Category: سينما ومسرح

  • بواكير النقد المسرحي في ليبيا …”مولود قابلته الصحافة “بقلم : البوصيرى عبد الله ” 1 -2-3″

    بواكير النقد المسرحي في ليبيا …”مولود قابلته الصحافة “بقلم : البوصيرى عبد الله ” 1 -2-3″

    ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -1-3- نوري عبدالدائم
    **************************

    بواكير النقد المسرحي في ليبيا …
    ” مولود قابلته الصحافة ”
    بقلم / البوصيرى عبد الله ” 1 ”

    المسرح والصحافة فى ليبيا شقيقان جميلان شقيان تمخض عنهما العهد العثماني الثاني بعدما برأ من عقمه وشفى من سقمه ، ولد الأول تلو الثانية وعاشا معا ومات .. بل قتلا معا ، عاشا وترعرعا، واشتد عودهما بجرعة قوية من ترياق الحرية وقتلا برصاص من رصاصات الغدر الامبريالي، وليس هذا من قبيل تنميق الحديث ولا من باب تزويق الكلام وإنما هو واقع موثق وماض مكتوب على جبين ثقافة هذا الوطن.
    ولد المسرح الليبي ، كما اسلفنا ، سنة 1908م. والصحافة كذلك (1) كتوأمين بصدور قانون الحريات ( المشروطية ) ولكنهما ما عتما ان قتلا تحت انقاض مباني الطموحات التى دمرتها البوارج الايطالية عند بداية رحلة الموت سنة 1911م. التى قررت روما ان تعيد بها أمجادها الغابرة . وبين لحظة الميلاد، وارتعاشة الموت زمن قصير ، قد لا يمكّن الوليد من تعلم كيفية المسير ، ناهيك عن تعلم لغة الحضارة .
    حدثان ، كما يقول الأستاذ المصراتي ، الأول فيه فرح وبهجة ورنة ، والأخر فيه زلزلة ورجة وبين هذين العهدين كانت نقلة هامة وتطور سريع نحو الرقي والنهوض.(2)
    ان ما نرمي إليه من وراء هذا الاستهلاك المثير للشجون هو تبيان المؤثرات السياسية والمعطيات الحرفية لتجربة الصحافة الليبية والمسرح معا خلال العهد العثماني الثاني ، ومن ثم اثر هذه العوامل والمؤثرات على علاقة بعضها ببعض أملا فى الوصول الى تقويم هذه العلاقة تقويما يتسم بقليل من الموضوعية . ان لم ندرك الكمال مع علمنا ان الكمال خاصية ربانية وليست إنسية .
    عندما ظهرت أولى تجارب المسرح الليبي فى أكتوبر 1908 م. كانت تصدر فى طرابلس ، آنذاك .خمس صحف هى : السلنامة ، طرابلس الغرب ، الترقي ، الفنون ، ابو قشة ، ولكننا لم نجد صدى هذه التجربة الفنية المحلية غير المسبوقة إلا فى صحيفتين اثنتين ونعنى بهما جريدة ( الترقي) التى أحسنت الاستقبال ، وتابعت جمعية التشخيص متابعة دقيقة بواسطة الخبر والإعلان والنقد والمقالة . وجريدة (طرابلس الغرب) التى خصت هذه الجمعية بأحد أعدادها فأوردت فيه خبرين يكتنفهما الكثير من الغموض، احدهما بعنوان ( مقاطعة ) والأخر بعنوان ( خبر ) ..
    ثم تواصلت الحركة المسرحية فى البلاد واشتد أوار الإبداع فيها خلال الثلاث السنوات اللاحقة فتوزعت فاعليتها على ثلاثة محاور: تمثل المحور الاول فى الفرق الأجنبية ، وتمثل المحور الثاني فى الفرق العربية الزائرة ، وتمثل المحور الثالث فى جمعية التشخيص الليبية . ورغم ذلك فلم نر متابعة الصحافة الوطنية لهذه الحركة المسرحية الوليدة إلا من ست صحف هى : طرابلس الغرب ، الترقي ، المرصاد ، الرقيب ، ابو قشة ، واستنادا الى بشير عريبي يمكننا إضافة جريدة ( تعميم حريت) من أصل عشرة صحف عربية كانت تصدر خلال هذه الفترة يقدر ما حصلنا عليه فى هذه الصحف بسبعة عشر نصا ، اى بواقع ستة نصوص تقريبا فى السنة الواحدة ، تختلف هذه النصوص الصحفية من حيث الطول والقصر ، وتتباين من حيث جنسها الأدبي بين خبر ومقالة او نقد موزعة على النحو التالي:
    أ – الترقي : تسع نصوص :
    1- التشخيص .
    2- حب الوطن.
    3- فن التشخيص .
    4- استفدنا.
    5- جوقة التمثيل الادبى
    6- جوق التمثيل.
    7- لمنفعة مكتب الفنون.
    8- هل التمثيل مهان.؟
    9- خبر ( نقلا عن كتاب : تاريخ المسرح فى الجماهيرية (
    ب- طرابلس الغرب : ثلاث نصوص
    10- المقاطعة .
    11- الخبر.
    12- رسالة التشكر.
    ج- المرصاد : نص واحد
    13- الى ذوى الغيرة والمروءة.
    د- الرقيب : نصان
    14 – جوق التشخيص .
    15- الجوق المصرى .
    هـ ابو قشة : نص واحد
    16- التمثيل ( نقلا عن كتاب : ابي قشة (
    و- تعميم حريت : نص واحد
    17- خبر ( نقلا عن كتاب : الفن والمسرح فى ليبيا(.
    اما جنس هذه النصوص الصحفية ، وحظ كل جريدة منها فنقترح تبيانه فى هذا
    :الجدول:

     

    الجريدة خبر اعلان مقالة نقد المجموع
    طرابلس الغرب 3 3
    الترقي 3 3 2 1 9
    الرقيب 1 1 2
    المرصاد 1 1
    ابو قشة 1 1
    تعميم حريت 1 1
    المجموع 7 5 3 2 17

    *****************

    ان هذا الرصد الببليوغرافي لا يوضح لنا حميمية العلاقة بين المسرح والصحافة كالتي نلمسها فى الصحف العربية الأخرى مثل جريدة (الأهرام) القاهرية ، او (التقدم) التونسية او حتى الصحف الليبية فى الأربعينيات بل انه يكشف عن تقصيرها وسلبيتها تجاه نظيرها وشقيقها فى الطموح برقي البلاد ، وتنوير العباد ، فهذا الكم المبتسر لا يعكس حقيقة النشاط المسرحي على ارض الواقع خاصة فى السنة الأخيرة التى سبقت الاحتلال الايطالي حيث شهدت طرابلس زخما من العروض .. بل شهدت صراعا فنيا، ولا مبالغة ، وتنافسا فى لغة الإبداع المسرحي بين جوقين عربيين هما جوق (الياس فرح ) وجوق ( محمد ابو العلا) المنشق عنه . كما شهدت البلاد فرقا عربية أخرى ، مثل الجوق المصري ، وجوق إبراهيم حجازى،وجوق التمثيل الأدبي حملت معها أفضل المسرحيات المستعارة . أصلا. من برامج كبريات الاجواق العربية .
    إذا كان هذا هو موقف الصحافة من المسرح على الصعيد الكمي ، فما هو موقفها ، إذن على الصعيد الفكرى ؟ ما هى نظرة الصحافة الليبية الى المسرح فى ما نشرته من إعلانات وأخبار ومقالات ؟. ثم هل قالت صحافة ذلك العهد ، من خلال هذا الكم المبتسر شيئا ذا بال؟. ربما ان الكم فى مجال الفكر ليس فى كل الحالات . نقيصة .. ومن يدرى فقد يبرز الكثير من القليل، ورب عي جاء بما لم يأت به مفوه.
    ان هذه الأسئلة تهيئ لنا الدخول فى روح النصوص على نحو يقظ غير متحمسين ولا مبتسرين . غير متحمسين لها بحيث نعطيها أكثر من حقها ، وغير مبتسرين لجهدها فنجحد فضلها . لكن قبل ذلك كله نود ان ننوه بملاحظة هامة نشير فيها الى عدم التزام هذه النصوص بحدود جنسها الأدبي ، او الصحفى وهذا أول انطباع نخرج به من قراءة هذه النصوص. فالخبر – هنا – لا يلتزم بحدوده كخبر بل نراه يتوسع . ويتمطى حتى يصير مقالة كما هو الحال فى مقالة ( التمثيل) المنشورة فى جريدة ( ابو قشة ) والنقد .. أحيانا هو عبارة عن إعلان . مجرد إعلان اقتضت صياغته الدخول فى تفاصيل العرض فصار نقدا .. او شيئا شبيها بذلك ، كما هو الحال فى الإعلان المنشور بجريدة ( الرقيب) الذى يحمل عنوان ( جوق التشخيص ) وغير ذلك مما سنراه فى السطور اللاحقة .
    أولا : الإعلانات
    من طبيعة الإعلان ان يهتم بأكبر قدر ممكن من التفاصيل بشرط ان يتضمن جملة من المعلومات الأساسية التى تتمثل . بالنسبة للمسرح فى ذكر مكان العرض المسرحي ، واسم الجوق الذى سيقوم بتشخيصها . وليس للإعلان الصحفى صيغة ثابتة يمكن اعتبارها أنموذجا مثاليا ينبغى الاقتداء به ، وإنما المسألة تركت للجهد الخاص ، ولقد كان لهذا الجهد الخاص إبداعات وافانين لا تخلو من طرافة ولعل الإعلان المسرحي فى الوطن العربي يعد أكثرها طرافة اذ انفرد عن غيره من صيغ الإعلانات المعروفة فى العالم بسمة خاصة فرضتها عليه مظاهر العزوف عن المسرح. وهى سمة يمكن تسميتها بـ ( ملح الإعلان) تجعل للإعلان طعما مستحبا، وتضفي عليه نكهة مميزة ، وذلك بان تكيل الجريدة لنجم الجوق او للجوق نفسه سيلا من ألفاظ المديح تعدد فيها مناقبه وكفاءاته بغية حث الجمهور على الحضور لتلك الرواية المعلن عنها او لترغيب الناس فى تعاطي الفن المسرحي بصفة عامة . وأنت لا تعرف متى يضاف هذا ( الملح) .أحيانا نجده فى استهلال الإعلان ، وأحيانا يختتم به الإعلان ، كهذا الإعلان الذى نشر بجريدة المؤيد فى 17/ أكتوبر / 1906. يحمل عنوان الشيخ سلامة حجازى . فى الإسكندرية جاء فيه ( إجابة لطلب محبي فن التشخيص بالإسكندرية سيمثل جوق حضرة المشخص الفريد رواية مغاور الجن مساء يوم الأحد 21/ أكتوبر بتياترو زيزينا) فبعد ان أشار الإعلان الى العناصر الأربعة الأساسية للإعلان نراه يضيف شيئا من الأسلوب المستملح : ( وهى الرواية البديعة التى أتقن تمثيلها هذا الجوق الذى حاز رضاء الجمهور سيما حضرة مديرها النشيط الذى سيمثل أهم دور فى هذه الرواية الكثيرة الألحان الجميلة المناظر )(3)
    أما فى النموذج التالي الذى نشرته جريدة (الأهرام) فى شهر يونيه / 1884م. فنرى ( ملح الإعلان ) يسبق المادة الإعلانية ، ويهيأ لها عبارات ترفع من شأن المعلن عنه يقول الإعلان ( قدم الى تغرنا من القطر السوري جوق من الممثلين للروايات العربية يدير أعماله حضرة الفاضل الشيخ ابو خليل القباني الدمشقي الكاتب المشهور، والشاعر ، وقد التزم للعمل فى قهوة دانوب ، المعروفة بقهوة سليمان بك الرحمي ، وفى جوار شادر البطيخ القديم والجوق مؤلف من مهرة المتفننين فى ضروب التمثيل وأساليبه وبينهم زهرة من المنشدين والمطربين تروق أسماعهم الأذان ، وتنشرح الصدور ، فنحث أبناء الجنس العربي ان يتقدموا الى عضد المشروع بما تعودوا من الغيرة) .
    وبعد هذا التملح المستطاب يأتى الإعلان بزبدة القول ، او بما تسميه الصحافة (بصلب الخبر) الذى يلتزم دائما بذكر العناصر الأساسية الأربعة للإعلان ، وها هو يقول : ( التمثيل سيبدأ به هذه الليلة ، غرة رمضان المبارك عند الساعة الثانية بعد الغروب اى بعد الإفطار بساعتين ) (4) وسيتتالى فى كل ليلة حتى نهاية الشهر ، وأول رواية تشخص ( انس الجليس) وهى رواية بديعة مسرة . وأوراق الدخول تباع فى باب المحل بأثمانها المعينة ، وهى 5 فرنكات للدرجة الأولى ، و2 بالدرجة الثانية و1 للدرجة الثالثة وهى قيمة زهيدة فى جنب الفوائد المكتسبة .(5 )
    فى النموذجين السابقين نلاحظ ثلاثة عناصر هامة ارتفع عليها صرح الإعلان هي : الاستفاء ، والتوثيق والحرارة . اما الاستفاء فتجلى فى كون الإعلان مستوف للشروط من حيث إشارته الى العناصر الأساسية الأربعة، وأما التوثيق فتلاحظه خاصة فى النموذج الثاني الذى ارتقي الى مستوى الوثيقة لما عرضه من معلومات طبوغرافية ، وأسعار الدخولية ، علاوة على تسجيله مقدم القباني الى القاهرة ، أما العنصر الثالث فتعبر عنه تلك الحرارة فى الحث على تعاطي المسرح والترغيب فى متابعة عروضه ، وانه لمن دواعي الأسف ان نقول : ان هذه العناصر الثلاثة مفقودة بالكامل فى الصيغ الإعلانية التى تقابلنا فى الصحف الليبية الصادرة فى العهد العثماني الثاني وأفضل وسيلة للتليل على هذا الرأى هو ان اعرض أمام القارئ الكريم نماذج من تلك الإعلانات المنشورة فى صحفنا الليبية .. واليك هى :
    النموذج الأول :
    ويحمل عنوان ( الجوق المصرى) نشر بجريدة الرقيب .العدد الصادر فى 12/ربيع الأول /1329هـ الموافق لسنة 1911م. جاء فيه (سيمثل ليلة الجمعة القابلة رواية صلاح الدين الأيوبي ، وهى رواية بديعة تاريخية من أحسن ما انشىء فى هذا الفن، ويعلم منها من هو صلاح الدين وكيف كان .. فنحث العموم على حضورها ).
    النموذج الثاني :
    إعلان فى سطرين ورد فى جريدة الترقي فى عددها الصادر بتاريخ 11/جمادى الآخر /1329هـ ( = 8/يونيه /1911م) بعنوان ( جوق التمثيل الأدبي) تياترو امبراج حسان تقول فيه : سيمثل هذه الليلة رواية اوتيللو وهى رواية أدبية ذات خمسة فصول فنحث أرباب الذوق والغرام على حضورها )
    النموذج الثالث :
    ورد ايضا فى جريدة الترقي العدد الصادر فى 17/رجب (= 13/ يوليو/ 1911م) بعنوان ( جوق التمثيل ) تقول فيه : سيمثل فى هذه الليلية فى تياتورا امبراخ رواية ( شهيد الحرية ) وهى رواية ادبية غرامية ذات فصول مدهشة فنحث ارباب الذوق والغرام على حضورها .
    النموذج الرابع :
    وهو إعلان طويل . نسبيا نشرته جريدة ( المرصاد) فى عددها الصادر بتاريخ 18/جمادى الثاني/1329هـ ( = سنة 1911م) تحت عنوان ( الى ذوى الغيرة والمروءة ) تقول فيه :
    (يعلن محمد ابو العلا افندى وإخوانه أنهم انفصلوا عن جوق مرى لأسباب ستعلم للعموم ، ولقد عزموا ان يقدموا مساء اليوم الساعة الثانية عربي بتمثيل رواية (صلاح الدين الأيوبي) التى تتجلى فيها الشهامة العربية والمروءة الإسلامية بكامل معانيها وحضرته يدعو الأدباء لحضور تمثيل الرواية المذكورة ثم يحكمون بعد ذلك ما لهم وعليهم ، ويؤكد لحضراتهم أنهم يرون ما يشرح صدورهم ويسر خواطرهم).
    وإذا ما أردنا ان نخضع هذه النماذج الأربعة للدراسة فان أول ما يثير انتباهنا هى تلك القواسم المشتركة بين بعضها البعض . وتتمثل فى الجوانب التالية:
    ألف: الاختزال الشديد الى حدّ تغييب او تناسي المعلومات الأساسية فى صيغة الإعلان كما نلاحظ فى النموذج الأول والرابع حيث أهملا كلاهما اسم مكان العرض . وبذلك فقد الإعلان ركنا أساسيا فيه.
    باء : ان دوافع الحث على المشاهدة تنصب غالبا . على الجوانب الأدبية . وليس الفنية اى ان مصدر الإثارة يكمن فى مضمون المسرحية وليس فى شكلها الفني . كما نتبين من قول النموذج الرابع وهو يعلن عن تمثيل رواية صلاح الدين بقوله (تتجلى فيها الشهامة العربية والمروءة الإسلامية بكامل معانيها ) وهو قول كرره النموذج الأول حيث قال ( وهى رواية بديعة تاريخية من أحسن ما انشىء فى هذا الفن .. ويعلم منها من هو صلاح الدين وكيف كان ؟).
    ان هذه النغمة التى تقابلنا فى إعلانات الصحافة الليبية كأنها تهدف الى تغليب الجانب التربوي فى المسرح على الجانب الترويحي فيه وهذا على غير ما درجت عليه العادة فى الصحف المشرقية حيث نلاحظ ان التركيز على الجانب الفني يحتل الصدارة فى الإعلان .. كهذا الإعلان ( الجوق مؤلف من مهرة المنشدين والمطربين تروق لسماعهم الأذان وتنشرح الصدور..)(6).
    جيم : أما السمة التى تتفق فيها كل هذه الإعلانات فهى سمة ( البرودة) .. وثقل الدم . حيث اتسمت جميعها بجفاف وغلاظة ، ان كل شيء فى هذه الإعلانات يدل على ذلك ابتداء من صياغتها التى تعوزها الإثارة ، أو ما أسميناه بـ ( ملح الإعلان) وانتهاء بالزوايا المخصصة لها ، مما يمدنا بانطباع على قلة حماس هذه الصحف للمسرح وفنونه.

    ********************

    بواكير النقد المسرحي في ليبيا
    الخبر المسرحي ” بين الصمت والإهمال ”
    بقلم / البوصيرى عبد الله ” 2 ”

