Category: تربية وتعليم

  • إليكم مقابلة مع الكاتب السوري / ممدوح حمادة  / ..الضحك في الزمن المظلم – ومؤلف [مسلسل ضيعة ضايعة ٢ (٢٠١٠) اخراج الليث حجو سيناريو ممدوح حمادة الممثلون (النجوم): نضال سيجري باسم ياخور ] – الكاتب ممدوح حمادة – 1 – ..ليزا ودين ..

    إليكم مقابلة مع الكاتب السوري / ممدوح حمادة / ..الضحك في الزمن المظلم – ومؤلف [مسلسل ضيعة ضايعة ٢ (٢٠١٠) اخراج الليث حجو سيناريو ممدوح حمادة الممثلون (النجوم): نضال سيجري باسم ياخور ] – الكاتب ممدوح حمادة – 1 – ..ليزا ودين ..


     

    الكاتب ممدوح حمادة – 1 –
    ـــــــــــــــــــــــ
    الضحك في الزمن المظلم: مقابلة مع ممدوح حمادة
    [مسلسل ضيعة ضايعة ٢ (٢٠١٠) اخراج الليث حجو سيناريو ممدوح حمادة الممثلون (النجوم): نضال سيجري باسم ياخور ]
    [ ممدوح حمادة أحد أبرز كتاب السيناريو والحوار التلفزيوني في سوريا. قدم بالتعاون مع المخرج الليث حجو بعضاً من أفضل الأعمال الكوميدية، خاصة مسلسلات “بقعة ضوء” ابتداء منذ عام 2000 و”أمل – ما في” عام 2004. وقد أثمر تعاونه مع ذات المخرج في المسلسل الشهير “ضيعة ضايعة” في عامي 2008 و 2010، و أخيراً مسلسل ” الخربة” عام 2011. يعيش الكاتب ممدوح حمادة في روسيا البيضاء.]ليزا ودين: من هم ممثلو الكوميديا الذين كان لهم تأثير على أعمالك الكوميدية المختلفة؟ممدوح حمادة: لا يوجد أي ممثل محدد يمكن القول إن له تأثير مباشر على اعمالي الكوميدية، ولكن في الوقت نفسه يمكنني القول إن جميع الذين شاهدتهم لهم تأثير بهذا الشكل أو ذاك على الأعمال، فأي عمل سينمائي أو مسرحي أو تلفزيوني يشاهده الشخص وخاصة العامل في هذه المهنة يتحول بشكل آلي إلى جزء من تجربته الشخصية، لأن تجربة الانسان برأيي لا تتكون فقط من النشاط الذي يقوم به شخصياً، وإنما من النشاط الذي يطلع عليه أيضاً.

    يعجبني الكثير من الممثلين الذي لا احفظ أسماءهم جميعاً، ولكن إضافة إلى الأسماء الكلاسيكية مثل تشارلي شابلن و لوريل وهاردي تعجبني أعمال كوميدية روسية وايطالية، كما تعجبني كوميديا ليست لها شهرة عالمية مثل الذين ذكرتهم ولكنها كوميديا ذكية، واقصد بالتحديد الكوميديا الجورجية (جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقاً).

    ل. و.: متى كتبت أول أعمالك الكوميدية؟ وسبب اختيارك لهذا النوع من الكتابة؟

    م. ح.: قبل أن ابدأ الكتابة للتلفزيون كتبت سيناريوهات لثلاثة افلام سينمائية، ولكنها لم تنفذ، وكان ذلك في 1994، ثم بعد ذلك في عام 1995 طلب مني كتابة سيناريو لمسلسل تلفزيوني تدور أحداثه في ديكور واحد، أي ما يطلق عليه الآن على ما أعتقد تسمية “سيت كوم” وقد طلب مني كتابة هذا العمل اعتماداً على نجاح عمل سابق له يدعى “عائلة خمس نجوم” فكتبت العمل واسميته “الليدي فردوس” ولكن الشركة اطلقت عليه اسم “عيلة ست نجوم” للاستفادة من نجاح العمل السابق، وهكذا في ثلاثة مواسم متتالية كتبت “عائلة سبع نجوم” ثم “عائلة ثمان نجوم” ثم تحررت من هذه التجربة وكتبت مسلسل “بطل من هذا الزمان” وبعده “جلنار” وبعده “مبروك” وأعمالاً أخرى إلى أن تعرفت على الليث حجو في “بقعة ضوء” أولا ثم في “عالمكشوف” و “ما في أمل” وصولاً إلى “الخربة”.

    أما سبب اختياري لهذا النوع فيعود على ما أعتقد إلى ميول نحو السخرية منذ الصغر، فأنا منذ المدرسة أكتب المواضيع الساخرة، وقد لاحظ المعلمون ذلك وكانوا ينتظرون موضوعات التعبير التي أكتبها لكي اقرأها في الصف، كما أنه وبسبب قلة الكتاب في هذا المجال فإن شركات الإنتاج لا تعطي لكاتب الكوميديا فرصة لكي يحاول كتابة شيء آخر، فهي تطلب منه دائماً عملاً كوميدياً، حتى قبل أن ينتهي من كتابة العمل الذي بين يديه، لأن الأعمال الأخرى كثيرة اما الأعمال الكوميدية فهي قليلة.

    ل. و.: ما هي الرسائل السياسية التي أردت أن ترسلها من خلال أعمالك الأولى ؟ و كيف تغيرت هذه الرسائل مع الوقت؟ و ما أوجه الشبه أو المقارنة بين أعمالك خاصة بقعة ضوء و أمل ما في و ضايعة ضيعة و الخربة؟

    م. ح.: فيما يخص الرسائل السياسية فقد كنت منذ بداية العمل في كتابة السيناريو في حالة جس نبض مستمر، فأنا اعرف أن هناك رقابة شديدة على الرسائل السياسية، وقد كنت دائماً أطرح بعض الرسائل في محاولة مني لجس نبض الرقابة وفي المرة التالية أرفع الجرعة وأختار الأسلوب الذي أظن أنه الأمثل في الالتفاف على الرقابة، ولكن ليست الرقابة الرسمية دائماً هي العائق، فأحياناً تاتي الرقابة من طاقم العمل، أذكر في أحد الأعمال أن ممثلاً رفض تمثيل أحد المشاهد لأنه اعتبر أن ذلك سيشكل خطراً على حياته كما كان يظن، أعتقد أنه كان يبالغ في خوفه ولكن هذه الحالة كانت موجودة على كل حال، وفي عمل آخر شعر أحد المخرجين بالخوف وقام بتغيير اجواء اللوحة لكي لا تفسر كما هو مطلوب في السيناريو، ومثل هذه الحالات كثيرة، ويمكن القول إنني من عمل لعمل كنت أرفع الجرعة، حيث بدأت الانتقادات بالمواضيع المعيشية وبعض التجاوزات الأمنية إلى أن وصل المستوى إلى التفاصيل التي تمس النظام السياسي، والتي كانت من المحرمات في ذلك الوقت، مثل قانون الطوارئ وغيره.

    بالنسبة للفرق بين الأعمال المذكورة وأوجه الشبه فإنني اعتقد أنه لا فروق سوى تلك التي يفرضها شكل العمل ومواصفاته الدرامية، ففي “أمل مافي” كان التوجه نحو طرح افكار سياسية أو اجتماعية حادة وكان علينا أن نتمكن من تقديم الرسالة في مدة زمنية لا تتجاوز الدقيقتين كحد أقصى، في “بقعة ضوء “كان هناك حرية في اختيار الموضوع واختيار الزمن حيث أن اللوحة في “بقعة ضوء” كان يمكن أن تصل إلى 20 دقيقة وفي بعض الأحيان أكثر، في “الخربة” و”ضيعة ضايعة” كان هناك التزام بالشخصيات وبالبيئة التي تجري فيها الأحداث، أستطيع أن أقول أنه في المضمون لا فرق من حيث طرح الأفكار، فأعمق الأفكار التي طرحناها في “بقعة ضوء” عبر شخصية المثقف مثلاً، قمنا بطرحها في “ضيعة ضيعة” عبر شخصية اسعد الساذج، الفرق كان فقط فيما يفرضه شكل العمل من الناحية التقنية.

    ل. و.: بوجه عام كيف يمكن أن تصف التغيرات التي طرأت على الكوميديا في سوريا عبر الزمن؟

    م. ح.:الكوميديا السورية لا تمتلك تجربة كبيرة، فهي تكاد تقتصر على بعض الأسماء القليلة التي بالأصل عملت معاً في أعمال مشتركة، وتكاد تقتصر على التجربة التي كان أشهر رموزها شخصية غوار الطوشة، ويحكى كثيرا عن تجربة حكمت محسن قبل تجربة دريد لحام ونهاد قلعي، ولكنني لست مطلعاً عليها، غير أنه يمكن القول إن بدايات الكوميديا السورية ضمن فترة الستينات كانت تقليداً لتجارب مختلفة من الكوميديا العالمية، وفي الكثير منها كانت محاكاة وتقليد لهذه الكوميديا فنرى مثلاً “حمام الهنا” محاكاة لفلم مأخوذ عن قصة “12 كرسي” للكاتبين الروسيين “إيلف وبتروف”، وفلم “عمتي من المكسيك” مأخوذ عن فلم روسي يحمل عنوان “مرحبا أنا عمتكم” و فلم “الشريدان” على ما أظن مأخوذ عن فلم أمريكي عن قصة للكاتب أو هنري أظن أن اسمها “الشرطي والكورال” والكلام ينطبق على الكثير من الأعمال الآخرى المستقاة من أعمال عالمية، إلى أن بدأ التعاون مع الكاتب محمد الماغوط الذي طورت مشاركته هذه التجربة، يمكن القول إن البدايات كانت غير ناضجة بعد، ولكنها وضعت الأساس لما نحن عليه الآن، الآن تجربة الكوميديا السورية يمكن القول إنها ناضجة ولكنها تعاني من الكثير من المظاهر الطفيلية التي تسبب لها أذى كبيراً، واقصد بذلك تحديداً الممثلين الذين يعتقدون ان لديهم مواهب كبيرة في التأليف فيقدمون أعمالا ذات مستوى متدن جداً من الناحية الكوميدية وفارغة كلياً من الناحية الفكرية، في أعمالهم تغيب كلياً شخصية الكاتب وشخصية المخرج، طبعاً مستويات الأعمال تختلف من عمل إلى آخر ولكن يمكن القول إن التجربة الآن ناضجة، واقصد أن كاتب السيناريو يعرف كيف يفعل ذلك بشكل حرفي، وكذلك المخرج والممثل، ويبقى نجاح العمل متعلقاً بأمور كثيرة.

    ل. و.: ملحوظة: كما تعلم لقد تعرضت للكوميديا السورية منذ السبعينات وحتى التسعينات في بعض كتاباتي الأخرى. ويكفي أن أذكر شخصية غوار الطوشة المحببة إلي وهي شخصية انسان عادي ولكنه يستطيع أن ينطق بالحق في مواجهة السلطة بشكل بليغ. في بداية الألفية الثانية كانت تجاربك في سكتشات بقعة ضؤ تطرح نفس الشخصية المضحكة من خلال شخصية أيمن رضا .

    م. ح.: ربما لا اتفق معك في هذه النقطة حول الشبه بين أيمن رضا ودريد لحام في شخصية غوار، فلوحات بقعة ضوء لم تعتمد على شخصية الممثل، بالنسبة للوحاتي فقد مثل فيها معظم الممثلين، صحيح ان أيمن رضا مثل الكثير من لوحاتي ولكن لم تكن له في هذه اللوحات شخصية محددة لها مواصفات تنطبق على كل الكاركترات التي لعبها فهو مرة كان إنساناً بسيطاً ومرات كثيرة لم يكن كذلك، ربما ينطبق توصيفك بالنسبة للشبه بين شخصية ايمن رضا وشخصية غوار على بعض اللوحات فقط من حيث بساطة الشخصية ولكن ليس من حيث بناء الشخصية .

    ل. و.: ولكن في الفترة 2008-2010 مثلت “ضيعة ضايعة” تحولاً عن هذه الاستراتجية الكوميدية. فبدلاً من الرجل العادي الذي ينتقد الحكومة ويطالب بأن يعامل المواطن بكرامة، فان أهالي ضيعة ضايعة ليسوا بعيدين أو منفصلين عن الظروف التي تقهرهم. فليس لديهم أحساس بالاغتراب مماثل لما يشعر به غوار. إن من ينطق بالحقيقة في “ضيعة ضايعة” هو أنت و الليث حجو، حيث تتمتعان بمسافة نقدية تمكنكما من التحليل. هل ترى أن هذا التوصيف دقيق؟

    م. ح.: كما كانت “بقعة ضوء” نقلة إلى الأمام في الكوميديا السوريةـ فإن “ضيعة ضايعة” والخربة” أيضاً كانتا تمثلان الانتقال إلى مرحلة جديدة اخرى، ويمكن القول إن كل مرحلة كانت تمهد للمرحلة التي قبلها، فمشروع “ضيعة ضايعة” و”الخربة” مثلا كنت قد كتبت بعض لوحاته قبل أن يخرج مسلسل “بقعة ضوء” إلى الوجود، أي في أواسط التسعينات، ولكن في تلك الفترة لم أكن قد حصلت على الاعتراف بعد، وقد قدمت عدداً من هذه اللوحات إلى مسلسل “بقعة ضوء”، ومسلسل “عالمكشوف” ومسلسل “شو هالحكي” وهو إنتاج اردني كان فيه مشاكل في الإخراج وهكذا تم التعريف بالمشروع عن طريق “بقعة ضوء “ والأعمال الأخرى، ثم تم طرحهما كمشروع مستقل، وبهذا يمكن القول أن المشاريع الكوميدية تخدم بعضها.

    فيما يخص الفرق في الطرح بين (غوار) والأعمال الحديثة بالطبع يمكن القول إن هناك فرقاً كبيراً هو نفسه الفرق بين مرحلتين زمنيتين، فيهما جمهوران مختلفان، فالجمهور الذي كان في الستينيات والسبعينيات والذي كان جهاز التلفزيون بالنسبة له شيء يشبه الأعجوبة، ولم يكن مطلعاً على التجارب العالمية استقبل غوار استقبال الأحبة، وهذا ما يفسر عدم استقبال جمهور التسعينيات لشخصية غوار والشخصيات المشابهة لها بحماس، حيث تم تصوير مسلسلات مثل “عودة غوار” و “يوميات ابو عنتر” وغيرها التي لم تلق شعبية تذكر، غوار هو جزء جميل من الذاكرة، ولكن لا مكان له كشخصية درامية في الفترة الراهنة، إننا نستمتع بشخصية غوار كما نستمتع بقراءة التاريخ، أما في “ضيعة ضايعة” فلدينا جمهور آخر، أولا ًأكثر معرفة واطلاعاً، وثانياً لديه خيارات، فجمهور غوار كان لديه محطة تلفزيونية واحدة تعمل ست إلى سبع ساعات في اليوم أما جمهور “ضيعة ضايعة” فلديه مئات المحطات، وإضافة إلى ذلك فهو مطلع وشاهد أعمال عالمية كثيرة، ويمكنني القول إن غوار جاء إلى الجمهور على سجادة حمراء، أما “ضيعة ضايعة” فكان عليه لكي يصل إلى الجمهور أن يعبر حقول الألغام.

    شخصية غوار كانت غريبة لأنها لم تكن مرتبطة بالواقع، فمن الصعب أن نجد شخصية شبيهة لها في الواقع، اما شخصيات “ضيعة ضايعة” و”الخربة” فهي شخصيات مأخوذة بحذافيرها من الواقع، يمكن أن لا يلاحظها الناس بين آلاف البشر، ولكننا في العمل التلفزيوني جمعناها كلها مع بعضها وفصلناها عن بقية النماذج، بكلام آخر وضعناها تحت المجهر، كما أن الأحداث في الأعمال التي قدمت فيها شخصية غوار لم تكن مرتبطة عضوياً مع الواقع، كانت جميعها تنتمي إلى واقع مصنّع، في “ضيعة ضايعة” الأحداث مستقاة بشكل مباشر من الواقع ولم تتعرض سوى للمسات الفنية المطلوبة في أي عمل فني. بطبيعة الحال فإن أي طرح في أي عمل فني يعبر عن اصحاب العمل بلسان الشخصيات، وشخصية غوار دليل على هذا فهي مرت في مراحل مختلفة في كل مرحلة كان يقف خلفها اشخاص مختلفين، ففي البدايات كان الموضوع يقتصر على نهاد قلعي ودريد لحام، ونرى أن شخصية غوار هنا تختلف عن شخصية غوار في المرحلة التي انضم فيها لاحقا إلى الفريق الكاتب محمد الماغوط، صحيح أن الشخصية بقيت كما هي من حيث المواصفات إلا أن طرحها تغير.

    في “ضيعة ضايعة” نحن (أنا والليث حجو) ننتمي إلى جيل أحدث، اكتسب تجربة أكبر وبين يديه تكنولوجيا أكثر تطوراً، وحصل على معرفة أكبر في مجال صناعة العمل التلفزيوني، والظرف السياسي والاجتماعي يختلف، يمكن القول جيل أكثر نضجاً وبالتالي فإن الهم الذي تعبر عنه شخصيات عملنا ستكون أكثر عمقا من الهم الذي عبرت عنه الأعمال القديمة التي انتجت في سنوات سابقة، ذلك أن الشخصيات هي في كافة الأحوال لسان صانعيها.

    ل. و.: ما هي الحلقة المفضلة لديك في “ضيعة ضايعة” ؟ ولماذا؟

    م. ح.: في الأعمال التلفزيونية أنا ملزم أن أقدم ثلاثين حلقة، وبطبيعة الحال فإنني غير مبرمج على ذلك، ولهذا السبب فإنني أكتب بعض الحلقات بصعوبة لكي يكتمل عدد الحلقات، ولكن هناك حلقات أكتبها بسلاسة وبتفاعل كبير مع احداثها تكون عادة هي الحلقات التي احبها، ولا يمكن الحديث هنا عن حلقة واحدة، بل عن عدة حلقات، فمن الجزء الأول تعجبني على سبيل المثال حلقة (يأس) التي يقوم فيها اسعد وجودي بمحاولة ارتكاب جريمة سرقة لكي لا يقدم الشرطي طلب نقله إلى منطقة أخرى، وتعجبني حلقة ( الحمير) التي يعملون فيها بالتهريب على الحمير، وفي الجزء الثاني تعجبني مثلا حلقة (في الليلة الظلماء يفتقد البدر) وهناك حلقات اخرى ايضاً أحبها. أما لماذا تعجبني فالسبب يعود إلى أنني أشعر أنني فتحت فكرة جديدة غير مألوفة في الكوميديا، فجميع الأفكار تقريباً مطروقة بأشكال مختلفة، ولكن هناك أفكار قليل جدا تكون غير مطروقة وهذا ما يجعلني اشعر بالسعادة عندما اكتشفها، ففي حلقة (ياس) مثلاً نرى أن الفكرة معاكسة للمألوف، ففي جميع الأعمال نرى الناس يريدون التخلص من الشرطي، أما في هذه الحلقة فالناس يتمسكون به وعلى استعداد لارتكاب جريمة من أجله، في حلقة (في الليلة الظلماء يفتقد البدر) أيضاً الفكرة مقلوبة، فالمخبر في المجتمعات التي تخضع لسلطات استبدادية يعتبر مصدر خطر على المحيط الموجود فيه، ولكننا في أم الطنافس نرى أن الناس ارتبكت بعد اختفائه فهو في السابق وإن كان مصدراً للخطر إلا أنه ايضا كان مصدراً للأمان فالناس كانوا يعرفون بماذا يتحدثون وأمام من يتحدثون، أما بعد اختفائه فقد أصبح كل واحد منهم مشروع مخبر ولذلك أصبح له قيمة، بشكل عام تعجبني ألأفكار المقلوبة مثل لوحة (عبد اللطيف سندريلا) في “بقعة ضوء” التي تحاكي قصة سندريلا .بشكل عام كل الحلقات التي تكتب بسهولة ولا أتعذب في كتابتها تكون محببة إلى قلبي فيما بعد.

    ل. و.: ما هي الرسائل المشتركة بين أعمالك الكوميدية ؟ وهل تعتقد أنه يجب على العمل التلفزيوني أن يكون له رسالة؟ بمعنى أخر هل ترى أنه يجب أن يكون له رسالة توجيهية أو تعليمية؟

    م. ح.: كان همي في معظم الأعمال التي كتبتها، لفت نظر المشاهد إلى مظاهر الاستبداد والفساد في المجتمع، وكان ذلك بأشكال ومستويات مختلفة فبينها ما فيه إشارة إلى الاستبداد الاقتصادي وصولاً الى الاستبداد السياسي، طرحت كثيراً شخصية المعتقل السياسي، وتحدثت كثيراً عن الخوف الذي يولده الاستبداد، وفي الحقيقة طرحت المسائل التي كانت تشكل همي الشخصي، فأنا لدي قناعة مثلا بأنني بسبب هذا الاستبداد والفساد لم أتمكن من تحقيق أهم مشاريعي التي كنت أحلم بتحقيقها يوماً ما، كما أنني تعرضت للمعاناة الشخصية في تأمين حياتي المعيشية لفترة طويلة، ولدي الكثير من الأصدقاء الذين خسروا جزءاً مهما من شبابهم في المعتقلات بسبب آرائهم السياسية، واحيانا بدون سبب، وتعرضوا بسبب ذلك للتعذيب والأذى النفسي والجسدي، تقلقني قضية المراة التي تناولتها في عدد من لوحات بقعة ضوء، وفي بعض حلقات ضيعة ضايعة والخربة.

    بشكل عام الرسالة في العمل الكوميدي مرتبطة عضوياً بالمجتمع الذي نتحدث عنه، ففي بلدان فيها انتخابات ديمقراطية لا معنى لرسالة متعلقة بالانتخابات الديمقراطية في العمل الكوميدي، وفي بلدان لا تعاني من الفساد يصبح انتقاد الفساد نوع من الغباء، كل شيء مرتبط بالمجتمع الذي تولد فيه هذه الكوميديا، وأظن أنه ليس من الضروري أن تحمل الكوميديا رسائل، إذا لم يكن المجتمع بحاجة إلى ذلك، فالـ (مستر بن) مثلا لا يحمل رسائل، ولكنه يضحك الكثيرين فهل هذا سيء؟ لا أظن ذلك فعلمية الاضحاك بحد ذاتها لها سمة إيجابية، إذا تمكن العمل فقط من تقديم الفرح للمشاهد فهذا يكفي، والمهرج الذي يقدم استعراضاته في السيرك هل هو بحاجة للرسائل؟ أعتقد أن ضحكات الأطفال التي يولدها تكفي لكي نرفع له القبعة، طبعاً أنا لا أتحدث عن أعمال تعاني من الابتذال، هناك اعمال تلجأ إلى البذاءة سواء في الحركة أو في الحوار في محاولة لاستجداء ضحك الجمهور، مثل هذه الأعمال أعتبرها ليست فقط خالية من الرسالة وإنما مدمرة للذوق العام ولمستوى التذوق الفني لدى الجمهور وتساهم في تخريبه. كما أنه ليس من الضروري أن يكون في العمل رسائل تعلمية وتوجيهية، هذا مرتبط بالجمهور المتلقي الذي نقدم له العمل، وبالخطة التي نضعها للعمل عند اتخاذ القرار بإنجازه، ونحن تضمنت أعمالنا كل هذه الرسائل ربما لأننا وجدنا في هذا الوسط وهذا المجتمع، ولو كنا في مجتمع آخر لكانت رسائلنا مختلفة.

