Category: فنون الأدب

  • للشاعر / محمود درويش/ قصيدة  / حليب إنانا / – لَكِ التَوْأمانِ : لَكِ النثرُ والشعرُ يَتَّحدان , وأَنتِ > > تطيرين من زَمَنٍ نحو آخَرَ , سالمةً كاملةْ..

    للشاعر / محمود درويش/ قصيدة / حليب إنانا / – لَكِ التَوْأمانِ : لَكِ النثرُ والشعرُ يَتَّحدان , وأَنتِ > > تطيرين من زَمَنٍ نحو آخَرَ , سالمةً كاملةْ..

    /حليب إنانا/ محمود درويش/حليب إنانا

    لَكِ التَوْأمانِ : لَكِ النثرُ والشعرُ يَتَّحدان , وأَنتِ
    تطيرين من زَمَنٍ نحو آخَرَ , سالمةً كاملةْ
    على هَوْدَجٍ من كواكب قَتْلاَكِ – حُرَّاسِكِ الطّيبين
    وَهُمْ يحملون سماواتِكِ السَبْعَ قافلةً قافلةْ .
    رُعاةُ خُيُولِكِ بين نخيلِ يَدَيْكِ ونَهْرَيْكِ يقتربون
    مِنَ الماء ((أُولى الإلهات أكثرُهُنَّ اُمتلاءً
    بنا)) خالِقٌ عاشِقٌ يَتَأمَّلُ أَفعالَه , فيُجَنُّ
    بها ويَحِنُّ إليها : أَأَفعالُ ثانيةً ما فَعَلْتُ ؟
    وكُتّابُ بَرْقِكِ يحترقون بحِبْر السماء , وأَحفادُهُمْ
    يَنْشُرون السنونو على مَوْكب السُومريّة….
    صاعدةً كانتِ السومريّة , أَمْ نازلة
    لَكِ , أَنتِ المَديدَة في البَهْوِ
    ذاتِ القميص المُشَجَّر , والبنطلونِ
    الرماديِّ , لا لمجازك , أوقظُ
    برِّيَتي , وأَقولُ لنفسي : سيطلع
    من عَتْمتي قَمَرُ…

    دَعِي الماءَ ينزلْ من الأفُق السومريّ
    علينا , كما في الأَساطير . إنْ كانَ
    قلبي صحيحاً كهذا الزجاج المحيطِ بنا
    فامْلئِيِه بغيمكِ حتى يَعُودَ إلى أَهله غائماً حالماً كصلاة الفقيرِ .
    وإنْ كانَ قلبي جريحاً فلا تَطْعَنيه بقَرْنِ الغزال ,
    فلم تَبْقَ حول الفُرَات زهورٌ طبيعيَّةٌ
    لحُلُول دمي في الشقائق بعد الحروب.
    ولم تَبْقَ في معبدي جَرَّةٌ لنبيذ الإلهاتِ
    في سُومَرَ الأبديَّة , في سُومَرَ الزائلةْ

    لَكِ , أَنت الرشيقة في البَهْوِ
    ذاتِ اليَدَيْنِ الحَرِيرِيَّتَيْنِ
    وحاضرة اللَهْوِ ,
    لا لرموزك ,
    أُوقظُ بريَّتي’ وأَقول:
    سأستلُّ هذي الغزالَةَ من سِرْبها
    وأَطعن نفسي… بها!

    لا أُريد لأُغنيَّة أَن تكون سريرك ,
    فليَصْقُلِ الثورُ, ثور العراقِ
    المُجَنَّحُ قَرْنَيْهِ بالدهْر والهيْكَل المُتَصَدِّعِ
    في فضّة الفجرِ . وليَحْمِلِ الموتُ آلَتَهُ
    المعدنيَّةَ في جَوْقة المنشدين القُدامى
    لشمس نَبُوخَذ نَصَّر . أَما أَنا , المتحدِّر
    من غير هذ الزمان , فلا بُدَّ لي
    من حِصَانٍ يُلائم هذا الزفاف . وإنْ كانَ
    لا بُدَّ من قَمَرٍ فَليكُنْ عالياً… عالياً
    ومن صُنْعِ بَغْداد , لا عربيّاً ولا فارسياً
    ولا تدَّعِيهِ الإلهاتُ من حولنا . وليَكُنْ خالياً
    من الذكريات وَخَمْرِ المَلُوك القدامى ,
    لِنُكْمِلَ هذا الزفافَ المُقَدَّسَ’ نكملُهُ يا اُبْنَةَ
    القمر الأبديَّ هنا في المكان الذي نَزَّلَتْهُ
    يداكِ على طَرَفِ الأرض من شُرْفَة الجنَّة الآفلة !..
    الجريدةَ في البَهْو ,
    أَنتِ المُصَابِة بالأنفلونزا
    أَقولُ : خُذي حَبَّتيْ ((أسبرين))
    ليهدأ فيكِ حليبُ إِنانا ,
    ونعرفَ ما الزَمَنُ الآن
    في مُلْتَقَى الرافِدَيْن!
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    /محمود درويش- من ديوان “سرير الغريبة”/
    (اللوحة للفنان الإسباني المعاصر Vicente Romero Redondo)

    /حليب إنانا/ محمود درويش/</p>
<p>حليب إنانا</p>
<p>لَكِ التَوْأمانِ : لَكِ النثرُ والشعرُ يَتَّحدان , وأَنتِ<br />
تطيرين من زَمَنٍ نحو آخَرَ , سالمةً كاملةْ<br />
على هَوْدَجٍ من كواكب قَتْلاَكِ – حُرَّاسِكِ الطّيبين<br />
وَهُمْ يحملون سماواتِكِ السَبْعَ قافلةً قافلةْ .<br />
رُعاةُ خُيُولِكِ بين نخيلِ يَدَيْكِ ونَهْرَيْكِ يقتربون<br />
مِنَ الماء ((أُولى الإلهات أكثرُهُنَّ اُمتلاءً<br />
بنا)) خالِقٌ عاشِقٌ يَتَأمَّلُ أَفعالَه , فيُجَنُّ<br />
بها ويَحِنُّ إليها : أَأَفعالُ ثانيةً ما فَعَلْتُ ؟<br />
وكُتّابُ بَرْقِكِ يحترقون بحِبْر السماء , وأَحفادُهُمْ<br />
يَنْشُرون السنونو على مَوْكب السُومريّة....<br />
صاعدةً كانتِ السومريّة , أَمْ نازلة<br />
لَكِ , أَنتِ المَديدَة في البَهْوِ<br />
ذاتِ القميص المُشَجَّر , والبنطلونِ<br />
الرماديِّ , لا لمجازك , أوقظُ<br />
برِّيَتي , وأَقولُ لنفسي : سيطلع<br />
من عَتْمتي قَمَرُ...</p>
<p>دَعِي الماءَ ينزلْ من الأفُق السومريّ<br />
علينا , كما في الأَساطير . إنْ كانَ<br />
قلبي صحيحاً كهذا الزجاج المحيطِ بنا<br />
فامْلئِيِه بغيمكِ حتى يَعُودَ إلى أَهله غائماً حالماً كصلاة الفقيرِ .<br />
 وإنْ كانَ قلبي جريحاً فلا تَطْعَنيه بقَرْنِ الغزال ,<br />
فلم تَبْقَ حول الفُرَات زهورٌ طبيعيَّةٌ<br />
لحُلُول دمي في الشقائق بعد الحروب.<br />
ولم تَبْقَ في معبدي جَرَّةٌ لنبيذ الإلهاتِ<br />
في سُومَرَ الأبديَّة , في سُومَرَ الزائلةْ</p>
<p>لَكِ , أَنت الرشيقة في البَهْوِ<br />
ذاتِ اليَدَيْنِ الحَرِيرِيَّتَيْنِ<br />
وحاضرة اللَهْوِ ,<br />
لا لرموزك ,<br />
أُوقظُ بريَّتي’ وأَقول:<br />
سأستلُّ هذي الغزالَةَ من سِرْبها<br />
وأَطعن نفسي... بها!</p>
<p>لا أُريد لأُغنيَّة أَن تكون سريرك ,<br />
فليَصْقُلِ الثورُ, ثور العراقِ<br />
المُجَنَّحُ قَرْنَيْهِ بالدهْر والهيْكَل المُتَصَدِّعِ<br />
في فضّة الفجرِ . وليَحْمِلِ الموتُ آلَتَهُ<br />
المعدنيَّةَ في جَوْقة المنشدين القُدامى<br />
لشمس نَبُوخَذ نَصَّر . أَما أَنا , المتحدِّر<br />
من غير هذ الزمان , فلا بُدَّ لي<br />
من حِصَانٍ يُلائم هذا الزفاف . وإنْ كانَ<br />
لا بُدَّ من قَمَرٍ فَليكُنْ عالياً... عالياً<br />
ومن صُنْعِ بَغْداد , لا عربيّاً ولا فارسياً<br />
ولا تدَّعِيهِ الإلهاتُ من حولنا . وليَكُنْ خالياً<br />
من الذكريات وَخَمْرِ المَلُوك القدامى ,<br />
لِنُكْمِلَ هذا الزفافَ المُقَدَّسَ’ نكملُهُ يا اُبْنَةَ<br />
القمر الأبديَّ هنا في المكان الذي نَزَّلَتْهُ<br />
يداكِ على طَرَفِ الأرض من شُرْفَة الجنَّة الآفلة !..<br />
الجريدةَ في البَهْو ,<br />
أَنتِ المُصَابِة بالأنفلونزا<br />
أَقولُ : خُذي حَبَّتيْ ((أسبرين))<br />
ليهدأ فيكِ حليبُ إِنانا ,<br />
ونعرفَ ما الزَمَنُ الآن<br />
في مُلْتَقَى الرافِدَيْن!<br />
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br />
/محمود درويش- من ديوان "سرير الغريبة"/<br />
(اللوحة للفنان الإسباني المعاصر Vicente Romero Redondo)
  • الكاتبة التشيلية إيزابيل ألليندي تتحدث عن روايتها الجديدة التي تحمل عنوان (( ريبر )) وقدأصدرت ألليندي نحو 20 عملاً أدبياً وتعتبر كتبها الأكثر مبيعاً ..

    الكاتبة التشيلية إيزابيل ألليندي تتحدث عن روايتها الجديدة التي تحمل عنوان (( ريبر )) وقدأصدرت ألليندي نحو 20 عملاً أدبياً وتعتبر كتبها الأكثر مبيعاً ..

    رواية بوليسية لـ«إيزابيل ألليندي»

    رواية بوليسية لـ«إيزابيل ألليندي»
    تتحدث الكاتبة التشيلية إيزابيل ألليندي عن روايتها الجديدة التي تحمل عنوان «ريبر»، والمتوقع صدورها في نهاية العام الحالي. «في الواقع، لم تكن لدي أية فكرة مسبقة، عندما بدأت بكتابة رواية بوليسية والتي بدت لي، في بادئ الأمر، أنها في غاية البساطة، لكنها ما لبثت أن تعقّدت أحداثها
    . هناك العديد من الصراعات، والحالات التي حاولت أن أرويها لأمي، ولم أستطع لأنها كانت معقدة للغاية». وتشكل أول عمل روائي بوليسي لها، وولدت فكرة الرواية خلال متابعة الكاتبة التشيلية لحفيدتها وهي تتقمص الشخصية الإنكليزية «جاك السفّاح». وتدور أحداثها في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية في عام 2012.
    أصدرت ألليندي نحو 20 عملاً أدبياً، وتعتبر كتبها الأكثر مبيعاً. وفي حديث، تؤكد على أنه «سوف لن يرحمك أحد في تشيلي إن كانت كتبك منتشرة في كل مكان. إذ يعني ذلك أنك لست بكاتب، ولست بأديب. وأنك تعمل في مجالٍ آخر غير الأدب، إذا ما اقتنى الناس كتبك. وسوف لن يغفر لك أحد فعلتك تلك».
    وتتساءل الفائزة بالجائزة الوطنية للأدب في تشيلي لعام 2010 «من الذي له الحق في تصنيف الأعمال الجيدة من الرديئة؟ البعض من النقاد الذين لم يكتبوا في حياتهم؟؟ أن غايتي الاقتراب من الجمهور، وأن يقرأ الناس كتبي. أن يقرأ الأطفال دون أن يداخلهم الشعور بالخوف من النص. من هنا علينا أن نبدأ».
    وتناولت إيزابيل ألليندي على امتداد مسيرتها العديد من الأجناس الأدبية.

  • تعرف على الفردوس المفقود (بالإنجليزية:Paradise Lost) وهي ملحمة شعرية  للكاتب الإنكليزي  / جون ملتون  / الذي كتبها في عام 1667. في عشر كتب وتبعها الطبعة الثانية عام 1674 حيث اعيد تقسيمها في اثنتى عشر كتابا (بطريقة تقسيم إنياذة فيرجيل) ..

    تعرف على الفردوس المفقود (بالإنجليزية:Paradise Lost) وهي ملحمة شعرية للكاتب الإنكليزي / جون ملتون / الذي كتبها في عام 1667. في عشر كتب وتبعها الطبعة الثانية عام 1674 حيث اعيد تقسيمها في اثنتى عشر كتابا (بطريقة تقسيم إنياذة فيرجيل) ..

