إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إلى نقد أدبي منهجي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إلى نقد أدبي منهجي


    إلى نقد أدبي منهجي


    يُعتبر النقد الأدبي من العلوم الإنسانية التي تشتغل على تقييم الفكر،وتحليل آثاره الإبداعية من أجل الكشف عن أوجه الجمال والقبح فيها كما يسهم في تفكيك النص إلى عناصره الأولية،ومعرفة وتحديد أبعاد المعايشة الزمانية والمكانية ،وتحديد طبيعة المعاناة التي صاحبت الأثر حتى انتقل إلى الورق نصاً إبداعياً متكاملاً ،وهذا ما يجعل النقد عنصراً أساسياً في عملية الإبداع لأنه رديفه يعكس ماهيته بمختلف أبعاده وعناصره ومؤثراته الداخلية والخارجية ،وهذا ما يجعل الإبداع والنقد حقيقة من حقائق مفرزات الفكر الإنساني ،حيث لا يمكن لأحدهما أن ينفصل عن الآخر ،كما لا يحق لأحدهما التضحية بالأثر وقيمته على حساب الواحد دون الآخر 0 ومن هنا انصب الاهتمام بالنقد كمادة علمية ،وعمل الباحثون على رفدها بالنظريات والمصطلحات الملائمة لمفرزات العصر الحديث من الأجناس الأدبية التي اتجهت اتجاهات مختلفة في دروب الإبداع ،فأفرزت أنماطاً قديمة لم تتجاوز القالب النمطي القائم على حسابات المعنى والمبنى ثم تفرعت المدارس النقدية ،لتفرض على الناقد أن يبحث بشكل دائم عن نظريات نقدية جديدة تكون ملائمة لما يفرزه العقل المبدع من أجناس أدبية متطورة سواء على مستوى الشكل أم على مستوى المضمون ،ومن هذا المنطلق بالذات كان من البديهي أن تختلف الرؤية النقدية لأي نص تراثي سلفي عن الرؤية لأي نص إبداعي حداثي ،على ألا يعني هذا تجاهل النظريات النقدية القديمة التي تشكل الأساس الأول في بناء عمليات النقد وتطورها عبر الأجيال ،وإن اختلفت الذائقة النقدية في الحكم من جيل إلى جيل ،أو من عصر إلى آخر ،لذلك كان لابد من العمل على تطوير هذه النظريات حتى تواكب منجزات العصر الإبداعية ،المحكوم عليها بآلية التقانة الحضارية المتحركة ،لاسيما أنها كانت خلاصة تجارب إبداعية معينة ،حملت مشروعها النقدي من خلال جملة حالات وإحالات ارتبطت بعوامل

  • #2
    الحياة وطبيعة المعاناة ،فاكتسبت خواصها التي حمت قدرات فنية جعلتها مهيأة للتأثير في النفس الإنسانية ضمن شروط الخواص المجتمعة حول قضايا اللفظ والمعنى ،وبناء الشكل الفني دون الاهتمام بوحدة النص وبناء معماره الفني والتقني ،مع إهمال واضح لشخصية المبدع ،وأطوار حياته ،حيث فصل النقاد القدامى المبدع عن مكونات الأثر،ولم يروا فيه غير فعل تحريضي خارجي يسهم بشكل أو بآخر في ولادة الأثر دون النظر إلى حالته النفسية ،وما يمكن أن يعانيه خلال مخاض ولادة النص الإبداعي ،ولذلك كان على النقد الجاد أن يقف موقفاً حازماً تجاه النص مهما كان شأنه أو منهجه ،وذلك كمحاولة للوصول إلى الحقائق الفنية والإبداعية التي أسهمت في بناء نمطية ذلك النص ،وقد حمل ما يؤهله للدخول في مدار التساؤل والحوار ،فالوصول إلى كمائن الأثر الداخلية والخارجية عبر محطات نقدية تبيح للناقد استخدام الأساليب التربوية والأخلاقية والتاريخية والنفسية والجمالية ،والمستمدة جميعها من أصول المنطق ،وعلم النفس والجمال ،والمرتكزة على ثقافة موسوعية تساعد الناقد الأكاديمي على الوصول إلى مختلف الانطباعات الظاهرية والداخلية التي أسهمت في بناء معمار الأثر الإبداعي ليطلق بعد ذلك أحكامه النقدية دون تردد أو خوف وبذلك يؤدي الناقد دوره في خدمة الإبداع والنقد على حد سواء فعملية النقد ليست من العمليات السهلة كما يتصورها بعض من يمارس كتابة الدراسات الانطباعية والتأثرية ،وهم يناقشون الآثار ويحللونها كما تبدو لعيونهم ،أو من خلال ما تشير الألفاظ دون الغوص في ما وراء ذلك ،للكشف عن الدلالات والمرموزات غير الظاهرية لأبعاد ملفوظية النص لمعرفة ما يمكن أن يشير النص إليه من الداخل والخارج فالرؤية المسطحة لأي نص إبداعي تسهم بشكل أو بآخر في تدني النقد وتراجعه ،كما من الممكن أن يصيب الإبداع بغبن يُنقص من قيمته،وهذا ما يجعل النقد عملية مزدوجة تبدأ بمعايشة المبدع من خلال انفعاله بالحدث لرصد أفعاله وردودها ،ليرصد بعد ذلك التطورات التي نجمت عن هذه العلاقة ،وكيف انتقلت إلى الفنية المبدعة التي هي في المحصلة الأخيرة نتاج المفاعلة التي قامت بين المبدع والحدث ،ضمن مناخات المعايشة والتجربة والمعاناة كفريق أول ،والناقد كفريق ثان تقع عليه مهمة نقل مضمونات هذه المفاعلة إلى المتلقي الذي يملك الحق الأخير بقبولها أو رفضها ،فمختلف المناهج النقدية الحديثة تعتمد على الإدراك العميق لكوامن الحدث الذي ساعد على ولادة النص من داخله وخارجه ،

