«طاهر. موت رحيم».. رحلة مربكة تنشد الخلاص بوأد المعاناة شيماء يحيى12 أغسطس 2020 اختار الكاتب الإماراتي الشاب مانع المعيني، قضية شائكة وهي الموت الرحيم، لتكون محور روايته «طاهر. موت رحيم»، حيث يتطرق في ثناياها إلى تفاصيل دقيقة تأخذ قارئها في رحلة للبحث عن تساؤلات فلسفية عدة، مضيئة على ما يسمى بسياحة الموت التي تعتبر نوعاً جديداً من أنواع السياحة في العصر الحديث، وفيها يضع السائح حداً لحياته منشداً الخلاص بوأد المعاناة، ليصل إلى الموت، عبر طرق علمية تساعده على تجاوز مسألة الألم الناتجة عن المرض المزمن.
إشكالية المكان تدور أحداث الرواية في قالب اجتماعي، ويمكن تصنيفها ضمن الروايات الفلسفية، حيث استغرق الكاتب ما يقارب 3 أشهر ليخرج الجزء الأول منها بصورته النهائية للنور، ويستعد خلال الأيام القليلة المقبلة لنشر الجزء الثاني والثالث منها. وحرص الكاتب على اختيار مكان وقوع الأحداث، وخاصة أن فكرة الموت الرحيم يصعب حدوثها في الدول الإسلامية، لذلك قرّر الابتعاد عن ذكر المكان في الرواية حتى لا يعرّض نفسه لتساؤلات عديدة، خاصة أن موضوع الخضوع للموت الرحيم لا يزال شائكاً ومثيراً للجدل؛ لذلك فضل الابتعاد عن ذكر المكان ولكن أسماء الشخصيات لها دلالات على المكان وبإمكان القارئ التخمين بكل سهولة.
بين السطور ويلتمس القارئ في كل سطر من سطور الرواية روح الكاتب التي تظهر في كافة تفاصيلها، وأنه عايش شخصيات عمله الأدبي ليظهر تألمه بآلامهم وفرحه لفرحهم وذرفه للدموع أثناء كتابة الفصل الأخير من الجزء الأول للرواية. وحقق الكاتب هدفه من الرواية بتسليط الضوء على فكرة أن الحياة هبة من الخالق ولا يحق لأحد سلبها سواه، فكان أسلوبه في الكتابة متسماً بالهدوء التام والحيادية، ليجعل الأحداث تأخذ القارئ ويسبح معها بدون أن يشعر ولا يتمكن التوقف عن القراءة. ويتجلى في الأحداث المجهود الذي بذله الكاتب في البحث عن موضوع الموت الرحيم من مختلف الجهات الاجتماعية والإنسانية والدينية والعلمية، واطلاعه على حالات خضعت له، مسلطاً الضوء على مدى إمكانية تطبيق هذا الأمر في العالم العربي بعد اتباع إجراءات معينة.
أسباب ودوافع وعن الأسباب التي دفعته لكتابة الرواية قال المعيني لـ«الرؤية»: لاحت لي فكرة رواية طاهر الموت الرحيم بين أروقة المستشفيات، حيث كنت في زيارة لجدتي رحمها الله، ولاحت لي التفاتة لمريض يرقد والأجهزة من حوله، ثم قلت في نفسي ماذا لو كان القرار بيد البشر لإنهاء حياة من يحبونهم ليمنعوا عنهم الألم، فدخلت في دوامة عميقة لم أخرج منها حتى الآن. وأضاف أنه «قبل شروعه في الكتابة والخوض في فكرة الرواية حرص على عدة أمور بخصوص الموت الرحيم، منها حكمها الشرعي في الإسلام والرأي الطبي، حيث توجه لاستشارة عدد من الأطباء، إلى جانب البحث عن الحقيقة وكيف أنها تكون ملتوية وكيف أن السؤال اليتيم يجرّ صاحبه لعدة أسئلة ومتاهات لن يخرج منها، لدرجة أنه يشك في كل شيء حوله». وأشار المعيني إلى أن «هذا ما حدث بالفعل مع بطل روايته طاهر حين توجه لسؤال والدته من هو والده، حيث إنه لم يلتقِ به منذ الصغر، وهذا السؤال جرّه لدوامة لم يتمكن من الخروج منها بكل سهولة، وفي المقابل والدته رحيمة بعد مدة من الزمن تقرّر الخضوع للموت الرحيم على الرغم من أنها سليمة معافاة وليست مريضة، ما جعل طاهر في حالة من الهستيريا وحاول جاهداً أن يجد الحقيقة.