    جون ملتون : الفردوس المفقود john-dryden

    الفردوس المفقود عام 1667م الفردوس المفقود (بالإنجليزية:Paradise Lost) ملحمة شعرية للكاتب الإنكليزي جون ملتون كتبها في عام 1667. في عشر كتب وتبعها الطبعة الثانية عام 1674 حيث اعيد تقسيمها في اثنتى عشر كتابا (بطريقة تقسيم إنياذة فيرجيل) مع بعض التنقيحات البسيطة والملاحظة على طريقة نظم الشعر. وهذه الكتب تتفاوت في طولها فاطولها الكتاب التاسع والذي يتكون من 1189 سطرا, واقصرها الكتاب السابع والمكون من 640 سطراو كل كتاب مسبوق بخلاصة بعنوان (الحجة). يدور موضوعها الرئيسي حول هبوط الإنسان من الجنة إلى الأرض، وحول آدم وحواء وإغراء إبليس لهم وحول جنات عدن متأثر بالروايات الدينية. وتقوم القصيدة بمكافحة العديد من القضايا اللاهوتية الصعبة ومنها المصير، الاقدار والثالوث. وقد قام ميلتون بدمج الوثنية مع الإشارات اليونانية والكلاسيكية من خلال هذه القصة, وهو من اشد المعجبين بالكلاسيكين ولكنه عزم من خلال هذه القصة ان يعمل على افاقتهم مما هم فيه. أحداث الملحمة وقد ذكر أنه غرض ميلتون في الكتاب الأول هو تبرير طرق الله للناس، حيث يوضح النزاع بين بصيرة الله الأبدية والارادة الحرة. وبطل هذه الملحمة، الملاك الساقط، وهو الشيطان. وقد قدم ميلتون الشيطان على هيئة شخص فخور وطموح يقوم بتحدى خالقه، ويشن حرب على السماء حتى يتم تدميره وهزيمته. وتحتوى قصة ميلتون على جبهتان إحدهما هو الشيطان والجبهة الأخرى مكونة من آدم وحواء. وتنتمى قصة إبليس إلى ملاحم الحرب القديمة، وبدايتها الحقيقية كانت بعد أن هزم الله إبليس والملائكة الأخرى الثائرة وأدخلهم الجحيم. كان يجب على إبليس أن يستخدم قدرته البلاغية لتنظيم أتباعه حيث تلقى المساعدة من معاونيه، مامون وبلزبيب، وكان ذلك بحضور بليال ومولوك، وفي نهاية النقاش تطوع الشيطان لتسميم الأرض المخلوقة حديثا. ولقد تحدى أخطار الهاوية وحده بطريقة تذكرنا بأوديسيوس واينيس. أما القصة الأخرى فهى نوع جديد ومختلف من الملحمة حيث تم تقديم ادم وحواء للمرة الأولى في الادب المسيحي وبينهما علاقة شرعية بدون خطيئة وكانا لديهما شخصيتهما المستقلة، عواطفهما الجياشة ويمارسان الجنس أيضا. وقد نجح الشيطان في إغراء حواء بالانقضاض على زهوها وخداعها بخطاباته, وقد رأى آدم حواء وقد أثمت وبمعرفة مسبقة قام بارتكاب نفس الإثم بأكله من الفاكهة. وبهذه الطريقة قام ميلتون بتصوير آدم كشخصية بطولية لكنها أكثر خطأ من حواء، ثم مارسا الجنس مرة ثانية ولكن برغبة لم تكن موجودة من قبل. ولقد تشاجرا بعد أن أدركا خطأهما بالأكل من فاكهة شجرة معرفة الخير والشر، ولكن اعتذار حوار لآدم صالحهما بعض الشئ. وقد ذهب آدم في رحلة مع أحد الملائكة ورأى فيها أخطاء العباد والفيضان العظيم وكان حزينا جدا بسبب الذنب الذي ارتكباه من أكل الفاكهة ومع ذلك فقد رأى الأمل من إمكانية التكفير عما فعلا من خلال رؤيته للسيد المسيح، وبعد هذه الرحلة تم طرهم من جنة عدن وأضاف الملاك بأن الإنسان قد يشعر بالجنة من خلاله ويكون سعيدا بذلك. ثم أصبحا الآن على علاقة أكثر بعدا مع الله الكامل الوجود المختفى عن أعينهما. محتويات الكتب الإثنا عشر الكتاب الأول في جملة طويلة افتتاحية يتضرع فيها الشاعر ويذكر غرضه وهو سقوط الإنسان وهدفه هو تبرير طرق الله للناس “[1]. أما الشيطان والملائكة الأخرى الثائرة تم وصفهم بأنهم يستلقون على بحيرة نار من حيث يرتفع الشيطان ويدعى أن الجحيم هي ملكيته الخاصة مخاطبا أتباعه بعبارات حماسية قائلا أنه من الأفضل لهم الخلود في النار عن الخدمة في السماء.[2]. الكتاب الثاني وهنا يتناقش الشيطان والملائكة الثائرة حول ما إذا كانوا سيشنون حربا على السماء أم لا، وقد أخبرهم بلزبيب أنه تم بناء عالم جديد سيكون موطنا للإنسان حيث قرر الشيطان أن يزور هذا العالم الجديد. وقد مر الشيطان من خلال أبواب الجحيم بحراسها الذنب والموت، وقد وصف الشيطان بإعطاء ميلاد للذنب بانفجار اللهب من جبهته كما ولدت آثينا من رأس زيوس. الكتاب الثالث يتابع الله رحلة الشيطان وهو يعلم أن الشيطان سيكون سببا في هبوط الإنسان، ويؤكد الله أن هبوط الإنسان سيحدث نتيجة لإرادته وأن الله يعفى نفسه من المسئولية. أما ابن الله فقد عرض نفسه فدية لعصيان الإنسان وقد قبل الله هذا العرض حيث أمر بتجسيد عقاب الابن في المستقبل. وقد وصل الشيطان لحافة الكون متخفيا في هيئة ملاك وتوجه إلى الأرض بواسطة اوريل حارس الشمس. الكتاب الرابع وقد سافر الشيطان إلى جنة عدن ولاحظ مناقشة آدم وحواء حول الشجرة المحرمة ولاحظ أيضا أن طيبتهما وبراءتهما تقفان عقبة أمام مهمته ولكنه رأى أن شرفه وإمبراطوريته الخالدة يرغمانه على القيام بهذا العمل[3] الذي يجعله ممقوتا من الجميع. وقد حاول الشيطان إغراء حواء وهى نائمة ولكن الملائكة كشفت أمره وقام جبرائيل بطرده من الجنة. الكتاب الخامس وقد استيقظت حواء حكت حلمها لآدم. ثم أرسل الله الملاك رافائيل لآدم لكى يحذره ويشجعه في آن واحد ثم ناقشا مسأله الأقدار والإرادة الحرة ثم قام رافائيل بإخبار آدم بأن الشيطان قد شجع الملائكة للتمرد على الله. الكتاب السادس وقد استمر رافائيل في وصف الحرب في السماء وشرح كيف أن ابن الرب سيقود الشيطان وأتباعه أسفل الجحيم. الكتاب السابع ولقد وضح رافائيل لآدم بأن الله قد قرر خلق عالم آخر وهو الأرض وحذر آدم ثانية بعدم الأكل من الشجرة المحرمة لأن اليوم الذي سيأكل فيه من الشجرة سيقضى عليه بالموت وسيكون الموت هو عقوبته لذلك عليه أن يكون حذرا ويضبط شهيته جيدا حتى لا يفاجئه الذنب والموت. الكتاب الثامن وقد طلب آدم من رافائيل أن يعرف كل ما يتعلق بالنجوم والأوامر السماوية فحذره رافائيل بأن السماء أعلى من أن يعرف ما يدور فيها لذلك يجب أن يكون حكيما ونصحه بالصبر والتواضع. الكتاب التاسع وعاد الشيطان إلى عدن متخفيا في جسد ثعبان نائم وقد قام بإغراء حواء للأكل من فاكهة الشجرة المحرمة فأكلت منها وأخذت بعض الفاكهة لآدم، وقد أدرك آدم أن حواء قد تم خداعها فآثر أن يموت مع حواء على أن يعيش بدونها. في البداية أصبح آدم وحواء مسممان بالفاكهة ثم أصبحا في حالة من الرغبة والشهوة ومارسا الجنس سويا، بعد ذلك حاولا تغطية أنفسهم بعد أن تم تجريدهما بعد أن فقدا برائتهم ثم يأسوا يأسا شديدا وجلسوا في نحيب مستمر وتنغمر الدموع من أعينهم وأخذت حالتهم تسوء وتتخللهم الكثير من مشاعر الغضب والكراهية وسوء الظن والشك، وساءت أيضا حالتهم العقلية الداخلية. الكتاب العاشر أطلق الله ابنه إلى عدن لإطلاق حكم الله على آدم وحواء وعاد الشيطان منتصراً إلى الجحيم. الكتاب الحادي عشر قام ابن الرب بالتوسل إلى الله بالنيابة عن آدم وحواء فأعلن الله أنه وجب طردهما من الجنة فهبط الملاك ميخائيل لإطلاق حكم الله ويكون بذلك قد فتح التأريخ المستقبلى للعالم. الكتاب الثاني عشر وقبل خروج آدم وحواء من الجنة قام ميخائيل بإخبار آدم بموعد المجئ النهائي للسيد المسيح. وبذلك فقد الفردوس. وانتهت القصيدة بعبارة: (لقد كان هذا العالم كله أمامهم حيث اختاروا مكان إقامتهم وطريق رشدهم وتعاونا بخطى بطيئة لكنها سديدة ومن جنة عدن أخذوا طريقهم الماسى).[4] الشخصيات الشيطان هو الشخص الأول الذي تم تقديمه في القصيدة، وقد تم تقديمه في جهنم بعد التمرد الفاشل للسيطرة على السماء، أما رغبة الشيطان في التمرد على خالقه فهي ناجمة عن إحجامه عن قبول حقيقة كونه كائنا مخلوقا وليس مخلوقا ذاتيا وهذا نابع عن تطرفه الزائد. وأحد الطرق التي حاول بها تبرير تمرده على الله هو إدعاءه بأنه والملائكة مخلوقين ذاتيا وإدعى أيضا أن الملائكة خلقت ورفعت ذاتيا، وبذلك يزيل سلطة الله كخالق لهم.[5] آدم هو الإنسان الأول الذي خلقه الله في جنة عدن وهو أكثر ثقافة وخبرة من حواء، من الناحية الإيجابية فآدم هو نموذج للحاكم الطيب وكان يوجه حواء للبعد عن التفكير في كونها امرأة جذابة وكان يفعل ذلك بلطف شديد مستخدما القوة ولكن ليس بإفراط وبالرغم من أن آدم وحواء ليسا متساويين في القصة ولكن آدم لم يكون أبدا حاكما مستبدا. وكانت تجمع آدم وحواء علاقة تبعية متبادلة وهذا يوضح وجهة نظر ميلتون في علاقة الحاكم بأحد رعاياه وكذلك علاقة الزوج بزوجته. أما من الناحية السلبية، فإن آدم مثل الشيطان لديه مشكلة قلة المعرفة الذاتية لكنه مختلف عن الشيطان لأن الشيطان ذاتى ونرجسى في آن واحد. أما مشكلة آدم فتكمن في كونه معرض لخطر الافتتان، وسبب هذا الافتتان هو جمال حواء وهذا هو ما اشتكى منه أثناء حديثه مع رافائيل قائلا إنها شديدة الجمال. وقد كان آدم يتحدث بقلق عن كونه يشعر بأنه تابع لحواء التي تبدو أن لديها اكتفاء ذاتى واستقلال بالفطرة، وكان آدم مذهولا حيال ذلك لأنه من المفترض أن تكون حواء تابعة له لأنه خلق أولا. أما هي فقد خلقت من جزء منه، وقد أصبح مهووسا بها لدرجة كونه متيما بجمالها. حواء هي الإنسانة الثانية التي خلقها الله فقد أخد جزء من أحد أضلاع آدم وشكلها على شكل نسائي لآدم. من الناحية الايجابية، فهى نموذج للزوجة والتابعة الوفية وقد وافقت آدم في قيادته لها بعيدا عن التفكير في جاذبيتها وذلك منذ أول مرة إلتقيا فيها وكانت واثقة في قدرة آدم على الأخذ بزمام الأمور في علاقتهما. وقد كانت حواء على قدر كبير من الجمال مما كان فيه خطراً عليها وعلى آدم، وجمالها لم يكن آدم وحده مهووسا به بل كانت هي أيضا كذلك. فبعد ميلادها نظرت بعناية إلى شكلها وجمالها في بركة ماء وكانت مذهولة بصورتها حتى بعد أن ناداها آدم عادت مرة أخرى لتنظر إلى صورتها حتى أمرها الله أن تذهب لآدم الذي إرتضت قيادته لها. وهذا يبين لنا أنها كم كانت منذ البداية في خطر الافتتان بنفسها كالشيطان تماما، وكذلك هي الأولى التي إتصلت بالتأثير الشيطاني، فقد تسلل الشيطان إلى أحد أحلامها لإغرائها، وبعد هذا الحادث بدا واضحا أنها تريد تطوير كيانها المستقل وهذا هو ما حير آدم أثناء حديثه مع رافائيل حيث أنها تريد الانطلاق بنفسها للعمل في الجنة. وقد طورت أيضا وجهة النظر الشيطانية في تنظيم الجنة حيث أنها تريد