Category: سينما ومسرح

  • مهرجانات ليبية … تظاهرات … أيام مسرحية.. حيلتان محليتان.. وحيلة مستوردة وثلاث مهرجانات بدون تعليق..؟

    مهرجانات ليبية … تظاهرات … أيام مسرحية.. حيلتان محليتان.. وحيلة مستوردة وثلاث مهرجانات بدون تعليق..؟

    ​​​​​​​​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-45- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************​

    مهرجانات … تظاهرات … أيام مسرحية
    حيلتان محليتان …. وحيلة مستوردة وثلاث مهرجانات بدون تعليق !!

    منذ المهرجان الوطني الأول للمسرح سنة 1971 م الذي يقام كل سنتين والمسرحيون الليبيون والإداريون يتحايلون
    لإرساء قواعد ونظم للم الشمل وحسب الموعد يطل علينا المهرجان الوطني الثاني للمسرح سنة 1973 م ليختفي مدة
    تسع سنوات إلى غاية 1982م الموعد غير الرسمي للمهرجان الوطني الثالث . أثناء هذا الغياب لم يعجز المسرحيون
    الليبيون والإداريون لتدارك هذا الأمر بنقلة واحدة و “بحيلة لغوية” تم اختراع عنوان “المواسم المسرحية ”
    لكل فرقة. وهي عبارة عن لم شمل مجموعة من الأعمال قدمت في السابق ولا بأس بإضافة عمل جديد ليشد أزر الأعمال
    القديمة. وبهذه الحيلة تحصل الفرقة على موسم مسرحي قوامه أسبوعا مسرحياً . وكان سيد هذا الاختراع ” المسرح
    الوطني_ طرابلس” الذي استطاع خلال مسيرته التي تزيد على الثلاثين سنة أن يسد الفراغ بهذه الحيلة اللغوية _
    الموسم المسرحي _ ليحقق وبجدارة ثلاث مواسم مسرحية في خلال ثلاثين سنة وهو رقم ليس بالهين مقارنة بالفرق التي
    حاولت أن تلعب بهذا المصطلح. فمنها من حقق موسمين مسرحيين ومنها من حقق موسماً مسرحياً واحداً .أما بقية الفرق
    وهي الغالبية العظمى لم تنطل عليها هذه الحيلة و اكتفت بانتظار المهرجانات الرسمية. ولو أن بعض الفرق زودت
    المتلقي الليبي المتتبع المتعطش للمسرح_ كل حسب استطاعته ببعض الأعمال لعرضها للمتفرج المسرحي وهو عبارة_
    أي المتفرج_ عن وجوه مكرورة في كل العروض المسرحية. فالمرء بمجرد أن يحقق ثلاث مشاهدات مسرحية ، لا يبذل جهداً
    كبيراً للتعرف على هذه الوجوه حتى من خلال تبادل التحايا الممزوجة بالخجل، و قد تتطور هذه التحايا إلى
    الجلوس مترافقين للاستمتاع بعرض مسرحي وتبادل الآراء وتقاسم الضحك والتصفيق والإعجاب.. والملفت للنظر برغم كثرة
    الفرق وتباينها الثقافي، والمادي. فهي تتحد في جمهور مسرحي واحد. فالمرء لا يستطيع تمييز متفرج ” الفرقة
    الوطنية ” على متفرج ” فرقة المسرح الحر ” أو”المسرح الجديد”. وفي هذه المسألة لم يتميز ” المسرح الوطني
    ” أيضا على بقية الفرق المسرحية، فهو أيضا يقدم عروضه لذات المتلقي ونفس المتفرج . رغم التزام هذا المتلقي
    بالحظور ومسايرة بعض العروض الركيكة والمملة والساذجة والمسطحة والطويلة عن طريق تقديم التهاني لفريق
    العمل ، إلا أنه لم ينجو من العقاب فبعض الفرق لم تكتفي بتقديم عروض اقل من مستوى الفرجة وعروض ابعد عن الفهم
    . بل لجأت الى حرمان جمهورها من المشاهدة بنقل عروضها إلي خارج نطاق مشاهديها،بل أن بعض الفرق تنقل عروضها
    المسرحية إلى خارج الوطن ليستمتع به المشاهد العربي إمعاناً في القسوة. ورغم هذا فالمتفرج الليبي يغض
    الطرف على هذه الإهانات المتكررة ولا يأتي بأي ردة فعل تجاه نجومه المسرحية. قد يحدث أحيانا ًأن يشاكس ويخرج من
    العرض للفت الانتباه ليس إلا .
    و أحيانا يضحك في غير مواقع الضحك ويتقلص وجهه لسماع ” نكتة ” تطلق من ممثل. إلا أنه لم يستطع منع يديه عن
    التصفيق وبشدة عند سماع أي كلمة تقال ثلاث مرات بطريقة تصاعدية في الأداء . وعنده قدرة أيضا على إدعاء الفهم
    لعروض يعجز المسرحيين أنفسهم على فك شفرتها، بما فيهم أصحاب العرض، وفي هذه الحالة يجلس المتفرج مبهوتاً.
    وبدون أي تعابير تدل على الرضاء أو الامتعاض. حتى لو أجبره العرض على الخروج فهو يخرج بهدؤ شديد _خوف
    ملاحظته_ وبخجل أشد . ولكنه والحق يقال فالمشاهد الليبي يعطيك النصف الساعة الأولى قبل ان يبادر بأي ردة فعل
    . وأحيانا يعطيك فرصة العرض الثاني كل حسب كرمه .
    الحيلة اللغوية الثانية _ بعد ما فشلت حكاية المواسم المسرحية _ كانت من اختراع المسرح الوطني طرابلس
    أيضا وهي ” التظاهرة المسرحية ” وهي حيلة تسعينية_ عقد التسعينيات _ خرجت بعدما عادت المهرجانات الوطنية
    إلى السطوع ، ولكن هذه الحيلة خرجت لتسد عدم انتظام مواعيد المهرجانات المسرحية فهي عبارة عن مهرجان مصغر
    ليلم شتات أعمال الفرق الأهلية بقيادة المسرح الوطني والاتفاق على عروض مسرحية تغطي فترة أسبوعين متتاليين
    وعادة ما تستدعى فرقة من خارج مدينة طرابلس لتحل ضيفأً مبجلاً على هذه التظاهرة.
    أهمية هذه ” الحيلة اللغوية ” لا تكلف تبعات إقامة ولا إعاشة.
    فهذه الحيلة خرجت لتخفف على المسرحيين حدة عناء انتظار المهرجان الوطني للمسرح وأيضا مكافاءة للجمهور
    المتعطش للمسرح السالف الذكر.
    الحيلة اللغوية الأخيرة ” أيام طرابلس المسرحية ” و”أيام بنغازي المسرحية ” فهي حيلة مستوردة من ” ايام قرطاج
    المسرحية ” الذي يعد اهم مهرجان دولي عربي يقام في الشقيقة ” تونس ” وأكثرهم ثباتاً .
    لكن السؤال من كان له سبق التسمية مسرحيو طرابلس ام مسرحيو بنغازي ؟.
    هذه الحيلة حديثة العهد وببساطة شديدة يتنادى المسرحيون في هذه المدينة أو تلك بالاتفاق مع أمين شعبيتهم
    أو أمين أعلامهم. لإقامة أيام مسرحية حسب عدد العروض الجاهزة ولا بأس أيضا من تواجد بعض العروض الجديدة لطرد
    العين . أخرها ” ايام طرابلس المسرحية ” التي تدخل فعالياتها يوم 22_ 6 _ 2004 م ، برصيد أحدى عشرة مسرحية
    .
    مهرجان المسرح الجامعي… لا تعليق
    مهرجان النهر الصناعي العظيم…. لا تعليق
    مهرجان البيضا التجريبي….. لا تعليق
    دعوني اشكر اللغة التي اسعفتنا كثيراُ
    وهذا ليس بجديد على شعب يسمي الأعمى بصيرا
    والسواد ” بياض”
    والملح ” يدام ”
    والثعبان ” حبل ”
    والنار” عافية” .

    مهرجانات … تظاهرات … أيام مسرحية
    حيلتان محليتان …. وحيلة مستوردة وثلاث مهرجانات بدون تعليق !!

    منذ المهرجان الوطني الأول للمسرح سنة 1971 م الذي يقام كل سنتين والمسرحيون الليبيون والإداريون يتحايلون
    لإرساء قواعد ونظم للم الشمل وحسب الموعد يطل علينا المهرجان الوطني الثاني للمسرح سنة 1973 م ليختفي مدة
    تسع سنوات إلى غاية 1982م الموعد غير الرسمي للمهرجان الوطني الثالث . أثناء هذا الغياب لم يعجز المسرحيون
    الليبيون والإداريون لتدارك هذا الأمر بنقلة واحدة و “بحيلة لغوية” تم اختراع عنوان “المواسم المسرحية ”
    لكل فرقة. وهي عبارة عن لم شمل مجموعة من الأعمال قدمت في السابق ولا بأس بإضافة عمل جديد ليشد أزر الأعمال
    القديمة. وبهذه الحيلة تحصل الفرقة على موسم مسرحي قوامه أسبوعا مسرحياً . وكان سيد هذا الاختراع ” المسرح
    الوطني_ طرابلس” الذي استطاع خلال مسيرته التي تزيد على الثلاثين سنة أن يسد الفراغ بهذه الحيلة اللغوية _
    الموسم المسرحي _ ليحقق وبجدارة ثلاث مواسم مسرحية في خلال ثلاثين سنة وهو رقم ليس بالهين مقارنة بالفرق التي
    حاولت أن تلعب بهذا المصطلح. فمنها من حقق موسمين مسرحيين ومنها من حقق موسماً مسرحياً واحداً .أما بقية الفرق
    وهي الغالبية العظمى لم تنطل عليها هذه الحيلة و اكتفت بانتظار المهرجانات الرسمية. ولو أن بعض الفرق زودت
    المتلقي الليبي المتتبع المتعطش للمسرح_ كل حسب استطاعته ببعض الأعمال لعرضها للمتفرج المسرحي وهو عبارة_
    أي المتفرج_ عن وجوه مكرورة في كل العروض المسرحية. فالمرء بمجرد أن يحقق ثلاث مشاهدات مسرحية ، لا يبذل جهداً
    كبيراً للتعرف على هذه الوجوه حتى من خلال تبادل التحايا الممزوجة بالخجل، و قد تتطور هذه التحايا إلى
    الجلوس مترافقين للاستمتاع بعرض مسرحي وتبادل الآراء وتقاسم الضحك والتصفيق والإعجاب.. والملفت للنظر برغم كثرة
    الفرق وتباينها الثقافي، والمادي. فهي تتحد في جمهور مسرحي واحد. فالمرء لا يستطيع تمييز متفرج ” الفرقة
    الوطنية ” على متفرج ” فرقة المسرح الحر ” أو”المسرح الجديد”. وفي هذه المسألة لم يتميز ” المسرح الوطني
    ” أيضا على بقية الفرق المسرحية، فهو أيضا يقدم عروضه لذات المتلقي ونفس المتفرج . رغم التزام هذا المتلقي
    بالحظور ومسايرة بعض العروض الركيكة والمملة والساذجة والمسطحة والطويلة عن طريق تقديم التهاني لفريق
    العمل ، إلا أنه لم ينجو من العقاب فبعض الفرق لم تكتفي بتقديم عروض اقل من مستوى الفرجة وعروض ابعد عن الفهم
    . بل لجأت الى حرمان جمهورها من المشاهدة بنقل عروضها إلي خارج نطاق مشاهديها،بل أن بعض الفرق تنقل عروضها
    المسرحية إلى خارج الوطن ليستمتع به المشاهد العربي إمعاناً في القسوة. ورغم هذا فالمتفرج الليبي يغض
    الطرف على هذه الإهانات المتكررة ولا يأتي بأي ردة فعل تجاه نجومه المسرحية. قد يحدث أحيانا ًأن يشاكس ويخرج من
    العرض للفت الانتباه ليس إلا .
    و أحيانا يضحك في غير مواقع الضحك ويتقلص وجهه لسماع ” نكتة ” تطلق من ممثل. إلا أنه لم يستطع منع يديه عن
    التصفيق وبشدة عند سماع أي كلمة تقال ثلاث مرات بطريقة تصاعدية في الأداء . وعنده قدرة أيضا على إدعاء الفهم
    لعروض يعجز المسرحيين أنفسهم على فك شفرتها، بما فيهم أصحاب العرض، وفي هذه الحالة يجلس المتفرج مبهوتاً.
    وبدون أي تعابير تدل على الرضاء أو الامتعاض. حتى لو أجبره العرض على الخروج فهو يخرج بهدؤ شديد _خوف
    ملاحظته_ وبخجل أشد . ولكنه والحق يقال فالمشاهد الليبي يعطيك النصف الساعة الأولى قبل ان يبادر بأي ردة فعل
    . وأحيانا يعطيك فرصة العرض الثاني كل حسب كرمه .
    الحيلة اللغوية الثانية _ بعد ما فشلت حكاية المواسم المسرحية _ كانت من اختراع المسرح الوطني طرابلس
    أيضا وهي ” التظاهرة المسرحية ” وهي حيلة تسعينية_ عقد التسعينيات _ خرجت بعدما عادت المهرجانات الوطنية
    إلى السطوع ، ولكن هذه الحيلة خرجت لتسد عدم انتظام مواعيد المهرجانات المسرحية فهي عبارة عن مهرجان مصغر
    ليلم شتات أعمال الفرق الأهلية بقيادة المسرح الوطني والاتفاق على عروض مسرحية تغطي فترة أسبوعين متتاليين
    وعادة ما تستدعى فرقة من خارج مدينة طرابلس لتحل ضيفأً مبجلاً على هذه التظاهرة.
    أهمية هذه ” الحيلة اللغوية ” لا تكلف تبعات إقامة ولا إعاشة.
    فهذه الحيلة خرجت لتخفف على المسرحيين حدة عناء انتظار المهرجان الوطني للمسرح وأيضا مكافاءة للجمهور
    المتعطش للمسرح السالف الذكر.
    الحيلة اللغوية الأخيرة ” أيام طرابلس المسرحية ” و”أيام بنغازي المسرحية ” فهي حيلة مستوردة من ” ايام قرطاج
    المسرحية ” الذي يعد اهم مهرجان دولي عربي يقام في الشقيقة ” تونس ” وأكثرهم ثباتاً .
    لكن السؤال من كان له سبق التسمية مسرحيو طرابلس ام مسرحيو بنغازي ؟.
    هذه الحيلة حديثة العهد وببساطة شديدة يتنادى المسرحيون في هذه المدينة أو تلك بالاتفاق مع أمين شعبيتهم
    أو أمين أعلامهم. لإقامة أيام مسرحية حسب عدد العروض الجاهزة ولا بأس أيضا من تواجد بعض العروض الجديدة لطرد
    العين . أخرها ” ايام طرابلس المسرحية ” التي تدخل فعالياتها يوم 22_ 6 _ 2004 م ، برصيد أحدى عشرة مسرحية
    .
    مهرجان المسرح الجامعي… لا تعليق
    مهرجان النهر الصناعي العظيم…. لا تعليق
    مهرجان البيضا التجريبي….. لا تعليق
    دعوني اشكر اللغة التي اسعفتنا كثيراُ
    وهذا ليس بجديد على شعب يسمي الأعمى بصيرا
    والسواد ” بياض”
    والملح ” يدام ”
    والثعبان ” حبل ”
    والنار” عافية” .