رسائل مبطنة وأوضح المعيني أن هناك بعض الرسائل المبطنة التي وضعها في الرواية تاركاً للقارئ إيجادها ومعرفتها، معتمداً على أسلوب التردد في كتابة الرواية والأحداث المظللة، والتي قد تجعل القارئ يتساءل عن الأحداث وربما قد يشعر بأن الكاتب مضطرب نوعاً ما؛ ولكن كان هذا هو أسلوبه في كتابته للرواية وكان على يقين بأن هناك عدداً من القرّاء سيشعر بالتيه أثناء القراءة، وبالنسبة له كانت الكتابة بهذا الأسلوب أكبر التحديات، فكيف له أن يذكر حدثاً مهماً ومن بعدها يشكك به أو ينفيه.
الجزء الثاني والثالث كشف المعيني لـ«الرؤية» أن «رواية طاهر – الموت الرحيم» تتكوّن من 3 أجزاء، نشر جزءاً واحداً، وسينشر الجزأين القادمين قريباً، وهذا ما سبّب بعض الربكة للقرّاء، حيث إنهم شعروا بأن النهاية مبهمة. وأكد حرصه على نشر الرواية بأشكال مختلفة؛ صوتياً عبر كتاب صوتي وإلكترونياً مع دار سيل للنشر والتوزيع وورقياً مع دار كتّاب للنشر والتوزيع، مشيراً إلى أنه «انتهى من كتابة الجزء الثاني والثالث وسيقوم بنشرهما قريباً».
درويش … evan ali درويش … 1 أستوحى درويش قصائده من الحبر السري وضعها في مسودة سرية وسماها درويش 2 الإيحاء بتعريف درويش تحويل المفردة الشعرية لبندقية ذخيرتها زهرة 3 كتب درويش الشعر للغد لأن جماهير الشعر ستنتفض في الغد 4 درويش درويش اللغة 5 الدرويشية الإغارة على مجسم الجلاء 6 درويش إحاطة حول تقسيم تجليات العشق والثورة الصورة بعدسة الشاعر والكاتب إيفان علي عثمان 1-8-2020 نهر على بعد كيلومترات من قضاء العمادية إيفان علي عثمان شاعر وكاتب
منها خَرَجوا: يردّدونَ نشيداً عالي النبرَة لوَطَنٍ: ما أنصفَ نعومةَ حناجرِهم لوطنٍ ما شيّدَ بنياناً إلا بنيانَ مقابرِهم لوَطنٍ: كم مَزّقّ بمخالبِ نخبتِهِ: ثيابَ براءتِهم وألبسَهم أسمالَ السرّاقْ
منها خَرَجوا: وما زالت تخرجُ من أفواهِ صرائفِهم: أفواجٌ لحروفِ الآآآآآهِ: مترجمةً لجراحِ مواجعِهم آآآآآآهٍ يا وجعَ الفقراءِ المنكوبينَ كيفَ تُطاقْ…..؟!!!!!!!!!!!!!!
*الصرائف: جمع صريفة والتي تبنى بالقصب والبردي وهي تمثل البيت السومري في أهوار العراق وقرى الفقراء في الجنوب، والمفارقة أن هناك مدارس لم تزل حدّ اللحظة تبنى صفوفها على هيئة الصريفة كما يبدو في الصورة.