الانفصال بنفسها للحصول على عمل أكثر في الجنة وكانت قلقة بشأن عدم تنظيم الجنة وتمنت أن تفرض فيها نوعا من النظام والتي هي أمنية الشيطان أيضا. وقد وقعت أخيرا في مصيدة الإغراء فكانت الأولى التي تأكل من الشجرة المحرمة مما كان سببا في الهبوط، ولم يتم تصويرها بصورة سلبية في هذه القصة، فمن خلال حديثها مع آدم عما إذا كانا سينفصلا أم لا، أخبرها آدم بأنهما يجب أن يظلا سويا لكي يتفاديا الإغراء حتى لو تم إغرائهما سيكون ذلك شيء غير مشرف لكليهما، وقد كان ذلك جدالا معيبا لهما. وأجابته حواء وهي محتلة الدور البطولى قائلةً أنهما إذا استجابا للإغراء سيكون ذلك دليلا على أن الفضيلة عندهما ليست قوية بالقدر الذي يجعلهما يبدءان من جديد. وليست هذه المرة الأولى التي نرى فيها الجانب البطولى لحواء. فبالرغم من عيوبها، وبعد الهبوط قام آدم بإلقاء اللوم عليها في جميع ما حدث وكان يتصرف كما لو كانت هي السبب الوحيد للهبوط، بالرغم من أن الحقيقة أنه اختار أن يأثم بمحض إرادته. ولقد تحملت كل الإهانة الكلامية التي تلقتها من آدم وإختارت أن تحتمل ذلك بدلا من مناقشته وإحداث انشقاق آخر بينهما. وبأخذها كل ذلك على عاتقها فهى بذلك تتصرف كشخصية السيد المسيح حيث تحمل أعباء خطأ لم يرتكبه وذلك لأجل مستقبل البشرية. ابن الرب ابن الرب في الفردوس المفقود هو المسيح، فبعد أن أوضح الأب لابنه أن آدم وحواء سيهبطان وأن جميع البشرية ستكون منكوبة باتباع خطواتهم الملعونة، أعلن الابن ببطولة أنه سيتحمل العقاب عن الإنسانية. وبذلك يكون الابن قد بث روح الأمل في القصيدة لأنه بالرغم من أن الشيطان قد انتصر على البشرية بنجاحه في إغراء آدم وحواء ولكن هذا النصر مؤقت لأن الابن سيقوم بإنقاذ الجنس البشرى.[6] ومن المثير للانتباه أن الابن قد وضح لنا وجود خلل كبير في الفكر الدينى الأرثوذكسى من وجهة نظر ميلتون، فإن الاعتقاد المقبول في ذلك الوقت كان يقول أن الثالوث هو الجزء الكامل من الربوبية الواحدة وهكذا كان يعتقد كل الموجودين في ذلك الوقت، ولكن ميلتون صور لنا أن الابن قد خلق قبل الآب. ملاحظة هامة : شطط الكاتب وضلاله جعلاه ينسب لله جل وعلا الولد ومن قبله قال اليهود مثل قولهم – تعالى الله عما يقولون – ” وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون * اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ” صدق الله العظيم الله (الرب) الله هو خالق جنة عدن والسماء والجحيم وكل الشخصيات الرئيسية في القصيدة. والله قوى جدا بحيث لا يستطيع أحد أن يهزمه حتى لو كان أحد الملائكة الثلاثة الذين حرضهم الشيطان ضد الرب. وتصف لنا القصيدة عملية خلق الله للعباد بالطريقة التي توقع ميلتون حدوثها عليه وهى أن الله خلق السماء والأرض والجحيم وجميع المخلوقات التي تسكن هذه المستويات المنفصلة من جزء من نفسه وأنه لم يتم خلقها من لا شيء.[7] وطبقا لما قاله ميلتون فإن الذي أعطى الله هذه السلطة المطلقة هي حقيقة كونه خالق الخلق. وقد حاول الشيطان أن يبرر تمرده بإنكاره هذه السمة لله وإدعاءه أنه مخلوق ذاتيا ولكنه في داخله يعرف أن ذلك ليست الحقيقة قائلا: (إن الله لا يستحق منى هذا التمرد لأنه هو الذي خلقنى على ما أنا فيه).[8][9] رافائيل هو الملاك الذي أرسله الله لآدم ليحذره من تسلل الشيطان لجنة عدن والتحذير منه لأن الشيطان يحاول لعن آدم وحواء. اجتمع رافائيل مع آدم وحواء ولكن لديه مناقشة خاصة حول الشيطان مع آدم فقط. خلال هذه المناقشة، ورافائيل يروي آدم قصة تمرد الشيطان والنفي لاحقا إلى الجحيم. رافائيل فسر أيضا لآدم كيف خلق الله الأرض والكون. ميخائيل وبعد أن عصى آدم وحواء الله بأكلهم من الشجرة المحرمة، أرسل الله الملاك ميخائيل لزيارة آدم وحواء. وأمره أن يخرج آدم وحواء من الجنة. ولكن قبل أن يحدث هذا، يبين ميخائيل لآدم الرؤى المستقبلية التي تشمل الخطوط العريضة للكتاب المقدس، من خلال قصة قابيل وهابيل في سفر التكوين، حتى قصة يسوع في العهد الجديد. هذه الرؤية الهدف منها إظهار لآدم ما يحدث للبشرية، وكيف سوف يخلص يسوع البشرية في نهاية المطاف، وطرد الشيطان والخطيئة والموت من الأرض. كتابة القصة بدأ ميلتون كتابة هذه الملحمة عام 1658 خلال السنوات الأخيرة للجمهورية الإنجليزية. وبالرغم من أنه قد أنهى هذا العمل عام 1664، فلم يقم ميلتون بنشر الكتاب حتى عام 1667 بسبب الطاعون القوى والحريق العظيم. وقد أكمل ميلتون باقى العمل بعدما أصيب بالعمى وكان ذلك يستلزم استخدام كتّاب ذوو رواتب، وقد إدعى الشاعر أن روح القدس كان يلهمه أثناء الليل ويتركه مع الأشعار التي سيتلوها بالنهار. السياق ولقد تأثر الكاتب بعدة أشياء منها التوراة وتربية ميلتون الدينية ومنظوره الدينى، كما تأثر أيضا بعدة أشخاص منهم مينياس فليتسير وإدموند سبينسر وكذلك الشعراء القدماء مثل فيرجل وثيوكرتس. وبعد أن فقد ميلتون بصره، أكمل العمل بمساعدة سكرتيراته وأصدقائه أمثال أندرو مارفيل. وبعد ذلك كتب ميلتون عن استعادة الفردوس ولكن أقصر من سابقتها وتحدث فيها عن إغراء الشيطان للسيد المسيح وإمكانية عودة الفردوس ولكن هذه التتمة لم تأخذ شهرة القصيدة السابقة. أهم الموضوعات التي تناولتها القصيدة الزواج عند التصفح المبدئى للفردوس المفقود نرى أنها قصة توراتية عامة تعرض خلق وهبوط آدم وحواء ولكن بعد التدقيق العميق في أحداث القصيدة، لاحظ عدة نقاد العلاقة بين آدم وحواء وكيف أنها تعكس وجهة نظر ميلتون عن الزواج. قد قدم ميلتون آدم وحواء للمرة الأولى في الكتاب الرابع وكلاهما مشهود له بالنزاهة. وقد أوضح دكتور جينيفر راست أن العلاقة بين آدم وحواء هي أحد علاقات التبعية المتبادلة وليست علاقة هيمنة وتسلط، وفي الوقت الذي جعل فيه المؤلف آدم أعلى من حواء باعتبار معرفته الثقافية وعلاقته بالله، فقد منح حواء ميزة المعرفة من خلال التجربة. وقد أوضحت هيرمن فان نوس أن بالرغم من وجود إحساس بالصرامة مرتبط بالأدوار المحددة للذكر والأنثى، فإن كل منهم قد قبل بالدور المحدد له كما لو كان ذلك هو الأصل،[10] وبدلا من الاعتقاد بأن هذه الأدوار كانت مفروضة عليهم، فإن كل منهم ينفذ ما هو مطلوب منه كما لو كان ذلك سيعمل على تقوية العلاقة فيما بينهم. أما هذه التناقضات البسيطة فهى تبين وجهة نظر المؤلف في ضرورة وجود مشاركة بين الزوج والزوجة. بعد فحص العلاقة بين آدم وحواء، يميل النقاد إلى قبول أنه إما آدم أو حواء هو صاحب وجهة النظر المسيطرة في علاقة السلطة وأهمية الله. ولقد ناقش ديفيد ميكيكس هذا الأمر قائلا أن هذه المواقف تبالغ في تصوير استقلالية الشخصيات ولذلك فقد آدم وحواء الطريق الذي تضافرا فيه مع بعضهم البعض.[11] وتعكس رؤية ميلتون أن الزوج والزوجة ويقصد هنا آدم وحواء يعتمدان على بعضهم البعض ويستطيعان النجاح من خلال الاختلافات التي بينهما.[11] بينما يعتقد أكثر القراء أن فشل آدم وحواء كان سببه هبوطهم من الفردوس، ويرى ميلتون أن ما نتج من تقوية حبهما لهو النصر الحقيقى. وبالرغم من أن ميلتون لم يذكر الطلاق بشكل مباشر في النص الأصلى للفردوس المفقود، فقد عرض النقاد نظريات قوية توضح وجهة نظر ميلتون عن الطلاق وهى تعتمد على استدلالات موجودة في القصيدة. أما الأعمال الأخرى التي قدمها ميلتون عرضت أن المؤلف الانجليزى البارز يرى الزواج على أنه كيان منفصل عن الكنيسة وبمعنى أدق، فيما يتعلق بالفردوس المفقود، فإن بيبر مان يتأمل فكرة أن (الزواج هو عقد يصنعه الرجل والمراة).[12] وبالاعتماد على هذا الاستدلال يعتقد ميلتون أن له الحق في اختيار الطلاق كما له الحق في اختيار الزواج. الوثنية بسبب وجهات النظر الاحتجاجية فيما يخص السياسة والدين في القرن السابع عشر في إنجلترا، فقد انتقد المعاصرون أفكار ميلتون واعتبروه نوع من الثورية. وكانت أحد أعظم مناقشات ميلتون المثيرة للجدل تدور حول مفهومه عن الوثنية وكما لاحظ النقاد أن هذا الموضوع تم شرحه بعمق في الفردوس المفقود. وكان نقد ميلتون للوثنية يكمن في نظرية بناء معابد وأبنية أخرى كأماكن للعبادة. وفي الكتاب الحادى عشر من الفردوس المفقود يحاول آدم التكفير عن ذنبه بعرضه بناء المذابح لعبادة الله، وفي الرد على هذا العرض قال له الملاك ميخائيل موضحا أن آدم ليس محتاجا لبناء شيء لاختبار حضور الله.[13] ولقد أشار جوزيف لايل في هذا المثال موضحا أن اعتراض ميلتون على الهندسة المعمارية ليست شيء كريه أو صفة متأصلة في الأبنية ولكن ميلها في الشبه بالوثنية سيكون حتما سببا أساسيا في انتشار الوثنية.[14] وحتى لو كانت حواء نقية بالفطرة لكن يرى ميلتون أن هذا من السهل أن يؤدى إلى وثنيتها لأن هذه هي طبيعة البشر لأنهم بدلا من أن يجعلوا إيمانهم واعتناقهم لله، فإنهم يتشبثوا بالمعتقدات الخاطئة التي تحيط إيمانهم. وقد لاحظ النقاد أنه في الوقت الذي يسعى فيه آدم لبناء المذابح لله، فإن حواء متهمة بالوثنية ولكن بطريقة مختلفة. ويعتقد بيت هاردينج أن نرجسية حواء وولعها بنفسها يعد أيضا نوع من الوثنية،[15] على وجه التحديد يدعى بيت هاردينج أن تاثير الثعبان، ووثنية حواء وتقديسها لنفسها، كل ذلك سينذر بالأخطاء التي سيرتكبها أبناءها.[15] علاوة على ذلك، فقد جعل ميلتون آرائه الخاصة بالوثنية أكثر وضوحا مع خلق بانديمونيام, والتلميح إلى هيكل سليمان. في بداية الفردوس المفقود، يوجد خلال القصيدة عدة إشارات تتعلق بالارتفاع والهبوط النهائى لهيكل سليمان. ولقد أوضح النقاد أن هيكل سليمان يمدنا ببرهان واضح عن كيفية أن ما صنع يدويا يمكن أن ينتقل من الممارسة العبادية إلى النهاية الوثنية.[16] وهذا المثال، بعيدا عن ما تم تقديمه في القصيدة، يعرض وجهة نظر ميلتون عن أخطار الوثنية بشكل واضح. وحتى لو قام أحد بتاسيس مبنى باسم الله فإن أفضل النوايا يمكن أن تكون عديمة الأخلاق. وهذه الاستنتاجات تعرض آراء ميلتون البروتستانتية حيث يرفض كلا من المنظور الكاثوليكى والمنظور الوثنى. بقي أن نقول أن الفردوس المفقود كانت وما زالت مصدر إلهام للكثر من الادباء حتي يومنا هذا وأصبحت منتشره في جميع الثقافات مخلده اسم جون ميلتون.