    اذا اردنا ان نتحدث عن الخبر حديثا يتسم بالمنهجية فلابد ان نعََّرفه ، ونستطلع بعض خواصه مهتدين – في ذلك – برأي احد المتخصصين مثل الدكتور محمد حسن عبد العزيز الأستاذ بكلية دار العلوم الذى وضع كتابا فى ( لغة الصحافة المعاصرة) وهو كتاب ، وان كان صغير الحجم بسيط الأسلوب ، إلا انه غني بالمعارف ، دقيق فى ألفاظه وقد عرف الخبر بقوله:
    انه وصف او تقرير غير متحيز للحقائق الهامة حول واقعة جديدة تهم القراء. وللخبر خمس خواص يرتبها الدكتور عبد العزيز على النحو التالي:
    إيثار الجمل القصيرة على الطويلة .
    إيثار الفقرات القصيرة على الفقرات الطويلة .
    الحرص على استعمال الألفاظ المألوفة للقارئ.
    اصطناع الألفاظ والتراكيب التى يألفها القراء .
    لا يجوز للخبر الصحفي ان يستعان فيه بالأشعار والحكم والأمثال(7)
    لا تعنينا هذه الخواص كثيرا فى الواقع لأنها تبحث فى مبنى الخبر .. وخاصيته الفنية ، بينما نحن معنيين بمعنى الخبر ، لكن لا بأس من الإشارة الى التزام الصحافة الليبية بهذه الخواص الخمس فيما أوردته من أخبار على ان هذا الالتزام قد اعتراه الخلل والتصدع من جراء استغنائه عن الركائز الثلاث التى ينهض عليها تعريف الخبر الا وهى ، حسب تسلسلها المنطقى : الحرص على ذكر وقائع جديدة ، دقة الوصف ، عدم التحيز. وعلى ضوء هذه الركائز سينهض – أيضا- تقويمنا لهذه النصوص الإخبارية.
    يقينا ان نشأة جمعية التشخيص بإدارة المواطن الليبي محمد قدرى المحامي كانت احدى اهم الوقائع الثقافية التى برزت على سطح مجتمعنا فى تلك الفترة التاريخية الحرجة ، باعتبارها إيذانا بتدشين المسرح الليبى . وكانت هذه الواقعة مؤهلة بان تزود الصحافة بسبق صحفى مثير ، وتغذيها بنوع جديد من المعارف وتشيع فيها روحا ثقافية تنويرية نحسب ان المجتمع كان فى مسيس الحاجة لها خاصة ان هذه الواقعة المسرحية انطلقت أصلا لتعبر عن أحاسيس فياضة تجاه مسألة الحرية وخلاص الوطن .
    وهذه الواقعة الكبرى انشطرت الى جملة من الوقائع الأخرى ؛ فإقدام محمد قدرى المحامي على تأليف مسرحية فى موضوع ( محاكمة المستبدين ) (8) هى – بلا شك – واقعة ثقافية جديرة بان تصير خبرا صحفيا مثيرا إذ تعتبر اول نص مسرحي ليبي ، وزيارة ( جوق الياس فرح) هى أيضا واقعة، وانفصال جوق( محمد ابو العلاء) عنه واستعانته ببعض العناصر الوطنية هو واقعة ، وزيارة جوق ( ابراهيم حجازي) واقعة . وهذه الوقائع المسرحية المتعددة انشطرت بدورها الى جزئيات صغيرة تمثلت فى سلسلة المسرحيات التى قدمتها على ارض بلادنا.
    ان كل هذه الأعمال المسرحية هى فى الحقيقة وقائع جديدة تهم جمهور القراء لا ريب ولكن صحافة المرحلة نكفت عن رسالتها تجاه هذا الوليد الجديد ، لم تبهرها محاولته ولم تستهوها بدايته حتى أنها تجاهلت العرض الأول لمسرحية ( وطن) الذى لم نعثر له على اثر فيما اطلعنا عليه من صحف المرحلة .
    وإذا كانت الصحافة تتنفس برئة الوقائع الجديدة فلا نظن ان الصحف كان عليها ان تنتظر مجيء رسل هذه الوقائع الى مكاتبها حتى يزودوها بما لم تزود به من الأخبار ، لكن هذه الظن يبدو انه كان ماثلا فى ذهن صحفنا الليبية التى اتسمت بالتقوقع والمكتبية ، وفقدان الديناميكية . فلم تجر خلف الخبر المسرحي ، ولم تلاحقه الملاحقة الجادة التى تجعل منه حدثا واضحا فى ثقافة المرحلة . وهكذا كانت متابعاتها محدودة وغير شاملة مما أدى الى غياب أخبار ووقائع مسرحية عامة ، مثل عرض مسرحية حمدان ، واوتيللو، ،وعايدة ،وشهيد الحرية . ولولا ورود ذكر هذه المسرحيات فى بعض المقالات او فى الإعلانات المدفوعة الأجر لانقطع خبرها ولأصبحت نسيا منسيا .
    وكدليل على ان صحفنا لم تسع لاستثمار الوقائع المسرحية كمادة خبرية صحفية نذكرهنا بموقفها تجاه الاجواق العربية الزائرة ، التى اعتبرت زياراتها بالنسبة لجميع البلدان العربية التى استهدفتها تلك الزيارات ، وقائع فنية كبيرة بل مهرجانات عظيمة امتزج فيها الفن بالأدب وعانق عندها الشعر الموسيقى والطرب الجميل فيما نهضت صحافة هاتيك البلدان بتغطية أخبار تلك الوقائع المسرحية ، قالت كل شىء عنها فأجادت وبلغت فأوعت فكان موقفها على النقيض تماما من موقف صحافتنا التى لم تحسن استقبال تلك الاجواق الزائرة لربوع بلادنا حين ضنت عليها بالحفاوة التى حظى بها نظراؤها فى البلدان العربية الأخرى ، غير مراعية لتقاليد الضيافة التى عرف بها المجتمع الليبي عبر التاريخ ، وغير مقدرة – أيضا – لما فى هذه الزيارات من فوائد صحفية جمة . ثم ثنت هذه الصحف فاستهانت بإبداعات تلك الاجواق بواسطة مؤامرة الصمت .. والصمت اشد أعداء الفنان لو كانوا يعلمون .
    وإذا ما خرجت الصحافة عن صمتها ، واكتسبت بعض الديناميكية باتخاذها قرار التجوال والزيارات الميدانية بغية اصطياد حفنة من الأخبار الفنية كي تنوع بها مواد صفحاتها ، فماذا ترونها قائلة .؟
    هنا علينا ان نستند الى الركيزة الثانية من الركائز التى ينهض عليها تعريف الخبر . ونعني بها دقة الوصف التى نراها حقيقة ماثلة أمامنا فى نص واحد إلا وهو نص (حب الوطن) وهو نص نصنفه – فى الواقع – كنص نقدى بيد ان الخاصية المائية لهذه النصوص سمحت لها ان تسيل على بعضها البعض كأمواه الجوابي المهملة حتى انشطر هذا النص شطرين فجاء أوله خبر وأخره نقد.
    أما بقية الأخبار فتعوزها الدقة ، وتفتقد الى الوصف المفيد. والمحيط بأطراف الموضوع المخبر عنه ؛ فالخبر الذى يحمل عنوان ( التشخيص ) مثلا نراه يحتوى على ثلاثة أخبار دفعة واحد كل منها حري به ان ينهض كخبر مستقل بذاته على نحو ما نرى .
    الخبر الأول : يفيد استعداد محمد قدري المحامي فى إحضار ما يلزم لتشخيص الرواية التى ألفها فى موضوع ( محاكمة المستبدين ) .
    والخبر الثاني : يفيد إعادة مسرحية ( وطن) التى سيخصص قسم من أيراها لإعانة الحريق بدار السعادة وقسم لصالح مشروع نشر المعارف بواسطة جمعية الاتحاد والترقي .
    أما الخبر الثالث : فيفيد قبول الآنسة ( استريز داليا بالقيام بالدور النسائي فى مسرحية ( وطن) دون مقابل .
    ان هذا الكم الهائل من الأخبار يعطي انطباعا على مدى حذق المخبر الصحفي وشطارته فى اصطياد كل هذه المعلومات الهامة . على ان صياغتها فى خبر واحد .. فى نفس واحدة لا ارى فيها شيئا من مواصفات الدقة ، بل أراها إجهاضا لهذه الأخبار الثلاثة . وكان لجريدة (الترقي ) ان تدرك هذه الدقة لو فصلت هذه الأخبار عن بعضها البعض . وتوسعت فى الإبانة وأمدتنا بالمزيد من الوضوح عن مسرحية قدرى المحامي الجديدة كان تذكر لنا عدد فصولها وشخوصها وشيئا عن مجريات أحداثها.
    وكان يمكن ان تفعل عين الأمر بالنسبة للخبر الذى يتصل بالآنسة الكريمة التى قبلت القيام بتشخيص الدور دون مقابل وذلك بواسطة وضع ترجمة مقتضبة يتعرف القراء من خلالها عن حقيقة هذه السيدة ، ان فعلت جريدة (الترقي) هذا لأسدت إلينا خدمة جليلة ، ولأمدتنا بوثيقة عظيمة القيمة بالنسبة لبحثنا.
    والكتمان مظهر من مظاهر انعدام الدقة التى تقابلنا فى صحف المرحلة .. وأقول الكتمان . ولا أقول الصمت ذلك لان الصمت نتيجة لعدم المعرفة او عدم الرغبة فى المعرفة بينما الكتمان هو ان تصمت وأنت مزود بالمعرفة ، هذه نقيصة كبيرة بالنسبة لمهنة الصحافة وقعت صحافتنا الليبية فى شراكها من حيث تدرى او لا تدرى ، ففى النص الذى يحمل عنوان ( الى ذوى الغيرة والمروءة) وهو نص ينوس بين الخبر والإعلان فيه إشارة صريحة الى ان جريدة المرصاد علمت بأسباب انفصال جوق محمد ابو العلاء عن (جوق الياس فرح) وتأسفت كثيرا لذلك ورغم هذا فقد ابت ان تزودنا بالتفاصيل . بل تمادت فى كتمانها بحجبها اسماء الاعضاء الذين انضموا الى جوق محمد ابو العلاء.
    وجريدة ( طرابلس الغرب ) تلقت اخبارا تفيد تأسيس جمعية الضباط للتمثيل (9) ولكنها تكتمت عن ذكر التفاصيل وهكذا كان موقف جريدة (الترقي ) تجاه ( جوق الياس فرح).
    ويصل انعدام الدقة فى كيفية نقل الخبر الى حد تشويش المعلومة . وفقدان صلاحيتها كوثيقة تاريخية وهو ما نلاحظه فى فحوى الخبرين اللذين نشرتهما جريدة ( طرابلس الغرب) (10) حيث نقرأ خبرا يفيد ان ( تعميم حرية ) هو عنوان لرواية قامت جمعية التشخيص بعرضها ووزع صافي دخلها على عمال الميناء .. ثم نقرأ خبرا آخر ، وعلى نفس الصفحة ، يفيد ان (تعميم حرية) اسم لجمعية تشخيص وليس عنوانا لرواية .. فاين تكمن الحقيقة .. يا ترى .؟
    ومما يلاحظ ايضا ان اخبار المسرح الواردة فى الصحف الليبية جاءت لتخدم اغراضا مذهبية او افكارا اجتماعية تشيعها هذه الصحف او تروج لها دون اعتبار للاغراض الفنية والثقافية التى ينهض بها العرض المسرحي ، فجريدة ( الترقي) كانت تدين بالولاء لجمعية الاتحاد والترقي التى يعتبر الشيخ محمد البوصيرى – صاحب الجريدة – احد اعضائها المبرزين وهى جمعية ذات نزعة اصلاحية وغايات اجتماعية ، وقد استهلت برنامجها – ميدانيا – بجمع التبرعات الى المحتاجين ، وفتح مدارس لمحو الامية، والمناداة بعمل الخير والاحسان ، وغير ذلك من الاعمال التى كانت تراها وسيلة من وسائل الاصلاح والرقي . وبذلك حرصت على نقل المسرح ليس باعتباره منهلا من مناهل الادب والفن وانما باعتباره وسيلة تخدم الاهداف الاجتماعية التى كانت تنادي بها الجمعية التى تدين لها بالولاء ، بينما كانت جريدة ( طرابلس الغرب) وهى جريدة رسمية وتشيّع سياسة الدولة وتروج لها تنظر الى المسرح على انه مجرد اداة لدعم موقف حكومتها السياسي .
    اعلم ان فى هذا الرأى شيئا من المغامرة الفكرية ولكي نتبرأ منها ينبغي علينا الظهور من هذا التجريد والتعمميم لنقف امام المثال الحي والبرهان الصحيح ، وهذان امران تفصح عنهما الاخبار التالية .
    لقد اوردت صحيفة الترقي ثلاثة اخبار عن المسرح اتصلت جميعها بأهداف اجتماعية ففى خبرها الذى يحمل عنوان ( التشخيص) ركزت الجريدة فى صياغة خبرها على تخصيص جزء من ايراد المسرحية ( لاعانة الحريق بدار السعادة ) والجزء الاخر ( لمشروع نشر المعارف بواسطة ) جمعية الاتحاد والترقي . بتوزيع ايراد المسرحية ( على الفقراء والمحتاجين من الذين احاط بهم الزمان) وفى خبرها الثالث اشارت الى ان عرض مسرحية صلاح الدين سيكون ( لمنفعة مكتب الفنون) .
    وليست جريدة ( طرابلس الغرب) بأقل جرأة من جريدة الترقي فى التعبير عن موقفها السياسي فى اسلوب صياغة اخبارها حيث اوردت هى الأخرى ثلاثة اخبار اتصلت بأهدافها السياسية :
    ففى خبرها الذى يحمل عنوان ( المقاطعة ) تأتى على ذكر العرض المسرحي باعتباره انعكاسا للحدث السياسي الا وهو احتجاج عمال الميناء على الدولة النمساوية لنقضها للعهود ، فانبرت جمعية التشخيص وقدمت عرضا مسرحيا خصص ايراده لصالح اؤلئك العمال تعويضا لهم عن الخسائر الناتجة عن موقفهم الاحتجاجي . والخبر نفسه نقلته جريدة ( تعميم حريت )( 11). وفى خبرها الذى يحمل عنوان ( الخبر) تأتى جريدة (طرابلس الغرب ) على ذكر المسرح ضمن حدث سياسي اخر ، الا وهو ( زيارة القائمقام شولتز الى القلعة ) حيث ( أدبت لشرفه مأدبة حافلة ومثلت لجنابة رواية وطن).
    اما خبرها الثالث فهو الذى نقرأه فى رسالة التشكر التى بعث بها الضباط الاتراك الى الوالي رجب باشا معلنين فيها انهم اسسوا ( جمعية تمثيل ) بمناسبة ترقيتهم بمناسبة الاحتفال بعيد العرش السلطاني . هكذا نرى الكيفية التى تم بها ربط الاخبار المسرحية بالمواقف المذهبية والسياسية .
    والواقع ، ليس ثمة ما يشين ارتباط المسرح بالاهداف الاجتماعية او الغايات السياسية ، بل ان ذلك مدعاة للفخر والاعتزاز لما يعكسه هذا الاتباط من إلتحام الواقعة المسرحية بالواقائع الأخرى التى تجرى على أرضية المجتمع . اما ان يكون ذلك شرطا من شروط العناية بفاعليات المسرح فذاك هو الخلل الذى نعتبره ضربا من ضروب التحيز والمزاجية المذهبية فى انتقاء الخبر وصياغته ، الامر الذى لا تجيزه الاعراف الصحفية .

    ************************************

    بواكير النقد المسرحي في ليبيا ” 3″
    النقد: بين الانطباعية والتطبيقية
    بقلم / البوصيرى عبد الله

    من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن تصنيف هذه النصوص الخجولة على أنها نصوص نقدية فيه الكثير من التجاوز لحدود المصطلح ، وينطوي على مخالفة منهجية واضحة ، وإنما هى – فى حقيقة أمرها – مجرد انطباعات ذاتية ، ووجهات نظر شخصية لا تستند إلى أية خلفية ثقافية تتصل بمفهوم النقد ووظيفته الجمالية . وأول دلائل غياب المنهجية فيها هو ورودها ضمن نصوص إعلانية وإخبارية قصد متابعة الحدث المسرحي .
    ويطالعنا هذا النمط من النقد المسرحى – إذا جاز لنا القول – فى نصين اثنين . أحدهما نشر بجريدة (الترقي) تحت عنوان ( حب الوطن) والثاني نشر بجريدة (الرقيب ) بعنوان ( جوق التشخيص ) وكلاهما غفلا عن التوقيع .
    كان نص الترقي يهدف أصلا إلى وصف الحفل المسرحي الذى شهدته مدينة طرابلس وبذلك فهو أقرب إلى الغاية النقدية من نظيره المنشور فى جريدة (الرقيب) وإن اتسم الأخير بروح نقدية أشمل ، وعبر عن خلفية ثقافية أوسع رغم أنه لم يكن يهدف إلى النقد وانما كان يهدف إلى إيراد خبر.
    كما تقابلنا بعض الشذرات النقدية الأخرى مبثوث هنا وهناك . وهذه فى الغالب تقتصر أحكامها على مضمون الرواية دون غيره . ونعثر على هذه الشذرات فى الإعلانات الصحفية التى تقتضى صياغتها إظهار عبارات الاستسحان والإعجاب تجاه الرواية المعلن عنها فذلك شرط أساسي من شروط لعبة الإعلان ، وبذلك لا ينبغى علينا أن ننظر إلى ما جاء فى هذه الشذرات الاعلانية على أنها أحكام تستند إلى صدق الرأي ، وإنما هى عبارات تلقى جزافا لإرضاء الجهة المسؤولة عن البضاعة، مادة الإعلان.
    والنقد المسرحي الذى يقابلنا على صفحات صحفنا الليبية هو نقد ينتمي – افتراضا – إلى ما يسمى بالنقد التطبيقي ، وهو نقد ينطلق من خصائص النص الركحي ، لا من خصائص النص الأدبي فقط . وبذلك فهو معني بلغة العرض المسرحي بكل ما فيها من شمول وتنوع بهدف تحليل مفردات هذه اللغة من إضاءة ، وموسيقى تصويرية ، ومناظر مسرحية ، ومكملات ، وأزياء مما يؤدى إلى فهم علاقة هذه المفردات بمضمون المسرحية ، وهو فهم يقودنا – فيما بعد – إلى اكتشاف كيفية الترجمة الإبداعية التى قام بها مخرج المسرحية .
    إنها لمهمة شاقة .. لا ريب .. ولم تكن صحافتنا الليبية ولا العربية بصفة عامة مؤهلة موضوعيا للنهوض بهذه الوظيفة العظيمة للنقد التى تستوجب تجلية كل الأسرار الإبداعية الكامنة فى أعماق ما يعرض أمام أنظارها من أعمال درامية . لذا اقتصرت مهمة النقد المسرحي – الصحفي على مفردين اثنين من مفردات لغة العرض المسرحي ونعني بهما : نص الرواية والتمثيل . فكيف عالجت الصحافة هذين المفردين ؟.
    أ- نقد الروايات :
    كان طلائع النقد التطبيقي فى الوطن العربي مولعين كثيرا بتلخيص الروايات التى يشاهدونها على خشبات المسرح ، فيتوسعون فى ذلك ، ويستطردون حتى يطغى التلخيصُ على رأي الناقد . ولا يأخذنك الظن ياصاح فتظن أن هذا التلخيص إنما كان يهدف إلى تحليل النص الأدبي ، أو أنه يسعى إلى كشف المستور فيما بين السطور ، أو تعرية ما اندس بين ثنايا النص . وإنما هو عبارة عن سرد تفصيلي لمجريات الأحداث قصد به إعلام جمهور القراء بموضوع الرواية ومدهم بفكرة عنها. فكانت سانحة ارتأى فيها الناقد مجالا للتعبير عن مواهبه البلاغية واللغوية . فكثر فيها الكلم وغاب الرأي.
    لكن .. مهما قيل عن هذا الأسلوب النقدى فإن له بعض الفضل علينا بما زودنا به من وثائق حفظت لنا الكثير من الأعمال الدرامية من الضياع ، فأمست مرجعا يعود إليه الدارسون والباحثون كلما دعت الحاجة . وهذا ما عجزت عنه صحافتنا إذ لم نجد على صفحاتها شيئا يفيدنا فى تكوين فكرة عن تلك النصوص التى قدر لها أن تعرض أمام أنظار أسلافنا حيث نهجت صحافتنا نهجا مغايرا لما كان شائعا فى كثير من الصحف الشرقية . فجاء تلخيصا للروايات مختصرا إلى حد الابتسار . فجريدة (الترقي ) التى أمدتنا بأطول وأقدم نص نقدي حمل عنوان ( حب الوطن) لخصت لنا موضوع المسرحية فى سطر واحد قالت فيه ( وهذه الرواية تمثل حبَ الوطن ِ ، والدفاع عنه(
    إن هذا التلخيص ، المفرط فى القصر والتقليص ، العاري من أية دلالة يجعلنا ننظر إلى التلخيص الذى أمدتنا به جريدة ( الرقيب ) على أنه جهد خارق ، مع أنه – فى حقيقته – لا يتعدى خمسة سطور عدا . بيد أن فى جهد الرقيب ثمة ما يحتاج إلى الثناء إذ نراها تكشف عن بعض الإلمام بموضوع مسرحية ( استير) التى تعرضت لها بالنقد . حيث حددت لنا مصدر المسرحية ، وأشارت إلى الفترة التاريخية التى شهدت جريان حوادثها .. بل إن الجريدة سعت إلى التعريف ببعض شخوصها الدرامية . فانظر إلى قولها هذا الذى اختزل كل هذه المعاني:-
    ( وهى < اى المسرحية > تاريخية مذكورة فى التوراة عن الملكة استير ، وما جرى من أمرها (.
    ثم تحاول الجريدة تحليل شخصية هامان ، وهو أحد الشخوص الدرامية بقولها:-
    هو أحد الوزراء البارعين فى الدهاء) وتضيف ( كان الوزير الأول لملك من ملوك الفرس الذين حكموا مصر قبل 2350 سنة(
    أرى أن محرر الرقيب كاد يزرع بذرة النقد فى بيدرنا الثقافى باقترابه من وظيفة النقد التثقيفية والتحليلية . لكن محاولته – للأسف – كانت أشبه ببيضة الديك.
    وعلى غير منوال الرقيب سارت بقية الصحف الأخرى فيما أوردته من شذرات إخبارية أو إعلانية قدمت من خلالها تلخيصات مختصرة لبعض الروايات من بينها رواية (صلاح الدين) التى نقرأ تلخيصا لها فى جريدة ( المرصاد) جاء فيه :
    ) رواية صلاح الدين التى تتجلى فيها الشهامة العربية ، والمروءة الإسلامية بكامل معانيها(
    وهو نفس المعني الذى كررته جريدة ( أبو قشة) عندما حاولت تلخيص مسرحية (حمدان) فقالت : ( رواية حمدان وهى تمثل شهامة العرب فى أبهى مناظر) .
    واحيانا تتجاوز الجريدة التلخيص المباشر ، وتلجأ إلى إصدار أحكامها على هذه الروايات ، كما نلاحظ فى النص الذى يحمل عنوان ( جوق التشخيص) الذى سبق أن أشرنا إليه حيث تقول جريدة ( الرقيب) (رواية أدبية أخذت بمجامع القلوب) ثم تضيف (والرواية مشتملة على كثير من الأشعار والأناشيد مما ترتاح إليه النفوس).ويبدو أن مسرحية صلاح الدين قد نالت الإعجاب والاستحسان ، وأخذت بألباب المتفرجين مما حدا ببعض الصحف إلى إصدار أحكام إيجابية بشأنها .. بل إن جريدة ( الرقيب) تراها من أحسن ما ألف فى مجال المسرح ، وذلك من خلال إعلانها عن الجوق المصرى فتقول:
    وهى رواية بديعة .. تاريخية من أحسن ما أنشئ فى هذا الفن
    ب- نقد التمثيل :
    أما نقد الممثلين فقد انقسم هو الآخر إلى قسمين ، بعضه اختص بالأفراد ، فأثنى عليهم ثناء خاصا دون تحديد الأوجه التى استوجبت الثناء والإطراء ، وبعضه اختص بالجماعة فكان الثناء شاملا دون تمييز أحد عن أحد ، وفى كلا القسمين كان النقد خالياَ من الاسترشاد ، ومفتقدا إلى الرأى الذى يثقف الجمهور ، ويبصره بمواطن الإجادة أو الإخفاق .
    وجملة الممثلين الذين تناولهم النقد ليس كثيرا ، على أية حال ، إنهم لا يتعدون أصابع اليد الواحدة ، وهؤلاء الممثلون هم :
    اليوزباشى خيرى الذى لعب دور اسلام بك فى مسرحية ( وطن(
    استريز خانم التى لعبت دور زكية خانم فى مسرحية ( وطن)
    الست عليا التى لعبت دور الملكة استير فى المسرحية التى تحمل اسمها .
    جبران ناعوم الذى لعب دور الوزير هامان فى مسرحية ( استير)
    عبد الرحمن راشد الذى لعب دور الملك فى المسرحية نفسها.
    لنبحث الآن عن مبررات وأسباب هذا التميز الذى حظي به هؤلاء الممثلون حتى شرفتهم صحافتنا بذكر أسمائهم ، وبنقشها على ذاكرة تاريخ مسرحنا.
    تقول جريدة ( الترقي) فى معرض نقدها لمسرحية ( وطن)
    ( وكان بطلها والقائم بأهم أدوارها هو اليوزباشى خيرى افندى ، فقد أظهر بأعماله وتمثيلاته ما تكنه نفسه من الشجاعة والإتقان)
    ثم تضيف الجريدة معلومة مهمة حول شخصية المنقود ، ولكنها معلومة لا تتصل بمناحي الإبداع فيه فتقول:
    ( ومن عجيب الصدف أن المومي اليه من اهالى سليسترا التى يمثل الدفاع عنها فى التشخيص فلا غرابة إن كانت الحماسة قد استولت على عموم حواسه .. فإن حب الوطن من الإيمان)
    ومما يلاحظ هنا أن جريدة ( الترقي) قد حددت سبب الإتقان ، ومبعث الإبداع الفنى ، وحددت كذلك وسيلته . فأما سببه فيكمن – فى رأيها – فى وحدة الانتماء والهوية بين الممثل وبين الشخصية الدرامية التى يشخصها . اما وسيلته فهى الحماسة والشجاعة وهذا رأي ، فى عمومه ، فاسد وسقيم فمن ناحية السبب فإننا لا نرى أية صلة للانتماء العرقي او الجنسي او الديني باللعبة الإبداعية ، ودرجة التجويد أو الإخفاق فيها ، وإنما هى مسألة منوطة بالموهبة والاستعداد والصقل الفنى والثقافي، وحجتنا هنا تقوم على تلك النجاحات التى حققها ممثلون كثر فى أدوار لا تربطهم بها أية صلةٍ مادية أو روحية . ويمكننا أن نسوق نجاح الفنان ستانسلافسكى الروسي ونجاح السيد لورانس اوليفي الانجليزى فى تشخيصهما لدور عطيل المغربي كمثال عظيم على ذلك .
    أما من ناحية الوسيلة فإننا نستبعد أن تكون الشجاعة والحماسة وسيلتان من وسائل الاتقان فى فن التمثيل ذلك لأن التمثيل ليس خطابة ولا حماسة تستولى على الحواس وإنما هو عرض هادئ ومحايد لوجهة نظر تلتزم حرفية معينة تمكنه من التوصيل والإقناع بهدف إشاعة المتعة الحسية والروحية عند المتلقي .
    ومثلما رأت ( الترقي) فى توحد الانتماء بين الممثل وبين الشخصية الدرامية التى يمثلها سببا من أسباب الإتقان الفنى فإنها – فيما يبدو – قد رأت أيضا فى توحد المهنة بين اليوزباشى خيرى واسلام بك هو وسيلة ذاك الإتقان . وبهذا يكون الناقد قد ألبس اليوزباشى خيرى حلة المقاتل ، وأسبغ عليه مقومات المحارب . ولكنه – فى الوقت نفسه – قد جرده من مقومات الممثل الفنان.
    والاسم الثاني الذى ذكرته جريدة ( الترقي ) هو اسم الممثلة ( استريز خانم) ولابد لهذه الممثلة أن تسترعي الانظار وتشد الانتباه ، ليس لأنها أول ممثلة تظهر على خشبة المسرح الليبي فحسب . بل لأنها تقوم بدور مركب وجميل ، أجاد المؤلف نامق كمال فى رسمه ، وتحديد أبعاده النفسية ، فهى عاشقة متيمة ، وهى مناضلة فى آن واحد فحبها – اذن – حبان ، حب للوطن وحب لإسلام بك رفيقها فى النضال والدفاع عن الأرض والعرض . ومن ناحية ثانية ، هى امرأة تذوب رقة وعشقا ولكنها ترتدي ملابس الرجال ، وتحاكي سلوكهم كى تخفي شخصيتها ، وتخفي أيضا عشقها . كان على جريدة ( الترقى ) ان تكتشف هذه التركيبة الدرامية فى شخصية زكية خانم التى نهضت بتمثيلها الممثلة ( استريز خانم) وعندما تعسر عليها الأمر عبرت عن إعجابها بجملة فعلية مجانية اعتاد النقاد على توزيعها على جميع الممثلين كلما عجزوا عن سبر أغوار إبداعاتهم لذا اكتفت ( الترقي) بالقول :
    ( وظهرت الممثلة “إستريز” خانم فقامت بتمثيل دورها بغاية الإتقان) أما اوجه هذا الإتقان وأسبابه فقد استرخي ، حتى نام فى بطن الناقد ، كما نام قيصر فى بطن أمه. اذا كانت جريدة ( الترقي) قد جاملت ( استريز خانم) بجملة إطراء مجانية فإن جريدة (الرقيب) قد اجتهدت كي تلقي حزمة من الضوء على موهبة الشخصية النسائية التى تناولتها بالنقد ، ونعنى بها الممثلة ( عليا) التى شخصت دور الملكة استير . حيث أشادت بقدراتها قائلة :
    ( وقد قامت الست عليا بدور الملكة استير ، ورغما عن حداثة سنها وابتدائها فى هذا الفن الجليل فإنها مثلت رقة الملكة وعواطفها الخصوصية نحو شعبها) لم تستعمل الرقيب فى هذا الصدد كلمات مثل : أجادت ، أتقنت – أوفت ، وإإإإنما استعملت كلمة ( مثلت ) وهى كلمة تتسم بالدقة فى هذا الموضوع ، إذ أنها توحى بالاعتراف للممثلة بالإتقان ولكن بقدر نسبي فالناقد يراها قد حققت قدرا من التوصيل والإقناع من خلال ما أبدت من رقة ، ومن مشاعر وطنية جعلته يثني عليها ثناء اتسم بشىء من الموضوعية النسبية مردها أمران:
    الأول هو صغر سن الممثلة بالنسبة إلى سن الشخصية الدرامية وهذه فعلا مسؤولية محفوفة بالمخاطر لا يتعداها بسلام إلا الفنان الحاذق.
    والسبب الثاني هو حداثة التجربة الفنية لهذه الممثلة الشابة التى أسندت إليها مهمة القيام بدور البطولة فى مسرحية تاريخية . ملأى بالأغاني والأناشيد والأشعار . وهذه – لعمرى – لمسوولية فنية لا تقل خطورة عن سابقتها . وهاتان ملاحظتان ذكيتان بالنسبة لجريدة ( الرقيب) التى لمست مواطن الخطورة التى تحيط بهذه الممثلة الشابة .
    ومن طرائف هذا النقد ، ودلائل عدم منهجيته هو إتيانه على لسان العموم .. وكأن الناقد قد تجشم عناء الاستفتاء لأخذ رأى الجمهور فى خصائص ومقومات العرض المسرحي ، وهذه ظاهرة شائعة حاليا، ولكنها كانت بعيدة عن تصورات صحافة ذلك الزمان وإنما كانت مجرد صيغة اعتادت أقلام النقاد أن تجريها على الورق . ومما عثرنا عليه من هذا . قول جريدة الرقيب:-
    وقد أعجب العموم من إتقان الملك عبد الرحمن راشد ، ووزيره هامان (جبران ناعوم) دوريهما .
    أما بقية الممثلين ممن سقطت أسماؤهم – سهوا أو عمدا – من ذاكرة النقاد ، وهم كثر فى الواقع ، فقد كانت الصحف تعبر عن إعجابها بهم بصفة جماعية . وتمنحهم قدرا متساويا من الإعجاب والثناء ، وهو ما يمكن تسميته بـ ( المديح بالجملة) ومن نماذجه ما جاء فى جريدة أبو قشة :-
    وقد قدم للمركز زمرة من الممثلين والممثلات الشاطرات ، وقد ابتدؤوا وقاموا بتمثيل عدة روايات عظيمة مثل صلاح الدين وغيرها وأتقنوها غاية الإتقان.
    وتقابلنا صيغة التعميم المتصلة بالجميع على قدر متساو بوضوح أشد فى النص النقدي لجريدة ( الترقي) حيث نرى نظرة المساواة فى درجة الإتقان بين الممثلين فنقول:
    ( واستمر الممثلون فى تطبيق الرواية فأوفوها حقها من الإتقان )أو قولها الذى اختتمت به نصها السالف الذكر.
    وانفض الجميع والكل يلهج بالثناء على حضرات الممثلين . وهى خاتمة قد راقت لجريدة ( الرقيب) فيما يبدو ، ففضلت أن تستعيرها كخاتمة لنصها النقدي حيث قالت ( إننا نثني على جميع الممثلين والممثلات ، ونتمنى لهم الرواج من العموم)
    إن هذا النمط من الآراء لا يعدو كونه ضربا من العبث النقدي . اذ ليس فى الإبداع مساواة . ليس ثمة جهد يعادل جهدا ، فالممثلون يختلفون ظهورا وحضورا ، ويتفاوتون فى درجة المعاناة ، وتتباين أساليبهم فى توكيد ذواتهم على خشبة المسرح بتباين الشخوص الدرامية ذاتها ، وبذلك ليس مهمة النقد أن يساوي بين الأطراف وإنما مهمته ورسالته أن يعدل فيما بينها وذلك بأن يعطى لكل ذى حق حقه الذى يستحق.