السبت الموافق 4تموز 2020 الساعة العاشرة والنصف صباحا صومعة السومري الغريب في الكوفة
قصيدة: ربيعُ القرى…!* شعر: مسلم الطعان الإهداء: اليه ربيعاً سماوياً يتنقلُ بين عتباتِ قرانا يرانا ولا نراه….! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ربما تأتي إلينا بغتةً ونراكْ…!
أيُّها الغارسُ في أرواحِنا غصنَ ضياكْ…!
أنتَ أبهى: من بهاءِ الوردِ أيهُّا الناشرُ في أحلامِنا عطرَ شذاكْ..!
جثمَ الليلُ على أنفاسِنا أيُّها الصبحُ: أغثنا من لنا غيرُ هواكْ؟!
جدبتْ أيامُنا أَمطرْ الآنَ علينا بعضَ قَطرٍ: من شآبيب رؤاكْ…!
طالَ ترحالُكَ عنّا وقراكْ: هي ظمأى فمتى تروي قراكْ؟!
ومتى : تصهلُ في مضمارِها خيلُ خطاكْ؟!
ظمأتْ أرواحُنا أيُّها الساقي شفاهَ العشبِ من نهرِ نداكْ…!
أيهُّا الحاملُ للأرضِ رغيفَ العدلِ من كّفِ سماكْ…!
ضجّتِ الأرضُ بجوعٍ أزليٍّ فمتى: تنقذُ حَملَ الروحِ من ذئبِ الهَلاكْ…؟! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! الخميس المصادف/٢٠-٧-٢٠١٧ الساعة الثامنة والنصف صباحا صومعة السومري الغريب في الكوفة * من مجموعة شعرية مخطوطة بعنوان( الرحيل صوب القباب)
ربما تحتوي الصورة على: شخص أو أكثر، أشخاص يقفون ونشاطات في أماكن مفتوحة ٥٢أنت و٥١ شخصًا آخر ٤٩ تعليقًا أعجبني تعليق مشاركة التعليقات عرض التعليقات السابقة ٣ من ٢٦ علي ابو تحسين الحجي علي ابو تحسين الحجي السلام على الضياء المنير.. أحسنت بارك الله بكم وأبعد عنكم الهم والغم والسوء ويحفظكم من كل شر.. ماذا اكتب عن احساسك المرهف الصادق… عذوبة شعرك في صدق مشاعرك. سلمت تحياتي ١ إخفاء هذا المحتوى أو الإبلاغ عنه أعجبني · رد · منذ ١ س
Abdellatif El Batal موجود في Grand Casablanca. منذ ٣ س الصديقات و الأصدقاء مساء الخير، هذه قصيدة بلغة موليير تحمل عنوان «نزهة باردة» قراءة ممتعة :
جولة باردة
عندما اردت المشي، اختار السماء. قمت بتنظيف الحزمة الخاصة بي. عقل ممزق، قادر على استضافة الافكار بلا منزل ثابت، قشارة للحفاظ على الغباء. اختار من بين لعابي عقم تزاوج الملائكة مع كسر الدمى. غبائي خالد.
عندما اردت المشي، اختار السماء كنت ارضع من التيتي العقرب سكران كنت اشرب شرابا لتبرد لساني ولم استطع مقاومة اصرار قطتي كان يحب اكل اكاذيبى وكسلتي الغير واضحة. كان يشرب عرق غرقتي في هذا النهر الجاف قبل ميلاد اللغة،
عندما اردت المشي، لم اكن اقابل اي منفذ، في طريق السماء. العقل فقط كان قادر على مواءمة خطوات الريح على اسفلت الايمان. عجلتي لم تكن بحاجة، استخدام الفرامل، كي نتوقف امام وحشية الغريزة انسان. انحني في حضني امام غضبي المتعصب، وكنت ساخنا من شمس رطبة وبرد.
صدرت حديثا عن دار الرواية العربية ، رواية “هاربون من كورونا” للكاتب الأردنى مصطفى القرنة .