  • يحاور الصحفي:جمال التركي..المخرج المسرحي محمد العلاقي.”ليس هناك مسرح ليبي ..والعجز قاسم مشترك بين الجميع “

    يحاور الصحفي:جمال التركي..المخرج المسرحي محمد العلاقي.”ليس هناك مسرح ليبي ..والعجز قاسم مشترك بين الجميع “

    ​​​​​​​​​​​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-44- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************

    الباب الثالث

    حوارات … مقالات

    المخرج المسرحي محمد العلاقي …
    ” ليس هناك مسرح ليبي والعجز قاسم مشترك بين الجميع ”
    حوار / جمال التركي

    تجربة محمد العلاقي هي احدى العلاقات المفصلية في المسرح الليبي فهو من الرعيل الاكاديمي الاول كما انه احد
    المحترفين بالكامل للعمل المسرحي تدريباً واخراجاً ..عاصر ما يناهز الاربعين عاما من الحركة المسرحية تفاعل
    معها وفيها واعطاها واعطته .. ولمقاربة هذه الرحلة كان لاويا هذا اللقاء :
    اويا : مائة عام مرت على تجربة المسرح المحلي هل فعلا نملك تجربة مسرحية عمرها مائة عام ؟
    – كزمن فزيائي يمكن ان يكون قد مضى على مسرحنا 100 عام ولكن كفعل مسرحي اعتقد انه اقل من هذا بكثير فالمشكلة
    اننا كنا ولا زلنا نعاني من الانقطاعات ثم البدايات الصفرية نحن لا نراكم التجربة ولقد حددها المرحوم عبدالله
    القويري بازمة الانقطاعات على مستوى الزمن والجغرافيا فالتجمعات السكنية تبدو كالجزر المفصولة بدون نسيج ولقد
    اضفت الجغرافيا طابعها على الزمن
    اويا : هل من الممكن ان نطلق على تجربتنا اسم المسرح الليبي ؟
    – لا ليس هناك شئ اسمه المسرح الليبي هناك تجارب مسرحية فنحن عندما نضع تجربتنا المسرحية تحت عنوان المسرح
    الليبي فاننا سوف نقيسها بمسطرة المسرح الايطالي او الفرنسي او الانجليزي وهذا ظلم كبير للاثنين معا فعندما
    نتكلم عن مسرح ذي خصوصية مكانية يفترض المسرح هذا ان يكون حاضراً في حركة المجتمع الثقافية والاجتماعية اون
    يكون حاضراً في حركة المجتمع الثقافية والاجتماعية وان يكون عضوياً في صناعة العقل ففي فرنسا على سبيل المثال
    يرتاد المسرح في مدينة واحدة كالعاصمة باريس اكثر من خمسين الف مشاهد وتقدم 15 مسرحية جديدة كل شهر وتعرض
    بعض المسرحيات لمدة سنوات
    اويا: كيف جئت الى المسرح ؟
    – في تلك الفترة كان هناك حراك اجتماعي عام يشمل النشاطات الرياضية والحفلات والانشطة الثقافية وتعرفت على
    نادي كان اسمه نادي مصراته بطرابلس دخلته لان صديقي كان من مدينة مصراته ووالدتي كذلك وفي هذا النادي وجدت
    اعلانا عن دورة اعدتها ادارة الفنون والثقافة تشمل دروسا في المسرح ذهبت مع صديقي بدافع الفضول وكان الشخص
    المسئول عن امتحانات المقابلة هو الاستاذ محمد عبد العزيز العقربي بهرني الرجل وانا اقف امامه وهو يؤدي احد
    قصائد فولتير عن الذئب والثعلب احسست اني اريد ان اعرف هذا العالم الذي يعرفه هذا الرجل وانخرطت في الدورة
    التي كانت تحتوي على دروس في التمثيل والالقاء وعلم النفس وتاريخ المسرح وكان الاساتذة هم محمد العقربي في
    التمتيل ومحمد ماهر فيهم في الالقاء ودكتور لا اذكر اسمه في علم النفس وعبدالله القويري في تاريخ المسرح ورافقني
    في هذه الدورة المذيع على عطية والمرحوم محمد الساحلي وعند انتهاء الدورة التحقنا بالمسرح الوطني ووجدنا
    امامنا لطفي بن موسى ، شعبان القبلاوي ، محمد شرف الدين، الامين ناصف ، عمران المدنيني وفنان الكاريكاتير ،
    محمد الزواوي الذي كان يصمم الديكور آنذاك فكان المسرح الوطني يجري بروفات مسرحية عطيل التي يخرجها محمد عبد
    العزيز العقربي وكانت الاستعدادات ضخمة لتنفيذها بالرغم من عدم عرضها على خشبة المسرح لأسباب إدارية الا انها
    كانت تجربة جيدة لنا نحن القادمين من الدورة التدربية للاحتكاك المباشر مع أعمال بمستوى ” عطيل ” .. وفي ذلك
    الوقت 1967 . رشحني الاستاذ عبدالعزيز العقربي لمنحة دراسية قدمتها وزارة الثقافة الفرنسية لدرسة المسرح في
    فرنسا .
    اويا : كيف كانت تجربة الدراسة في تلك الفترة والتي كانت تزخر بها فرنسا بالعديد من التغيرات الثقافية
    والسياسية ؟
    – للوهلة الاولى اكتشفت انني أمام عالم غريب يضج بالاختلاف والحركة فمنذ الأشهر الاولى انطلقت ثورة 68 في فرنسا
    وكان الوسط الطلابي احد مراكزها كان كل شئ قابل للنقاش وفي خضم هذا كان المسرح الفرنسي يعيد قرءاة ذاته واذكر
    انني فوجئت حتى بالموضوعات التي تطرح للدراسة الاكاديمية فلقد طلب مني مثلاً الكتابة عن الشيخوخة في المسرح ..
    الجامعة في ذلك الوقت كانت اقرب للمختبر المسرحي انخرطت في المحيط الطلابي وشاركت في مجموعة عروض كان احدها
    هو مولد السلام وهو اوبريت للفيلسوف ” ديكارات ” قمنا بتحويله الى مسرحية تم عرضها فكتبت عنه الصحافة
    الباريسية وتدريجياً بدأت أدراك أن الموضوع اكبر مما تخيلت وأن المسرح هو فن في غاية الدقة والتعقيد وأن
    التعامل معه يحتاج الى الكثير من التأسيس المعرفي والتقني وبالفعل انهمكت في التعرف على اهم الكتابات
    الابداعية والنقدية في المسرح وقد كانت باريس آنذاك هي بؤرة التيارات الفكرية في المسرح العالمي واثناء
    دراستي نعرفت على المخرج التونسي ” توفيق الجبالي ” وعند نهاية سنوات الدراسة كنت أمام خيارين اما ان اكمل
    دراستي العليا او اعود ولظروفي الاجتماعية قررت العودة على ان اكمل دراستي العليا فيما بعد وهذا ما لم يحدث .
    أويا : ما هي قراتك للحالة المسرحية المحلية بعدما عدت من الدراسة .
    – كانت هناك محاولات تتوهج احيانا وتخبو احيانا اخرى غير انني أرى ان اهم هذه المحاولات كانت تجربة ” مصطفى
    الامير” فقد استفاد من “شلندا” في ان يقدم ملامح الشخصية الوطنية غير ان ذلك لم يتبلور ولا استطيع تحديد لماذا
    لم يستمر .
    اويا : تجربة ” مصطفى الامير ” تزامنت مع تجربة ” الأمين ناصف ” الذي كان منهمكاً في محاولة تقديم مسرح جاد ؟
    – حسب راي الشخصي ان ما كان يعيق تجربة ” الأمين ” هو انها تريد تقديم اعمال عالمية وهذا يمكن تحقيقه الى حد
    ما في كلية للمسرح عندما يتوفر الادراك النظري والمعرفي لكافة العناصر الداخلة في تنفيذ العرض دعني اوضح اكثر
    فكرة رسالة الماجستير التي كنت ازمع تقديمها كانت حول ” بريخت ” واظن انني قرات ” بريخت ” بشكل جيد غير
    انني لم اقدم اية مسرحية لبريخت لانني اعتقد ان تناول ” بريخت ” في عرض مسرحي يجب ان يدرك بريخت معرفيا من
    جميع طقم العمل وهذا لا يمكن تحقيقه عندنا ولذلك اظن اننا اذا اردنا ان نقدم معادلة مسرحية محلية فيجب ان
    تنحاز الى المسرح الشعبي وان نقترب من المهم الاجتماعي المحلي اما تقديم الاعمال العالمية بالرغم من اهميتها
    فاننا لانزال غير قادرين على الامساك بقواعد لعبتها :
    اويا :بدات مع اسماء مسرحية مهمة على خارطة المسرح العربي توفيق الجبالي وفاضل الجعايبي وكانت مستوياتكم
    متشابهة بل ان بعضا من عاصركم يقول انك كنت تسبقهم بخطوة فلماذا عبروا هم نحو الضفة الاخرى وبقينا نحن؟
    – لا يمكن معرفة الخلل عن طريق التخمين وهذا يحتاج الى كثير من الجهد العقلي والتحليل العلمي غير انني اشعر
    ان هناك عجزاً مشتركا وعلى مستويات متعددة فهناك عجز على مستوى المجتمع اعتقد ان العجز يحيط بنا بالكامل ..
    فخاصية المسرح كما نعرف لا تاتي نتيجة لجهد فردي فهو منظومة متكاملة انه مثل السيمفونية لايمكنها ان تعزف الا
    اذا توفرت كافة عناصرها وهو كذلك نتاج لحركة ثقافية كاملة تشمل التفاعل المسرحي كي يولد المسرح .
    اويا : ساهمت في حقل التدريب مدة طويلة كيف ترى وضع مؤسساتنا التعليمية الان ؟
    – دخلت مجال التدريس بمعهد جمال الدين الميلادي منذ بداية السبعينات وهو معه متوسط وحاولت انا وزملائي تكوين
    كوادر متخصصة ولو بشكل نسبي نجحنا في اماكن وفشلنا في الاخرى وقمت بالتدريس في مركز تقنيات الفنون لمدة سنوات
    وانني اعجز ان احدد بشكل دقيق اين يكمن الخلل الذي ارى انه موزع بين هيئات التدريس والمناهج والطلبة وهذا
    بحاجة الى دراسات علمية كي نعرف يقيناً اين مكامن الخلل لنأخد مثلاً انا كنت ضمن لجنة تقييم الاعمال المقدمة
    لمهرجان المسرح الجامعي وللغرابة تقدم المعهد بعرض لا يمكن ان نقول عليه سوى انه هذيان لا علاقة له بالمسرح
    ويحدث هذا من قبل معهد يفترض انه متخصص في انتاج الكوادر المؤهلة معرفياً وتقنياً كما سمعت ان جامعة الفاتح
    تناقش الان قفل قسم المسرح والموسيقى . وفي مثل هذا الارتباك والفوضى لايمكن لاحد أن يبدي اية ملاحظات .. الحالة
    تحتاج الى دراسة علمية معمقة حتى لا نبقى ندور في نفس الاسئلة والاجابات .
    اويا : هل توجد لدينا عناصر فنية قادرة على تحقيق معادلة المسرح ؟
    – على مستوى الممثل لدينا عناصر ذات كفاءة غير ان معظمهم اقرب الى الفطرية ويفتقد الخبرة المعرفية والتقنية
    وعلى مستوى السينوغرافيا ما يتعلق بالاضاءة والديكور والملابس …..الخ هناك اشخاص جاهزين غير أن الأهم هو
    ادراك المجتمع لاهمية المسرح والحاجة إليه وانا هنا لا اتحدث فقط عن المؤسسات بل عن المجتمع ككل . الفرد لدينا
    لا يرى اهمية للحوار والمسرح بالاساس هو حوار ، اما على المستوى الشخصي فنرفض الاختلاف مما يحيل الفعل المسرحي
    على رقابات متعددة وليست الرقابة السياسية فقط فانت لاتستطيع ان تنتقد الجهود ولا التقاليد ولا الاعراف .. الخ
    هذا يجعل من المسرح كائنا بلا صوت محاصراً باصوات الرقابة الذاتية وضمن هكذا معطيات لا يمكن إنتاج مسرح .
    اويا : كيف تقيم اعمالك الان ؟
    – لست ادري لكني حاولت ان أقدم اعمالاً متنوعة ” الشنطة طارت ” مثلاً لاقت استحساناً جماهيرياً ولاقت حظها من العرض
    مدة لا باس بها ، و” الميت الحي ” لاقت اهتماماً في المهرجانات العربية اما مسالة التقييم فهذا يعود للزمن وليس
    لى .
    اويا : البعض يرى بأن العجز سببه تردي الوضع داخل المسرح ؟
    – قد يكون هذا صحيحاً بشكل ما غير ان ذلك لا يمنع من أن هناك عوامل كثيرة مشاركة صحيح ان البعض لا يريد تحمل
    مشقة الانهماك في التفاصيل من تدبير التغطية المالية الى الاتصال بالكاتب والممثلين والجهاز الفني …الخ هذا
    يرهق ويستهلك الكثير من الوقت وفي احيان كثيرة يكون بدون نتيجة اعتقد ان الحل هو خلق الية جديدة للفرق
    المسرحية بتقديم عرض سنوي وان يتم توزيع هذه العروض على مدار السنة فسيكون لدينا في كل شهر مجموعة عروض ثم
    ان يتم التعامل مع الفرق عن طريق العقود اي الذي يشتغل يتم التعاقد معه بذلك نستطيع تربية جمهور يتعود
    الذهاب الى المسرح .
    اويا : وانت ما الذي قدمته لمسرحنا ؟
    – اسست فرقة الزاوية .فرقة زواره .وفرقة صبراته غير انني لا اعتقد ان هذا يكفي ولقد حاولت تأسيس مختبر مسرحي
    يمكنه تبني التجارب المسرحية والمهرجانات المحلية والعربية واستمريت لسنوات في مطاردة الموافقات الرسمية
    وقدمت تصورات عدة لأحد اكبر مهندسينا لإستغلال أحد الامكان المغلقة في مدينة صبراته تحصلت على الموافقات ولم
    تنفذ استمريت لمدة طويلة احاول ثم استسلمت .
    اويا : من هي الاسماء التي جاءات بعدك ، وكان لها تميزها ؟
    – إخراجياً محمد القمودي استطاع ان يقبض على مفرداته ونجح في محاولة رصد الحراك الاجتماعي ،مسرحية ” نقابة
    الخنافس ” كانت عملا يقترب من مفهوم المسرح الشعبي ، اما على مستوى الكتابة فهو ” منصور بوشناف ” وهناك مخرج
    جيد اسمه ” محمد نجم ” قام بتجارب مسرحية لا باس بها .
    اويا ماذا اعطاك المسرح ؟
    – الحياة نفسها لا استطيع ان اعيش بدون مسرح ، انه التعبير الوحيد عن وجودي احس خارجه انني اختنق يشكل لدي
    حالة من التواصل مع الاخر حالة الكينونة واعتقد ان هذا هو ما يمنحه المسرح للمجتمع انه يهيئ ارضية لخلق
    الحوارات وهو فعلا ما نجده قرءاه تاريخ المسرح فالفترات التي ازدهر فيها المسرح كانت فترات نهضة اجتماعية
    والعكس في فترة سيطرة الكنيسة في القرون الوسطى كان المسرح غائبا وكانت اوروبا غارقة في الجهل .

  • حول موجات التجريب في المسرح الليبي.. قفز على المحلي.. واستنساخ للوافد ..- بقلم / أحمد بشير عزيز

    حول موجات التجريب في المسرح الليبي.. قفز على المحلي.. واستنساخ للوافد ..- بقلم / أحمد بشير عزيز

     ​​​​​​​​​​​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-43- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************

    حول موجات التجريب في مسرحنا..
    قفز على المحلي.. واستنساخ للوافد
    بقلم / أحمد بشير عزيز
    إن دخولنا لعالم التجريب بهذا الاندفاع الذي ظهر في السنوات الأخيرة بقدر ما له من ميزات بقدر ما له من
    محاذير، لأن التجريب ليس “موضة” يتقاطر عليها كل من هبّ ودبّ، وإنما هو إعمال الفكر والخيال في دنيا الإبداع
    المسرحي في محاولة دائبة للتطوير والارتقاء واستكشاف منافذ جديدة للتحليل والتدليل.
    ليس المقصود بالتجريب في مسرحنا العربي أن نتحول إلى أدوات امتصاص لتجارب الغرب والتأثر بما تفرزه هذه
    التجارب، والعمل على نقلها بكل لوازمها وتفاصيلها إلى مجتمعنا العربي.
    إن ذلك سيفقدنا خصوصية الرؤية المسرحية المستقلة وسيجعلنا نبحر في اتجاه لا يمكن أن يقبله مجرانا.
    إن معرفتنا بالمسرح طيلة قرن من الزمان أو يزيد جديرة بأن تدفعنا في إطار التجريب إلى استثمار أصولنا
    ومبدعاتنا التراثية واستلهام ظواهرنا المسرحية العربية. وأيضاً بلورة قضايانا المصيرية واليومية.
    نحن لا نستطيع أن نكون خارج الدائرة الإنسانية أو أن ننقطع عن التجارب العالمية.
    ولكنه لابد أن يكون ذلك من خلال منظورنا ورؤيتنا وتقييمنا، فنحن لا نستطيع أن نتحدث عن العصرية بمعزل عن تراثنا
    التاريخي والفني والأدبي. وإلا ما استطعنا استكشاف أشكال حديثة ووسائل جمالية جديدة لإبداعاتنا.
    إن عدداً من التجارب التي شاهدناها مؤخراً تجعلنا نتخوف على مستقبل التجريب في وطننا العربي لأنها تجارب في
    أغلبها تتبنى- وبدون وعي- معاناة الغربة التي تعصف بالمجمع الأوروبي حالات القلق وفقدان الترابط والانهيارات
    الأخلاقية التي تسود ذلك المجتمع. وإلا بماذا نفسر ذلك الصراخ والعويل وذلك النباح والمواء الذي نشاهده بصورة
    مقززة على بعض خشباتنا؟
    ماذا يعني أن يتبنى مسرحنا مشاهد الجنس أو التقيؤ أو التبول -عذراً- على خشباتنا؟ ما معنى هذا الهوس العجيب
    الذي نراه على خشباتنا والذي ببدو في بعض الأحيان أقرب إلى (اللوغرتيمات) التي لا نعرف لها معنى والتي هي أشبه
    بالزئبق الذي يفلت من كل تحديد في أحيان أخرى؟.
    التجريب ليس معناه أن نتجاوز قيمنا ونتخطى هويتنا ونقفز على تاريخنا وأصولنا، والتجريب ليس نبتاً وحشياً
    مجنوناً ينطلق من نزوة الإبداع الذي لا يتأسس على هوية، وليس الإبداع الذي ينأى عن الوظيفة الاجتماعية.
    صحيح أنه من مهمات التجريب أن يرتاد مناطق بكرا في تراثنا وتقاليدنا وأصولنا، ولكن ليس بطريقة عشوائية
    زخرفية عبثية، لأن التجريب هو فعل أساسي من أفعال الوجود والحضور والعمل الجاد الذي يحمل شحنة الوعي التي
    تقاوم أشكال الغزو الثقافي.
    نحن نعترف بأن هناك من التجارب ما يدفع إلى الانبهار والاندهاش لاعتمادها على عملية “قصدية” على حد تعبير (
    د.هدى وصفي) يتأخر فيها الإبداع درجة لتتقدم فيها الحرفية والصنعة.
    إن وطننا العربي مليء بالهموم والانهيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية كما هو مليء بالقيم الإنسانية
    والحضارية والتاريخية، أليست هذه أفكاراً وقضايا جديرة للتمحور في دوائر التجريب؟
    إن الذين يقولون بالميل إلى عالمية النظرة نقول لهم ألسنا جزء من هذا العالم؟ فلماذا ننسى أنفسنا؟
    والذين يدّعون بتنقية ذوق المتلقي من رواسب وإرهاصات التخلف نقول لهم أي ذوق تنقون وأنتم تدلقون على مسارحنا
    عقداً نفسية وجنسية مزرية.
    تاريخنا المسرحي يشير إلى تجارب عديدة انطلقت على مساحة وطننا العربي لكنها لم تتواصل لسبب أو لآخر. أليس
    الأجدى أن نعيد النظر في هذه التجارب نظرة تعمل على تطويرها وتوسيع دوائر التجريب فيها وتجاوز نقاط ضعفها؟
    وتاريخنا المسرحي يشير إلى تجارب مسرح “السامر” الذي دعا إليه “يوسف إدريس” ومسرح “الحكواتي” الذي أطلقه ”
    توفيق الحكيم” والمسرح “المرتجل” الذي تبناه “علي الراعي” ومسرح “التأسيس” الذي أخرجه “سعد الله ونوس” والمسرح
    “الاحتفالي” ومسرح “الحلقة” والمسرح “الثالث” ومسرح “البساط” وغيرها.
    إن هذه التجارب استطاعت أن تلمح بشيء ولكنها في أغلبها لم تستمر أو أنها استمرت متعثرة وفي تقييمي أن هذه
    التجارب لم تُصب بالبوار حتى الآن بل يمكن أن تتطور إلى أشكال واتجاهات مسرحية ذات قيمة كبيرة إن ركز مخرّبونا
    عليها وسعوا إلى تطويرها.
    إن هدف كل هذه التجارب كان البحث عن التمييز ضمن الألوان العالمية. فالدكتور “علي الراعي” مثلاً عندما نادى
    بالمسرح المرتجل كان هدفه أن يقدم أنموذجاً يمكن من خلاله التخلص من هاجس سيطرة النظريات الغربية على مسرحنا
    وكان هدفه أيضاً أن يفسح مجالاً مفيداً لاستنباط أشكال مسرحية جديدة تضمن خصوصيتنا. وعلى ذلك يقول “إن المحبطين
    ومسرح الارتجال والسامر وخيال الظل والأراجوز لو استخدمت متقدمة لاكتملت جدوى التجريب على أكثر من مستوى”.
    الاحتفاليون أيضاً كان ذلك هدفهم فالطيب الصديقي ضمن مجمل تجاربه حاول أن يخرج بالمقامة من ستر الظاهرة
    المسرحية إلى العمل المسرحي الذي يتمتع بمواصفات الدراما وأن يبلور المقامة شخوصاً ومواقف تفصح عن فحواها
    بمضمون واضح في قيمته وتأثيره.
    والاحتفاليون كانوا يسعون إلى التأصيل من خلال العودة إلى الذاكرة الشعبية التي تختزن الكثير من الظواهر
    الشعبية، والاحتفالات التي رسمها الإنسان الشعبي بكل تلقائية وعفوية.
    فكلما اقتربت تجارب المسرحيين العرب من التراث الشعبي كلما اقتربت من هوية تجريبية للمسرح العربي.
    فلماذا لا يواصل مجربونا المسرحيون البحث في هذه التجارب علّهم يطورونها ويريحوننا من “بيتر بروك”
    و”غروتوفسكي” اللذين أصبحا هاجساً ممضاً ومخيفاً يلجم إبداعنا المستقل بحالات من الاستلاب والانقياد الأعمى؟.
    إن “بروك” نفسه لجأ إلى أفريقية والهند وإيران للبحث عن مصادر للتجريب لإحساسه بأن المسرح الغربي بشكل عام
    مسرح جامد. أليس الأجدر بنا أن نستثمر ما يجود به محيطنا وبيئتنا ومعطياتنا الحضارية والتاريخية؟!!
    إن مستقبل التجريب في وطننا العربي سيكون زاهراً لو عملنا على استثمار إمكانياتنا استثماراً مدروساً وشبّعنا
    خيالنا بما تزخر به بيئتنا العربية وبلورنا ذلك من خلال لغة مسرحية واعية مستفيدة من التجارب الإنسانية. لكنها
    في نفس الوقت متحررة من مركبات الاحتذاء والأسر.
    فحين يتم نقل التجريب الغربي على سبيل التقليد مع تجاوز القدرة والخصوصية والمعطى الثقافي والتاريخي والبيئي
    والاجتماعي فإن التجريب يكون عبثاً وعبئاً حقيقياً. أليس الوقت مناسباً الآن لأن نلتفت إلى موروثنا وإلى إبداعنا
    التاريخي والحضاري؟ إنه الأصالة التي لا تتحقق بدونها العصرية.