    ***************************
    المراجع والهوامش
    1. الواقع أن الصحافة فى ليبيا تأسست قبل هذا التاريخ بكثير ولكنني اتحدث هنا وفى ذهني التجربة الصحفية الشعبية المتمثلة فى صدور جريدة ( الترقي) وحتى هذه التجربة هى أسبق من هذا التاريخ غير أنها كانت تجربة قصيرة ما لبثت أن ماتت فى مهدها ، وبنشور جريدة الترقي وولادة شقيقاتها الأخريات تحققت القفزة الفعلية للصحافة الليبية . وكان ذلك بفضل صدور قانون الحريات سنة 1908م.
    2. المصراتي ، على مصطفى : صحافة ليبيا فى نصف قرن . نشر دار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان – الطبعة الثانية : الحرث – اكتوبر 2000م. ص 125.
    3. عيد ، السيد حسن : تطور النقد المسرحي فى مصر . نشر المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر . الدار المصرية للتأليف والترجمة – لا.ط – لا- ت- ص. 93.
    4. والشرح من لدن محرر الخبر
    5.المصدر السابق – ص : 93
    6. نفس المصدر – نفس الصفحة .
    7. عبد العزيز . محمد حسن : لغة الصحافة المعاصرة السلسلة الثقافية . نشر المركز العربي للثقافة والعلوم .لا.ط- لا.ت.
    8. جريدة الترقي ، العدد الصادر فى 30 شعبان 1326 هـ الموافق 13 / ايلول 1324 مالية( 26 سبتمبر 1908 م.)
    9. جريدة طرابلس الغرب : العدد الصادر فى تاريخ /13 / شعبان/1323 هـ الموافق 13/اكتوبر /1905م.
    10. جريدة طرابلس الغرب . العدد الصادر فى تاريخ 13/ ذى القعدة /1326هـ الموافق 24/ نوفمبر 1324مالية( 7 ديسمبر 1908 م.)
    11. جريدة تعميم حريت : العدد الصادر فى 1/ شعبان/1326نقلا عن كتاب الفن والمسرح فى ليبيا ص222.

     

  • المسرح الليبي .. مسرح النضال والمتعة الفكرية والبصرية بقلم / المهدي أبو قرين – ليبيا مائة عام من المسرح  -1-2..

    المسرح الليبي .. مسرح النضال والمتعة الفكرية والبصرية بقلم / المهدي أبو قرين – ليبيا مائة عام من المسرح -1-2..

    %25D9%2584%25D8%25A8%25D9%258A%25D8%25A7

    المسرح الليبي .. مسرح النضال والمتعة الفكرية والبصرية
    بقلم / المهدي أبو قرين

    في عيد المسرح يحق لنا أن نحتفل ونزهو بما أنجزه الفكر الليبي من أعمال فنية كبيرة في مجال المسرح من أجل الوطن والمواطنين فلقد مثل المسرح في ليبيا دوره الحقيقي المنوط به بكل جدارة وتقدير كأستاذ ومعلم للشعوب وإن بدأ المسرح في ليبيا متأخراً نسبياً عن لبنان وسوريا ومصر إلا أنه ظهر في ليبيا عملاقاً في جميع مشاربه بالحرية والنضال من أجل الانعتاق من العبودية أياً كان نوعها منادياً بالحرية والمبادئ الإنسانية والتشبث بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة الشريفة ومحاربة الظلم والضلالة والفساد أينما كان شهدت على ذلك المراحل التي مر بها المسرح منذ نشأته عام ١٩٠٨ م وحتى الأن فلقد بدأ المسرح الليبي بمسرحية (شهيد الحرية) عام ١٩٠٨ م التي ألفها وأخرجها للمسرح بعناصر وطنية المرحوم محمد قدري المحامي وهي بداية واثقة ومبشرة ببزوغ فجر ومولد جديد في البلاد اسمه (فن المسرح) فكشف عن وجهه المشرق الوضاء ومن حيث النص فإن (شهيد الحرية) اسم له معناه ودلالاته في نفوس الليبيين فالحرية لديهم أغلى من كل غال وأثمن من كل ثمين لأنهم جربوا الظلم والقهر والاستبعاد من حكم الأتراك لهم.
    وبعد الأتراك جاء الطليان مدججين بالسلاح وطوقوا البلاد من حدودها الشمالية على طول الساحل الليبي ودكت بوارجه مدن الساحل كان ذلك عام ١٩١١ م ومات من مات وبقيت الذكريات حيث احتلت إيطاليا كل من طبرق شرقاً إلى أبي كماش غرباً وانتقلت المقاومة الشعبية إلى الدواخل أما الذين بقوا في المدن الساحلية فقد كان لهم طريق آخر في المقاومة وذلك بالكلمة الطيبة وتحريض الأهالي على عدم التعامل مع المستعمر ومد يد العون للمجاهدين الأبطال فكان الشعر بنوعيه والمسرح هما الأداة من خلالهما كان التعليم وكان توعية الناس بدورهم في هذه الفترة العصيبة.
    ظهرت أول مسرحية في عهد الاستعمار الإيطالي عام ١٩٢٦ م في مدينتي طبرق وبنغازي ففي طبرق كانت مسرحية (خليفة الصياد) التي ألفها وأخرجها المرحوم محمد عبدالهادي أما في مدينة بنغازي فكانت فرقة (الشاطئ) التي أسسها المرحوم رجب البكوش وقدمت مسرحية (رعاة الغنم) .
    كان الإقبال على المسرح كبيراً فنشطت حركة التأليف والإخراج وبالمقابل العروض المسرحية إلا أن المستعمر الإيطالي كان لهذه الحركة الجديدة في البلاد بالمرصاد فكان يؤول كل كلمة تلقى على خشبة المسرح ويصدح الجمهور بالتهليل والتكبير لها فيقوم بقفل المسرح ومقر الفرقة وحبس أفرادها وفي عام ١٩٣١ م رجع الفنان المرحوم محمد عبدالهادي إلى مسقط رأسه درنة وأسس فرقة مسرحية فيها قدمت من تأليفه وإخراجه مسرحية (خليفة الصياد) ومسرحية (هارون الرشيد).
    كانت الفرقتان (هواة التمثيل) و(الشاطئ) تلاحقهما السلطة الإيطالية في كل عرض ولذلك كانتا بين ظهور واختفاء حتى عام ١٩٣٦ م حيث عزم محمد عبدالهادي على القيام برحلة فنية إلى مدن الساحل الغربي فوصل بفرقته مدينة طرابلس وقدم فيها عروضاً مسرحية نالت رضا الجميع مما دفع بالشباب في مدينة طرابلس بالاحتذاء حذو فرقة هواة التمثيل فكونوا فرقة اسموها فرقة (خريجي مكتب الفنون والصنائع) وكان من أبرز عناصرها الدكتور مصطفى العجيلي ومحمد حمدي وأسندت رئاسة الفرقة للشاعر أحمد قنابة وقدمت الفرقة عدة عروض مسرحية منها مسرحية (عبدالرحمن الناصر).
    ابتدع الفنانون المسرحيون فكرة للهروب من مصادرة العمل قبل عرضه وهي أن تسمى المسرحية باسم اجتماعي أو عاطفي ومثال ذلك مسرحية (عبدالرحمن الناصر) التي قدمت تحت عنوان (غرام الملوك) كغطاء يحميها من مصادرة النص من قبل السلطات الإيطالية ذلك لأن النصوص التي كانت تقدم وقتها هي نصوص قومية ووطنية حتى وإن كانت على صورة اجتماعية وكان الجمهور واعياً ومدركاً لهذا النهج فكان النظارة أثناء العرض لا يستعمون إلى الحوار وحسب بل كانوا يتابعون حركة الممثل فالكلمة والحوار مكملان للقصد الذي يضعه الكاتب أو المخرج ولما لم يستطع المستمعر السيطرة على الفرق الوطنية حاول مكراً وخداعاً أن ينشئ فرقاً مسرحية تابعة للسلطة لتنشر مفاهيمه أو على الأقل تبعد الجماهير عن المفاهيم الوطنية والقومية فكون فرقة (المكابي) بطرابلس بعناصر يهودية وفي بنغازي فرقة (الغال) وفي الوقت الذي فشلت فيه فرقة (المكابي) حيث قدمت مسرحية واحدة نجحت فرقة (الغال) في خداع من انشؤوها حيث كان المشرف على هذه الفرقة هو الفنان إبراهيم سالم بن عامر الذي كان يستقطب بعض الشعراء لإلقاء بعض الأشعار الوطنية تلهب الحماس في نهاية العرض.
    توقفت الحركة المسرحية في جميع ربوع ليبيا إبان الحرب العالمية الثانية ولم يظهر أي نشاط مسرحي حتى ١٩٤٣ م حيث بدأ هواة التمثيل يتنادون لتكوين الفرق المسرحية فأعاد الفنان محمد عبدالهادي نشاطه وكذلك الفنان رجب البكوش وآخرون أما فرقة (الفنون والصنائع) فبعضهم انضم إلى نادي العمال والبعض الآخر كون فرقاً أخر.
    لقد شهدت فترة الأربعينيات حركة مسرحية نشطة من الفرق المحلية ومن الفرق الزائرة فقد زارت طرابلس فرقة (هواة التمثيل) وعرضت مسرحياتها بطرابلس والزاوية وأشادت بعض الصحف بما قدمت الفرقة من أعمال وخاصة المؤلف والمخرج الفنان محمد عبدالهادي.
    وفي العقدين الخامس والسادس من القرن العشرين أقول بأن هذه الفترة هي المؤسس الحقيقي للحركة المسرحية في ليبيا لأنها صقلت بالمكابدة والإصرار على العمل رغم أنف السلطة الحاكمة التي كانت تنكل بالفرق المسرحية التي تشتم في أعمالها رائحة التحريض على الثورة أو حتى الإشارة إلى سوء الإدارة أو الأداء الوظيفي للدولة ورؤساء المصالح أو حتى للإشارة إلى سوء إحدى الدول الاستعمارية والأمثلة على ذلك كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
    كان المسرح في هذين العقدين وطنياً وقومياً ألهبت مشاعره حرب فلسطين والاعتداء الثلاثي على مصر وحرب الجزائر وسير الحكم في ركاب الاستعمار هذه الأحداث مع أحداث المجتمع الليبي الذي كان يرزح تحت خط الفقر بينما نشأت طبقة ثرية مرفهة وضعف التعليم وكثر الفساد من رشوة ومحسوبية وخمور ومجون كل ذلك أعطى العاملين في المسرح من كاتب ومخرج وممثل أن يبدع ويتألق فلاقى المسرح التشجيع الشعبي وامتلأت المسارح ليالي العروض بالمشاهدين لينهلوا من فيض الإبداع ما يدفعهم للتطلع إلى يوم ينعمون فيه بالحرية يوم تنهار فيه الطبقية والبرجوازية والسلطة الحاكمة فكان المسرح في عقدي الخمسينيات والستينيات هو الأستاذ والمعد والموحد لقوى الشعب بل هو الرابطة الوحيدة التي جمعت الشعب الليبي على كلمة واحدة هي الحرية والمساواة فكان الشعب في الموعد حين انبلج فجر الفاتح من سبتمبر حيث خرج عن بكرة أبيه يؤيد ويناصر الثورة والثوار لم يتوقف المسرحيون عند هذا بل خرجوا يباركون الثورة ليس بالهتاف فقط بل بالعمل الجاد حيث عرضت الفرق المسرحية مسرحيات بالمناسبة تتفق وعظمة الحدث وجلال الموقف فاستقبلها الشعب بالتهليل والتكبير.
    وبدأت الثورة مسيرتها وأنشأت دائرة خاصة بالمسرح تكاثفت جهودها مع جهود المسرحيين فاستجلبت هذه الدائرة خبراء متخصصين في المسرح وكونت منهم فريق عمل لمتابعة الحركة المسرحية في جميع أنحاء ليبيا لغرض الرفع من مستوى الأداء بأسس علمية ثم كان للمهرجان المسرحي الوطني الأول في شهر الفاتح (سبتمبر) عام ١٩٧١ م وكان حافلاً بكل الإبداعات من جميع أنحاء ليبيا وقد كان مهرجان المسرح الأول دافعاً قوياً لبذل الجهود والاجتهاد فتألق كتاب ومخرجون وممثلون وفنانو مناظر وملابس وتنكر وعندما جاء موعد المهرجان الثاني للمسرح جاء ومعه التألق والإبداع البشري برسوخ قدم المسرح في هذا البلد المعطاء فأرسي المسرح الليبي في العقد السابع من القرن الماضي دعائمه الحقيقية حيث ملك جميع العاملين به أدواته وأنشأت الهيئة العامة للمسرح في منتصف السبعينيات تقريباً إنجازاً عظيماً لصالح المسرح وإن شابت بعض الإجراءات الشوائب.
    بعد حل الهيئة العامة للمسرح وضم المسرح إلى الإدارة العامة للثقافة خفت جذوة المسرح إلا قليلاً وتأخر عقد المهرجان المسرحي الوطني فالمهرجان العاشر كان في عام ٢٠٠٧ م في مدينة بنغازي ورغم وجود بعض العروض المتميزة في هذه الدورة (العاشرة) إلا أن بعض الفرق كانت في حاجة إلى دعم أدبي وفني ومادي أيضاً.