ويتناول المؤلف في 130 صفحة، مسار الوباء بطل الرواية، عبر التنقل فى فضاءات مختلفة، قاسمها المشترك الخوف من هذا الوباء الجديد الذى اجتاح العالم، متطرقة إلى تجارة الحيوانات البرية، وثقافات الشعوب فيما يخص ذلك، وتتبع الأوبئة السابقة وطرق انتقالها من الحيوانات إلى الإنسان، كما توضح الأحداث عوامل الضعف عند الإنسان.
ويمتد زمن الرواية خلال شهور الهجمة التى شنها وباء كورونا، وأصاب دول العالم، أما الشخصيات فهى من دول مختلفة تلتقى معا ليجمعها فضاء مليء بعدم اليقين والخوف، جراء الوضع الجديد من خلال أسلوب سردى يعتمد على ثقافة واطلاع الروائى القرنة.
إضاءة
الروائى مصطفى القرنة، كاتب وشاعر عمل فى التدريس والصحافة، وتولى رئاسة اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين لأكثر من دورة، وله عدة مؤلفات بين القصة والرواية منها: رواية “الموت بطعم مالح” و”خيمة مشرعة للريح” ومجموعة قصصية بعنوان “دولاب الجان” .
زويا ﭘــيرزاد بقعة زويا ﭘــيرزاد كاتبة وقاصة إيرانية معاصرة، من الطائفة الأرمينية. ولدت سنة 1952 جنوب إيران. من مجموعاتها القصصية “ككل العصاري” (1991)، “يوم على عيد الفصح” (1998). من الجوائز التي حازتها جائزةُ “بيكاعن” عن روية “أنا سأطفئ المصابيح” (2001). قصة “بقعة”، التي ترجمها الأستاذ أحمد موسى، مأخوذة من مجموعتها القصصية “ككل العصاري”. المصدر: ربيع كتماندو الأزرق، أنطولوجيا القصة الإيرانية الحديثة، ترجمة أحمد موسى، منشورات الربيع، القاهرة، مصر، 2018. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ زويا ﭘــيرزاد بقعة وضعت المرأة غزلها على ركبتها وأمالت رأسها إلى الخلف، وبهدوء أدارَت رقبتها يُمنةً ويُسرة، وبيدها اليسرى مسَحت على كتفها الأيمن. كانت ترى الزقاق من المكان الذي جلسَت فيه؛ هناك حيث الأطفال يلعبون الكرة في جو قائظ وخانق. أسنَدت المرأةُ رأسَها إلى سكينة أريكة ثم أغمضت عينيها. كانت تُميِّز الأطفالَ بوضوح من أصواتهم، واحداً تلو الآخر؛ كان هذا علِيّ الذي يصرخ: “مَرِّر الكرة!”، وذلك الذي يضحك مقهقِهاً محمد، وبهروز يصيح بأعلى صوته: “لا تُلاجِج، لم تدخل الكرة إلى المرمى!”، وخسرو يصيح بشدة: “هيّا، سدِّد الكرة!”. وكان صوت بكاء يطرق الآذان، لقد كانت مَعْصومة أخت محمد، كانت تضجّ بالبكاء دون توقف حين لا يلاعبها الأولاد. كان أيضاً يُسمَع صوتُ بوق درّاجة، لقد أحضروا جرائد المساء. تململت المرأةُ برأسها على الأريكة الوطيئة، تدثَّرَت بأصوات الزقاق المألوفة وبحرارة الصيف اللافِحة كما تتدثَّر بلحافٍ ناعم وأسلَمَت نفسَها للنعاس. قبل ثلاثين سنة كانت قد اجتازت ضوضاء هذا الزقاق بمعية زوجها، ودخلت لأول مرة هذا البيت الصغير، يومَها أَيضاً كان الأطفال يلعبون الكرة في الزقاق. ربما كانوا آباء محمد وبهروز وعلي. وكانت بنت صغيرة تنتحب في ركن. حينذاك