  • الروائي الإيطالي أمبرتو إيكو .. وأيقونته «اسم الوردة» .. وإيكو يكشف آلياته في الكتابة الروائية – كتبه علي الراعي ..

    الروائي الإيطالي أمبرتو إيكو .. وأيقونته «اسم الوردة» .. وإيكو يكشف آلياته في الكتابة الروائية – كتبه علي الراعي ..

    أمبرتو إيكو يكشف آلياته في الكتابة الروائية

    لاشك في أن المشهد الروائي العالمي، لا يكتمل إذا لم تكن رواية «اسم الوردة» للروائي الإيطالي أمبرتو إيكو، والتي يعدّها النقاد من أهم أيقونات هذا المشهد، و.. رغم أن إيكو لم يكتب الرواية قبل سن الخمسين، غير أنه قضى ما يُقارب الثلاثين سنة رحالاً في شعاب البحث السيميائي، من هنا ثمة من يعده أنه جاء إلى الرواية مثخناً بجراح السيميائيات، وبجراح عمر يجري من دون توقف، فكانت رواياته مزيجاً من التأمل الصوفي، والرؤية الحكائية الطويلة النفس، والرصد الاستكشافي لحياة العلامات..

    و«اسم الوردة» التي كانت النتاج الأول لهذا الروائي، كانت صدرت عام 1980، ونالت شهرة فاقت التصور، وبعدها تتالت إصداراته الروائية، فكتب سنة 1988 روايته الثانية «بندول فوكو» ثم كانت روايته الثالثة عام 1994 «جزيرة اليوم السابق» فيما كانت رابعته الروائية «باودولينو» سنة2002، ليعاود التجربة في رواية خامسة هي «شعلة الملكة لونا الغامضة» غير أن «اسم الوردة» تبقى الرواية التي أخذت الحيّز الأكبر من النقاش، والسجال، و..النقد، لدرجة أغوت صاحبها لأن يخصها هو نفسه بمجموعة من النصوص، أصدرها في كتاب «آليات الكتابة السردية» الذي نقله إلى العربية سعيد بنكراد، وصدر مؤخراً عن دار الحوار في اللاذقية..
    التجربة النبع الثر
    في «آليات الكتابة السردية» يعد أمبرتو إيكو أن ما هو أساسي بالنسبة لنصوصه، يعود إلى التجربة ذاتها، لا إلى مادة الروايات، ومضامينها، وتأويلاتها المستحيلة والممكنة، فهو يكتفي بسرد السيرورة أي تقديم تأمل خاص في بناء الرواية.
    في «آليات الكتابة السردية» سيدرك القارئ أن الإبداع الروائي جهد وعناء وبحث في ذاكرة النصوص السابقة وتجاوز لها، فهو يعد الرواية «واقعة كوسمولوجية» فما يهم هو تشييد العالم، أما الكلمات ستأتي فيما بعد فالأساسي هو ليس الكلمات ولكن كيفية بناء العالم وتأثيثه وهنا تجب الإشارة إلى أن الرواية لا تستند إلى حالات السرد العفوي، وإنما هي صنعة. وإيكو وهو يحكي سيرورته لا يتوقف عند تأويل أو تفسير حدث ما، لكنه يومئ إلى ما يقف خلف هذا الحدث ويحيط به ويبرره ويمنحه معنى، فالكتابة تحول المعرفة إلى احتفال دائم، وتجعل من العرضي والزائل لحظة خالدة في التاريخ الإنساني.
    العنوان والمعنى
    في القسم الأول من الكتاب «حاشية على اسم الوردة» يتحدث إيكو عن عدة أمور أساسية من أهمها العنوان والمعنى: حيث يأسف أن المعنى أصبح بشكل من الأشكال أحد المفاتيح التأويلية، ومن الصعب في أوقات كثيرة الهرب من إيحاءات العناوين لذا حين اختار عنواناً لروايته «اسم الوردة» عمل جاهداً على الإفلات من أي تأويل ممكن من قبل القارئ، وحتى عندما يكون بمقدوره الإمساك بقراءة ما، فإنه لا شك قد قام بعدد لا يحصى من الاختيارات، وجمع عدداً لا يحصى من وجهات النظر. فالعنوان في رأي إيكو يجب أن يشوش على الأفكار لا أن يحولها إلى قوالب مسكوكة.
    يكتشف إيكو أن الرواية لا علاقة لها في البداية بالكلمات، وكتابة رواية أمرما، يعود إلى «الكوسمولوجيا» تماماً كما هو الأمر مع القصة التي يرويها سفر التكوين. في الرواية إذا يجب أولا بناء العالم وستأتي الكلمات فيما بعد من تلقاء نفسها، فامتلاك الأشياء سابق على وجود الكلمات وهو عكس ما يحدث في الشعر حيث امتلاك الكلمات سابق على امتلاك الأشياء. أما بناء العالم، ففي رأيه عمل يحتاج إلى جهد لائحة طويلة من الكتب عن الفترة التي يريد الحديث عنها: أسماء وشهادات ميلاد، ثم يحدث انتقاء. ثمة أشخاص على الكاتب أن يعرفهم وليس من الضروري أن يتعرف إليهم القارئ.
    ولأن التاريخ شكل جزءاً من عالم إيكو، فهذا ما جعله يعيد قراءة الوقائع القروسطية التي شكلت متن كتاباته. وفي تأثيث عالم في رواية تاريخية ثمة عناصر يتحكم فيها المؤلف أما العناصر الأخرى فتنتمي إلى العالم الواقعي وليس صحيحاً أبداً بتقديره أن سرد أحداث الماضي هو هروب من الحاضر، فقد نتحدث عن زمن ما، لأن أحداثه استرعت انتباهنا أكثر من أحداث زمن ما، والرواية التاريخية لعلها تحدد في الماضي الأسباب التي كانت وراء ما حدث بعد ذلك، وأيضا رسم السيرورة التي تطورت بشكل بطيء من خلالها وأحدثت هذا الواقع.
    تقنية القناع
    وهنا لابد من استخدام تقنية القناع أي الحديث عن أحداث الزمن المراد الحديث عنه عن طريق سارد ينتمي إلى ذلك الزمن، حيث يتم الفصل بين المؤلف باعتباره شخصاً له سيرة محددة وبينه باعتباره مؤلفاً يروي أحداثاً أي سارداً وبين الشخصيات التي تتم دراستها بما في ذلك الصوت السردي.. وبذلك يجب الانتباه إلى ما يسمى نفس الرواية والمقصود به تناغم الرواية، هذا التناغم لا يكمن في طول النفس، بل في انتظامه «إن الرواية العظيمة هي التي يعرف مؤلفها متى يسرع ومتى يتوقف وكيف يقدر درجات الوقفات أو الإسراع ضمن إيقاع أصلي ثابت».
    إن مجرد التفكير بالإيقاع أو بنفس الرواية وهذه المعاناة فذلك يعني التفكير بقارئ ما «سواء كتبنا ونحن نفكر بجمهور يقف على عتبة الباب ومستعد للأداء أو حين نكتب ونحن نفكر بقارئ ينتمي إلى المستقبل، فالكتابة تعني وجود قارئ نموذجي من خلال النص».
    أما ما يقوله الكتاب: إنهم يكتبون لأنفسهم فإن إيكو يقول «احذروا الذي يقول هذا النوع من الكلام، إنه نرجسي ومحتال وكذاب» الشيء الوحيد الذي نكتبه لأنفسنا هو لائحة  المشتريات وعندما يتم ذلك يمكن التخلص منها لأنها لا تصلح لشيء إن كل ما نكتبه نقوم به لنقول شيئاً ما لشخص ما».

     كتبه علي الراعي
  • تعرف على “سلطانات الرمل” للروائية / لينا هويان الحسن /.. الرواية  التي تخترق محظور العشائر البدوية – والموجودة بمعرض الكتاب – الرياض — تتوفر كل من سلطانات الرمل ونازك خانم . .

    تعرف على “سلطانات الرمل” للروائية / لينا هويان الحسن /.. الرواية التي تخترق محظور العشائر البدوية – والموجودة بمعرض الكتاب – الرياض — تتوفر كل من سلطانات الرمل ونازك خانم . .

     نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

    جناح منشورات ضفاف F12
    معرض الكتاب – الرياض — تتوفر كل من سلطانات الرمل ونازك خانم . . لمن يهمه

    قلمهــا

    من هنا من على هذا المتكأ الأنثوي الرائع تتجلى موسقة أنامل سلطانات الإبداع للكلمة لتخلد في فردوس الأدب الفكري لتعكس العطاء الأدبي الزاخر بالجمال الذي يشي بها هالة تتصدر و تشع ببريق أبجديتها المزخرفة بكل أصناف الفكر على المنبر الأدبي والثقافي في الوطن العربي لتعلن تجربتها في الحياة والمجتمع والحياة عبر مؤلفاتها الثرية التي باتت تأخذ حيزا أنيقا في ركن مخملي يزهر شذاه في المكتبة العربية يحمل بين دفات أوراقه الوردية كيان أنثى أراقت الماء عطرا يتغنى تحت إيقاع صريرها بثقة وجرأة وتمرد وأخرى كيان نون بعمق التحدي يشهق الفكر عظمة من شجون وشئون الحياة النسوية والمجتمعية والإنسانية والفنون والتربية والدراسة وما لاح وجال بخاطر الورد بعناوين صاخبة ومحتويات تضج بالواقع تملأ الفضاءات الواسعة تثير الفضول وتكثر من الأسئلة بالتأثير على المتلقي الذي تتجلى وقفته اتجاه إبداعها بالمناصرة والرفض .
    كما أثبتت المرأة الأديبة مستواها الثقافي والفكري الأدبي باستقلال قرارها واعتدادها بأدبيتها التي حصدت بلاغة المعنى وشفافية المفردة وخصب حقولها المورقة التي خاضت عمقها وسطحها بجبروت السيل الثقافي الذي منحها رؤية أرحب وحضورا يبهر منابر الفكر ويدير الرقاب لتكون هي بأجملها محور ثري وثمين لكل أدب وفكر وثقافة لا يمكن لأي حبر أن يتخطاه .

    تمنياتي

    “سلطانات الرمل” رواية تخترق محظور العشائر البدوية

    تكشف الروائية ” لينا هويان الحسن” في روايتها الثالثة عن البدو “سلطانات الرمل”، وبأسلوب يجمع بين التوثيق والخيال، النقاب عن محظور القبيلة الذي لم يسبق لأحد أن تناوله، وأدركت بحكم أصولها البدوية أهميته، حيث تسبر “لينا” أغوار العشائر الممتدة في بادية الشام فنقرأ فيهم عوالم مخالفة تماما للصورة النمطية المعتادة لشخصية البدو المكرسة درامياً.

    وتتميز رواية “سلطانات الرمل” الصادرة في دمشق عن دار “ممدوح عدوان”، عن سابقتيها حول البدو “معشوقة الشمس”، و”بنات نعش”، بورود الأسماء الصريحة للعشائر والأشخاص لأول مرة أدبيا، وهي تتحدث عن “قطنة بنت الكنج” شيخ عرب السردية التي تسببت بنشوب حرب بين عشيرة الرولا من العنزة وبني صخر، كما نتعرف على ديرة “الشمبل” وهي “البراري التي تمتد شرق حمص وحماة وجنوب حلب وغرب طريق تدمر والرقة” شمال سوريا.

    واعتمدت “هويان الحسن” في كتابة روايتها على المراجع والوثائق التاريخية، كما استعانت بذاكرتها البدوية والحضرية لتقتنص الموروث الشفهي والحكائي الصحراوي وتوظفه وفق منطق التوثيق والتأريخ في شقها الحضري، وتقول الروائية إن “المراجع حول العشائر في بادية الشام كتبها مستشرقون”، مشيرة إلى ندرة “الدراسات العربية المعاصرة ككتاب “عشائر الشام” لـ”أحمد وصفي زكريا” و”البدو والبادية” لـ”جبرائيل جبور” الذي وثق للبدو بالصور والكلمات في الخمسينيات”، وتؤكد أن الموضوع “تمت مناوشته أدبيا بأقلام مثل عبد السلام العجيلي كونه ابن المنطقة”.

    وتكشف الرواية عن أسرار المجتمع البدوي وتحولاته في القرن العشرين، مروراً بإلغاء الرئيس جمال عبد الناصر لقانون حكم العشائر في 1958، كما تتناول حكاية “رمضان الشلاش” الذي قاد ثورة للتصدي لحملة عسكرية فرنسية في عشرينات القرن الماضي وقال عنه تشرشل أن “لبريطانيا العظمى عدوين في الشرق لينين ورمضان الشلاش في جنوب” سوريا، كما تتناول قصة “طراد الملحم” الذي رفض عرضا فرنسيا بتشكيل دولة قوامها عشائري وعاصمتها “تدمر”.

    وتعتبر الرواية موسوعية في جزء كبير منها إذ تعرضت لأسرار البدو في صيد الصقور ورعايتها، وتقول “حين هزل (الصقر) عالجته وجعلته يسمن بعد أن ألقمته على يدها لحم هدهد حي غير مذبوح، ولحم قنفذ منقوع بالخل، فسمن وعاد يرافق أباها في صيده”، كما تناولت تفاصيل حول الخيول العربية الأصيلة وكيف تم تهريبها إلى بومباي لأجل لعبة البولو، وإلى بابولنا لإثراء إسطبلات المجر والنمسا، وتقول “كانت الأحصنة الجميلة التي تبرع بانتاجها الصحراء اهم الرشاوي الممكنة واجمل ما يتطلع المرء الى امتلاكه في الشرق”.

    وحملت معظم فصول الرواية أسماء نساء اشتهرن بالصحراء العربية مثل “حمرا” و”قطنة” و”مراية” و”عنقا” و”منوى” و”سكرى” و”بوران”، لتسرد قصص نساء تركن أثراً كبيراً في قبيلتهن، فـ”منوى” اعتلت فرس قتال، وراحت تجوب المكان كلما رأت أن واحداً من فرسان قومها تخاذل متراجعاً عدت نحوه وقامت بتلويثه بالمغرة لتسمه بعار الهروب”.

    وتحدد سلطانات “هويان الحسن” مسار حياتهن غير عابئات برغبة القبيلة، فـ”حمرا” ابنة شيخ عشيرة “طيء” التي عشقت “أحمد بيك” أمير قبيلة الموالي “أرسلت في طلبه دون أن يرف لها جفن ضد القدر ، كانت تريده بكل ما أوتيت من شغف ومكر وثبات أعصاب”.

  • ‏مديح النبيذ – / نص من كتاب “أثر الفراشة” للشاعر محمود درويش/ – (اللوحة للفنانة السورية سارة شمة) –  ‏ثائر عبدالله‏ – ‏نادي حمص الثقافي الاجتماعي‏. ..

    ‏مديح النبيذ – / نص من كتاب “أثر الفراشة” للشاعر محمود درويش/ – (اللوحة للفنانة السورية سارة شمة) – ‏ثائر عبدالله‏ – ‏نادي حمص الثقافي الاجتماعي‏. ..

    /مديح النبيذ/ محمود درويش/
أَتأمَّل النبيذ في الكأس قبل أَن أتذوقه.. أتْركُهُ يتنفَّس الهواء الذي حُرم منه سنين. إِخْتَنَقَ ليحمي الخصائص. وتخمَّر في سُبَاته، وادَّخَر الصيفَ لي وذاكرةَ العنب.
أتركُهُ ينتقي لونه المُسَمَّى، خطأً، أحمر. فهو مزيج من قُرْمُزيّ تشرَّب غيمة خفيفة السواد. لونٌ لا لونَ له إلا اسمه: نبيذيّ، لنرتاح من مراوغة الوصف.
و أترُكُهُ يحترم رائحته، الرائحةَ المتكبرة المتعالية كالمُحْصَنَات من النساء. إن شئتَ أن تَشُمَّها فلا تأتي هي إليك. عليك أنت أن تتأكَّد من طهارة يدك وخلوِّها من العطر، ثم تمدَّها بلينٍ عاطفيّ إلى الكأس كأنها تقترب من نَهْد. تقرِّبُ الكأس من أَنفك بأناة نحلة، فتبعثرك رائحةٌ عميقة سريّة: رائحةُ اللون التي تُدْخِلُكَ إلى أَدْيِرَةٍ قديمة.
وأَتركه يستجمع خواطر مذاقه إلى أن نكون، أنا و هو، جاهِزَيْن عطشاً لاستقبالِ وَحْيٍ بالفم. لا أَتعجَّل ولا أَتمهل، فكلاهما كسر في إيقاع المتعة. أُقرِّبُ الكأس من شفتيّ بخفر المتسوِّل قبلةً أولى من امرأةٍ غامضة العواطف. أرتشف جرعة خفيفة. وأَنظر إلى أَعلى بعينين نصف مغمضتين إلى أن يسري سُلافُ نشوةٍ في شراييني. وتنفتح شهيَّتي على ما يليق بالنبيذ من حاشِيةٍ ملكية. هو النبيذ يرفعني إلى مرتبة أعلى، لا هي سماوية، ولا هي أرضية. ويقنعني بأنَّ في وسعي أن أكون شاعراً، ولو لمرة واحدة!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
/نص من كتاب "أثر الفراشة" للشاعر محمود درويش/
(اللوحة للفنانة السورية سارة شمة)
    /مديح النبيذ/ محمود درويش/
    أَتأمَّل النبيذ في الكأس قبل أَن أتذوقه.. أتْركُهُ يتنفَّس الهواء الذي حُرم منه سنين. إِخْتَنَقَ ليحمي الخصائص. وتخمَّر في سُبَاته، وادَّخَر الصيفَ لي وذاكرةَ العنب.
    أتركُهُ ينتقي لونه المُسَمَّى، خطأً، أحمر. فهو مزيج من قُرْمُزيّ تشرَّب غيمة خفيفة السواد. لونٌ لا لونَ له إلا اسمه: نبيذيّ، لنرتاح من مراوغة الوصف.
    و أترُكُهُ يحترم رائحته، الرائحةَ المتكبرة المتعالية كالمُحْصَنَات من النساء. إن شئتَ أن تَشُمَّها فلا تأتي هي إليك. عليك أنت أن تتأكَّد من طهارة يدك وخلوِّها من العطر، ثم تمدَّها بلينٍ عاطفيّ إلى الكأس كأنها تقترب من نَهْد. تقرِّبُ الكأس من أَنفك بأناة نحلة، فتبعثرك رائحةٌ عميقة سريّة: رائحةُ اللون التي تُدْخِلُكَ إلى أَدْيِرَةٍ قديمة.
    وأَتركه يستجمع خواطر مذاقه إلى أن نكون، أنا و هو، جاهِزَيْن عطشاً لاستقبالِ وَحْيٍ بالفم. لا أَتعجَّل ولا أَتمهل، فكلاهما كسر في إيقاع المتعة. أُقرِّبُ الكأس من شفتيّ بخفر المتسوِّل قبلةً أولى من امرأةٍ غامضة العواطف. أرتشف جرعة خفيفة. وأَنظر إلى أَعلى بعينين نصف مغمضتين إلى أن يسري سُلافُ نشوةٍ في شراييني. وتنفتح شهيَّتي على ما يليق بالنبيذ من حاشِيةٍ ملكية. هو النبيذ يرفعني إلى مرتبة أعلى، لا هي سماوية، ولا هي أرضية. ويقنعني بأنَّ في وسعي أن أكون شاعراً، ولو لمرة واحدة!
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    /نص من كتاب “أثر الفراشة” للشاعر محمود درويش/
    (اللوحة للفنانة السورية سارة شمة)
  • تعرف على  الشاعر العراقي ( بدر شاكر السياب 1943 – 1964 ) أسطورة شاعر الأسطورة .. حياته وشعره.؟ – فالح الحجية – كمال عبد الله حمودي ..