    المسرح الليبي في مئة عام ……
    ” كانت النوادي الأدبية والرياضية والفرق المسرحية التابعة لها والصحافة أيضاً هي المنابر التي ساهمت في توعية الجماهير ”

    بقلم / المهدي ابوقرين

    باستيلاء الإنجليز على السلطة في ليبيا في أربعينيات القرن الماضي كثرت في البلاد مجالس اللهو العامة والخاصة التي تقدم فيها الخمور المستوردة والمصنعة محلياً من العنب ومن أشجار النخيل المسمى ” باللاقبي ” حيث يقطع رأس النخلة بتجريدها من جل جريدها ويحفر في قمة رأس النخلة حوض .. تخرج عصارة حلوة المذاق في الحوض تتجمع هذه العصارة وتجمع في عبار وهو وعاء يشبه القلة في الشكل .. إلا أنه أكبر منها بأربعة وخمسة أمثالها ، يعلق العبار من الصباح حتى المساء فإذا شرب في نفس الليلة أو في الصباح الباكر كان حلوا وطيب النكهة والمذاق، أما إذا شرب ظهراً أو ما بعده كان حامضاً وصار مسكراً ، إذ أن هذا السائل سريع التخمر بالحرارة .. وقد تخصص اليهود والمالطيون في بيع هذا النوع من الخمور ويتهافت عليه كثير من الشباب وذوو الدخل المحدود لرخص ثمنه مقارنة بالخمور الأخرى ولذلك كان المالطيون واليهود يغشونه بالماء والخمائر ، والذين يتعاطون مثل هذه المسكرات بعد الكأس الثانية والثالثة لايفرقون بين السليم منه من المغشوش .
    كان المستعمر القديم منه والحديث يشجع على فتح الخمارات فانتشرت في جميع أركان البلاد . حتى التجمعات السكنية الصغيرة النائية أقيمت فيها الخمارات كما أنشأ المستعمرون نوادي ليلية لتعاطي القمار والفسق والفجور وشجعوا على إنشائّا فبادرت بعض النفوس الضعيفة من الليبيين على إدارتها وامتلاكها ، وبالمقابل ضيق المستعمر على الشباب الليبي العفيف الشريف الحر باستفزازهم وتلفيق التهمة لهم ليصدوهم عما هم سائرون عليه من نصح وإرشاد في النوادي الأدبية الفنية التي كونوها في البلاد .
    كانت النوادي الأدبية والرياضية والفرق المسرحية التابعة لها والصحافة أيضاً هي المنابر التي يتحرك الشعب من خلالها لتوعية الجماهير وصد المظاهر الشريرة التي بثها المستعمر وأعوانه في البلاد . فقدمت هذه النوادي العديد من اللقاءات الأدبية والفنية للرفع من معنويات الجماهير ولتهديهم سواء السبيل وكان نادي الاتحاد واحداً من هذه التجمعات الشبابية التي قدمت القضية الوطنية والقومية .
    فها هي فرقة نادي الاتحاد المسرحية تقدم من تأليف الأستاذ الشيخ محمود عمر المسلاتي مسرحية ( مضار القمار ) وكانت من إخراج عمر الباروني وهي مسرحية اجتماعية أخلاقية تظهر مساوئ القمار ومضاره على الفرد والأسرة والمجتمع .. فالقمار سلوك محرم شرعاً لأنه يهدف إلى تدمير اقتصاد الأسرة والمجتمع ويغلب طبقة على أخرى وبالقمار تحدث الفتن وتحاك الدسائس والمكائد ، وتدمر الأنفس ، وبالتالي تقضي على مقومات المجتمع دينياً واجتماعياً واقتصادياً . ولما كانت ( مضار القمار ) كذلك فقد برهن نادي الاتحاد وفرقته عملاً لا قولاً على حدها في مضمار الرفع من معنويات الشعب وشد أزره في المحن والشدائد .. فقد خصص دخل المسرحية لصالح منكوبي وادي المجينين . كما فعل نادي العمال وفرقته المسرحية . كان عرض مسرحية (مضار القمار) بتاريخ 6- 2 – 1945 .
    وكما أعلم ويعلم الجميع أن شباب النوادي والفرق المسرحية ليس لها دخل غير دخل الشباك وهو غير كاف لاستمرار العمل الفني . فالعاملون في النوادي والمجال الفني بالذات يقومون بأعمال غير ما يقدمونه للجماهير ولذلك نجد الأعمال الفنية خاصة لاتقدم بانتظام وعلى فترات متباعدة . فبعد أكثر من سنة قدمت فرقة نادي الاتحاد للمسرح في 28 . 6 . 1946 مسرحيتها ( خليفة الصياد وهارون الرشيد ) والجدير ذكره أن هذا العنوان قد قدم تحته الفنان محمد عبدالهادي أيضاً مسرحية نالت شهرة واسعة من شرق ليبيا وحتى غربها وهي مسرحية اجتماعية أخلاقية فكاهية . ولم يذكر أحد عن هوية مسرحية نادي الاتحاد التي جاءت متأخرة عن مسرحية محمد عبدالهادي .
    وقد نقد الأستاذ الهادي عرفة مسرحية نادي الاتحاد ( خليفة الصياد وهارون الرشيد ) على صفحات جريدة طرابلس الغرب وشكر نادي الاتحاد وفرقته المسرحية على الجهود المبذولة في هذا المجال مشجعاً إياهم على تناول مثل هذه الموضوعات .
    كما أثنى الناقد على الجمهور المشجع للمسرح .. هذا التشجيع من النقاد والجمهود أوقد شعلة الحماس في نفوس أعضاء الفرقة فتقدمت بخطوات ثابتة إلى الأمام باختيارها نصوصاً من المسرح العالمي .

    المسرح الليبي في مائة عام ..
    ” بشير عريبي ونادي العمال ”
    بقلم/ المهدي أبو قرين ..

    أثناء تحضير نادي العمال مسرحية (غرام وانتقام )عام 1944م للعرض من قراءة للنص واختيار الممثلين تم تجهيز الملابس والمناظر والمهمات الأخرى تقابل الفنان الأستاذ بشير عريبي مع شاب وسيم تعلو وجهه حمرة الخجل كلما أراد التحدث يقول الأستاذ بشير عريبي في مذكراته عن (الفن والمسرح في ليبيا ص166( .
    “أخذ الشاب يحدثني ورأسه مطرق إلى الأرض قال: أنا من مواليد مصراته عمري 20 سنة، كنت أدرس بالقاهرة، وعندما كنت عائداً عن طريق البر إلى مصراته ألقى البوليس الحربي البريطاني القبض عليّ في بنغازي بتهمة التجسس لصالح الجيش الألماني وجيئ بي إلى طرابلس، وأدخلت سجن باب بن غشير، بعد تحقيقات دامت مدة طويلة أفرج عني. ليس لي أهل بطرابلس ولا أعرف أحداً، ولقد علمت بأن أغلب نزلاء فندق الحصائري من تجار مصراته وهم يخزنون في حجراته الحصران، فجئت لهذا الفندق لعلي أجد من بين التجار من أعرفه فيقرضني بعض النقود لأسافر إلى مصراته.. وسكت.
    يصف الأستاذ بشير عريبي حال صاحبه المصراتي بأن مظهره الخارجي يرثى له مما دفعه إلى أن يعطيه معطفه ليستر به ملابسه الممزقة ثم أخذه إلى النادي ليستريح ولم يصرح الأستاذ عريبي في مذكراته باسم صاحبه هذا؟!
    ويردف بشير عريبي: في النادي تعرف المصراتي على.. حسن (حسن يوسف) وحمدي (محمد حمدي) والدكتور (د. مصطفى العجيلي) وقنابة (الشاعر أحمد قنابة) وبقية أعضاء النادي… وطلب (بشير عريبي) من الأصدقاء مساعدته.. فانهالت عليه التبرعات وأصبح من يومها يتردد على النادي وأصبح صديقاً لهم وكسب بلباقته ثقة الجميع واتضح أنه يحسن الغناء وخاصة الجديد منه، وقد كلف المصراتي بأن يقوم بدور القائد في تمثيلية (غرام وانتقام ) ..
    وهكذا دخل المصراتي المسرح من أوسع أبوابه”
    يقصد الأستاذ المرحوم بشير عريبي بأن بعض الممثلين يتدرجون في مجال التمثيل المسرحي بخطوات وئيدة أدوار صامتة ثم أدوار ثانوية ثم أدوار دون البطولة ثم بعدها أدوار البطولة في المسرحية ولكن المصراتي تخطى هذه الأدوار وقفز إلى أن يكون البطل بامتياز في أول عمل مسرحي يشارك فيه.
    لم تكن أعمال فرقة نادي العمال وهي سهرات فيها المسرح والغناء والأناشيد.. لم تكن حكراً على جمهورها الذي ألفها وألفته داخل مقر النادي ولا حتى على جمهورها من أهل الوطن فقد تعدته إلى أبعد من ذلك فها هي تقدم فنها الرفيع إلى قوة الدفاع السودانية التي استقدمت من السودان من قبل الإنجليز إلى مدينة طرابلس.
    فبمناسبة عيد الفطر المبارك خصصت فرقة نادي العمال إحدى حفلاتها بالمناسبة للبعثة السودانية فقدمت الفرقة مسرحية (ناكر الجميل) وهي مسرحية اجتماعية أخلاقية ومسرحية فكاهية بعنوان (الدكتور) على مسرح المعرض.
    عندما كانت فرقة تمثيل نادي العمال تعمل تحت اسم فرقة مكتب الفنون والصنائع قدمت عرضاً فنياً (مسرح وموسيقى وطرب) لنزلاء مستشفى طرابلس المركزي.
    كان ضمن حضور هذا العرض شاب يعمل في صيدلية المستشفى اسمه مصطفى الأمير.
    اشترك مصطفى الأمير في فرقة نادي العمال والتي كانت في الأصل (فرقة مكتب الفنون) وكان العمل الجديد لفرقة نادي العمال مسرحية (العودة إلى المدرسة) وهي من تأليف وإخراج الدكتور مصطفى العجيلي وهي مسرحية أدبية تربوية تدعو الناشئة إلى الدرس والتحصيل لأن العلم يحيي كل شعب ميت.
    فأضافت فرقة النادي بعملها الجديد هذا رصيداً إلى رصيدها المسرحي وفناناً إلى الفنانين السابقين هذا الفنان هو مصطفى محمد الأمير.
    جاء في كتاب الأستاذ بشير عريبي (الفن والمسرح في ليبيا) ص173
    اشترك في هذه التمثيلية يعني (مسرحية العودة إلى المدرسة) إلى جانب الممثلين القدامى ممثل جديد يهوى التمثيل من كل قلبه عشق التمثيل منذ أن رأى فرقة مدرسة الفنون تقدم المسرحيات الترفيهية على مرضى مستشفى طرابلس المركزي أيام كان يعمل بصيدلية المستشفى اسمه مصطفى محمد الأمير.
    شاب عصامي شق طريقه فيما بعد بجهوده وأسهم في تأسيس الفرقة القومية، بعد مسرحية (العودة إلى المدرسة) قدمت فرقة نادي العمال مسرحية اجتماعية أخلاقية من ثلاثة فصول هي مسرحية (خيانة الأصحاب) تأليف الفنان حسن يوسف وإخراج الدكتور مصطفى العجيلي.
    لم ينس أعضاء فرقة نادي العمال كيف نشأوا ثم كيف صاروا ولا من أين أتوا فهم تلاميذ مكتب الفنون والصنائع الإسلامية.. لذلك قرروا أن يقدموا لأطفال هذا المكتب حفلاً شيقاً، فاستقبلوهم بمسرح النادي وعرضوا لهم مسرحية (خيانة الأصحاب) ولما كان جمهور هذا العرض من الأطفال فقد غيّر الفنان محمد حمدي في أدائه للدور الذي يقوم به بحيث يتلاءم ورؤيتهم وفهمهم. فاستعاض عن الجمل الطويلة بالحركة والإشارة فضحك الأطفال واستطاع الفنان محمد حمدي بأسلوبه أن يوصل مفهوم المسرحية لأطفال صغار .

  • ليبيا مائة عام من المسرح ” 1908م- 2008م ” أو هكذا تكلم المسرحيون -1-1..أعداد: نوري عبدالدائم أبوعيسى

    ليبيا مائة عام من المسرح ” 1908م- 2008م ” أو هكذا تكلم المسرحيون -1-1..أعداد: نوري عبدالدائم أبوعيسى

    %25D9%2584%25D8%25A8%25D9%258A%25D8%25A7

    ليبيا مائة عام من المسرح ” 1908_ 2008 ” أو هكذا تكلم المسرحيون / نوري عبدالدائم أبوعيسى
    مجلة الفنون المسرحية

    ليبيا مائة عام من المسرح ” 1908_ 2008 ” أوهكذا تكلم المسرحيون
    أعداد: نوري عبدالدائم أبوعيسى

    الجزء الأول

    الإهداء

    إلى ..
    أبي و أمي
    غفر الله لهما وشملهما برعايته ولطفه، وأسكنهما فسيح جناته ..
    إلى …
    أسرتي الصغيرة جداً ..
    إلى ولدي ” محمد ”
    دام قرة العين ..
    ودامت له الأوقات الطيبة .

    المعد

    مقدمة

    ترجع فكرة تجميع وتصنيف ما كتب من قراءات نقدية مسرحية للكاتب الصحفي الصديق ” أحمد الفيتوري ” عندما أشار باختيار بعض المقالات النقدية وإعادة قراءتها وتجميعها في كتاب منذ أكثر من عشر سنوات ..
    استيقظت هذه الفكرة وكبرت أثناء اشرافي على المشهد الفني بصحيفة ” أويا ” التي رأس تحريرها الكاتب الصحفي ” محمود البوسيفي ” وفتح ملف ” مئوية المسرح الليبي .. 1908-2008 م ” اعتماداً على مجهودات الكاتب والباحث المسرحي ” البوصيري عبدالله ” والراحل ” المهدي بوقرين ” فيما بعد.. ً حيث تمت دعوة كل المهتمين بالشان المسرحي ” كتّاب ، مخرجين ، ممثلين، … ” للمساهمة في إثراء هذا الملف إضافة إلى تبني الزملاء بالصحيفة عديد الحوارات والتحقيقات والمتابعات ، وإعادة نشر ما تيسر من مساهمات مسرحية في عديد الصحف والمجلات ..أثناء تبويب ” الكتاب “تعاملت مع ما أتيح لي من مواد مسرحية في ذات الوقت حاولت تغطية مالم يتاح نشره في ذلك الوقت من بعض الإصدارت وترحيل بعض المواد إلى ” الجزء الثاني ” من الكتاب الذي سأحاول فيه تغطية عديد الجوانب المهمة والملحة التي لم أتمكن من إيفائها حقها في هذا الإصدار ..
    ولأن المكتبة الليبية تفتقر الى دراسات تعنى بالشأن المسرحي الليبي ورصده ، فما توفر منها لم تف حق مسيرة مائة عام من المسرح ، رغم مساهمات العديد من الكتّاب والنقاد والمسرحيين أمثال ” المرحوم بشير عريبي ، المرحوم سليمان كشلاف ، البوصيري عبدالله ، أحمد بللو ، أحمد عزيز ، عبدالحميد المجراب ،الراحل محمد الزوي ، الراحل المهدي بوقرين ، سعيد المزوغي ، منصور بوشناف ، عبدالله هويدي ،ناصر الدعيسي ، علي يوسف رشدان ، د. عبدالله مليطان ….. وأخرون ” إلا أن العديد من هذه المساهمات ما تزال الى الأن متناثرة في العديد من الصحف والمجلات الليبية ولم تجمع الى الأن لتأخذ طريقها نحو النشر .
    ربما خروج هذا الإصدار” ليبيا … مائة عام من المسرح أو هكذا تكلم المسرحيون ” يساهم في تغطية جزئية صغيرة من مساحة كبيرة ..

    نوري عبدالدائم أبوعيسى
    جنزور / قامارا
    16/ 11 / 2009 م

    الباب الأول …
    تأريخ … بدايات …. ريادة

    ” هذا الباب يعني بالشان التأريخي يشمل هذا الحوارات والدراسات وتراجم بعض الشخصيات ”
    المعد

    ماذا لو ..
    بقلم / كامل عراب

    ماذا لو تنادى ممثلو المسرح الأقدمون من الجنسين الذين هجروه لسبب أو لآخر فاختاروا نصاً ملائماً يجسدونه على خشبة المسرح فيما يشبه المهرجان الوطني ألا يكون ذلك لافتاً وممثلاً لظاهرة لعدة أيام تحرك هذا الركود المسرحي وتبعث حرارة لدى جمهور المسرح وتجدد ذكريات هؤلاء الممثلين وتبعث فيهم روح الشغف بالمسرح من جديد أعتقد أن ذلك ممكن ولا بأس من أن يحتفل هذه الأيام سرد لذكريات ومواقف ومفارقات مرت بالممثلين القدماء عندما كانوا يملأون الخشبة بحضورهم ألا يبعث ذلك روحاً من التواصل بين الأجيال وينشط ذاكرة هذا الجمهور الذي اعتاد أن يراهم وهم في طفرة الشباب وعنفوان العطاء والحماس هذه فكرة أضعها بين يدي المهتمين لعلها تجد صدى ولعلها أيضاً تكون إشارة تفتح نافذة على جزء من تاريخ المسرح هذا التاريخ الذي يحفل به الآن الملف الفني في صحيفة أويا الغراء في الاحتفال بمئوية المسرح أتصور أن ذلك ممكن.