لم يكن بالباحة مزهرية ياسمين. ولم يكنْ أيضاً يوجَد بِكُوّاتِ الغرفة تماثيل خزفية صغيرة. كل هذه الأشياء ظهرَت بالتدريج فيما بعد. في البدء مزهرية ياسمين واحدة، ثم الثانية. في الأول تمثال غزال صغير، ثم غزال آخر، ثم فيل صغير ذو خرطوم بنعومة إبرة. وبمرور السنين، وشيئا فشيئا، أترعت المرأةُ بيتَها الصغير بمزهريات ياسمين وتماثيل وأشياء أخرى. كان الزقاق بأصواته الصاخبة خلال النهار وسكونه خلال الليل بمثابة ورق مذهّب يغطي وجه هذه المجموعة الأَلِفَة الأنيسة. كانت حياتها مثل خط مستقيم، مثل شِلّة حرير امتدَّت الآن وطالَت أكثر فأكثر حتّى لفَّت كاملَ السّجّاد. استمرت حياتها ثلاثين سنة على هذا المنوال. ثلاثون سنة تشابَهت كل أعوامها وكل شهورها وكل أيامها، بلا أدنى تغيير، ودونما حادثة. ولم يكن للمرأة أيُّ شكوى من هذه الناحية، بل كانت متوجسة من حدوث حادثة. فكانت تهيج وتموج مع كل نزلة برد عادية تصيبها أو تصيب زوجها، ليس فزَعاً من المرض بل جزَعاً من التغيير الذي سيطرأ على برنامج حياتها. كانت تحبّ أن تكون مطَّلِعةً بدقّة على ما سيواجهها كل يوم وكل ساعة. وحتى تتعوّد على أيِّ تغيير يستجدّ في حياتها كان يلزمها وقت طويل جدا. ذات مرة، اشترَتْ طنجَرةً جديدة فمرَّت أيامٌ وأيام وهي مركونة في جانب من المطبخ حتى ارتضَت أخيراً طهوَ الطعام فيها. ومع ذلك، لم يستسغ فمَها الأكلَ الذي أَعَدَّتْه في الطنجرة الجديدة. زواجُها هو الحدث الوحيد في حياتها. وهي تجد صعوبة بالغة في استحضار فترة ما قبل الزواج. تستشعر ذكرى غامضة عن أبويْها اللذين ودّعا الحياةَ سنوات قبل زفافها. بالنسبة لها، فالحياة ابتدأت من اليوم الأول لزواجها. غير أنها الآن، حتى هذا اليوم لا تتذكَّره بصورة جيدة. وكأنها تزوجت يوم ولادتها أو وُلدَت يومَ زواجها. نادراً ما كانت تفكر في الأيام التي سبقت زواجها، كان هذا الأمر شاقا عليها، وكأنَّ عليها أن تفكِّر في شيء ليس له وجود، وكأن عليها أن تفكر في حياة شخص آخر. لما كانت تُسمِّر عينيها في صور الماضي الممتدّ لم تكن تتعرّف نفسها؛ الفتاة شاحبة اللون التي في الصور والمرأة الموقرة المستلقية في حر هيكلها السمين التي تتفرج على الصور غريبتان عن بعضهما البعض. والفتاة لم تكن تُحرِّك ساكناً في ذهن المرأة. بقدر ما كانت الحياة قبل الزواج بالنسبة لها بعيدة ومبهمة وغريبة، كان استحضارها لمرحلة ما بعد الزواج يسيراً وجليّاً. وكأن كلَّ أعوامها كان عاماً واحداً، وكل شهور ذلك العام كان شهراً واحداً، وكل ايام ذلك الشهو كان يوماً واحداً، اليوم الذي كانت كلُّ لحظاته مأنوسة وحميمة وأَلِفَة. حين كانت تستيقظ صباحاً وقبل أن تباشر أيَّ عمل كانت تشغل الراديو. بعد ذلك تبسط مائدة الإفطار، بينما المذيع يسترسل في نشرته الإخبارية. لم تكن قط تصغي إلى الأخبار، لكن صوت المذيع كان بالنسبة لها مألوفاً