    تعليق


    • #3
      وبالتالي فإن الاهتمام بمثل هذه القضايا من الممكن أن تسهم في إصدار أحكام نقدية صحيحة ضمن حدود المنطق ،وبعيداً عن الملاحظات الهامشية التي تشبه ملاحظات معلم التعبير في المدارس الإعدادية 0 إنّ الناقد الجاد حصيلة ثقافية معرفية موسوعية مع دراية واعية تساعده على الإحاطة بمختلف الحالات والإحالات التي ساعدت على ولادة النص ،لأنّ في ذلك مساعدة كبيرة للمتلقي تؤهله لأن يتبنى وجهة نظر منطقية تخدم النص وصاحبه بعيداً عن التهويل والمبالغة التي من الممكن أن تضع المتلقي في متاهات نقدية لا تفرز غير مصطلحات غامضة لا يعرف لها مدخلاً أو مخرجاً 0 لذلك فإنّ النقد الموضوعي هو المتصل بشكل دائم بأطوار التناول ،وأبعاد الأداء ،وأنماط البناء الفني الذي يساعد على تطور الإبداع والنقد على حد سواء ،وبمثل هذا التعامل النقدي الواضح والمنهجي ،في الممكن جمع الصور المختلفة والمتباينة في معمار النص للكشف عن مختلف جوانب الإبداع من خلال رؤية نقدية واعية ،قائمة على أسس المناهج التربوية والنفسية والتاريخية والجمالية ،دون إهمال للعوامل الخاصة والاظرافات العامة التي تضافرت فيما بينها ،وأسهمت في تكوين النص الإبداعي وولادته ،بما يحمله من جوانب قابلة للمناقشة والحوار وإصدار الأحكام النقدية الواعية ،لأن أية رؤية نقدية لا ترتكز على مثل هذه الأسس الثابتة لا يمكن إلا أن تكون نوعاً من العبث الذي لا يخدم المبدع والإبداع والمتلقي في شيء ما ،لاسيما وأنه من حق المتلقي وهو يعيش عصر السرعة وأزمات العصر المثقلة بالهموم والمتاعب ،أن تصله النصوص الإبداعية محللة تحليلاً كاملاً بعيداً عن الرغبات الذاتية ،والرؤى الانطباعية القائمة على الميل أو الهوى ولا يرى النقاد في هذا إجحافاً لحقوقهم النقدية التي تفرض عليهم أن يقدموا الصورة الواضحة والكاملة لأبعاد النص ومعطياته الإبداعية والفنية ،كما لا يرى بعض المهتمين بالنقد في مثل هذا التناول مثالية خيالية صعبة المنال أو التحقيق في زمن سيطرت فيه العولمة والمعلوماتية على مختلف مفرزات الحضارة المعاصرة ،ولكن وما دمنا نسعى جاهدين إلى قيام نهضة نقدية متكاملة الجوانب ،

      تعليق


      • #4
        لابد لنا من أن نعيد النظر في مختلف النظريات النقدية القديمة ،وما أفرزته من نظريات جديدة ،ونعمل على تطويرها ،واستنباط نظريات نقدية جديدة قائمة على منهج نقدي تكاملي يراعي كل المناهج ،كما يتجه نحو تفكيك النص ودراسته لغوياً وبنيوياً على ضوء علم اللسانيات الحديث لأننا لا يمكن أن نعمل على بناء جيل من المبدعين الجادين ،إلا إذا هيّأنا لهم قاعدة نقدية منهجية تتحمل ثقل الأجيال وصراعها الدائم من أجل الوصول إلى الكمال فيما نبدعه ،لا سيما أنّ الرؤية النقدية المنهجية لابد أن تفرز في النهاية نصوصاً إبداعية سليمة ومميزة ومن هنا كان على النقاد الجادين أن يدركوا حقيقة وجودهم في الساحة الإبداعية المعاصرة ،ويشتغلوا على مشروع نقدي منهجي تكاملي قادر على تجاوز عبث النقد المهيمن على كتابات بعض النقاد ،وذلك بعيداً عن الأحكام الانطباعية والتأثرية ،وتوثيق علاقاتهم بالنصوص على اختلاف مناهجها ،وتنوع مدارسها ،والعمل على طرح الرأي النقدي الجاد الذي لا يقوم على حساب طرف دون آخر ليصب في النهاية في صالح الأصالة التي تقوم دعائمها على النهضات الإبداعية والثقافية والنقدية في مختلف الفنون الإبداعية الجميلة .


        انتهى

        تعليق

        يعمل...
        X