    أول الغيث ..وطن
    بقلم / البوصيري عبد الله
    كان لإعلان الدستور ( المشروطية ) أعظم وقع في نفوس الشعوب العربية والإسلامية الواقعة تحت السيطرة العثمانية ، واستقبلته استقبالا بهيجا يليق بعشقها إلى الحريات ، وميلها الغريزي إلى التعبير عن حاجاتها الإنسانية العظيمة كحرية الاعتقاد والتفكير والاضطلاع والتصريح بما يحس به تجاه الدولة والحاكم ، فكانت سانحة مقدسة تفجرت فيها الانفعالات العاطفية بقوة مدهشة ، فجلجل الخطباء بأكثر الخطب حماسة ، وشدا الشعراء بأعظم القصائد، كان بحق مهرجانا جمع بين أجمل الكلم واسمى الصور، وأنبل العواطف حتى قالت إحدى الصحف : إن الخطب والقصائد التي قيلت في هذه المناسبة ( لو جمعت لملأت مجلدات كثيرة) . ولا عجب في ذلك ، فإنه يعد أعظم حدث على مستوى الحياة الديمقراطية في تاريخ الدولة العثمانية ومستعمراتها.
    وفي سنة إعلان دستور الحريات هذه تعرف مجتمعنا على المسرح بمفهومه العلمي الدقيق ، وفي إحدى تلك الصحف نعثر على أول إشارة لهذا المسرح.
    * أول الغيث… وطن :
    كانت الحرية في الواقع ، هي الغيمة المباركة التي جاءتنا بهذا الغيث ، وكان أول الغيث مسرحية بعنوان ( وطن ) .
    فلا غرابة إذن في أن يكون العرض المسرحي الأول في مستوى الأحداث السياسية ؛ لذا كان في مظهره الخارجي أقرب إلى الاحتفال الرسمي منه إلى العرض المسرحي المعتاد ، فاكتظت القاعة بالشخصيات السياسية ، والدبلوماسية ، وقناصل الدولة ، وضباط الجيش .. كان كل شيء يوحي بأن مهرجانا على مستوى عال في صفته الرسمية يوشك أن يبدأ.
    وتنقل لنا صحيفة ( الترقي) في عددها الصادر بتاريخ 15 من شهر رمضان لسنة 1326 هـ الموافق 11 أكتوبر سنة 1908م. مظاهر هذا الاحتفال ، وبنفس اللغة التقريرية الصحفية التي تنقل بها الاحتفالات الرسمية مما يدل على سيطرة الروح الرسمية على مشاعر الجمهور ، فتقول الصحيفة :
    ( … فما وافت الساعة الثالثة حتى غصت قاعة التمثيل بالحضار من بينهم قناصل الدول وكبار المأمورين وكثير من العائلات من أعيان النزلاء. )
    ثم تستطرد الصحيفة قائلة :
    ( وعندما رفع الستار تقدم “اليوزباشي خيري أفندي ” وتلا خطبة تاريخية حماسية ) تنقل لنا الصحيفة أهم فقراتها التي ( أثبت فيها الخطيب ما للعثمانيين من الفخر .. وما تقلبت فيه من الأدوار وأبان بالخصوص الدور الاستبدادي الأخير وكيف تضافر شبان العثمانيين على قطع تلك السلسلة الاستبدادية واستعادة دم الحياة في جسم الدولة العلية بإعادة الدستور وإعلان الحرية .إلخ(1)
    ولم يكن هذا المظهر الرسمي ( برولوج) للحفل المسرحي وإنما كان حدثا مسيطرا وطاغيا على مشروع العرض المسرحي في حد ذاته حتى تميز العرض المسرحي ببرود إذا ما قورن بالأحداث الجانبية ، لما لها من صفة رسمية واضحة ، وخاصة في الفقرة الأخيرة التي أعقبت نهاية عرض المسرحية ، إذ ارتفع الستار عن مؤسسي الحرية ( مدحت باشا ) وشريكه مؤلف الرواية ( كمال بك ) محمولين على الأعناق وقد قرأ منأوبة تأبين المذكورين من طرف الأديب الكاتب ( حلمى بك ) كما ساهم الممثلون في قراءة التأبين منأوبة أيضا.(2).
    ويبدو أن المشهد كان بالغ التأثير إلى حد تخيل فيه محرر المقال ( ان أرواح المرحومين ترفرف على ) الحاضرين . وبعد ذلك جاء دور القصائد والأشعار حيث ( قرأت قصيدة مصورة للحالة الاستبدادية وبينت ) كيف أزيلت من نظم ” حلمى بك” المومي وهكذا تواصل الحفل إلى ما بعد السادسة ليلا وانفض الجميع والكل يلهج بالثناء على حضرات الممثلين).
    والواقع أن هذا المشهد الاحتفإلي المواكب للعرض المسرحي ليس جديدا على المسرح العربي ، سواء في مظهره أو في مضمونه ؛ فمن ناحية المظهر كانت النظرة دائما تتجه صوب فكرة ان عرض المسرحية مناسبة لا مندوحة من استهلالها بمهرجان خطابي يعبر فيه المتكلمون عما يجيش في صدورهم تجاه مؤسس العرض ، وأحيانا يعبر فيه مؤسس العرض خطابيا عما يجيش في صدره تجاه جمهوره ، أو تجاه بعض الشرائح المنتقاة ، هكذا شاهدنا ( النقاش ) و( القباني) وصنوع ، كلهم استهلوا حفلاتهم الجنينية الأولى بالخطاب قبل التشخيص .
    أما من ناحية المعني، والشكل أيضا ، فقد تشابه هذا الحدث مع ما فعله (سلامة حجازي) عند وفاة ( مصطفي كامل ) في 8 من شهر فبراير سنة 1908م. فعندما ( اكتظ المسرح بالجمهور ورفعت الستارة عن منظر مجلل بالسواد ، وفي صدره صورة الزعيم الراحل وقف سلامة وأنشد القصيدة بصوته الرخيم )(3) فهل هذا التشابه كان محض المصادفة وحدها ، أم أنه دليل اطلاع ومتابعة لما يحدث في الأراضي العربية المجأورة ؟
    * العرض الثاني :
    إن هذا العرض الذي تم في مساء يوم الاثنين الموافق 10 من شهر رمضان سنة 1326هـ ، إنما هو العرض الثاني لمسرحية ( وطن) فمتى .. وكيف تم عرض هذه المسرحية لأول مرة ..؟
    إن المصادر التي بين أيدينا لا تقدم لنا الإجابة ، ولم نعثر في صفحاتها عما يمكن أن يجعلنا نثبت به تاريخ العرض الأول لهذه المسرحية ، ولكن يبدو أن العرض الأول كان عرضا خاصا ، وعلى سبيل التجريب أو ما يسمى في لغة المسرح ( بالتجارب النهائية) (LA REPETATION JENRALE) أو أنها عرضت في حدود ضيقة في مثل هذه الحالات ، وإلا ما هي الدوافع التي أعطت للعرض الثاني هذه الصفة الرسمية التي أشرنا إليها في سياق الحديث ؟.
    وعلى أية حال توجد أخبار على الصحف المحلية تشير إلى تقديم عدة عروض لنفس المسرحية ، ففي صحيفة ( طرابلس الغرب) الصادرة بتاريخ 13 ذى القعدة لسنة 1326 هـ نقرأ خبرا يفيد تقديم هذه المسرحية على شرف قائد الطراد الدانمركي القائم مقام شولتز . الذي زار طرابلس . خلال شهر تشرين الثاني 1908م. حيث أدبت لشرفه مأدبة حافلة ليلة الثلاثاء في دائرة القوماندان مثلت لجنابه رواية وطن (4).
    إن هذا العرض جاء بعد شهرين كاملين (5) من تقديم العرض الثاني الذي اشرنا إليه . مما يدل على أن مسرحية ( وطن) كانت ماثلة دوما في أذهان ممثليها . وأن الفرقة كانت أبدا على أهبة الاستعداد لتقديم مسرحيتها هذه في أي مكان ، وفي كل المناسبات .
    * ملخص المسرحية :
    تلخص لنا صحيفة ( الترقي) التي نقلت لنا وقائع الحفل المسرحي هذه المسرحية بقولها : إن هذه الرواية تمثل حب الوطن تمثيلا صحيحا . وتشخص ما للعثمانيين من الحماسة والمزايا والأخلاق الحسنة ، كما أنها تدل أن لا حياة ، ولا لذة إلا بسلامة الوطن والدفاع عنه (6).
    إن هذه السطور القليلة لا تشبع نهمنا إلى المعرفة ، خاصة أنها تركز اهتمامها على المضمون وحده دون التلميح إلى البناء الدرامي ، أو الإشارة إلى الأحداث التي بنى عليها الفعل المسرحي ، كأن كاتب المقال يرغب في إحالتنا عنوة إلى النص الأصلى للمسرحية المعنية ، وليس أمامنا إلا أن نستجيب لما أراد لنعوض ما ضنّ به علينا ، ونعطي للقارئ فكرة شاملة عن أول مسرحية يقدمها مسرحنا الليبي.
    ( إسلام بك ) ضابط تركي شاب ، ينتمي إلى أسرة برجوازية صغيرة ، ولكنه يحمل أفكارا مستنيرة تقدس الوطن ، وتعشق الحرية ، يتعرف (إسلام بك ) على فتاة تركية جميلة المحيا ، نبيلة المشاعر ، وتنتمي إلى نفس الطبقة الاجتماعية ، تلتقى أفكار إسلام بك مع أفكار فتاته ( زكية خانم) فتعمق وحدة الانتماء والأفكار قصة حبهما ، ويهيم أحدهما بالآخر . فجأة تعلن ( روسيا ) الحرب على بلادهما ، وتجتاح جيوش (القيصر) الأراضي التركية ، وتحتل إمارات ( الدانوب ) وتحاصر مدينة ( سلسترا)(7) وهنا يقع إسلام بك في حيرة ، ويرتبك عقله ، ويصير عاجزا عن العمل والتفكير ، هل يستجيب إلى قلبه الذي يهيم عشقا وحبا بفتاته الجميلة ( زكية)؟.
    إن للوطن عشاقا كثيرين أما ( زكية) الجميلة فلها عشيق واحد .. إنه هو ..( إسلام بك)
    وتتصاعد الأحداث على الجبهة ، وتتحصل ( تركيا) على حلفاء يساعدونها على اجتياز محنتها و( إسلام بك) الذي يدعي الوطنية ، ويتشدق بالحرية مازال سجين تردده ، وأفكاره ، الغامضة . وفي لحظة صدق يقف( إسلام بك ) أمام ذاته وجها لوجه فتتبين له الحقيقة السامية على ان الوطن هو العشيق الحقيقي الذي يختزل كل أنواع العشق ، وهنا يقرر أن يذهب إلى موقع المعركة ، ويقف مخاطبا في جنوده الذين يكنون له حبا عميقا ، وينظرون إليه نظرة تقدير وإجلال على ما عرف عنه من وطنية ، فيقول.
    إن الذي يحبني لا يفارقني.
    وهكذا يتبعه العديد من الضباط والجنود الأتراك. وتصل صرخته إلى أذن عشيقته ( زكية ) فيزداد حبها له ، وتعلو معنوياتها بعلو مواقفه .
    وفي موقع المعركة يلاحظ ( إسلام بك ) جنوده الأتراك وزملاءه الضباط وهم يدافعون في بسالة وشجاعة عن قلعة ( سلسترا) ويواجهون الجيوش القيصرية بتصميم أسطورى على النصر غير ان أكثر هؤلاء الجنود حماسة كان شابا جميل الصورة ، حلو السمات ، كان يتبع ( إسلام بك ) في كل مواقعه ، ويخوض بحماسة كل المعارك التي قادها . وفي إحدى المعارك يصاب ( إسلام بك ) بجراح خطيرة يظل على إثرها فاقد الوعي، طريح الفراش .
    وتنتصر (تركيا) وحلفاؤها ، وتعود الجيوش القيصرية تجر أذيال الخيبة والهزيمة ، غير أن ( إسلام بك ) لم يشهد هذا المشهد المثير للعواطف الوطنية ، فلقد طال مرضه ، مما استدعى بقاءه خارج الجبهة ، وشيئا فشيئا يتماثل للشفاء ، وعندما التفت حوله وجد ذلك الشاب الجميل بجانب فراشه ، يقوم على خدمته ، ويخفف من آلامه .. وبعد حوار قصير ومركز يدور بين الطرفين تتبين الحقيقة الجميلة لـ ( إسلام بك) ألا وهي أن الجندي الوسيم الباسل ما هو في حقيقة الأمر سوى عشيقته ( زكية خانم) التي كانت متنكرة في ثياب الجند .. لقد تبعته لأنها تحبه ، وتنتهي المسرحية بزواج الطرفين.

    * مؤلف المسرحية :
    هذه هي مسرحية ( وطن .. أو سلسترا التي ألفها ، كما تقول الصحيفة (كمال بك) الشهير ولكن من هو ( كمال بك الشهير ) هذا الذي حمل الممثلون صورته على الأعناق ؟
    إنه الأديب والمسرحي التركي والشاعر الغنائي الكبير ( محمد نامق كمال ) الشهير ب ( نامق كمال ) ولد سنة 1840 م. وهي الفترة القلقة في حياة الإمبراطورية العثمانية ، وشاء القدر ان تلعب هذه الشخصية دورا بارزا في الحياة الأدبية والسياسية أيضا. إذ ساعدت قصائده الغنائية على انتشار الفكرة الوطنية ، ولم يكتف بذلك بل تزعم الانقلاب واعتبر تعينه ( باشكاتبا) من أهم الشروط التي طرحها مدحت باشا على ( السلطان عبد الحميد ) الذي نكث بعهده فيما بعد.
    ويعتبر نامق كمال من أبرز رجالات الأدب التركي خلال القرن التاسع عشر، وعلى يديه توطدت دعائم المدرسة الأدبية الحديثة التي أسسها أستاذه الأديب ( شناسي) الذي يعد زعيم المدرسة الأدبية الحديثة في ( تركيا) .. وترى دائرة المعارف الإسلامية أن نامق كمال .. ( كان فنانا عظيما ، ومجاهدا جلدا وكاتبا مكثرا ووطنيا كبيرا ). وتقول دائرة المعارف الإسلامية إن الفن عنده (كان وسيلة لإحداث نهضة أدبية في البلاد ، فأمد الثورة الثقافية والسياسية في تركيا بذخر من مقالاته السياسية ومسرحياته ، وقصصه وأشعاره الوطنية ومصنفاته التاريخية ومباحثه النقدية ، بل ورسائله الخاصة ، ومن ثم كان له أعمق الأثر في هذا السبيل.(8)
    ثم أسس نامق كمال جريدة ( وطن) وهذا في حد ذاته يعد حدثا سياسيا خطيرا ، إذ نادت هذه الصحيفة بالدستور وبحق المواطن في الحكم وبالمحافظة على سنن الدين الإسلامي مما أغضب السلطات ، فأصدرت (فرمانها ) بنفيه إلى فرنسا وفي سنة 1888 م. مات الشاعر التركي العظيم في سجن ( ماغوسة) .
    وتنظر القوى الوطنية التركية إلى نامق كمال على أنه المؤسس الحقيقي لحركة الحريات ، وأنه الأب الشرعي للدستور الذي صدر سنة 1908 م. ومن ناحية ثانية فلقد عنى ( نامق كمال ) بالمسرح عناية فائقة ، شأنه في ذلك شأن أستاذه ( شناسي ) فألف العديد من المسرحيات الوطنية منها : ( كلنهام ) وعاكف بك و( زواللي جوجوق) بالإضافة إلى مسرحيته الشهيرة ( وطن ) أو سلسترا.(9)
    * ولكن .. من هو المخرج؟
    فإذا كان ( نامق كمال ) هو مؤلف أول مسرحية تقدم على خشبة المسرح الليبي ، فمن هو المخرج الذي استطاع ان يجسد هذه المسرحية ، ويحوّل أحداثها إلى فعل وحركة فوق خشبة المسرح ؟.
    إن صعوبة الإجابة لا تأتي من كوننا لم نعثر بعد على إشارة صريحة تحدد اسم المخرج ، ولكنها تأتي أصلا من عدم وضوح مفهوم الإخراج ، ومهمة المخرج في مسرحنا العربي عموما خلال بدايات هذا القرن ، وإن كلمة (الإخراج) لم تكن قد دخلت القاموس المسرحي العربي بعد . وكان يشار إليه بمدرب الممثلين ، وهي مهمة كان يقوم بها المؤلف، أو مدير الفرقة ، وأحيانا يقوم بها الممثل الأول كما كان يفعل ( القباني ) و ( النقاش ) و(القرداحي) بل وسلامة حجازي الذي اعتاد على اختيار النصوص وتوزيع الأدوار والاحتفاظ لنفسه بالدور الرئيس فيها . وكان مدرب التمثيل مضطرا في كثير من الأحيان للقيام بمهمة التلقين لتساعده في إعطاء الإشارات التي توجه الممثل وتملي عليه بعض الأفعال كأن ينتقل من موقع إلى آخر ، أو تطلب منه رفع الصوت ، وغير ذلك من الإشارات التي يأتي بها الملقن من داخل وكر أو كوشة التلقين ، أو من خلف الستارة أحيانا. ولم يظهر الإخراج المسرحي في مسرحنا العربي بمعناه العلمي الدقيق إلا مع ظهور الفنان المبدع ( عزيز عيد ) الذي وسع من اختصاصات مدرب التمثيل إلى ان أصبح مؤلفا للعرض المسرحي .
    لذا فإننا نعتقد أن مؤسس الفرقة والقائم بأعمالها هو نفسه مخرج مسرحية ( وطن ..) .. وفي هذا المجال تشير الصحف إلى شخص محمد قدري المحامي.
    في صحيفة ( الترقي ) الصادرة بتاريخ 30 من شهر شعبان سنة 1326هـ. نعثر على خبر يفيد أن ( حضرة الفاضل الغيور ) محمد قدري أفندي المحامي ) قد أوقف تجارب على مسرحية من تأليفه لأنها ( تستدعي زمنا لاستكمال معداتها ) وعليه فقد رأت الهيئة القائمة بهذا العمل المفيد أن لا تضيع الزمن في الانتظار فاختارت أن تمثل رواية ( وطن) تأليف ( كمال بك) الشهير وقررت الشروع في ذلك وأجرت الترتيبات الأولية لتنفيذ عزمها في العشر الأوائل من شهر رمضان المعظم (10)
    وفي عدد آخر من صحيفة ( الترقي) تشكر الجريدة شباب الفرقة المسرحية على توزيع واردات الرواية على الفقراء والمحتاجين ، بل إنها تخص بالشكر ( أهم العوامل فيها ) محمد قدري المحامي (11) .
    أما صحيفة طرابلس الغرب فإنها تستعير اسم جريدته الناطقة باللغة التركية عند الإشارة إلى الفرقة التي قدمت مسرحية ( وطن ..) وهذا كله يضع أمامنا أدلة كافية على بروز دور ( محمد قدري المحامي) وعلى مكانته داخل هذه الفرقة وهي مكانة تؤهله لأن يتولى مهمة الإخراج ، أو تدريب الممثلين حسب مصطلح ذلك الزمان.

    * * *

    و ( محمد قدري ) المحامي من عائلة جزائرية الأصل ، هاجرت إلى ( ليبيا) فرارا من الاستعمار الفرنسي ، واستوطنت مدينة طرابلس ، وفيها ولد محمد قدرى المحامي ، وتلقى تعلميه الأول في المدارس الراشيدية ثم سافر إلى ( اسطانبول ) لدراسة الحقوق هناك ، وفي تركيا التقى محمد قدري بالثقافة التركية عن قرب ، وقد كانت هذه الثقافة تجنى آنذاك ثمار الفكر التي غرستها التيارات الأدبية الحديثة والداعية إلى التقدم والتحرر يتزعمها الكاتب والأديب ( شناسي). وزميلاه ( ضياء باشا ) و ( نامق كمال ) ولابد ان محمد قدرى قد شاهد الحركة المسرحية التي بدأت تفرض وجودها على الحياة التركية من جراء اتصال المثقفين الأتراك بالأدب الأوروبي ، وبداية حركة الترجمة عن اللغات الأوروبية ، بل إننا نميل إلى الظن ان محمد قدرى قد شاهد مسرحية ( وطن ) تعرض على احد المسارح التركية حيث كان لهذه المسرحية شهرة واسعة لما تحتويه من بعض الصفات الرومانسية مقرونة ببعض الأفكار الطليعية والتحررية التي كانت تستهوي الشباب التركى .
    ومن ناحية ثانية نلاحظ تقاربا كبيرا في حياة ( نامق كمال) وحياة محمد قدرى ، وربما كان دخول محمد قدرى إلى مجال المسارح والصحافة واهتمامه بالسياسة دليلا واضحا ، لا يقبل النقض ، على مدى تأثر محمد قدرى بشخصية نامق كمال ، ومدى سيطرة هذه الشخصية الفذة على نفسيته وثقافته ، بل وعلى مواقف محمد قدرى عموما. اننى أراه تأثيرا حادا يوصله بشخصية أستاذه الروحي، فتتوحد المواقف والأفعال بتوحيد الأفكار والآراء وإذا كان الأديب ( نامق كمال ) قد أسس جريدته ( وطن) ليدافع من خلالها عن الحريات العامة ، فان محمد قدرى قد حذا حذو أستاذه فأسس هو الآخر بعد عودته من استانبول جريدة ناطقة باللغة التركية ، اسماها( تعميم حريت)(12) دافع فيها عن القضايا الدينية والوطنية ، ونوه من خلالها مرارا على النوايا الخطيرة والخبيثة التي تكنها الحكومة الايطالية تجاه البلاد الليبية وكما كان لـ ( نامق كمال ) دور سياسي وتحريضى ، فان لـ (محمد قدرى ) مواقفه السياسية التي أكدها بانتسابه إلى حزب (الاتحاد والترقي ) الذي كانت له فروع وإدارات نشطة في كل من ( طرابلس) و (بنغازي ) بل ان محمد قدرى ارتقى بمواقفه السياسية خطوة أكثر ايجابية نوهت إليها الصحف المعاصرة له ، وباركت خطواته النبيلة في قيامه بحملات التبرع للفقراء والمحرومين .
    ويأبى التلميذ إلا ان يكون كأستاذه فيلجأ للمسرح فيؤسس فرقة مسرحية ويخرج لها ، بل ويكتب مسرحية عن ( محاكمة المستبدين ) وعندما كثرت مشاغله واهتماماته هجر الصحافة ، وترك الكتابة الصحفية ليعطى كل اهتمامه للجيل الجديد حيث عين مديرا لمكتب الفنون والصنائع ، وربما اختار هذا المنصب لأنه لا يحتاج منه ان يبذل نشاطا ذهنيا مركزا ، كما هو الحال في العمل الصحفي ،ولكنه لم يستطع أن يتخلى عن حبه للمسرح ، فاستمر في كتابة الأعمال المسرحية ، مواصلا تجاربه مع طلاب مكتب الفنون والصنايع وذِلك – استنادا إلى ما قراناه في الصحف من إعلانات عن تقديم وعروض مسرحية داخل مكتب الفنون والصنائع في عهد إدارة محمد قدرى المحامى.
    وتبلغ درجة التماثل بين الرجلين أدق صورها في النهاية التي أل إليها كل منهما ، فكما نفي ( نامق كمال ) إلى فرنسا ، لمواقفه السياسية والثقافية ، فان محمد قدرى قد فضل المنفي الاختياري بهروبه خارج البلاد عندما داهمته القوات الايطالية ، فاختار الغربة ولكن في وطن أستاذه الروحى العظيم ( نامق كمال).

    المصادر والمراجع
    1- حب الوطن : الترقي – العدد الصادر بتاريخ 15/رمضان /1326هـ
    2- نفس المصدر السابق.
    3- الدكتور فؤاد رشيد. تاريخ المسرح العربي سلسلة كتب للجميع العدد 49 فبراير 1960 م. الصفحة 31.
    4- طرابلس الغرب العدد 1265 – السينة 38 الصادر بتاريخ 13 – ذي القعدة 1326 هـ الموافق 24 تشرين الثاني سنة 1324 مالية .
    5- كانت صحيفة طرابلس الغرب – تصدر مرتين في الأسبوع ، يوم الاثنين والخميس . ولم تكن الصحيفة تشير إلى يوم الصدور بل تكتفي بالإشارة إلى التاريخ فقط . ونتوقع أن صدور العدد المشار إليه يوافق يوم الخميس لأنه ضم أخبار يوم الثلاثاء . وهذا يعني أن تاريخ العرض الثالث لمسرحية وطن – يصادف يوم الثلاثاء الموافق 11 ذي القعدة لسنة 1326 هجرية .
    6- مقالة حب الوطن صحيفة الترقي .. مصدر سابق.
    7- انظر في هذا الخصوص كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية تأليف الأستاذ محمد فريد بك المحامي – مصدر سابق – .
    8- دائرة المعارف الإسلامية – سلسلة كتاب الشعب – المجلد – مادة الأتراك – صفحة 163: 167 دار الشعب – القاهرة .
    وانظر أيضا – جوجي زيدان في كتابه ، تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر – الجزء الثاني مادة محمد نامق كمال بك – صفحة 115- منشورات دار مكتبة الحياة – بيروت ، بلا – ت
    9- نجم ، محمد يوسف: المسرحية في الأدب العربي الحديث – دار الثقافة بيروت – لبنان . الطبعة الثالثة 1980 ص . 64.
    10- مقالة ( التشخيص ) جريدة ( الترقي) الصادرة بتاريخ 30 / شعبان / 1326 هـ الموافق 13 – أيلول – 1908 صفحة 3.
    11- مقالة ( استفدنا ) جريدة ( الترقي ) العدد 37 الصادر بتاريخ 7-صفر – 1327 هـ صفحة 3 العمود الأيسر.
    12- صحيفة ( تعميم حريت ) تأسست سنة 1908 وكانت ناطقة باللغة التركية . لمزيد من التفاصيل حول هذه الصحيفة انظر كتاب الاستاذ . على مصطفي المصراتي . صحافة ليبيا في نصف قرن.