ويبعث على السكينة والهدوء. عندما كان يذهب زوجها إلى إدارته كانت تنبري المرأة لغسل الأواني، بعد ذلك تسكب لنفسها كأساً من الشاي، وتجوب البيتَ وكأسُ الشاي بيدها. تُطلّ على الغُرَف وتذهب إلى الفناء وترتشف شايَها وهي تحصي في ذهنها أعمالَ يومها. بعد ذلك كانت ترتدي ملابسَها وتخرج للتبضُّع. عند العودة كانت تنظف البيت ثم تغسل الملابس وتكويها. لم يكن زوجها يرجع إلى البيت لتناول وجبة الغذاء. فكانت، في الغالب، تتناول الطعام الذي فَضَل من ليلة أمس. خلال العصاري، كانت أحياناً تزُور جيرانهها ومعارفها؛ ثُريّا التي توفَّت أمُّها ومهين هانِم التي أنجبَت حديثاً. لم ينجبا أولاداً، ولم يكن للمرأة أي شكوى من هذه الناحية، بل ربما كانت راضية، لأنه كان يصعب عليها تصور كائن حي وجديد في بيتها. لأنه كان عليها أن تقلق وأن تسعد من أجله. وهي لم تكن تحبّ لا القلق ولا الابتهاج، الطفلُ يعكِّر صفو الحياة ويُخِلُّ بهدوئها بينما كانت هي تحب هذا الهدوء أكثر من أي شيء آخر. خلال الأماسي بعد أن كانت تنتهي من إعداد وجبة العشاء، كانت تجلس على أريكة كبيرة وترهف سمعها إلى الأصوات المنبعثة من الزقاق. وقُبيل حلول الساعة السابعة بدقائق تتطلع إلى الزقاق منتظرةً عودة زوجها. كان بيتهما يقع إلى منتهى الزقاق حيث كان ممكناً رؤيته من النافذة بالكامل وحتى نقطة التقائه بالشارع. عادة ما يكون الزقاق في السابعة ليلاً مظلماً وساكناً وخالياً. وحدَها تلك الناحية من الشارع التي تُرى من النافذة، كانت دوماً مضيئة. تتراءى من بعيد، من حيث جلست المرأة، أضواءُ لوحات النَّيُون ومصابيح السيارات والمحلات التجارية وهي تركض متداخلة، وتبدو مثل نقطة ضوء كبيرة تدور حولَها غوغاءُ الشارع بسرعة وبصورة دائمة كأنها هالة. لم تكن المرأةُ تحبّ هذه النقطة، إذ لمّا كانت تمعن فيها النظر تتخذ أشكالا غريبة ومخيفة فتدبّ في أذنيها همهمة مبهمة. أحياناً كانت تحس أن هذه النقطة تقترب أكثر فأكثر وتكبر وتكبر حتى لكأنها تريد ابتلاعها، فتستحيل الهمهمات المبهمة قهقهات مجلجلة ومرعبة. بيد أن المرأة كانت مرغمة على النظر إلى النقطة لأنه آجلاً أو عاجلاً سوف تنفكّ عنها بقعة سوداء وتأتي نحوها. كلما اقتربت البقعة أكثر قلَّ خوفُ المرأة، فتكبُر البقعة شيئا فشيئا ويتغيَّر شكلُها، فتلمَح المرأةُ زوجَها وهو يقصد البيتَ بهدوء وأناة. كانت هذه أفضل لحظة في يومها. اللحظة التي تكمل فيها بقعة سوداء وصغيرة مجموعَ حياتها الصغيرة المؤنِسة والأَلِفَة. فينتفي خوفُها من نقطة الضوء الكبيرة. فتحت المرأة عينيها، كان الليل قد أرخى سدولَه، ولم يعد يُسمَع أيُّ صوت من الزقاق. نظرَت إلى ساعتها، كانت تشير إلى السابعة ليلاً. أبصرت الشارع، فإذا بالبقعة السوداء الصغيرة قد وصلت إلى منتصف الزقاق. أخذت نفَساً طويلاً وهبَّت واقفةً، كان عليها أن تغرف الطعامَ في الطبق.