    تعرف على الشاعر العراقي ( بدر شاكر السياب 1943 – 1964 ) أسطورة شاعر الأسطورة .. حياته وشعره.؟ – فالح الحجية – كمال عبد الله حمودي ..


    الشاعر بدر شاكر السياب ..حياته وشعره.؟

    بدر شاكر السياب …
    فالح الحجية

    ولد الشاعر بدر شاكرالسياب بقرية جيكور\ 1926 جنوب شرق البصرة. درس الابتدائية في مدرسة في أبي الخصيب ثم انتقل إلى مدرسة المحمودية وتخرج منها في\ 1938م. ثم أكمل الثانوية في البصرة عام 1943م. ثم انتقل إلى بغداد فدخل دار المعلمين العالية عام\ 1943 وتخرج \م، والتحق بفرع اللغة العربية، ثم الإنجليزية. ومن خلال تلك الدراسة تمكن من الإطلاع على الأدب الإنجليزي .
    في بغداد ومقاهيها حصل صداقة بعض من أدبائها وينشر له ناجي العبيدي قصيدة لبدر في جريدته الاتحاد هي أول قصيدة ينشرها بدر في حياته تكونت في دار المعلمين العالية في السنة الدراسية 1944-1945 جماعة أسمت نفسها أخوان عبقر كانت تقيم المواسم الشعرية حيث ظهرت مواهب الشعراء الشبان، ومن الطبيعي تطرق أولئك إلى أغراض الشعر بحرية وانطلاق، بعد أن وجدوا من عميد الدار الدكتور متى عقراوي، أول رئيس لجامعة بغداد ومن الأساتذة العراقيين والمصريين تشجيعا
    و السياب احد أعضاء الجماعة، وكذلك الشاعرة نازك الملائكة من أعضائها أيضا و من أعضائها شعراء آخرون منهم الأستاذ حازم سعيد من وأحمد الفخري وعاتكة وهبي الخزرجي وقد تعرف بدر على مقاهي بغداد الأدبية ومجالسها مثل مقهى الزهاوي ومقهى البلدية ومقهى البرازيلية وغيرها يرتادها مع مجموعة من الشعراء والذين اصبحو ا (رواد حركة الشعر الحر) مثل بلند الحيدري وعبد الرزاق عبد الواحد ورشيد ياسين وسليمان العيسى وعبد الوهاب البياتي وغيرهم ويلتقي امرأة يحبها وهي لا تبادله هذا الشعور فيكتب لها .
    (أبي.. منه جردتني النساء وأمي.. طواها الردى المعجل ومالي من الدهر إلا رضاك فرحماك فالدهر لا يعدل)
    وتزداد شهرة بدر الشاعر النحيل القادم من أقصى قـرى الجنوب، وكانت الفتيات يستعرن الدفتر الذي يضم أشعاره ليقرأنه، فكان يتمنى أن يكون هو الديوان (ديوان شعر ملؤه غزل بين العذارى بات ينتقل أنفاسي الحرى تهيم على صفحاته والحب والأمل وستلتقي أنفاسهن بها وترف في جنباته القبل)
    يقول محمود العبطة المحامي وكانت تربطني به علاقة صداقة حميمة عندما كان قاضيا في مدينتي بلدروز ( عندما أصدر الشاعر ديوانه الأول أزهار ذابلة في 1947 وصدره بقصيدة من الشعر العمودي مطلعها البيت المشهور.
    ويقول السياب : (يا ليتني أصبحت ديواني لأفر من صدر إلى ثان قد بت من حسد أقول له يا ليت من تهواك تهواني ألك الكؤوس ولى ثمالتها ولك الخلود وأنني فاني)

    تم سجنه عام\ 1946 لفترة وجيزة أطلق سراحه ثم سجن مرة أخرى عام \1948 بعد صدور مجموعته الأولى أزهار ذابلة بمقدمة كتبها روفائيل بطي أحد رواد قصيدة النثر في العراق عن إحدى دور النشر المصرية عام 1947 تضمنت قصيدة( هل كان حبا) حاول فيها أن يقوم بتجربة جديدة في الوزن والقافية تجمع بين بحر من البحور ومجزوءاته أي أن التفاعيل ذات النوع الواحد يختلف عددها من بيت إلى آخر وقد كتب روفائيل بطي في مقدمته لديوانه ( فيها نجد الشاعر الطليق يحاول جديدا في إحدى قصائده فيأتي بالوزن المختلف وينوع في القافية، محاكيا الشعر الإفرنجي، فعسى أن يمعن في جرأته في هذا المسلك المجدد لعله يوفق إلى أثر في شعر اليوم، فالشكوى صارخة على أن الشعر الربي قد احتفظ بجموده في الطريقة مدة أطول مما كان ينتظر من النهضة الحديثة إن هذه الباكورة التي قدمها لنا صاحب الديوان تحدثنا عن موهبة فيه، وان كانت روعتها مخبوءة في اثر هذه البراعم – بحيث تضيق أبياته عن روحه المهتاجة وستكشف الأيام عن قوتها، ولا أريد أن أرسم منهجا مستقبلا لهذه القريحة الأصيلة تتفجر وتفيض من غير أن تخضع لحدود والقيود، ولكن سير الشعراء تعلمنا أن ذوي المواهب الناجحين، هم الذين تعبوا كثيرا، وعالجوا نفوسهم بأقصى الجهد، وكافحوا كفاح الأبطال، حتى بلغوا مرتبة الخلود )
    ويتخرج السياب ويعين مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة ثانوية في مدينة الرمادي التي تبعد عن بغداد تسعين كيلومترا غربا، تقع على نهر الفرات. وظل يرسل منها قصائده إلى الصحف البغدادية تباعا، وفى عام\ 1949 ألقي عليه القـبض في جيكور و سجن في بغداد واستغني عن خدماته في وزارة المعارف رسميا في 1949 وافرج عنه بكفالة بعد بضعة أسابيع ومنع إداريا من التدريس لمدة عشر سنوات،

    عاد إلى قريته يرجو شيئا من الراحة بعد المعاملة القاسية التي لقيها في السجن ثم توجه إلى البصرة ليعمل (ذواقة) للتمر في شركة التمور العراقية، ثم كاتبا في شركة نفط البصرة، وفى هذه الأيام ذاق مرارة الفقر والظلم والشقاء ولم ينشر شعرا قط، ليعود إلى بغداد يكابد البطالة يجتر نهاراته في مقهى حسن عجمي يتلقى المعونة من أصحابه اكرم الوتري ومحي الدين إسماعيل وخالد الشواف، عمل بعدها مأمورا في مخزن لإحدى شركات تعبيد الطرق .

    نشر له الخاقاني مجموعته الثانية (أساطير) بتشجيع من صديقه أكرم الوتري مما أعاد إلى روحه هناءتها وأملها بالحياة، وقـد تصدرتها مقدمة لبدر أوضح فيها مفهومه للشعر الجديد الذي يبشر به ويبدأ بدر بكتابة المطولات الشعرية مثل أجنحة السلام واللعنات وحفـار القـبور والمومس العمياء وغيرها ويضطرب الوضع السياسي في بغداد عام 1952 ويخشى بدر أن تطاله حملة الاعتقالات فيهرب متخفيا إلى إيران ومنها إلى الكويت بجواز سفر إيراني مزور باسم (على آرتنك) على ظهر سفينة شراعية انطلقت من عبادان\ 1953، كتب عنها فيما بعد قصيدة اسمها ( فرار 1953)

    اتسم شعره في الفترة الأولى بالرومانسية وبدا تأثره بجيل علي محمود طه من خلال تشكيل القصيد العمودي وتنويع القافية ومنذ 1947 انساق وراء السياسة وبدا ذلك واضحا في ديوانه أعاصير الذي حافظ فيه السياب على الشكل العمودي وبدأ فيه اهتمامه بقضايا الإنسانية وقد تواصل هذا النفس مع مزجه يثقافته الإنجليزية متأثرا الشاعر الانكليزي (إليوت) في أزهار وأساطير وظهرت محاولاته الأولى في الشعر الحر وقد ذهبت فئة من النقاد إلى أن قصيدته (هل كان حبا) هي أول نص في الشكل الجديد للشعر العربي وما زال الجدل قائما حتى الآن في خصوص الريادة بينه وبين نازك الملائكة والبياتي في العراق ،

    وفي أول الخمسينات كتب السياب كل شعره بهذا النمط الجديد واتخذ المطولات الشعرية وسيلة للكتابة فكانت (الأسلحة والأطفال)
    نشر السياب ديوانه (أنشودة المطر) في بداية الستينات

    توفي الشاعر بدر شاكرالسياب في الكويت في يوم 24 من شهر كانون الاول من عام 1964، عن 38 عام ونقل جثمانه إلى قضاء البصرة ودفن في مقبرة الحسن البصري في مدينةالزبير.

    ومن شعره الغزلي يقول:

    والتف حولك ساعداي ومال جيدك في اشتهاء
    كالزهرة الوسني فما أحسست إلا والشفاة
    فوق الشفاه وللمساء
    عطر يضوع فتسكرين به وأسكر من شذاه
    في الجيد والفم والذراع
    فأغيب في أفق بعيد مثلما ذاب الشراع
    في أرجوان الشاطئ النائي وأوغل في مداه
    شفتاك في شفتي عالقتان والنجم الضئيل
    يلقى سناه على بقايا راعشات من عناق
    ثم ارتخت عني يداك وأطبق الصمت الثقيل
    يا نشوة عبرى وإعفاء على ظل الفراق
    حلواَ كإغماء الفراشة من ذهول وانتشاء
    دوما إلى غير انتهاء

    .********

    يا همسة فوق الشفاة
    ذابت فكانت شبه آه
    يا سكرة مثل ارتجافات الغروب الهائمات
    رانت كما سكن الجناح وقد تناءى في الفضاء
    غرقي إلى غير انتهاء
    مثل النجوم الآفلات
    لا لن تراني لن أعود
    هيهات لكن الوعود
    تبقى تلحّ فخفّ أنت وسوف آتي في الخيال
    يوما إذا ما جئت أنت وربما سال الضياء
    فوق الوجوه الضاحكات وقد نسيت وما يزال
    بين الأرائك موضع خال يحدق في غباء
    هذا الفراغ أما تحس به يحدق في وجوم
    هذا الفراغ أنا الفراغ فخف أنت لكي يدوم !

    ***************

    هذا هواليوم الاخير ؟!
    واحسرتاه! أتصدقين؟ ألن تخفّ إلى لقاء؟
    هذا هو اليوم الأخير فليته دون انتهاء !
    ليت الكواكب لا تسير
    والساعة العجلى تنام على الزمان فلا تفيق!
    خلفتني وحدي أسير إلى السراب بلا رفيق

    ********************.

    يا للعذاب أما بوسعك أن تقولي يعجزون
    عنا فماذا يصنعون
    لو أنني حان اللقاء
    فاقتادني نجم المساء
    في غمرة لا أستفيق
    ألا وأنت خصري تحت أضواء الطريق ؟!

    ******************
    .ليل ونافذة تضاء تقول إنك تسهرين
    أني أحسّك تهمسين
    في ذلك الصمت المميت ألن تخف إلى لقاء
    ليل ونافذة تضاء
    تغشى رؤاي وأنت فيها ثم ينحل الشعاع
    في ظلمة الليل العميق
    ويلوح ظلك من بعيد وهو يومئ بالوداع
    وأظل وحدي في الطريق
    *************
    ويقول ايضا

    و غدا سألقاها
    سأشدها شدا فتهمس بي
    رحماك ثم تقول عيناها
    مزق نهودي ضم أواها
    ردفي واطو برعشة اللهب
    ظهري كأن جزيرة العرب
    تسري عليه بطيب رياها
    و يموج تحت يدي و يرتجف
    بين التمنع و الرضا ردف
    و تشب عند مفارق الشعر
    نار تدغدغها هو السعف
    من قريتي رعشت لدى النهر
    خوصاته و تلين لا تدري
    أيان تنقذف
    و يهيم ثغري و هو منخطف
    أعمى تلمس دربه يقف
    و يجس نهداها
    يتراعشان جوانب الظهر
    تصطك سوف تبل بالقطر
    سأذوب فيها حين ألقاها

    ************

    ويقول في قصيدة اخرى:

    لا تزيديه لوعة فهو يلقاك
    لينسى لديك بعض اكتئابه
    قربي مقلتيك من وجهه الذاوي
    تري في الشحوب سر انتحابه
    و انظري في غصونه صرخة
    اليأس أشباح غابر من شبابه :
    لهفة تسرق الخطى بين جفنيه
    و حلم يموت في أهدابه

    ***********

    و اسمعيه إذا اشتكى ساعة البين
    و خاف الرحيل- يقوم اللقاء
    و احجبي ناظريه, في صدرك المعطار
    وعن ذاك الرصيف المضاء
    عن شراع يراه في الوهم ينساب
    وموج يحسه في المساء :
    الوداع الحزين!! شذى ذراعيك
    عليه على الأسى والشقاء

    *****************

    حدثي حديثه عن ذلك الكوخ
    وراء النخيل بين الروابي
    حلم أيامه الطوال الكئيبات
    فلا تحرميه حلم الشباب
    أوهميه بأنه سوف يلقاك
    على النهر تحت ستر الضباب
    وأضيئي الشموع في ذلك الكوخ
    وإن كان كله من سراب

    **********************

    كلما ضج شاكيا في ذراعيك
    انتهاء الهوى صرخت انتهارا
    فارتمي أين يرتمي صدره الجـ
    ـاش حزناً وحيرة وانتظارا ؟
    اغضبي وادفعيه عن صدرك
    القاسي وأرخي على هواه الستارا
    أوصدي الباب خلفه.. واتركيه
    مثلما كان.. للدجى والصحارى !

    فالح نصيف الحجية
    العراق- ديالى – بلدروز

    ـــــــــــــــــ
    شاعر الأسطورة بدر شاكر السيّاب..في ذكرى رحيله وميلاده ..سنغني للمطر ويعود تموز لبابل الخضراء يرعاها..

    أسطورة شاعر الأسطورة بدر شاكر السيّاب

    كمال عبد الله حمودي

    قراءة في عالم بدر شاكر السيّاب الشعري
    في مدينة البصرة ذات النسب الأدبي العريق التي أنجبت ( الأخفش – بشار بن برد – الجاحظ -ابن دريد – رابعة العدوية – سيبويه – الفرزدق – ابن المقفع )
    وفي إحدى قراها – جيكور – ولد الشاعر في العام 1926 لأسرة متوسطة الحال..
    ماتت أمه وهو في سن السادسة ، وتزوّج أبوه فرعته جدته ، أتمَّ الشاعر دراسته الابتدائية في العام 1938 وأرسله جدّه إلى البصرة ليتابع تعليمه الثانوي ، اختار الشاعر الفرع العلمي برغم موهبته البارزة في اللغة والأدب العربيين ، وفي العام 1942 أنهى دراسته في الفرع المذكور ، وفي نفس العام تموت جدته وبفقدانها يفقد الشاعر صدراً حنوناً رعى طفولته ، وفي العام 1943 بدأ السيّاب رحلته في بغداد حيث كانت تصطرع التيارات الأدبية والسياسية ، وأصبح بدر شاكر السيّاب طالباً في دار المعلمين في بغداد ، وفي عام 1946 فُصل من دار المعلمين بسبب تحريضه الطلاب على الإضراب ، وفي حزيران من نفس العام كان السيّاب من بين الطلاب الذين اعتقلتهم السلطات لمشاركتهم في المظاهرات العنيفة ضد السياسة البريطانية في فلسطين ، وكان قبل ذلك قد منع التدريس لمدة عشر سنوات بسبب مواقفه السياسية ، عمل السيّاب بعد ذلك ذوّاقة للتمور في شركة التمور العراقية ثم في شركة نفط العراق بالبصرة ، ثمَّ انتقل إلى بغداد ليعمل مأموراً في مخزن شركة لتعبيد الطرق ، وعمل في الصحافة على فترات متقطعة ، ونتيجة الأحكام العرفية والإعتقالات الواسعة ، هرب الشاعر إلى الكويت 0 مما سبق ذكره ، يتبيّن لنا أنَّ الشاعر عاش في وسط اجتماعي فقير مادياً .. والمقصود بالمادة المصدر المالي الذي يؤمّن للشاعر الحياة الحرّة الكريمة ، ولقد كان الفقر غربة في أبعاده الأخرى ، غربة لامست فيه شغاف القلب ، وأمام هذه الجراح التي أحدثتها الأيام في نفس السيّاب ، نجده يرتد أبداً كرجل ، إلى المرأة ، كلما سكنه الخوف من الدنيا وتكالبت عليه مصائب الحياة ، إنها الحب الذي لا قبله ولا بعده ؟
    الأسطورة في عالم السيّاب الشعري :
    عبر هذه الملامسات الحارة للواقع الذي عاش فيه السيّاب ، لجأ إلى الأسطورة بسبب الحالة التي عاشها وظروفه الخاصة التي جعلته يؤمن بأنه واقعاً ماديا لا شعرياً ، وهذه القناعة كونتها تلك الظروف ، فراح يبحث عن بديل لملئ حالة الفراغ الروحي الذي يعاني منه ، هذا بالإضافة إلى المخزون الثقافي الرفيع الذي تميز به السيّاب مستقياً إياه من عدة مصادر سنأتي على ذكرها لاحقاً ، ( ووجد السيّاب أن ملاذه الوحيد هو العالم الأسطوري الذي يمكن أن يمده بطاقة سحرية تعوضه عن كل ما فقده) باعتبار الأسطورة فكراً إنسانياً بدائيا حمله السيّاب موقفاً خلافاً تبدى في فهمه للواقع المعاش و محاولة تغييره بأن أظهر ثغراته و تناقضاته وعلاقاته غير الحميمة ، بأن أظهر زيف المدينة التي يعها التضاد والتدهور والتطاحن ، وإن دل موقفه هذا على شئ فإنما يدل على فهم وانتباه عميقين و دقيقين لعملية توظيف الأسطورة ، هذه العملية التي لا تقوم إلا على وعي تام بجوهر رافدها الإنساني وأصبح السيّاب الرائد الأول في هذا المجال – حسب تقديري – . إن استخدام السيّاب للأساطير لم يكن هروباً من الواقع كما كان عند غيره ، بل لجأ السيّاب إليها كغاية لتحويل واقعه وتصويره عبر ذكريات البشر البدائية ، وليخفف عما به من معاناة نضيف إلى ذلك أن السيّاب بثقافته واطلاعه على الآداب المحلية العربية بكل عصورها ثم الأجنبية عبر اطلاعه ودرسه شعراء مثل ( بودلير ـ رامبو ـ ريكله ) تأثر بالمذهب الرمزي و الأسطورة مادة غنية بالرمز تغذي شعر الثر ، ولقد اعتمد الشاعر على أساطير العرب القدماء (بابلية ـ آشورية ) بالإضافة إلى الأساطير التي دونها قدماء اليونان وغيرهم كأسطورة أدونيس إله الخصب والنماء الذي يقضي نصفاً من السنة ـ الشتاء ـ في العالم السفلي مع برسفونة والنصف الآخر ـ الربيع ـ على الأرض مع فينوس آلهة الحب ، لنقرأ السيّاب : أزهار تموز ما أرعى أســـلمه في عتمة العالم السفلي إيـــاها أم صل حواء بالتفاح كافأنـــي وهو الذي أمس بالتفاح أغواها ومن الرموز التي وظفها السياب في شعر ـ العنقاء ـ ذلك الطائر الخرافي المعروف منذ الجاهلية : عنقاء في مسعر الجوزاء أعينها والصخر يرفض من أظلافها شبها وكذلك شخصية ـ أوديب ـ في الأسطورة اليونانية ، أوديب الذي تزوج أمه ـ جوكوست ـ وهو لا يدري بأنها أمه بعد أن قتل أباه ملك طيبة : من هؤلاء العابرون أحفاد أوديب الضرير و وارثوه المبصرون … و ـ أفروديت ـ التي ولدت من زبد البحر ونزلت البر محمولة على صدفة المحار : مترقباً ميلاد ” أفروديت ” ليلاً أو نهارا أتريد من هذا الحطام الآدمي المستباح دفء الربيع وفرحة الحمل الغرير مع الصباح و ـ أبولو ـ إله الشمس الجبار الذي أحب ـ دفني ـ وطاردها محاولاً اغتصابها ، فاستنجدت بأبيها ، فرشها بحفنة من المال وأحالها إلى شجرة غار تضفر من أغصانها الأكاليل للأبطال: هي لن تموت سيظل غاصبها يطاردها وتلفظها البيوت تعدو ويتبعها ” أبولو” من جديد كالفضاء وكذلك ـ آتيس ـ إله الحب عند سكان آسيا الصغرى مما يدلل على غنى المصادر الأسطورية وتنوعها في شعر السياب الذي استخدم في شعره أيضاً رموز الطبيعة متوجاً إياها برمز المطر الذي عصف بأغلب بأغلب القصائد التي كتبها الشاعر بفترة من فترات إبداعه المتواصل وركز على هذا الرمز باعتباره رمزاً للحب والحياة وانتفاء الظلم وتحقيق العدل والمساواة ، نقرأ في قصيدة أنشودة المطر : أتعلمين أي حزنٍ يبعث المطر ؟ وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر ؟ وكيف يشعر الغريب فيه بالضياع ؟ بلا انتهاءٍ ـ كالدم المراق ، كالجياع كالحب ، كالأطفال ، كالموتى ـ هو المطر ؟ ومن المطر انبثق البرق والرعد كرمزين من رموز الثورة ، الثورة ضد الظلم : أكاد أسمع العراق يزخر الرعود ويخزن البروق في السهول والجبال حتى إذا ما فض عنها ختمها الرجال لم تترك الرياح من ثمود في الواد من أثر كذلك اتخذ السياب من ـ بابل ـ رمزاً للعراق ، عراق النخيل وجيكور وبويب : وسار صغار بابل يحملون سلال صبارٍ وفاكهةً من الفخار قرباناً لعشتار إن ثقافة الشاعر المسمدة من فهمه لواقعه و من دراسته للأدب العربي عموماً والإنكليزي التخصصي ، قد منحاه آفاقاً قلّما حلّق شاعرٌ آخرٌ فيها ، لقد مزج الكثير من الشعراء شعرهم بالأساطير لكن الأسطورة في عالم بدر شاكر السياب الشعري قد شحنت بطاقة جديدة ، إذ بثها السياب روح الواقع بمتناقضانه ومفارقاته ، فغدا الواقع المذكور مؤسطراً ـ إذ صح التعبير ـ للغلو الذي وشّى الحياة بشكل عام في الفترة التي عاش بها الشاعر في العراق ، أضفى على الأسطورة ـ مادية ـ قربتها من الواقع أكثر فأكثر ، هذه الجلية أضافت من خلال قصائد السياب عبقاً وسحراً وجمالاً ، قلما عهدناه في قصائد شاعر آخر .
    السياب .. ورحلة الألم :
    لن ننسى فترة الألم التي قضاها الشاعر متنقلاً بين المشافي والأسرّة ، حاملاً معه المرض الوبيل الذي أصابه ، فأتى على جسده شيئاً فشيئاً حتى أذابه ، إن الشلل قد تسلل إلى أعضائه ليمتها عضواً عضواً بعد أن عانى من آلام الفقر ، ولقد أنفق الشاعر ماله القليل في سبيل الشفاء، وتغرب عن وطنه وفارق زوجته وأطفاله مسافراً إلى أوربة لتلقي العلاج على نفقة بعض المسؤولين الذين أهداهم دواوينه الشعرية ، وفي هذه المرحلة تدخل قصائد الشاعر عالماً جديداً قوامه الشكوى والتذمر والأنين والتفجع على الحال التي وصل إليها جسده الضئيل المتعب ، ليتكئ على الأسطورة ، عارضاً آماله من جديد بالشفاء البعيد المنال لجسدٍ يذوب كالشمع تحت وطأة المرض ، فتتشح قصائده بالسواد وبالحزن القاتم : ويمضي بالأسى عامان ثم يهدني الداء تلاقفني الأسرّة بين مستشفى ومستشفى ويعلكني الحديد .
    السياب .. رائد و مجدد :
    رغم المرض والموت النفسي الذي قيد السياب في فترة قعوده الجسدي ، كان شاعرنا لا يزال يحلّق ويحلّق كرائد من رواد الحداثة في عالم الشعر العربي المعاصر ، وبدءاً من ديوانه الأول ـ أزهار ذابلة ـ الذي طبع عام 1948 بعد تخرجه من الكلية ، كان يجوب الآفاق بعزفه الفريد، وتشاء الأقدار أن يكون أمام شط العرب تمثال رائد الشعر العربي الحديث بدر شاكر السياب صاحب قصيدة ـ أنشودة المطر ـ التي خرج فيها على عروض الفراهيدي فكان من أبرز الشعراء العرب الذين حرروا القصيدة من أشكالها التقليدية الموروثة ، في مقابل تمثال ـ الخليل ابن أحمد الفراهيدي ـ مؤسس موسيقى الشعر ، والواقف في إحدى ساحات البصرة . إن كثرة الدراسات التي نطالعها عن السياب وشعره ، والدراسات الأخرى التي تتعرض لظاهرة الشعر العربي الحديث بكل تياراته التجديدية من التفعيلة حتى قصيدة النثر ، تؤكد أن مسألة الشعر الحديث لم تعد في مجال الجدل من حيث تأكيد الوجود أو عدمه .
    السياب و النقد :
    كان السياب رائداً من رواد الحداثة وقد تناول النقاد شعره بالإسهاب برغم الجدل الذي أثارته هذه المدرسة الجديدة الصاعدة ( وتبدو التفرقة بين مصطلحي ـ الحديث والمعاصر ـ أمراً ملحّاً في ضوء اضطراب مصطلح ـ الحداثة ـ وتغير دلالاته ، وإذا كان المعاصر مصطلحاً يعني الزمن ، فإن ـ الحديث ـ يعني الأسلوب والحساسية ، المعاصر محايد الإحالة ، في حين أن مصطلح الحديث يتضمن حكماً ووضعاً نقدياً ، ولعل من المفيد أن نذكر أن العمل قد يوصف بأنه حديث ولكنه بعيد عن عصرنا ، كما أن بعضاً من العمل المعاصر ليس حديثاً ) . ( بهذا المعنى لم يكن السياب بعيداً عن واقعه وعصره ، بل على العكس من ذلك التصق بواقعه التصاقا كبيراً واعياً وناقداً للظروف التي يعيشها الشاعر ويعيشها أبناء شعبه ، فكان صوتهم المدوي ضد الظلم والإجحاف ، لكن بدء تسلسل جسده إلى العالم الآخر أضفى على السنوات الأربع الأخيرة ـ فترة المرض ـ عالماً محموماً من البحث عن الشفاء و لو في الخيال فتلونت قصائده بتلك السوداوية القاتمة ، وقصائده التي ضمها ديوانه المميز ـ إقبال وشناشيل ابنة الجلبي ـ تشهد على ذلك ، لهذا السبب كان تركيز النقاد على السياب شاعراً مبدعاً ومفجراً لطاقات شعرية خلاقة جعلته في سنوات قليلة يغزو عالم الشعر ؟ فارساً مجدداً في الشكل والمضمون ، فكانت قصيدة الحداثة ، الوافد الجديد مع من بدء قبله أو بعده أم ممن عاصره إبداعيا ) . ( لقد كانت قصيدة السياب الحرة خارج العمود الشعري الصارم إيذاناً بالانتقال بالقصيدة العربية من الموسيقى المؤطرة إلى العالم الفسيح فكانت ـ أنشودة المطر ـ تاريخاً جديداً للشعر العربي المعاصر وبرغم التنوع الهائل في تناول الشعر السيابي من جوانب عديدة ومختلفة وعبر قراءات متجسدة ومستفيدة من أحدث مكتشفات الصوت فإن قصيدة ـ غريب على الخليج أصيحُ بالخليج يا خليج يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى فيرجع الصدى كأنه النشيج هذه القصيدة تبقى الأسبق في الكتابة والإنشاء وفي منحى الذائقة الشعرية العربية الحديثة ، إن قصيدة السياب لم تتكرس إلا بعد سنوات طويلة وبعد ما نشر في الدفاع عنها شعراء و متذوقون للشعر وطليعيون مجهولون ).
    أهمية تجربة السيّاب الشعرية :
    ( إن التغيرات التي حدثت في شكل و مضمون القصيدة كانت انعكاساً لتغيرات جذرية حصلت في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للإنسان العربي لذلك يجب النظر للقصيدة الحديثة كونها وبشكل مركز لمدى تفاعل مبدعها مع مجمل الظروف الراهنة ) . وشاعر مثل بدر شاكر السياب عاصر وعايش هذه الظروف لحظة بلحظة بادئاً بمحيطه الأسري من وفاة أمه إلى وفاة جدته إلى التغيرات التي عصفت بالعراق والعالم العربي وصولاً إلى ـ النيرفانا , نهاية الألم ـ حيث تمدد جسد السياب بلا حراك بعد أن أصيب بالشلل لتدخل القصيدة عنده عالماً آخراً ، سبق ذكره . وتنبع الحداثة فيها لغة وأسلوباً عن طريق الجمع بين الشكل و المادة واعتبارهما شيئاً تام الأجزاء . لقد التصق السياب أحاسيس ومشاعر بأرض ـ جيكور ـ قريته التي أدخلها ـ مكانياً وزمانياً ـ عالم الشعر وبالتالي التاريخ ، ليرتبط اسم جيكور باسم السياب كلما لفظ اسمه أو اسم قريته الصغيرة الوادعة وقد أصبحت في نسيج قصائده الشعرية ، كذلك التصق بهموم وأحلام وطموحات أبناء الشعب العراقي والعربي عموماً ، منطلقاً في بعض الأحيان من ذاتية مشبعة بالألم نتيجة وضعه الصحي وأحياناً أخرى من عوالم استقى منها السياب مادة أولية لصياغة القصيدة الشعرية عنده كالأساطير وثقافته الإنكليزية خصوصاً والأوربية عموماً ولم ينته هذا النزف الشعري الذي استمر لعدة عقود من الزمن إلا مع توقف نبضه بعد أن جف الزيت في عروقه .
    ـ النهايات ـ رحلة الألم :
    من مستشفيات بيروت حيث بدأت مأساة الرحيل بحثاً عن الترياق إلى لندن إلى باريس إلى العراق إلى المستشفى الأميري في الكويت ، سلسلة من الآلام الطويلة بدأت عام 1961 إلى آخر عام 1964 و الشاعر المريض يعاني مرارة الألم ومعها مرارة الفقر وفي 24ـ12ـ1964 جاء الموت ينثر جسمه أباديد كما أراد ولكن ليكتب اسمه بعد ذلك بين أعظم شعراء الألم ، وعند دفنه حضر أربعة فقط ؟ ـ إقبال زوجته وابنه غيلان وشقيق زوجته وصديقه الشاعر الكويتي علي السبتي ـ عائداً إلى عالم الأبدية السرمدي ، غائباً بجسده حاضراً بشعره وفي كل كلمة خطتها يده ، واقفاً من جديد على ضفة شط العرب تمثالاً يستمع إلى مناجاة صديقه الشاعر محمد الماغوط :
    أيها التعس في حياته وموته قبرك البطيء كالسلحفاة لن يبلغ الجنة أبداً الجنة للعدائين و راكبي الدراجات .