    ل. و.: ما هو الدور الذي يمكن للكوميديا أن تلعبه في الظروف الحالية العصيبة؟ هل يمكن أن تتخيل أن تخرج (تكتب) أعمالاً كوميدية الآن أم أن هناك عقبات في طريق ذلك؟

    م. ح.: العقبة الأساسية بالنسبة لي ككاتب الآن هو عدم توفر المزاج للكتابة الكوميدية، فالكوميديا تحتاج إلى مزاج، أما تقديم عمل كوميدي فهذا بالطبع ممكن، وفي مثل هذه الأوضاع العصيبة لا أرى ما يمنع من الكتابة، فهناك نوع من الكوميديا يلائم هذه الأوضاع، وهو ما يمكن أن نسميه (السخرية المرة)، وانا الآن أنجز عملاً كنت قد بدأت بكتابته في بداية الأحداث ولم يكن متوقعاً وقتها أنها ستتطور إلى هذه المرحلة الدموية، وقد وجدت أنه يمكن جعل زمن العمل في هذه الفترة وسيتم التطرق للأحداث فيه بالشكل الذي لا يؤثر على الفكرة الرئيسية. أما بالنسبة للدور الذي يمكن أن تلعبه الكوميديا في هذه الفترة بالذات فهو ما لا يمكن التكهن به، فلانقسام الحاد في المجتمع يجعل بعض الناس يصنفون هذا الشخص أو ذاك كعدو لا يقبلونه مهما كانت رسالة العمل، ولأن الفنان والممثل النجم بالدرجة الأولى له تأثير على الناس فإن الأطراف المنخرطة في الصراع تطمح لكي يكون هذا الفنان أو الكاتب أو المخرج أو أياً كان من أوساط المشاهير، أن يكون في صفها، وعندما يكون العكس فإن الجماهير التي في الصف الآخر ترفضه وترفض عمله، على سبيل المثال، هناك من دعى لمقاطعة مسلسل “الخربة” بسبب مواقف عدد من الفنانين مما يجري، ولهذا فإنه يمكن القول أنه من الصعب أن تلعب الكوميديا دوراً فعالاً في هذه المرحلة، ولكن بكل تأكيد فإنها ربما تخفف من معاناة الناس وهذا وحدة يكفي لكي نحاول تقديم الفرح في زمن الحزن.

    ل. و.: أحيانا تنطوي الكوميديا الجيدة على مخاطر. شابلن، على سبيل المثال، سعى لاظهار الكوميديا من خلال الأخبار السيئة وهو امر لم يكن سهلا. والى حد ما فان اعمالك الكوميدية أعتمدت علي الأخبار السيئة- أو على الأقل على الناس و مشاكلهم. كيف توصف هذه المشاكل و ما الحكمة من السخرية منها؟

    م. ح.: إذا عدنا إلى التاريخ فإننا سنجد أن الكوميديا بدأت عند الإغريق بشكل يشبه مباريات في الشتائم بين شاعرين بذيئين، وبشكل عام فإن الكوميديا لا يمكن أن تعتمد إلاّ على المظاهر السلبية، لا يمكن أن نعثر على جانب مضحك إذا ركب الانسان في المصعد وفتح هذا المصعد على الطابق المطلوب في المبنى، ولكنا سنعثر على الكثير من الجوانب التي تثير الضحك إذا تعطل المصعد وبقي الشخص وحيداً في هذا المصعد، وسيكون الأمر أكثر تشويقاً إذا كان هذا الشخص مصابا بفوبيا الأماكن المغلقة، أو إذا كان في المصعد رجل وامرأة، فالمصعد الذي يعمل بشكل جيد لا يمكن أن يولد في خيالنا صورا كثيرة ويمكن القول أنه ربما لا يولد اي صورة، أما المصعد المتعطل ( أمر سلبي أو خبر سيئ) فإنه يحرض الخيال، إذا كان كل شيء يسير على ما يرام فإنه لا شيء يضحك الناس، الضحك يتولد فقط عندما يحدث خلل ما، عندما ينتهي الطبيب من العملية الجراحية ويقول :“نجحت العملية” فليس هناك ما يضحك، أما إذا سألت الممرضة : “أين المقص؟” فنظر الطبيب إلى بطن المريض فإن ذلك ربما يؤدي إلى الضحك رغم أنه في الواقع أمر مأساوي أن ينسى الطبيب مقصه في بطن المريض، باختصار أنا أظن أنه لا يمكن بناء كوميديا على أخبار جيدة او على ظاهرة إيجابية، الكوميديا لا تأخذ الخبر السيء فقط، الكوميديا تقوم بتضخيم هذا الخبر والمبالغة فيه.

    ولكن السخرية من الواقع من أجل نقد ظاهرة سلبية ولفت النظر إليها يختلف كلياً عن السخرية من الأشخاص الذين يعيشون هذا الواقع، أو السخرية من التشوهات الجسدية إن السخرية من واقع الفقير أمر مشروع أما السخرية من الفقير فهو أمر غير مشروع بنظري، في ضيعة ضايعة أو في الخربة أو في غيرها من الأعمال لم نكن نسخر من الأبطال وإنما من الواقع المحيط بهم، لم يكن يضحكنا شكل أسعد بالدرجة الأولى، بل تصرفاته، ولم نضحك منه بل مما يحدث معه، وأنا أعتقد مثلا أن استخدام العاهات الجسدية كمادة للكوميديا أمر يجب أن يصنف كجريمة أخلاقية، أنا يصادفني أحياناً عبارات مثيرة للضحك يمكن أن استخدمها في الحوار، ولكنني أتراجع عنها لأنني ارى أنها يمكن أن تسبب الأذى النفسي أو الإهانة لفئة من الناس، وبالتحديد الناس الضعفاء، أعتقد اننا يجب أن نكون حذرين إلى أبعد درجة هنا، يجب أن نعلم جيداً مم نسخر ونضحك.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الكاتب ممدوح حمادة
    . الخربة
    مسلسل 2011 تأليف (جاري إنتاجه)
    2. ضيعة ضايعة 2
    مسلسل 2010 تاليف
    3. ضيعة ضايعة
    مسلسل 2008 تأليف
    4. مشاريع صغيرة
    مسلسل 2006 قصة وسناريو وحوار
    5. شوهالحكى
    مسلسل 2005 قصة وسناريو وحوار
    6. مرزوق على جميع الجبهات
    مسلسل 2004 مؤلف
    7. عالمكشوف
    مسلسل 2004 قصة وسناريو وحوار
    8. قانون ولكن
    مسلسل 2003 قصة وسناريو وحوار
    9. بطل من هذا الزمان
    مسلسل 2000 قصة وسناريو وحوار
    10. عيلة 8 نجوم
    مسلسل 1998 قصة وسناريو وحوار
    11. عيلة 7 نجوم
    مسلسل 1997 قصة وسناريو وحوار
    12. عيلة 6 نجوم
    مسلسل 1995 تأليف

  • تعرف على / ساعات النهار‏ وساعات الليل‏ / وقد قسم العرب قديما كلا من الليل والنهار اثنتي عشرة ساعة ، وكل ساعة منها باسم ،ولكنها لم تكن مرقمة بل كانت تعطى كل ساعة اسماً خاصاً بها وعدد هذه الساعات لا يتغير بتغير الفصول بل يتغير طول الساعة باختلاف طول النهار أو الليل ..

    تعرف على / ساعات النهار‏ وساعات الليل‏ / وقد قسم العرب قديما كلا من الليل والنهار اثنتي عشرة ساعة ، وكل ساعة منها باسم ،ولكنها لم تكن مرقمة بل كانت تعطى كل ساعة اسماً خاصاً بها وعدد هذه الساعات لا يتغير بتغير الفصول بل يتغير طول الساعة باختلاف طول النهار أو الليل ..

     

    ساعات النهار والليل عند العرب

    قسم العرب قديما كلا من الليل والنهار اثنتي عشرة ساعة ، وكل ساعة منها باسم ،ولكنها لم تكن مرقمة بل كانت تعطى كل ساعة اسماً خاصاً بها وعدد هذه الساعات لا يتغير بتغير الفصول بل يتغير طول الساعة باختلاف طول النهار أو الليل ،

    قد أورد الثعالبي أسماء هذه الساعات في كتابه (فقه اللغة وسر العربية)‏

    وعدد الثعالبي أربعة وعشرين لفظا يمثل كل واحد منها مقطعا زمنيا لإحدى سَاعَاتِ النَّهارِ أو اللَّيل وتعدادها أربَع وعِشْرونَ ـ 12 للنهار ومثلها لليل ـ وهي:‏

    ساعات النهار‏

    1 ـ الشروق 2 ـ البكور 3 ـ الغدوة 4 ـ الضحى 5 ـ الهاجرة 6 ـ الظهيرة 7 ـ الرواح 8 ـ العصر 9 ـ القصر 10 ـ الأصيل 11 ـ العشي 12 ـ الغروب.‏

    ساعات الليل :‏

    1 ـ الشفق 2 ـ الغسق 3 العتمة 4 ـ السدفة 5 ـ الفحمة 6 ـ الزلة 7 ـ البهرة 8 ـ السحر 9 ـ الفجر 10 ـ الإصباح 11 ـ الصباح.‏

    وقالوا في ساعات النهار :‏

    الصباح : أوَّل ساعة من النهار.‏

    والبُكور: ما قبل طلوع الشَّمس .‏

    والغَدَاة : ما بعد طلوع الشَّمس.‏

    والضُحى : ارتفاع الشَّمس، ورَأْد الضُحى ،والإشراق والضَّحَاء ، والشُرُوق ، والزَّوال ، والجُنوح.‏

    والهاجِرة أو الهجيرة : متى استوت الشَّمس في كبد السَّماء .‏

    والظَّهِيْرَة ، والرَّوَاح ، والأصيل ، والمساء .‏

    والعصر و القَصْر : ما بعد المساء ، والطُفُول أو الطَّفَل.‏

    والعشيَّة : آخر ساعة من النهار.‏

    والشَّفَق : أول ساعة من الليل وهو وقت صلاة المغرب .‏

    والعِشاء : بعدما يغيب الشَّفق.‏

    والعَتَمة : إذا اشتدّت ظلمة الليل.‏

    والسُحَرة : آخر الليل قُبَيل الغَلَس.‏

    والغَلَس : ظلام آخر الليل قبيل البلجة.‏

    والتنوير : ما بعد صلاة الفجر.‏

    وقالوا في ساعات الليل‏

    ساعة الليل الاولى كانت تسمى الشاهد أو الشهادة أو الشفق.‏

    وساعة الليل الثانية كانت تسمى الغسق.‏

    وساعة الليل الثالثة كانت تسمى العتمة .‏

    وساعة الليل الرابعة كانت تسمى الفحمة أو السدفة.‏

    وساعة الليل الخامسة كانت تسمى الموهن أو الجهمة.‏

    وساعة الليل السادسة كانت تسمى القطع أو الحذو.‏

    وساعة الليل السابعة كانت تسمى الجوشن أو الزلفة أو الجوسم.‏

    وساعة الليل الثامنة كانت تسمى الهتكة أو النهزة أو العبكة.‏

    وساعة الليل التاسعة كانت تسمى التباشير أو السحر.‏

    وساعة الليل العاشرة كانت تسمى الفجر الاول أو الفجر.‏

    وساعة الليل الحادية عشرة كانت تسمى الفجر الثاني أو الصبح أو المعرض.‏

    وساعة الليل الثانية عشرة كانت تسمى الفجر المعترض أو الصباح أو الاسفار.‏

    وقد نظم الجبرتي المصري أسماء ساعات الليل والنهار شعرا فقال :‏

    إذا رمت ساعات النهار وحصرها‏

    مـرتبة فاقبل عليها بالاعتـنا‏

    شروق بكور ثم غدوة ضحـوة‏

    فـهاجـرة ثم الهجير فظـهرنا‏

    ظهيرته ثم الرواح بعصـر.‏

    أصيل غروب بالهناء أتى لنا‏

    وإن رمت ساعات ليل فـأول‏

    بها شـفق يأتـيك في العد بـينا‏

    غسيق عشاء ثم عتمة هجـعة‏

    فزلفته ثم السديفة فافطــنا‏

    فبهرته ثم السـحير فصبـحة‏

    صباح فإسـفار فخذها بلا عنا.‏

    معادن الرجال تظهر عند المحك‏

    ما أكثر الأصدقاء وما اقلهم ، هم كثر عند السراء وعندما يكون شخص في موقع المسؤولية أي عندما يكون ذا مال وجاه ،وعندما تنقلب الأمور ويذهب جاهه أو ماله،ولا يبقى إلا المخلص الحقيقي ،ومن هنا قالوا لا تظهر معادن الرجال إلا عند المحك ،أي عندما يقع الصديق أو الجار في مأزق أو محنة .‏

    والعبارة مأخوذة من اكتشاف معدن الذهب الحقيقي من المزيف ،حيث يقوم الصائغ بحك القطعة الذهبية قليلا مقدار رأس الدبوس ليعرف هل هو حقيقي أو مزيف،وكذلك الرجل ،يظهر معدنه عند وقوع مشكلة فتنكشف الصداقة المزيفة من الصداقة الحقيقية.‏

    وينسب الأمر على الجوار والأقارب وزملاء المهنة والعمل،ولفظة الرجال هنا مجازية تشمل الذكور والإناث ،لكن غلبت لفظة الرجال لأنهم الأكثر تعاملا مع بعضهم ،سواء في البيع أو الشراء أو السفر أو أي نوع من المعاملات المالية والمعنوية.‏

  • الكاتب فرانتس كافكا ..وكيف تحول كافكا اليهودي إلى بطل بالنسبة لكثير من العرب… – المسخ (ألمانية: Die Verwandlung) هي رواية قصيرة كتبها الروائي التشيكي فرانز كافكا، نُشرت لأول مرة عام 1915م..

    الكاتب فرانتس كافكا ..وكيف تحول كافكا اليهودي إلى بطل بالنسبة لكثير من العرب… – المسخ (ألمانية: Die Verwandlung) هي رواية قصيرة كتبها الروائي التشيكي فرانز كافكا، نُشرت لأول مرة عام 1915م..

    كيف تحول كافكا اليهودي إلى بطل بالنسبة لكثير من العرب

    تحظى أعمال الكاتب فرانتس كافكا بتقدير المفكرين في العالم العربي حيث تمكنوا من خلاله من الاقتراب من الحداثة الغربية.

    سأل فرانتس كافكا خطيبته فيليس باور عام 1916 عندما وُصفت رواياته بأنها ” ألمانية أصيلة” في المجلة الأدبية نويه روندشاو Neue Rundschau قائلا:” هل أنا لاعب في سيرك يمتطي جوادين؟” في أثناء ما كتب صديقه الكاتب ماكس برود في نفس الوقت أن أعمال كافكا النثرية تنتمي لأكثر وثائق ذات صبغة يهودية في عصرنا.”

    لكنه كان حقا لاعب سيرك يمتطي ثلاثة جياد، ويبجله المثقفون العرب “كشخصية مقدسة”، وبالطبع لم يحظى كافكا بالإعجاب فحسب في العالم العربي بل أيضا بالكراهية، ففي عام 1996 هاجم أحد النواب في البرلمان السوري وزيرة الثقافة لأن كتابًا عن كافكا الصهيوني صدر في سلسلة إصدارات تمولها الدولة، ويذكرنا الكاتب العراقي نجيم والي عام 2004 بعد حرب العراق بأن كل قاريء لروايات كافكا أثناء  حكم صدام حسين معرضا لخطر السجن أو حتى أن يفقد حياته.

    تعد الحوارات حول أعمال كافكا جزءً من المراحل الأساسية للحرب الباردة في أوروبا التي كانت أيضًا بمثابة حرب ثقافية، فتمزق وحزن كافكا أرادا إقصاء اليوتوبيات الاجتماعية عنها،  ويعد الدور الذي لعبته أعماله في الحوار الدائر بين المفكرين العرب مع تقاليدهم الخاصة والحداثة الغربية أمرًا غير معروفًا بشكل كبير.

    يعود الفضل لأستاذ الأدب المصري عاطف بطرس في اكتشاف “شخصية كافكية عربية” متعددة الاتجاهات حيث ترقى في جامعة لايبتسيج بعمل عن كافكا يحمل اسم ” كاتب يهودي من منظور عربي.”

    هناك كاتبان مصريان مهمان بالنسبة لاستقبال كافكا في العالم العربي هما ﭼورج حنين( 1914- 1973) وهو كاتب فرانكفوني انتمى لدائرة السرياليين التابعة لأندرية بروتو في باريس لفترة طويلة، وعميد الأدب العربي طه حسين ( 188 – 1973)، استخدم حنين كافكا كجسر الذي تمكنت الثقافة العربية من خلاله من  الاقتراب من الحداثة الأدبية، أما طه حسين فلقد اكتشفت أوجه التشابه التي ربطت أعمال ورؤية كافكا للعالم مع الأدب العربي المزدهر نهاية الألفية الأولى.

    كان ﭼورج حنين ابنًا لأحد الباشاوت الأثرياء والدبلوماسين وكان منتميا للبوهمية اليسارية، وكان يغير مكان إقامته بين القاهرة وبروكسل ومدريد وباريس، أما طه حسين فلقد كان ليبراليًا متصوفًا يعود أصله لأسرة فقيرة وتربى داخل الكُتّاب لتحفيظ القرآن ودرس بجامعة القاهرة أول جامعة حديثة في مصر، وشهد الاثنان بزوغهم الثقافي في باريس من خلال جامعة السربون.

    أجمل الاقتباسات من فرانتس كافكا

    كل حديث ليس له معنى إذا غابت الثقة

    في “حالة كافكا” وصل تأثير الثقافة الناطقة باللغة الألمانية عبر فرنسا إلى العالم العربي.. ونشرت مقالة حنين عن رواية كافكا “القصر”  Das Schloss” ”  عام 1939 وربما كان هو أيضا الباعث على أولى ترجمات رواية كافكا ” طبيب القرية” “Der Landarzt”  إلى اللغة العربية حيث نشرت في الصحيفة الشهرية “الكاتب المصري” التي يصدرها طه حسين وتمولها أسرة هراري اليهودية المصرية، كان ﭼورج حنين عضوًا قياديًا في جماعة “الفن والحرية” التي تأسست عام 1939 وهي منظمة سرية للمفكرين من المذهب السريالي في الإسكندرية والقاهرة.

    وبالنسبة للكاتب الفرنسي أندرية بروتو يعد حنين بمثابة “الوسيط الهام بين الشرق والغرب” كما أطلق عليه الكاتب الفرنسي أندرية مالرو” بأنه أكثر الشخصيات ذكاءً في القاهرة.”.. رفض حنين التفسيرات اللاهوتية والصوفية في أعمال كافكا حيث ” قرأها كاستشراف لأجهزة السلطة الشمولية التي صبغ احتقارها للبشر القرن كله،  وأصبح كافكا في عصر الإرهاب المحكم بمثابة “مرشد متشائم للمجتمع الحديث. ”

    كان يعد ﭼورج حنين القبطي الذي يكتب باللغة الفرنسية بمثابة شخصية غريبة وهامشية لفترة طويلة قبل أن يكتشفه جيل جديد من المفكرين العرب من جديد في السنوات الأخيرة، عندما اعتلى جمال عبد الناصر السلطة بعد الثورة عام 1953 ومن ثم انتهي عصر الملكية والاستعمار، ولقد رحب حنين بالثورة في البداية،  لكن بعد ذلك بفترة وجيزة ابتعد عن الشمولية العسكرية لجمال عبد الناصر وقارن “الريس” بهتلر الذي سمعه في ميونخ عام 1939 ولجأ كثير من المفكرين المصريين مثل حنين إلى الهجرة الداخلية وبعد ذلك إلى المهجر ومن ثم ظهر اهتمامهم بكافكا الذي لم يرى فيه حنين كاتب “المنفي” مبكرًا فحسب.

    تُرجمت الثلاث روايات الكبرى لكافكا إلى العربية نهاية فترة الستينيات، ودعمت هزيمة العرب في حرب يونيو ضد اسرائيل عام 1967 من صيغة الفشل التي وجد الكتاب العرب توقعها وحدسها الأدبي لدى كافكا وكان طه حسين مثل حنين ممثلا لحركة الإصلاح والانطلاق العربي حيث قال: “علينا أن نحذو حذو الأوروبيين لكي نستطيع أن نكون شركاء لهم في المدنية على نفس المستوى.”

    قام طه حسن عام 1946 بنشر أول تعليق عن كافكا باللغة العربية في مجلة ” الكاتب المصري”  وكان المقال يحمل عنوان ” الأدب السوداوي” وبذلك وضع طه حسين كافكا في نمط الأدب التشاؤمي الذي يعد الأديب العربي الكلاسيكى أبو العلاء المعري ( 973 حتى 1057) أهم ممثل له، حيث يشعر طه حسين الذي أصيب بالعمى في طفولته بالارتباط مع الفيلسوف العربي الكفيف.

    كان تذكر العصر الذهبي للأدب العربي بالنظر إلى كاتب براغ كافكا  أمرا مؤثرا في زمن يشكو من “انهيار وسكون المسلمين”، ووجد طه حسين في أعمال كافكا حقائق موجعة لكن لايمكن إنكارها والتي تتمثل في استحالة ربط الانسان بالرب وعدم فهم الذنب البشري، وعدم معرفة مغزى الحياة، فالتشاؤم يحمي الناس من الكبر والغطرسة.

    نشر طه حسين في مايو 1933 في المجلة ذائغة الصيت ” نجم الشرق” مقالا بعنوان ” الاحتقار” التي أجرى فيها سجالا مع أيدلوجية المذهب القومي الاشتراكي (النازي) المناهضة للفكر، ولقد نادى باحتجاجات دولية عقب حرق الكتب في برلين وقام طه حسين بدعوة من يودا ماجنيس رئيس الجامعة العبرية بزيارة القدس عام 1943 وأظهر تعاطفًا كبيرًا لمصير اليهود الذين قام النازيون بمطاردتهم وقتلهم.

    وذلك الأمر ربط بينه وبين حنين الذي أصدر إعلانا يحمل عنوان ” يعيش الفن المنهار”، وشارك حنين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في إصدار مجلد ” فضائل ألمانيا ” الذي خُصص للألمان الذين كرسوا حياتهم للحرية بعد عام 1933، وأسس كل من طه حسين الذي كان وزيرًا للتعليم بمصر عام 1950 وﭼورج حنين الذي نفي إلى إيطاليا استقبال كافكا في العالم العربي.

    وبعد حرب 1967 ظهرت كل أشكال الرفض الغاضب ووصولا إلى الموافقة المتحمسة في تفاعل الكتاب العربي مع الأديب كافكا، لكن مجرد نعته بصفة “صهيوني” كان كافيًا لكثيرين لكي يصبوا عليه لعناتهم ولعبت قصة كافكا بعنوان “بنو آوى وعرب”  “Schakale und Araber”  دورًا مهمًا في هذا الصدد.

    رمز لاستعمار فلسطين

    من الممكن رؤية تلك القصة بمثابة رمز لاستعمار اليهود لفلسطين حتى أن بعض المحللين العرب لرواية كافكا قد ذهبو بعيدا في تحليلهم بأن قصة ” بنو آوى وعرب” تعد رد فعل مباشر لما أطلق عليه اسم ” وعد بلفور” .

    فلقد أكد وزير الخارجية البريطاني أرثر جيمس بلفور في الثاني من نوفمبر عام 1917 على نية حكومته في مساعدة اليهود لإيجاد “وطنًا قوميًا” لهم في فلسطين، لكن أشار عاطف بطرس إلى أن قصة كافكا كتبت في يناير 1917 أي قبل إعلان بلفور.