  • الفنان المسرحي الليبي:منصور بوشناف..” أنا ابن المسرح الإنساني ومسرح “العبث”جزء من تكويني “..- حوار/ حواء القمودي

    الفنان المسرحي الليبي:منصور بوشناف..” أنا ابن المسرح الإنساني ومسرح “العبث”جزء من تكويني “..- حوار/ حواء القمودي

    ​​​​​​​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-42- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************​​​​​​

    منصور بوشناف …
    ” أنا ابن المسرح الإنساني ومسرح “العبث”جزء من تكويني ”
    حوار/ حواء القمودي

    منصور بوشناف .. ليس أكثر من اسم يحاول أن يقدم شيئاً في عالم المسرح وفي المشهد الثقافي الليبي ، لكن هذا
    الاسم يصنع تميزه ويشير إلى تفرده ، في حوارنا معه حاولنا التوقف عند تجربته المسرحية ، ونبشنا معه (حوار
    البدايات) حيث الشغف بالمسرح ، بعض هذه الأسئلة اقترحها الصديقان الشاعر الناقد أحمد بللو صحبة نوري
    عبدالدائم، وفي الجزء الأول من هذا الحوار سنقرأ عن (البداية) حيث (مدرسة مصراته المركزية) واكتشاف العالم
    الساحر الذي اسمه (المسرح) … ثم الفوز بجائزة النص المسرحي عام 1973 ليصبح منصور بوشناف بعدها أحد الذين
    شاركوا في تأسيس المسرح الجامعي ببنغازي عام 1974 مسيحي واتمنى أن يكون هذا الحوار إثراء لاحتفائية (أويا /
    الفني) بمئوية المسرح الليبي …
    أويا – هل في الذاكرة حيز لبداية الشغف بفن المسرح ؟
    – كانت البداية عام 1965 بالمدرسة الابتدائية وقد اختارني لأكون عضوا بفرقة المسرح المدرسي “بمدرسة مصراته
    المركزية” الأستاذ “إبراهيم الكميلي” واكتشفت أثر تلك التجربة عالماً ساحراً هو عالم المسرح ومنذ ذلك الزمن
    ظللت ابناً للمسرح وإن ابتعدت أو حاولت الابتعاد عنه .. كنت عندها تلميذاً بالصف الخامس الابتدائى وكان المسرح
    بمصراته يشهد نشاطاً كبيراً ، فكان المسرح المدرسي ومسرح النوادي ، كانت المؤسسات الاجتماعية والثقافية تهتم
    بأن يكون لها نشاط مسرحي ، لذا حظيت وجيلي باهتمام أساتذة مخلصين لمشاريع ثقافية نهضوية .. بالمرحلة
    الإعدادية بدأت أحاول الكتابة، وأصبحت عضواً عاملاً بالمسرح الوطني بمصراته وأنا بالأول ثانوي ، دون التوقف عن
    العمل بالمسرح المدرسي ، وشاركت في المهرجانين الوطنيين الأول والثاني، وكذلك في مهرجان المسرح المدرسي على
    مستوى ليبيا في طرابلس في دوراته الأولى … إلى جانب التدريب والدورات بالمسرح الوطني، كانت مكتبة المسرح
    الوطني بمصراته والتي عملت أميناً لها لفترة ، معلماً حقيقيا لي فلقد وفرت لي زاداً معرفياً ممتازاً فيما يخص
    النص العربي والعالمي إلى جانب الدراسات والتاريخ وكل ما يتعلق بالمسرح في تلك الفترة ..
    وعرض نصي الأول (صراع) وأنا بالأول ثانوي ثم فزت بجائزة النص المسرحي التي نظمتها الهيئة العامة للمسرح
    والموسيقا عام 1973مسيحي، وبدأت أنشر بالصحافة خاصة بالفجر الجديد والرأي والعمل ثم البلاغ ومجلة الإذاعة ،
    عام 1974 شاركت في تأسيس المسرح الجامعي ببنغازي وأعاد تمثيل مسرحيتي (صراع( .
    أويا – المسرح الليبي، هل له خصوصية تميزه عن المسرح في الوطن العربي؟
    – رغم كل الظروف يتمتع المسرح الليبي بخصوصية مهمة وهي التزام بقضايا شعبه وأمته وتقديمها بشكل شعبي قريب من
    الناس، على عكس غالبية المسارح العربية حيث ينقسم المسرح إلى تيارين ، إما مسرح مثقفين معزول عن الناس أو
    مسرح تجاري تافه .
    أويا- كيف تنظر لتجربتك في الكتابة المسرحية ؟ ثم ما الحلم أو الطموح الذي تسعى إليه من خلال هذه الكتابة؟
    – تجربتي في كتابة المسرح سارت في خطين متوازيين الأول كان – النص المسرحي – الذي كتبته دون اهتمام بالعرض
    المسرحي ، وكان همي الأول فيه كتابة الحوار الدرامي وما يمكن للغة أن تقدمه ، وغالبية هذه النصوص كتبت
    بالفصحى. أما التجربة الأخرى فكانت كتابات للعرض المسرحي وكتبت جميعها باللهجة وتركت مساحة للمخرج وللممثل
    للمساهمة في تطوير النص وكتابته .. وأنا أكتب لأنني أريد الكتابة، وأطمح أن تكون كتابتي المسرحية مساهمة ولو
    صغيرة لكتابة مشهد ليبي مسرحي حقيقي ، مع احتمال الفشل والنجاح ومع إيمان بأنني لن أحقق ذلك إلا مع مخرج
    وفنيين وممثلين وإدارة ، الأهم مع مناخ يتوفر فيه حوار اجتماعي شفاف ..
    أويا – علاقة الكاتب المسرحي بمخرج العمل … كيف تراها ؟
    – لا أومن بقداسة النص ، وأحرض على نزع القداسة عن أي نص ، لذا أرى المخرج كاتبا للنص، والممثل ومهندس
    الديكور، ومصم الملابس والموسيقي كلهم شركاء في هذا الحوار الاجتماعي الذي نسميه النص المسرحي والعرض المسرحي

    أويا – لماذا يغيب المسرح في ليبيا عن العام كله .. ولايحضر إلا في المهرجان!!
    – مهرجان المسرح الوطني في ليبيا صار هو المسرح ، إنه غرفة الإنعاش والحاضنة للمسرح في ليبيا ، ولو توقف هذا
    المهرجان لمات المسرح في ليبيا ، إنه المسرح الليبي الآن ، وذلك نتيجة لسيطرة التلفزيون وتخلى الجمهور عن
    المسرح وتلك ظاهرة واضحة في البلدان المتخلفة فقط ، حيث يسيطر التلفزيون وتغيب كل الفنون الأخرى ، كالمسرح
    والسينما والكتاب والتشكيل …يغيب الحوار الاجتماعي الحي والشفاف والنتيجة غياب المسرح، لذا يصبح مهرجان
    المسرح ندوة اجتماعية تنظم وتعقد في مكان وزمان محددين ثم تنتهي أعمالها حتى ندوة أخرى ..!!
    أويا – كتاب المسرح ليبيا (البوصيري – القويري- الأمير- بوبكر حميد- قناو وغيرهم) ماذا تقول عن هذه التجارب
    ؟!
    – كُتاب المسرح في ليبيا ،(البوصيري – القويري- الأمير- بوبكر حميد- قناو – تجارب مهمة في المسرح الليبي
    والمسرح العربي ، عبدالله القويري لم ينل الاهتمام اللائق به من المسرحيين الليبيين، ربما لأنه لم يكتب وفقاً
    لنماذج جاهزة وأساليب معروفة، والبوصيري عبدالله كتب المسرحية الفصحى كأى كاتب عربي متمكن وهو تجربة مهمة تمتاز
    بالنضج والالتزام بمعايير المسرح الذي ينتمي إليه … وقناو تجربة مهمة في المسرح الاجتماعي وفي بناء الحوار
    المتقن .
    أويا – ما يمكن أن نسميه (مجموعة المجر) بوفاخرة – الزني – كحلول – سرقيوة – بوشعالة- فرج بدر، ماذا تقول
    عنهم؟!
    – (مخرجو المجر) منهم من قدم تجربته وتطور، ومنهم من ظل يلوك “علكة” التجديد والتطوير دون عمل.
    أويا:-“الإرث”المسرحية التي كتبت بعد توقفك..مليئة بالعنف والمواجهة؟!
    – الإرث مسرحية “الخاص والعام”مسرحية الماضى والحاضر،صدام بين التكوينين والزمنين،كتبت المسرحية عام 1989من
    القرن الماضى،وفيها تحسس لعنف هذا الصراع الذي قد يحرق البيت والإنسان وأعتقد أن تسعينيات القرن الماضي
    وبدايات هذا القرن دلت على نتائج هذا الصراع وتمظهراته..
    وهي مسرحية علاقتنا كأفراد بالإرث..إرث القبيلة وصراعه مع إرث “البيولوجيا”وقوانين الحياة الطبيعية التي لاتلقى
    لإرث القبيلة بالاً..
    الإرث مسرحية تخيفني حين اقرأها الآن ولكنها مسرحية صادقة..
    أويا:تبدو في مسرحك مهجوسا بعلاقة الرجل بالمرأة..ولديك إعلاء لقيمة الأسرة..حتى إن بدا غير ذلك؟!!
    -ظلت علاقة الرجل بالمرأة حجر الأساس في تاريخ البشرية،إن شكل المجتمعات ومستواها الحضاري لا أبالغ إن قلت
    أنها رهينة لعلاقة الرجل بالمرأة في هذه المجتمعات،إن المساواة بين الجنسين هي أساس المساواة في
    المجتمع..ولايمكن أن يكون هناك حوار اجتماعي حر وديمقراطي وعادل مالم يكن هناك مساواة بين الرجل والمرأة..
    والمؤسسة التي تمثل هذه العلاقة وهذا الحوار هي الأسرة،لذا أعتقد أن تجاهل هذه المؤسسة يعتبر تجاهلاً للحوار
    الاجتماعي ولقضايا المجتمع..
    وأنا لا أقدم أحكاماً-قيمية،أحاول فقط أن أقدم أشكال وآليات الحوار والصراع في المجتمع..
    أويا:الأب إذا ظهر في مسرحك فهو يمثل قيمة سلبية،بينما الأم غالباً ذات قيمة إيجابية؟!
    – الأب “حارس”قيم “الإرث”..قيم الذكورة والتسلط،أما الأم فأراها الأكثر إيجابية وإنسانية والأكثر استعداداً لتقبل
    الجديد والمختلف..
    أويا:يرى البعض أن مرجعية منصور بوشناف هي مسرح “العبث”؟!
    – أنا ابن المسرح الإنساني ومسرح “العبث”جزء من تكويني،إنه المسرح الأكثر واقعية وإنسانية الآن،ومسرح العبث هو
    مسرح الثورة الحديثة،ثورة الإنسان المهمش المسحوق ضد شركات وأدوات الحكم والقمع العملاقة التي تسحقه،إنه
    محاولة الروح الإنسانية للخروج من قبو التشيوء والرسملة والتسليح..
    أويا:يقول البعض الآخر أنك مولع باللعب؟!
    منصور:المسرح في أساسه “لعب”والمسرحية “لعبة”وقد أضر بالمسرح العربي المترجمون،حين
    ترجموا”اللعبة””مسرحية”وحولوا اللعب إلى “مسرحان”إن كلمة “يتاترون””اليونانية”تعني بالضبط “الفرجة”و”اللعب”.
    أويا:في مسرحياتك”باللغة الفصحى”شعرية وتكثيف حتى لايجد المخرج مساحة؟!
    – الشعرية في مسرحياتي”بالفصحى والعامية”أيضاً،ربما تقصدين بالشعرية “الايقاع العالي”ولكنني أراها في كل
    الأعمال التي كتبت وإن كانت داخلية ومبطنة،وأستغرب ألا يجد المخرج مساحة نتيجة لهذه الشعرية،وربما تبدو
    المساحة في اللهجة أكبر لقربها من المخرج والممثل..ربما..
    أويا:في مسرحك يبدو جدل الثنائيات،وأيضاً اسقاط الأقنعة،والحجالات مثالاً؟!
    – أنا ابن ثقافة الثنائيات “الخير والشر..التقدم والتخلف..إلخ،والجدل والصراع بينهما،وأرى المسرح حواراً
    وصراعاً اجتماعيين..والمسرح في أساسه وكما أراه اسقاط للأقنعة وليس وضعا لها على الوجوه،فالكل يظهر نبيلاً وطيباً
    والمسرح ينزع عنه أقنعته لتتجلى إنسانيته الحقيقية،بالضبط كما علينا أن ننزع قناع الشر عمن يظهر شريراً
    فقط،لنرى إنسانيته الحقيقية..و”الحجالات”لعبة وضع الأقنعة ونزعها،فالقناع هو الشخصية المسرحية التي هي “الدور
    الاجتماعي”الذي نلبسه مكرهين أو طائعين،وفي “الحجالات”يلبس الرجال أقنعة النساء للقيام بوظيفة اجتماعية وهم
    مكرهون،ببساطة أن قناع الرجولة”الاجتماعي”دور وعمل في الأساس..
    أويا:”جالو”بعد “اعدادك”صارت نصاً مغايراً للأصل..فلماذا إعداد “منصور بوشناف”فقط؟!
    – “جالو”تأليف وإن كتب عليها إعداد،لقد حافظت على حدوثة المرحوم الكاتب “الصادق النيهوم”ولكنني أضفت إليها
    شخصيات وأحداث،وصارت الرؤيا اجتماعية بدل “القدرية”التي قدمها بها “المرحوم النيهوم”،في “جالو”المجتمع يصنع
    الصحراء بينما عند النيهوم يصنعها “القدر”.

  • كتب الدكتور: أحمد إبراهيم الفقيه..مقالة بعنوان: الطريق الى احياء الحركة المسرحية الليبية.

    كتب الدكتور: أحمد إبراهيم الفقيه..مقالة بعنوان: الطريق الى احياء الحركة المسرحية الليبية.

     ​​​​​​​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-41- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************​​​​​​

    الطريق الى احياء الحركة المسرحية
    بقلم / د. احمد ابراهيم الفقيه

    قرأت للزميل الكاتب كامل عراب ، مقالا يطالب فيه بعودة شباك التذاكر الى المسارح الليبية ، كخطوة في الاتجاه
    الذي يقود الى اعادة الاعتبار لهذا النوع من الفن ، الذي يطلقون عليه مجمع الفنون ، لانه احتوى بداخله اغلب
    الالوان الفنية ، وهو فن لحقه الهوان علي ايدي العاملين به ، عندما ظنوا ان فتح المسارح مجانا ، سيدفع
    الجمهور الى التزاحم على ابواب مسارحهم ، وارتيادها باعداد كبيرة كلما سنحت الفرصة امامهم لمشاهدة عرض مسرحي
    ، وهو اسلوب للاسف الشديد ، جاء بنتائج عكسية لانه جعل المسرح يتحول الى بضاعة بائرة، حاله حال كل بضاعة
    يعرضها صاحبها على الزبائن بلا ثمن ، فيرفضونها ويذهبون لشراء بضاعة لها قيمة ، يدفعون ثمنها واثقين انهم
    يحصلون على بضاعة تساوي الثمن الذي دفعوه من اجلها .
    نعم ، نعم ، لابد حقا من اعادة شباك التذاكر الى مسرح الكشاف ، وهو المسرح الرئيسي في طرابلس الذي
    تعودنا رؤية ابوابه مفتوحة ، بلا حسيب ولا رقيب ، وهو ما يحدث في المدن الاخري ، او في طرابلس في مسارح غير
    مسرح الكشاف ، لحق اغلبها الخراب والانهيار وتحولت الى مواقف للسيارات . تعود التذاكر ، دون ان ينتظر اهل
    المسرح حلا سحريا لمحنتهم مع الجمهور الذي سيظل ، رغم التذاكر ، رافضا الاقبال على عروضهم ما لم ترافق عودة
    التذاكر عودة لقيم اخرى غابت مع غياب التذاكر وغياب الجمهور ، فالامر لن يكون سهلا بعد هذه السنوات التي تعود
    فيه الناس على اعتبار المسرح وكالة بدون بواب ، وانما يحتاج الى سياسة وتخطيط وتدبير ، وحصافة في التنفيذ
    ايضا ، لاعادة الثقة المفقودة بين الجمهور والمسرح الليبي ، ووضع المسرح على طريق النهوض من جديد ، باعتبار
    ان بلادنا مؤهلة مثلها مثل بلدان عربية وغير عربية ، تزدهر فيها الفنون وعلى راسها المسرح ، وقادرة على خلق
    حركة مسرحية ناضجة متطورة ، تقدم للمواطن غذاء فكريا ومتعة روحية ، وتصنع اطارا لبيئة حضارية لا يصنعها الا
    المسرح ، القادر ، على مخاطبة كل الا عمار وكل الشرائح الاجتماعية وكل المستويات الثقافة ، بمستوى رفيع من
    الخطاب الثقافي ، ومن خلال اداة ابداعية ، مشهود لها بالرقي ، ولها قدرة ، دون غيرها ، على تحقيق التواصل
    الانساني الحميم بين المتفرج وفنان العرض ، وانجاز ذلك التفاعل الخلاق بين المبدع والمتلقي ، وهناك في هذا
    الشأن صيغ معروفة ، وواضحة ، سبق لمجتمعات اخرى ان قامت بتجريبها وحققت بها ما تريده لفنونها المسرحية من
    نجاح ، ولجمهورها ما يحتاجه من غذاء ثقافي وجداني .
    وانطلق في هذه المقالة من مسلمات يعرفها ويؤمن بها كل الناس القريبين من هذا المجال ، وهي وجود مواهب
    وامكانيات بشرية ، بسبب المسيرة الطويلة التي قطعها المسرح رغم الازمات والارتدادات ، وما تحقق من خلال هذه
    المسيرة ، من تراكم للخبرات والتجارب والدروس ، وايضا بسبب وجود بنية تحتية تعليمية تواصل مسيرتها منذ ما
    يقرب من نصف قرن بدأت بانشاء المعهد الوطني للتمثيل والموسيقى ، الذي اصبح اسمه معهد جمال الدين الميلادي ،
    وكلية الفنون ، والمعهد العالي للحرف المسرحية ، بالاضافة طبعا الى المناشط والفعاليات التي سبقت المسيرة
    التعليمية وواكبتها فيما بعد ، والتي عرفتها الفرق المسرحية الاهلية والاندية الاجتماعية وادارات النشاط
    المدرسي ، مع عديد الدورات في الداخل والخارج التي انخرط فيها عدد من شباب المسرحيين للتأهيل والتدريب ،
    مما يقطع بوجود مخزون لا بأس به من الامكانيات البشرية ، التي لا نرى لها استثمارا ولا استغلالا جيدا ، يتكافا مع
    مستوى خبرتها ، بل نرى في الحقيقة اهدارا وعبثا واهمالا لا يتفق مع الشعارات التي نرفعها في النماء والتقدم
    وبناء الوطن والمواطن .
    طالما اتفقنا على ان يكون فتح شباك التذاكر ، هو الخطوة الاولى نحو اعادة الثقة المفقودة بين المسرح
    والجمهور ، فان الخطو ة الثانية هو تقديم عروض ترغم المتفرج على ان يدفع نقوده من اجلها لانها تقدم له شيئا
    يمثل اضافة عما يستطيع ان يراه في بيته على الشاشة الصغيرة ، او خارج بيته على الشاشة الكبيرة ، اي عروض
    تستجيب لشروط المسرح الراقي الذي يقدم المتعة والابهار والفائدة ، من خلال توفير امكانيات العرض الكبيرة ،
    التي تفلح في تقديم عريض ثرية مبهرة ، تساعد على تجسيد النصوص في افضل شكل ، وتساعد الفنان على تقديم افضل
    ما لديه ممثلا ومخرجا ، وغيرهما من فناني وفنيي العرض ، مسرح مصروف عليه ، كبديل لهذه العروض التي نراها تقدم
    بميزانيات هزيلة ، ومستويات فقيرة بائسة ، رغم انها عروض تنفق عليها الدولة ، الا انها تصرف عليها بيد مغلولة
    الى عنقها ، بينما يجب ااذا ارادت هذه الدولة نجاحا في رسالتها ، ان تبسط يدها كل البسط فلا تقعد ملومة
    محسورة ، لانها ليس اموالا مهدرة ، فكما ان ما تنفقه من اموال طائلة على التعليم ليس اهدارا للمال العام ،
    فكذلك الاموال التي تذهب للانفاق على الفنون ، لانها ايضا تعليم وتعبئة للروح والوحدان وملء للفراغ النفسي الذي
    يجلب الشرور والاثام ، كما هو الحال مع الزنادقة وكل من دفعه الاملاق الادبي والفني وسوء التغذية الوجدانية
    والثقافية الى السير في طرقاتهم الموحلة ، والغرق في مستنقعاتهم النتنة ، بل ان الاستثمار في الفن يمكن ايضا
    ان يكون له مردوده المادي السريع ، وقد راينا كيف صار العمل الثقافي في بلدان العالم المتقدم ، هو المصدر
    الاول للدخل القومي ، فلا عذر لنا اذا تخلفنا عن تسخير الفنون والاداب والمنتجات الثقافية لخلق عوائد اقتصادية
    تنموية ، وقد عرفت حركتنا المسرحية في تاريخها عروضا مسرحية مربحة ، فليس غريبا اذن ان يلقى انتاجنا
    المسرحي في المرحلة الجديدة نجاحا فنيا وتجاريا مثلها ، فيما اذا تحقق لنا النجاح في بناء الجسور المهدمة
    بين المتفرج وهذه القنون . الخطوة الثالثة التي لا تكتمل الخطوة الثانية الا بها ، هي توفير النصوص الليبية
    الجيدة والتعامل مع المؤلفين لهذه النصوص بمستوى من الحرفية والمهنية ، يضمن الوصول الى نتيجة ترضي كل
    الاطراف، فلا تترك المسالة للصدف ، او لمن يتطوع بتقديم نص له ، يبقى في الادراج الى ان يتذكره احد المخرجين ،
    وانما خطة مدروسة لاستهداف كبار الاقلام في بلادنا االمشهود لها بالكفاءة العالية ، والتعاقد معهم تعاقدا مجزيا
    مرضيا ، مضبوطا باجراءات ادارية وقانونية ، تضمن حق كل طرف ، على كتابة اعمال مسرحية تخاطب المواطن بمفرداته
    الشعبية المحلية ، وتقدم لها صورا من حياته ، يرى فيها نفسه ومجتمعه في مرايا الفن المسرحي ، دون ان يتعارض
    العمل على توفير النصوص االمحلية ، مع الاستعانة بالرديف الضروري ، للنص المحلي ، وهو النص العالمي ، حيث لا
    يكون المسرح مسرحا ، ولا يحقق نهضته وحضوره ، الا اذا دخل هذه الافاق الرحبة الانسانية التي يشملها المسرح ،
    ليكون على تماس مع ابداع المبدعين في العالم اجمع ، متيحا لجمهوره الاستمتاع بثمار الفكر الانساني في مجال
    التاليف المسرحي .

    خطوة رابعة ، هينة يسيرة ، لانها لا تكلف مالا ولا جهدا مضنيا ، واانما درجة من التنظيم والتنسيق ، وهي
    انهاء حالة الفوضى في تقديم العروض ، بحيث نذهب الى مسرح الكشاف فنجد عرضا للمسرح الوطني ، وفي اليوم التالي
    عرضا لفرقة جديدة من هواة الارياف ، وفي يوم آخر ، عرضا لفرقة مسرحية قادمة من احدى المدارس الاعدادية ،
    والمطلوب هو تخصيص مسرح كبير وليكن مسرح الكشاف مثلا للعروض ذات المستوى الكبير الراقي ، الذي يوازي مسرح
    المحترفين في البلدان الاخرى ، فلا سبيل مثلا لان تذهب الى لندن وتجد فرقة مسرحية في مسرح لورانس اوليفييه أو
    تذهب الى مسرح الاوديون في فرنسا وتجد فرقة هواة قادمة من ارياف نورماندي ، فلكل مقام مقال ، ولكل مستوى من
    المستويات، المكان الصالح للعروض التي تتفق معها ، بحيث يستطيع المتفرج وهو يذهب لذلك المسرح او غيره ان
    يعرف على وجه اليقين انه سيشاهد هذا النوع من المسرح ، محترفا ، او طلابيا ، او مسرحا للهواة ، دون انتقاص من
    أي جهد ، فلا يجب ان يقوم شيء على حساب شيء اخر ، ولا يجب ان يستوي الماء والخشب ، لان الخلل في المقاييس
    والموازين سيقود بالتالى الى الفوضى ، واجهاض فرص النجاح والتطور التي ننشدها .
    يمكن بالتأكيد اضافة افكار اخرى ، تنفع لاثراء الحركة المسرحية ، ولكنني حرصا على تسهيل المهمة امام
    المسئولين على المناشط المسرحية ، واظهارا لمدى سهولة ووضوح الخطوات القادرة على انجاز الهدف الذي يصبو
    اليه المسرحيين ، اكتفي بتقديم هذه الافكار ، مبديا وانا اقدمها تشككي العميق في ان يكون هناك حقا من سيأخذ
    بها ، مثلها مثل افكار اخرى ، نراها تتواتر في الصحف والمنابر الاعلامية ، منذ عقود وعقود ، دون ان نرى لها
    اثرا في الواقع ، لان هناك شرطا اوليا ، يعتبره اهل الفقه الركن الجوهري في اية عبادة ، هو شرط النية ، أي
    النية على القيام بهذه النهضة وتحقيق الاصلاح الذي تحتاجه الحركة المسرحية ، وهي نية لا اظنها موجودة ولا متوفرة
    عند اهل الحل والعقد ، ونرجو الله ان يرينا البرهان على ان هذا الظن بالقائمين على الحركة المسرحية ظن عاطل
    باطل لا مصداقية له ، اللهم آمين .

  • هي تجربة حتى وإن كانت صغيرة..- بقلم / كامل عراب..- ليبيا مائة عام من المسرح -2-40

    هي تجربة حتى وإن كانت صغيرة..- بقلم / كامل عراب..- ليبيا مائة عام من المسرح -2-40

    ​​​​​​​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-40- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************​​​​​​

    هي تجربة حتى وإن كانت صغيرة
    بقلم / كامل عراب

    في هذا الخضم من الكتابة عن تاريخ المسرح الذي تخوضه صحيفة “أويا”
    وتشارك فيه أقلام كثيرة في محاولة لبلورة صورة واضحة المعالم عن تاريخ المسرح الليبي أحب أن أضيف تجربة
    صغيرة خضتها شخصياً عبر هذا التاريخ. فلقد ذهبت إلى التمثيل في أول العمر وذلك عندما أسسنا (الفرقة الليبية
    للتمثيل) التي كان مقرها في دكان صغير في فندق باكير في أول الظهرة، وحاولت هذه الفرقة أن تقدم شيئاً مشاركة
    مع بقية الفرق المسرحية الوطنية في بدايات الخمسينيات بل لقد قمت بتمثيل عدة أدوار على خشبة مسرح (الهامبرا)
    الخضراء حالياً ، حتى وإن كنت نسيت إسماء هذه المسرحيات إلا مسرحية واحدة هي ثمن الحرية ، وكنا جماعة مما
    أشتهروا فيما بعد في الأعمال المسرحية والأعمال الإذاعية منهم الفنان لطفي بن موسى ، محمد ريحان ، اسماعيل
    ريحان ، والعبد لله طبعاً ،عبدالرزاق ريحان الذي لم تستمر مشاركته طويلاً. وكان كاتب النصوص المسرحية هو المرحوم
    علي المشرقي ، والذي أذكره ولن يمحى من الذاكرة هو حماس هذه المجموعة للعمل المسرحي، وحرصا على أن تجول
    بأعمالها خارج مدينة طرابلس فأذكر أننا كنا نعرض في غريان ومدن أخرى. لقد كان هناك مناخ مسرحي وليد ، وكانت
    المدارس الابتدائية نفسها تشجع على هذا النشاط ، فلا تكاد تخلو مدرسة ابتدائية واحدة من وجود فرق مسرحية صغيرة
    من بين التلاميذ الموهوبين. ولقد خلق هذا الاتجاه شغفاً بالمسرح قراءة وتمثيلاً، وكل ذلك كان يعتمد على المجهودات
    الذاتية والتطوع لتوفير كل المكملات .. كانت تجربة صغيرة ولكنها تجربة تذكر على كل حال.

  • أزمة اسمها الإخراج المسرحي..- بقلم : أحمد بشير عزيز..- ليبيا مائة عام من المسرح -2-39

    أزمة اسمها الإخراج المسرحي..- بقلم : أحمد بشير عزيز..- ليبيا مائة عام من المسرح -2-39

    ​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-39- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************​​​​​

    أزمة اسمها الإخراج المسرحي
    بقلم : أحمد بشير عزيز

    ـ المسرح رسالة بل هو مسؤولية كبيرة يجب أن يتناغم في تحملها الفكر والصنعة
    كثيرون استسهلوا… فولجوا عالم الإخراج في إطار التجريب فلا نجحوا ولا نجح تجريبهم بسبب واضح وهو ” فاقد الشيء
    لا يعطيه”.
    واضح أن الأزمة في مسرحنا ليست أزمة نص فحسب وإنما هي أزمة إخراج أيضا ، والمتتبع لعروض فرقنا المسرحية يلاحظ
    ودون حاجة للتأمل والتفكير التخبط الذي يقع فيه أغلب المخرجين المنتمين أو المتعاملين مع هذه الفرق.
    كثير من النصوص الجيدة سواء لكتاب عالميين أو عرب أو حتى محليين يتم اجهاضها وتشويه مفرداتها والتشويش على
    مضامينها بل اختراع مضامين لا علاقة لها بالنصوص الأصلية التي يقومون بإخراجها فتضيع النصوص ويهان كتابها ويصفع
    الجمهور بإخراجات غرقى في الطلاسم والهلامية.
    إنها أزمة حقيقية تعصف بمسرحنا ولابد من التفكير الجاد في تجاوزها وتصويب مسارها بالاتجاه الذي يضمن أعمال
    مسرحية على قدر عال من الكفاءة الفنية والوعي الحقيقي بقيمة النص ورسالته ومقولته واحترام كبير للجمهور الذي
    يأتي للمسرح وهو يطمح في مشاهدة شيئ رائع ويستفيد مما يطرح على خشبة المسرح من قضايا وأفكار ومضامين.
    أما أن نترك الحبل على الغارب ونسكت على الغث ونفتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب فذلك أمر غاية في الخطأ
    ولا يقدم إلا إنتاجا مبتذلا هزيلا فاقداً لشروط العمل المسرحي .
    صحيح أن المسرح مكان لتقديم التجارب ومختبر للابتكار والإبداع وساحة للتعبير المسؤول لكن الصحيح أيضاً أن
    المسرح ليس مرتعا لتقديم الترهات ولا هو مناسبة لإظهار الجهالة والضحالة والفجاجة.
    المسرح رسالة بل هو مسؤولية كبيرة يجب أن يتناعم في تحملها الفكر والصنعة.
    الصنعة وحدها لا تكفي إذ لابد أن تحاكي المضمون وعندما تستند على بعُد أدبي وفكري كثيف، فإنها بدون شك ستكون
    قادرة على الإشعاع في المشهد المسرحي بكامله.
    صحيح إن الإخراج المسرحي هو إعادة صياغة لكنها الصياغة التي تثرى النص وتعمق المضمون وتحلل مكنوناته لا صياغة
    التي تغرق النص بأحمال وأثقال تشوش على مقولته وتجهض عناصر الإبانة فيه.
    والمخرج هو الفنان الذي يجيد وبوعي تنظيم آلياته التي تعمل علىصياغة المشهد المسرحي بطريقة تستند إلى رؤى
    جمالية وفنية وإعادة رصف العناصر الدرامية بمحاكاة ناضجة تبرز بعدها الظاهر أو بعدها المضمر.
    ولكن ما أبعد هذا عما نراه في مسرحنا.
    ـ عناصر لا علاقة لها بالإخراج المسرحي لا من قريب ولا من بعيد تتحمل مسؤولية إخراج نصوص فوق قدرتها على الفهم وأ
    بعد من استطاعتها على القراءة الركحية والمدلولات الجوانية لتلك النصوص فتكون النتيجة إخماد أنفاس الفكرة
    وإفراغ النص من حرارة المضمون الهادف ولوى عنقه باتجاه تفسيرات تقبر مقولة النص بدل أن تجلوها وتظهرها
    وتحريك الخشبة بطرائق إخراجية مستفزة تشوه جماليات النص .
    ـ ممثلون يفتقدون لجاهزية الإخراج تجبرهم ظروف الفرق على التحول إلى مخرجين فتضيع لديهم الجهات الأربع
    ويقدمون إخراجاً يفتقر للكثير وينأى عن سياقاته العلمية والموضوعية وتكون النتيجة أعمالاً مهلهلة فاقدة للتركيز
    ومفتقرة للمضمون والدلالة.
    ـ مهووسون بالتجريب دون فهم لأسسه مستنيرون بتعريف ” بول شاؤول” للتجريب بأنه ” البحث غير المشروط في أفق لا
    حدود له ” وحتى وإن كان الأمر كذلك فإن الباحث لا يجب أن ينطلق من فراغ فلا بد أن تكون له رؤية يستند إليها
    ولابد أن يكون له هدف يرنو للوصول إليه ، ولا أعتقد أن الهدف هو مجرد التجريب للتجريب وإنما بالضرورة أن يكون
    لإثبات غاية أو إظهار مضمون أو تثبيت رؤية.
    لكن للأسف ما نراه على خشبات مسارحنا في كثير من الأحيان هو مجرد هذيان وهروب إلى الغموض على حساب المعنى
    وشخوص تتقافز على الركح بدون معنى تصطرع أحياناً وتترنح أحياناً أخرى ويظل المعنى في بطن المخرج.
    ـ مواهب كثيرة تضيع في هذه الدوامة يجنى عليها مخرج بلا إخراج ويضعها وسط دوائر متلاصقة تفضي لبعضها ولا تفضي
    لشيء خارجها فتتعب المواهب ويتعب الجمهور بسبب” تعب” المخرج.
    كثيرون استسهلوا ذلك فولجوا عالم الإخراج في إطار التجريب فلا نجحوا ولا نجح تجريبهم بسبب واضح وهو ” فاقد
    الشيء لا يعطيه”
    ـ طلبة دفي بداية تكوينهم دفعت بهم الفرق المسرحية إلى مجال الإخراج دون أن يكتمل تأسيسهم ودون أن تنضج
    خبرتهم ودون أن تتعمق علاقتهم بالمسرح فقضوا عليهم في مهدهم اخرجوا أعمالاً أكبر من مستوى إدراكهم وتحليلهم
    وقدرتهم فجاء إخراجهم بلا عنوان ، متداخل الخطوط يشتبك فيه الوعي باللاوعي وينتهي إلى مجرد الإفراط في تشويه
    جماليات النص والتشويش على رسولية المسرح ووظيفته ، والمصانعة التي تعكس هشاشة التفكير وضعف القدرات.
    لا يعني هذا عدم وجود مخرجين حقيقيين وجيدين تظهر أعمالهم بشكل محدود وسط زخم إنتاج الفرق التي وصل عددها إلى
    أكثر من ” ثمانية وأربعين فرقة” وهؤلاء المخرجون يواجهون صعوبات كثيرة في إخراجهم للأعمال المسرحية منها
    القدرات الثقافية والظروف المادية وقلة العناصر البشرية المؤهلة أو الموهوبة وإدارات الفرق وهذه أزمة أخرى
    حري بها أن تكون موضوعاً مستقلاً.
    وأعود لأقول الإخراج المسرحي يمثل أزمة حقيقية في مسارحنا ، ولابد من مناقشة جادة لهذه الأزمة وإيجاد الحلول
    الناجحة لها إذا أردنا أن يكون لنا منبر ثقافي إبداعي واعيا وملتزما اسمه المسرح…

  • تداخل الرؤى والذكريات..-  بقلم / سعيد المزوغي..- ليبيا مائة عام من المسرح-2-38

    تداخل الرؤى والذكريات..- بقلم / سعيد المزوغي..- ليبيا مائة عام من المسرح-2-38

    ​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-38- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************​​​​​

    تداخل الرؤى والذكريات
    بقلم / سعيد المزوغي

    ….. عرفته .. عضواً بفرقة الأمل .. ولكنه بعد اللقاء الأول صار صديقاً ، وتحول إلى ناصح ، كان دائم التوجيه
    لي – يرشدني إلى أسهل الطرق وأصعبها في ذات الوقت ، لمواصلة الحضور الفاعل في الحركة المسرحية .
    عبدالله هويدي – القاموس المسرحي الليبي الذي يلتهم أي كتاب مسرحي يقع تحت يديه ، ولايتركه إلا وقد حفظه أو ألم
    بمحتوياته على أقل تقدير .
    حين يعز عليّ تذكر حادثة ألجأ إليه ، وإذا غاب من الذاكرة اسم لمع في سماء الفن وخاصة المسرح ، سواء أكان
    ليبيا أو من بلاد أخرى عربية أو غيرها ، لا أكاد أكمل السؤال حتى تأتيني أجابته.
    حين توليت أمانة – سكرتيرية – تحرير مجلة كل الفنون دعوته ليكتب كراسات مسرحية ، لكنه اختار «آفاق مسرحية»
    وكتب ضمن صفحات تلك المجلة ، ما بعد دراسات جادة ، لم تتوفر لغيره ، في الحياة المسرحية التي كانت ضاجة بكل
    جديد ، وحماس متألق … لكن المجلة وئدت ، ولم تكمل نشر آفاقه ، غير أنه نشرها فيما بعد ككتاب متكامل .
    ولأن الحديث اليوم سيصب على الوأد ، والموؤودة .. قد تم وأد أول جريدة يومية رياضية شبابية ، في بلد تميز عبر
    تاريخه بالمبادرات المتفردة بين الدول .
    جريدة «الرأى» صدرت ضمن مجموعة رائعة وباقة قشيبة منمقة من الاصدارات الصحفية ، على عمد المرحومة المؤسسة
    العامة للصحافة – أعني مؤسسة السبعينيات من القرن الماضي .. وكان يديرها – المتناني!! ومعه الزميل الفنان
    فرج قناو …. ومجموعة اسماء محترمة ، كان لها دور مهم لاينسى في العملية الصحافية المحلية.
    بلادنا .. لتسهيل أنسياب المعلومات إلى من لا يعلمها … تعد أول بلد تصدر به صحيفة لمن يظن غير ذلك ، وأول
    بلد تستخدم
    ضده الطيارة في الحروب ، وإصدار أول صحيفة اعلانية «الموعد السياحي» للمبجل السياحي النشط البوسيفي !
    لكن كل ذلك لايقف ولايستطيع الاستمرار أمام آفة الاقفال والمتع ، التي ابتلينا بها في حياتنا العامة ، ولدى
    المسؤولين بالذات ، فمن مئات السنين اندس فينا مثل يقول «الباب الليي يجيي منه الريح سده واستريح» وهو مثل
    هروبي يحرض على الاقصائية والمصادرة ، وبالتالي كانت إدارات المطبوعات – لست أدري الآن عنها شيئاً – تصادر أي
    عمل طباعي لم يدخل جمجمة المسؤول المراقب – حتى أننا في إحدي المرات في جريدة «اليوم» وكنت أكتب فيها –
    إعداد- قصة بداية التلفزيون – أشرت إلى أن ارسال الصور يعتمد على مواد معينة في أجهزة الارسال ، وأخرى مناظرة
    لدى الاستقبال ، المراقب حين قرأ المعلومة أتضح لديه أن هذه محاولة تشفيرية لارسال ملعومات سرية ، فشطب عليها
    من المادة الصحفية ، فصدر عدد جريدة اليوم في اليوم التالي ، وهو يقول هكذا . وتتم عملية الارسال عبر …
    وكما يتضح فإن الاستقبال بالصورة … وهكذا كانت البداية الأولى لأرسال أول صورة تلفزية.
    وحسب ظني القاصر حتما أجزم أننا سوف نكون أمة تخترق الحجب وتصل حتى زحل .. لو تخلصنا من هذا المثل الذي يخص
    قفل الأبواب .. والريح ، والخشية من «الواري» وتركنا الرياح تهب كما يعن لها .
    أولسنا من دمر الاحزمة الخضراء ، لتعبث الرمال المتحركة بفعل الرياح في الارض الغبار ، فتبدو طرابلس كما لو
    كانت تحت وابل من خيول الفرنجة تثير الغبار ، وتدمر الزرع والضرع.
    أم نترك الأمر حتى تصدق مقولة السيد الالمعي كامل عراب حول الضرع الذي صوح .. والبوار الذي التهم كل الأقوال
    التي نعجز عن تحويلها إلى حقائق ثابتة وأفعال مثمرة ، تؤتي أكلها .. وينضج زرعه لتزهو لنا وبنا ،
    أليس ذلك خير من ..طل» ؟

     

  • الباحث: محمود البوسيفي..كتب مقالة بعنوان: مسرح ..ليبيا مائة عام من المسرح -2-37

    الباحث: محمود البوسيفي..كتب مقالة بعنوان: مسرح ..ليبيا مائة عام من المسرح -2-37

    ​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-37- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************​​​​​

    مسرح

    بقلم / محمود البوسيفي

    كنت من الذين يقولون إننا لا نملك في ليبيا جمهوراً للمسرح ، وأن من يؤم المسرح في مواسمه المتباعدة هم من
    جمهور الكورة الذين يتعالى صفيرهم وصراخهم على ما يجري فوق الخشبة .. وكنت أدرك ـ أو أزعم أنني أدرك ـ سبب
    ذلك العوز الذى تعانيه الحركة المسرحية بإيقاعها السلحفائى وذلك نتيجة القطيعة الطويلة للمسرح مع الحراك
    العام للمجتمع ..
    ولاحظت أثناء عروض الفرق العربية في طرابلس مثلاً وكانت مجانية في معظم الحالات أن الجمهور يحمل ملامح مدرجات
    الكرة ، حيث تنتقل عدوى الصفير والصياح بين الصفوف ، فيتحول المسرح إلى ميدان تصادر فيه الفوضى مجريات العرض
    من جهود الكاتب والمخرج والممثل وفني الإضاءة والصوت والديكور والملابس … إلخ .. إلخ ..
    أيام طرابلس المسرحية التي اختتمت اشتعالاتها المدهشة مساء أمس الأربعاء ، هدمت قناعتي الصغيرة بالضبط كما
    تنهار قلاع الرمل التي يقيمها الأطفال على شواطئ لا يكف الموج عن مغازلتها .. بالضبط كما تسقط الأوهام القديمة
    .. وأوراق التقاويم .. وهكذا تابعتُ بغبطة الازدحام اليومي من شرائح عمرية مختلفة وانهمام شبه عام بالحضور ،
    الذى تمظهر بشكل احتفالي لافت يؤكد احترام هذا الفن الجميل ..
    سيكون مهماً بلا رقيب ملاحقة كل هؤلاء بالمعالجات النقدية المنهجية الخالية من الانطباعية المفخخة دائماً بحسن
    النوايا ، التي تسمح بإغفال ما تستوجب الإشارة إليه والاهتمام به من تقويم ومتابعة .. وهي معالجات ينبغى تدعيم
    هياكلها بقواعد العلم واشتراطات صياغة التقدم ، وذلك بالإنفاق على الكليات والمعاهد المتخصصة وإعادة الاعتبار
    للمسرح المدرسي ، ودفع الفرق الأهلية بالدعم المادي والمعنوي إلى تنظيم مواسم ثابتة توفر مناخاً للأنتقاء
    للمهرجانات الوطنية والمشاركات الخارجية ..
    لابد لنا أن نصل إلى معاملة فرق المسرح كفرق كرة القدم .. والفرق الوطنية باعتبارها المنتخب .

  • يحاور الصحفي: أحمد الحريري ..الفنان: صبري عياد … أمتهنت الفن عندما لم أجد من يمتهنه.

    يحاور الصحفي: أحمد الحريري ..الفنان: صبري عياد … أمتهنت الفن عندما لم أجد من يمتهنه.

     ​​​​​​​
    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-36- نوري عبدالدائم
    *****************​​​​*********************​​​​​

    الفنان/ صبري عياد …
    …” أمتهنت الفن عندما لم أجد من يمتهنه.. ”
    حوار / أحمد الحريري

    كانت البداية .. في فوج المهاجرين لكشاف سوريا سنة 1938.. عندما لم يكن لدينا تلفزيون ولامسرح ولا إذاعة
    ولاسينما… وأول مرة مثلت فيها كانت في مهرجان ثانوية دمشق الأولى …وكانت الثانوية الوحيدة في دمشق وقد
    كانت تسمي مطبخ الوطنية إذ كانت تنطلق منها الشرارات الأولى لكل عمل وطني.
    – مرة ثانية… أنا صبري عياد بدأت بإلقاء الشعر الحماسي والوطني لشعراء سوريين وساعدني صوتي على أن أبرز في
    هذا الميدان فاختارني ضمن فريق الثانوية..
    – إذا أردت أن أكتب رسالة إلى ابني فسأقول فيها :-
    ” ولدي الحبيب.. الحياة معرفة والمعرفة ثقافة…والثقافة علم..فتعلم وتثقف لتعرف الحياة وتتعلم كيف تجابه
    أحداثها،وتضمن مستقبلك وبعد هذا اقترب شيئاً فشيئاً من المسرح الصغير كالذي أمثل عليه أنا الآن.. وعندها تعرف
    بأنك قد درست على خشبة المسرح الكبير.. ألا وهو مسرح الحياة..”
    – في سني الحرب تنقلت كثيراً وتجولت كثيراً وتعلمت أكثر من احتكاكي بكثير من الفنانين وأشباه الفنانين ومدعي
    الفن… من الفنانين الذين أفتخر بأنني عرفتهم عميد المسرح بلا منازع الأستاذ يوسف وهبي ورائد المسرح وأستاذه
    ومعلمي ورائدي الأستاذ زكي طليماث والفنانة المتكاملة أمينة رزق وضحية المسرح وقربانه السيدة فاطمة رشدي وعدد
    كبير من أصدقائى الأعزاء كالأساتذة محمود المليجي والمرحوم فاخر محمد فاخر وأستاذي في اللغة العربية والشعر
    المرحوم أحمد علّام.
    بلد مثل بلدنا ليبيا لديه المقومات والإمكانات غير المتوفرة في أي بلد عربي آخر.. لو نجد فيه من يخطط لنهضة
    فنية صحيحة ويرسم طريقاً فنياً خالياً من الأنانية والاحتكارات الشخصية…. لوجدنا أن انطلاقة هذا البلد نحو
    مستقبل فني أفضل تشق طريقها بعنفوان وآنفة وترسم طريق الفن الصحيح أمام الجيل الصاعد ليساهم في بناء مجد
    وطنه ويصون حريته واستقلاله ويبني مع البنائين الأسس التي يقوم عليها وطن عاش على ستمائة عام في ظلام العبودية
    والاستعمار…
    – عرفت الحب مرة واحدة في حياتي…
    كانت زميلتي في المسرح… أحببتها بناظري وقلبي… وهجرت منزل عائلتي غير آسف على شىء… وتزوجتها بعد نضال
    دام سنتين ضد أهلها ضد زملائي وضد المعجبين.. ولكن المرأة مرأة… فقد تعرضت لنكبات مالية جعلتني أفقد كل ما
    ادخرته في حياتي وفقدت العمل الذي يقيني شر الحاجة والسؤال… كان ذلك عام 1942..وكان قد أشرق في سماء حياتي
    نور أعرفه هو أني فقدت البصر لمدة ستة أشهر وعندها بدأت صورتها تزول من مخيلتي ونسيتها ويعود الفضل في هذا
    إلى إخوة وزملاء كرام أعانوني على احتمال الصدمة… وحولوا منطلق حياتي في اتجاهات أخرى أنستني هول صدمة حبي
    الأول وحولته إلى عطف ومودة نحو أولادي من زوجتي الثانية التي أعتبرها صديقة وراعية لي ولأولادي..
    – أحمل دبلوم المدرسة العلمية الثانوية وشهادة إخراج في تصميم وإخراج البرامج التلفزيونية مصدقة من إيطاليا
    وفرنسا في الصف الثاني بمعهد الحقوق في جامعة دمشق نلت وسام التقدير للفنون المسرحية من وزارة الثقافة
    والإرشاد في سوريا وجائزة أفضل ممثل مسرحي لعام 1965 وأفضل ممثل تلفزيوني لعام 1966.
    – بدأت التجربة التلفزيوينة في سوريا سنة 1960 والتخطيط السليم الذي خططته اللجنة العليا للتلفزيون كان
    السبيل الصحيح لخلق نهضة تلفزيوينة تتابع نموها مع الأيام والعمل المثمر إلى أن أصبح التلفزيون السوري يغطي
    أنحاء الجمهورية السورية كافة ويبث برامجه لمدة خمس ساعات متواصلة.
    التلفريون في ليبيا تجربة قد تنجح مع أن الاحتمال الأول هو أقرب إلى المعقول لوجود الرغبة الصادقة لدى
    المسؤولين لخلق هذا المشروع.
    ثانيا: لوجود الأمكانات المتوفرة التي يمكن أن تساعد على خلقه
    ثالثا: إذا وجد التعاون الأكيد بين مختلف الفئات التي تعمل لإيجاد مثل هذا المشروع وقدلاتنجح وهو المستبعد إذا
    لم يوجد التخطيط السليم ولم نستغل الكفاءات المتخصصة في هذا .
    رابعاً: إذا طغت الأنانيات والمحسوبيات على أفكار وعقول العاملين في هذا الميدان بارتجالية مفتعلة غير مدروسة
    نكون كالطفل الذي يبدأ في كتابة وظائفه ثم يخط عليها بقلمه الأحمر ليطمس معالمها …وأملي أن يوفر المسؤولون
    الأجواء المناسبة لدعم المختصين في هذا العمل ليكون التلفزيون في مستوى الأحداث التي تمر بها بلادنا وتفتح
    آفاقاً لننطلق ونتجاوب مع الأٍقطار المتقدمة فكرياً وثقافياً وفي الوقت بنفسه نحافظ على خلقياتنا وديننا ونحفظ
    لمجتمعنا تقاليده وعاداته المستمدة من حضارتنا وماضينا المجيد.
    – وكي نضمن إنتاجاً تلفزيونياً كاملا علينا أن نهيىء له الجنود العاملين في اختصاصاته كافة فالتلفزيون ليس وجود
    مخرج ومصور فقط بل هناك أعمالاً كثيرة من المفروض وجودها وتشكل ملاكاً (كادراً) يقوم بالتزاماته نحو هذا الفعل
    وبذا نضمن أن يكون لدينا أنتاجً تلفزيوين متكامل كافة وأنا على استعداد إذا طلب مني أن أتقدم بعرض وشرح هذه
    الالتزامات وأرجو أن يكون هذا في أقرب وقت حتى لايفوتنا القطار ونندم .
    – أكثروا من المطالعة والقراءة والدرس وتحلوا بالأخلاق الكريمة فقوام الأمم أخلاق بنيها وتناقشوا فيها بينكم
    نقاشا ودياً وابتعدوا عن ادعاء المعرفة بكل شيء فالإنسان مهما تعلم يبقى في حاجة إلى دروس كثيرة وكما قلت في
    بدء حديثي الحياة مسرح كبير ونحن عليه ممثلون.
    – في المسرح قدمت ما يزيد عن أربعين مسرحية وفي التلفزيون قدمت ثلاثة وثلاثين مسرحية بخلاف النصوص القصيرة
    والبرامج الترفيهية- وبدأت عملي في السينما عام 1962 بفيلم عقد اللؤلؤ وآخر فيلم مثلته هو فيلم سائق الشاحنة
    أمام هالة شوكت ونادية فريد وعبداللطيف فتحي وهم من سوريا وقبل هذا اشتركت في فيلم بطولة مريم فخر الدين
    والثنائى الفكاهي نهاد ودريد ومجموع الأفلام التي مثلتها سبعة أفلام.. وفي حقيبتي سيناريو لفيلم تجري أحداثه في
    ليبيا وسأحاول أن أقدمه في أقرب فرصة للسيد وزير الإعلام والثقافة ليكون الانطلاقة الأولى للفيلم الليبي.

     

    الفنان/ صبري عياد …
    …” أمتهنت الفن عندما لم أجد من يمتهنه.. ”
    حوار / أحمد الحريري

    كانت البداية .. في فوج المهاجرين لكشاف سوريا سنة 1938.. عندما لم يكن لدينا تلفزيون ولامسرح ولا إذاعة
    ولاسينما… وأول مرة مثلت فيها كانت في مهرجان ثانوية دمشق الأولى …وكانت الثانوية الوحيدة في دمشق وقد
    كانت تسمي مطبخ الوطنية إذ كانت تنطلق منها الشرارات الأولى لكل عمل وطني.
    – مرة ثانية… أنا صبري عياد بدأت بإلقاء الشعر الحماسي والوطني لشعراء سوريين وساعدني صوتي على أن أبرز في
    هذا الميدان فاختارني ضمن فريق الثانوية..
    – إذا أردت أن أكتب رسالة إلى ابني فسأقول فيها :-
    ” ولدي الحبيب.. الحياة معرفة والمعرفة ثقافة…والثقافة علم..فتعلم وتثقف لتعرف الحياة وتتعلم كيف تجابه
    أحداثها،وتضمن مستقبلك وبعد هذا اقترب شيئاً فشيئاً من المسرح الصغير كالذي أمثل عليه أنا الآن.. وعندها تعرف
    بأنك قد درست على خشبة المسرح الكبير.. ألا وهو مسرح الحياة..”
    – في سني الحرب تنقلت كثيراً وتجولت كثيراً وتعلمت أكثر من احتكاكي بكثير من الفنانين وأشباه الفنانين ومدعي
    الفن… من الفنانين الذين أفتخر بأنني عرفتهم عميد المسرح بلا منازع الأستاذ يوسف وهبي ورائد المسرح وأستاذه
    ومعلمي ورائدي الأستاذ زكي طليماث والفنانة المتكاملة أمينة رزق وضحية المسرح وقربانه السيدة فاطمة رشدي وعدد
    كبير من أصدقائى الأعزاء كالأساتذة محمود المليجي والمرحوم فاخر محمد فاخر وأستاذي في اللغة العربية والشعر
    المرحوم أحمد علّام.
    بلد مثل بلدنا ليبيا لديه المقومات والإمكانات غير المتوفرة في أي بلد عربي آخر.. لو نجد فيه من يخطط لنهضة
    فنية صحيحة ويرسم طريقاً فنياً خالياً من الأنانية والاحتكارات الشخصية…. لوجدنا أن انطلاقة هذا البلد نحو
    مستقبل فني أفضل تشق طريقها بعنفوان وآنفة وترسم طريق الفن الصحيح أمام الجيل الصاعد ليساهم في بناء مجد
    وطنه ويصون حريته واستقلاله ويبني مع البنائين الأسس التي يقوم عليها وطن عاش على ستمائة عام في ظلام العبودية
    والاستعمار…
    – عرفت الحب مرة واحدة في حياتي…
    كانت زميلتي في المسرح… أحببتها بناظري وقلبي… وهجرت منزل عائلتي غير آسف على شىء… وتزوجتها بعد نضال
    دام سنتين ضد أهلها ضد زملائي وضد المعجبين.. ولكن المرأة مرأة… فقد تعرضت لنكبات مالية جعلتني أفقد كل ما
    ادخرته في حياتي وفقدت العمل الذي يقيني شر الحاجة والسؤال… كان ذلك عام 1942..وكان قد أشرق في سماء حياتي
    نور أعرفه هو أني فقدت البصر لمدة ستة أشهر وعندها بدأت صورتها تزول من مخيلتي ونسيتها ويعود الفضل في هذا
    إلى إخوة وزملاء كرام أعانوني على احتمال الصدمة… وحولوا منطلق حياتي في اتجاهات أخرى أنستني هول صدمة حبي
    الأول وحولته إلى عطف ومودة نحو أولادي من زوجتي الثانية التي أعتبرها صديقة وراعية لي ولأولادي..
    – أحمل دبلوم المدرسة العلمية الثانوية وشهادة إخراج في تصميم وإخراج البرامج التلفزيونية مصدقة من إيطاليا
    وفرنسا في الصف الثاني بمعهد الحقوق في جامعة دمشق نلت وسام التقدير للفنون المسرحية من وزارة الثقافة
    والإرشاد في سوريا وجائزة أفضل ممثل مسرحي لعام 1965 وأفضل ممثل تلفزيوني لعام 1966.
    – بدأت التجربة التلفزيوينة في سوريا سنة 1960 والتخطيط السليم الذي خططته اللجنة العليا للتلفزيون كان
    السبيل الصحيح لخلق نهضة تلفزيوينة تتابع نموها مع الأيام والعمل المثمر إلى أن أصبح التلفزيون السوري يغطي
    أنحاء الجمهورية السورية كافة ويبث برامجه لمدة خمس ساعات متواصلة.
    التلفريون في ليبيا تجربة قد تنجح مع أن الاحتمال الأول هو أقرب إلى المعقول لوجود الرغبة الصادقة لدى
    المسؤولين لخلق هذا المشروع.
    ثانيا: لوجود الأمكانات المتوفرة التي يمكن أن تساعد على خلقه
    ثالثا: إذا وجد التعاون الأكيد بين مختلف الفئات التي تعمل لإيجاد مثل هذا المشروع وقدلاتنجح وهو المستبعد إذا
    لم يوجد التخطيط السليم ولم نستغل الكفاءات المتخصصة في هذا .
    رابعاً: إذا طغت الأنانيات والمحسوبيات على أفكار وعقول العاملين في هذا الميدان بارتجالية مفتعلة غير مدروسة
    نكون كالطفل الذي يبدأ في كتابة وظائفه ثم يخط عليها بقلمه الأحمر ليطمس معالمها …وأملي أن يوفر المسؤولون
    الأجواء المناسبة لدعم المختصين في هذا العمل ليكون التلفزيون في مستوى الأحداث التي تمر بها بلادنا وتفتح
    آفاقاً لننطلق ونتجاوب مع الأٍقطار المتقدمة فكرياً وثقافياً وفي الوقت بنفسه نحافظ على خلقياتنا وديننا ونحفظ
    لمجتمعنا تقاليده وعاداته المستمدة من حضارتنا وماضينا المجيد.
    – وكي نضمن إنتاجاً تلفزيونياً كاملا علينا أن نهيىء له الجنود العاملين في اختصاصاته كافة فالتلفزيون ليس وجود
    مخرج ومصور فقط بل هناك أعمالاً كثيرة من المفروض وجودها وتشكل ملاكاً (كادراً) يقوم بالتزاماته نحو هذا الفعل
    وبذا نضمن أن يكون لدينا أنتاجً تلفزيوين متكامل كافة وأنا على استعداد إذا طلب مني أن أتقدم بعرض وشرح هذه
    الالتزامات وأرجو أن يكون هذا في أقرب وقت حتى لايفوتنا القطار ونندم .
    – أكثروا من المطالعة والقراءة والدرس وتحلوا بالأخلاق الكريمة فقوام الأمم أخلاق بنيها وتناقشوا فيها بينكم
    نقاشا ودياً وابتعدوا عن ادعاء المعرفة بكل شيء فالإنسان مهما تعلم يبقى في حاجة إلى دروس كثيرة وكما قلت في
    بدء حديثي الحياة مسرح كبير ونحن عليه ممثلون.
    – في المسرح قدمت ما يزيد عن أربعين مسرحية وفي التلفزيون قدمت ثلاثة وثلاثين مسرحية بخلاف النصوص القصيرة
    والبرامج الترفيهية- وبدأت عملي في السينما عام 1962 بفيلم عقد اللؤلؤ وآخر فيلم مثلته هو فيلم سائق الشاحنة
    أمام هالة شوكت ونادية فريد وعبداللطيف فتحي وهم من سوريا وقبل هذا اشتركت في فيلم بطولة مريم فخر الدين
    والثنائى الفكاهي نهاد ودريد ومجموع الأفلام التي مثلتها سبعة أفلام.. وفي حقيبتي سيناريو لفيلم تجري أحداثه في
    ليبيا وسأحاول أن أقدمه في أقرب فرصة للسيد وزير الإعلام والثقافة ليكون الانطلاقة الأولى للفيلم الليبي.