  • يقدم الباحث الدكتور :جمال ياقوت.. أول موسوعة بحثية عن الإنتاج المسرحي..- مجلة الفنون المسرحية

    جمال ياقوت يقدم أول موسوعة بحثية عن الإنتاج المسرحي

    جمال ياقوت يقدم أول موسوعة بحثية عن الإنتاج المسرحي
    مجلة الفنون المسرحية
    “موسوعة الإنتاج المسرحي” تتتبع الإنتاج المسرحي انطلاقا من وظائفه وموارده وعناصره، فتخطيط المشروعات الإنتاجية، ومرورا بنظمه من آليات وأنماط.ا
    الموسوعة جاءت في خمسة أجزاء
    الموارد تشكل أهم مدخلات عملية الإنتاج المسرحي بشقيها الفكري، والمادي
    المشكلة تكمن في الاختيار وليس في الإنتاج نفسه

    محمد الحمامصي

    تعد “موسوعة الإنتاج المسرحي” للمخرج المسرحي وأستاذ التمثيل والإخراج والإنتاج المسرحي د.جمال ياقوت، الأولى مصريا وعربيا التي تتبع الإنتاج المسرحي انطلاقا من وظائفه وموارده وعناصره، فتخطيط المشروعات الإنتاجية، ومرورا بنظمه من آليات وأنماط، فأسسه النظرية والتطبيقية لتنظيم المهرجانات، وانتهاء بتسويق منتجاته. وقد جاءت الموسوعة التي صدر منها الجزء الأول بعنوان “مقدمة في الإنتاج المسرحي” في خمسة أجزاء.
    وقد أكد ياقوت صعوبة ما أقدم عليه من عمل بحثي كهذا حيث قال في مقدمته “واجهت صعوبات كثيرة أثناء إعدادي لبحث الدكتوراه في مجال الإنتاج المسرحي بسبب الندرة الشديدة للمراجع التي تناقش هذا الفرع المهم من دراسات الفنون المسرحية، كما لاحظت أن المعاهد والكليات المتخصصة لا تقوم بتدريس مادة للإنتاج المسرحي – عدا قسم الدراسات المسرحية بكلية الآدب بجامعة الإسكندرية الذي يدرس مادة الإنتاج المسرحي لطلبة الفرقة الثالثة في مرحلة الليسانس، ومادة الإنتاج والتسويق لطلبة الدراسات العليا في مرحلة الماجستير، كما يدرس قسم المسرح بجامعة عين شمس مادة الإنتاج بوصفها مادة اختيارية في مرحلة الليسانس. أما دون ذلك، فلا ذكر لهذا الموضوع المهم بين مواد الدراسة في المعاهد والكليات المتخصصة في منطقة الشرق الأوسط، أما في الغرب فهناك أقسام للإنتاج في المعاهد والكليات المتخصصة في فنون المسرح. هذه الأسباب وغيرها هو ما دفعني لكتابة هذا المرجع، وكان السؤال الأهم في هذا السياق، ما الموضوعات التي يمكن أن يطرحها الكتاب، والتي يمكن أن تؤدي إلى التعامل مع المسرح بوصفه صناعة تهتم بتحقيق الأهداف المرجوة من العملية الإنتاجية سواء كانت هذه الأهداف ربحية أو غير ربحية”.
    وقبل ذلك أوضح ياقوت أن للإنتاج – بصفة عامة – أهمية كبرى في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية، إذ يُعدُّ “الإنتاج وسيلة لإشباع الحاجات الإنسانية (الطعام، الشراب، الملبس، المسكن، التعليم.. إلخ)، ومن الملاحظ أيضا أن الإنسان لا يستطيع أن يجد إشباعًا مباشرًا لهذه الحاجات من الطبيعة، ولكن الأمر يحتاج إلى قيام الإنسان بمجهود يؤدي إلى إيجاد سلع وخدمات بقصد إشباع حاجاته. كما أن الإنتاج مصدر للدخل؛ حيث تحصل عناصر العمل على أجر، ويحصل صاحب عنصر رأس المال على الأرباح الناتجة عن الاستثمارات “.
    وأضاف “إن الإنتاج يُعنى بتحقيق القيمة المضافة بواسطة العنصر البشري – بصفته أحد أهم مدخلات العملية الإنتاجية – على مواد أولية للوصول إلى منتج نهائي يحقق منفعة ما، هنا تبرز أهمية الإنتاج بوصفه الآلية التي تتغير بها ملامح المدخلات بهدف الحصول على منتجات صالحة للاستخدام. فالشجرة التي تقتطع من الغابات لا يمكن استخدامها بالصورة التي أوجدت عليها في الطبيعة، لكن الإنسان يقوم بعمليات تحويلية تتمثل في تقطيعها وتهذيبها حتى تصل إلى صورتها النهائية في صورة ألواح منتظمة من الخشب توجه لصناعات متعددة في مجالات الأثاث، أو البناء أو أي مجال آخر، ليستفيد منها أطراف كثيرة على مر المراحل الإنتاجية التي تتمثل في الزراعة في بلد المنشأ، والقطع من الغابات، والنقل إلى المصانع، وإعادة التشكيل في صورة ألواح ومراين في المصانع، والبيع لتجار الجملة، والشحن البحري لبلد آخر، والتخليص الجمركي، والبيع لتجار محليين، والبيع لتجار التجزئة، والبيع للمصانع في البلد المستورد للأخشاب، وإعادة التصنيع في صورة منتجات نهائية، وأخيرًا البيع للمستهلك النهائي.
    وأشار ياقوت إلى أن الإنتاج بهذا الشكل – وما يشابهه في صناعات أخرى – يدر عوائد على أطراف كثيرة في كل مرحلة، العمال، والصناع المهرة، وشركات النقل، والتجارة، والمصانع، والمستهلك النهائي، كل هؤلاء يستفيدون من فكرة الإنتاج الذي تطور مع بدايات الثورة الصناعية، وزادت معدلات تطوره مع الثورة التكنولوجية؛ حيث استبدل العنصر البشري في السنوات الأخيرة بميكنة متطورة ساعدت في الحصول على منتجات عالية الجودة في أزمنة تشغيل قياسية، وهو ما أدى إلى تقدم دولة على أخرى اقتصاديًا.
    ويمكننا الاستدلال على أهمية الإنتاج بالنظر إلى بلد مثل الصين التي غزت العالم بكم هائل من المنتجات التي تقدم مستويات متباينة من الجودة، بدءًا من لعب الأطفال وحتى السيارات والطائرات والأجهزة التكنولويجة المعقدة. والمشكلة تأتي عندما نصدر أحكامًا عامة بأن المنتجات الصينية رديئة الجودة، استنادًا إلى المنتجات الصينية الرديئة التي غزت الأسواق العالمية في السنوات الأخيرة، وهو أمر يجافي الحقيقة، لأن المشكلة تكمن في رداءة اختيار المستورد الذي يبحث عن أرخص الأسعار بغض النظر عن الجودة، ويمكننا أن نتخيل المستويات المختلفة من جودة المنتجات الصينية عندما نكتشف أن غالبية المنتجات التي تباع في أسواق أميركا وأروربا – مثل الملابس والمفروشات – مصنوعة في الصين، وهي منتجات تتمسك بكل أسباب الجودة الراقية.

    الإنتاج يُعنى بتحقيق القيمة المضافة بواسطة العنصر البشري – بصفته أحد أهم مدخلات العملية الإنتاجية – على مواد أولية للوصول إلى منتج نهائي يحقق منفعة ما

    المشكلة تكمن في الاختيار وليس في الإنتاج نفسه، لأن المستورد الغربي عندما يذهب إلى الصين يختار ما يناسب الذوق المحلي في البلد المستورد من حيث التصميم والخامات، وهو بالطبع سيكون مستعدًا لدفع القيمة الملائمة لهذا الاختيار حفاظًا على المواصفات القياسية التي تتناسب مع ذوق المستهلك في هذا البلد.
    وأكد ياقوت على أن المقدرة التخطيطية والتنفيذية للجهاز الإنتاجي في هذه الدولة، يمكنها ـ بمنظومته العلمية – من إنتاج عدد هائل من السلع القادرة على مخاطبة مستويات اقتصادية مختلفة، وهذا هو بيت القصيد، لأن هذا التباين يمثل السبب الأهم لنجاح المؤسسات الإنتاجية في الصين، لأنها هنا تصبح قادرة على التعامل مع جميع أشكال القوى الاقتصادية على مستوى العالم.
    وقبل أن نبرح هذا الموضع، سوف أسوق تجربة عايشتها بنفسي، فقد سافرت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2013، إلى لندن لمشاهدة بعض العروض الموسيقية في منطقة الويست إيند (West End)وقررت أن أشترى لاب توب ماركة APPLEلكني لم أجد جهازا بلوحة مفاتيح باللغة العربية، فقمت بشراء الجهاز بالمواصفات المطلوبة – عن طريق التليفون – من خلال الشركة الأم في انجلترا، وعندما أرسلوا لي رقم الطلبية عبر بريدي الإلكتروني، لتتبع وصولها إلى لندن، اكتشفت أن الطرد غادر الصين إلى كوريا إلى ألمانيا إلى لندن. وبغض النظر عما إذا كانت الصين تقوم بتصنيع الجهاز أو تجميعه، فإننا أمام ظاهرة اقتصادية تشير بوضوح إلى تقدير الصينيين لقيمة العمل والإنتاج، وهو ما وضعهم على قمة الهرم الاقتصادي العالمي.
    ورأى أن الاهتمام بوضع استرتيجيات للإنتاج والتسويق يعكس رغبة المؤسسات الإنتاجية في التعامل مع الإنتاج بوصفه علمًا يعتمد على التخطيط والبحث عن أمثل الطرق لتحقيق الأهداف في المجالات المختلفة، ولا يخفى على الكثيرين منا ندرة الدراسات التي تهتم بالجانب الإنتاجي في مجال الفنون عامة والمسرح خاصة في عالمنا العربي، ويرجع ذلك إلى أننا لا نتعامل مع المسرح بوصفه صناعة، قد يكون للإنتاج السينمائي حظ أفضل في الاهتمام بهذا النوع من الدراسات ذلك لأن العالم – بما فيه دول الشرق الأوسط – تتعامل مع السينما بوصفها صناعة تحقق الكثير من الأهداف سواء الربحية أو غيرها، أما المسرح، فما زلنا للأسف نتعامل معه على أنه نشاط ترفيهي أو خدمي، حتى في ظل بعض تجارب المسرح التجاري المحدودة في العالم العربي.
    الجزء الأول من الموسوعة ضم ثلاثة فصول رئيسة الأول: الإنتاج المسرحي، الوظائف والموارد وركز فيه ياقوت على ثلاث وظائف أساسية مرتبطة بعملية الإنتاج المسرحي، وهي: المنتج، ومدير الإنتاج، ومدير تخطيط الإنتاج. حيث نعرض لأنواع المنتجين الرسميين وغير الرسميين، من يهدفون لتحقيق الربح أو لا يهدفون لذلك، كما نعرض لمهام ومواصفات مدير الإنتاج، ومدير تخطيط الإنتاج، كما يسعى هذا الفصل لشرح مفهوم الإنتاج بصفة عامة، وما يرتبط به من مفاهيم مثل الموارد الاقتصادية بأنواعها المختلفة؛ طبيعية، بشرية، ومصنعة، وهنا نتعرض لأنواع رأس المال الذي ينقسم لشقين هما: رأس المال المتداول الذي يتضمن النقدية السائلة وما في حكمها، ورأس المال الثابت، الذي يتضمن الأصول الثابتة مثل المباني والأجهزة.
    وعرض ياقوت في الفصل الثاني “عناصر الإنتاج المسرحي” لعناصر العملية الإنتاجية في المسرح والتي تقدمها عنصر الموارد التي تشكل أهم مدخلات عملية الإنتاج المسرحي بشقيها الفكري، والمادي، فنعرض للموارد البشرية التي تعمل في مجال الإنتاج المسرحي وهي: المنتج، والمؤلف، والدراماتورج، والمخرج، والممثلون، ومصممو العناصر المرئية مثل: الديكور والإضاءة والملابس والماكياج، ومصممو الاستعراضات، وكذلك نعرض لمصصمي العناصر المسموعة مثل: الشاعر، والمغني، والمؤلف الموسيقي، وكذلك يعرض الفصل لأفراد الشؤون المالية والإدارية، ومنفذي الأعمال الإبداعية، والأشغال المادية، وأخيرًا نعرض لوظائف المخرج المنفذ، ومدير خشبة المسرح، ومساعدي المخرج، وفريق الإدارة المسرحية.
    أما العنصر الثاني من عناصر الإنتاج المسرحي فتمثل الأدوات التي يستخدمها كل مدخل بشري من المدخلات السابق الإشارة إليها، وكذلك يعرض هذا الفصل لأدوات تنفيذ المدخلات المادية للعرض المسرحي مثل الديكورات والملابس وخلافه.
    والعنصر الثالث الذي عرضه ياقوت كان العمليات التحويلية التي يقوم بها كل مدخل باستخدام الأدوات. ولأن العمليات التحويلية تمثل عصب عملية الإنتاج المسرحي؛ فقد تم تقسيم هذه العمليات إلى مرحلتين: هما المرحلة التخطيطية، والمرحلة التنفيذية، في المرحلة التخطيطية يعرض المبحث للأعمال الذهنية التي تشكل بنيان العرض المسرحي لمجموعة المبدعين وهم على سبيل الحصر: المؤلف، والدراماتورج، والمخرج، ومصممو العناصر المرئية والمسموعة للعرض المسرحي، وكذلك الممثلون. كما نعرض في هذه المرحلة للعمليات التحويلية الإدارية التي يقوم بها المنتج، وأقسام الشؤون المالية والإدارية والتسويق.
    ما في المرحلة التنفيذية التي يتم فيها العمل على أرض الواقع بصورة مادية من أجل إخراج العرض المسرحي للنور، فنعرض لها من خلال ثلاثة محاور: المحور الأول يهتم بالعمليات التي تخص العناصر الفكرية، وتتضمن أعمال المنتج، والمؤلف، والدراماتورج، والمخرج، ومصممي العناصر المرئية، أما المحور الثاني فيختص بالعناصر المادية من ديكور، وملابس، وإضاءة، وماكياج، وعرائس. وأخيرًا المحور الثالث ويهتم بالعمليات التحويلية التي تتم على العناصر الإدارية على مستوياتها الثلاثة، منتج، وشؤون مالية، وتسويق.
    ثم عرض ياقوت للعنصر الرابع من عناصر الإنتاج المسرحي وهو المنتج النهائي الذي يمثل الهدف الذي تسعى العملية الإنتاجية للوصول إليه في النهاية، ومن هنا نعرض لطبيعة الجهات المستفيدة من عملية الإنتاج المسرحي – وهي العنصر الخامس – وأخيرًا يعرض هذا الفصل للعنصر السادس من عناصر الإنتاج المسرحي وهو طبيعة الاستفادة الناجمة عن القيام بالفعل الإنتاجي لكل مستفيد.
    أما الفصل الثالث فتعرض فيه ياقوت لأهم العوامل التي تؤثر في عملية الإنتاج المسرحي، وأهمها، المقدرة التمويلية، والتسويقية، ومدى رواج المسرح بوصفه وسيطًا تثقيفيًا أو ترفيهيًا، والحالات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، وقدر الضرائب والعوائد الحكومية على الفنون، ورواج السياحة الفنية، ومدى احترام حقوق الملكية الفكرية، وأخيرًا الانفتاح الثقافي خارج الحدود الإقليمية للبلد.

  • كتب الدكتور جمال ياقوت..عن الإنتاج المسرحي – ثنائية الأهمية والتجاهل..-  مجلة الفنون المسرحية

    كتب الدكتور جمال ياقوت..عن الإنتاج المسرحي – ثنائية الأهمية والتجاهل..- مجلة الفنون المسرحية

    الإنتاج المسرحي – ثنائية الأهمية والتجاهل

    مجلة الفنون المسرحية
    د. جمال ياقوت

    إن المتتبع للمناهج التي تدرس في المعاهد والأقسام المتخصصة في الدراسات المسرحية في العالم العربي لابد أن يتوقف أمام التجاهل شبه التام – بقصد أو بدون – لتدريس الإنتاج المسرحي وما يتصل به من موضوعات، ولأن هذا الأمر أكبر من أن يناقش تفصيلاً في مقال، فإنني سوف أكتفي بعرض للموضوعات التي يمكن أن يتم تدريسها في هذه المادة لتوضيح مدى أهمية هذه الموضوعات في بناء مسرحي رشيد يستطيع أن يؤسس لمنظومة إنتاجية احترافية. لأن البعض – للاسف الشديد – يحصرون الإنتاج المسرحي في المعنى الضيق المرتبط بإعداد المقايسات وتنفيذ العناصر المادية للعرض من ديكورات وملابس ومكملات مسرحية وغيرهم من العناصر المادية التي يحتاجها العرض المسرحي، وهم بالتالي يرون أن المحاسبين – وفقط المحاسبين – هم من يجب عليهم ممارسة الفعل الإنتاجي، وهذا المفهوم الضيق للإنتاج المسرحي، هو مفهوم قاصر بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولا يساهم أبداً في التعامل مع المسرح بوصفه صناعة مهمة مثله مثل السينما التي يحظى الإنتاج فيها بالدراسة والاهتمام.
    المادة التأسيسة الأولى من مواد الإنتاج مادة : “مقدمة في الإنتاج المسرحي”، وهي المادة التي نتعرض فيها لموضوعات على شاكلة؛ التعريف المبسط لمفهوم الإنتاج بصفة عامة، والتفرقة بينه وبين الإنتاج المسرحي بشكل خاص، ومنها نعرج لدراسة خصوصية وأهمية الإنتاج المسرحي، وبالتالي ندرس مدخلات العملية الإنتاجية – وهو ما يمنحنا فرصة تعريف الطالب بالأنواع المختلفة للموارد الاقتصادية التي تساهم في عملية الإنتاج المسرجي، وأهمها الموارد البشرية، والأصول الثابتة والمتداولة بما فيها راس المال – وكذلك الأدوات التي تستخدم مع هذه المدخلات من أجل القيام بمجموعة من العمليات التحويلية التي تؤدي في النهاية للحصول على مجموعة من المنتجات المسرحية التي تصلح لأن تقدم لجمهور من مختلف الثقافات. وهو ما يمنح الطالب فرصة التعرف على العرض المسرحي بوصفه أهم مخرجات عملية الإنتاج المسرحي، وكذلك المهرجانات المسرحية، والورش التدريبية، ومسابقات التأليف وخلافه. ومن هنا يدرس الطالب الأطراف المستفيدة من هذا الإنتاج وطبيعة المنافع التي تتولد عن عملية الإنتاج المسرحي بأشكالها المختلفة.
    كذلك يدرس الطالب أنواع الأنماط الإنتاجية، ودور المنتج – بوصفه ممول العرض – وتقاطعه مع دور المخرج – بوصفه المبدع الفني للعرض – في كل نمط، فالمخرج هو سيد العمل ومتخذ القرار في غالبية الأنماط الإنتاجية – خاصة في مؤسسات الإنتاج الرسمية – في حين يملك المنتج حق التدخل في الرؤية الفنية في أنماط الإنتاج الخاصة، ويتوحش دور المنتج في الشركات التي تقدم إنتاجاً من الدرجة الأولى First Class Production فيصل إلى حد التدخل السافر في الرؤية الفنية للعرض، وكذا يمكنه أن يلغي تواجد أي مشارك في العمل وعلى رأسهم المخرج في أي وقت، إنها لغة المال التي تحرك الجميع، ويمكننا أن نستوعب هذا الأمر إذا ما علمنا أن المصاريف المبدئية لأنتاج عرض مسرحي من هذا يمكن أن تصل إلى خمسين مليون جنيه استرليني، النوع – والذي يتمحور غالباً حول العروض الغنائية الاستعراضية كما هو الحال في إنتاج برودواي والويست إيند في لندن – وهو ما يؤدي إلى استمرار العرض لفترات قد تتعدي الأربعين عاماً، إنهم يسعون لتقديم خلطة شيقة بين الفن والتجارة، ولن يقف أي حائل أمام تحقيق هذا الهدف حتى لو كان المخرج نفسه.
    كما يتعين أن يتعرف الطالب على الفوارق الجوهرية بين الوظائف الإنتاجية المختلفة، وعلى رأسها مدير الإنتاج وتقاطع دوره مع أدوار المصممين المبدعين، كما سيتعرف على الوظائف المتعلقة بالتخطيط، والتسويق والشؤون المالية والإدارية … الخ. وهنا تكون الفرصة سانحة كي يدرس الطالب العوامل التي تؤثر في رواج – أو موات – الإنتاج المسرحي في مجتمع ما ، مثل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومدى رواج المسرح بوصفه وسيطاً تثقيفياً في المجتمع، واحترام حقوق الملكية الفكرية، والضرائب والعوائد الحكومية، والمقدرة المالية والتسويقية، والانفتاح المسرحي خارج الحدود.
    أما المادة الثانية من مواد الإنتاج المسرحي فهي مادة “تخطيط الإنتاج”، وفي زعمي أنها المادة التي يمكن أن تحل الكثير من المشاكل التي تحدث في واقعنا المسرحي خاصة لهؤلاء الذين يجلسون على مقاعد المديرين في غالبية المؤسسات المسرحية، إنها المادة التي تمكن الطالب من امتلاك المهارات اللازمة لعملية التخطيط، وفي هذه المادة يمضي التخطيط في مسارين؛ المسار الأول يختص بالتخطيط الرأسي للإنتاج المسرحي، وهو ما يعني الدراسة التفصيلية لمراحل إنتاج العرض المسرحي الواحد من لحظة إتخاذ قرار الإنتاج بواسطة المنتج، وحتى إنتهاء الليلة الأخيرة من ليالي العرض. وهنا سوف يتعرض منهج هذه المادة لطبيعة متخذ القرارات في كل مرحلة، وأيضاً سنتعرض للاختلافات بين الأنماط الإنتاجية المختلفة، كما سيتعلم الطالب تفاصيل إعداد ميزانيات العروض بأنماطها المختلفة، وكذلك القوانين واللوائح المنظمة للتصرفات المالية في كل نمط، فالحرية التي يمكن أن يتمتع بها فريق العمل في المسرح المستقل قد لا تتوفر في المسرح الرسمي بشقيه الهادف وغير الهادف للربح.
    أما المسار الثاني للتخطيط فسوف يختص بالتخطيط الأفقي في المؤسسات المسرحية التي تقدم أعمالاً مسرحية كثيرة في العام الواحد، وهو ما يجعل من المؤسسة المسرحية أرضاً خصبة للكثير من الأنشطة والفعاليات في آن واحد، فهناك عرض يعرض على خشبة المسرح، وآخر في مرحلة إنتاج العناصر المادية من ديكورات وملابس وخلافه، وآخر في مرحلة التصميمات الإبداعية الأولى … ومجموعة من المشروعات الإنتاجية في مرحلة الدراسة، كما أن المؤسسة ذاتها قد تكون بصدد تنظيم مهرجاناً للمسرح، أو تنظيم ورشة تدريبية أو مسابقة للتأليف مثلاً. إن وجود هذه الفعاليات المختلفة يتطلب بالضرورة وعياً كبيراً بمسألة التخطيط، وخاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار محدودية موارد المؤسسة الإنتاجية مهما كبر حجمها. وبالتالي فإن الوظيفة الأهم التي يجب أن يتعلمها الطالب هي التخطيط، الذي يعني بالموائمة بين الموارد المختلفة التي تمتلكها المؤسسة الإنتاجية، وبين الأهداف التي تسعى لتحقيقها خلال مدى زمني محدد، ولابد أن تتم هذه الموائمة بالصورة التي تحقق الاستخدام الأمثل لهذه الموارد، بمعنى أن تستخدم جميع موارد المؤسسة المسرحية طوال الوقت وبأقصى كفاءة ممكنة.
    وسوف يتعلم الطالب في هذه المادة، التفكير الشامل في مسألة إنتاج العرض الواحد أو العروض المتزامنة، والقدرة على حصر وتوزيع الموارد الاقتصاديىة في المؤسسة المسرحية، ووضع البرامج الزمنية لإنتاج العرض الواحد،​ووضع البرامج الزمنية وحل مشاكل اختناقات الوقت والمناولة بين الأقسام الإنتاجية (ورش وعروض)، وهو ما يدعونا لوضع برنامج لتعلم الطريقة المثلى لحصر الموارد، وتحديد أنماط الإنتاج التي تنوي المؤسسة تقديمها خلال هذه الفترة الزمنية، وتخصيص رأس المال المتداول (توزيع الميزانيات على المشاريع)، وتحديد آلية العمل في كل نمط إنتاجي مع تعيين وسائل اختيار المخرجين، ومناقشة المشروعات مع المخرجين، ووضع برامج التشغيل للورش المختلفة، ووضع برامج العروض والتنسيق بين المشروعات، ووضع خطة التسويق، والتوجيه والرقابة والتنسيق بين مختلف الأقسام، في النهاية تتم عملية تعيين الانحرافات وتوصيات الموسم الجديد.
    أما المادة الثالثة من مواد الإنتاج فهي مادة “نظم الإنتاج المسرحي”، وهي المادة التي تعني بالتفرقة بين الأشكال المختلفة للمنتجين، وتهدف هذه المادة إلى : التعرف على أنواع النظم الإنتاجية المختلفة، آليات الإنتاج في كل نظام وحلول المشاكل الإنتاجية المتصلة به، وكذلك يدرس الطالب وسائل تحسين الإنتاج في كل نظام إنتاجي، ويتعلم بناء الاستراتيجيات للنظم الإنتاجية المختلفة.
    ونتيجة لذلك، هناك مجموعة من المهارات التي تسعى المادة لأكسابها للطالب وهي: تحليل نظم الإنتاج المسرحي وتحديد الهدف من كل نظام، وطريقة وضع استراتيجيات مؤسسات الإنتاج المسرحي، وبناء استراتيجيات جديدة تقوم على تحسين الأداء، وأيضاً التعرف على بناء الأنظمة الإنتاجية في العالم ومحاولة تطويعها للنظام الإنتاجي في المجتمعات المحلية، وهو ما يعني أن يتم التركيز على عدد محدد من الموضوعات التي يتم تدريسها بصورة تفصيلية على شاكلة: أنواع النظم الإنتاجية والتي يمكن أن تتلخض في: نظام الإنتاج الرسمي الهادف للربح، مثل فرق مسرح الدولة الرسمي، ونظام الإنتاج الرسمي غير الهادف للربح، مثل فرق الجامعات والشركات والهيئات الثقافية، ونظام الإنتاج غير الرسمي الهادف للربح، مثل شركات الإنتاج الخاصة، وأخيراً، نظام الإنتاج غير الرسمي غير الهادف مثل الفرق المسرحية المستقلة – فرق الهواة – الجمعيات – المؤسسات. وكذلك تهتم هذه المادة بتدريس طرق إنشاء مؤسسات الإنتاج المسرحي وما تتضمنه من وضع استراتيجيات المؤسسة التي تحدد مصادر تمويلها، وقيمها المرجعية، وهويتها البصرية، وكذلك آليات الإنتاج في المؤسسة، وصياغة رسالتها ورؤيتها. كما تهتم المادة بتدريس الفوارق الجوهرية بين أشكال الإنتاجح الأكثر شيوعاً، ويأتي على رأسها؛ نظام إنتاج العروض الجوالة، والعروض الموسيقية، عروض المهرجانات، وعروض الارتجال … الخ.
    أما المادة الرابعة من مواد الإنتاج فهي مادة “تسويق المسرح”، وهي تهدف لتنشيط الاهتمام بفكر التسويق في مؤسسات الإنتاج المسرحي، ووضع استراتيجيات لخلق الحاجة للمسرح عند قطاعات الجمهور غير المحتمل. وتسعى المادة لإكساب الطالب مهارات مختلفة مثل، بناء الجمهور على المدى القصير والطويل، والربط بين الإنتاج المسرحي وحاجات الجمهور، وتحليل سلوك الجمهور، وامتلاك القدرة على وضع استراتيجيات لتسويق المنتج المسرحي. ولتحقيق هذه الأهداف سيقوم الطالب بدراسة أهم أنواع المنتجات المسرحية، وكذلك الأنواع المختلفة للجمهور، والسبل التي تمكننا من تطوير الأداء التسويقي لدى فريق التسويق، ويتعرض المنهج للتفرقة بين: الترويج، والتسويق، والبيع، ويتعرض لأساليب الدعاية والإعلان، وطرق تصميم الهوية البصرية للعرض المسرحي وللمؤسسة ذاتها، كما يتعرف الطالب على طرق تقسيم الجمهور إلى قطاعات، والوسائل التي يتم بها تجميع واستخدام نظم المعلومات التسويقية، وطرق تسعير تذكرة العرض المسرحي. كما يدرس الطالب العرض المسرحي بوصفه رسالة اتصالية، وبالتالي يتعرف على قنوات الاتصال والمستقبلين (الجمهور). وأخيراً يدرس الطالب استراتيجيات التسويق الحديثة في الفنون – مع التركيز على المسرح -، وفي النهاية يدرس الطالب أساليب تقييم الأداء التسويقي ووضع خطط الاصلاح.