    حرّف المترجمون العرب نص كافكا لكي يجعلوا شخصيته الصهيونية غير ظاهرة،  اختلف الاستقبال العربي لكافكا على تفسير قصة “بنو آوى وعرب”،  وطُرح السؤال الذي تم صياغته نهاية الحرب العالمية الثانية من قبل شيوعيين فرنسيين  وهو “هل يجب حرق كافكا؟” في العالم العربي

    قام كتاّب عرب بحظر كتب كافكا وهناك كتاب عرب تمسكوا بكافكا بإعجاب شديد، ولقد ختم عاطف بطرس كتابة بالجملة الختامية من قصة كافكا “ورقة قديمة” هذا سوء فهم، سيؤدي بنا جميعا إلى الهلاك.”

    المصدر جريدة دي ﭭيلت

    ــــــــــــــــــــــــــــ

    المسخ (رواية)

    من ويكيبيديا
    المسخ (رواية)
    Metamorphosis.jpg
    المؤلف فرانز كافكا
    اللغة ألمانية
    البلد ليبزيغ
    النوع الأدبي رواية عبثية
    الناشر كورت وولف
    تاريخ الإصدار 1915

    التقديم
    المسخ (ألمانية: Die Verwandlung) هي رواية قصيرة كتبها الروائي التشيكي فرانز كافكا، نُشرت لأول مرة عام 1915. وهي من أشهر أعمال القرن العشرين وأكثرها تأثيرًا، حيث تتم دراستها في العديد من الجامعات والكليًات في العالم الغربي. وقد وصفها الكاتب البلغاري إلياس كانيتي بكونها “أحد الأعمال القليلة الرائعة، وأحد أفضل أعمال الخيال الشعري المكتوبة في هذا القرن.”
    حبكة
    تبدأ القصة بتاجر مسافر اسمه جريغور سامسا، الذي يستيقض ليجد نفسه قد تحوّل إلى حشرة بشعة. في السطر الأول من ” التحول يصدم ” كافكا ” القارئ بهذا التحول الرهيب حيث يقول : ” استيقظ جريجور سامسا ذات صباح بعد أحلام مزعجة ، فوجد نفسه قد تحول في فراشِه إلي حشرة هائلة الحجم ” . ” جريجور ” ، هذا العامل البسيط ، البائس بوظيفته التي تجبره علي الاستيقاظ مبكراً ليلحق بقطاراته كي يجوب المدن بائعاً متجولاً ، في شقاء يومي متكرر ، بالكاد يحقق له دخلاً يستطيع به أن يعول أسرته . ويجري ” كافكا ” هذا الحدث غير الواقعي ، وغير محتمل الوقوع ، في مجاري واقعية تماماً ، موهماً القارئ بصدق هذا الكابوس ، والذي تمنَّى ” جريجور/ المتحول ” أن يكون هذا مجرد حلماً مزعجاً سرعان ما يستيقظ منه ، لكنه أيقن بتوالي الأحداث استحالة أمنياته . عندما ترتعش أطرافه المفصلية الحشرية في محاولاته اليائسة للنهوض من فراشه حيث تسبب له الألم ، وعندما يضطر للرد علي أسرته القلقة بسبب تأخره في النوم علي حالته الجديدة ، ويصافح مسمعيه هذا الصوت الرفيع الغريب الذي هو بالتأكيد صوته غير البشري ، ولا تقتصر مأساة هذا البائس فيما بعد في عجزه عن المواءمة مع هذا التحول القدري ، بل تتعداه إلي موقف الأسرة السلبي منه ـ فيما عدا أخته التي كانت تؤثره في محنته ـ حين تبتعد عنه مع مرور الوقت وتفاقم أزمته الوجودية ، ثم هي تدفعه للاختفاء بعيداً عن الأعين ، ثم وهي تبلور مشاعرها لمشاعر باردة وغير إنسانية بالمرَّة ، برغبة جماعية في التخلص منه ، حتى ولو كان الثمن هو الموت ، فالارتباط المادي الذي يربطهم به قد انقطع صبيحة التحول الحشري مع توقفه عن العمل ، بالفعل يموت ” جريجور ” ، ماذا يمكنه أن يفعل غير الموت ؟ ، بعد أن أرهق ” كافكا ” القارئ بالتفصيلات الحياتية اليومية الكابوسية ، التي تؤكد أن مجرد البقاء علي هذه الصورة أمراً مرعباً وغير محتمل ، وأن الانتحار هو الحل الوحيد الممكن.

    نقد

    يقول روجيه جارودي عن ” كافكا ” وعالمه السوداوي أنه خلق هذا العالم بمواد عالمنا مع إعادة ترتيبها وفقاً لقوانين أخرى تماماً كما فعل الرسامون التكعيبيون في نفس الفترة. وتنتمي المسخ إلى المذهب العبثي في الأدب. وتعالج موضوعات مرتبطة بالحداثة كالإغتراب الذي يعد من أهم سمات المجتمع الحديث الرأسمالي. كما يذكر إبراهيم مجمود في كتابه الإغتراب الكافكاوي” إنّ المرء هو مغترب كيف كان اختياره. فالخضوع للقوانين غير الأخلاقيةيعني طلاق كل ما هو أنساني فيه, وعدم الخضوع يعني الفناءوهذا ما حدث مع جريغور سامسا. كيف صار مسخاً؟ لأنه حاول الخروج عن عن القانون الذي يقتل فيه انسانيته في مجتمع مرعب”. ويعاني جريجور من الإغتراب على مستويات عدة. اغتراب عن العمل والأسرة والمجتمع والجسد وحتى عن نفسه.

    في السينما والتلفزيون

    سنة 1976 أخرج المخرج السويدي إيفو دفوراك فيلما مستوحا من الرواية. وتحولت رواية المسخ إلى فيلمين طويلين، واحد من روسيا والآخر من الأرجنتين، وإلى فيلمين قصيرين وفيلم رسومي قصير أنتج عام 1977 باسم تحول السيد سامسا للأمريكية كارولين ليف. كما نقلت الواية إلى التلفزيون من خلال أربعة مسلسلات ابتداء من سنة 1975، أبرزها المسلسل البريطاني المنتج عام 1987 والذي يحمل نفس اسم الرواية وقام فيه الممثل تيم روث بأداء شخصية المسخ غريغور سامسا.[1]

  • قدم الروائي والناقد العراقي عدنان حسين أحمد في الفترة الأخيرة كتابين هامين..أولهما “الرواية العراقية المغتربة – والثاني “أدب السجون خلال سنوات الحكم الدكتاتوري في العراق 1963 ـ 2003” ..

    قدم الروائي والناقد العراقي عدنان حسين أحمد في الفترة الأخيرة كتابين هامين..أولهما “الرواية العراقية المغتربة – والثاني “أدب السجون خلال سنوات الحكم الدكتاتوري في العراق 1963 ـ 2003” ..

     

     

    عدنان حسين أحمد: كثيرون من مثقفي العراق ينضوون تحت لواء ‘وعاظ السلاطين’

    قراءتي الشاملة لمعظم ما كُتب من أدب السجون في العراق هي التي دفعتني للتخصص في هذا المضمار المضني وتحليله والكتابة عنه.

    ميدل ايست أونلاين

    كتب ـ محمد الحمامصي

    هامش الحرية كان ضيقاً في العراق

    قدم الروائي والناقد العراقي عدنان حسين أحمد في الفترة الأخيرة كتابين هامين، كونهما يشكلان مشهدا بانوراميا للرواية العراقية وما يشغلها من قضايا ورؤى إنسانية، أولهما “الرواية العراقية المغتربة” تناول فيه 30 رواية لـ 16 روائيا من مختلف الأجيال الروائية العراقية في الغربة، والثاني “أدب السجون خلال سنوات الحكم الدكتاتوري في العراق 1963 ـ 2003” الذي لا يكتفي فيه بمجرد القرءاة النقدية لأعمال روائيين عراقيين وعرب عاشوا في العراق بل يقدم رؤية تاريخية لهذا الأدب ومعالجاته الإبداعية.

    وفي هذا الحوار مع الكاتب ناقشناه في رؤيته وما قدمه من قراءات في الكتابين.

    بداية يرى أن كتابه “الرواية العراقية المغتربة” يعكس جانباً من النسيج العراقي بفسيفسائه المتعددة، وهؤلاء الروائيون جميعاً يكتبون عن العراق بالطريقة التي يجدونها مناسبة. وعلى الرغم من تعدد الثيمات والرؤى والمقتربات الفكرية لكل واحد منهم على انفراد إلاّ أن هذا الوطن يلمّهم جميعاً في حضنه الدافئ الذي لا يفرّق بين عربي وكردي، مسلم أو مسيحي، صابئي أو إيزيدي، آشوري أو كلداني، تركماني أو سرياني، عراقي من أصول إيرانية أو من أصول أرمينية أو هندية أو أفغانية وهلّم جرا. فبغداد، عاصمة الرشيد، كانت حاضرة عالمية ظلت تسطع في قلب التاريخ على مدى خمسة قرون ونيّف فلا غرابة أن يستوطنها الناس من أعراق وديانات ومذاهب شتى، وهذا التنوع هو الذي انعكس على كتابي النقدي “الرواية العراقية المغتربة” الذي ضمّ هذه الباقة المنوّعة من الروائيين العراقيين الذين استدار بعضهم إلى العراق متكئاً على ثيماته الداخلية، فيما زاوج البعض الآخر بين الثيمتين العراقية والأوروبية ومع ذلك فإن لكل رواية نكهتها الخاصة وعالمها المميز الذي تدور بين جنباته.

    ويؤكد عدنان حسين أن من يتأمل الرواية العراقية المغتربة بشكل عميق سيجد أن هناك بعض الفروق الجوهرية الناجمة عن البيئة الجديدة لها، فهذا المحيط الجديد يختلف بالضرورة عن المحيط العراقي المؤطر باشتراطات محددة.

    وأنا أتحدث هنا عن الروايات العراقية المغتربة التي تجمع بين الثيمات المحلية للبلدان الأوروبية التي تُكتب فيها وبين الثيمات التي تنتمي للعراق، وكذلك الشخصيات المشتركة الأوروبية والعراقية مثل رواية “تحت سماء كوبنهاغن” لحوراء النداوي، أو “منازل الوحشة” لدُنى غالي، أو “طشّاري” لأنعام كجه جي، ويمكن أن أشير إلى رواية “وأقبلَ الخريف مبكراً هذا العام” للدكتور قصي الشيخ عسكر التي تكاد تكون كل شخصياتها دنماركية باستثناء الراوي وشخصية عبدالله اللوريني التي يستعيدها الراوي مرات عديدة على مدار النص.

    لا بد من التنويه إلى أن هامش الحرية كان ضيقاً في العراق قبل بداية الألفية الثالثة قياساً بأوروبا وأميركا وبقية بلدان العالم المتحضرة، لكن جانباً من هذه الحرية قد تحقق بعد عام 2003 وصار بإمكان الكاتب العراقي أن يكتب ما يشاء غير أن هذا لا يعني أن الحكومات العراقية التي جاءت بعد الاحتلال راضية عن هذا الهامش الكبير من الحرية، فهي مجبرة عليه كي يتلاءم مع طروحاتهم الجديدة في الديمقراطية، والحريات العامة والخاصة، والحكم الرشيد وما إلى ذلك، فهم في حقيقة الأمر غير ديمقراطيين ولا يؤمنون بالحريات الخاصة والعامة، ويتخبطون في حكمهم الطائفي الأرعن كما ترون وقد حولوا بعض مدن العراق إلى بؤر متوترة كي يظلوا متشبثين بسُدة الحكم إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

    ويلفت عدنان حسين أحمد إلى أن اهتماماته لا تقتصر على الرواية العراقية المغتربة وإنما تمتد إلى أكثر من جنس أدبي ربما تكون القصة القصيرة والرواية في مقدمتها “لأنني معني بالنثر ومهتم به أكثر من اهتمامي بالشعر”.

    ويضيف “أنني معني بالثقافة البصرية التي تتوزع بين السينما والمسرح والفن التشكيلي والفوتوغراف وقد صدرت لي بعض الكتب في هذا الصدد من بينها “أطياف التعبيرية. غواية الحركة ورنين اللون في تجربة ستار كاووش الفنية”. كما اضطرتني الأوضاع المزرية في العراق أن أكتب في الشأن السياسي، ليس حُباً بالسياسة وإنما استجابة للواجب الوطني الذي يجبرني على أن أضع النقاط على الحروف وأعرّي الساسة اللصوص والفاشلين والطائفيين. لا شك في أن هذا التشتت يفقدني التركيز على تجربتي النقدية ولكنني أعمل ببسالة الفارس، وروح العامل المنقطع إلى مشغله، والمُحب الذي لا يرى في العالم غير وجه حبيبته التي يختزل فيها كل النساء”.

    وحول كتابه عن أدب السجون والملامح المميزة التي تجعلنا عندما نقرأ رواية أو نصا شعريا يمكن أن ندرجه تحت هذا الأدب، يقول عدنان حسين “ما أدهشني عبر هذا البحث الطويل الذي لا أزال منهمكاً فيه هو المخيلة التي تتفتق عن آخرها حينما تضع الأديب المبدع في زنزانة، وتصادر حريته الشخصية حيث يطوف هذا السجين العالم كله وهو جالس بين أربعة جدران كابية وحيّز معتم لا تتوفر فيه أبسط شروط العيش الإنسانية. ويمكن العودة إلى روايات عبدالرحمن منيف وفاضل العزاوي وهيفاء زنكنة وغيرهم الكثير لتكتشف صحة ما أذهب إليه. فالثيمات والزمان والمكان والشخصيات كلها سجينة مأسورة إلى أجل غير مسمّى، كما أن التعويل على بصيص الأمل يمنح القارئ ثقة كبيرة بالمستقبل الذي يجب أن ينطوي على تغييرات محددة حتى وإن كانت تقع في خانق المستحيل”.

    ويشير إلى أنه “لا فرق كبير بين العراق وبقية الدول العربية من حيث طبيعة الحريات المتاحة وحجم القمع الموجود في سجونها ومعتقلاتها، بل في حياتها العامة. فبعد سقوط الأقنعة فيما يسمّى بالربيع العربي اكتشف العالم كله أن البلدان العربية متساوية مع فروقات بسيطة في اضطهاد شعوبها لكن العراق كان يتصدر قائمة الدول العربية فهو لا يجد حرجاً في أن يدفن خمسة آلاف مواطن وهم أحياء في يوم واحد، ولا يخشى من أن يستعمل الأسلحة الكيمياوية ضد العراقيين العزّل في شمال الوطن أو وسطه أو جنوبه، ولا ترتعد له فريصة حينما يطهِّر السجون ويبيد المئات من البشر في مدة زمنية قياسية.

    كما اخترت العراق أنموذجاً لأن غالبيه مبدعيه قد ذاقوا مرارة الاعتقال والسجن والتعذيب، بل أن معظم رؤساء العراق الذين تربعوا على كرسي الحكم قد بدأوا حياتهم في السجن أو انتهوا إليه في خاتمة المطاف. وربما تكون قراءتي الشاملة لمعظم ما كُتب من أدب السجون في العراق هي التي دفعتني للتخصص في هذا المضمار المضني وتحليله والكتابة عنه. وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أكتب فيه عن أدب الحريات وليس عن أدب السجون والمعتقلات”.

    وردا على تساؤل حول علاقة المثقف بالسلطة خاصة أنه تناول جوانب تجمع بين السلطة والمبدع والمثقف مثل سلطة الرقيب وثقافة العنف، يقول “علاقة المثقف بالسلطة هي علاقة إشكالية بامتياز. ففي العراق تحديداً ينقسم المثقفون إلى ثلاثة أقسام حيث يتخندق القسم الأكبر مع السلطة وهم وعّاظ السلاطين حسب توصيف عالم الاجتماع العراقي علي الوردي، فيما يقف القسم الثاني مناوئاً ومناهضاً لهذه السلطة وهم قلّه نادرة تقاتل إلى أن تنفد ذخيرتها ثم تلوذ بالمنافي الداخلية أو الخارجية، ولك أن تتأكد من عدد المثقفين العراقيين الذين تركوا بغداد الآن في ظل الديمقراطية المزعومة وهربوا إلى أربيل، تمثيلاً لا حصرا، أما القسم الثالث فيختار الابتعاد عن الأضواء أو الانسحاب إلى المقاعد الخلفية أو العزلة البيتية.

    وقال: أود أن أنوّه هنا بأن كلمة الثقافة لم ترد في الدستور العراقي لأن السياسيين العراقيين لا يريدون للمثقف العراقي أن يحظى بمكانة مرموقة، ويفضّلونه أن يكون تابعاً لهم، وربما تكون نسبة المثقفين الذيول أعلى بكثير من نسبة المثقفين الحقيقييم المناهضين للسلطة أو المنسحبين من أجوائها البائسة في أقل تقدير”.

    وفي ضوء قراءاته ومتابعاته للمشهد الإبداعي العراقي، يرى عدنان حسين أن وضع المبدع أو المثقف لم يتحسن كثيراً في العراق في مرحلة ما بعد التغيير. فلقد قُتل العديد من الكُتاب والصحفيين المعارضين في ظروف غامضة، كما أُبعِد البعض الآخر منهم لا لشيء إلاّ لمعارضتهم للنظام أو تبّنيهم لآراء وقناعات مغايرة. فهذا النظام الجديد المتمترس خلف قناع ديمقراطي كاذب يستعمل نفس الأساليب القديمة في خلق الصحافة الحزبية التي تستقطب أكبر عدد ممكن من الكُتّاب والصحفيين والمثقفين وتجيّرهم لمصلحتهم الخاصة الضيقة. فالمثقف العراقي لا يستطيع أن يعيش إلاّ في الفضاءات الحرة النقية التي تقدّم مصلحة الوطن على مصلحة هذا الحزب المهيمن على السلطة أو ذاك، فكيف سيكون الأمر مع بعض الأحزاب العراقية التي انبثقت من فراغ أو انبجست من بعض دول الجوار التي تتربّص بالعراق وتضمر له الشر؟

     

  • تعرف على حسن الصباح أو حسن بن على بن محمد الصباح الحميري ولد(430 هـ 1037 م) -(518 هـ/1124 م) إيران .. والملقب بالسيد أو شيخ الجبل هو مؤسس مايعرف بـ الدعوة الجديدة أو الطائفة الإسماعيلة النزارية المشرقية أو الباطنية – مؤسس طائفة الحشاشون

    تعرف على حسن الصباح أو حسن بن على بن محمد الصباح الحميري ولد(430 هـ 1037 م) -(518 هـ/1124 م) إيران .. والملقب بالسيد أو شيخ الجبل هو مؤسس مايعرف بـ الدعوة الجديدة أو الطائفة الإسماعيلة النزارية المشرقية أو الباطنية – مؤسس طائفة الحشاشون

    حسن الصباح

    ويكيبيديا
    حسن الصباح
    Asabah2.jpg
    مؤسس طائفة الحشاشون
    خلفه كيا بزرك أميد (برزجميد)
    المعلومات الشخصية
    المواليد الري وقيل قم ثم انتقل إلى الري
    الوفاة عام 518 هـ/1124 م
    قلعة ألموت
    الأبناء مات من غير سليل
    الديانة إسماعيلي نزاري
    حسن الصباح أو حسن بن على بن محمد الصباح الحميري[1]، ولد(430 هـ 1037 م) إيران وفاة (518 هـ/1124 م) إيران، والملقب بالسيد أو شيخ الجبل هو مؤسس مايعرف بـ الدعوة الجديدة أو الطائفة الإسماعيلة النزارية المشرقية أو الباطنية أو الحشاشون حسب التسمية الأوروبية.

    النشئة

    ولد بالري عام 430 هـ 1037 م، بعض المؤرخين ذكروا انه ولد في قم معقل الشيعة الإثنى عشرية حيث نشأ في بيئة شيعية اثني عشرية ثم انتقلت عائلته إلى الري مركز لنشاطات طائفة الإسماعيلية فاتخذ الطريقة الإسماعيلية الفاطمية وعمره 17 سنة، وقال في مذكراته عن تلك الفترة: “ظللت حتى السابعة عشرة دارساً وباحثاً في المعرفة ولكني ظللت على عقيدة أجدادي الاثنى عشرية. وذات يوم التقيت برجل، أحد الرفاق (وهو تعبير يطلقه الإسماعيليون على أنفسهم) يدعى عميره زاراب كان من وقت لآخر يدعو إلى نظرية الخلفاء قي مصر ” وقال حسن الصباح أيضا: ” وكان عميره زاراب ذا شخصية قوية، وعندما ناقشني لأول مرة قال ان ” الإسماعيلية يقولون كذا وكيت “. وكان عميرة يقول لى ” عندما تخلو إلى التأمل في سريرك أثناء الليل سوف تعرف أن ماأقوله لك مقنع ” ” [2]. وفي عام 471 هـ/1078 م ذهب إلى مصر في زمن المستنصر بالله الفاطمي، وعاد بعد ذلك لينشر الدعوة في فارس.

    اعتناقه للمذهب الإسماعيلى

    استمر حسن في قراءة كتب الإسماعيلية، وبعد ذلك لقى معلم إسماعيلى آخر، فلقنه التعاليم الإسماعيلية حتى اقتنع، ولم يبق أمامه سوى أداء يمين الولاء للامام الفاطمى. لكنه أدى تلك اليمين أمام مبشر إسماعيلى نائب عن عبد الملك بن عطاش كبير الدعاة الإسماعيليين في غرب إيران والعراق، وفى أوائل صيف 1072 وصل عبد الملك بن عطاش لمدينة الرى، فلقيه حسن الصباح، ثم وافق على انضمامه، وحدد له مهمة معينة في الدعوة، وطلب منه السفر إلى مصر لكي يسجل اسمه في بلاط الخليفه الفاطمى بالقاهرة.

    ترك حسن مدينة الرى سنة 1076 ورحل إلى أصفهان ثم اتجه صوب أذربيجان ومنها عرج على ميافارقين فبقي فيها إلى أن طرده قاضى المدينة بعدما أنكر حسن سلطة علماء السنة وأصر على إن الإمام وحده هو الذي لديه الحق في تفسير الدين، فأكمل رحلته إلى فلسطين عن طريق أرض الجزيرة وسوريا وبيروت ومن هناك رحل بحرا إلى مصر في 19 صفر 471 هـ / 30 أغسطس 1078.

    بقي حسن في مصر حوالي ثلاث سنوات ما بين القاهرة وإسكندرية، ثم قيل بأنه اختلف مع أمير الجيوش بدر الدين الجمالي، فسجنه ثم طرده من مصر على متن مركب للأفرنج إلى شمال أفريقيا، لكن المركب غرقت في الطريق فنجى حسن فنقلوه إلى سوريا ثم تركها ورحل إلى بغداد ومنها عاد إلى أصفهان فوصلها 29 ذوالحجة 473 هـ / 10 يونية 1081.

    نشر الدعوة الإسماعيلية

    تنقل حسن الصباح داخل إيران مستكشفا لها لمدة تسعة سنوات، حتى بدأ دعوته في إقليم الديلم ومازندران وقد كان لها بعض النجاح، وقد كان حسن يتفادى المدن في تنقلاته ويفضل أن ينتقل عبر الصحراء، حتى استقر في دامغان وحولها قاعدة له يبعث منها الدعاة إلى المناطق الجبلية لجذب السكان من هناك، واستمر بذلك لمدة 3 سنوات حتى انكشف امره وأمر الوزير نظام الملك باعتقاله، ولكنه فلت وهرب إلى قزوين.