     

    الشاعر بدر شاكر السياب ..حياته وشعره.؟

  • يا أنت ….إي بهواك..؟!! -فتِّش بريحة…بنّا ..شهوة الهيل  – الشاعرة : فخرية رسلان –  ‏شهرزاد القصيدة – ‏عباس سليمان علي‏ ….

    يا أنت ….إي بهواك..؟!! -فتِّش بريحة…بنّا ..شهوة الهيل – الشاعرة : فخرية رسلان – ‏شهرزاد القصيدة – ‏عباس سليمان علي‏ ….

    تمت الإشارة إلى ‏عباس سليمان علي‏ في ‏صورة‏ ‏شهرزاد القصيدة.
    يا أنت ....إي بهواك..؟!!

       * الشاعرة:فخرية رسلان

فتِّش بريحة...بنّا
شهوة الهيل 
استنفرتْ
قطعِتْ ع غرّة فجرْ
مستعجلة توعيك 
الفنجان مل و ناطركْ 
من كم قهر
 طعم شفافك ها لسحرْ
طوَّى سرارو  فيه
  *****
بكذب عليك 
ان قلتلك
 شي يوم رح إنساك 
وانسى مشوار
ابتدا 
بيناتنا...
 بليل ومضى
 يقطف فراشات الوله
برَقصْة"مجنون الحلم"*
وياكْ
*****
بكذب 
إذا ما بلوِّن جنون المطر
بالف آه وآه
ولكْ آه شو بتذكرك
وبحنِّ لكْ
وخربش بحبر الصمت 
ع لوح القدر
 بهوااااك.........
إي بهواكْ..!!
*****
بكذب ع قلبي .....
اللي انكسر
ع  قزاز شباك السهر
خلّف أثر
وبعدي أسيرة ها لأثر
لبْيشرح خيوط الوجع 
بلوحة عذابي 
معاكْ
*****
بكذب ع بحرك
 ع المدى
يا بحر...
 لا تبعثر صدى 
شهوة سهر عينين 
خطوتهُن سفر 
وكل الدّني 
 الْ بتهمني خبيتها 
        .. جوَّاك !!! 
**مجنون الحلم:زوربا ورقصته الشهيرة
6/10/2012
    يا أنت ….إي بهواك..؟!!

    * الشاعرة:فخرية رسلان

    فتِّش بريحة…بنّا
    شهوة الهيل
    استنفرتْ
    قطعِتْ ع غرّة فجرْ
    مستعجلة توعيك
    الفنجان مل و ناطركْ
    من كم قهر
    طعم شفافك ها لسحرْ
    طوَّى سرارو فيه
    *****
    بكذب عليك
    ان قلتلك
    شي يوم رح إنساك
    وانسى مشوار
    ابتدا
    بيناتنا…
    بليل ومضى
    يقطف فراشات الوله
    برَقصْة”مجنون الحلم”*
    وياكْ
    *****
    بكذب
    إذا ما بلوِّن جنون المطر
    بالف آه وآه
    ولكْ آه شو بتذكرك
    وبحنِّ لكْ
    وخربش بحبر الصمت
    ع لوح القدر
    بهوااااك………
    إي بهواكْ..!!
    *****
    بكذب ع قلبي …..
    اللي انكسر
    ع قزاز شباك السهر
    خلّف أثر
    وبعدي أسيرة ها لأثر
    لبْيشرح خيوط الوجع
    بلوحة عذابي
    معاكْ
    *****
    بكذب ع بحرك
    ع المدى
    يا بحر…
    لا تبعثر صدى
    شهوة سهر عينين
    خطوتهُن سفر
    وكل الدّني
    الْ بتهمني خبيتها
    .. جوَّاك !!!
    **مجنون الحلم:زوربا ورقصته الشهيرة
    6/10/2012

  • تعرف على كلمة الشاعر / نزار قباني / في حفل تأبين الشاعر /  وصفي قرنفلي / – من ذكريات الأديب ممدوح السكاف … مع الشاعر وصفي قرنفلي  – بقلم: ممدوح السكاف …

    تعرف على كلمة الشاعر / نزار قباني / في حفل تأبين الشاعر / وصفي قرنفلي / – من ذكريات الأديب ممدوح السكاف … مع الشاعر وصفي قرنفلي – بقلم: ممدوح السكاف …

    كلمة نزار قباني في حفل تأبين وصفي قرنفلي

    بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة وصفي قرنفلي

    في طريقي من بيروت إلى حمص، كان سؤال شرس، ونزق، ولئيم يثقب جمجمتي.
    لماذا يجتمع الشعراء دائماً على مائدة الموت، ولا يجتمعون على مائدة الحياة؟ هل قدرهم المسطّر في اللوح المحفوظ، بأن يحملوا أجساد زملائهم على أكتافهم ويطمروها في السر، حتى لا يراهم التاريخ ولا تراهم المروءات.
    هل هناك اتفاق مكتوب، أو شبه مكتوب يحتّم على الشعراء العرب أن يكونوا في حال حداد دائم.. وألا يتعانقوا إلا بعد سقوط الستارة، وانصراف المتفرجين هل قدر الشاعرالعربي أن يموت هذا الموت الدراماتيكي فلا تتعرف على جثّته، وعلاماته الفارقة وأوراقه الثبوتية، سوى ديدان الأرض وأسراب النمل، وكواسر الطير.

    هل العالم العربي، لا اليونان هم وطن التراجيديا، وهل شعرائنا أن يلاقوا مصير هملت، ويطعنوا ظهورهم كيوليوس قيصر؟
    هل الحزن هو الميراث الوحيد للشاعر العربي، منذ سقوط رأس الحسين في كربلاء حتّى اليوم؟
    إنني أبحث عن حادثة فرح واحدة في الشعر العربي، فلا أرى إلا حشرجات عبد السلام عيون السود وسقوط عبد الباسط الصوفي منتحراً في كوناكري، وانطفاء وصفيالقرنفلي كشمس شتائية.
    فهل كتب على حمص منذ ديك الجن حتى اليوم، أن تقدم وحدها كل ضحايا الشعر، وأطهر قرابينه؟
    هل على وصفي القرنفلي أن ينتهي بهذه الطريقة الروتينية التي ينتهي إليها الأميّون، والصعاليك، والتافهون، والمرابون، فيحمل في سيارة إسعاف مستعجلة، ووراءه مشيعون مستعجلون، ليُصَلَّى عليه في كنيسة ما، ويُدْفَنَ في حفرة ما.. حتى لا يراه التاريخ.. ولا تراه المروءات.
    إذن، لن تكون عربات المدافع، ووراء من تلهث الجياد الحزينة، ويغرف جنود البحرية موسيقى باخ الجنائزية؟
    أكيد أن وصفي القرنفلي لا يريد عربة مدفع تحمله في رحلته الأخيرة، ولا طائرات هيليوكوبتر تحلّق فوق جسده المحمول.. فهو من طبقة الشعراء الدراويش الذين يكرهون قواعد البروتوكول، ويفضلون الصعود إلى السماء.. شيئاً على أقدامهم.. وأكيد أن وصفي القرنفلي لا يحب في دقائقه الأخيرة أن تعزف له موسيقى باخ الجنائزية.. فاقد شربوصفي من بحار الدمع حتّى امتلأ.. وكانت حياته كلها إيقاعاً رمادياً وجرحاً لا ضفاف له.. وأكيد أن وصفي القرنفلي لا يريد أن يشيع كالملوك وبدفن في مقابر الملوك فهو بشعره وحده ملك الملوك. لم يكن وصفي بحاجة إلى العالم لذلك رفسه على طريقة المعرّي، ومنذ الأربعينات كان وصفي في حالة صداع مستمرّ مع عالم العبث واللامعقول، فرفضه كما رفضه كافكا وبيكيت وأونسكو..
    لم يكن لدى وصفي القرنفلي مواهب استعراضية، فهو لا يجيد التمثيل ولا يتقن ارتداء الملابس التنكرية، ولا يعرف دبلجة الصوت، لذلك لم يستطع وصفي – لضغف موهبته التمثيلية- أن يسرق الأضواء، وينال جائزة – الأوسكار- كان كالبحر مكتفياً بموجه وصدفه، وكالقصيدة الصوفية، تطرب كلما قرأت نفسها، وكان كزجاجة النبيذ، كلما فكرت بنفسها سكرت بتفكيرها..
    هذا الاكتفاء الذاتي المدهش، عند وصفي القرنفلي، جعله كالسحابة كلما عطشت فتحت شرياناً من شرايينها الداخلية.. وشربت..
    سألوني أن أتكلّم في أربعين وصفي القرنفلي..
    ولكن هل مات وصفي القرنفلي منذ أربعين يوماً فقط.
    أنا أعتقد أنه مات قبل ذلك بكثير.
    مات في نهاية القرن الخامس عشر يوم سقطت غرناطة.
    ومات مرة ثانية حين أخرج العرب من فلسطين عام 1948
    ومات مرة ثالثة.. يوم تمزّقت خريطة العالم العربي وكبرياؤه بمقصّ إسرائيل في حزيران عام 1967
    وخوفاً من أن يموت موته الرابع.. تركنا، وذهب..
    أيها الشاعر الصديق
    لم أقطع مئات الأميال لأبكيك فلا أنا أجيد حرفة البكاء، ولا أنت تقبل مذلة الدموع..
    ولكني أتيت لأهنئك لأن جهازك العصبي قد توقّف عن الفعل والانفعال. وأعصابك لم تعد كأعواد الكبريت قابلة للاشتعال في كل لحظة.
    أنت رميت نفسك من قطار الذاكرة ونجوت. أما نحن فلا نزال محاصرين في قطار حزيران.. لا يسمح لنا أن ننتصر.. ولا يسمح لنا أن ننتحر.
    هنيئاً لك أيها الشاعر، فقد صرت في منطقة لا تصل إليها صحف عربية، ولا تصدر فيها بلاغات عربية..
    من حسن حظك انك أخذت إجازة من حواسّك الخمس.
    أما أنا فما زلت يا صديقي محاصراً بحواسّي الخمس.. وما زلت مضطراً مع الأسف أن أفتح شراييني وأكتب.
    يا صديقي وصفي..
    لقد اتحد وجعك بوجعي، وتداخل موتك بموتي، حتى لم أعد أدري من يرثي من..

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    من ذكريـــــــاتي… مــــــع الشـــــاعر وصـــــــفي قــــــرنفـــلي


    بقلم: ممدوح السكاف
    جو أدبي كان يغلي بالنضال الشعبي تعرفت وصفي قرنفلي أول ماتعرفته عام 1954 وكان لي من العمر يومئذ ست عشرة سنة عن طريق كرّاسة شعرية مطبوعة صدرت في العام نفسه بعنوان (موعد وعهد) تضم بضع قصائده الكفاحية الملتزمة مع الشاعر نصوح فاخوري.

    وكان اسم وصفي قرنفلي يتصدّر كثيراً في المجلات والصحف والصفحات الأدبية في تلك الآونة من خلال قصائد تفيض عذوبة وتجديداً وطابعاً رومنسياً من حيث السربال الفني، أو التزاماً وحرباً ضد الاستعمار وعملائه من حيث المضمون الأدبي.‏
    وتمضي الأيام والسنون وإذا بالشاعر وصفي قرنفلي الذي أحببت وتتلمذت على يديه قراءةً قد ودَّع نظم الشعر عام 1957 في قصيدة نشرت له في الأديب بعنوان (طلائع النهاية) بعد أن دبَّ اليأس في نفسه وعصف التشاؤم بروحه وأنشبت مخالب المرض أنيابها في جسده الرقيق الواهن النحيل ومطلعها:‏
    حسبي فهذا دمي قد جفَّ واتأدت‏
    خطايَ وانطفأت في دربيَ الشهبُ‏
    أمضي مع الدرب حيران الخطا، قلقاً ‏
    والتيه يجهش في قلبي وينتحبُ‏
    وأذكر أنه بناءً على طلبه أحيل إلى التقاعد من وظيفته حيث كان يعمل في مؤسسة المشاريع الكبرى بدمشق مسَّاحاً للأرض عريقاً، وخُصص له راتب تقاعدي يكفيه مؤونة العيش هو الذي لم يتزوج ولم يُطق إلا حمل عبء نفسه، أليس القائل في قصيدته (انطلاق):‏
    أسعدُ الناسِ مُهمِلٌ‏
    مُهمَلٌ ماله أحدْ‏
    أبيض النفس كالضحى‏
    لم يلوّثه معتقدْ‏
    جهلَ الحبَّ فاستراح‏
    والصداقات والحسدْ‏
    أغلقَ القلب وانطوى‏
    ملء دنياه وانعقدْ‏
    وانتقل وصفي إلى بيته في حمص يسكنه بين أهله وذويه في حي (الورشة) أحد الأحياء الشرقية العريقة في مدينة ابن الوليد. وفي كل مساء اعتباراً من مطلع الستينات كان له مجلسه الأدبي الاجتماعي السياسي في مقهى الروضة الصيفي والشتوي، يجلس في وسطه ويغرق حتى القاع في (نرجيلته) يمتص رحيقها ويهيم في أودية حزنه العشبي.‏
    إلى أن كان يومٌ مشهود في حياتي قدّمني فيه أستاذي الأديب المرحوم (نديم عدي) إلى الشاعر وصفي قرنقلي في موقف مصادف وكان ذلك على ماأذكر في مقهى (النصر) وكنت قد نلتُ الشهادة الثانوية في ذلك العام.‏
    ومنذئذ انعقدت بيني وبينه صداقة متينة خالصة، روحية وأبوية وشعرية استمرت اثنتي عشرة سنة متوالية كنتُ أزوره خلالها في بيته القريب من بيتي كلما سنحت لي الفرصة أو كنّا نلتقي في عشيات (الروضة).‏
    وأذكرُ أنه قبيل أن يعتكف في البيت بدءاً من مطلع عام 1966م يستثقل الذهاب إلى المقهى بعد أن اشتدّ عليه المرض وأعياه المسير، ومن أجل أن يتفادى مشقة القدوم إلى المقهى سيراً على الأقدام أخذ في الشهور التي سبقت اعتكافه في البيت ورقوده في فراش المرض يستأجر سيارة تأتي منزله فتنقله إلى المقهى وبالعكس وكثيراً ماكنتُ أشاركه ركوب السيارة كي أساعده في فتح بابها عند النزول بعد أن شلَّت يده تماماً وعندما كنا نهمُّ بالدخول إلى المقهى كان وجهه يتضرَّج بالحمرة وجفناه يتكسّران على عينيه الذابلتين وكان يطلب مني أن أقترب منه وأن أتقدمه في الدخول حتى أداريه فلا يشاهده أو يعرفه روّاد المقهى، وأحياناً كان يهمس في أذني قائلاً ونحن نعبر المقهى إلى زاويته المستحبة: – هل ينظر إليّ أحد، هل تستلفت مشيتي المائلة البطيئة المجرورة أحداً من الحضور؟..وكنت أطمئنه قائلاً: – لاتهتم. كل جلاّس المقهى منصرفون إلى لعبهم بالورق أو ماشابه، أو بالثرثرة والتدخين، لاعليك لا أحد ينتبه إلا إلى من معه.‏
    حتى يصل منضدته المعهودة، فيسقط على كرسيها وأنا أسنده متهالكاً من التعبين الجسدي والنفسي. ودون طلب يأتيه (نَفَس عجمي) على الأصول. والمعروف عنه، المتداول في سيرة حياته أنه كان كريماً متلافاً يأبى أن يدفع أحد من الأصدقاء الذين يشاركونه الجلسة ثمن المشروب حتى ولو كان العدد عشرين.‏
    وقد حفز هذا الكرم المتطفلين أو المفلسين للجوء إلى مائدته، كما أسخط هذا الكرم عليه بعض معارفه وحتى أصدقائه وظنوه نوعاً من الترفع والمباهاة والتظاهر الفارغ وخافوا أن يمنّ عليهم بذلك فأخذ بعضهم ممن لايعرف صدق نفسيته وأصالة معدنه ونظافة جوهره ينصرف عن مجالسته إلى أن اقتصر عن ارتياد المقهى نهائياً وقبع في بيته كما ذكرت سابقاً اعتباراً من عام 1966، وفي هذ السياق يروي المرحوم الكاتب المسرحي مراد السباعي هذه الحادثة: كنت مرة أجلس في قهوة الروضة ضمن شلة من أدباء حمص وكان الشاعر وصفي قرنفلي حاضراً فهمس الشاعر عبد السلام عيون السود في أذني: يعجبني وصفي قرنفلي فسألته: وماالذي يعجبك فيه، صمته أم قرقعة نرجيلته؟ فأجاب: يعجبني كشاعر ويعجبني كإنسان له مزاج خاص وإرادة حرّة..إنه يعرف الناس جيداً.. إنه يستطيع أن يغمض عينيه فلا يرى منهم سوى الذين يريد أن يراهم، هل سمعته في هذه الجلسة ينطق بكلمة واحدة؟ فأجبت بالنفي فقال: هناك شخص بين الحاضرين لا يروقه فسألته وكيف عرفت؟ فأجاب: عرفت من صمته وإطراقه، وبعد لحظات غادرنا أحد الحضور فتألق وجه وصفي وعاد إليه صفاء نفسه فالتفت إلى عبد السلام وقال له: إن وجودك على طاولتي يجلب إلي وجوهاً لا أحبها فضحك عبد السلام كعادته وأجاب: لن أجلس إلى طاولتك بعد اليوم..فقال وصفي: تعال.. ولكن بدون نفايات.‏
    وفي دفتر مذكراتي المؤرخ في 24/11/1968 أقرأ: «أمس الأول كان بصحبتي الشاعر الصديق علي كنعان في زيارة ودّ واطمئنان وسؤال عن صحة الشاعر وصفيقرنفلي المجهد مرضاً منذ أكثر من ثلاث سنوات، المتمدد على فراش الأوجاع والأرق طوال هذه الفترة لايريم حتى لرؤية شعاع من شمس أو زرقة سماء كالحلم أو شجرة أكاسيا في حديقة أو زقزقة عصفور على غصن..إنه الشلل عدو الإنسان الأكبر في الحياة والإنتاج والإبداع، يقيّد الشاعر الحر، والجناحين الطليقين والحنجرة الهتافة عن الرفرفة والطيران والتأمل في حقائق الوجود والاغتراف من ألوهية الطبيعة في عطائها المتجدد..إنه الشلل، داء يثلج الجسد الحار ويُطامن النفس المتوثبة ويُسربل الروح الحزينة أصلاً وأعماقاً بأسى متوالد كدوران الدورة الدموية.‏
    كبرياء هذا الشاعر ونفسه العنود كانا مثار الإعجاب والانتقاد معاً: في وظيفته بالمساحة- وهو الطبوغرافي – الفنان – كان متكبراً على الوهاد والآكام والرمال واللهيب الحارق تحت شواظ الساعور النووي: الشمس، يعمل فيهن وبهنّ ومن أجلهن دون ملل أو انكسار، رافضاً كإنسان شامخ الهمة أن يطلب النقل إلى وظيفة إدارية في المدينة بباعث من الكبرياء..وفي شعره، كبرياؤه الأسطورة أيضاً جعله يصطدم شعرياً وبالقصائد الحادة مع أكبر الشعراء المعاصرين له والمعجبين بشاعريته، بدوي الجبل وعمر أبو ريشة ونزار قباني وغيرهم، وكبرياؤه كذلك في ميدان الشعر هو الذي حرم قراءه من ديوان مطبوع له لأنه شرط على وزارة الثقافة ألا تحذف فاصلة من نصه المخطوط.‏
    هذا الشاعر المتوحد، ذو العالم المفتوح المغلق، الواسع الضيق، يعيش بالرصيد الذي لايفنى من سيل كبريائه، ففي مرضه وسنّه المتقدم وعزلته القاسية لايزال حديث الكرامة وعزة النفس حديثه الأجلّ.‏
    قبل أن نودع الشاعر – أنا وعلي كنعان – قدّم لي وصفي ورقة وقلماً قائلاً: «هذه أبيات رثيت بها نفسي، ووصيتي أن تكتب على شاهدة قبري» وأملى عليَّ:‏
    لقد غدوتُ تراباً لايحركني‏
    بيت من الشعر أو زهر على غصن‏
    حسبي – ولا حسب خلف القبر – متكئي‏
    في حضن أمي وأني في ثرى وطني‏
    وأنني كنت-والأحرار تعرفني-‏
    حرّاً أضأت دروب الشعر في زمني‏
    وقلت في نفسي حتى في رثائك لنفسك أنت قمة كبرياء وصفي.‏
    من ذكرياتي معه أنني دخلت عليه أعوده في مأساة مرضه الطويل وكان ذلك في مطلع عام 1970 وأعايده بمناسبة عيد الفصح ما إن فتحت باب الغرفة حتى نظر في وجهي نظرة المعاتب لغيابي عنه فترة مديدة في تقديره وقال لي بصوت يتحشرج فيه الألم والأسى: «أين كنت طوال هذه الغيبة» أذكر أنه كان ممدوداً على سريره بهدوء واستسلام ووراء رأسه متكأة صغيرة وبجانبه راديو «ترانزيستور» صغير الحجم جداً يتصل من خلال موجاته بالدنيا من حوله وعلى منضدته صحن من زبيب وتين مجفف ولوز وجوز والظلام يخيم على جو الغرفة في النهار وكذلك الصمت لست أدري لماذا أحسست آنذاك أنني في دير قديم له طقوسه الجنائزية الخاصة, كان هذا هو كل عالمه بعد أن حرم متعة القراءة لأنه لم يعد يستطيع أن يمسك الكتاب أو المجلة بين يديه فيداه مشلولتان.‏
    الواقع لم تكن يداه مشلولتين فقط وإنما كان جسده كله مشلولاً راكداً كان جسده يذوب كالثلج تحت شمس المأساة، كان كومة من لحم بارد وعظم متيبس. شيء واحد كان فيه حيّاً متقداً بل شيئان عقله وذاكرته أولاً وقلبه وعاطفته ثانياً. إنه يحدثك عن ذكريات بائدة مندثرة عند غيره عمر بعضها أربعون عاماً فلا يفلت من جزئياتها شاردة ولا واردة إلا ذكرها وكأنه يروي لك أمراً جرى البارحة أو كأنه يقرأ في كتاب مسطور وهو يعتز بهذه الذاكرة الشابة المتيقظة التي لا تخونه: (لقاؤه مثلاً بالشاعر الفلاني سنة كذا والأبيات التي قالها كل منهما في جلسة خمر تظاهرة في حمص قامت عام كذا ضد الفرنسيين، من استشهد فيها ومن نجا من الزعماء الوطنيين، وماذا قال الشعراء في وصفها وتمجيد أبطالها؟ إهداء سعيد عقل له كتابه (قدموس) الصادر في طبعته الثانية عام 1948 بالعبارات التالية: «إلى وصفيقرنفلي إلى المجدد الأول في سورية إلى الذي بإمكانه أن يترك طابعاً من الجمال والنار على بلاده وأدبها إلى الذي ترتفع علاقتي به إلى مستوى الصداقة».‏
    زيارته للاتحاد السوفياتي للاستشفاء وموازاة غرفته لغرفة مولوتوف في المشفى إلخ..إلخ).‏

    __________________
    أضعف فأناديك ..
    فأزداد ضعفاً فأخفيك !!!


  • قصيدة للشاعر : سامي محفوض –  وحدَك أسد.. أنت الأسد..والكل بَعدَك صَرصَروا   .. كنت الوفي يابو الوفا .. لمَّا الجميع تْغيَّروا ..

    قصيدة للشاعر : سامي محفوض – وحدَك أسد.. أنت الأسد..والكل بَعدَك صَرصَروا .. كنت الوفي يابو الوفا .. لمَّا الجميع تْغيَّروا ..

    للشاعر : سامي محفوض – قصيدة: وحدَك أسد.. أنت الأسد..والكل بَعدَك صَرصَروا

    تمت الإشارة إلى ‏عباس سليمان علي‏ في ‏صورة‏ ‏كَرْمة فكر.


    وحدَك أسد
    ======
    أنت الأسد..
    والكل بَعدَك صَرصَروا
    كنت الوفي يابو الوفا
    لمَّا الجميع تْغيَّروا
    وحقّ السما وْربّ السما
    كلّ الـْ عليك تْآمروا
    رح يطلبوا مْواعيد
    ويتْسابقوا ويتْفاخروا
    أنَّك سمحت لـْ بعضهم
    صوب القصر يتْقاطروا

    * * *

    أنت الأسد..
    والكل بَعدَك ما حدا
    لا صوت مِنْ بَعدَك عِلِي
    والكل يستنَّى الصدى
    أنت الفعل .. والفاعل المعلوم
    أنت الخبر .. والمبتدا
    وغيرَك إضافة عَ الزمن
    مجرور بـِ حْروف الردى
    أنت الغَنِي بـِ مْواقفك
    بـِ مْواقفك جَنُّوا العدا

    * * *

    أنت الأسد..
    ورجال حولَك يسْهَروا
    نَطروا إشارة إصبعك..
    حتى الحصون يْدمِّروا
    وْلمَّا الإشارة عْطَيْتها
    صاروا العدا يتْقَهقروا
    ورجال مَ بتعرف مزح
    كلّ الجماجم كسَّروا
    واللِّي انكسَر بـِ دْيارنا
    بكرا معك مِنْجَبِّروا

    أنت الأسد..

    [سامي محفوض 22/4/2013]