    أما المادة الخامسة والأخيرة فهي مادة “تنظيم المهرجانات المسرحية”، وهي تهدف لوضع الأسس النظرية والتطبيقية لتنظيم المهرجانات المسرحية بأنواعها المختلفة، والموضوع وإن بدا بسيطاً لا يحتاج للتنظير والتدريس؛ إلا أن الواقع العملي يشي بالكثير من المهرجانات المسرحية التي ينقصها الكثير من أسباب النجاح، بسبب افتقادها لأبسط المعارف التي يمكن أن تساهم في إنجاح المهرجان تنظيمياً. من هنا فإن هذه المادة سوف تمضي بالطالب قدمأ من التخطيط التمهيدي للمهرجان وحتى تفاصيل حفل الختام، فالطالب يبدأ بالتعرف على أنواع المهرجانات المسرحية المختلفة وفلسفاتها وطبيعة كل منها، وما الذي يضعه نوع المهرجان من ضوابط تحكم عمل المشتغلين به، كذلك يدرس الأهداف المختلفة للمهرجانات بعد أن يدرس المواصفات العلمية لما يمكن أن نطلق عليه هدفاً. ثم يتعرض الطالب لتصميم الهوية البصرية للمهرجان، وأهم عناصرها وأهمها الشعار المرئي الذي يمثل علامة دالة على شخصية المهرجان، والذي يجب أن يتسم بالفهم السريع، والوضوح التام، والملائمة للمهرجان، والتناغم مع باقي مكونات الهوية البصرية.
    ويتعلم الطالب في هذه المادة طريقة صياغة رسالة ورؤية المهرجان، Mission & Vision ، هذه الصياغة يجب أن تكون كافية للتدليل على أهداف المهرجان، ورسم صورته المستقبلية. وبرغم حداثة هذه المفاهيم التي ارتبطت بجودة الأداء – وبالتالي النتائج – في المنظمات التجارية والخدمية؛ فإن الواقع يشي بنجاح تجربة تنفيذها، لأنها تتبع منهج علمي واضح في مراحل تخطيطها، وتطبيقاتها العملية. ونظراً للالتباس الشديد في هذه المفاهيم، وهو ما نتج عن الخلط بين طبيعة الرسالة والرؤية وما يتصل بها من الأهداف، فسوف يتم شرح كل عنصر بشكل تفصيلي حتى نتمكن في النهاية من وضع رسالة ورؤية واضحة للمهرجان.
    ويدرس الطالب طريقة إعداد الميزانية التقديرية للمهرجان، ووسائل البحث عن ممولين ورعاة وجهات مشاركة، وتحديد الجهات المشاركة في تنظيم المهرجان، ودور كل منهم، كما يدرس الطريقة التي يتم بها الاتفاق على أشكال المشاركات، وبالتأكيد الأسباب التي تدعو منظم المهرجان للبحث عن جهات مشاركة، وبالتالي دراسة ضوابط اللجوء الى المشاركين.
    كما تتعرض هذه المادة لموضوع التخطيط الزمني للمهرجان، فيدرس الطالب : اختيار توقيت المهرجان، ومكان المهرجان و تحديد شروط المشاركة فيه، وكذلك يدرس تشكيل لجان المهرجان بأنواعها المختلفة مثل لجنة المشاهدة – لجنة التحكيم ولجنة العروض والبرامج ولجنة التجهيزات الفنية ولجنة النظام – ولجنة الشؤون المالية والقانونية – لجنة العلاقات العامة – لجنة الإعلام .. وكذلك الوظائف التخطيطية والإشرافية مثل : رئيس شرف المهرجان ، ورئيس المهرجان، ومدير المهرجان، والمدير التنفيذي للمهرجان، و سكرتير المهرجان
    وتهتم المادة أيضاً بدراسة جوائز المهرجانات التسابقية والفعاليات المصاحبة للمهرجانات، و تعيين نقطة الإلتقاء (Meeting Point) وآلية تشغيل أنشطتها اليومية، وتفاعل الثقافات عن طريق عرض تراث كل دولة أو مدينة، وكذلك آليات تنظيم الورش التدريبية، والنشرة المطبوعة، والنشرة المرئية، وتنظيم حفلي الافتتاح والختام، والندوات التثقيفية، والتكريمات، وتصميم استمارة المشاركة في المهرجان وآليات النشر والتلقي.
    كما يدرس الطالب المراحل التنفيذية للمهرجان والتي تبدأ بالإعلان عن المهرجان (محلياً ودولياً واختلاف البرنامج الزمني بينهما)، ثم تلقي الطلبات من خلال الموقع الرسمي للمهرجان، و فرز وتصنيف الطلبات، وإعداد جدول المشاهدات (للمحلي والدولي)، وارسال دعوات المشاركة للفرق الأجنبية، وضع برنامج المهرجان، وتنفيذ وسائل دعائية للمهرجان، وتحديد شكل الكرنفال الذي يجوب المدينة، واستلام البيانات التقنية من العروض المشاركة ودراستها، واجتماع اللجنة العليا للمهرجان لتحديد مسؤوليات كل لجنة، وارسال تعليمات للفرق المشاركة (محلي ودولي)، واستقبال الفرق، ووضع برنامج دقيق لفعاليات المهرجان، وومناقشات العروض، وتصميم استمارات استقصاء آراء الجمهور في كافة النواحي الفنية والتظيمية، وتنظيم حفل الختام وتوزيع الجوائز، والتسويات المالي، وتقييم وتقويم المهرجان، البدء في الإعداد للدورة القادمة.

    الواقع أن هذه الموضوعات وغيرها من الموضوعات، هو الداع الأول والأخير لمطالبتي بأن تقوم المعاهد والأقسام العلمية المختصة بالمسرح بضرورة وضع مواد الإنتاج المسرحي ضمن المواد التي يتم تدريسها، حتى تحين اللحظة التي يكون فيها أقسام للإنتاج المسرحي في معاهد وأقسام المسرح أسوة بمعاهد السينما. فلا يعقل ألا تدرس أي مادة تتعلق بالإنتاج المسرحي، إلا في قسم المسرح بكلية الآداب – جامعة الإسكندرية الذي يدرس مادة الإنتاج المسرحي لطلبة الفرقة الثالثة، ومادة الأنتاج والتسويق المسرحي لطالبة الدراسات العليا في مرحلة الماجستير، وهو ما يتنافى مع التوجهات الحديثة التي تتعامل مع المسرح بوصفه صناعة
    ….
    تحديث
    اعتبارً من العام الجامعي الحالي
    يبدأ العمل بلائحة التشعيب التي ارتكزت على نظام الساعات المعتمدة بقسم المسرح بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية
    ويدرس في هذه اللائحة مواد الإنتاج المسرحي وهي:
    – مقدمة في الإنتاج المسرحي
    – إدارة مسرحية
    – عناصر العرض المسرحي (تطبيقات)
    – تخطيط المشروعات الإنتاجية في المسرح (تطبيقات)
    – تسويق المسرح

  • قصة نجم هوليود الشهيرة ناتالي بورتمان..الممثلة الموهوبة وكاتبة السيناريو والمنتجة.

    قصة نجم هوليود الشهيرة ناتالي بورتمان..الممثلة الموهوبة وكاتبة السيناريو والمنتجة.

    بورتمان ناتالي. سيرة

    بورتمان ناتالي. السيرة الذاتية للممثلة.

     

    ناتالي بورتمان فتاة جميلة ، ممثلة موهوبة وكاتبة سيناريو ومنتج. إنها قصة نجم هوليود الشهير الذي سنتحدث عنه في هذا المقال.

    بورتمان ناتالي. السيرة الذاتية. طفولة

    ولدت الفتاة في 1981 في 9 حزيران في إسرائيل فيعائلة أميركية وطبيب من القدس. عندما كانت الفتاة تبلغ من العمر 4 سنوات ، قرر والداها الانتقال إلى الولايات المتحدة. في بعض الأوقات بحثًا عن ظروف معيشية طبيعية ، كان على عائلة بورتمان أن تتجول في أنحاء البلاد وتستقر في النهاية في نيويورك. كان هناك أنفقت ناتالي طفولتها. بالفعل في سن مبكرة كانت الفتاة مستقلة تماما ، تشارك في الرقص وجذب نحو معرفة جديدة. اليوم ، تعرف ناتالي بورتمان عدة لغات ، منها الفرنسية والعربية واليابانية والألمانية. في عام 2004 دخلت المعهد اليهودي في مدينة القدس.

     

    بورتمان ناتالي. السيرة الذاتية. مهنة مبكرة

    دوره الأول في فيلم “ليون” ، حيث كانت تلعب مع جان رينو الشهير ، تلقت الفتاة بشكل عفوي. بعد صدور الفيلم على شاشة واسعة

    ناتالي بورتمان. فيلموغرافيا.
    بورتمان استلم فورا أعلى العلامات منالنقاد الفيلم ومن ثم أدركت أنها تريد أن تنمو وتصبح ممثلة. كانت المقترحات للعب في هذا أو ذاك الفيلم أكثر من كافية ، ولكن ناتالي كانت دائما من الصعب إرضاءه للغاية ووافقت فقط على البعض منها.

    بورتمان ناتالي. السيرة الذاتية. الصعود لأوليمبوس

    الفيلم التالي الذي تألق فيه بورتمان ،أصبح الشريط “الفتيات الجميلات” ، حيث لعبت معها نجوم هوليوود الشهيرة ، كما في فيلم “يقولون إنني أحبك”. التقت الفتاة مع ممثلات مثل درو باريمور وجوليا روبرتس. في عام 1998 ، قررت ناتالي أن تجرب نفسها على مسرح المسرح وتشارك في إنتاج “آن فرانك دياري” في برودواي. وفي الوقت نفسه ، تمت دعوتها إلى فيلم الخيال العلمي الشهير “حرب النجوم” ، الذي عزز أخيرا الممثلة الشابة في هوليوود.

     

    ناتالي بورتمان. فيلموغرافيا

    تتم إزالة الممثلة في استمرار ملحمة النجوم(2002 و 2005). في عام 2005 ، هناك أيضا فيلم يسمى “V – يعني الثأر” ، لتصوير فيلم بورتمان الذي قص شعره nalyso. 2010 – عام إصدار فيلم “The Black Swan”. في عامي 2011 و 2013 ، تلعب ناتالي أحد الأدوار الرئيسية في أفلام “Thor” و “Thor 2”.

    بورتمان ناتالي. السيرة الذاتية. الحياة الشخصية

    قبل التصوير في فيلم “البجعة السوداء” ، كانت الممثلة روايات قصيرة مع عازف منفرد من المجموعة مارون 5 جيك جيلينهال ، وكذلك غابرييل غارسيا و Devedidro

    ناتالي بورتمان (السيرة الذاتية
    Banhart. خلال العمل الشاق في الفيلم ، تلتقي بزوجها المستقبلي وأب طفلها – مصمم الرقص بنيامين ميلبيو. في عام 2011 أصبحوا أولياء أمور ، وفي عام واحد يلعبون حفل زفاف.

    بعض الحقائق من حياة ناتالي بورتمان (سيرة الممثلة التي راجعناها في وقت سابق):

     

      • والدة ناتالي هي وكيلها.
      • من سن 8 ، لا تأكل الممثلة اللحوم.
      • الاسم الحقيقي هو بورتمان – Hershlag ، وكأسم مستعار أخذ اسم جدتها.
      • حصلت ناتالي على جائزة الأوسكار عن دورها في فيلم Black Swan.
      • تشارك الممثلة في الأعمال الخيرية وحتى تطوير ما يسمى بالقروض الصغيرة ، التي تساعد النساء من العالم الثالث على فتح أعمالهن.

     

  • مسيرة الفنانة جين مالون.. الأكثر تفصيلاً للممثلة الأمريكية

    مسيرة الفنانة جين مالون.. الأكثر تفصيلاً للممثلة الأمريكية

    جينا مالون

    جين مالون: فيلموغرافيا والسيرة الأكثر تفصيلا للممثلة

    كان لدى جين مالون ، في تسع وعشرين سنة ، الوقتلمعرفة مصاعب المشقة ، وإشراق المجد. كان عليها أن تنمو مبكرا وتصبح في الواقع الممرضة الرطبة للعائلة. ومع ذلك ، على الرغم من السنوات الصعبة في حياتها ، بقيت شخصية رائعة ، متفائلة لم تفقد الثقة في الإنسانية.

     

    سنوات الطفولة

    ولد جين مالون في صغيرةمدينة سباركس الأمريكية ، في غرب ولاية نيفادا ، في عام 1984 يوم 21 نوفمبر. كانت والدتها ديبي مالون ، وهي شابة تبلغ من العمر اثنان وعشرين عاما ، ترغب بشدة في الوصول إلى المرتفعات في مجال الممثلة أو المغنية ، التي لعبت في المسرح الشعبي ، وغنت. ليس لديها زوج. في وقت لاحق ، ستقول جينا عن علاقة أمها مع والدها أن الوالدين كانا يحبان ليلة واحدة. في الرابعة من عمرها ، التقت مع والدها. يعيش في مدينة رينو ، وبحسب جينا ، له جذور نرويجية. غيابها أنها لم تلاحظ تقريبا ، لأنها نشأت من قبل الأم المحبة ووالدتها. في وقت لاحق تبين أن صديق والدتها كان أيضا عشيقها. ومع ذلك ، القليل جين لم يكترث لعلاقتهم. لقد نشأت في الحب ، وهذا ، كما تعتقد ، هو أهم شيء.

    أفلام جين مالون
     

    الصعوبات الأولى

    عندما تحولت جين لتسعة ، عرابة منهمهو ذهب. تركت الفتاة وحدها مع والدتها. حاولت دائمًا العثور على وظيفة دائمة ، لكن لم يحدث شيء. خلال هذه السنوات ، تغيرت مالوني 27 مدينة. وبسبب هذا ، لم يكن بإمكان جينا الالتحاق بالمدرسة في المعتاد وتدريبها في المنزل. كانوا يعيشون سيئة. كانت هناك أوقات عندما أصبح منزلهم سيارة قديمة. ومع ذلك ، كانت هناك أيام سعيدة أيضًا.

    لذا ، جينا مالون البالغة من العمر سبع سنوات شاركت فيسلسلة “Rosanna” ، بعد أن أدت دورًا صغيرًا في إحدى الحلقات. لذلك أصبح حلم طفولتها في أن تصبح ممثلة حقيقة. في عام 1993 ، انتقل مالوني إلى لاس فيغاس. هناك مكثوا لمدة 9 أشهر. كانت الأم لا تزال تحاول تحقيق شيء ما في مجال التمثيل ، وجين ، البالغة من العمر تسع سنوات ، مستوحاة من أجواء الأعمال التجارية التي اضطرت إلى العيش فيها ، وخبرتها القليلة في السينما ، قررت أخيرا أن تصبح ممثلة فقط. حتى أنها طلبت من أمي 25 دولارًا للتسجيل في إحدى صفوف التمثيل.

    حياة جينا مالون الخاصة
     

    الأدوار الحقيقية الأولى

    رؤية ذلك في لاس فيغاس ليس لديهم شيءتبين أن جين مالون البالغة من العمر تسع سنوات اقترحت على أمها الانتقال إلى لوس أنجلوس وهناك بالفعل في محاولة لاختراقها. من المستغرب أن الأم استمعت إلى نصيحة ابنتها الصغيرة ولم تفشل. في لوس أنجلوس ، أصبحوا محظوظين في النهاية – بدأ جين في دعوته لأدوار الأطفال في هذه السلسلة. لذا أصبحت هيثر العائلة. سرعان ما أُخِذت إلى مشروع طلابي ، يدعى “صنداي تشايلد” ، حيث التقت بمديرها بيفرلي سترونج. بعد بضعة أشهر ، شاركت جينا في مقطع مايكل جاكسون ، وفي سن الثانية عشر شاركت في برنامج شيكاغو هوب. وسرعان ما تمت دعوتها إلى أفلام “Hidden in America” ​​و “Bastard from Carolina”. من مسيرة الشريط الأخيرة من نجم شاب هرعت إلى مرتفعات المجد ، لأنه بسبب عمل هذا الفيلم فازت جينا مالون بترشيح “أفضل ممثلة شابة”.