    تأسيس قاعدته في قلعة أَلَمُوت
    لم يكن كل هم حسن الصباح في تنقلاته هو نشر دعوته وكسب الأنصار فحسب، بل أيضاً للعثور على مكان مناسب يحميه من مطاردة السلاجقة ويحوله إلى قاعدة لنشر دعاته وأفكاره، وقد عزف عن المدن لانكشافها، لذا لم يجد أفضل من قلعة أَلَمُوت المنيعة. فهي حصن قديم فوق صخرة عالية وسط الجبال على ارتفاع 2,100 متر (6,900 قدم). وبنيت بطريقة أن لا يكون لها إلا طريق واحد يصل إليها ويلف على المنحدر مصطنع (المنحدر الطبيعي صخوره شديدة الانحدار وخطرة), لذلك أي غزو للحصن يجب أن يحسب له لخطورة الإقدام لهذا العمل.

    لم يعرف الباني الأساسي للقلعة، ويقال أن من بناها هو أحد ملوك الديلم القدماء واسماها (ألوه أموت) ومعناها عش النسر، ثم جددها حاكم علوي عام 860، وبقيت في ايديهم حتى دخلها طائفة من الإسماعيلية ويسمون الباطنية بواسطة أميرهم حسن الصباح بتاريخ 7 رجب 483 هـ / 4 سبتمبر 1090 فطرد الحاكم منها. وقصة دخول حسن الصباح هي كما ذكرها ابن الأثير:أن الحسن الصباح كان يطوف على الأقوام يضلهم فلما رأى قلعة أَلَمُوت واختبر أهل تلك النواحي، أقام عندهم وطمع في اغوائهم ودعاهم في السر واظهر الزهد ولبس المسح فتبعه أكثرهم والعلوي صاحب القلعة حسن الظن فيه يجلس إليه يتبرك به فلما أحكم الحسن أمره دخل يومًا على العلوي بالقلعة فقال له ابن الصباح‏ :‏ اخرج من هذه القلعة فتبسم العلوي وظنه يمزح فأمر ابن الصباح بعض اصحابه بإخراج العلوي فأخرجوه إلى دامغان واعطاه ماله وملك القلعة[3].‏.‏ وقيل أنه اشتراها منه ب 3000 دينار ذهب.

    وقد بقي فيها بقية حياته ولم يخرج من القلعة مدة 35 سنة حتى وفاته. حيث كان جل وقته يقضيه في القراءة ومراسلة الدعاة وتجهيز الخطط. وكان همه كسب أنصار جدد والسيطرة على قلاع أخرى. لذلك استمر بارسال الدعاة إلى القرى المحيطة برودبار المجاورة، ويرسل المليشيات لأخذ القلاع عن طريق الخدع الدعائية، وإن فشلوا بذلك فإنهم يقتلون الناس ويرتكبوا المجازر، وقد أخذوا الكثير من القلاع والأماكن الصالحة لبناء القلاع الحصينة، وقد تمكن حسن الصباح من الاستيلاء على قلعة لمبسر عن طريق هجمات مليشياته عليها ما بين عامي 1096 و 1102 بقيادة عامله “كيا بزرجميد” وحكمها عشرين عاما، وقد كانت قلعة استراتيجية مهمة وقائمة على صخرة مدورة تطل على شاه رود، وعن طريقها تمكن حسن الصباح من الاستيلاء على كل منطقة رودبار.

    في سنة484 هـ/1091 م بعث حسن الصباح دعاته إلى منطقة كوهستان الجبليه على الحدود الحالية بين إيران وأفغانستان. وكانت تلك المنطقة في بداية الإسلام يعيش فيها المجوس الزرادشتيين ومن ثم أضحت معقل للشيعة وغيرهم من المنشقين الدينيين. قدر حسن الصباح أن يضم سكان تلك المنطقة عن طريق استغلال حالة التذمر التي كانت هناك ضد السلاجقة فصارت تابعة للإسماعيليين. فاستغل حسن الصباح تذمر الناس من السلاجقة واستغل كذلك تراثهم الموالى للشيعة والإسماعيليين حتى تمكن أن يسيطر على أقاليم وقلاع كتيرة. ومنها قلعة وسنمكوه ملكوها وهي بقرب أبهر سنة 484 هـ/1091 م وتأذى بهم الناس لاسيما أهل أبهر فاستغاثوا بالسلطان بركيارق فجعل عليها من يحاصرها فحوصرت ثمانية أشهر، حتى أخذت منهم سنة 489 هـ/1096 م وتم قتل من كان بها عن آخرهم.

    استخدام العنف والاغتيالات

    كان توزيع حسن الصباح لدعاته بحيث جزء منهم يذهب إلى المناطق النائية لنشر الأفكار، والجزء الآخر يكون موجودا بالمدن الكبرى. فأول ما عرف من أحوال الدعوة التي اشتهرت بالباطنية أو الإسماعيلية في أيام السلطان ملكشاه فانه اجتمع منهم ثمانية عشر رجلًا فصلوا صلاة العيد في ساوة ففطن بهم رئيس الشرطة فأخذهم وحبسهم ثم سئل فيهم فأطلقهم فهذا أول اجتماع عام كان لهم‏.‏

    ثم انهم دعوا مؤذنًا من اهل ساوة كان مقيمًا بأصبهان فلم يجبهم إلى دعوتهم فخافوه ان ينم عليهم فقتلوه فهو أول قتيل لهم فبلغ خبره إلى نظام الملك فأمر باخذ من يتهم بقتله فوقعت التهمة على نجار اسمه طاهر فقتل ومُثل به وجروا برجله في الاسواق فهو أول قتيل من طائفة حسن الصباح وكان والد النجار واعظًا وقدم إلى بغداد مع السلطان بركيارق سنة 486 هـ فحظي منه ثم قصد البصرة فولي القضاء بها ثم توجه في رسالة إلى كرمان فقتله العامة في الفتنة التي جرت وذكروا انه باطني‏.‏ [3].

    في سنة 1092 بدأ السلاجقة في مواجهة حسن الصباح عسكرياً، فبعث سلطانهم ملكشاه حملتين، واحدة على قلعة ألموت، والثانية على قهستان لكن ميليشيات حسن الصباح تصدت للسلاجقة وبمساعدة الاهالى المتعاطفين معهم في روبارد وقزوين فانسحبت القوات من قهستان بعد وفاة السلطان ملكشاه سنة 1092.

    بعدها ضرب حسن الصباح ضربته باغتيال الوزير نظام الملك نفسه في 16 ديسمبر 1092 (485 هـ)، في منطقة ساهنا في إقليم نهاوند، عن طريق فدائى (تسمية الباطنيين لمن يقوم بعمليات الاغتيال) متنكر في زى رجل صوفى. حسن الصباح خطط اغتيال نظام الملك بعناية. يقول المؤرخ رشيد الدين إن السيد حسن الصباح نصب شباكه وفخاخه لاصطياد هدف كبير مثل نظام الملك لكي يشتهر ويذيع صيته وهو من أرسى أسس الفدائية، وبعدما نجحت العملية قال حسن الصباح: ” قتل هذا الشيطان هو بداية البركة “. اغتيال نظام الملك كان من أولى عمليات الاغتيال الكبرى التي قام بها الحشاشون (الباطنية) [4]، وكانت بداية لسلسلة طويلة من الاغتيالات التي قاموا بها ضد ملوك وأمراء وقادة جيوش ورجال دين، استمرت حتى احتل هولاكو قلعة ألموت عام 1256 وقضى على فتنتهم بالشرق والتي استمرت حوالي القرنين من الزمان.

    الانشقاق عن الفاطميين وتأسيس المذهب النزاري

    بعد موت المستنصر بالله 487 هـ/1094 م, قام الوزير بدر الدين الجمالي بالدعوة لامامة المستعلي الابن الأصغر للمستنصر (ابن أخت الوزير)وإزاحة الابن الأكبر “نزار” ولي العهد. وبذلك انشقت الفاطمية إلى نزارية مشرقية، ومستعلية مغربية.انشق الصباح عن الفاطميين ليدعو إلى إمامة نزار بن المستنصر بالله ومن جاء مِن نسله، حسن الصباح كان في النظام مجرد عميل للزعماء الفاطميين في مصر ونائب لعبد الملك بن عطاش وخليفته. وقد اتخذ من قلعة ألموت في مدينة رودبار بالقرب من نهر «شاه ورد» في فارس مركزًا لنشر دعوته وترسيخ أركان دولته.

    واجه الإسماعيليون مشكلة عويصة بخصوص شخصية الإمام الذي يعتبر الشخصية المركزية في نظامهم الدينى والسياسى. فقد اعتبروا نزار هو الامام الشرعى بعد المستنصر، لكن موت نزار في سجن في الإسكندرية. جعل النزاريون يدعون بعدم موته وإنما اختفى وسيعود مرة أخرى على هيئة المهدى المنتظر وهذا معناه ان خط الائمة انتهى. لم يعرف بالضبط موقف حسن الصباح في تلك المعضلة، لكن ظهرت نظريات تقول بأن الإمامة انتقلت لحفيد نزار الذي انتقل في السر لقلعة ألموت، ونظرية أخرى قالت بوجود محظية حامل من نزار نقلوها لقلعة ألموت وولدت فيها الامام الجديد. من بعدها صار إسماعيلية إيران وحكام قلعة ألموت أعداء للخليفة الفاطمى مثلما هم أعداء للخليفة العباسى في العراق وسلطان السلاجقة. في عام 1121 إغتيل الوزير الأفضل قائد الجيوش في القاهرة، وقد ادعى الباطنية بأنهم قتلوه ولكن المؤكد هو أن الآمر بأحكام الله هو من قتله ليتخلص منه، وقد احتفل حسن الصباح في قلعة ألموت مدة سبعة أيام بالمناسبة تلك. ثم بعث الخليفة الامر بأحكام الله برسالة كتبها المأمون كاتم اسرار الدولة من القاهرة لحسن الصباح، يطلب منه انه يرجع للحق وينبذ اعتقاده في إمامة نزار. وتدهورت العلاقات أكثر بين حسن الصباح والحكام الفاطميين في مصر.

    وفاته وأثره

    توفي الصباح عام 518 هـ/1124 م في قلعته، واختلفت المصادر عن مصير ذريته (المصادر الغربية وبعض العربية تذكر انه قتل أولاده في حياته) إلا أن المصادر كلها اجمعت على انه مات من غير جناية. وخلفه بزرك أميد (برزجميد)، وكلف ناس بشئون الدعوة والإدارة وقيادة القوات، وطلب منهم التعاون مع بعض حتى ظهور الامام المستتر ويتولى شئون الطائفة. توفى شيخ الجبل، السيد حسن الصباح في 7 ربيع الثاني 518 هـ / 23 مايو 1124 في قلعة ألموت.

    استمرت الصراعات المسلحة بين الإسماعيلية الباطنية والسلاجقة وتوسعت مناطق حسن الصباح وتمكن الفدائيون الباطنية من الاستيلاء على قلاع جديدة لكن السلاجقة استطاعوا احتوائهم عام 500 هـ/1106 م عندما استولى السلطان محمد على قلعة شاه دز بالقرب من أصبهان وقتل عدد كبير منهم من ضمنهم ابن العطاش وولده، ولكن لم يتمكنوا من القضاء عليهم أو يستولوا على قلعة ألموت. حسن الصباح كان مفكرا وكاتبا وله نصين واحد عن قصة حياته والثاني في اللاهوت. وصفه ابن الأثير بإنه كان رجلا حاد الذهن عالما بالهندسه والحساب والفلك والسحر.

    أطلال قلعة ألموت، قاعدة الحشاشين
    نال حسن الصباح باحترام كبير عند الإسماعيليين باعتباره محرك “للدعوة الجديدة”، أي النظرية الإسماعيلية المعدلة التي ظهرت بعد الانشقاق عن القاهرة والمسماة بالنزارية، لم يدعي حسن الصباح بأنه الامام ولكن ممثل الامام فقط، وبعد اختفاء الامام ظل هو زعيم الدعوة والحجة أو البرهان ونبع المعرفة للامام المستتر، والرابط الحي بين خط الائمة الظاهرين وفى المستقبل.

    الأراء حول الصباح

    عاش الصباح في فترة سادت فيها الحروب بين مختلف الطوائف, السلاجقة, العباسيون,الايوبيون, الصليبيون وغيرهم من الطوائف, إلا أن كلها اجمعت على ان الصباح كان قوي الشكيمة, ودائم حضور الذهن, ويقاتل كل من يحاول الاقتراب من دولته بغض النظر عن طائفته وان تابعيه أو فدائيه يتمتعون بالحرص الشديد والطاعة والمقدرة على تنفيذ المهمات الموكلة لهم. واختلفت على كيفة ذلك وفيما يلي بعض الاراء عنه:

    الغرب هم الذين اطلقوا اسم الحشاشون (بالإنجليزية: Hashshashin) على هذه الطائفة ومنها اتت الكلمة بالفرنسية(Assassin- قاتل)وخصوصاً ماكتبه الرحالة الإيطالي ماركو بولو الذي ادعى زيارة قلعة آلموت. والقصص والروايات عن هذه الطائفة كثيرة عند الغرب حيث وصفت كيفية سيطرة الصباح على اتباعه باستخدام الحشيش وترغيبهم بجوائز وغنام لتنفيذ عملياتهم والى اخره.
    العباسيون والايوبيون اعتبروا الصباح عدوا وقاتلا, حيث تذكر المصادر انهم حاولوا اغتيال الناصر صلاح الدين الأيوبي أكثر من مرة وكذلك الخليفة العباسي المسترشد بالله.
    السلاجقة أيضا اعتبروا الصباح ألد اعدائهم خصوصا بعد اغتيال نظام الملك وزير السلطان ملكشاه، وفخر الملك ابنه، وزير السلطان سنجر.
    الإسماعيليون: الصباح قائد وامام وان انصياع اتباعه التام وطاعتهم العمياء لأوامر رؤسائهم ما كان إلا من تبادل الثقة بين الرئيس والمرؤوس والإيمان القوي المطلق بعقيدتهم المثلى وبإمامهم الذي يبذلون أرواحهم رخيصة في سبيله لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءاً من النفس الكلية.
    بعد وفاة حسن الصباح حكم النزارية سبع حكام كان أخرهم ركن الدين خورشاه بن علاء الدين. ظلت قلعة ألموت قائمة كمركز للباطنية النزارية في إيران حتى اقتحمها المغول بقيادة هولاكو وقضوا عليهم في إيران سنة 1256، ثم أجهز عليهم الظاهر بيبرس في الشام سنة 1273.

  • في كتاب أحمد المديني تحولات النوع في الرواية العربية .. مقاربات التاريخ واسئلة الحداثة ..- بقلم: علي حسن الفواز ..

    في كتاب أحمد المديني تحولات النوع في الرواية العربية .. مقاربات التاريخ واسئلة الحداثة ..- بقلم: علي حسن الفواز ..

    تحولات النوع في الرواية العربية .. مقاربات التاريخ واسئلة الحداثة

    ما يسعى اليه كتاب أحمد المديني ينطلق من منظور نقدي منهجي يقوم على ابراز الجانب الوظيفي لوعي النظرية والمنهج.
    ميدل ايست أونلاين
    بقلم: علي حسن الفواز
    هاجس التجديد
    يظل سؤال النقد ازاء فاعلية التجديد في الرواية العربية سؤالا اشكاليا مفتوحا، لانه يمثل الحافز على قراءة ما تحمله هذه الفعالية من مفارقات، فضلا عن ما تعكسه من اجراءات تتقصى المتغير النوعي في الرواية، والمتغير الاسلوبي، والباعث على كشف البئيرات التي يعيش تفاعلاتها الروائي العربي.
    انشغالات الرواية العربية بهاجس التجديد، يعني انشغالاتها بكل الفعاليات التي اقرنت بالمتغير، وبالتقانات، وبالأنساق المفاهيمية التي ما عادت خاضعة للقراءة النمطية، اذ هي تمثل، وتعبر عن عناوين تلامس كل فضاءات الفعالية الروائية العربية، والتي باتت اليوم اكثر اثارة واكثر سعة، واكثر تماهيا مع كل المتغيرات التي ترتبط بزوايا النظر الجديدة التي انخرط فيها الروائي، والتي أصبحت منطلقة للتعاطي مع مقاربات واشتغالات اكثر تنوعا، وحتى اكثر اغترابا، اذ يمثل هذا السؤال باعثا على الانكشاف الحداثي، وعلى استقراء الحمولات المفهومية للحداثة، مثلما يمثل وظيفة متعالية لمقاربة التحولات السردية في الرواية العربية تظل رهينة بمعطيات ماتثيره من اسئلة، وما تقترحه من قراءات جديدة، فالسؤال الروائي ليس سؤالا غامرا او شائها، انه سؤال في التاريخ، وفي السرد، وفي الوظيفة، والقراءة الروائية تعني في هذا السياق انها الاقرب لان تكون مغامرة، او محاولة في اقتراح مقاربة النص الروائي بوصفه وثيقة مجاورة للتاريخ، او بوصفه معالجة سردية لهذا التاريخ، او لنص الوثيقة او للواقعة.
    في كتاب “تحوّلات النوع في الرواية العربية بين مغرب ومشرق” الصادر عن (منتدى المعارف) 2013 يسعى الناقد والباحث أحمد المديني الى استقراء محمول هذه التحولات من منطلق ما تثيره من اسئلة، وما تستدعيه من افكار ومواقف ومقاربات، اذ يقترح الباحث عددا من القراءات العميقة التي تناقش التحولات الفنية في الرواية العربية الحديثة، مثلما تناقش علائق هذه التحولات بالزمن السياسي والاجتماعي ومتغيراتهما، والكشف عن العديد من التمظهرات التي وضعت الرواية ازاء مجموعة من الاشكالات المفهومية، بدءا من اشكالات الهوية السردية والتاريخية، وانتهاء بخصوصية المخيال السردي بوصفه تقنية في الكتابة، او حشدا من الرؤى التي تلامس الانساق المضمرة في التاريخ وفي النصوص، اذ أعطت هذه الاشتغالات عمقا وظائفيا للرواية العربية وسماتها في التجديد، اذ تجلت فيها الكثير التغايرات الاسلوبية والتقانية، مثلما تمثلت فيها مجموعة من تبديات الانشغال والتآويل والتركيب، والنزوع الى الاستعانة بفعالية القراءة المجاورة بوصفها اشتغالا ثقافيا، وكشفا لفائض للمعنى كما يسميه بول ريكور، او بوصفه نزوعا لتمثل اشتغالات الفينومنولوجي الذي يستعيد العالم بوصفه ظواهر يستحضرها الوعي.
    في هذا الكتاب ينطلق الباحث من قراءة المستوى النظري لمفهوم التحول في الرواية العربية، ومن خلال مقاربة كورنولوجية – افتراضية – لتجارب كتابة الروائية العربية الرائدة بدءا من رواية “زينب” لمحمد حسين هيكل، اذ يؤكد فيها الكاتب بانها الرواية المؤسسة والرائدة فنيا وتاريخيا، فضلا عن ما يكشفه من تأثر هذه الرواية ذاتها بالعديد من التجارب الثقافية والبيئية التي انعكست على اشتغالات السرد الروائي، والتي اقترحت لها نوعا من الوظيفة الاجرائية الداعمة، تلك التي يمكن ان تشفّ من خلالها معرفة السمات الفنية على مستوى المبنى والمتن السرديين، وفي تمثلهما في سياق ما تقترحه ظواهر التجديد والتحول، فضلا عن ما يتمظهر فيها من مقاربات للافكار السياسية والايديولوجية والاجتماعية، اذ تجسد هذه المعطيات معرفة سياقية لطبائع التوصيف، ومعرفة نصية لما يتعالق فيها من تغايرات، وتحولات، قد تكون تعبيرا عن معرفة بعض خفايا المسكوت عنه في المتن الثيمي الموضوعاتي، وما يمكن ان يجسده المبنى الفني والنظري للكتابة الروائية والذي اقترن بمفهوم التحول، والتغاير، والتعالق مع سلسلة من المؤثرات والازاحات، تلك التي كشف حتما عن المعطى العميق القائم على اساس التأثر بالعديد من المناهج الحديثة والنظريات الاسلوبية والفلسفية، والتي عمدت على استشراف مقدمات لتأصيل الاشتغال النقدي المعاصر، وتقعيد القواعد والمقاربات النقدية للتحولات الحادثة في الرواية الجديدة.
    محاور الكتاب حاولت ربط إلاشكاليّات الفنية والمنهجية للتحول في الكتابة الروائية بمعطيات ما افرزته الظروف والمتغيرات السياسية والاجتماعية في هذا البلد او ذاك، فضلا عن التعرّف مع طبيعة المتغيرات التي مسّت ظواهر الحريات الثقافية وحريات التعبير والحراك المدني، وحيوية النشاطات الثقافية، فضلا عن الحرية الخاصة بالصناعة الثقافية وعمليات توريد الكتاب وتسويقه وطبيعة الرقيب الثقافي والفكري، والذي كان يمثل عقبة كأداء امام تنظيم مفعول التحول في السياق الثقافي بوصفه تحولا فلسفيا ومفاهيميا، مثلما هو تحول في المعطيات الثقافية، وعبر تلمسها للاسئلة الاشكالية التي تعنى بالمناهج والنظريات الثقافية، ومدى قبولها، وطبيعة درسها وتسويقها والنظر اليها بوصفها وظائف اجرائية فاعلة، والتعرّف على مدى قدرتها في تأهيل الوعي القرائي للتعاطي اشكالات الكتابة الروائية، في سياق تغايراتها الاسلوبية، وفي سياق تعاطيها مع قواعد منهجية صارمة، او مع فضاءات ثقافية رمزية خاضعة للكثير من رقابة السياسي او الديني والسلطوي، ومتماهية مع تلمساتها في مقاربة تابوات الجنس والسياسة والدين.
    • الرواية والسيرة.. الرواية والواقع..
    علاقة الرواية بالسيرة، واحدة من اكثر تمظهرات التحول الوظائفي في المشغل الروائي، مثلما هي تعبير عن تجديد اليات المنظور الفني في البنية التجديدية للرواية الحديثة، اذ بدت رواية (السيرذاتية) وكأنها محاولة لسرد استيهامات الحكاية القديمة، والتخلص من هيمنة الراوي الغائب، والراوي العليم، فضلا عن سعي هذه الوظائفية لخلق نوع من المزاوجة المتالية في مقاربة ثنائيات ما يحمله التاريخ، وما يتخيله السرد، اذ ان هذه الثنائية تمثل تنشيطا للفعل الروائي، ودافعا لاعادة إنتاج مفهوم اكثر حيوية للتخيل السردي من منطلق مقاربته لحمولات التاريخي والسيري والوثائقي. هذا المعطى انعكس على بنيات التجديد في الكتابة الروائية، تلك التي تستدعي اشتغالات جديدة، مثلما تستدعي ايضا نوعا من المغايرة التوصيفية والفنية، على المستوى الوظائفي للزمن والمكان والشخصية، وعلى مستوى طبيعة الروي والميتاروي، اذ اسهمت هذه المستويات التجديدية في وضع الرواية امام منظورات جديدة، واستخدامات جديدة لمفاهيم التبئير، وللتعدد في زاويا النظر وفي بناءات النص/ السيناريو، والنص المشهدي، والنص المنبثق من عين الكاميرا، فضلا عن التداخل السردي الذي بات اكثر تمثلا لما تستدعي معالجته السردية مقاربة مع الوثيقة والسيناريو والشعر والتاريخ وغيرها من البنيات المجاورة، والتي صنعت ما يمكن تسميته بـ “صدمة الكتابة الروائية”.
    لقد وضع الباحث علاقة الرواية بالسيرة على شكل سؤال، لكن هذا السؤال غفل عن تلمس طبيعة المتغيرات الداخلية في المشهد السيوسياسي العربي، لاسيما في معاينة الصراعات الداخلية والحروب وظهور انظمة الاستبداد، وصعود الافكار الاصولية والجهادية، اذ وضعت هذه التمظهرات كتابة الرواية امام ازمة مفتوحة في النظر الى هوية الانسان العربي في التاريخ وفي الوثيقة او النص والمقدس او في الواقع، وفي تعاطيه مع قيم ومفاهيم مثل الحرية والديمقراطية والجنس والمنفى والسجن ولقهر الاجتماعي وحتى التكفير والتهميش والعزل، فالتبدلات التي عاشها الانسان العربي خلال العقود الاخيرة، وطبيعة الصراعات الطاردة والشكوكية، جعلت التاريخ مأزقا او فخا، وربما دفعت بالانسان الى محاولة جريئة ومغامرة لتدوين سرود تاريخه وسيرته وسرائره وفواجعه الداخلية، لكي يتخلص من من رقابة المقدس والسلطة والايديولوجيا والمهيمنات الاجتماعية.
    هذا الدافع تحول الى صدمة تدوينية، اعادت الروائي الى استكناه محمولات الانساق المضمرة للحكايات والسير والمغازي والفلوكلور، اذ يمكن استقراء ما فيها من دلالات رمزية، ومن رؤى مفارقة، والتي يجتهد البعض في ايجاد مقاربات خلافية تلامس بعض ازمات الانسان المعاصر، ازمة العنف والاضطهاد والغلو والحرب والهزائم القومية وجدل الواقع، والتي تحولت الى ازمة مصائر وازمة وجود.
    كما ان نزوع الروائي للتخلص من صدمات التاريخ والواقع دفع به الى ما يشبه (الهروب الانزياحي) باتجاه تقانات جديدة، تلك التي جعلته يدخل في خانة التجريب ومقاربة بعض اشتغالات الواقعية السحرية وبعض تقانات الرواية الجديدة التي جاءت بها كتابات روب غرييه وجماعة الرواية الجديدة، والتي جعلته اكثر اغترابا عن التاريخ والنمطية والواقعية، واكثر قربا من إرهاصات وعيه الشقي في الهروب بواسطة السرد السحري من الضغط والاكراه، والباس النص الروائي نوعا من الاتوبوغرافية التي تدوّن السيرة الذاتية في تعالقاتها مع التاريخ والوثيقة والواقع.
    أقسام الكتاب حاولت مقاربة اشكالات الكتابة ومنطلقتها، فهي تطرح الكثير من المسائل التي تتعلق بالمقايسة والمقارنة المفهومية بين الجديد والقديم، اذ تكشف هذه المقايسة عن انساق مضمرة تحيل الى ما يشبه الاستعانة بوظائفية النقد الثقافي الذي يضع الكتابة الروائية بوصفها انساقا، وبوصفها مجاورات، وكذلك بوصفها منطلقا لرؤية الوجود بعيون اكثر اتساعا، والذي يخضع النص الروائي للمعالجة الثقافية، بوصفه مادة قرائية، ومادة نصية للكشف في ضوء تعالقاتها، وبما يمكن اخضاعها للقراءة المنهجية مهما كانت، ولاسيما المناهج الاسلوبية، والسياقية التي تتعامل مع التحولات التاريخية للكتابة الروائية، وليس المناهج النصوصية التي تعنى بالبنيات الداخلية التي تكشف عنها الاشتغالات السردية البنائية والنسقية للرواية.
    وفي القسم الثاني، يسعى الباحث لتلمس ما يتعلق بالبنى الهيكلية للعمل الروائي، من حيث التعرّف على نسيجها الحكائي، وعلى تلازم وحداتها السردية على مستوى تعالق الزمن السردي بالزمن التاريخي، وعبر قصديتها في تصنيع المكان السردي بوصفه مكانا رمزيا تحتشد فيه شفرات الواقع والتاريخ وأنسنة المعنى، فضلا عن تخليق الشخصيات السردية في سياق علائقها الرمزية، او في ضوء كينونتها التعبيرية عن معطى محمولاتها الصراعية والوجودية في الواقع، والتي تقترح دلالاتها التوليدية للقارىء الباحث عن استكناهات وجوده في النص الروائي.
    القسم الثالث من الكتاب اكثر استغراقا في الجانب الفني والذي يعمل على تلمّس طبيعة الاعمال الروائية التي اختارها، والتي حاول ان يستقرأ من خلالها التوظيفات الحكائية والتاريخية والفلولكلوية، والتي تقدّم عالما مسكونا بالصراعات والدلالات، اذ هي تسعيد عالما او وجودا وتحتفي بهما من خلال معالجة البنيات الفنية، والاشتغالات السيميائية التي تسعى الى الكشف عن أنساق مضمرة او المسكوت عنه في التاريخ او الوثيقة.
    ان ما يسعى اليه كتاب المديني ينطلق من منظور نقدي منهجي يقوم على ابراز الجانب الوظيفي لوعي النظرية والمنهج، وعلى مقاربة الرواية بوصفها جنسا ثقافيا، باتجاه ان تكون فعالية القراءة مناظرة منهجية ايضا، لكنها تقوم على سلسلة من الاستراتيجيات التي تتيح للباحث ان يعطي للتجريب عمقا تأسيسيا، وتجاوزا يتناسب وطبيعة التحولات الحادثة التي كثيرا ما تقترن بمؤثرات خارجية بعضها ما يتعالق مع الايديولوجي، وبعضه ما يتعالق بالوثائقي الذي كثيرا ما يتحول الى مهيمنات تضغط باتجاه تغيير زاوية النظر للنص الروائي ولعوالمه التي كثيرا ما تتحول الى مولدات تنعكس على شكل الكتابة وعلى مجرى تحولاتها الفنية.

  • يعاني  7٪ من الأطفال من اضطرابات فرط النشاط الزائد – فما هي الخصائص التي تحدد مآل الاضطراب عند الأطفال ..

    يعاني 7٪ من الأطفال من اضطرابات فرط النشاط الزائد – فما هي الخصائص التي تحدد مآل الاضطراب عند الأطفال ..

    7٪ من الأطفال يعانون من اضطرابات فرط النشاط الزائد
    تحدثنا في العدد السابق عن اضطراب فرط النشاط الزائد وقلة التركيز عند الأطفال والكبار، وتحدثنا عن الأعراض والتشخيص، في هذا العدد نتحدث عن مآل الاضطراب وعلاجه.
    الخصائص التي تحدد مآل الاضطراب:

    1 – هناك خصائص فردية عند الأطفال تساعد على تحديد مآل الاضطراب، مثل مستوى الذكاء، فكلما كان الطفل أكثر ذكاً، فهذا يعني أن التحسن مع الزمن أفضل من الأطفال الذين مستوى ذكائهم متدن.

    2 – شدة الأعراض: فكلما كانت الأعراض الشديدة، فالتحسن أقل، حيث إن هناك تناسباً طردياً بين شدة الأعراض والتحسن، فاذا كانت الأعراض بسيطة وخفيفة فإن التحسن يكون أفضل مع مرور السنوات، وفي الكبر.

    3 – الاضطرابات النفسية المصاحبة للاضطراب، فكلما كانت هناك اضطرابات نفسية وعقلية مصاحبة لهذا الاضطراب بصورة أشد، فهذا يعني أن التحسن لن يكون بصورة جيدة، بل على العكس، فإن الاضطراب قد يسوء، وكذلك الاضطرابات النفسية والعقلية سوف تصبح أشد، لذلك كلما كان هناك اضطراب عقلي شديد مثل أعراض ذهنية فإن مصير ومآل الاضطراب يصبح أسوأ.

    4 – الوضع العائلي والأسري للطفل: فكلما كانت هناك اضطرابات نفسية أو عقلية في العائلة أو كان أحد الوالدين مصاباً بهذا الاضطراب، فإن المآل يكون اسوأ منه مقارنة بحالة الأطفال الذين عائلاتهم تخلو من الاضطرابات العقلية والنفسية، وكذلك لا يوجد تاريخ مرصي لهذا الاضطراب في العائلة، كذلك اذا كان وضع العائلة مستقرا ولا توجد مشاكل عائلية فإن هذا يساعد على تحسن مآل المرض، خاصة اذا كانت العائلة تعي مشكلة الطفل وتحاول أن تساعد في إيجاد حل لمشكلة الطفل، ومحاولة تخفيف الاعراض التي يمكن تخفيفها عن طريق المساعدة في العلاج السلوكي للطفل، ومحاولة وضع نظام في المنزل يساعد الطفل على التخلص من بعض من سلوكياته التي يستطيع أن يتخلص منها الطفل بمساعدة الوالدين وأفراد العائلة.

    5 – العلاج: وهذا أمر مهم جداً في حالة الطفل المصاب بهذا الاضطراب، فنوعية العلاج ومدته والمتابعة الجيدة مع الفريق الطبي المعالج يساعد مساعدة جادة في تحسين حالة الطفل، وكذلك الحرص من الأهل على العلاج ومتابعة علاجه بجدية فكل هذه الأمور المتعلقة بالعلاج تساعد بشكل جيد جدا على حسن المآل للاضطراب مع مرور السنوات.

    6 – اذا اجتمعت العوامل السلبية في حياة الطفل، مثل عدم انتباه العائلة وكذلك وجود اضطرابات عقلية أو نفسية في العائلة وكذلك عدم متابعة العلاج بصورة دقيقة وكذلك انخفاض مستوى الذكاء عند الطفل فكل هذه الأمور تلعب دورا سلبيا في تحسن الطفل، ويصبح مآل الاضطراب سلبيا، حيث لا يحدث تحسن يذكر على حالة الطفل، بل يزداد الأمر سوء مع مرور السنوات ويصبح الطفل يعاني من هذا الاضطراب المزعج والمؤلم للطفل ولوالديه ولجميع من يحيط به.تشخيص الاضطراب أقل كثيرا مما هو في الواقع، حيث تشير الدراسات على أن واحدا بين كل ثلاثة اشخاص يعانون من هذا الاضطراب الذي يتم تشخيصه، بينما الباقون لا يتم تشخيصهم ولا يحصلون على أي مساعدة من أي نوع، وكذلك فان اثنين من كل ثلاثة أشخاص يعانون من هذا الاضطراب لا يتم تشخيصهم ابدا وكذلك لا يتم علاجهم أو مساعدتهم اطلاقاً.

    – هذا الأمر غاية في الأهمية، فعدم تشخيص الأطفال أو الكبار الذين يعانون من هذا الاضطراب لا يتم بصورة جيدة، فكما ذكرت الدراسات بأن فقط واحد بين كل ثلاثة أشخاص ممن يعانون من هذا الاضطراب يتم تشخيصه وعلاجه، بينما الباقون لا يتم تشخيصهم ولا علاجهم، وهذا يعني بأن هناك الكثيرين ممن يعانون من هذا الاضطراب لا أحد يعرف عن مرضهم أي شيء.. وهذا الأمر في الولايات المتحدة الامريكية، حيث أجريت الدراسات التي أعطتنا هذه المعلومات، واعتقد بأن الأمر أكثر سوءاً في دول العالم الثالث، حيث نقص المتخصصين في الطب النفسي للأطفال، وكذلك عدم وجود وعي بهذا الاضطراب بين العاملين في حقل الصحة النفسية بوجه عام، مما يقود إلى أن الكثيرين ممن يعانون من هذا الاضطراب في دولنا العربية لا يحصلون على أية مساعدة أو علاج، هذا الأمر ينعكس على كثير من العائلات التي يوجد بها أطفال أو كبار بالغون يعانون من هذا الاضطراب، حيث يكون سلوكهم غير طبيعي، ويظن الكثيرون بأن هؤلاء الأشخاص هم سيئون ولا يفكر احد بأنهم ربما يعانون من مرض مثل هذا الاضطراب، خاصة اذا علمنا بأن نسبته ليست قليلة بين عامة الناس، فنسبة حدوثه بين الأطفال الذين في سن الدراسة بين 3 إلى 7٪ وهذه نسبة عالية بكل المقاييس، فبين كل مائة طفل يوجد ما بين ثلاثة إلى سبعة أطفال يعانون من هذا الاضطراب الذي يهدد مستقبل الطفل، وربما يقود إلى اعاقته في حياته المستقبلية، بكل الأعراض التي ذكرناها عند الشخص البالغ الذي يعاني من هذا الاضطراب وكيف يؤثر على علاقته بالآخرين، وكيف لا يستطيع تكوين علاقات سوية، ولا أن ينتظم في عمل بشكل جيد ولا يستطيع التعامل مع من يعملون معه بصورة جيدة، وكذلك تقلب المزاج الذي قد يوقعه في مشاكل وكذلك الاندفاعية والتهور في سلوكياته التي قد تجعله عرضة لمشاكل قانونية..!

  • الحشاشين -2 -حكم الحسن علي (1162م-1166م)(557 هـ-561 هـ) Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: الحسن علي بن حسن القاهر كان حكم حسن علي – إبن الخمسة وثلاثين ربيعاً ..

    الحشاشين -2 -حكم الحسن علي (1162م-1166م)(557 هـ-561 هـ) Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: الحسن علي بن حسن القاهر كان حكم حسن علي – إبن الخمسة وثلاثين ربيعاً ..

    حكم الحسن علي (1162م-1166م)(557 هـ-561 هـ) Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: الحسن علي بن حسن القاهر كان حكم حسن علي – إبن الخمسة وثلاثين ربيعاً – في بداية الأمر خالياً من الأحداث المهمة، لم يُميّزه سوى بعض التخفيف من الإتّباع الحازم للشريعة الذي كان سائداً من قبل في ألموت، ولكنه فجأة بعد عامين ونصف من ولايته وفي منتصف شهر رمضان حدث أمرٌ غريب. تتفق المصادر على سرد قصة غريبة: ففي اليوم السابع عشر من شهر رمضان عام 559 هـ (8 أغسطس 1164م) أمر حسن بإقامة منبر في فناء ألموت يواجه الغرب ترفرف على أركانه الأربعة رايات، وجاء الناس من مختلف الجهات وبأعداد كبيرة ليتجمعوا حول المنبر وتقول نبذة في وصف ما حدث: «وبعد قرابة الظهر نزل السيد حسن على ذكره السلام من القلعة مرتدياً ثوباأ أبيضاً وعمامة بيضاء، وتقدم نحو المنبر من الجانب الأيمن، وارتقاه في خطى وئيدة، وتوّجه بالتحية ثلاث مرات: الأولى إلى أهل الديلم ثم إلى الذين على اليمين ثم إلى الذين على اليسار، وظل جالساً برهة، ثم وقف مرة أخرى وهو ممسك بسيفه، وتحدث بصوت جهوري مخاطباً سكان العوالم الثلاث: عالم الجن، وعالم الإنس، وعالم الملائكة، فأعلن أنه قد وصلته رسالة من الإمام المختفي تحمل تعليمات جديدة وتقول: إن إمام عصرنا يبعث إليكم تحياته وسلامه، ويُبلَّغكم أنه سمّاكم (خدمه الخصوصيين المختاريين)، وانه حرّركم من أعباء قواعد الشريعةـ وأحضركم إلى القيامة.[49]» ويقول المؤرخ الإسماعيلي رشيد الدين أنه بعد أن أعلن حسن قيامته؛ وزَّع مكاتيب يقول فيها إنه وإن كان من الناحية الظاهرية يعرف كحفيد لبزرجميد؛ إلا أنه في الحقيقة الخفيّة إمام العصر وابن الإمام السابق من نسل الإمام نزار المقتول في الاسكندرية. ونجد في التراث الإسماعيلي اللاحق إجماع على تأكيد أن حسن ونسله جاءوا من الخط الحقيقي لنزار بالرغم من وجود تفسيرات مختلفة لكيفية حدوث ذلك. ووفق عقيدة القيامة؛ فان الواجبات التي يفرضها الإسلام قد تحوّلت من الطابع العملي الجسدي إلى الروحي. مثلاً إن الشريعة تقول إن على الناس أن يقيموا خمس صلوات في اليوم كي يكونوا مع الله، لكن في القيامة الروحية ينبغي على الناس أن يكونوا دائما مع الله في قلوبهم ويتجهوا بأرواحههم دوماً له، أي أن تكون الصلاة روحية وليست جسدية[50]. وقد رفض العديد من الإسماعيليين هذا النظام الجديد، واستخدم حسن ضدهم أشدَّ العقوبات “لتحريرهم”. وكان من ضمن الذين رفضوا الانصياع للأوامر الجديدة “صهو حسن” وهو سليل أسرة ديلمية نبيلة. إلا أن المؤرخ الإسماعيلي مصطفى غالب يروي القصة بطريقة مختلفة: حيث يروي أن حسن علي أعلن عن حقيقته بأنه إمام بعد أن كان مخبوئاً، فتخلّل هذا الإعلان احتفالات كبيرة دامت عشرة أيام سُمّيت فيما بعد بـ “عيد القيامة” ولا يروي أيَّ تغيير في الأمور الشرعية[51]. وفي يوم الأحد 9 يناير 1166م\561 هـ طُعن حسن بخنجر أثناء تواجده في قلعة لامسار؛ ليفارق الحياة ويدفن في قلعة ألموت[52]. حكم أعلى محمد بن الحسن علي (1166م-1210م)(561 هـ-606 هـ)[عدل] Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: أعلى محمد بن الحسن علي وخلف حسناً ابنه محمد، وكان شاباً في التاسعة عشر من العمر، واستطاع أن يطوّر نظرية القيامة ويرسخها، ومرَّت فترة حكمه من دون أحداث بارزة؛ ماعدا بعض الاغتيالات للمنافسين، والتوّسع أكثر. وقد صاحب فترة حكمه مزيدٌ من الانهيار للدولة السلجوقية المنافسة[53]. وتوفي في الأول من سبتمبر 1210م. ليخلفه ابنه جلال الدين. حكم جلال الدين حسن بن أعلى محمد (1210م-1221م)(606 هـ-618 هـ) Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: جلال الدين حسن بن أعلى محمد أظهر جلال الدين في حياة أبيه عدم رضاه على نظريات وممارسات “القيامة”، كما أبدى رغبةً في قبول الأُخوّة الإسلامية بمعناها الواسع، فأعلن – فور وصوله للحكم – عن نبذ نظرية القيامة؛ والعودة إلى المعتقدات الإسلامية السابقة. وأعلن فرض الشريعة مجدداً، وأرسل المبعوثين إلى الخليفة في بغداد ومحمد خوارزمشاه والملوك والأمراء؛ يبلغهم هذه التغييرات؛ الأمر الذي نال استحسان جميع الأمراء؛ وخاصة في بغداد. ونالت هذه التغيرات الطاعة السريعة عند جميع أتباعه في كوهستان وسوريا ورودبار، وغادر ألموت كما لم يفعل أحد من سابقيه؛ حيث أقام عام ونصف بالخارج دون أن يتعرض للأذى. وفي نوفمبر 1221م – وبعد حكم دام عشر سنوات – مات جلال الدين حسن ليخلفه ابنه الوحيد علاء الدين محمود[54][55]. حكم علاء الدين محمود (1221م-1255م)(618 هـ-653 هـ) Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: علاء الدين محمد بن الحسن‏ تولى الحكم وكان صبياً في التاسعة، وظل وزير أبيه جلال الدين هو الحاكم الفعلي لألموت مدة من الزمن. ويبدو أنه حافظ على سياسة جلال الدين إلى حدٍ مّا. خلال السنوات الأولى من حكم علاء الدين كان الوضع في إيران مناسباً لمزيد من التوّسع الإسماعيلي، فالإمبراطورية الخوارزمية كانت قد تحطمت لتوّها تحت ضغط الغزو المغولي، فتمكنوا من السيطرة على مدينة دمغان. وقد أرسل في عهده المبعوثين لنشر الدعوة الإسماعيلية النزارية في الهند، والتي ستصبح – فيما بعد – المركز الرئيسي لفرقتهم. وقد شهِد عهده الكثير من الاغتيالات الجريئة ضد أعداء الإسماعيليين. توفي سنة 1255م\653 هـ ليخلفه ابنه ركن الدين. حكم ركن الدين خورشاه والنهاية (1255م-1256م)(653 هـ-654 هـ)[عدل] Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: ركن الدين خورشاه بن علاء الدين خلال السنوات الأخيرة من حكم علاء الدين اقترب الإسماعيليون أكثر فأكثر من المواجهة النهائية مع أخطر الأعداء وأكثرهم إرهاباً ورعباً؛ وهم المغول. ففي عام 1218م وصلت جيوش المغول بقيادة جنكيز خان إلى حدود الدولة الخوارزمية وفي عام 1220 م استولى على المدن الإسلامية القديمة في سمرقند وبخارى، وعندما مات في عام 1227م حدثت هدنة صغيرة لم تلبث أن انتهت ليشنّ خليفته هجوماً على الدولة الخوارزمية ويسحقها، وذلك في عام 1230م. وما إن حلَّ عام 1240م حتى تمكّن المغول من إخضاع غرب إيران بأكمله. وجاء الهجوم الأخير في منتصف القرن الثالث عشر، فقد أرسل الخان الأكبر – الذي كان يحكم حينئذٍ من بكين- حملة جديدة هي الأشرس بقيادة هولاكو مزودة بأوامر لإخضاع كل دول المسلمين؛ حتى البعيدة منها مثل مصر، وعندما قاد هولاكو حملته عام 1256م\654 هـ كانت القلاع الإسماعيلية أول أهدافه. شنّت الجيوش المغولية هجمات على قواعد الإسماعيلية في رودبار وكوهستان، ولكن نجح الإسماعيليون في صدّ تلك الجيوش، وأفشلوا الهجوم ضد قلعة غيردكوه فشلاً ذريعاً. لكن ركن الدين (زعيم الإسماعيليين) كان يؤمن بعدم جدوى المقاومة أمام الغزو المغولي؛ فحاول إقامة السلام معهم لإنقاذ دولته. فأرسل مبعوثاً إلى قائد المغول في همدان يعرض عليه الاستسلام والخضوع للدولة المغولية، لكن القائد المغولي اقترح أن يقدم ركن الدين خضوعه لهولاكو شخصياً، فأرسل أخاه شاهنشاه كحلٍ وسط. وفي نفس الوقت حاول المغول التقدم في رودبار؛ إلا أن الإسماعيليين تمكّنوا من صدّهم، غير أن هذه المقاومة الإسماعيلية لم تفلح في منع المغول من السيطرة على عدة مراكز إسماعيلية في كوهستان, حيث نجح المغول في اقتحام قلعتي “تون وخوان” وأعدموا كل من يزيد عمره على عشر سنوات[56]. رفض هولاكو سفارة شاهنشاه وطلب مقابلة ركن الدين شخصياً لتقديم الاستسلام مقابل أن يضمن هولاكو سلامة الإسماعيليين. فقرّر ركن الدين تسليم نفسه، وأمر جميع أتباعه بالنزول من القلاع. وبالفعل أُخليت قلعة ألموت في ديسمبر 1256م\ذي القعدة 654 هـ. وعلى كل حال ففي عام 1256 م سارع البرابرة من المغول إلى تسلّق جدران قلعة ألموت التي بقيت صامدة بوجه أقوى الغزوات، وأبدى هولاكو إعجابه بمعجزة البناء العسكري للقلعة. ثم أمر جنوده بهدمها، ولم يستثنِ المكتبة، لكنه سَمح لمؤرخ في الثلاثين من عمره يُعرف بالجويني بدخول المكتبة. فتمكّن من دخول هذا المكان العجيب الذي يحتوي على آلاف الكتب والمخطوطات النفيسة، ولم يكن الجويني يملك إلا عربة واحدة تُدفع باليد. فقرر الجويني أن من أول واجباته إنقاذ كلام الله؛ فأخذ يجمع – على عجلٍ – نسخ القرآن؛ حتى أمضى الوقت في نقلها. فأُضرمت المكتبة والتهمتها النيران على مدى سبعة أيام بلياليها؛ ولتضيع مصنفات لا يُحصى عددها؛ فلم يبقَ منها حتى نسخة واحدة![57]. وما إن اعتقل المغول ركن الدين أخذوه إلى قراقورم ليقابل الإمبراطور المغولي مونكو خان. وفي أثناء الطريق اضطروه ليأمر ضباطه في كوهستان بتسليم قلعتهم إلى المغول, ففعلوا بعد أن أمَّنهم هولاكو على حياتهم، وبمجرد تحرّك ركّاب ركن الدين باتجاه قراقورم قتلوا الآلاف من سكان القلعة، ولم يلبثوا حتى قتلوا ركن الدين وأسرته؛ ولم يستطع الفرار من القتل إلا ابنه “شمس الدين محمد”[58]. ثم قام المغول بجمع أعداد كبيرة من الإسماعيليين بحجة إحصاء عددهم، فقُتلوا جميعاً. واستمروا بإقامة المذابح الرهيبة في كل مكان وجدوا فيه الإسماعيليين؛ فضلاً عن هدم قلعة ألموت؛ لتنتهي بذلك دولة الإسماعيليين في فارس، ولم ينجُ من الإسماعيليين إلا من اعتصم بجبال فارس[59]. ثم قامت الحصون الأخرى، ففتحوا أبواب قلاعهم، واشتبكوا مع التتر في معارك قويّة طاحنة، قتل فيها إثنا عشر ألف إسماعيلي، وثلاثون ألف تتري[60] ولم يتمكّن المغول من السيطرة على قلعة غيردكوه إلا عام 658 هـ[61]. في بلاد الشام دولة الحشاشين باللون الأبيض بين إمارة أنطاكية وكونتية طرابلس الصليبيتين فيما كان حسن الصباح ما زال يحكم قلعة ألموت, قامت مجموعة صغيرة من أتباعه برحلة طويلة خطرة عبر أراضي العدو نحو الغرب. وكانت سورية هي وجهتهم, وكان هدفهم نشر “الدعوة الجديدة” إلى تلك المنطقة. وقد مر كفاحهم لتدعيم أنفسهم هناك بثلاث مراحل. المرحلة الاولى 496-506 هـ / 1103-1113 م تمكن الإسماعيليون الجدد ان يجعلوا حلب مركزاً لهم في نشر دعوتهم وذلك برضا الحاكم السلجوقي لحلب رضوان حيث سمح لأسعد أبو القنج الباطني المعروف بالحكيم المنجم وتابعه أبوطاهر الصائغ العجمي بممارسة شعائرهم والدعوة لمذهبهم. وكان رضوان بحاجة إلى حليف قوي في الداخل لمواجهة مؤامرات خصومه، حيث وجد ضالته فيهما فأطلق لهما حرية العمل وسمح لهما ببناء دار للدعوة في حلب[62]. وكانت لحلب مزايا كثيرة تجذب الحشاشين فالمدينة يسكنها عدد كبير من الشيعة الاثنا عشرية وهي مجاورة لمناطق الشيعة الأخرى في جبل سماق وجبل البهرة. وقد كان قاضي حلب فضل الله الزوزني العجمي الحنفي أول ضحاياهم حيث كان يهاجم معتقداتهم[63][64]. ثم قام الحشاشون بأول عمليات اغتيال مثيرة في أول مايو 1103 م \ 496 هـ عندما اغتال اثنين من الحشاشين متنكرين بثياب متصوفين جناح الدولة حسين أمير حمص أثناء صلاة الجمعة وكان شديد العداء لرضوان[65]. وبعد مقتل جناح الدولة تولى زعامة الحشاشين أبو طاهر الصائغ. والذي كان متحمسا لمزيد من الانتشار الإسماعيلي في سوريا. ففي سنة 499 هـ / 1105 م شن الإسماعيليون أول هجوم لهم على حصن أفاميا حيث تمكنوا من الاستيلاء عليها وقتل أميرها خلف بن ملاعب في 3 فبراير 1106 م. وسرعان ماوصل أبو طاهر الصائغ لتولي القيادة بنفسه[66]. وضلت أفاميا بأيديهم حتى قام الأمير تانكرد حاكم إمارة أنطاكية الصليبية بمحاصرة المدينة وارغمها على الاستسلام في 13 محرم 500 هـ / 15 سبتمبر 1106 م. فقتلوا أبو القنج السرميني واطلقوا سراح أبو طاهر وبعض زملائه بعد فترة[67]. ليعودا إلى حلب مرة أخرى. وفي عام 1113 م أحرز الإسماعيلييون اكثر ضرباتهم طموحا حتى ذاك الحين باغتيال الأمير مودود في دمشق وهو الحاكم السلجوقي للموصل، إلا أن سطوتهم لم تدم طويلا، فقد توفي اكثر المدافعين عن الحشاشين رضوان بن تتش يوم 29 جمادى الآخر 507 هـ / 10 ديسمبر 1113 م ليتولى ابنه ألب ارسلان الحكم. اتبع الب ارسلان سياسه أبوه بالنسبة للتعامل مع الحشاشين في حلب ولكن لم يلبث ان حدث رد فعل فقد وصل إليه خطاب من السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه يحذره من الخطر الإسماعيلي ويدعوه إلى تدميرهم وقام ابن البديع قائد الشرطة للمدينة بالتقاط المبادرة وحرض الحاكم على النيل من الإسماعيليين. وبالفعل قام الحاكم بشن هجوم لم يتوقعه الإسماعيليين في المدينة فاعتقل أبو طاهر وزعماء الطائفة وقتلوا جميعا وتمكن اخرون من الفرار. لتنتهي بهذه النكسة أول مراحل الكفاح الإسماعيلي في بلاد الشام[68][69]. المرحلة الثانية (1113م-1130م)/(506 هـ-524 هـ)[عدل] بالرغم من النكسة في حلب إلا أن الإسماعيليين الجدد لم يتراجعوا عن طموحهم في نشر دعوتهم. ففي عام 1114م قامت قوة مكونة من مائة إسماعيلي بالاستيلاء على معقل شيزار بعد هجوم مفاجئ بينما كان الحاكم وجنوده في مكان بعيد يشاهدون احتفالات المسيحيين بعيد الفصح. وقد تعرض الحشاشون فور ذلك لهجوم مضاد اوقع بهم الهزيمة. وحتى في حلب استطاع الإسماعيلييون بالرغم من كارثة 1113م ان يحفظوا لنفسهم بموضع قدم. ففي عام 1119م تم طرد عدوهم ابن البديع من المدينة وهرب إلى ماردين وكان الحشاشون في انتظاره وهو يعبر الفرات فقتلوه. تمكن خليفة أبو طاهر المعدوم في حلب “بهرام” من نقل النشاط الإسماعيلي جنوبا وسرعان مابدا يلعب دورا نشطا في شؤون دمشق. ففي عام 1126م/520 هـ حدث أول تعاون بين الحشاشين والحاكم التركي لدمشق طغتكين حيث اشتركوا سويا في هجوم فاشل شن ضد حصون الصليبيين[68][70]. وقام الحاكم الدمشقي بعد ذلك بمنح الإسماعيليون قلعة بانياس على الحدود مع المملكة الصليبية[71]. كما حصلوا على في دمشق على على بناية اسموها “بيت الدعوة” واتخذوها مقرا لهم. وفي بانياس أعاد بهرام بناء القلعة وبدا حملة من التوسع في المناطق المجاورة. وكان وادي التيم في إقليم الحصيبة يسكنها خليط من الدروز والنصارى وكان يبدو ملائما للتوسع الإسماعيلي. لكن أثناء محاولة الإسماعيليين السيطرة على المنطقة نشب قتال حاد مع سكانها أدى إلى مقتل الزعيم بهرام وانسحاب الإسماعيليين[31][72]. ليتولى الزعامة بعده “إسماعيل” وقد سار على سياسة سلفه, واستمر الدعم الدمشقي له وخاصة من الوزير المزرجاني. ولكن سرعان ماجاءت النهاية ففي عام 1128م\522 هـ توفي طغتكين وبعد وفاته حدثت حملة رد فعل تشبه تلك التي حدثت بعد وفاة رضوان في حلب. وجاءت المبادرة من قبل مفرج بن الحسن الصوفي الذي كان شديد العداء للإسماعيليين وقائد شرطة المدينة بتحريض الحاكم “بوري” ابن طغتكين وخليفته على توجيه ضربة قاضية للإسماعيليين والغدر بهم. ففي يوم الاربعاء 4 ستمبر 1129م\523 هـ حدثت هذه الضربة[73]. حيث اغتيل الوزير المزرجاني -باوامر من بوري- وهو جالس في مجلسه يستقبل الزوار وفصل راسه عن جسده وماان انتشر الخبر حتى قام عسكر المدينة ومعهم الرعاع على الحشاشين قتلا ونهبا حتى إذا حل الصباح ابيد الإسماعيليون بالمدينة[74][75] ولم يعرف عدد الذين قتلوا بالضبط إلا أن أحد المؤرخين قدر العدد ب 20 الف قتيل[76]. وتحقق إسماعيل ان موقفه في بانياس أصبح بائسا فسلم القلعة للافرنج مقابل إعطاءه واتباعه الملاذ الامن ففر ومن معه في اراضيهم حيث توفي في عام 1130م[73][77]. وقد اتخذ المسؤلين عن هذه المجزرة الكثير من الاحتياطات لحماية انفسهم من انتقام الحشاشين فارتدوا شباك من الازرد واحاطوا انفسهم بالحراس على مدار الساعة. ولكن بدون جدوى, إذ لم تلبث ان جاءت الضربة من مركز الفرقة في ألموت. ففي 7 مايو 1131م\525 هـ تمكن اثنين من الحشاشين متنكرين بزي جنديين تركيين من الدخول لقصر بوري والانقضاض بشكل السريع على “بوري” وطعنه بالخناجر ليموت بوري متاثرا بجراحه[73][78][79]. المرحلة الثالثة (1130م-1150م)/(524 هـ-545 هـ) قلعة مصياف خلال السنوات العشرين التالية حدثت المرحلة الثالثة والناجحة التي استطاع فيها الحشاشون الحصول على قواعد قلاعية لهم في سورية وكانت هذه المرة في جبل البهرة. ففي عام 1132م اشترى الحشاشون قلعة القدموس[80][81]. وفي عام 1136م تمكن الحشاشون من طرد الافرنج من الخريبة وسيطروا عليها. وفي عام 1140م تمكنوا من الاستيلاء على قلعة مصيف والتي ستصبح لاحقا اهم معاقلهم وتمكنوا بعدها من السيطرة على قلاع أخرى وهي الخوابي والرصافة والعليقة والمنيقة[82][83]. وتبقى علاقات الحشاشين خلال هذه الفترة غامضة بعض الشيء. غير ان من المعروف ان جماعة من الإسماعيليين النزاريين يقودهم شخص اسمه علي بن الوفا قد تعاونوا مع ريموند الانطاكي في حملته على أمير حلب نور الدين زنكي، الذي أثار عداوة الإسماعيليين بسياسته القمعية للشيعة. وقد فقد علي وريموند كلاهما حياتهما على ارض معركة أنب سنة 1149م. وعقب ذلك بسنوات قليلة في عام 1152م\547 هـ أقدم الحشاشون على أغتيال الكونت ريموند الثاني من طرابلس والذي كان الضحية الافرنجي الأول الذي يقضي على يد الحشاشين. وقد قام ملك القدس بلدوين الثالث برد هائج بذبح اعداد كبيرة من المسلمين وقام فرسان الهيكل بغزو أراضي الحشاشين واجبروهم بعد سلسلة من الهجمات على دفع أتاوة سنوية بلغت زهاء 2000 قطعة ذهبية[84]. سنان شيخ الجبل في هذه الأثناء وصل اعظم رؤساء الحشاشين في سورية إلى القيادة. وهو سنان بن سلمان بن محمد المعروف برشيد الدين. وكان عراقيا مولدا في قرية بالقرب من البصرة وقد تمكن من الوصول لزعامة الفرقة عام 1162م. وكان أول مااهتم به بعد وصوله للحكم هو دعم قوة فرقته فاعاد بناء قلعتي الرصافة والخوابي واستولى على قلعة العليقة. العداء مع صلاح الدين الايوبي وقعت أول محاولة للحشاشين لاغتيال صلاح الدين في ديسمبر 1174م\568 هـ بينما كان يحاصر حلب. حيث تمكن بعض الحشاشين من التسلل إلى معسكر صلاح الدين وقتل الأمير أبو قبيس وتلا ذاك عراك قتل فيه عدد كبير من الناس ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب باذى. وحدثت المحاولة الأخرى في 22 مايو 1176م\572 هـ عندما كان صلاح الدين يحاصر عزز حيث تمكن بعض الحشاشين المتنكرين بزي جنود جيش صلاح الدين من التسلل لمعسكره ومهاجمته. ووتمكنوا من قتل العديد من الأمراء ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب سوى بجروح بسيطة بفضل الدروع التي كان يرتيدها. وقد اتخذ صلاح الدين بهد هذه الاحداث احتياطات واسعة للحفاظ على حياته، فكان ينام في برج خشبي لقيم خصيصا له ولم يكن يسمح لاحد لايعرفه شخصيا بالاقتراب منه[85]. يرجع بعض المؤرخين أسباب هذا العداء إلى تحريض قمشطجين حاكم مدينة حلب. كما ان هناك قصة يرويها بعض المؤرخين. وطبقا لهذه القصة فقد قام عشرة آلاف فارس من “النبوية” -وهي طائفة دينية معادية للشيعة في العراق- بالاغارة في عام 1174م-1175م على مراكز الإسماعيلية في “الباب” و”البوزعة” حيث ذبحوا 13 الف إسماعيلي، وانتهز صلاح الدين فرصة ارتباك الإسماعيليين وارسل جيشه عليهم يغزو سارمين ومعرة مصرين وقتل معظم سكانهما. وقد يكون قد قام بذلك أثناء مسيره شمالا باتجاه حلب[86]. وفي أغسطس 1176م تقدم صلاح الدين في اراضي الحشاشين تحدوه الرغبة في الانتقام وضرب حصار حول مصيف -كبرى قلاع الحشاشين- ولكنه لم يلبث ان فك الحصار وانصرف. ويعزي مؤرخ صلاح الدين عماد الدين سبب الانسحاب إلى وساطة أمير حماة خال صلاح الدين الذي ناشده جيرانه الحشاشون التدخل لصالحهم. بينما يقدم مؤرخ اخر سببا اكثر اقناعا وهو هجوم الفرنجة على وادي البقاع وماترتب على ذلك من حاجة ملحة لحضور صلاح الدين هناك. اما كمال الدين بن عديم فيذكر في تاريخه عن حلب. ان صلاح الدين هو الذي طلب وساطة أمير حماه وذلك لهلع اصابه من اساليب الحشاشين وخشية على حياته من الاغتيال[87]. ويُقال ان صلاح الدين قد بَعث ذات مرة برسالة تهديد إلى سنان فكان رد سنان كالتالي: «قرأنا خطابك وفهمنا نصه وفحواه ولاحظنا مايحتوي عليه من تهديدات لنا بالكلمات والأفعال، ووالله انه لشيء يدعو إلى الدهشة أن نجد ذبابة تطن في أذن فيل وبعوضة تلدغ تمثالا، كثيرون قبلك قالوا مثل هذه الأشياء ودمرناهم دون ان يشفع لهم شفيع، فهل تبطل الحق وتؤيد الباطل؟ “(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)” اذا كنت حقا قد أصدرت أوامرك بقطع رأسي وتمزيق قلاعي في الجبال الصلدة فان هذه امال كاذبة وخيالات واهمة لان الاساسيات لاتدمرها العارضات كما أن الأرواح لاتدمرها الأمراض، أما اذا عدنا إلى المحسوسات التي تدركها الحواس وتركنا جانبا المعنويات التي تدركها الأذهان فان لدينا أسوة حسنة برسول الله الذي قال: “لم يقاس نبي مثلما قاسيت” وأنت تعرف ماذا حدث لدعوته واهل بيته وحزبه، ولكن الموقف لم يتغير والرسالة لم تفشل وحمد لله لايزال اولا واخيرا. إننا مُضطهدون ولسنا طغاة، محرومون ولسنا حارمين “(وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)”. وانت تعرف ظاهر أحوالنا وقدر رجالنا وما يمكن ان يحققوه في لحظة واحدة وكيف يحبون الموت “(قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)” والمثل الشائع يقول انك لاتستطيع أن تهدد بطة بالقائها في النهر! فخذ كل مافي اسطاعتك اتخاذه من احتياطات دون الكوارث والفواجع فأنني هازِمُكَ من داخل صفوفك، ومنتقم منك في مكانك، وستكون كمن يدمر نفسه بنفسه “(ومَاذلِكَ علىٰ اللهِ بِعسيرْ)” عندما تقرأ خطابنا هذا فارتقبنا وترحم على نفسك واقرا اول “النحل”[88] واخر “صاد”[89].» – راشد الدين سنان[90] كونراد اوف مونتفيري ملك بيت المقدس ملك بيت المقدس الثالث عشر بريشة الرسام فرانسسكو ادوارد بيكوت 1843م أغتيال ملك بيت المقدس Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: كونراد من مونفيراتو في 28 أبريل 1192م\588 هـ تمكن الحشاشون من توجيه ضربتهم الكبرى باغتيال المركيز كونراد من مونفيراتو “Conrad of Montferrat” ملك بيت المقدس بينما كان في صور[91]. حيث تخفى مغتاليه في زي رهبان مسيحيين وشقوا طريقهم إلى خلوة الأسقف والمركيز وعندما سنحت الفرصة طعنوه حتى الموت[92]. ويذكر بعض المؤرخين تعاون صلاح الدين مع الحشاشين لتنفيذ الاغتيال. وتجدر الإشارة إلى ان بعد مرور اربع اشهر من الاغتيال حصلت هدنة بين صلاح الدين والحشاشين. هذا الاغتيال اخر منجزات سنان الذي توفي عام 1192م\588 هـ. ما بعد سنان واصل خلفاء سنان علاقاتهم الطيبة مع خلفاء صلاح الدين من الايوبيين في سورية في الوقت الذي كانت علاقتهم متشنجة بشكل كبير مع الصليبيين فقاموا باغتيال ريموند ابن بوهيموند الرابع في كنيسة في طرطوس عام 1213م\610 هـ الامر الذي أثار غضب بوهيموندالذي سارع في القاء الحصار على قلعة الخوابي إلا أن حكام دمشق وحلب الايوبيين لم يتاخروا في نجدة الحشاشين واجبار الفرنجة على التراجع وفك الحصار[93]. وفي غضون ذلك تمكن الحشاشون بطريقة ما من تحصيل أتاوات “الجزية” من بعض الأمراء النصارى. ففي عام 1227م بعث فردريك الثاني قائد الحملة الصليبية السادسة (1228-1229) وملك القدس بسفارة إلى زعيم النزاريين (الحشاشين) وقد أحضر سفراء فردريك هدايا بلغت قيمتها 80000 دينار. ولاقت محاولات فردريك الثاني مع الحشاشين معارضة فرسان الإسبتارية، الذين سارعوا إلى الهجوم على القلاع النزارية وتكبيد الحشاشين خسائر مادية فادحة. وفي حلول سنة 1228م أقام الطرفان “حلف تعاوني” يدفع بموجبه الحشاشين مبالغ مالية لفرسان الاسبتارية مقابل دفاع الاسبتاريين عن قلاع النزاريين من اعتداءات القوات الصليبية في انطاكية وطرابلس. وقد تطور الامر إلى تعاون الطرفين (الحشاشين والاسبتاريين) في حملة شنوها من قلعة الحصن سنة 1230م ضد أمير انطاكية بوهيموند الرابع[94]. وكان هذا التعاون قد أثار غضب بوهيموند الخامس أمير انطاكية، فقام بكتابة إلى البابا غريغوري التاسع يشكو فيه تحالف الاسبتاريين مع الحشاشين. وفي رد البابا غريغوري على تلك الشكوى كتب إلى رئيس أساقفة صور والى اسقفي صيدا وبيروت: «الحشاشين، أعداء الله وأعداء الاسم المسيحي، الذين تجرؤا سابقا على ذبح ريموند ابن بوهيموند الرابع وكثيرا من العظماء والأمراء الكاثوليك غدرا، ويجاهدون للتغلب على ديننا بالقوة..والأخطر من ذلك كله هو أن الحشاشين قد تعدوا، بناء على الوعد الذي قطعه سيد الاسبتارية بدعمهم وحمايتهم من الهجمات المسيحية، ان يدفعوا لهم مبلغا محددا من المال سنويا ولذلك قد بعثنا اليهم باوامر خطية ليكفوا عن حماية ذات اولئلك الحشاشين» – البابا غريغوري التاسع (26 اب 1236م)[95] نهاية الحركة[عدل] كان الحشاشون في سورية قد شاركوا غيرهم من المسلمين في التصدي للتهديد المغولي، وحاولوا كسب ثقة المماليك – الظاهر بيبرس بارسال السفارات والهدايا ولم يبد بيبرس في بداية الامر عداء نحوهم. غير ان بيبرس لايمكن ان يتوقع منه التسامح ازاء استمرار وجود جيب مستقل في قلب سورية ففي عام 1265م امر بجمع الضرائب والرسوم على الحشاشين ولم يكن باستطاعة الحشاشين الذين اضعفوا في سورية واثبطت عزيمتهم نتيجة مصير اخوانهم الفارسيين ان يبدوا مقوامة تذكر. فأصبحوا هم يدفعون الجزية بدلا من اخذها من امراء الدول المجاورة وسرعان ماأصبح بيبرس هو الذي يعين رؤساء الحشاشين ويخلعهم بدلا من ألموت. ففي عام 1270 م استاء بيبرس من موقف رئيس الحشاشين المسن نجم الدين فخلعه وعين بدله سريم الدين مبارك، وكان الرئيس الجديد يحكم من منصبه كممثل لبيبرس واسثنيت مصيف من سلطته وجعلت تحت السيطرة المباشرة لبيبرس. ولكن سريم الدين استطاع ان يضم مصيف إلى املاكه فعزله بيبرس وجاء به سجينا إلى القاهرة حيث مات مسموما هناك. واستولى عام 1271م\669 هـ على قلعتي “العليقة” و”الرصافة” وسقطت قلعة “الخوابي” في عام نفسه لتسقط بقيه القلاع عام 1273م\671 هـ لتنتهي بذلك دولة الحشاشين في بلاد الشام. قائمة الزعماء الحاكم الحكم 1 حسن الصباح 1094-1124 2 بزرك آميد 1124-1138 3 محمد بن بزرك آميد 1138-1162 4 الحسن علي بن حسن القاهر 1162-1166 5 أعلى محمد بن الحسن علي 1166-1210 6 جلال الدين حسن بن أعلى محمد 1210-1221 7 علاء الدين محمد بن الحسن‏ 1221-1255 8 ركن الدين خورشاه بن علاء الدين 1255-1256

  • طائفة الحشاشين أو الحشاشون أو الحشيشي] أو الدعوة الجديدة كما أسموا أنفسهم هي طائفة إسماعيلية نزارية، انفصلت عن الفاطميين في أواخر القرن الخامس هجري/الحادي عشر ميلادي- 1 – ..

    طائفة الحشاشين أو الحشاشون أو الحشيشي] أو الدعوة الجديدة كما أسموا أنفسهم هي طائفة إسماعيلية نزارية، انفصلت عن الفاطميين في أواخر القرن الخامس هجري/الحادي عشر ميلادي- 1 – ..

     

    الحشاشون

    ويكيبيديا،

    بسم الله الرحمن الرحيم جزء من سلسلة الشيعة إسماعيلية Shiite Calligraphy symbolising Ali as Tiger of God.png فرق الإسماعيلية الآغاخانية · دروز السبعية · مؤمنية مستعلية · داودية سليمانية · علوية الأعمدة الولاية · الصيام الحج · الزكاة الطهارة · الجهاد الشهادة نظريات الجنان · البعث الداعي المطلق الظاهر والباطن شخصيات هامة أئمة الإسماعيلية حسن الصباح آغا خان الأول آغا خان الثاني آغا خان الثالث آغا خان الرابع محمد برهان الدين الفخري عبد الله ضياء الدين صاحب موفق طريف تاريخ الدولة الفاطمية الحشاشون القرامطة عرض · نقاش

    طائفة الحشاشين أو الحشاشون أو الحشيشية[1] أو الدعوة الجديدة كما أسموا أنفسهم[2] هي طائفة إسماعيلية نزارية، انفصلت عن الفاطميين في أواخر القرن الخامس هجري/الحادي عشر ميلادي لتدعو إلى إمامة نزار المصطفى لدين الله ومن جاء مِن نسله، واشتهرت ما بين القرن 5 و7 هجري الموافق 11 و13 ميلادي، وكانت معاقلهم الأساسية في بلاد فارس وفي الشام بعد أن هاجر إليها بعضهم من إيران. أسّس الطائفة الحسن بن الصباح الذي اتخذ من قلعة آلموت في فارس مركزاً لنشر دعوته؛ وترسيخ أركان دولته[3]. اتخذت دولة الحشاشين من القلاع الحصينة في قمم الجبال معقلاً لنشر الدعوة الإسماعيلية النزارية في إيران والشام. ممَّا أكسبها عداءً شديدًا مع الخلافة العباسية والفاطمية والدول والسلطنات الكبرى التابعة لهما كالسلاجقة والخوارزميين والزنكيين والأيوبيين بالإضافة إلى الصليبيين، إلا أن جميع تلك الدول فشلت في استئصالهم طوال عشرات السنين من الحروب. كانت الاستراتيجية العسكرية للحشاشين تعتمد على الاغتيالات التي يقوم بها “فدائيون” لا يأبهون بالموت في سبيل تحقيق هدفهم. حيث كان هؤلاء الفدائيون يُلقون الرعب في قلوب الحكّام والأمراء المعادين لهم، وتمكنوا من اغتيال العديد من الشخصيات المهمة جداً في ذلك الوقت؛ مثل الوزير السلجوقي نظام الملك والخليفة العباسي المسترشد والراشد وملك بيت المقدس كونراد. قضى المغول بقيادة هولاكو على تلك الطائفة في فارس سنة 1256م بعد مذبحة كبيرة وإحراق للقلاع والمكاتب الإسماعيلية، وسرعان ما تهاوت الحركة في الشام أيضاً على يد الظاهر بيبرس سنة 1273م. التسمية إن أقدم تطبيق كتابي لمصطلح “حشيشية” على النزاريين نجده في الرسالة التي كتبها الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله سنة 1123م والمرسلة إلى الإسماعيليين في سورية “(إيقاع الصواعق الارغام)” وكان الهدف من هذه الرسالة نقض مزاعم نزار المصطفى لدين الله بالإمامة والتأكيد على شرعية الخط المستعلي وقد استُخدم فيها مصطلح الحشيشية مرتين من دون تقديم سبب واضح[4]. وتمّت الإشارة إلى النزاريين مرة أخرى بالحشيشية في أقدم كتاب سلجوقي معروف للأخبار كتبه سنة 1183م عماد الدين الأصفهاني في كتابه “(نصرة النصرة)” من دون تقديم معنىٰ اشتقاقي للكلمة وقد استخدم مصطلحات أخرى للقذف مثل الباطنية والملاحدة[5]. أما المؤرخون الفرس من الفترة الإيلخانية ومنهم الجويني ورشيد الدين اللذان هما المصدران الرئيسان لتاريخ الجماعة النزارية في فارس – فلم يستخدموا مصطلح الحشيشية أبداً، وقد استخدموا مصطلح “الملاحدة” عندما لم تكن الإشارة إليهم كإسماعيليين. وتبقى الحقيقة أنه لا النصوص الإسماعيلية التي تمت استعادتها حتى الآن؛ ولا أيّاً من النصوص الإسلامية غير الإسماعيلية المعاصرة التي كانت معادية للنزاريين تشهد بالاستعمال الفعلي للحشيش من قبل النزاريين. وحتى المؤرخون الرئيسيون للنزاريين مثل الجويني الذي نسبوا كل أنواع الدوافع والمعتقدات الخبيثة للإسماعيليين فإنهم لا يشيرون إليهم “بالحشاشين” والمصادر العربية التي تشير إليهم بذلك لا تشرح البتة هذه التسمية من جهة استعمال الحشيش[6]. وتبقى هناك آراء أُخرى حول الأصل الاشتقاقي للكلمة منها: أساسان (Assasins): أي القتلة أو الاغتياليون. وهذه لفظة كان يطلقها الفرنسيون الصليبيون على الفدائية الإسماعيلية الذين كانوا يفتكون بملوكهم وقادة جيوشهم؛ فخافوهم ولقبوهم «الأساسان». حساسان: نسبة إلى شيخ الجبل «الحسن بن الصباح» الذي أوجد منظمات الفدائية.[7] عساسون: مشتقة من «العسس» الذين يقضون الليالي في قلاعهم وحصونهم لحراستها والدفاع عنها. أساسين: مأخوذة من الكلمة الأصلية (المؤسسين) حيث أنهم أسّسوا قوتهم في قلعة ألموت. ومع بداية النصف الثاني من القرن الثاني عشر بدأت التحويرات العربية لمصطلح الحشاشين تلتقط محلياً في سورية وتصل إلى مسامع الصليبيين لتكوّن عدداً من المصطلحات”Assassin,,,Assissini,,,Heyssessini” والتي صار ينعت فيها الإسماعيلييون النزاريون في سورية الأمر الذي أدّى لظهور اسم جديد دخل إلى اللغات الغربية وهو “Assassin” وأصبح يعني “القاتل” ,وقد كانت المخيلة الأوربية خصبة في وصف هؤلاء الحشاشين، وزخرت كتبهم بالكثير من الأساطير حولهم فنجد قصة الرحالة الإيطالي ماركو بولو التي باتت تعرف بـ”أسطورة الفردوس” والذي نقرأ في كتابه في وصف قلعة ألموت ما يلي: «بأنه كانت فيها حديقة كبيرة ملأى بأشجار الفاكهة، وفيها قصور وجداول تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وبنات جميلات يغنين ويرقصن ويعزفن الموسيقى، حتى يوهم شيخ الجبل لأتباعه أن تلك الحديقة هي الجنة، وقد كان ممنوعاً على أيّ فرد أن يدخلها، وكان دخولها مقصوراً فقط على من تقرّر أنهم سينضمون لجماعة الحشاشين. كان شيخ الجبل يُدخِلهم القلعة في مجموعات، ثم يُشرِبهم مخدّر الحشيش، ثم يتركهم نياماً، ثم بعد ذلك كان يأمر بأن يُحملوا ويوضعوا في الحديقة، وعندما يستيقظون فإنهم سوف يعتقدون بأنهم قد ذهبوا إلى الجنة، وبعدما يُشبعون شهواتهم من المباهج كان يتم تخديرهم مرة أخرى، ثم يخرجون من الحدائق ويتم إرسالهم عند شيخ الجبل، فيركعون أمامه، ثم يسألهم من أين أتوا؟، فيردون: “من الجنة”، بعدها يرسلهم الشيخ ليغتالوا الأشخاص المطلوبين؛ ويعدهم أنهم إذا نجحوا في مهماتهم فإنه سوف يُعيدهم إلى الجنة مرة أخرى، وإذا قُتلوا أثناء تأدية مهماتهم فسوف تأتي إليهم ملائكة تأخذهم إلى الجنة! [8]» وتجدر الإشارة إلى أن قلعة ألموت قد أُحرِقت سنة 1256م بينما ولد ماركو بولو سنة 1254م فإذا لم يكن قد زارها وعمره سنتين فهو لم يزرها أبداً. كما أن الطبيعة المناخية لقلعة ألموت التي تغطيها الثلوج طيلة 7 أشهر بالسنة يجعلها غير صالحة لزراعة الحدائق الموصوفة في الكتاب. وعلى كل حال فإن مثل هذه القصص المليئة بالمبالغة والخيال نجدها كثيراً عند ماركو بولو[9]. التأسيس حسن الصباح زعيم فرقة الدعوة الجديدة (الأساسيون) بعد دراسة عقائد المذهب الإسماعيلي في مصر.غادر حسن الصباح القاهرة نتيجة خلافات سياسية.فوصل أصفهان سنة 1081 م. ليبدأ رحلته في نشر تعاليم العقيدة الإسماعيلية، وركّز جهوده على أقصى الشمال الفارسي، وبالتحديد على الهضبة المعروفة بإقليم الديلم واستطاع أن يكسب الكثير من الأنصار في تلك المنطقة. ولم يكن حسن الصباح مشغولاً فقط بكسب الأنصار لقضيته؛ وإنما كان مشغولاً أيضاً بإيجاد قاعدة لنشر العقيدة الإسماعيلية في كل البلاد للإبتعاد عن خطر السلاجقة حيث فضل معقلاً نائياً ومنيعاً وملاذاً آمناً للإسماعيليين، فوقع اختياره على قلعة ألموت. قلعة ألموت هي حصن مقام فوق طنب ضيق على قمة صخرة عالية في قلب جبال البورج، ويسيطر على وادٍ مغلق صالح للزراعة يبلغ طوله ثلاثين ميلاً وأقصى عرضه ثلاثة أميال والقلعة ترتفع أكثر من 6000 قدم فوق سطح الأرض، ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر طريق ضيق شديد الانحدار. أستطاع حسن الصباح من دخول القلعة سرا يوم الأربعاء الموافق 4 سبتمبر 1090م بفضل أنصاره المتخفين داخل القلعة وظل متخفياً داخلها لفترة وجيزة قبل أن يسيطر على كامل القلعة وأخرج مالكها القديم بعد أن أعطاه 3000 دينار ذهبي ثمناً لها[10].وبذلك أصبح سيّداً لقلعة الموت، ولم يغادرها طيلة 35 عاماً حتى وفاته. وكانوا بهذه الفترة يمثّلون امتداداً للدولة الفاطمية في القاهرة قبل حدوث الانشقاق[11]. «ألموت.إنه حصن فوق صخرة على ارتفاع ستة آلاف قدم، تحيط به جبال جرداء وبحيرات منسيّة، ولهوب وممرات جبلية غير مُفضِية. وليس في مقدور أكثر الجيوش عديداً الوصول إليه إلا رِجلاً إثر رِجل، ولا أقوى المجانيق ملامسة أسواره. ويبدو حصن ألموت للقاطنين فيه وكأنه جزيرة وسط محيط من الغيوم، وإذا نُظر إليه من تحت فإنه مأوى الجِنْ » —أمين معلوف[12] الإستراتيجية العسكرية في سعى حسن الصباح ورفاقه لنشر المذهب الإسماعيلي في إيران.اعتمد على ستراتيجية عسكرية مختلفة عن تلك السائدة في العصور الوسطى. وتمثلت هذه الستراتيجية في الاغتيال الانتقائي للشخصيات البارزة في دول الأعداء. بدلا من الخوض في المعارك التقليدة التي تؤدي إلى ايقاع الالاف القتلى من الجانبين. ولاجل ذلك اسس حسن الصباح فرقة متكونة من اكثر المخلصين للعقيدة الإسماعيلية وسماها ب”الفدائيين”. وكان الفدائيون مدربين بشكل احترافي على فنون التنكر والفروسية واللسانيات والسيتراتجيات والقتل. وكان اكثر مايميزهم هو استعدادهم للموت في سبيل تحقيق هدفهم. وكان على الفدائيون الاندماج في جيش الخصم أو البلاط الحاكم بحيث يتمكنوا من الوصول لأماكن ستراتيجية تمكنهم من تنفيذ المهمات المنوطة بهم. وهناك قصة مثيرة يرويها المؤرخ كمال الدين فيقول ان زعيم الحشاشين في سورية أرسل مبعوثا إلى صلاح الدين الايوبي وأمره ان يسلم رسالته اليه دون حضور أحد فأمر صلاح الدين بتفتيشه وعندما لم يجدوا معه شيئا خطيرا أمر صلاح الدين بالمجلس فانفض ولم يعد ثمة سوى عدد قليل من الناس، وأمر المبعوث ان ياتي برسالته، ولكن المبعوث قال: “امرني سيدي الا أقدم الرسالة الا في عدم حضور أحد” فامر صلاح الدين باخلاء القاعة تماما إلا من اثنين من المماليك يقفان عند رأسه وقال: “ائت برسالتك”، ولكن المبعوث اجاب: “لقد أمرت بالا أقدم الرسالة في حضور أحد على الإطلاق” فقال صلاح الدين:”هذان المملوكان لايفترقان عني، فاذا أردت فقدم رسالتك والا فارحل” فقال المبعوث:”لماذا لاتصرف هذين الاثنين كما صرفت الاخرين؟” فأجاب صلاح الدين:” انني اعتبرهما في منزلة أبنائي وهم وأنا واحد” عندئذ التفت المبعوث إلى المملوكين وسألهما:” اذا امرتكما باسم سيدي ان تقتلا هذا السلطان فهل تفعلان؟” فردا قائلين ‘نعم’، وجردا سيفهما وقالا:”امرنا بما شئت” فدهش السلطان صلاح الدين وغادر المبعوث المكان وأخذ معه المملوكين.[13]. طيلة ثلاث قرون نفذ الفدائيون اغتيالات ضد الأعداء الدينيين والسياسيين للإسماعيلة, وكانت هذه الهجمات تشن غالبا في الأماكن العامة على مراى ومسمع الجميع لاثارة الرعب. ونادرا مانجا الفدائيون بعد تنفيذ مهامهم, بل انهم لجئوا في بعض الحالات إلى الانتحار لتجنب الوقوع في ايدي الأعداء. النهج العسكري لدولة الحشاشين كان إلى حدا كبير دفاعيا. فرغم أنتشار الإسماعيليين في المدن إلا أن المعاقل الرئيسية لهم كانت متمثلة في القلاع الحصينة والتي تبنى غالبا فوق قمم الجبال مما يجعلها ملاذا امنا في مواجهة اي غزو محتمل.حيث كان الحشاشون يحرصون على بناء مخازن كبيرة لخزن الماء والطعام داخل القلاع مما يجعلهم قادرين على مواجهة الحصار الطويل. وقد نجحت هذه القلاع في صد أغلب الهجمات الموجهة إليها والصمود لعشرات السنين. الانشقاق عن الدولة الفاطمية اخذت الدولة الفاطمية على عاتقها نشر العقيدة الإسماعيلية في معظم المناطق الإسلامية وقد حققت بذلك نجاحات كبيرة في مصر واليمن والحجاز وبلاد الشام إلا أن نشر الدعوة في بلاد فارس قد شكل تحديا مهما للفاطميين. وذلك لان إيران كانت بعيدة عن سلطة الدولة الفاطمية ووقوعها تحت الحكم السلجوقي السني الذي كان لا يتوانا عن قمع اي حركة إسماعيلية. إلا أن هناك كثير من دعاة كانوا مستعدين لتحمل تلك المخاطر في سبيل نشر عقيدتهم. وكان من هؤلاء الدعاة حسن الصباح. ولد حسن الصباح لاسرة شيعية اثنا عشرية واعتنق الإسماعيلية فيما بعد. وانتقل إلى القاهرة سنة471 هـ\1078م لتعلم عقائد مذهبه الجديد بشكل أكبر[14]. كانت الدولة الفاطمية في تلك الفترة تعاني الكثير من المتاعب والفوضى الداخلية والخارجية. الامر الذي اجبر الخليفة والامام الفاطمي المستنصر بالله على الاستعانة بواليه على عكا بدر الدين الجمالي. واعطائه الصلاحيات المطلقة. نجح بدر الدين من تخليص الدولة الا انه استبد بالحكم حتى أصبح هو الحاكم الفعلي للدولة من دون الخليفة. كان حسن شديد العداء لبدر الدين الجمالي حتى انه ابعد عن القاهرة وعاد إلى اصفهان عام 473 هـ\1081م في ظل ظروف غامضة وبامر من بدر الجمالي[15]. بلغت سطوة بدر الجمالي أن عهد بالوزارة لابنه الأفضل شاهنشاه الذي كان يشاركه في أعمال الوزارة فلما توفي بدر في جمادى الأولى (487 هـ =1094 م) خلفه ابنه في الوزارة، وأقره الخليفة على منصبه، ثم لم يلبث أن توفي المستنصر بعد ذلك بشهور في (18 من ذي الحجة سنة 487 هـ =29 ديسمبر 1094م) عن عمر يناهز سبعة وستين عامًا، وبعد حكم دام نحو ستين عامًا. وكان الخليفة المستنصر قد سمى أكبر أولاده نزار المصطفى لدين الله خلفا له في الامامة والخلافة. إلا أن للوزير الأفضل الذي كان يهدف لتقوية مركزه الدكتاتوري خططا أخرى. فسارع للتحرك عقب وفاة الخليفة المستنصر مباشرة في خطوة وصلت إلى حد الانقلاب في القصر. فقام بتنصيب الاخ الغير شقيق لنزار “أحمد” على راس العرش الفاطمي ولقبه بالمستعلي بالله. وكان على المستعلي بالله اصغر أبناء المستنصر وابن اخت الوزير الاعتماد الكلي على وزيره القوي. سارع نزار المخلوع إلى الفرار إلى الاسكندرية وأعلن من هناك الثورة. وحققت ثورته نجاحات كبيرة.وتقدمت قواته إلى مشارف القاهرة الا انها ما لبثت ان تعرضت لهزيمة كبيرة وقع على اثرها نزار في ايدي جنود الأفضل ليسجن ويقتل. وكان الخليفة المستنصر قد ابلغ حسن الصباح بن الامام من بعده سيكون نزار[16]. لذلك فهو لم يتردد في تأييد قضية نزار وقطع روابطه بنظام الحكم الفاطمي وأعتبر المستعلي بالله غاصبا للخلافة والامامة واتبعه بذلك جل الإسماعيليين في فارس.وبايع نزار وابنه الهادي من بعده على الامامة ليُعرفوا فيما بعد بالإسماعيلية النزارية[17]. وبمرور الوقت استطاع “النزاريون” لثأر لنزار وذلك باغتيال الوزير الأفضل سنة 1121م وفي عام 524 هـ\1130م تم اغتيال الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله في القاهرة من قبل عشرة حشاشين[18][19][20][21]. حكم حسن الصباح (1094م-1124م)/(487 هـ-518 هـ) بمجرد أن سيطر حسن الصباح على قلعة ألموت بدأ بنشر دعاته في جميع أرجاء إيران السنية التي كان سكانها يتذمرون من الحكم السلجوقي للبلاد. فأرسل دعاته إلى كوهستان، وهي منطقة جبلية قاحلة -تقع على الحدود بين إيران وأفغانستان الحاليتين- وقد تحوَّل الأمر في كوهستان إلى ما يشبه الثورة الشعبية أو حركة اسقلال من الحكم السلجوقي فقد هبَّ الإسماعيليون في ثورات صريحة في كثير من أنحاء الإقليم وفرضوا سيطرتهم على عدة مدن رئيسية وهي شوشان وقعين وطبس وتون وأخرىات[22]. وسرعان ما انتشرت الدعوة في منطقة رودبار المجاورة لقلعة ألموت وحققت نجاحاً لا يقلّ عن مثيله في كوهستان. وكانت المناطق الجبلية ذات ميزة واضحة للتوسع الإسماعيلي. وهناك مناطق مماثلة تقع في الجنوب الغربي لإيران في المنطقة بين خوزستان وفارس حيث البلاد المنيعة والسكان الساخطون على الحكم السلجوقي والتراث المحلي الموالي للشيعة والإسماعيلية[23]. وقد أثار هذا الانتشار السريع والانتفاضات على السلطة السلجوقية عظيم القلق عند السلطان السلجوقي ملكشاه ووزيره الأكبر نظام الملك الذي كان شديد العداء للإسماعيليين ولحسن الصباح. ولم يتأخر السلاجقة في مواجهة هذا التمرد عسكرياً ففي عام 1192م قام السلاجقة بتحشيد جيوشهم، وفرضوا الحصار على قلعة ألموت معقل الدعوة الإسماعيلية وهاجموا منطقة كوهستان. ويذكر المؤرخ الجويني بأن حسن الصباح لم يكن معه في قلعة الموت أكثر من ستين أو سبعين شخصاً في ذلك الوقت، ولكنهم نجحوا في صدّ مُحاصريهم، وفي إحدى ليالي سبتمبر من نفس السنة هاجم سكان رود بار بشكل مفاجئ الجيش السلجوقي؛ مما أدّى إلى انسحاب الجيش وانتهاء الحصار عن ألموت، ثم ارتفع الحصار في كوهستان عندما وصلت أخبار وفاة السلطان السلجوقي في نوفمبر 1092م\485 هـ ولم يحقق السلاجقة أيّاً من أهدافهم[24]. وفي تلك الأثناء أُحرِز أول نصرٍ كبير لهم. وكانت ضحيتهم الأولى الوزير السلجوقي نظام الملك الذي كان ذا سلطة عالية في البلاط السلجوقي؛ ومن أشد المحرّضين على الهجوم على الإسماعيليين ففي 12 رمضان 485 هـ (16 ديسمبر 1092م) تقدّم أحد الفدائيين الإسماعيليين وهو مُتخفٍ بثياب الصوفيين نحو محفة الوزير الذي كان محمولاً ومتجهاً إلى خيام حريمه، فهاجم الوزير وطعنه فمات الوزير وقُتِل المهاجم. بعد موت السلطان ملكشاه حدث صراع بين أبناءه على السلطة فقد تولى السلطة بعده السلطان بركيارق والذي كان مشغولاً تماماً بالصراع ضد أخيه غير الشقيق محمد تابار الذي كان يحظى بتأييد أخيه الشقيق سانجار، وكان على استعداد لأن يطلب المساعدة السريّة من الإسماعيليين لمواجهة أعداءه، فقد كان ممثلو بركيارق في خراسان يحصلون على تأييد الإسماعيليين في كوهستان ضد الجناح المنافس، حتى أنهم قاموا بالعديد من الاغتيالات ضد خصوم بركيارق. وتمكّن الإسماعيليون من السيطرة على قلعة بشرق البورج في عام 1096م حيث حصلوا على مساعدات فيّمة من حاكم دمغان, وهو ضابط يُدعى مظفر كان قد تحول سراً إلى العقيدة الإسماعيلية، إلا أنه كان يتظاهر بالولاء للدولة السلجوقية حتى عُيّن قائداً على قلعة، فقام بترميمها وعندما اكتملت ترتيباته صدع بحقيقة انتمائه باعتباره إسماعيلياً من أتباع حسن الصباح، وظل يحكم القلعة 40 سنة, وكانت قلعة غيردكوه تطلّ على الطريق الرئيسي بين خراسان وغرب إيران مما جعلها ذات قيمة ستراتيجية كبيرة للقوة الإسماعيلية المتصاعدة. واستطاع الإسماعيليون تدعيم قوتهم في رود بار أكثر فأكثر بالسيطرة على قلعة لامسار بهجوم شنّوه عليها في الفترة من 1096 إلى 1102 وكان يقود الهجوم “كيا بزرجميد” الذي ظل قائداً للقلعة طيلة عشرين عاماً. وكانت القلعة تحتل مكانا ستراتيجياً فوق صخرة مستديرة تطلّ على نهر شاه رود[25]. استمر الانتشار السريع للدعوة ليصل إلى أصفهان والتي كانت مقر السلطان السلجوقي نفسه، ورغم الصعوبات تمكّنوا من السيطرة على قلعة شاه ديز؛ والتي تقع بالقرب من المدينة. وكان أحمد بن عبد الملك بن عطاش يتولى الدعوة السرية فيها حتى تمكّنوا من السيطرة على قلعة أخرى قريبة من أصفهان تسمّى (حصن خالنكان)[26]. وفي صيف 1100م أوقع بركيارق الهزيمة بمنافسه محمد تابار الذي انسحب إلى خراسان وفي أعقاب النصر أصبح الإسماعيليون أكثر جسارة في نشر دعوتهم، وكسب مزيدٍ من التأييد الشعبي. لكن بركيارق قرّر وضع حدٍ للقوة الإسماعيلية المتصاعدة في المنطقة. ففي عام 1101م توصل إلى اتفاق مع أخيه سانجار – الذي كان لا يزال يحكم خراسان – على اتخاذ موقف مشترك ضد الإسماعيليين. فأرسل سانجار حملة عسكرية كبيرة إلى معاقل الإسماعيليين في كوهستان وفرضوا الحصار على قلعتهم هناك، وكانوا على وشك الاستيلاء على القلعة لكن الإسماعيليين رشوا الأمير ليرفع الحصار ويذهب لحال سبيله[27]. إلا إن الحملة العسكرية قد عادت – وبشكل أقوى – بعد ثلاث سنوات، وقد نجحت هذه الحملة في تدمير قلاع الإسماعيليين في المنطقة، وسلب ونهب المستوطنات الإسماعيلية وأخذ بعض سكانها كأرقّاء. إلا أن كل هذا لم يكن كافياً في قمع الدعوة الجديدة؛ فقد استطاع الإسماعيليون بعد مدة غير طويلة تقوية أنفسهم في كوهستان مجدداً[28]. ولم يبذل بركيارق جهداً حقيقياً لمهاجمة مراكز الإسماعيليين؛ إلا أنه سمح بإعداد مذبحة للمتعاطفين مع الإسماعيلية في أصفهان. وهكذا أشترك الجند والمواطنون في تصيّد المشبوهين الذين كان يُحاط بهم ويؤخذون إلى الميدان الكبير حيث يقتلون وكان عدد ضحايا هذه المذبحة 800 إسماعيلياً[29], ومن أصفهان امتدت الإجراءات ضد الإسماعيليين إلى العراق حيث قُتلوا في معسكر ببغداد وأُحرقت كتبهم. وكان أحد الإسماعيليين البارزين -يدعى إبراهيم أسدآبادي- قد أرسله السلطان نفسه في مهمة رسمية إلى بغداد, فأرسل السلطان أوامر بقتله, وعندما جاء سجَّانوه ليقتلوه قال لهم أسد آبادي:”حسناً، إنكم ستقتلونني؛ ولكن هل يمكنكم قتل هؤلاء الذين في القلاع؟!”[30][31]. كانت سخرية أسدآبادي في محلها، لقد أُصيب الإسماعيليون بنكسة كبيرة بسبب غدر بركيارق بهم، ولكن ظلت قلاعهم منيعة، كما أنهم لم يستسلموا؛ ففي عامي 1101م و1103م تمكنوا من اغتيال مفتي أصفهان ووالي بيهق ورئيس الكرمية؛ وهي جماعة دينية متشددة ضد الإسماعيلية. بعد وفاة بركيارق في 498 هـ\1105م بذل خليفته محمد تابار جهداً حازماً للقضاء على القوة الإسماعيلية نهائياً؛ فقرر أن يبدأ بقلعة أصفهان؛ لذا قاد جيشه بنفسه ضدهم؛ وألقى عليهم الحصار في 2 أبريل 1107م. لم يمضِ وقت طويل على الحصار حتى تمّ الاتفاق على إخلاء القلعة وتسليمها للسلطان مقابل السماح للإسماعيليين بالمغادرة بسلام. وبالفعل أخلى جزء من الإسماعيليين القلعة وانصرفوا إلى مراكز الإسماعيليين القريبة، إلا أن أحمد بن عطاش -زعيم القلعة- وثمانين آخرين رفضوا الانسحاب وقرروا القتال حتى الموت فهوجمت القلعة، وقُتل جميع مَن فيها وأُسر ابن عطاش الذي عرض في موكب طاف شوارع أصفهان ثم سلخ حياً وأُرسل رأسه إلى بغداد[32]. ولكن السلطان السلجوقي الجديد لم يكتفي بذلك، فقرر قيادة حملة عسكرية لتدمير المراكز الرئيسية للإسماعيليين المتمثّلة في قلاع رودبار وغيردكوه؛ وبخاصة قلعة ألموت العظيمة مقر حسن الصباح. ففي عام 1107م-1108م أرسل السلطان حملة عسكرية إلى رودبار تحت قيادة وزيره أحمد بن نظام الملك والذي كان والده أول ضحايا الإسماعيليين أحرزت هذه الحملة متاعب كثيرة للإسماعيليين، إلا أنها فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي في الاستيلاء على قلعة ألموت. وبعد أن اتضح للسلطان السلجوقي أن الاستيلاء على قلعة ألموت بالهجوم المباشر مستحيل؛ لذا قرر اللجوء إلى حرب استنزاف. فيقول المؤرخ الجويني:”لثماني سنوات متوالية كانت القوات تأتي إلى رودبار وتدمر المحاصيل ويشترك الجانبان بالقتال” حتى أُصيب الإسماعيليون بقحط شديد، فقرر السلطان محمد تابار إرسال قواته بقيادة شيرجير لمحاصرة القلاع حتى تدميرها، وبالفعل تمت محاصرة لامسار في 4 يونيو 1117م\511 هـ وقلعة ألموت في 13 يوليو وأقاموا المنجنيق. وما إن حلَّ شهر أبريل 1118م حتى كانوا قد أوشكوا على الاستيلاء على القلاع إلا أن الأنباء قد وصلت بوفاة السلطان محمد فتفرق الجند ونجا الإسماعيليون من الفناء[33][34][35]. كان انسحاب جيش شريجير وهو على وشك الانتصار سبباً لخيبة أملٍ شديدة عند أعداء الإسماعيليين، كما يبدو أن أنباء وفاة السلطان لم تكن وحدها السبب في هذا الانسحاب المتعجّل. إذ قد يكون هناك دور لعبه الوزير السلجوقي قوام الدين نصير الدرجازيني، ويُقال أنه كان إسماعيلياً في السر. وكان لهذا الوزير التأثير الكبير على السلطان محمود ابن السلطان المتوفي وخليفته ويقول برنارد لويس: “إنهُ هو الذي دبر انسحاب جيش شيرجير من ألموت وبذلك أنقذ الإسماعيليين في آخر لحظة، كما أنه حرّض السلطان الجديد محمود ضد شيرجير فألقى به في السجن وقتله، وقد أُتهم الدرجازيني بعد ذلك بالتآمر في عدة اغتيالات أخرى؛ مما جعل أصابع الشك تتجه إلى أنه لعب دوراً في وفاة السلطان محمد المفاجئة”. تميَّز حكم محمود بالفوضى والتمرد، وبدأت مرحلة جديدة من النزاعات الداخلية بين السلاجقة. وخلال هذه الفترة تغيرت طبيعة العلاقات بين الإسماعيلية والدول السُنيَّة، وأصبحت تميل إلى الهدوء والتسامح، وحصلوا على قدر كبير من الاعتراف السياسي. وظهرت الولايات والإمارات الإسماعيلية على شكل دول مستقلة، وشاركت في التحالفات والمنافسات المحلية[36]. في مايو 1124م\518 هـ مرِض حسن الصباح فأعدَّ العُدة لمن سيخلفه، فوقع اختياره على رفيقه بزرجميد، فتوفي حسن الصباح في الـ23 من نفس الشهر. حكم بزرجميد (1124م-1138م)/(518 هـ-522 هـ) كان وفاة زعيم الإسماعيليين خبراً مفرحاً لجميع أعدائهم، الذين اعتقدوا أن وفاة حسن الصباح ستشكّل فرصة للهجوم على دولته وتدميرها. ففي عام 1126م -أي بعد مرور سنتين على خلافة بزرجميد- شنّ السلطان سانجار هجوماً على الإسماعيليين[37]. وتجدر الإشارة إلى أن سانجار لم يهاجم الإسماعيليين منذ عام 1103م وربما ذلك لأنه دخل بنوع من الاتفاق معهم. ولكن يبدو أن شعور السلطان بالثقة المتزايدة وظنه بضعف الإسماعيليين تحت حكم حاكمهم الجديد يشكلّان تفسيراً كافياً لقرار الهجوم، وكان الوزير معين الدين كاشي من أكثر المتحمسين لاتخاذ أجراء عنيف ضد الخطر الإسماعيلي[38]. تمكّن السلاجقة من تحقيق انتصارات غير حاسمة في كلٍ من تارز وتوراى وقتلوا عشرات الآلاف من الإسماعيليين[39] إلا أنها فشلت بشكل كبير في رودبار. لم يتأخر الإسماعيليون في الانتقام، حيث تمكن اثنان من الفدائيين من شقّ طريقهم إلى قصر الوزير معين الدين ليقتلاه في 16 مارس 1127م. كما استطاع الإسماعيليون من توسيع قوتهم في رودبار والاستيلاء على طلقان وتمكنوا من الإغارة على سيستان. وفي عام 1131م\525 هـ توفي الخليفة السلجوقي لينشب النزاع المعتاد بين إخوانه وأبناءه على الحكم. وقد استطاع بعض الأمراء توريط الخليفة العباسي المسترشد في تحالف ضد السلطان مسعود أحد المتنازعين على الحكم في إيران. وفي عام 1139م\529 هـ وقع الخليفة ووزيره في أسر مسعود. وساق مسعود أسيره الكبير إلى مراغة، ولم يكن الإسماعيليون ليضيعوا مثل هذه الفرصة فتمكنوا بنجاح من اقتحام المعسكر واغتيال الخليفة العباسي المسترشد ووزيره [40][41][42]. لينتهي حكم بزرجميد بوفاته في 9 فبراير 1138م. حكم محمد بن بزرجميد (1138م-1162م)(522 هـ-557 هـ) Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: محمد بن بزرك آميد تولى الزعامة بعد وفاة أبيه دون متاعب، وقد عيّنه وريثاً له قبل 3 أيام من وفاته. وكان أول ضحايا الحكم الجديد الخليفة العباسي السابق الراشد ابن الخليفة المسترشد الذي اغتاله الإسماعيليون أيضاً. حيث تمّ اغتياله في أصفهان[43][44] في يونيو 1138م.كما اغتال الإسماعيلييون السلطان السلجوقي داود الذي اُغتيل في تبريز عام 1143م. وكان أكبر عدوين للإسماعيليين في ذلك الوقت هما :حاكم مازندران وحاكم الري من قبل السلاجقة والذي يُدعى “عباس”.ويُقال أن الاثنين بنيا بروجاً من جماجم الإسماعيليين، وقد اغتيل عباس سنة 1146م أثناء زيارته لبغداد[45][46][47]. وعلى الرغم من اغتيال الإسماعيليين لحكّام أكبر الدول المعادية لهم (العباسيون والسلاجقة) إلا أن جذوة الثورة بدا وكأنها انطفأت؛ فقد وصل الموقف بين الأمارات الإسماعيلية والسلطنات السنيّة إلى تجمد فعلي وقبول ضمني متبادل بين الفريقين. أما الكفاح العظيم للقضاء على النظام القديم وإنشاء عصر جديد باسم الإمام الإسماعيلي المستور فقد خبا، وتحوّل إلى مجرد مناوشات على الحدود. وخلال فترة حكم محمد ظهر زعيم جديد داخل القلاع الإسماعيلية استطاع بذكائه وبلاغة كلماته أن يكسب الكثير من الأتباع، وكان هذا هو حسن المعروف بأنه ابن محمد بن بزرجميد زعيم الإسماعيليين. كان محمد بن بزرجميد قلقاً من حماس ابنه فقد كان محمد محافظاً في عقيدته الإسماعيلية، ومتشدداً في اتّباع المبادئ التي أرساها أبوه وحسن الصباح، واعتبر أن سلوك ابنه لا يتطابق مع هذه المبادئ؛ لذا فإنه استنكره بشدة ودعا الناس قائلاً:”هذا الحسن ابني، وأنا لست الإمام ولكني واحد من دعاته، وكل من يستمع إلى هذه الأقوال ويعتقد بها فهو كافر وملحد”. وعلى هذا الأساس عاقب بعض الذين اعتقدوا في إمامة ابنه بكل وسائل الإيذاء والتعذيب. وفي إحدى الحالات أعدم 250 شخصاً في ألموت، ثم ربط جثثهم فوق ظهور 250 آخرين وطردهم من القلعة. وبالتالي أُخمدت هذه الحركة، وتحمل حسن هذه المضايقات واستطاع أن يُبدّد شكوك أبيه، وعند وفاة محمد عام 1162م\557 هـ خلفه دون معارضة[48].

     

  • تعرف على الحركة المستقبلية (بالإنجليزية: Futurism ؛ بالإيطالية: Futurismo) حركة فنية تأسست في إيطاليا في بداية القرن العشرين، وكانت تشكل ظاهرة فيها، وان كان هناك حركات موازية في روسيا وانكلترا وغيرهما. كان الكاتب الإيطالي فيليبو توماسو مارينيتي مؤسسها والشخصية الأكثر نفوذا فيها. .

    تعرف على الحركة المستقبلية (بالإنجليزية: Futurism ؛ بالإيطالية: Futurismo) حركة فنية تأسست في إيطاليا في بداية القرن العشرين، وكانت تشكل ظاهرة فيها، وان كان هناك حركات موازية في روسيا وانكلترا وغيرهما. كان الكاتب الإيطالي فيليبو توماسو مارينيتي مؤسسها والشخصية الأكثر نفوذا فيها. .

    مستقبلية

    من ويكيبيديا

    المستقبلية (بالإنجليزية: Futurism ؛ بالإيطالية: Futurismo) حركة فنية تأسست في إيطاليا في بداية القرن العشرين، وكانت تشكل ظاهرة فيها، وان كان هناك حركات موازية في روسيا وانكلترا وغيرهما. كان الكاتب الإيطالي فيليبو توماسو مارينيتي مؤسسها والشخصية الأكثر نفوذا فيها. والمستقبلية كلمة شمولية تعني التوجه نحو المستقبل وبدء ثقافة جديدة والأنفصال عن الماضي. وينشط المستقبليون في جميع فروع الوسط الفني، بما في ذلك الرسم والنحت، والخزف ،والتصميم الجرافيكي، التصميم الصناعي، التصميم الداخلي، والمسرح، والأزياء، والمنسوجات، والأدب والموسيقى والهندسة المعمارية وحتى فن الطهي. وهي بشكل عام ذات سمات تبتعد عن كل ماهو قديم وتقليدي وهادئ. واعتبر هذا الفن من مبتدعيه فنا للمستقبل، ولذا رفضت فلسفة هذا الفن كل الفنون السابقة قاطبة، واعتبرتها فنونا فاشلة ومزيفة، ودعت إلى محوها وبناء فن جديد لا يشبه أي فن آخر سبقه.[1]

    فلسفتها

    تستقي هذه الحركة حدودها من النظرية النسبية التي كشفت عن البعد الزمني الذي يعبر عن الحركة والطاقة. وتظهر الاستجابة في العمل الفني في تحدب الخطوط وتقوس الأشكال، واستخدام عنصر الضوء مع هذه المقومات المستمدة من الحركة الكونية تجعل كل شيء في الوجود يتحرك ويتغير في صيرورة مستمرة. وتتسم الحركة بحساسية كبيرة. واقتران الحركة مع الضوء يعمل على تحطيم المادة (أي الأشكال) لتكشف عما وراءها وتكون في حالة اندماج.[2]

    المستقبلية في الأدب

    المستقبلية بدأت في إيطاليا، حيث قام الأديب ورجل القانون فيليبو توماسو مارينيتي Philippo Tomasso بأصدار بيان، سُمي بالبيان المستقبلي، المنشور في صحيفة لوفيجارو الفرنسية في عام 1909. حيث اعرب فيه عن إشمئزازه من كل شيء عاطفي وتقليدي، وكان لديه عدائية ضد المرأة (التي تجسد الضعف بنظره) ومع القوة والولاء للجيش ومع السرعة والصخب وضد الهدوء. وكانت الحركة والديناميكية للمدينة المستمرة والثورة الصناعية الأثر الكبير في اصدار هذا البيان. وكان توماسو مع حرق كل شيء يتعلق بالماضي.

    المستقبلية في الموسيقى

    المستقبلية واحدة من العديد من الحركات القرن العشرين الكلاسيكية في الموسيقى التي كانت واحدة تشارك في ادراج التقليد للآلات. كانت حركة المستقبلية للأخوين الملحنين لويجي وأنطونيو راسولو، الذان استخدما أدوات المعروف باسم “intonarumori”، التي كانت أساسا سليما صناديق تستخدم لخلق الموسيقى من الضوضاء والتعرف عن كثب مع الحكومة المركزية الإيطالية.

    كان للبيان المستقبلي ولويجيو راسولو، في فن الضوضاء، تعتبر واحدة من أهم النصوص والنفوذ في القرن العشرين للجماليات الموسيقية. أمثلة أخرى من الموسيقى تشمل المستقبلي آرثر هونجر. منطقة المحيط الهادئ، الذي يقلد الصوت من قاطرة البخار، بروكوفييف “الفولاذ الخطوة”، وتجارب ادغارد فاريسي. وأبرزها، في ذلك الوقت انها غير مكتوبة، واكبت 16 عزفا آلات بيانو وكان من المستحيل وأنجز في خفض شكل (في عام 1999 قطعة كانت لتتحقق بالكامل نجاحا كبيرا. قطعة وكان أول لآلات الموسيقى في مترافقة مع حقوق العازفين، واستغلال في مختلف الخلافات بين الكفاءة التقنية من البشر والآلات.أي، ما الذي يمكن أن تؤديه آلات مقابل ما لا يمكن للشعب، والعكس بالعكس) ؛ هذا الفكر ويمكن رؤية تنعكس حتى في العصر الحديث والموسيقى والفلسفة فيها أن الرجل وآلة بحاجة إلى بعضهما البعض لخلق أفضل الموسيقى وقد أدى ذلك إلى إدراج البرمجيات إلى العروض الحية. قطعة وصف نفسه بأنه “الصلبة رمح الصلب”.

    المستقبلية في الفن

    يمكن ملاحظة الألوان الكثيرة والصخب بكثرة في لوحات فناني المستقبلية. حيث يعتبرون كل جزء قابل للتحليل (حيث يحللون الموضوع إلى اجزاء وكل جزء يعني لهم حركة وكل حركة هي زمن). تأثر رساموها بالمدرسة التكعيبية وأهمهم كارّا Carra بوتشيوني Boccioni سيفيريني Severini وبالاّ Balla. والحركة المستقبلية تعبر عن الحركة الكونية، فقد حاول المستقبليون رسم الإنسان والمرئيات في حالة الحركة، وذلك عن طريق تتابع وتوالي الخطوط والمساحات والألوان، وكذلك شملت محاولاتهم التعبير عن حركات السيارات وضوضاء المدن وأجوائها المزدحمة.[3]

    المستقبلية في العمارة
    ابتدأت المستقبلية بالدخول على العمارة منذ قيام أنطونيو سانت إيليا Antonio Sant’Elia بتصميم مشاريعه المستقبلية الكثيرة، والتي لم تُنفذ، بسبب كلفتها العالية وعدم توفر المواد التقنية. وسانت إيليا هو معماري صمم الكثير من المشاريع التي تمتاز بالديناميكية، والتي وظفها في العمارة.

    وكانت ترجمة الحركة في الفن تتم باستخدام الخطوط المائلة وكذلك في العمارة، فهي تشبه العمارة التفكيكية.

    تأثر سانت إيليا، بحركة السيارات والطائرات والأبراج العالية. ووظف الشموخ والحركة الديناميكية في العمارة حيث تعامل مع الأسطح المائلة، وتتميز الكتل بأختراقها لبعض، وهذا بالنسبة للمباني، اما بالنسبة للمدينة، فأعتبرها هي المكان الذي يصنع به السفن، والبيوت هي الآلات والمكائن. وهذه نماذج من تصامم سانت إيليا التي لم تنفذ :

    التكعيبو – مستقبلية

    لوحة المربع الأسود لماليفيتش Malevich
    هي المدرسة الرئيسية للمستقبلية الروسية، التي تشربت من التكعيبية فنونها المتقدمة في روسيا منذ 1913، بعد عودة الفنان الروسي لينتولوف Lentulov من باريس، وعرض اعماله في موسكو. تجمع التكعيبو – مستقبلية، بين استخدام التكعيبية في الأشكال وبين المستقبلية في استخدام الديناميكية. قام الفنان الروسي كاسمير مالفيتش Kazimir Malevich بتطوير النمط الذي ينظر في لوحة (المطحنة السكين) (وقعت عام 1912 في الواقع رسمت في 1913)، لكنه قام لاحقا بالتخلي عن هذا ألأسلوب لشكل من ألأشكال غير الموضوعية وهو فن يدعى بسوبرماتزم (Suprematism).

    ما بعد المستقبلية

    غلاف لمجلة ادبية “الانفجار” حيث مدرسة Vorticism، يظهر التأثير للمدرسة المستقبلية عليها
    اثرت المستقبلية على كثير من الحركات الفنية في القرن العشرين مثل آرت ديكو ودادا والبنائية والسيريالية… وغيرها. وتعتبر الحركة الآن منقرضة، بعد أن توفي مؤسسها فيليبو توماسو مارينيتي Philippo Tomasso في عام 1944، حيث كانت المستقبلية مثل الخيال العلمي، حيث تجاوزت المستقبل. ومع تلك المثل العليا للمستقبلية تظل عناصر هامة الحديثة الثقافة الغربية؛ حيث التركيز على الشباب والسرعة والقوة والتكنولوجيا في إيجاد التعبير كثيرا من السينما التجارية الحديثة والثقافة.

    وهناك أنواع من إحياء للحركة المستقبلية، حيث بدأت في 1988 مع إنشاء المستقبليون الجدد النمط من المسرح في شيكاغو، والتي تستخدم المستقبلية التركيز على السرعة والإيجاز في الكلام لخلق شكل جديد من المسرح على الفور. حاليا، هناك نشاطا الجدد المستقبلي الفرق في شيكاغو ونيويورك. وإحياء آخر في منطقة سان فرانسيسكو.