لغة تكمنت
          من مفرادتها وتشبيهات طوعتها لخدمة افكارك التى وصلت الى الحس قبل العقل والى القلب
          قبل العين احيانا , قصتك هى حالة ادبية حملت بين طياتها من النقد والتشخيص والمفارقة
          ما جعلها زاهرة مكتملة النقود الادبي , اعتقد انى فهمت ما جادت علينا به قريحتك وان
          كنت لا احب ان اشرح واتوغل فى التفسير لتظل قصتك بمثابة اللحن الساحر الذى لا يشرح
          ولكنه يقع على الوجدان اولا ثم نمرره بلطف الى منطق العقل ...
          الأخ حسام زيدان أشكرك على ما قدمت واتمنى ان تتفاععل معنا فى الواحة وان نرى اسهامتك دوما
          اه يا دهر هات ما شئت و انظر عزمات الرجال كيف تكون
          ما تعسفت فى بلاءك الا هان بالصبر منه ما لا يهون






          sigpic

          تعليق

          يعمل...
          X