    النمو الوظيفي والمشاكل الأسرية

    جينا مالون ، الذي يصور فيلمه كل سنةمليئة بالأعمال الجديدة ، واكتسبت الخبرة وأضفت إلى شعبية نفسها. في عام 1997 ، تم تكليفها للعب إيلي الطفل في فيلم “الاتصال”. لهذا الدور ، فازت بجائزة جولدن جلوب. في عام 1998 ، تعامل جين بشكل مثالي مع دور آن في فيلم “Stepmother”. في عام 1999 ، شاركت الممثلة الطموحة في أفلام “من أجل حب اللعبة” و “كتاب النجوم”.

    مالون جينا الصورة
    كان كل عمل فيلمها محل تقدير كبيرتم ترشيح النقاد في مهرجانات سينمائية مختلفة ، وجلبوا جوائز وتقييمات إضافية عليها. وعلى الرغم من أن مسيرتها المهنية كانت تتحرك بثبات ، إلا أنها كانت لا تزال فتاة مراهقة تدعى جين مالون ، كانت حياتها الشخصية لا تزال غير متطورة. لقد كسبت الكثير من المال ، لكنها لم تستطع التخلص منها ، لأنها كانت قاصرة. 

    تم إدارة جميع الشؤون المالية من قبل أمي. في عام 1999، لعبت من محبي كبير من بطل الرواية في فيلم “لحب اللعبة”. يبدو أن كل شيء يسير على ما يرام، ولكن فجأة جينا يتعلم أن الأسرة لا يمكن أن تدفع الضرائب. كما اتضح فيما بعد، وكلها تقريبا من ابنة الممثلة الأم حصل على الأموال المستثمرة في همية أقارب المشاريع التجارية. جينا، الذين اعتادوا على العيش في سن مبكرة بعقلانية، لجمع الوثائق اللازمة لإثبات أن والدتها تنفق أموالها بشكل صحيح. وقالت إنها تريد أن يربح الحق في التصرف في أجورهم، وكسب القضية.

    حياة جينا الكبار

    الرجل المدهش مالون جينا. تظهر صور الممثلة للعالم بأسره فتاة حلوة ذات عيون ساذجة طفولية وابتسامة لطيفة نوعاً ما ، ولكنها في قلبها نمت منذ فترة طويلة وخطيرة جداً. وفي العام نفسه ، عندما أجريت التجارب ، درست في الصف التاسع من مدرسة مهنية ، تخرجت في عام 2000 ، وفي عام 2002 دخلت الكلية لدراسة مهنة المصور. بالإضافة إلى التمثيل ، تحاول جينا توزيع الورق ، الأصوات الكاريكاتورية ، التعامل مع الموسيقى. تم إصدار أول ألبوم لها في عام 2007 وتم تصنيفه كـ “موسيقى غرف النوم” و “لوحات المفاتيح المخدرة بالمخدرات”. في عام 2008 ، في الحفل ، التقى جينما ليم جاي اجناسيو. بدأوا في الغناء دويتو ، والتي أطلقوا عليها اسم “الحذاء”. صحيح أن موسيقاهم قصدت لأول مرة ليس للجمهور ، ولكن للطيور ، كما قالوا. قدم الشباب حفلات موسيقية في الشوارع وتمتعوا بها. في وقت لاحق أصدروا عدة ألبومات.

    جين مالون الجوع الالعاب
     

    عمل جديد في السينما

    جين مالون ، وفقا للبيانات الأخيرة ، هو واحد. ليس لديها أطفال. كل الوقت الذي يكرس للعمل الذي يحقق نتائج ممتازة. كل عام ، تظهر عدة أفلام مع مشاركتها على الشاشات. العمل الأخير – لوحة “اطلال”، و “رسول”، “المغني”، “المصاص لكمة”. للدور في الفيلم الأخير ، تعلمت جينا فنون الدفاع عن النفس.

    بعد فيلم “Hunger Games” ، خرج المشاهدونينتظر بفارغ الصبر استمرار ثلاثية. أعطيت دور في الفيلم الثاني لجين مالون. “ألعاب الجوع. وستومض النيران “- وهي صورة زادت من شعبية الممثلة ، حيث شاهدها ملايين المشاهدين في جميع أنحاء العالم. تم ترشيحها لعدة ترشيحات وفازت بمهرجان الفيلم في هوليوود وجوائز MTV للأفلام. كانت جينا ، بعد أن تلقت دورًا في هذا الفيلم ، سعيدة ، حيث قرأت جميع كتب سلسلة “ألعاب الجوع” منذ فترة طويلة ، وكانت مفتونة بها.

  • مسيرة المشاهير في ​​​​​​​فيلم “بلوند Blonde “..دراما محفوفة بمخاطر الرفض..نجمة هوليود مارلين مونرو تجدد الأزمة بين النقاد.- نجلاء أبو النجا

    مسيرة المشاهير في ​​​​​​​فيلم “بلوند Blonde “..دراما محفوفة بمخاطر الرفض..نجمة هوليود مارلين مونرو تجدد الأزمة بين النقاد.- نجلاء أبو النجا

    فيلم “بلوند” تعرض لانتقادات بدعوى تشويهه حياة ممثلة هوليود الراحلة مارلين مونرو (أ ف ب)
    سير المشاهير… دراما محفوفة بمخاطر الرفض
    مارلين مونرو تجدد الأزمة ونقاد: الورثة حلقة الضعف في معظم الأعمال العربية وتجسيد الدور ينقلب لعنة على الفنان


    نجلاء أبو النجا صحافية
    السبت 15 أكتوبر 2022 م
    “قليل من الحب كثير من العنف”، عبارة نستطيع بها أن نصف رد الفعل تجاه كل عمل فني يتناول أي سيرة ذاتية للنجوم والمشاهير، ومهما كان العمل محكماً ومبنياً على أحداث حقيقية أو شهادات حية أو حتى خطوط خيالية، نجد آلاف المعارضين، سواء من الورثة أو النقاد أو الجمهور نفسه.
    وقد يكون الفنان بلا ورثة وحياته شديدة الغموض مثل النجمة الراحلة مارلين مونرو، ومع ذلك فإن هناك آلاف المعارضين لتقديم قصة حياتها بالطريقة التي تناولها فيلم “بلوند” ولعبت بطولته الكوبية آنا دي أرماس وشارك في إنتاجه براد بيت، وكتبه وأخرجه النيوزيلندي أندرو دومينيك، عن رواية لجويس كارول أوتسو، وعرض بمهرجان فينيسيا الأخير، كما يعرض على منصة “نتفليكس“، حيث أثيرت الانتقادات التي تصف الفيلم بتشويه النجمة الراحلة وإظهارها بطريقة توحي بأنها مختلة نفسياً، كما رصد الفيلم علاقات مارلين العاطفية بطريقة تسيء إليها لحد كبير، بحسب رؤية بعض النقاد والجمهور أيضاً.
    ومهما كان الحرص في تقديم حياة أحد المشاهير، من ناحية الدقة أو حتى الخيال، فلا مناص من الهجوم الدائم، وسواء كانت أعمالاً عربية أو أجنبية، على رغم اختلاف مستوى التناول والجرأة بين الشرق والغرب في استنساخ شخصيات المشاهير فنياً.
    تدخلات حتمية
    عشرات الأعمال على مر التاريخ الفني تم تقديمها في الدراما والسينما العربية عن مشاهير ونجوم وسياسيين، وفي كل مرة يعلن عن بداية مشروع على هذه الشاكلة تبدأ العراقيل والتدخلات الحتمية، فيظهر الورثة الذين يهددون بالتوقيف أحياناً أو يعرضون التعاون مقابل شروط مادية وفنية، مثل التدخل في كل كبيرة وصغيرة، وإزاحة التفاصيل التي لا تروقهم، كما يصرون أحياناً على اختيار البطل الذي يجسد شخصية من يقربونه.
    وقد تزيد التدخلات لتخرج العمل عن مساره المحايد وتظهره بشكل مهلهل في كثير من الأحيان. ومن أبرز الأعمال التي قدمت سيراً ذاتية لفنانين ومشاهير “ناصر 56″ عن الرئيس المصري جمال عبدالناصر و”أيام السادات” عن الرئيس أنور السادات، و”أم كلثوم” و”حليم” و”قلبي دليلي” عن قصة حياة ليلى مراد، و”أبو ضحكة جنان” عن حياة إسماعيل ياسين، و”الشحرورة” عن سيرة ذاتية للفنانة صباح، و”أسمهان”، و”السندريلا” عن سعاد حسني، و”فاروق” عن الملك فاروق، و”نزار قباني”، و”تحية كاريوكا”، و”الأيام” عن حياة الأديب طه حسين.
    وهناك مشروعات أعلن عن نية تنفيذها عن مشاهير آخرين مثل الموسيقار بليغ حمدي وأحمد زكي ورشدي أباظة ومحمد فوزي وداليدا، لكنها لم تر النور حتى الآن.
    صورة بيضاء
    ما تشهده أعمال السير الذاتية من عراقيل ورفض تام لذكر حقائق عن النجم أو الشخص المؤثر ظاهرة تتجدد مع كل عمل فني، وحول أسباب تلك الظاهرة التي تتصاعد بلا توقف قالت الناقدة ماجدة خير الله، “دائماً ما أتساءل أمام أي عمل فني عن شخص مشهور: هل ذكر حقائق ومعلومات غير مثالية عنه ينتقص من قدره؟ هل يؤثر في المحتوى وانصراف الناس عنه؟”. وتضيف “الإجابة أنه للأسف في عالمنا العربي الناس يحبون أن يروا النجم أو الشخص الشهير بصورة بيضاء وكأنه ليس إنساناً، فطالما رحل يجب ألا نذكر أي مساوئ له، على رغم أن تقديم الشخصية على حقيقتها لا تنتقص أي شيء من أهمية الشخص أو قيمته”.
    وتابعت خير الله، “الورثة هم حلقة الضعف في معظم الأعمال الفنية التي تخص المشاهير، فلا بد من الحصول على إذنهم، وإلا تعرض العمل للوقف مثلما حدث مع مسلسل العملاق الذي أخرجه يحيى العلمي في نهاية الثمانينيات عن حياة عباس العقاد، وجسد بطولته الفنان محمود مرسي، وتم عرض المسلسل مرة واحدة على القناة الأولى بالتلفزيون المصري، وعلى رغم أن العقاد لم يتزوج ولم يكن له أبناء، فإن ابن شقيقه تدخل واعتبر علاقة العقاد وحبه الفنانة مديحة يسري أمراً مسيئاً، بالتالي استطاع وقف عرض العمل”.
    اقرأ المزيد

    وتواصل، “في مسلسل أم كلثوم تجنب المؤلف الراحل محفوظ عبدالرحمن الصدام مع الورثة وقدم الشخصية بعيداً من الصراعات التي حدثت في الحقيقة، إرضاءً لهم، لكن بالقدر الفني الذي جعل العمل يخرج بصورة درامية متزنة. وتكرر الأمر مع مسلسلي العندليب، والسندريلا وواجه صناعهما حالة من الصراع مع الزمن للانتهاء من التصوير قبل الصدام مع الورثة الذي من شأنه وقف التصوير أو العرض”.
    تقول خير الله إن “هذا الصراع تسبب في ضعف بعض الأعمال بشكل كبير، مثل مسلسل السندريلا الذي كان شديد الضعف درامياً وفنياً، وظهرت بطلته منى زكي وكأنها تقدم مشاهد منقولة من أهم أعمال سعاد حسني الفنية، دون التطرق للدراما والحكايات الحقيقية التي قد لا تروق الورثة أو بعض الأطراف المتشابكة في العلاقات مع الفنانة الراحلة”.
    فاروق ونزار
    وترى ماجدة خير الله أن مسلسلات “نزار قباني” و”فاروق” و”أسمهان” من أبرز الأعمال الفنية التي تعد استثناءً بعيداً من المبالغة أو التسطيح في التناول الفني والدرامي، قائلة “مسلسل فاروق الذي كتبت له السيناريو لميس جابر يعتبر أول مسلسل درامي يقدم صورة حقيقية ومن لحم ودم لشخصية الملك فاروق، وقد تكون مخالفة للتوقعات، لكنه جاء إنساناً طبيعياً له محاسن ومساوئ.
    أما مسلسل “أسمهان” فقد تجاوز كل الحواجز وأبرزها شروط الورثة، وقدم العمل بشكل فني ودرامي وحقيقي في الوقت نفسه بشكل حقق حالة ممتعة للجمهور والنقاد، بخاصة أنه استطاع تقديم صورة فنية مميزة جداً ورؤية وعناصر مبهرة لدرجة أنه كان العمل الأبرز عام 2008.
    حرية الإبداع
    وأشارت ماجدة خير الله إلى أنه على الجانب الآخر من العالم، وبالتحديد في أوروبا وأميركا هناك حرية إبداع تتيح الاقتراب من أي مشروع أو سيرة ذاتية من دون خوف أو قلق من الورثة أو بعض الجهات، حتى لو كان العمل يتناول حقائق صادمة أو يعتبرها البعض مسيئة للشخصية، وهذا الانفتاح الكبير تسبب في تقديم أعمال سير ذاتية عظيمة جداً وراقية وملهمة مثل تقديم قصة حياة المطربة الفرنسية إديث بياف التي عانت طفولة تعيسة وفقيرة في أحد بيوت الدعارة بعد تخلي والدتها عنها، وجسدت الشخصية ماريون كوتيار في هذا الفيلم الذي حمل اسم “الحياة الوردية”، وحصلت عنه كوتيار على أوسكار أفضل ممثلة لعام 2007، وقدمت السينما العالمية أيضاً قصة حياة الفنان الكوميدي تشارلي شابلن، وتعرف الجمهور بكل جرأة على حياته القاسية ودخول أمه مصحة وهو في مرحلة الطفولة ومعاناته الشديدة في الفن والفقر.
    اللعنة
    الناقد جمال عبدالقادر يرى أن الفن العربي لم يحالفه الحظ بشكل كبير في تقديم أعمال فنية جيدة عن سير ذاتية لنجوم أو ساسة أو مشاهير راحلين، بل اعتبرها البعض لعنة تصيب نجوم العمل، حيث أصيبت منى زكي بحالة اكتئاب شديدة بعد الهجوم عليها عقب تجسيد شخصية سعاد حسني في مسلسل “السندريلا”، واختفى شادي شامل بعد عدم الترحيب به في شخصية حليم بمسلسل “العندليب”، وكذلك لم تقدم كارول سماحة أي عمل فني بعد مسلسلها “الشحرورة” عن قصة حياة صباح، والأمثلة كثيرة جداً على لعنات أصابت من قدموا أدوار البطولة في سير ذاتية.
    وربما المستوى الرديء الذي طغى على معظم الأعمال الفنية عن قصص حياة المشاهير بسبب الخوف من الورثة أو تحكم الجمهور أو التحسب لهاجس القضايا والمشكلات، جعل الحصيلة الجيدة من تلك الأعمال نادرة جداً، ومنها مسلسل “أم كلثوم” و”فاروق” و”أسمهان” وفيلم “السادات” و”ناصر 56 ” ومسلسل “نزار قباني”، ونحن في انتظار مسلسل عن نجيب الريحاني، وهو “الضاحك الباكي”، تحت قيادة مخرج كبير هو محمد فاضل، لكن الحكم على المحتوى ما زال مبكراً حتى يعرض بالكامل.
    رفض على قيد الحياة
    وأضاف عبدالقادر أن ما حدث في الأعمال السابقة جعل معظم النجوم يرفضون وهم على قيد الحياة أن يتم التطرق لقصة حياتهم، حيث رفضت نادية ولطفي ومديحة يسري وهما على قيد الحياة تناول حياتهما بأي شكل من الأشكال.
    وكذلك فعلت نبيلة عبيد ونادية الجندي وميرفت أمين ونجاة، وجميعهن الآن يرفضن بشكل قاطع وينبهن على عدم استخدام حياتهن بعد وفاتهن، فمثلاً نبيلة عبيد أكدت أنها حكت في لقاءات تلفزيونية عن تفاصيل حياتها، ومن أراد معرفة شيء عنها فعليه مشاهدة الحديث منها في البرامج وليس من خلال عمل تمثيلي لا تعرف عنه شيئاً، وفي الغالب لن يقدمها بشكل جيد.
    أعمال منتظرة
    وفي الوقت الذي ما زال هناك هجوم ضار على فيلم “شقراء” الذي تناول قصة عن حياة مارلين مونرو، فالعالم مستمر في تقديم سير ذاتية مهمة، ومنها فيلم “مايسترو” الذي يجسد من خلاله برادلي كوبر سيرة ومسيرة الموسيقار الأميركي ليونارد برنستاين الذي حصد عشرات الجوائز بينها إيمي وغرامي، وفارق الحياة في عام 1990.
    ومن أكثر الأفلام المنتظرة كذلك فيلم “Freuds Last Session”، ويقدم فيه النجم العالمي أنتوني هوبكنز شخصية عالم النفس الرائد سيغموند فرويد الذي توفي نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي.
    وستقدم النجمة روني مارا شخصية نجمة السينما الراحلة أودري هيبورن في فيلم يخرجه لوكا جوادانيينو، ويستعد توم هولاند لتقديم قصة حياة أسطورة الرقص الأميركي فريد أستير الذي فارق الحياة عام 1987، وعمل مذيعاً ومدرب رقص وممثلاً ومغنياً.

  • حصدت السينما السورية وفازت بجائزتين في مهرجان الاسكندرية السينمائي في دورته الـ “38” دورة محمود حميدة للعام 2022م..

    حصدت السينما السورية وفازت بجائزتين في مهرجان الاسكندرية السينمائي في دورته الـ “38” دورة محمود حميدة للعام 2022م..

    سورية تفوز بجائزتين في مهرجان الاسكندرية السينمائي

    دمشق-سانا

    حصدت السينما السورية جائزتين في مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الـ “38” دورة محمود حميدة والذي اختتمت فعالياته مساء اليوم.

    وتوزعت الأفلام الفائزة التي أُنتجت من قبل المؤسسة العامة للسينما عبر فيلمي “حكاية في دمشق ومدينة الملاهي” ففي مسابقة الفيلم العربي “نور الشريف” نالت الممثلة جيانا عنيد جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “حكاية في دمشق” إخراج أحمد إبراهيم أحمد.

    وفي مسابقة الفيلم الروائي القصير نال فيلم “مدينة الملاهي” الجائزة الذهبية للمخرج الشاب نور خير الأنام.

    يُشار إلى أن سورية شاركت عبر خمسة أفلام من إنتاج المؤسسة العامة للسينما ضمن المهرجان، حيث نافس الفيلم الروائي الطويل “حكاية في دمشق” في المسابقتين الرسمية والعربية للفيلم الروائي الطويل والتي تضم 14 فيلماً من 14 دولة.

    كما شارك الفيلمان الروائيان الطويلان “أيام الرصاص” إخراج أيمن زيدان و”الحكيم” إخراج باسل الخطيب في مسابقة الفيلم العربي.

    متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgenc

  • المبدع الفنان السوري أسعد فضة .. في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق..ضيف (ملتقى الإبداع)

    المبدع الفنان السوري أسعد فضة .. في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق..ضيف (ملتقى الإبداع)

    دمشق-سانا

    أطل الفنان “أسعد فضة” على طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية اليوم، وذلك ضمن فعالية “ملتقى الإبداع” التي تقام في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، حيث المكان الذي تخرجت فيه أول دفعة على يده، وحمل أحد صفوفه اسمه.

    وبدأ الملتقى بفيديو بانورامي استعرض أهم أعمال “فضة” منذ بداياته، وأشهر المحطات التي أثرت في مسيرته المسرحية والدرامية والسينمائية، ثم اعتلى خشبة مسرح المؤلف الكبير والمسرحي سعد الله ونوس برفقة الناقد سعد القاسم الذي أوضح أن الملتقى هو جزء من العملية التعليمية في المعهد، ويقدم فرصة للطلاب للاستفادة من تجارب المبدعين السوريين.

    أسعد فضة الذي لعب أدوار الفنان جميعها، فعرف ممثلاً ومخرجاً مسرحياً وتلفزيونياً وسينمائياً ومعلماً قديراً ومديراً للمسارح والموسيقا وضوءً يبرز مواهب من حوله، شرع حديثه إلى الطلاب بتوجيه الشكر لكل من ساهم في استمرار المعهد العالي للفنون المسرحية بتخريج دفعات متميزة من الطلاب، مقدماً وصيته لهم بأن يكون لكل منهم مشروعه الفني الخاص خلال سنوات دراسته وما بعد التخرج، ويصب في مضمار المشروع الثقافي الوطني.

    وتخلل الملتقى أسئلة لطلاب المعهد العالي للفنون المسرحية التي أجاب فيها عن الاستفسارات التي تدور في رأسهم، مقدماً نصائحه لهم.

    وانتهى الحوار بتكريم الفنان فضة بدرع المعهد وبصورة تذكارية جمعت طلاب المعهد مع المعلم القدير.

    عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتور ثامر العربيد لفت إلى أن المعهد يطلق العام الدراسي الجديد، وأن الملتقى يأتي ضمن خطة عمله في رفع المستوى الأكاديمي، وأداء الطلاب في كل الأقسام باستضافة الفنان الكبير أسعد فضة أحد أعمدة هذا المعهد والذي ساهم بتأسيسه، إضافة لكونه مخرجاً وممثلاً مسرحياً له باع طويل في العمل الفني.

    وأضاف: “إن ملتقى الإبداع ماض في هدفه بتقديم قامة فنية للطلاب للحديث عن تجربتها ومحاورتها لهم بكل شفافية، الأمر الذي يحقق هدفاً كبيراً من أهداف المعهد بتسليط الضوء على تجارب الرواد والمجددين والتي تقدم دروساً لفناني المستقبل وإجابات عميقة مبنية على مسيرة وتجربة فنية غنية”.

    وأوضح أن ملتقى الإبداع هو واحد من فعاليات عدة يطلقها المعهد، مثل عروض من الذاكرة ونادي السينما، حيث يسعى المعهد لفتح أبوابه أمام تجارب طلابه وخريجيه، إضافة لتظاهرة الأبواب المفتوحة التي تعتبر تقليداً سنوياً يطلقه في بداية العام الأكاديمي.

    أماني فروج وخضر سليمان

     

     

     

    متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgenc