Category: الإبداع والإختراع

  • يوم نال الدكتور ( عفيف البهنسي ) جائزة الفنون والآداب من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    يوم نال الدكتور ( عفيف البهنسي ) جائزة الفنون والآداب من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

    • الدكتور عفيف البهنسي ينال جائزة الفنون والآداب من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

      22 شباط 2017

      .

      فاز عالم الآثار السوري والباحث في الجماليات الدكتور عفيف أحمد رفيق البهنسي بجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لعام 2016، في مجال الفنون والآداب – دراسات في الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقية، نظير الدراسات المعمقة التي أجراها وتناولت الجوانب الجمالية المميزة في التراث العربي وفي الواقع العربي المعاصر ولاسيما الاهتمام بالفن الإسلامي والعربي.

      يذكر أن «جائزة الكويت» أنشئت عام 1979 تماشيا مع أهداف مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وتحقيقا لأغراضها في دعم الأبحاث العلمية بمختلف فروعها وتشجيع العلماء والباحثين العرب.

       

    • «اكتشف سورية» التقى د.البهنسي ليحدثنا عن استحقاقه لهذا التكريم وهذه الجائزة التكريمية الكبيرة حيث قال لنا:«جائزة الكويت للتقدم العلمي تقام سنويا، ويتم اختيار مواضيع محددة لمنح ثلاثة جوائز في كل عام، تمنحها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وهي الآن في عامها الأربعين، يتضمن توزيع جوائز تكريمية في شتى المجالات العلمية والأدبية، وعليه فقد قرر مجلس إدارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بتاريخ 19 تشرين الأول 2016، منحي الجائزة في مجال الفنون والآداب – دراسات في الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقية.

      afifbahnasi04  

      الدكتور البهنسي يتسلم جائزته من رئيس دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح

      ولا بد من التنويه انها تعتبر من أكبر الجوائز التي تُمنح على المستوى العربي حيث تشرف عليها جهات حكومية متمثلة برئيس دولة الكويت الذي قام بتسليم الجوائز بيده شخصياً ضمن حفاوة تتناسب مع هذا التكريم، لمست محبة وتقدير شعب الكويت للسوريين من خلال الإقبال الشديد على المحاضرات والندوات التي ألقيتها.

      كانت محاضرتي تتعلق بالآثار بعنوان “تاريخنا من الحكاية إلى علم الآثار”، فمن خلال معاناتنا على مدار عشرين عاماً قد برهنت لي التجربة من خلال عملي سابقاً كمدير عام للآثار والمتاحف أن المكتشفات الأثرية قادرة على تغيير الحكايات والأساطير والخرافات الشائعة التي أسست لكتابة التاريخ القديم في المنطقة العربية، بيّنت فيها أن الإكتشافات التي تمت على أيدي علماء من كل أنحاء العالم تؤكد على أن الوثيقة أهم من الحكاية، فقد ثَبُت أن كل ما جاء في النص التوراتي كان مجرد حكاية، فمع ظهور علم الآثار الذي فَنّد كل الأساطير الإغريقية التي آمنت بها أوروبا على مدى ألف عام، من خلال فك رموز الكتابة الهيروغليفية على يد العالم “شامبيليون” وكذلك قراءة الكتابة المسمارية التي وضع قواعدها العالم “روبنسون” سهل فهم الكتابات المنقوشة على الألواح الطينية أو ورق البردي.

      قادني البحث إلى أن اللهجة العربية كانت من أنضج اللهجات التي عرفتها هذه المنطقة حيث أشرت إلى أن اللسان العربي مرتبط بتلك اللهجات القديمة حيث أكد علماء اللسانيات في المعاجم المقارنة صحة هذا القول، حيث لم يعد هناك جدلاً في هوية هذه اللغات التي أثبتت أن اللغة العربية من أقدم اللغات في العالم وأن هذه المنطقة هي مهد الكتابة التي أثرت حتى على الكتابة اللاتينية.

      قبل أربعبن عاماً كانت التوراة هي المصدر الأساسي لعمليات الكشف وتأكيد الأحداث والرويات التي وقعت في التاريخ القديم، ولكن تبيّن بعد قراءة الرُقم عدم صحتها وتطابقها، وعليه لم يعد من الممكن أن نتحدث عن علم آثار توراتي على الرغم من أن بعض العلماء يقول أن التوراة كتاب ديني ليس من مهمتنا تأكيد أو نفي الأحداث والقصص التي رواها، وهذا شأن مختلف تماماً.

       


      جائزة الدكتور عفيف البهنسي في مجال الفنون والآداب

      هكذا انتقلت الحكاية إلى علم الآثار كوسيلة لكتابة التاريخ القديم؛ سابقاً ومن خلال دراساتنا، كنا نتحدث عن مجريات الأمور التي أوصلتنا اليوم لما نحن فيه، حيث يؤمن كل علماء الآثار اليوم بالوثيقة وحدها وأصبح من المخجل لهم الإعتماد على التوراة كمرجع، وهذا يعد انتصاراً للعلم والمعرفة على الخرافة التي تأسست دولة إسرائيل من اساطيرها، ففي كتابي الذي أصدرته وزارة الثقافة تحت عنوان “تاريخ فلسطين من خلال علم الآثار” بيّنت فيه أن كل التنقيبات التي قام بها العلماء؛ ومنهم الإسرائيليون، في القدس وأريحا، لم يستطيعوا إلا أن يبرهنوا على أن التاريخ لا يمكن أن يكتب إلا من خلال الوثيقة والكشوف الأثرية، وعليه فقد أصبح هناك تاريخ جديد يستند على الوثائق التي يعتمد عليها المؤرخون.

      إن الزمن الطويل الذي قضيته في علم الآثار والمتاحف أتاح لي فرصة الغوص في هذا التاريخ القديم الذي لعب دوراً في وجود دولة هزت العالم بالمآسي التي تسببت بها، وخلقت كائناً هجيناً على أرضنا بحجةٍ آمن بها للأسف جميع التوراتيين في العالم حيث نعلم أن التوراة ومنذ القرن السادس عشر وبتأثير من “مارتن لوثر” تم اعتماده على اساس كونهِ كتاباً مقدساً ومكملاً بعد أن كان المسيحيون يؤمنون بالإنجيل وحده، اذاً عندما ارادت إسرائيل أن تقيم دولتها كان هناك من يؤمن بالصهيونية أكثر من اليهود أنفسهم حيث تدعو التوراة لنصرة الصهيونية من خلال الأرض الموعودة.. أستغرب أن هناك من العرب من يسأل “كيف يَعد الرب اليهود بالأرض المقدسة” .. كتبت في مقالتي أن من وعد اليهود بالأرض المقدسة ليس “الله” بل يهوه، هذا الإله الذي أمر بقتل الناس وقطع الأشجار والإستيلاء على أرض كنعان، هو ليس نفسه الله، لذلك يجب أن ننتبه عند قراءة الرواية التوراتية حتى نستوضح أي ضلال سرى بين الناس حتى أصبح إيماناً كانت نتائجه كارثية على العالم في وجود هذا الجسم الغريب الذي يدعى إسرائيل الذي باستمراريته ستبقى المنطقة تعاني عدم الاستقرار، وهنا دائماً ما أنبّه؛ خاصة المؤرخين العرب، بدراسة الكتابات الجديدة التي يكتبها علماء الآثار في العالم نتيجة تنقيباتهم في بلادنا، بلاد الرافدين، سورية والأردن، على اعتبارها دراسات يمكن الوثوق بها، فقد شكلت لجنة دولية من 12 عالماً من مختلف دول العالم لأن هذه اللغات القديمة لا يقرأها إلا عدد محدود جداً على المستوى العالمي حيث قدمت لهم صور لآلاف الرقم هي الآن قيد الدراسة يصدر بموجبها حتى اليوم مجلة سنوية متخصصة تصدر من روما تتضمن نتائج القراءات المفسرة لهذه الرقم وتوضيحاً للتاريخ القديم كلٌ حسب لغته.

       

      afifbahnasi01
      كلمة الدكتور عفيف البهنسي خلال تقديم جوائز مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

      ما قمنا به أعلن عن انتصار علم الآثار، حيث احدث انقلاباً في كتابة التاريخ وقام بتغيير ذهنية العلماء، ومما جعل العلم يتفوق على الأسطورة من حيث الأهمية التاريخية، وبرهن أن مصدر العلم ليس في الكتب المقدسة بل في الوثيقة التي يتم اكتشافها .. هناك ثورة على الأسطورة والخرافة انتصر فيها العلم من خلال تنقيبات واسعة تمت في بلادنا أظهرت للعالم أننا بناة حضارة كنا من الأوائل الذين خطّوا سطور أبجديتها».

      اكتشف سورية

  • المبدع  ( لويس باستور ).. توصل باستور إلى اختراع غير وجه العالم، وحصل على ترخيص به، فأطلق على اختراعه لقب الباستورية..  – مشاركة وإعداد: الدكتور نبيل خليل

    المبدع ( لويس باستور ).. توصل باستور إلى اختراع غير وجه العالم، وحصل على ترخيص به، فأطلق على اختراعه لقب الباستورية.. – مشاركة وإعداد: الدكتور نبيل خليل

    المخترع ( لويس باستور )..توصل إلى ما يعرف بعملية البسترة..  كان باستور إنسان كرّس حياته لمساعدة الآخرين عبر أعماله، ما يعني انه كان عالم ومخترع حقيقي…- مشاركة وإعداد: الدكتور نبيل خليل

    اعتبرت الأمراض منذ زمن ليس ببعيد أسرار تحير البشر.

    كانت فترة لم يسمع فيها الناس شيئا عن الجراثيم، ولم يفهم فيها حتى الأطباء منهم فكرة انتقال الأمراض من شخص إلى آخر.

    ساد هذا الحال في أوروبا على مدار القرن التاسع عشر. مع أنهم كانوا يعرفون بأن داء الكلب الواسع الانتشار حينها ينتقل من الحيوانات إلى البشر.

    وكان الإنسان الذي يعضه كلب مصاب يتعرض لموت شبه حتمي.

    لهذا وقعت حادثة ميؤوس منها في تموز يوليو من عام ألف وثمانمائة وخمسة وثمانون حين جاءت أم بطفلها البالغ تسعة أعوام من العمر إلى مختبر عالم شهير في باريس، بعد تعرضه قبل أيام لعضة كلب مصاب بهذا الداء، وهي تخشى الأسوأ.

    سمعت الأم بأن هذا العالم يدرس داء الكلب، وأنه قد يملك علاجا تجريبيا قادرا على إنقاذ الطفل.

    فهل سيتمكن هذا العالم بشهرته البارز وعقليته المبدعة في مجال العلوم الطبية من إنقاذ حياة طفل في التاسعة من عمره؟

    =-=-=-=-=-

    عند وصول الطفل جوزيف مستير إلى مختبر لويس باستور كان هذا في عامه الثالث الستين وهو يتمتع بالشهرة. كان قد اكتشف وجود أشياء صغيرة جدا، اسمها مكروبات، تحيط بنا على الدوام وأنها تسبب الأمراض.

    هذا بديهي جدا.

    طبعا، فالجميع يعرف الجراثيم.

    قد لا تصدق هذا اليوم، ولكن لا أحد حينها كان يعرف الجراثيم، إذ كان الناس يصدقون ما يمكنهم رؤيته، ومن الطبيعي الآ يرون الجراثيم.

    بما أن الناس لا يعرفون ما يسبب الأمراض، كانوا يأتون بعدة تفسيرات لها، لكنها خيالية جدا وليست علمية. فاعتقد البعض أن الأمراض، إلى جانب الحشرات الصغيرة كالقمل واليرقات والخنافس، يمكن أن تنشأ عن خفة الهواء.

    أما أنا فكنت رجل علوم، فأثبت دون مجال للشك، بأن مخلوقات صغيرة اسمها جراثيم، تسبب بعض الأمراض.

    تمكن لويس باستور من خلال المثابرة والعمل الشاق من اكتشاف حلول لمشاكل واقعية. كما توصل إلى طريقة علمية في التفكير، إلى مجال الطب الغير علمي هناك.

    ولد لويس باستور عام ألف وثمانمائة واثنين وعشرون في بلدة دول الصغيرة شرق فرنسا.

    أدرك أساتذته أنه باستور ليس تلميذ عادي، بل كان دقيق جدا وشامل. يصر على تنفيذ الأشياء بدقة.

    يبدو أنه كمالي.

    أردت عمل الأشياء الصحيحة، والتأكد من أني على حق.

    تمكن باستور عبر جديته ومثابرته من إنهاء الكلية والذهاب إلى باريس سعيا لمزيد من الدراسة.

    وقد كرس جل اهتمامه الخاص على أبحاث الزجاج.

    كزجاج المرو؟

    أو الماس؟

    يتخذ عدد من المواد الكيميائية شكل الزجاج. وقد درست زجاج نوعين من الأسيد يعتقد أنها متشابهة. ولكنها لم تتشابه بالتفاعل. هذا ما جعلني اعتقد أنها مختلفة إلى حد ما.

    لم يتفق الخبراء حينها مع ما يقوله باستور، مع ذلك أصر على ملاحظاته، فأمعن التأمل بالزجاج دون تعب عبر المجهر.

    تأملت جزيئات كلا الزجاجتين، فتبين لي أنها ليست متشابهة، لأن فيها اختلافات بسيطة.

    قد يبدو الأمر عاديا، ولكن لم يسبق لأحد أن رأى الفارق بين الزجاجتين من قبل. فتح اكتشاف باستور الباب أمام عالم لم يكن معروفا من قبل، إذ اعترض على الفكرة القائلة بأن العالم يتألف مما يمكن أن يراه أو يلمسه البشر. دفع هذا الاكتشاف باستور للتوصل إلى اكتشافات أخرى غيرت وجهة العلوم.

    أخذت أركز اهتمامي على التخمير، وهي عملية صنع الكحول من مختلف أنواع النباتات، كالعنب أو الحبوب.

    عرف الناس هذه العملية الطبيعية منذ آلاف السنين، ولكنهم كانوا يعرفون أيضا بأنها أحيانا ما لا تنجح.

    سألني رجل أعمال يصنع الكحول من عصير الشمندر عن السبب الذي يفسد بعض الكحول الذي يصنعه.

    هذه مشكلة حقيقية، فالكحول الفاسد لا يمكن بيعه. واجه باستور المشكلة علميا باستعمال المجهر كما فعل سابقا مع الزجاج.

    توصلت أولا إلى الخميرة، وهي عضويات صغيرة تتواجد باستمرار حيثما تجري عملية تخمير الكحول. ولكن لا أحد يعرف السبب.

    من المعروف أن الخميرة تتواجد أثناء التخمر، ولكن غالبية العلماء اعتبروا أن عملية التخمر تنتج الخميرة.

    اكتشفت بعد فترة من التأمل والتجارب، أن خلايا الخميرة الصغيرة، هي التي تسبب التخمر.

    لولا وجود الخميرة، لما جرت عملية التخمر.

    وقد وجدت في العينة الفاسدة، أن الجراثيم قد لوثت عصير الشمندر.

    اعتبر هذا اكتشاف هام، لكنه يتعارض مع الاعتقاد السائد حينها بين العلماء. أثبت باستور أن الجراصيم هي المسئولة عن مشاكل شائعة معروفة في العالم.

    عام ألف وثمانمائة وسبعة وخمسون، كتب باستور مقالات هامة عن دور الجراثيم في التخمر، لتشكل أعماله ولادة حقل جديد من العلوم، عرف بعلم دراسة الجراثيم.

    أي أنه لا يكتشف الأشياء وحدها، بل يخترع علوما بكاملها.

    تابع باستورا على مدار السنوات التالية أبحاثه في التخمر، حتى تلقى طلبا من اطور فرنسا، نابليون الثالث.

    واو، أعتقد أنه بدأ يصبح شهيرا.

    قلق الاطور على صحة صناعة النبيذ في فرنسا، بعد تحول النبيذ الثمين إلى مجرد خل رخيص.

    كانت صناعة النبيذ في فرنسا أساسا لقوة الاقتصاد. سمع الاطور بأعمال باستور، وأدرك أنه الشخص المناسب لهذا العمل.

    أصبح مستشارا للملك.

    اعتمد على الميكروسكوب في نجاحه.

    تمكنت من اكتشاف جرثومة محددة لا توجد إلا في النبيذ الفاسد. استخلصت من ذلك تلوث النبيذ بالجرثومة هو السبب في تعرضه للحموضة.

    إنها مشكلة شبيهة بعصير الشمندر.

    ولكن باستور تقدم الآن خطوة أخرى إذ تمكن من تحديد الجرثومة الملوثة. عليه التفكير الآن بسبل التخلص منها قبل أن يفسد النبيذ.

    علم باستور بإجراء تجارب أخرى لحفظ النبيذ، منها إضافة السكر وتجميد النبيذ، حتى صعقه بالكهرباء.

    سمعت بأن طهاة فرنسا كانوا في الماضي يحفظون النبيذ إلى ما لا نهاية عبر تسخينه بدرجات عالية نسبيا.

    لكن طعم النبيذ يصبح سيئا، فبحثت عن طريقة لقتل الجرثومة في النبيذ دون إفساده أثناء ذلك.

    ماذا بعد؟

    فشل بعد آخر. تجربة بعد أخرى، مرات متتالية، حتى نجحت أخيرا في التوصل إلى طريقة للتخلص من الجرثومة، دون إفساد النبيذ.

    توصل باستور إلى اختراع غيرت وجه العالم، حصل على ترخيص به، فأطلق على اختراعه لقب الباستورية.

    طبعا، كالحليب المبستر.

    تماما، سرعان من انتقلت معالجة النبيذ إلى أغذية أخرى كالحليب.

    دفعت أبحاث باستور إلى اعتراضه الدائم على الاعتقاد الشائع من أن شيئا قد ينشأ من العدم. وأنه في الظروف الملائمة، يمكن لأشكال الحياة أن تنشأ من خفة الهواء.

    شككت في ظهور الجرثومة من العدم، لأنها تنتقل من مكان إلى آخر عبر الهواء، أو بالاتصال المباشر. فقمت بتجارب دقيقة للتأكد من هذه النظرية، فتأكد لي في جميع التجارب، أنه عند الوقاية من التلوث، لا تظهر الجراثيم.

    أثبت باستور أن على الجراثيم أن تأتي من جراثيم أخرى، ثم قاده العمل بدود الحرير للتساؤل عما إذا كانت الجراثيم تسبب أمراض البشر.

    دود القز؟ كيف وصل إليه؟

    كانت صناعة الحرير من أهم الأعمال في فرنسا، وكان صانعي الحريري يواجهون المشاكل على غرار صانعي النبيذ. فقد كانت أعداد كبيرة من الديدان تموت لأسباب غامضة. فطلبوا من باستورا مساعدتهم عام ألف وثمانمائة وخمسة وستين.

    لم أكن أعرف شيئا عن دون القز، ولكن هذا هو نوع المشاكل التي أحبها، فعالجتها بطريقتي المعتادة. بالتجارب الدقيقة، معتمدا على الميكروسكوب للحصول على أدق التفاصيل.

    اكتشفت أن أنثى الفراشات تحمل المرض وتنقله إلى بيضها، وعندما تتحول إلى دود قز، تصاب الدودة بالمرض وتموت. اكتشفت أيضا أن دود القز السليم الذي ينسج عشه على أوراق مرت منها الديدان المصابة قد تعرض للمرض. وتبين لي أن مرض الديدان هذا ناجم عن الجراثيم.

    اكتشف باستور ان الجرثومة تنتقل من كان حي إلى آخر لتسبب المرض والموت. لم تكن فكرة تسبب الجراثيم بالمرض حديثة بالكامل، لكنها كانت مرفوضة من قبل المجتمع الطبي حينها، ما أدى إلى عواقب رهيبة.

    كانت المستشفيات بغالبيتها في عصر باستور أماكن خطيرة.

    كانت غرف العمليات قليلة الإنارة عديمة التهوية، كما تزدحم بأفراد العائلة وتلامذة الطب.

    لم يكن غالبية الجراحين من العلماء حينها، بل كانوا بارعين في استعمال المشرط وأدوات أخرى بسرعة ومهارة. كانوا يرفعون الأكمام ويرتدون وزرة ملطخة بدماء العمليات الأخرى وكأنها ميدالية شرف، كما كانوا يمسحون أدوات الجراحة بالوزرة.

    وكان تضميد الجراح يعني تغطيتها بخرق تصنع من أغطية أسرة المستشفيات المستعملة، وهي مصدر آخر للجراثيم، ما يسبب الالتهابات. لم يدرك الناس لماذا كانت المستشفيات أماكن مميتة. ولكنهم كانوا يشهدون بأن العلاج غالبا ما كان أسوأ من المرض.

    لهذا كانت المستشفيات أماكن خطيرة حينها.

    لا أتمنى أن أكون مريضا او طبيبا حينها.

    أثناء تجوال باستور على المستشفيات، كان يشاهد ممارسات تنشر المزيد من الجراثيم المسببة للأمراض.

    كنت متأكدا من أن غالبية الأمراض التي أراها تنجم عن الجراثيم. كما تأكد لي أنه بالإمكان الوقاية من غالبية الأمراض الناجمة عن الجراثيم.ولكن الأطباء كانوا يفخرون بطرقهم الخاصة. ولم يقبلوا بأن يخبرهم الكيميائي بما يجب عمله.

    اقتنع أحد الجراحين بما يقوله باستورا، وهو الإنجليزي جوزيف لستر، الذي سمع عن أعمال باستورا عام ألف وثمانمائة وخمسة وستين، فسعى إلى سبل لحماية المرضى من الجراثيم. كان هدفه بسيطا إذ يكمن بتجنب دخول الجراثيم إلى جرح مفتوح مهما كلف الأمر.

    عندما كان احتمال الالتهاب كبيرا أثناء العملية، استعان بنوع من الأسيد للقضاء على الجراثيم، فكان هذا أول مطهر. كما بدأ العمل باستخدام أدوات جراحة تم تعقيمها، أو تنظيفها جيدا من جميع الجراثيم. نجح لستر عبر هذا الأسلوب في تفادي كثرة الوفيات في المستشفيات.

    سمع باستور نداء الاستغاثة التالي من مزارعي الدجاج، حيث انتشر مرض غريب اسمه حمى الدجاج كالوباء في تلك الصناعة. كان مرضا قادرا على إبادة مزرعة دجاج بكاملها خلال بضعة أيام.

    عاد باستور إلى عملية الإنقاذ.

    بدأت بطريقتي المعتادة، استعنت بالمجهر، فعثرت على جرثومة غريبة تثير الشك في الدجاج المصاب، ثم وجدت طريقة لتنميتها.

    لماذا ينمي المزيد من الجراثيم؟

    زرع باستور الجراثيم ليتمكن من دراستها وإخضاعها للتجارب. قام في \إحدى المراحل بحقن دجاجة سليمة بالجراثيم الذي زرعها قبل عدة أسابيع، ما حدث بعدها أدهش باستور شخصيا.

    لم تمت الدجاجة. أصيبت بالمرض، ثم تعافت. لماذا لم تمت؟

    بقي أمامي عمل واحد، أخذت عينة حديثة من جرثومة الحمى، وحقنتها بمجموعة جديدة من الدجاج. كما قررت حقن عينات الحمى الحديثة بالدجاجات التي أصيبت بالمرض ولكنها لم تمت.

    قبل وصول أي من المساعدين في اليوم التالي. تبين أن الدجاجات الجديدة قد ماتت كما توقعت، ولكن الدجاجات التي أصيبت من قبل بقيت حية.

    يبدو أنه توصل إلى نوع من الدجاج الخارق.

    أعتقد أن الجواب أكثر علميا من هذا.

    بدأ باستور العمل على نظرية تفسر ما قد حدث. ربما ضعفت الجراثيم التي استخدمها في التجربة الأولى مع مرور الوقت. كانت أضعف من أن تقتل الدجاجة، لكنها قوية بما يكفي لمساعدة الجسم على منح الجسم مناعة لمقاومة الجراثيم القوية الجديدة.

    أخبرت المساعدين بما جرى فتحمسوا جميعا. ولكني توقعت أن يكون مجرد حادث عرضي، نجم عن عناصر أخرى. فقمنا بتكرار التجربة.

    فكرروا التجربة، بنفس النتائج. اكتشف باستور وسيلة لوقاية الكائنات الحية من الجراثيم التي تسبب الأمراض، بحقن جرعة ضعيفة من نفس الجرثومة.

    هذا أشبه باللقاح.

    أدرك باستور أن اكتشافه شبيه بآخر توصل إليه طبيب إنجليزي قبل ستين عاما.

    كان إدوارد جانير طبيب أرياف إنجليزي، تلقى العلوم لدى جراح شهير في لندن.

    أثناء ترحاله في الأرياف، لمعالجة المرضى والتحدث معهم، لاحظ أن عاملات الحليب في المزارع التي يزورها لا يصبن بالجدري، الذي كان من الأمراض القاتلة حينها، مهما بلغ عدد المصابين بالمرض من حولهن.

    ولكنه علم بأن عاملات الحليب تصبن بجدري البقر، وهو مرض خفيف يصيبهن من الأبقار التي تعملن معها. ولكن تعافيهن من جدري البقر، يقيهن من جدري البشر.

    أدرك جانير وجود صلة ما، ولم يتأخر بإجراء تجربة جريئة تمثلت بحقن طفل في الثامنة من عمره بجدري البقر، ثم تبع ذلك بحقنة جدري البشر. ليحصل بهذا على ما كان يتوقعه، إذ لم يتعرض الطفل إلى المرض القاتل. وهكذا عثر جانير على اللقاح الذي يقي البشر من الجدري.

    حتى أن كلمة اللقاء باللاتينية تعني البقرة، ما يعكس عمل جانير بجدري البقر والبشر.

    تقديرا لجانير عممت كلمة اللقاح لتشمل العمل الذي قمت به، بعيدا عن أي استخدام لهذه الإجراءات لتجنب ا\لأمراض.

    بعد ذلك حول باستور انتباهه إلى مرض غريب ومخيف فعلا هو داء الكلب.

    ليعتني بالطفل الذي عضه الكلب، جوزيف ميستر.

    عبل باستور رسميا مع زميلة إميل روكس في أبحاث داء الكلب في الحادجي عشر من كانون أول ديسمبر من عام ألف وثمانمائة وثمانين، أي قبل خمسة أعوام من مجيء جوزيف ميستر إلى مكتبه.

    كنت متأكدا من أن المرض ينجم عن نوع من الجراثيم، اتبعت الدراسة المعتادة، ولكني لم أعثر على شيء بمجهري الخاص.

    هذه هي المشكلة.

    عند ذلك توصل باستور إلى فكرة ملهمة، ربما كانت الجرثومة أصغر بكثير من قدرة المجهر على رؤيتها. إذا صح هذا، عليه افتراض وجودها هناك والعمل على التحكم بها.

    سيجابه عدو خفي، هذا تحد كبير.

    أدركت أن المرض يهاجم مركز الأعصاب مباشرة، فتوقعت العثور عليه في الدماغ، وهكذا أخذت نموذجا من دماغ كلب مصاب.

    استعنت بتجارب تقيقة جدا للتوصل إلى عينات ضعيفة من داء الكلب.

    تماما كما فعل بحمى الدجاج.

    اعتقد باستور انه حصل على ما يريده. عبر تعزيز المقاومة للمرض، فأصبح السؤال يكمن في فعاليتها.

    بدأت أجرب النظرية واللقاح على أحد الكلاب، فحقنته بعينات أقوى تدريجيا على مدار أسبوعين، دون تعرض الكلب للمرض. إذا صدقت النظرية سيعني هذا تراكم ما يكفي من المقاومة لدى الكلب بما يجنبه الإصابة بالداء نهائيا.

    على باستور الآن أن يتأكد من اللقاح عبر حقن الحيوان بداء الكلب، ليرى ما إذا كان سيصاب بالمرض. وهذا ما فعله.

    دقت ساعة الحق.

    بحث باستور وزملائه عن عوارض المرض بدقة، دون جدوى، أي أن الكلب لم يصب بالداء.

    حصلت على اللقاح، والأهم من هذا، تبين أيضا أن هذا العلاج نافع حتى لو تلقى الحيوان اللقاح بعد إصابته بداء الكلب. ما يعني أن هناك احتمال لا أكثر، بإمكانية نجاة الإنسان المصاب بالداء بعد عضة الكلب.

    انتشر الخبر كالنار في الهشيم. حتى حل السادس من تموز يوليو من عام ألف وثمانمائة وخمسة وثمانين، ليرى لويس باستور من وراء مكتبه إلى الطفل جوزيف ميستر الذي تعرض لأربعة عشر عضة من كلب مصاب.

    عاينت الصبي وأنا متأكد من احتمال موته دون علاج. فماذا إن حقنته باللقاح على أي حال؟ سيبدو الأمر وكأن اللقاح سبب قتله، فأخسر بهذا كل ما عملت من أجله.

    استشرت اثنين من الأطباء الذين أثق جدا بهم، وقد أجمعا على أن الطفل سيموت بدون علاجي. أي أنها فرصته الوحيدة.

    حقن أحد الطبيبين الطفل، بلقاح متتال كل أقوى بقليل مما سبق. ثم جلس باستور وزملائه ينتظرون بقلق.

    نازعت خلال الأيام التالية، مرت ليال لم أعرف فيها النوم، ولكن جوزيف بقي بخير، حتى أنه لم يصب بالمرض حين أعطيناه الجرعة الأقوى. نجحت، كان العلاج ناجحا.

    أمر لا يصدق.

    كل هذا من جرثومة لم يستطع رؤيتها.

    جاء آلاف من الأشخاص إلى مختبر باستور في باريس للعلاج من داء الكلب. عام ألف وثمانمائة وثمانية وثمانون، شيد مركز أبحاث في باريس حمل اسم باستور، ليتابع أعماله في داء الكلب وأمراض أخرى.

    أدهشت أصغر إنجازات باستور الجميع، فقد أثبت أن العضويات المجهرية تسبب التخمر والأمراض. فأنقذ صناعات النبيذ والبيرة والحرير في فرنسا وبلدان أخرى. واكان أول من استعمل اللقاح لداء الكلب وكولى الدجاج، كما توصل إلى ما يعرف بعملية البسترة.

    كان باستور إنسان كرس حياته لمساعدة الآخرين عبر أعماله، ما يعني انه كان عالم ومخترع حقيقي.

    ——————–انتهت.

    إعداد: د. نبيل خليل

  • المبدع ( جيمس واط ) مخترع الكهرباء – مشاركة وإعداد: الدكتور نبيل خليل

    المبدع ( جيمس واط ) مخترع الكهرباء – مشاركة وإعداد: الدكتور نبيل خليل

    جيمس وات

    عاش الناس قبل زمن ليس ببعيد حياة أبسط بخطى غير متسارعة. كان هذا قبل عصر الكهرباء والسيارات والطائرات.

    كانت إنجلترا مع نهاية القرن السابع عشر من أقوى البلدان الأوروبية، إذ أخذت توسع نفوذها في أطراف العالم. ولكنها رغم التحول إلى قوة عظمى، بدأت إنجلترا تفقد إحدى أهم مواردها الطبيعية.

    كانت الغابات الشاسعة التي غطت غالبية أراضيها قد استنزفت، استعملت إنجلترا الغابات لبناء سفن أسطولها الشهير، وتشييد المنازل وتدفئتها، وطهي الطعام حتى أخذت تواجه أزمة في الطاقة.

    أزمة في الطاقة؟ في ذلك الوقت؟

    أعتقد أنها أشياء لا تتغير.

    لكن إنجلترا تملك الكثير من الفحم، كما أن حرق الفحم يمنح من الطاقة أكثر من حرق الخشب، ما جعلها تستخرج الفحم من المناجم كمورد جديد للطاقة.

    ولكن الحفر عميقا لاستخراج الفحم يسبب مشاكل أخرى، كانت المياه من أبرزها. طافت المياه الجوفية في المناجم، ما حال دون الوصول إلى الفحم الثمين.

    فحاء الحل بضخ المياه خارج المناجم.

    إنه حل بسيط.

    فعلا، أنهى المشكلة.

    ولكن ضخ المياه خارج المناجم لم يكن سهلا، إذ كان يتم بالعمل البشري أو بالدواب، التي كانت تتعب من هذا العمل الشاق، ولم تتمكن من موازاة المياه النابعة من هناك.

    عام ألف وسبعمائة استبدل عدد من المناجم مضخات العضلات باختراع جديد. إنه المحرك البخاري، وهو آلة قادرة على تحويل الطاقة إلى حركة. وهكذا تمكن المحرك البخاري من ضخ المياه إلى خارج المناجم، ليحل بذلك محل العمل البشري.

    ما كان أحد ليتخيل حينها أن عمل شخص واحد في المحرك البخاري، سيؤدي إلى ما يعرف بالثورة الصناعية.

    =-==-=-

    تمكنت المحركات البخارية الأولى من إنجاز أعمالها، ولكنها كانت آلات بسيطة وبطيئة لا يمكن الاعتماد عليه، كما كنت خطيرة جدا. والأهم من هذا أنها تحرق كميات هائلة من الفحم.

    ما جعل تحسين المحرك البخاري تحديا هائلا، ولك أكثر ما أحبه جيمس وات، هو التحديات.

    عندما تعلمت طريقة عمل المحرك البخاري، أدركت أنه يستطيع العمل بطريقة أفضل. صحيح أنه يستهلك الفحم ويحول السخونة إلى طاقة بخارية، ولكني اكتشفت أنه يبدد الكثير من الطاقة.

    أي أن نجاح المحرك البخاري يستدعي منه مزيدا من القوة والفعالية في آن معا. فقررت تحسين المحرك، وحل هذه المشكلة.

    أخذ يركز على المشكلة.

    رغم عدم تدرب جيمس وات على العلوم، إلا أنه تمتع بعقلية فضولية، أجرى من خلالها العديد من التجارب، كأي عالم حقيقي آخر، وقد طور هذه العادات في سن مبكر.

    تلقيت تعليما مدرسيا محدودا، وكان أبي معلما في النجارة، لهذا فضلت مساعدته والعمل في ورشتي الخاصة في العليّة.

    والحقيقة أنه كان شديد المرض في صغره، إذ عانى من آلام الأسنان والصداع القوي، فقرر والداه إخراجه من المدرسة وتعليمه في المنزل.

    عندما بلغت الحادية عشر قر والدي أني تحسنت وأستطيع العودة إلى المدرسة. كانت هذه كارثة.

    لم يتعلم وات شيئا من المدرسة لحياته، فلم يعرف معنى المزاح، ولم يتقن اللعب، فسخر منه الجميع بلا رأفة.

    مررت في المدرسة بأيام صعبة جدا ولكني تحسنت مع مرور الوقت، كما وجدت تسلية جديدة، وهي العبث بأدوات الملاحة كالبوصلة والتلسكوب التي يصلحها والدي.

    تبين أن جيمس كان يتقن استعمال يديه، كما برزت فيه دقته العالية.

    ماتت أمي وأنا في الثامنة عشرة، فانتقلت إلى غلازغو للسكن مع أقاربي هناك.

    حصل هذا عام ألف وسبعمائة وأربعة وخمسون الذي عرف بفترة استكشافات رست خلالها في غلازغو سفن من مختلف أنحاء العالم. وكانت أيضا مرحلة استكشافات علمية.

    قررت متابعة حبي للدقة والعمل في صناعة الأدوات العلمية، كالساعات والموازين والبوصلة وما شابه، حاولت البحث عن صانع أدوات يقبلني تلميذا، حتى أدركت أني لن أجد التدريب اللازم إلا في لندن.

    تبين لوات أن التعلم في لندن ليس سهلا. وعلم أن قوانين محددة تسيطر على تجارة صنع الأدوات، وأن هذه القوانين تجعل من الصعب عليه العثور على صانع أدوات يقبل به تلميذا.

    هذا صعب جدا. كيف يفترض به أن يبدأ؟

    توصلت إلى اتفاق مع شخص يعلمني الصنعة، ولكنه اشترط العمل معه لمدة عام واحد فقط. ولكن بما أن التعلم يحتاج إلى سبع سنوات، قمت بعمل خاص بي.

    هذا ما أصفه بالتفوق.

    يتطلب التعلم سبع سنوات، ولكن وات كان أكبر سنا من جميع التلامذة، كما أن عمله السابق مع والده، جعله يعرف أكثر بكثير.

    عملت بشدة ولفترات أطول لتعلم أكبر قدر ممكن خلال الفترة القصيرة التي أملكها، ولكن ضغط العملالشاق سبب لي الضعف والاشتياق إلى الوطن. مع انتهاء ذلك العام عدت فورا إلى وطني في اسكتلندا.

    عند عودته إلى هناك ساعده صديق العائلة في الوصول إلى جامعة غلازغو، وقد حالفه الحظ بوجود مشروع بانتظاره هناك. أرسل تاجر اسكتلندي في جاميكا حمولة من الأدوات العلمية إلى الجامعة، لكنها تعطلت خلال أسابيع من الملاحة. فرست مهمة إصلاحها على الشاب جيمس وات.

    وأخيرا أصبحت صانع أدوات، أعطتني الجامعة غرفة أقيم فيها ورشتي.

    ليس هذا ما أعتبره عملا مناسبا.

    أعرف ولكن يبدو أن أحب ذلك.

    تحمس وات جدا، فانكب على عمله الجديد باندفاع كبير. ساعده ميوله إلى الكمال في إصلاح وتطوير جميع الأدوات التي وصلت إليها يديه.

    أهم ما في هذا العمل هو أن الجامعة جعلتني على اتصال بعدد من أهم العلماء في العالم.

    أحيانا ما يتوقف الناس في ورشته لمشاهدته يعمل، حتى أصبح شهير جدا في الجامعة.

    استغل وات جميع الفرص المتوفرة للقراءة والتعلم من زملائه، حتى تنبه الجميع إلى ذكائه وبراعته.

    كان الدكتور جوزيف بلاك من بين الذي أعجبوا بوات، وهو من أبرز العلماء في الجامعة، إذ كان طليعة في أبحاث السخونة والطاقة.

    تخصص الدكتور بلاك في الكيمياء وقد أجرى أبحاثا تشمل السخونة والماء والبخار.

    أعجبت جدا بعمل بلاك حتى نفذت تجاربه بنفسي. تعلمت الكثير عن السخونة كمصدر للطاقة.

    لم يقتصر اهتمام وات في هذه الفترة على الجانب العلمي من السخونة والبخار، بل ضم قوة البخار.

    مبدأ بسيط، عند غليان الماء يتحول إلى بخار، يحتل البخار مساحة أكبر من الماء، ولكن إذا حبست البخار في مستوعب يتحول إلى ضغط هائل، يمكن استعماله لتحريك الأشياء.

    عرفت قوة البخار منذ زمن بعيد، ولم يكن تطويعها شيء جديد.

    عام ألف وستمائة وثمانية وتسعون، قدم توماس سافري أول محرك بخار عملي للعالم. وبما أنه صمم لضخ المياه من مناجم الفحم، عرف محرك سافري حينها بصديق المناجم.

    ولكن الحداد الإنجليزي توماس نيوكامن كان أول مخترع توصل إلى محرك بخاري استعمل على نطاق واسع في مناجم الفحم عام ألف وسبعمائة واثني عشر.

    كان محرك نيوكامن أكبر حجما وأكثر تعقيدا من محرك سافري، ولكنه استخدم كسابقه في ضخ المياه إلى خارج المناجم.

    ارتبطت مناجم الفحم بالمحركات البخارية منذ البداية، فالمناجم تحتاج إلى المحركات البخارية لتجفيفها، والمحركات البخارية تحتاج إلى الفحم الحجري كي تعمل. وقد أحرق محرك نيوكامن كميات كبيرة من الفحم.

    لا أعرف إن كنت مخطئة ولكن يبدو أن المحرك البخاري كان متوفرا قبل وصول وات بفترة طويلة.

    فعلا، ما الذي بقي عليه الآن؟

    صحيح أن المحرك البخاري كان متوفرا منذ عقود قبل مجيء وات إلى غلازغو، ولكن ضربة حظ أخرى لفتت انتباه وات إلى المحرك البخاري بطريقة بارزة.

    كان لدى جامعة غلازغو نموذجا صغيرا للمحرك البخاري. ولكنه معطل، فأرسل للتصليح لدى صانع أدوات في لندن، لكنه عجز عن ذلك. ونظرا لشهرتي في إصلاح الأشياء، طلبوا مني القيام بالعمل.

    جاء في الوقت المناسب إلى المكان المناسب.

    سبق أن سمعت بمحرك نيوكامن البخاري، ولكن النموذج الجامعي هو أول ما رأيت.

    تعامل وات مع المشكلة على طريقة العلماء، فجرب الآلة وسجل ملاحظاته التفصيلية. أدرك انه بحرق الفحم يحول محرك نيوكتمن المياه إلى بخار، كما أن كثافة البخار وتبريده يساعدان على انطلاق المحرك وتشغيل المضخة.

    تمكنت من تشغيل النموذج الجامعي، ولكني اكتشفت أثناء ذلك أنها ليست آلة جيدة.

    لم يكن محرك نيوكامن فعالا، بل عديم الفعالية، فاعتبرت أنه يبدد ثلاثة أرباع الطاقة التي ينتجها.

    لا أستغرب أن يحرق الكثير من الفحم.

    كان يجب أن أجعله أكثر فعالية، وقد أدركت أن طريقة القيام بهذا تكمن في استغلال أفضل للسخونة المنتجة عبر غلاية المحرك البخاري. نرى أن اسطوانة محرك نيوكامن تتناوب باستمرار بين الحرارة والبرودة، مع دخول البخار الساخن، ومن ثم برودته وتكثيفه. القيام بهذا مرة بعد أخرى يبدد الطاقة.

    فكرت بالأمر مليا، حتى أقلقني ليلا نهارا، وفي أحد أيام الآحاد، خرجت في نزهة، وجدت الفكرة. إضافة مكثف منفصل.

    تبدو فكرة بسيطة.

    إضافة مكثف منفصل. لماذا لم أفكر بهذا؟

    توصل وات إلى ما لم يتنبه إليه الانسان العادي، وهو يكمن في استغلال أفضل للسخونة الناجمة عن المحرك البخاري.

    بدأت بحماسة هائلة أصنع نموذجا من بعض الموات التالفة، بما في ذلك كشتبان الخياطة لدى زوجتي.

    جاء النموذج فجا ولكنه نجح.

    حصلت على ترخيص بالتصميم عام ألف وسبعمائة وتسعة وستون، وبدأت العمل بنموذج واسع النطاق في نفس العام.

    تقدم وات بالاعتماد على نفسه قدر المستطاع، ولكنه يحتاج إلى المال للتقدم أكثر، أو إلى شخصية تجارية لم يكن وات يتمتع بها. وأخيرا عثر وات على الدعم اللازم لدى ماثيو بولتن، وهو مهندس وصناعي من بيرمنغهام في إنجلترا. كان بولتن يملك مصنعا وهو ثري جدا. لقد رأى الجدوى التجارية في محرك وات البخاري، وأصبح مستعدا لتصنيعه وتسويقه. انتقل وات إلى برمنغهام، لينشئ هناك ما عرف بشركة بولتن & وتات.

    يبدو فريق رائع، العالم والتاجر.

    لم يكن ماثيو بولتن غريبا عن مبدأ استعمال قوة البخار، وقد أجرى عدة أبحاث قبل لقائه بجيمس وات، حتى أنه استشار بنجامين فرانكلين بهذا الشأن.

    سرعان ما بدأت مع بولتن في إنتاج محرك أكثر تقدما، مع أني لم أكر راضيا عنه.

    يبدو أنه لا يرضى أبدا أليس كذلك؟

    دفعه السعي إلى الكمال نحو تحسين محركاته بعدة أساليب، الكبيرة منها والصغيرة. إلا أن بولتن كان متشوقا لإيصال السلعة إلى الأسواق. كان دائم الترقب لما يفعله وات، على أمل أن يكون كل تعديل يجريه على التصميم هو تعديله الأخير.

    كان وات متمسكا بهواجسه في الحصول على كفاءة أكبر من محركه البخاري..

    كنت بعيدا عن الرضا. فكرت بمشكلة وضع الكباس في الاسطوانة، هنا أضعت الفعالية التامة، لم تكن مشكلة علمية، بل مشكلة في التصنيع.

    واجه وات مشكلة في حدود صناعة صهر المعادن، لم تكن مسابك الحديد حينها قادرة على صنع اسطوانات هائلة تفي بمتطلبات وات واحتياجات محركه. بقيت عدة فراغات صغيرة بين الكباس والاسطوانة، ما يؤدي إلى تسرب الطاقة والفعالية من هذه الفراغات الصغيرة.

    ولكني رفضت الاستسلام، عثرت على أفضل معلم حديد في إنجلترا تمكن أخيرا من التوصل إلى الأسطوانة الدقيقة التي أحتاج إليها في محركي.

    هذا هو العمل الجماعي.

    بل هو عمل بخاري.

    حل عام ألف وسبعمائة وسبعة وسبعون، وهي السنة التي بيع فيها محرك وات الجديد.

    أصر بولتون على ضرورة إشرافي على تركيب أول محرك بخاري في مناجم كرونوال الإنجليزية، أحببت العمل جدا في تلك الآلة، ولكني مقت فكرة استعراضها أمام زبون يدفع الثمن.

    يبدو أن وات أمضى فترة طويلة في ورشته.

    تقول تقديرات وات أن بولتون ادعى الكثير عما يمكن لها المحرك أن يقوم به من أعمال. ولم يكن أصحاب المناجم واثقون من قوله. خصوصا وأن محرك وات كان شبيه جدا بمحرك نيوكامن الذي لديهم.

    خشيت جدا من ألا يعمل المحرك، ولكنا عند تشغيله تأكد لنا بوضوح أنه سجل تفوقا كبيرا على المحرك البخاري القديم، فلم يذهب كل تعبي سدا.

    توصل جيمس وات إلى محرك لا يستهلك إلا ربع كمية الوقود اللازمة لمحرك نيوكامن. وأخيرا توصل وات إلى الهدف الذي عمل من أجله طوال عدة سنوات، وذلك بصنع محرك بخاري فعال. توالى الطلب على المحرك الجديد من مختلف مناجم الفحم. ما أدى إلى ازدهار شركة بولتن & وات.

    تابع وات سعيه إلى الكمال عبر تركيزه على التوصل إلى أفضل محرك بخاري لمناجم الفحم.

    ولكن ماثيو بولتن فكر بمسائل أخرى، إذ أخذ يفكر بسبل لاستخدام المحرك البخاري في مجالات أخرى. أي أنه كان ينظر نحو المستقبل، الذي لم يكن في الواقع إلا ما يعرف بالثورة الصناعية.

    الثورة؟ هل يتحدثون هنا عن الحرب؟

    لم تكن الثورة الصناعية حربا، ولم تحصل بين ليلة وضحاها، مع أنها غيرت العالم إلى الأبد. الثورة الصناعية هي اسم لمتغيرات عميقة، أدت إلى استبدال القوة البشرية والحيوانية بقوة الآلات. كانوا في الماضي يصنعون كل شيء يدويا، من أدوات إلى أثاث وملابس وغيرها، وذلك على يد الحرفيين. أما اليوم فالآلات تصنع كل شيء، هذه هي الثورة الصناعية، انها الانتقال من الصناعة اليدوية إلى صناعة الآلات، كما أن يرمز محرك وات البخاري إلى قلب الثورة وعضلاتها.

    بدأ محرك وات يستعمل في أي مكان بالاعتماد على الفحم. وقد استخدم بداية في المناجم التي هي مورد الطاقة، ثم استعمل في مصانع الحديد التي ساعدت في صهر اسطوانات المحرك ومكابسه الهائلة.

    ولكن ماثيو بولتن أدرك أن هناك أعداد ضئيلة من مناجم الفحم الحجري ومصانع الحديد، ما يعني أن عدد زبائن محركه البخاري أصبح محدودا. وهكذا ساعدته نظرته التجارية في العثور على فرص أكبر وآفاق أوسع.

    بدأ ذلك في مصانع النسيج. كانت الحياكة في الماضي من أعمال النساء والفتيات في المنازل. ولكن عام ألف وسبعمائة وسبعون، شيدت مصانع تحول القطن إلى خيوط، بينما تقوم أخرى بتحويل الخيوط إلى قماش.

    كل هذا بدون المحرك البخاري؟

    اعتمدت أولى مصانع الأنسجة على قوة الماء في تشغيل آلاتها، ولكن كلما خف منسوب المياه في الجدول، توقف المصنع عن العمل. كانت هذه قصور جدية تسبب مشاكل كبيرة.

    هنا يأتي دور وات.

    طلب مني بولتن تكييف المحرك البخاري لدفع آلات غزل هائلة ومصانع النول. نجحت في ذلك تماما. يعود الفضل إلى المحرك البخاري في تمكين معامل النسيج بدون قوة مائية بالكامل.

    تابع وات عمله الدؤوب في تحسين المحرك حتى توصل إلى إنجازات أخرى، يبرز من بينها الحصول على قوة أكبر من محركات أصغر. ومع مرور الوقت بدأ البعض يفكر بوضع المحركات البخارية في السفن.

    والحقيقة هي أن الناس في أوروبا والولايات المتحدة جربوا هذه البواخر.

    ولكن روبرت فولتن، وهو أمريكي عمل في باريس، اشتهر فيما بعد ببصنع المراكب البخارية.

    كان فولتن مخترع لامع حاول بناء غواصة عندما تقرب منه مواطن من نيويورك، أراد استخدام المراكب البخارية تجاريا في نهر هودسون، وكانت مشكلته الوحيدة عدم امتلاكه لمركب بخاري.

    شيد فولتن نموذجا تحطم بالكامل عند تجربته في نهر السين.

    تأكد فولتون أنه تعلم من خطأه، فطلب محرك بخاري من بولتن & وات، ثم عاد إلى الولايات المتحدة.

    ثم شيد هناك باخرة كليرمونت التي بلغ طولها مائة وخمسون قدم. أطلق أحد المشككين على السفينة لقب حماقة فولتن، ولكن عام ألف وثمانمائة وسبعة، وبالاعتماد على محرك بولت & وات البخاري، تمكنت كليرمونت من القيام برحلة من نيويورك إلى ألبيني. بسرعة خمسة أميال ثابتة في الساعة، ليبدأ بهذا عصر المراكب البخارية.

    أي أن المحركات البخارية وصلت إلى البحر.

    أعتقد أنها لم تتوقف هناك.

    سرعان ما تمكن المحرك البخاري من التوصل إلى وسيلة نقل أخرى هي القطار.

    سرعان ما أخذت القطارات تنتشر في أوروبا والولايات المتحدة في آن معا، لتنقل البضائع والركاب.

    في أواسط القرن التاسع عشر انتشرت السكك الحديدية في كل مكان، محمولة على المحركات البخارية. ولكن ركوب القطار حينها لم يكن ممتعا كما هو اليوم. لأن اشتعال الفحم كثيرا ما أمطر الركاب بغبار أسود، كما كان الدخان لا يحتمل.

    كما تسببت الثورة الصناعية بزيادة تلوث الهواء، إذ كانت المداخن في المناطق الصناعية توشح السماء بالسواد، كما تسببت بأمراض رئوية بين العمال والمواطنين العاديين.

    أدى انتشار قوة البخار إلى ازدهار المصانع الهائلة. فانتقل العديد من المزارعين الفقراء للعمل في المدن القذرة المزدحمة. لم تكن ظروف المصانع أفضل من حالات تلك المدن. كانت ساعات العمل طويلة، حتى شاع العمل من الفجر حتى المغيب. لم يتطلب العمل أي براعة، وكثيرا ما كان بالغ الخطورة.

    ظننت أن محرك وات شيئا جيدا.

    لا شك أن محركات وات جلبت العمل لملايين البشر الذي صنعوا الثروات الهائلة لأصحاب المصانع. ولكنه كغيره من التكنولوجيا الحديثة، جلب معه أيضا عواقب غير متوقعة.

    على أي حال، اعتقد أن المحركات البخارية قد اختفت.

    صحيح أن غالبية آلات اليوم تعمل كهربائيا، ولكن لا يمكن القول أن المحركات البخارية لم تعد في هذا العالم، على اعتبار أن مضخات بخارية هائلة ما زالت تعمل في غالبية مولدات الطاقة الكهربائية حتى اليوم.

    يكفي القاء نظرة سريعة على لمبات الإنارة حتى نتذكر مساهمات جيمس وات في علوم الطاقة ومصادرها.

    وات طبعا.

    نعم، أعرف هذا منذ البداية.

    إنه تذكار بسيط ولكنه هام، لإنسان استعان بإصراره ودقته الهندسية في حل المعضلات، وقد ساعد في ذلك على انطلاق الثورة.

    ——————–انتهت.

    إعداد: د. نبيل خليل

  • المبدع ( هنري فورد ).. ساهم هنري فورد بتغير بلاده والعالم أجمع من خلال تصنيع سيارات بإمكان عدة فئات الحصول عليها – مشاركة وإعداد: الدكتور نبيل خليل

    المبدع ( هنري فورد ).. ساهم هنري فورد بتغير بلاده والعالم أجمع من خلال تصنيع سيارات بإمكان عدة فئات الحصول عليها – مشاركة وإعداد: الدكتور نبيل خليل

    هنري فورد

    عاش الناس منذ زمن ليس ببعيد في المزارع أو في تجمعات سكانية صغيرة معزولة، حيث ارتكزت الحياة حول العائلة، أو المناطق والقرى المجاورة.

    قلما سافر الناس بعيدا عن منازلهم، وعند السفر كانوا يتنقلون مشيا على الأقدام أو على ظهر الدواب أو بالمراكب والقطارات.

    الدواب والمراكب والقطارات. وكأنها مغامرة حقيقية.

    فعلا ولكن السفر كان يستغرق فترات طويلة.

    ولكن جميع هذه الوسائل قد تغيرت بسرعة أكبر مما تخيله أي كان.

    ==-=-=-=-=-=-

    لا شك أن السيارة تحولت إلى وسيلة هامة، أهم مما توقعت حين بدأت صناعتها عام ألف وثمانمائة وتسعين.

    أي أن هنري فورد هو الذي اخترع السيارة.

    هكذا يبدو.

    الحقيقة أن فورد لم يخترع السيارة ولكنه توصل إلى عربة خفيفة ورشيقة ومتعددة الجوانب، فروج لها باسم السيارة العالمية، لتبدأ بهذا ثورة السيارات.

    لم أشأ صناعة لعبة للأغنياء، بل أردت التوصل إلى آلة تساعد المزارعين والناس العاديين، يستطيع شراءها الجميع.

    رائع، أي أنه يعتني بالصغار.

    ولد هنري فورد عام ألف وثمانمائة وثلاثة وستون في مزرعة من ولاية متشغن.

    كانت مزرعتنا مزدهرة نسبيا ولكن أعمالها كانت دائما شاقة، كثيرا ما فكرت بضرورة القيام بعمل يسهل من طبيعة العمل في الزراعة.

    في الثانية عشر من عمري رأيت شيئا مدهشا أعطاني فكرة عن طريقة عمل الأشياء. إنها آلة دفع ذاتي تعمل بقوة البخار وتنطلق في الطرقات. استعمل المحرك البخاري لدرس القمح. لم أر شيئا كهذا من قبل.

    ولا أنا أيضا.

    هذا ما زرع بي الرغبة في العمل بالمحركات والآلات القادرة على الحركة. كثيرا ما كنت أفكك الأشياء وأعيد جمعها، وأعمل بالمعدات، حتى قالت أمي أني ولدت ميكانيكيا.

    توفيت والدة فورد وهو في الثالثة عشرة من عمره. حين بلغ السادسة عشرة غادر المزرعة متوجها إلى ديترويد، حيث عمل هناك تلميذا في متجر للآلات.

    عند انتهائي من فترة التعليم، أصبحت عارفا في شؤون العمل بالمعدات والآلات التي عدت بها إلى المزرعة.

    المزرعة؟ لماذا عاد إلى هناك؟

    لدى هنري فورد أسبابه الكافية.

    كانت كلارا برايانت ابنة مزارع يسكن في الجوار، ولكن والديها لم يشعران أنها جاهزة للزواج. لهذا استقريت في قطعة أرض قدمها لي والدي، أقطع الأخشاب التي فيها وأبيعها. انتظرت عامين كاملين حتى استطعت الزواج منها.

    يبدو أن السيد فورد كان شديد العزم.

    بلا شك.

    ولكن هنري فور لم يصبح مزارع متفرغا، فقد اشتهر بقدرته على إصلاح المحركات البخارية التي تستعملها بعض المزارع والمتاجر. وقد سافر نع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات إلى عدة مناطق في متشيغان لإصلاحها. أحيانا ما كان العمل يتطلب سفره إلى ديترويد، حيث شاهد هناك نوعا جديدا من المحركات، هو محرك ألماني يعمل بقوة البنزين وليس البخار.

    أدركت أني أستطيع تكييف المحرك لصناعة عربة بدافع ذاتي، ولكني أردت الحصول على الكهرباء والتكنولوجيا والمواد التي لن أعثر عليها إلا في المدينة. حين عرضت علي! شركة إديسون إلومينيتينغ العمل لديها في ديترويد. أدركت أن من واجبي الذهاب.

    كلارا تفضل الأرياف، ولكنها وافقت على الانتقال معي. حين وصلت بدأت إجراء التجارب على محرك البنزين الخاص بي في أوقات الفراغ.

    توصلت أخيرا إلى نموذج اعتبرته مناسبا. عشية عيد الميلاد كانت كلارا تعد الطعام لليوم التالي، فربطت المحرك بمغسلة المطبخ لتصب فيه كلارا البنزين. فتجشأ وقذف النار والدخان من العادم، حتى كاد يشق المغسلة معه، ولكنه اشتعل.

    لا شك أن زوجته متفهمة جدا.

    كان هذا أول نجاح أحرزه بالمحرك، ولكن بقي أمامه الكثير من الأعمال. لم يكن من السهل التوصل إلى طريقة لاستخدام المحرك في دفع العربة. كان عليه تصنيع كل جزء من العربة بنفسه يدويا، استغرق هذا العمل سبعة أعوام.

    لم يكن هذا سهلا. كثيرا ما ظننت أني أبدد الوقت. في هذه الفترة التقيت بمثلي الأعلى، توماس ألفا إديسون في مؤتمر كهربائي. فحدثته عن عملي في سيارة تعمل على البنزين، فنصحني بمتابعة العمل. شجعتني كلماته جدا.

    وأخيرا أنهى فورد أول سيارة كاملة أسماها كوادريسايكل. أي الدراجة الرباعية، وقد منحها هذا الاسم لأنها بدت كدراجتين تسيران جنبا إلى جنب. بعد سنوات من العمل، أصبح متشوقا لتجربة عربته الجديدة.

    كنت شديد الحماس، فقررت تجربتها مع مساعدي رغم أن الساعة كانت الثانية من بعد منتصف الليل.

    لا بد أن جيرانه أحبوا هذا.

    ولكني لسوء الحظ ارتكبت خطأ صغيرا.

    بنيت الدراجة الرباعية في سقيفة خلف المنزل. المشكلة هي أنها كانت أكبر من اتساع الباب.

    للأسف.

    ترى ماذا فعل؟

    أخذت فأسا حطمت بها إطار الباب وعددا من الحجارة المحيطة به. ثم خرجنا بالسيارة.

    المؤسف هو أنها تحطمت عند باب أحد الفنادق اثناء خروج عدد من المحتفلين. استمتعوا جدا بالسخرية منا ومن بدعتنا الغريبة.

    ولكنا أصلحنا العربة وأعيد تشغيلها. كان علينا إعادتها إلى المنزل كي نستطيع النوم قبل خروجنا إلى العمل.

    بعد أقل من عام واحد حصل على دعم مالي لبناء نموذج محسن من الدراجة الرباعية، وحين تأكد نجاحه، تلقى ما يكفي من الدعم لمالي اللازم لإقامة شركة سيارات ديترويد. كان فورد المدير المراقب وأحد صغار المساهمين.

    هل صنعت أولى السيارات هناك؟

    أعتقد أن هذا ما سنعرفه الآن.

    بدأ تاريخ السيارات في ألمانيا، مع غوتليب دياملير وكارل بينز.

    عمل كل من هذين الرجلين بشكل مستقل في الثمانينات من القرن التاسع عشر، وذلك في صناعة عربات تعمل بالبنزين.

    كما بدأ الفرنسيون التجارب مبكرا على هذه الآلة الجديدة. حتى أن كلمة أوتومبيل فرنسية الأصل وهي تعني الحركة الذاتية.

    وفي الولايات المتحدة بدأ الأخوين دوريي العمل بصناعة الدراجات، ثم تحولا للاهتمام بالسيارات التي صنعت للسباق.

    بداية عام ألف وتسعمائة ظهر العديد من شركات السيارات، وأصبحت ديترود المركز الرئيسي للتطور الصناعي في الولايات المتحدة.

    ماذا عن فورد؟

    هل حقق النجاح في صناعة السيارات؟

    الحقيقة هي أن فورد لم ينجح في أول مشروعين قام بهما لصناعة السيارات. شعر فورد أن سيارته لم تكن جاهزة للبيع في الأسواق. لهذا لم يركز جهده عليها. ركز فورد في هذه المرحلة من حياته على تصميم وتحسين السيارات الفردية، أكثر من اهتمامه من الإنتاج التجاري الواسع النطاق لنموذج محدد.

    صنعت سيارات للسباق بهدف الحفاظ على اسمي في الأسواق. حتى أن نموذج التسعات الثلاث الذي فاز في السباق الكبير حقق لي الشهرة، وجعلني أجلب الدعم المالي ثانية. وسرعان ما أقمت شركة فورد للسيارات. وبعد فترة قصيرة، فكرت بنوع جديد من السيارات. نموذج أيه.

    ظريف جدا.

    ترى ماذا جاء بعده، نموذج بي؟

    تذكر أنها لم تكن سيارات غير عقلانية بأسماء غير منطقية.

    بدأ فورد العمل جديا هذه المرة، فصنع سيارة ركاب رخيصة الثمن. وقد أحرز النجاح هذه المرة.

    كنا نصنع ونشحن خمسة وعشرون سيارة في اليوم. ولكني أردت زيادة الإنتاج وخفض الأسعار لبيع مزيد من السيارات بأسعار أقل.

    أصبحت هذه هي الاستراتيجية الدائمة لهنري فورد في الإنتاج والتسويق. صناعة أعداد كبيرة من السيارات المتشابهة فيما بينها، وبيعها بأسعار رخيصة.

    كثيرا ما قلت أني أفضل جني أرباح قليلة من سيارات كثيرة، على كسب الكثير من سيارات قليلة.

    اعتمدت هذه الاستراتيجية على الانتاج الهائل، أي إنتاج السلع بكميات هائلة. كان فورد دائم البحث عن سبل لزيادة الكفاءة.

    من أهم ما فعله توحيد القطع وتحسين صناعتها، بما يجعلها متطابقة جدا وقابلة للتغير.

    لا إضاعة للوقت في إرضاء الأذواق، خفضنا الخيارات إلى أدنى مستوى. قلت أن الناس يستطيعون الحصول على لون الفورد الذي يناسبهم، شرط أن تكون سوداء.

    كانت فورد تنتج نموذجا واحدا من السيارات، ثم يليه آخر محسنا عن سابقه. لم تعش نماذج الأحرف طويلا، حتى وصل إلى نموذج التي.

    ما هي ميزة هذا النوع؟

    وضعنا في هذا النموذج كل التعديلات التي توصلنا إليه حتى بلوغه. كان المحرك والنقال كانا مقفلين. كان أقوى وأخف وسهل الصنع.

    من الأشياء التي قام بها مسألة أصبحت اليوم بديهية جدا، فقد نقل المقود من الجانب الأيمن للسيارة إلى جانبها الأيسر. ليمكن الركاب من الدخول والخروج بأمان على جانب الشارع.

    كرس فورد جل اهتمامه على صنع سيارات بنوعية عالية، فتمتعت سياراته بجودة هندسية يمكن الاعتماد عليها، كما كانت أسعارها مقبولة. كان سعر نموذج تي لا يتعدى ثمانمائة وخمسة وعشرون دولارا.

    إجراء ذكي.

    وكانت النوعية هي الأساس.

    بدأ فورد ومدرائه في مصنعه الجديد في هايلاند بارك، بتطوير إبداعات الشركة، وهو خط التركيب المتسلسل. استلهم الفكرة من مصنع لتعليب اللحوم ثم طبقها على صنع السيارات.

    لقد تحسنت الانتاجية، لم يصبح العامل مضطرا لترك موقع العمل لجلب قطع السيارة، لأن خط الانتاج المتسلسل جلب القطع إليهم.

    عام ألف وتسعمائة وثمانية عشر أصبح نصف السيارات في العالم من نموذج تي. وقد أطلق عليها الناس لقب تين ليزي، كما عوملت وكأنها أنثى، وكتبوا لها الأغاني وألفوا النكات حولها. حتى أصبح نموذج تي جزءا هاما من الثقافة الأمريكية.

    أدى نجاح نموذج تي إلى دفع فورد للتفكير بزيادة سرعة خط الانتاج. حتى أطلق عليه العمال لقب ملك السرعة.

    حين بدأت في صنع السيارات كنت أفخر بصنع خمسة وعشرين في اليوم، ولكن بأسلوب الصناعة الواسعة النطاق، كان نموذجا واحدا من سيارت تي الجديدة تخرج من المصنع كل أربعة وعشرين ثانية.

    دعني أرى بحسابات سريعة ألف ومائتي سيارة كل ثمانية ساعات.

    عام ألف وتسعمائة وعشرون وضع فهرس سيرز روبوك لائحة بخمسة آلاف بند يمكن إلحاقه على نموذج التي.

    إلحاقه؟

    ك يعني خيارات.

    كان الناس يشترون سيارات غريبة من أماكن أخرى، ولكن هدف فورد، وسبب نجاحه هو جعل السيارة بسيطة يمكن الاعتماد عليها. كانت سيارة مرنة، وقوية، ومرتفعة عن الأرض.

    هذا ما جعلها تشتهر في الأرياف، حيث الطرقات موحلة قذرة.

    لم يقدر فورد في البداية كم ستتغير حياة الفلاحين في أرجاء الولايات المتحدة.

    أتخيل هذا.

    أصبح بمقدور العائلة السفر إلى المدينة، حتى أن بعض عائلات المزارعين انتقلت للسكن في المدينة.

    حلّت السيارة محل الجياد بسرعة كبيرة، بحالة تشبه الثورة الزراعية. أدى التخلي عن شعير الجياد إلى زرع محاصيل أخرى، كما انتشرت في البلد برنامج واسعا لتعبيد الطرقات.

    كان الأثرياء وحدهم يستطيعون السفر عبر البلاد، أما اليوم فأصبح الملايين قادرون على الترحال والتمتع بالمناطق الشاسعة.

    أدت الزيادة على طلب السيارات إلى دفع فورد لإنتاجها بسرعة أكبر. عام ألف وتسعمائة وأحد عشر وقبل إدخال فورد لسكة الانتاج المتحرك، تم إنتاج خمسة وثلاثون ألف سيارة من نموذج تي. وبعد أربعة أعوام من ذلك، عام ألف وتسعمائة وأربعة عشر، بعد تشغيل سكة الانتاج المتحرك، أنتج فورد أكثر من مائتي ألف سيارة.

    تمكنت من هذا في مصنع نظيف، يتمتع بالإنارة والترتيب ومواصفات السلامة. أردت تقديم أفضل ظروف العمل للعمال.

    مع ذلك لم يكن من السهل العمل في سكة التركيب الجديدة. أخذ العمال يعانون عصبيا وجسديا منضغط العمل. أخذوا يصابون بالإرهاق من الحركة المتكررة ويعتذرون بسبب المرض. أطلق على هذه الحالات لقب فورديتيس. أخذ العمال يستقيلون بأعداد كبيرة.

    رد فوردج على هذا بدفع خمسة دولارات مقابل دوام من ثمانية ساعات عمل. أي ضعف معدل ما تدفعه المصانع.

    خمسة دولارات في اليوم؟ أي ستون سنتا في الساعة.

    حين دفع أجورا أعلى وجد سهولة في جلب العمال والاحتفاظ بهم. كما أن حصول العامل على أجور أعلى مكنته من شراء السيارة التي يصنعها.

    عام ألف وتسعمائة وأربعة عشر، اعتمد مصنع فورد على عمال جاءوا من ثلاثين بلدا. في أواسط العشرينات وظف فورد مختلف أنواع البشر، ليدفع لهم نفس الأجور العالية والغير معتادة في تلك الأيام.

    رغم هذه الممارسات المتقدمة، إلا أن فورد كان سريع التصدع.

    اشتهر فورد بقراراته الحاسمة، ولا شك أن قوته ساهمت في نجاحاته، ولكن كلما كان يزيد قوة ونجاح، كلما زادت رغبته بعمل الأشياء على طريقته. وقد حصل على مائة بالمائة من أسهم شركته كي لا يجادله أحد في قراراته.

    خوفا من فقدان قيم البلدات الصغيرة التي نشأ في مزارعها، دعى فورد الناس للتخلي عن الكحول والقمار والكماليات. حتى أنه أنشأ دائرة نفسانية في مصنعه، لتفادي مشاركة عماله فيما كان يعتبره أنشطة غير ملائمة.

    وحين بدأت النقابات بتنظيم العمال في مصانع سيارات أخرى رفض فورد التعاون معهم. ولجأ إلى الترهيب، كما استأجر قطاع الطرق لضرب منظمي الاتحادات لتخليهم عن النقابات.

    والأهم من هذا هو أنه كان المسؤول عن حملة منظمة ضد اليهود، كما نشر عدد من الدعايات المناهضة لليهود. أعجب فورد بشخصية أدولف هتلر، الذي نشر أدبيات فورد المناهضة لليهود في أرجاء العالم. شكل هذا محور جدال في تاريخ هنري فورد.

    تسببت بعض قرارات فورد الجامدة له ولغيره بالأذى. لقد صنع نموذج تي انطلاقا من نجاحاته طوال تسعة عشر عاما. كما تردد في إنجاز نموذج آخر. ما جعل السيارات الأخرى تصبح أكثر منافسة بتقديمها أنواع وألوان أخرى. إلى جانب التعديلات الميكانيكية التي جعلت نموذج تي يبدو وكأنه عتيق.

    بعد بيع أكثر من خمسة عشر مليون سيارة من نوع تي في أرجاء العالم. أوقفنا العمل بإنتاج نموذج تي، وبدأنا بإنتاج نموذج إيه.

    عاد إلى بداية الأحرف.

    أخرج فورد سيارة جديدة، تم إنتاجها في أبرز المصانع الحديثة. حين بدأ مصنع ريفر روج خارج ديترود يعمل بكامل قدرته الانتاجية عام سبعة وعشرين، بدا مختلفا عن أي مصنع آخر في العالم.

    تدخل المواد الخام من جهة، لتخرج السيارات من الجانب الآخر. كان الحديد الخام يتحول إلى محركات كاملة خلال ثمانية وعشرين ساعة.

    سعت فورد لخفض الكلفة الانتاجية فأخذت تستخرج الحديد والفحم والرصاص من المناجم بنفسها. كما اشترت غابات لصنع الخشب ومصانع النشارة ومزارع المطاط في البرازيل. وشغلت سكك الحدي

    ومصاهر المعادن ومصانع الحديد واشترت أساطيل البحيرات والمحيط. وصنعت الطائرات، وأنتجت الزجاج، والجلود الصناعية والأنسجة والورق والإسمنت.

    بذلت كل ما بوسعي لجعل سيارة النموذج أيه سيارة رائعة يمكن لأي شخص شراءها.

    احتوى نموذج أيه ضمن حدود سعر السيارة على أفضل محرك، وكانت السيارة الوحيدة التي تتمتع بزجاج آمن، كما أنها كانت أجمل سيارة من ذوات الأسعار المنخفضة.

    وسعرها كان مناسبا، حوالي أربعمائة وخمسة وتسعون دولارا.

    ترى هل حقق نموذج أيه الشهرة التي نالها نموذج تي؟

    اشتهر نوذج أيه إلى حد الإثارة والحماس الذي لم تعرف أي سلعة جديدة مثيلا لهما في التاريخ الأمريكي. احتشد مائة ألف شخص في قاعة العرض في ديترويد، فاضطر فورد لاستئجار ساحة حديقة ماديسون لاستقبال الحشود في مدينة نيويورك.

    أي أنه حقق نجاح باهر.

    لكن عام اثنين وثلاثون شهد إطلاق سيارة أكثر فخامة من نموذج أيه، إنها سيارة فورد في أيه ثمانية، التي اشتهرت بمحرك يحمل نفس الاسم. رغم بلوغه سن السبعون كان فورد ما يزال قادرا على تصميم وصناعة سيارات جيدة جدا.

    تلقت الشركة مائة ألف طلب قبل إطلاق (فورد في ثمانية) إلى الأسواق. وبعد خروجها إلى الأسواق، حصلت السيارة على دعاية لسرعتها الهائلة من مصادر غير متوقعة.

    غير متوقعة؟

    أحب زعماء المافيا مثل بوني وكلايد السرعة في سيارة (فورد في ثمانية) أكثر من أي شيء آخر. حتى أن كلايد كتب إلى هنري فورد يقول أنهلا يركب إلا فورد، عندما يستطيع الحصول عليها.

    وكأن الجميع اراد الحصول عليها.

    كنت أعرف أن السيارات مفيدة جدا، وتوقعت أن تشتهر جدا، ولكني لم أتوقع أن تغير الحياة إلى هذا الحد.

    ساهم هنري فورد بتغير بلاده والعالم أجمع من خلال تصنيع سيارات بإمكان عدة فئات الحصول عليها.

    حلت السيارات محل الجياد، فتوجهت بها عائلات الفلاحين إلى المدن، التي أخذت تتوسع تدريجيا حتى بلغت حدود الضواحي، التي أخذ الناس فيها يتحركون بالسيارات.

    أما في مراكز العمل فقد ساهم الانتاج الواسع النطاق وأعنال التركيب المتكررة بتحسين الأجور والانتقال إلى مستويات عيش أفضل.

    أصبح الانتاج الواسع النطاق أسلوبا في صنع غالبية السلع من السيارات إلى الحلويات، فانتعشت الطبقة الأمريكية الوسطى وتحسن مستوى عيشها.

    عملت أعداد كبيرة من الناس في صناعة السيارات أو ما يتعلق بها، ما جعل الاقتصاد الأمريكي يتحرك صعودا أو ركودا وفق حالة صناعة السيارات.

    رغم خلول الروبوت محل البشر في غالبية الأعمال الصعبة في صناعة السيارات، بقيت سكة الانتاج المتحركة أفضل السبل في صناعة السيارات فعالية.

    لا مجال للشك في أن هنري فورد قد حول عالم السيارات. ولا مجا ل للشك في أن السيارة قد غيرت ملامح أمريكا، كما أن العالم لم يد بالحالة التي كان عليها من قبل.

    ——————–انتهت.

    إعداد: د. نبيل خليل

  • المخترع ( جورج واشنطن كارفر )..أصبح كارفر شهيرا، وليس غنيا، وحاز على احترام وتقدير شخصيات عديدة – مشاركة وإعداد: الدكتور نبيل خليل

    المخترع ( جورج واشنطن كارفر )..أصبح كارفر شهيرا، وليس غنيا، وحاز على احترام وتقدير شخصيات عديدة – مشاركة وإعداد: الدكتور نبيل خليل

    جورج واشنطن كارفر

     

    أقل ما يمكن قوله عن الحياة في جنوب الولايات المتحدة بعد الحرب الأهلية هو أنها كانت صعبة.

    لم تقضي الحرب على سبل حياة الجنوبيين فحسب، بل إن القطن الذي شكل عمادا لاقتصاد الجنوب أصبح أساسا لمشكلة جدية أخرى.

    رغم أهمية القطن وارتفاع أسعاره، إلا أن زراعته لسنوات متعاقبة أخذت تستنزف التربة الغنية في أراضي الجنوب. تبين لمجموعة من المزارعين ومن بينهم عدد من العبيد سابقا، أن التربة قد أنهكت وخلت من عناصرها الغذائية. ما يعني أن القطن أو غيره من الزراعات القيمة لن ينمو بعد جيدا بعد هذا.

    يؤدي غياب القطن إلى عجز الاقتصاد الجنوبي وإفلاس العديد من المزارعين هناك.

    زادت ظروف الزراعة في الجنوب تعقيدا، كما انهارت صحة ومعنويات الناس الذين اعتمدوا على الأرض للبقاء على قيد الحياة.

    يبدو أنها أياما عصيبة.

    صحيح؟ ماذا يفعل المزارع إن عجز عن الزراعة؟

    لم يتوقع أحد في تلك الفترة أن يأتي حل هذه المشكلة من مصدر غير متوقع، وتحديدا من شاب هادئ يمتاز بقوة الملاحظة والإبداع والاختراع، شغوف للمعرفة ومساعدة الآخرين.

    تمكن هذا الشاب المدهش من أخذ نباتات عادية، قد تبدو للآخرين عديمة الجدوى، وتحويلها إلى نباتات مفيدة قيّمة.

    فكانت مفاتيح النجاح في البزيلا والفاصولياء والفستق.

    =-=-=-=-=-=-

    ولد جورج واشنطن كارفر عبدا في مزرعة من ميسوري حاولي عام ألف وثمانمائة وأربعة وستين، وذلك أثناء اشتعال الحرب الأهلية.

    عمد باسم جورج، وقد درجت العادة حينها، منح كنية المالك الأبيض للعبد وهو كارفر.

    هذا ما يفسر اسمي جورج وكارفر، ولكن ماذا عن واشنطن؟

    اكتسب اسمه الثاني بعد عدة سنوات، حين أصبح مراهقا، حين أضيف حرف الواو إلى اسمه لتمييزه عن شخص آخر يحمل اسم جورج كارفر، وهكذا أصبح اسمه النهائي جورج واشنطن كارفر.

    عانى جورج من المرض في الصغر، وعند موت أمه أخذته عائلة كارفر لينمو في بيتها.

    لم أتمتع بالقوة اللازمة لمساعدة السيد كارفر في الحقول، فبقيت حول المنزل لخدمة السيدة زوجته. فتعلمت منها غزل الصوف، ودبغ الجلود، وتمليح اللحوم، وصنع الشموع والصابون، والبحث عن الجذور لصنع الأدوية.

    سرعان ما تعلم وظائفه، وكان فضوليا في كل شيء.

    يبدو أن البقاء في البيت يعلم أشياء كثيرة.

    قلة من الأطفال في تلك الفترة كانوا يتقنون هذه الأعمال، وخصوصا أبناء العبيد أمثاله.

    بدأ جورج في تلك السنوات المبكرة يطور طبيعته الإبداعية، خصوصا في مجال النباتات، فرغم أشغاله الكثيرة، كان يجد بعض الوقت لنفسه، وكانت الغابة مكانه المفضل لتمضية هذه الأوقات.

    أمضيت ساعات طويلة في الغابة بمفردي، أراقب الحيوانات والنباتات، وأدرس عاداتها واحتياجاتها، تعلمت الكثير عنها، وأستمتع برسمها.

    جهز كارفر حديقة له في الغابة، وعندما كبر أصبح كثير المعارف بالنباتات وسبل العناية بها، حتى أطلق عليه السكان المحليين لقب طبيب النباتات، فجاءوا إليه بنباتاتهم لشفائها.

    كان هذا تحضير هام لشخص عمل مع النباتات طوال حياته. تحول كارفر إلى دارس ملهم للطبيعة، فعمل منذ الصغر على تعلم كل ما أمكن.

    ولكن التمييز العنصري السائد حال دون تحصيله العلمي. حين بلغ الحادية عشر من عمره سمع بمدرسة خاصة بالسود في بلدة مجاورة، فقرر الذهاب إليها.

    تعلمت في البيت بعضا من القراءة والكتابة، ولكني أردت تعلم المزيد، أردت تعلم كل شيء. كنت مصرا على الذهاب إلى المدرسة.

    أدرك أن ذهابه إلى المدرسة يعني مغادرة البيت الوحيد الذي كان يعرف، ولكنه أصر على تحقيق الحلم. فذهب إلى المدرسة.

    يبدو أنه جاد بتلقي التعليم.

    حالفني الحظ باستقبالي من قبل عائلة من السود، كانت متدينة جدا، تؤمن بالتعليم، وتحتاج إلى خادم في المنزل.

    كانت ربة المنزل ممرضة مدربة علمت كارفر الكثير، بما في ذلك استعمال النباتات في العلاج.

    يبدو أنه بدأ يحصل على تعليم جدي.

    هذا في المنزل فقط، ترى ماذا فعل في المدرسة؟

    تعلمت الكثير في المدرسة، استوعبت كل ما استطاعوا تعليمه. ولكني سرعان ما تعلمت كل ما لدى المدرسين هناك، فقررت المتابعة.

    عاد كارفر إلى سعيه من جديد، فتخلى عن الدفء والسلامة المنزليين لتحقيق حلمه في التعلم. وقد ابتعد هذه المرة متجها إلى كنساس، حيث توفرت مدارس من المزج العرقي.

    لم تتوفر المدارس التي تلزمني في كل المدن، وقد علمتني بعض المدارس ما كنت أعرفه، لهذا انتقلت من مدينة إلى أخرى، ومن مدرسة إلى أخرى.

    غطى كارفر مصاريفه بالعمل خادما في المنازل أو المزارع لمتابعة دراسته.

    أعتقد أن ما تعلمه من خدمة المنازل كان مجديا.

    حين أصبح في العشرين من عمره تقدم للدراسة في كلية هايلاند في كنساس، فتم قبوله.

    وصلت إلى هايلند في \أيلول سبتمبر من عام ألف وثمانمائة وخمسة وثمانون، متحمسا لدخول الكلية وتعلم كل ما استطعت.

    ولكن كارفر أصيب بخيبة أمل عميقة.

    نظر إليّ مدير الكلية بازدراء قائلا، هناك خطأ كبير، كلية هايلاند لا تقبل العبيد، وقد صرفت من هناك.

    هذا رهيب جدا.

    خصوصا بالنسبة له، ولكني اعتقد أنه لم يستسلم.

    انهارت معنوياته، وتخلى لبضع سنوات عن سعيه للتعلم، فعاش حياة الطلائع في مروج كنساس. حتى عاوده التعطش للعلم مرة أخرى بعد مرور الوقت، فتمكن من متابعة تعليمه حين وجد نفسه طالبا في كلية سيمبسون أيوا. ولم يتم طرده هذه المرة.

    كان كارفر ثاني تلميذ أسود في تاريح سيمبسون، وسرعان ما تقبله البعض ونجح في حياته الدراسية.

    كارفر اردت أن أصبح رساما، وقالت أستاذة الفنون أني أتمتع بالموهبة اللازمة، ولكنها قالت أنه لا يمكن لفنان أسود كسب العيش في أمريكا من فنه، لهذا لم تشجعني على متابعة دراسة الفنون.

    ولكنها شجعته على محبته للنباتات. واقترحت عليه الذهاب إلى كلية الفنون الزراعية والآلية في ولاية أيوا. فتخلى عن حبه للرسم وقرر الالتحاق بها.

    كان كارفر أول طالب أسود في ولاية أيوا حيث اشتهر وأدهش المدرسين، وعند تخرجه بين أفضل الكلبة، حصل على وظيفة مساعد نباتات في دفيئة الكلية، ليصبح بهذا أول طالب أسود في ولاية أيوا أول موظف في كليتها، ما شكل منعطف حقيقي بالنسبة لكارفر.

    بدأ كارفر في تلك الفترة يبني فلسفة حققت له الشهرة.

    بدأت أعتقد أن هناك عددا من النباتات المفيدة التي لا يعرف أحد عنها شيئا. وكأنها بانتظار شخص ما يكشف عن فوائدها الدفينة.

    هذه طريقة فريدة للتعامل مع النباتات.

    رغم انشغاله بالإشراف على الدفيئة وإعداد الماجستير، وصلته رسالة غيرت حياته من جديد. هي رسالة من أمريكي أسود كان شهيرا حينها.

    ولد بوكر تي واشنطن في فرجينيا، وكان ابن عبد كحال كارفر، كما تشوق للتعلم كما كان حاله باحثا عن المدارس والكليات المناسبة.

    آمن واشنطن بالتعليم بشدة، وبأن العبيد الأمريكيين قادرين على كسب العيش في أمريكا بتعلم المهارات العملية. حتى أصبح بعد الكلية أساتذا.

    عام ألف وثمانمائة وواحد وثمانون، افتتحت كلية جديدة للسود في توسكيجي ألباما، وقد اختير واشنطن لإدارتها.

    كان معهد توسكيجي فقيرا عند وصوله، ليس فيه إلا بعض المباني المستنزفة، بدون أدوات، وأموال محدودة جدا.

    ولكن بوكر تي واشنطن كان حالما، وما كان ليسمح لقلة المال والمعدات أن تقف في طريقه.

    أخذت توسكيجي تعكس حلم واشنطن، إذ كانت تهدف إلى تدريب الأساتذة للتوجه إلى مجتمعات السود وتعليم الناس سبل كسب العيش وإعالة أنفسهم؟

    انطلقت توسكيجي من بدايتها المتواضعة إلى نمو مدهش، وبعد خمسة عشر عاما على تأسيسها وضعت الخطط لبناء دائرة زراعية. سعيا من واشنطن للعثور على الشخص المناسب لإدارة هذا القسم الجديد، تعرف إلى عالم أسود لامع في ولاية أيوا.

    كتب واشنطن إلى كارفر في الأول من نيسان أبريل من عام ألف وثمانمائة وستة وتسعين، دون أن تكون كذبة نيسان إذ قال لن أعرض عليك المال أو المنصب أو الشهرة، كل ما أقدمه هو العمل، بل أعرض العمل الشاق جدا. إنها مهمة رفع الناس من الانحطاط والفقر والضياع، إلى مرتبة الإنسانية، وقد شكلت الرسالة منعطفا آخر في حياة كارفر.

    كان شخصا يؤمن بأهمية التعليم، ومساعدة السكان السود، مثلي تماما، كما وجدت مكانا، أساعد فيه الآخرين، كما تلقيت المساعدة.

    وهكذا رحل كارفر مرة أخرى من أجل التعليم. فعبر ثمانمائة ميل إلى توسكيجي ألاباما حيث أصبح البروفيسور كارفر، مديرا وأستاذا للزراعة العلمية وعلوم الحليب.

    كان هذا رائعا، ولكن حين وصلت إلى توسكيجي، شعرت بالإحباط، لم أجد شيئا أعمل به، لا مختبر، ولا معدات، لا شيء.

    لا شيء إلا ثلاثة عشر تلميذ لا يرون في ملابسه الفقيرة ملامح الأستاذ. وقد جاءوا إلى الكلية هربا من صعوبة العمل في الحقول.

    انس كل التجارب والأبحاث، أول ما يجب القيام به هو بناء المختبر، إلى جانب تشجيع الطلبة. وهكذا أخذتهم إلى نفايات المدرسة.

    النفايات؟

    لا شك أنه مكان مشجع.

    جمعنا الزجاجات القديمة، المقالي الصدئة، وأغطية المستوعبات، ومقابض الأقدار وبعض الأسلاك والمعادن الأخرى.

    لا شك أن الطلبة اعتبروه مجنونا.

    لم يعرف الطلاب ما أسعى غليه، ولكنهم تعاونوا معي.

    خرجنا من مكب نفايات المدرسة إلى مكب المدينة، فجمعنا بعض المطاط والمصابيح القديمة والغلايات والمستوعبات الصينية.

    وكأنه من الزبالين.

    يبحث في نفايات تافهة.

    ما أدهش الطلبة هو أن كارفر قد بدأ باستعمال هذه النفايات التافهة التي جمعت لتجهيز بدايات مختبر توسكيجي الزراعي. حول زجاجات الحبر إلى مصابيح بنزن، وفناجين الشاي الثقيلة والأعقاب وعصي الستائر إلى مدقات ويد الهاون.

    لا شك أنه مبدع.

    عند انتهائه من العمل، أصبح المختبر جاهزا، كما أدرك الطلبة أن لديهم أستاذ مميز لا بد منه لإعدادهم لمواجهة قسوة الواقع الأمريكي خارج المدرسة.

    أردت أن يرى الطالب بالأمثلة أنه مهما بلغت الظروف من صعوبة، نستطيع النجاح في تجاوزها عبر المخيلة الخصبة والعمل الشاق.

    سرعان ما أدرك الطلبة بأن كارفر يحب النهوض يوميا مع بزوغ الفجر، للتنزه بضع ساعات في الغابة، يتأمل الطبيعة ويجمع نماذج من الحيوانات والنباتات.

    سرعان ما أثبت الطلبة خصوبة مخيلتهم، فأحبوا لعبة الإيقاع بالأستاذ، وجاءوا إلي بأنواع غريبة من النباتات والحيوانات لاختبار معرفتي بها.

    بعد فشلهم في الإيقاع بالأستاذ، جمع الطلبة كائن خاص.

    كائن خاص؟

    وضعوا جسم الخنفساء مع قوائم العنكبوت ورأس نملة هائلة، ثم سألوه، أي نوع من الحشرات هذه أستاذ؟

    كنت أعرف أنها مزيفة، ولكني أجبت، هذا ما نسميه بالمحتال.

    أي أنه كان هزلي أيضا.

    لا أظن.

    حين جاء وقت الزرع، توقع الطلبة أن يزرع القطن في حقل توسكيجي، وهو الزرع الوحيد الذي يعرفون.

    كنت اعرف أن استعمال الحقل عدة سنوات في زراعة القطن، يستنزف الحقل من عنصر النيتروجين الغذائي، عند استنفاذ النتروجين يصبح إنتاج محصول جيد من القطن أشبه بالمستحيل.

    ما الذي زرعه؟

    تنبهت إلى أن هناك نباتات تأخذ النتروجين من الهواء ثم تعيده إلى التربة، وعلينا أن نعرف أين من هذه النباتات يمكن أن تنمو هنا.

    لا أرى أي مشكلة.

    إن كان هناك أحد قادر على حلها فهو كارفر.

    وجدت ثلاثة نباتات تزدهر في مزرع المدرسة التجريبية، هي الفاصولياء، وحبوب الصويا، والفستق. فهي تعيد الغذاء إلى الأرض، ولكن هناك مشكلة أخرى. اعتبر الطلبة كغيرهم أنها نباتات دون جدوى،ولا تستحق زرعها كمحاصيل.

    فقررت القيام باختراع بسيط لمفاجأة الطلبة، دعوتهم لتناول عشاء شهي، أعد من الخبز والبطاطا واللحم.

    هل هناك شيء لا أفهمه؟

    عندما شبع الجميع، أبلغتهم أن كل ما أكلوه مصنوع من الفاصولياء المهروسة.

    هذا اختراع هام.

    كان التوصل إلى أشياء قيمة من أخرى عديمة الجدوى، من أبرز مواهب كارفر، هنا تكمن عبقرية في الاختراع.

    رغم عمله في أنواع مختلفة من النباتات، إلا أنه ترك أثرا واضحا في زراعة الفستق.

    وصل الفستق إلى أمريكا مع تجارة العبيد، ولكنه لم يعتبر محصولا يجلب الأرباح.

    لم يتعامل أحد من الفستق جديا. يحتفظ المزارعون ببعض النباتات لإعداد الحلوى للصغار، ولكني تعلمت شيئا عن الفستق، وهو أنه يغذي التربة، كما هو حال الفاصولياء وحبوب الصويا. كما تنبهت إلى مسألة أخرى تتعلق بها، وهي أنها غنية بالبروتين.

    ما اكتشفه كارفر هو محصول يفيد المزارع الجنوبي بطريقتين، إطعام الفقراء العاجزين عن الحصول على اللحم كمصدر بروتين، وتحسين التربة لزراعة مزيد من المحاصيل.

    هل أفهم من هذا أن كارفر لم يخترع الفستق؟

    الفستق من صنع الطبيعة، وقد بحثت عن طريقة لاستعماله بحكمة.

    تكمن المشكلة بالفائض في المؤن، يمكن للمزارع اعتباره محصولا، ولكن استعمالاته كانت محدودة جدا.

    هذا منطقي، كم حبة فستق يمكن أن تأكل؟

    بدأت إجراء التجارب على الفستق. أدركت أني إذا توصلت إلى سبل استعمال الفستق، سيصبح هاما للزراعة كمحصول.

    أطلق كارفر على هذه التجارب لقب كيمياء موقد الطبخ.

    لنرى، صنعت الحبر والقهوة والدقيق وزبدة الفستق والصباغ والبلاستيك والزيوت الطبية ومواد التجميل، حتى توصلت إلى نوع من حليب الفستق.

    ثم صنع من الغلاف الداخلي الأحمر نوعا من أوراق الكتابة، ومن الغلاف الخارجي، صنع سمادا يغذي التربة ويطريها، ولوح عازل أشبه بما ينتج حديثا، وكتل وقود كالتي تستعمل في المواقد الخارجية.

    سرعان ما توصلت إلى ما يزيد عن ثلاثمائة سلعة تستخرج من الفستق، مع لائحة طويلة من وصفات الأطعمة التي تعد منه.

    ثلاثمائة سلعة تستخرج من الفستق؟

    لا شك أنه وجدا سبلا لتروج الفستق.

    الأهم من هذا هو أنه عثر على طريقة تجعل الحقول المنهكة عبر سنوات طويلة من زراعة القطن، بمجرد زراعة أنواع أخرى من المحاصيل عاما بعد عام.

    كما اكتشف كارفر سبلا أخرى لإغناء التربة إلى جانب مداولة المحاصيل.

    النفايات والبقايا وأوراق الشجر، كل النفايات العضوية القابلة للتحلل وتغذية التربة التي كانت متعطشة للتغذية.

    كان الفقراء من المزارعين يتلفون الأشياء التي تزيد من إنتاجية التربة دون أي كلفة.

    وهكذا أطلق كارفر طلابه لجلب نفايات من نوع آخر، وخصوصا منها البقايا العضوية التي جمعت وأخضعت للتجارب في حقل كلية توسكيجي. كانت النتائج حاسمة ومباشرة. خضار أكبر، ومحاصيل أوفر، وتربة أغنى.

    إنه مدهش فعلا.

    فعلا حل مشكلتين في آن معا.

    توصلت عبر أبحاثي إلى محاصيل أخرى تتناسب جدا مع تربة ألاباما، كالبطاطا الحلوة.

    أثبت كارفر للمزارعين أن البطاطا الحلوة تنمو بكميات في حقولهم، ولكن سرعان ما اتضح أنهم يستطيعون جمع كميات من البطاطا تفوق بكثير ما يمكن استهلاكه وبيعه.

    إنها نفس المشكلة التي رافقت الفستق.

    لهذا عدت إلى موقد المطبخ الكيميائي، حاولت هذه المرة البحث عن سبل أخرى لاستعمال البطاطا الحلوة.

    أعتقد أن أحدا لم يحذره من اللعب بالطعام.

    عند انتهائه من العمل، توصل إلى مائة وثمانية عشر سلعة تصنع من البطاطا الحلوة.

    مائة وثمانية عشر، كلها من البطاطا الحلوة؟

    سوف نرى، توصلت إلى الدقيق، والخل، والدبس والمطاط، وصمغ لطوابع البريد، لا حدود لما يمكن التوصل إليه عندما تبدأ بالاختراع، تكمن الفكرة في تحويل الأشياء، وتغير شيء ما إلى شيء آخر.

    والحقيقة هي أن كرافر اعتبر أن المزارع تحتوي على موارد لا تقدر بثمن، فيما أكوام من المواد التي يمكن التوصل منها إلى كل ما نحتاج إليه.

    إنها فكرة رائعة.

    قام كارفر بما يتعدى الاكتشافات وتعليم الطلبة. لقد أدرك أهمية الترويج لأهمية هذه المحاصيل وتحسين أداء المزارع. وقد أدرك من هم أكثر المستفيدين من هذه المعلومات فقراء المزارعين في الجنوب.

    نشرت كتيبات تربوية تتحدث عن هذه الأفكار الجديدة. كما سافرت من مزرعة إلى أخرى، لإرشاد العائلات، والتحدث عن سبل تحسين مستويات الحياة بتغيير أدائهم.

    أعماله الخاصة بالفستق والبطاطا الحلوة هي بعض من نماذج عبقرية كارفر، وقدراته المدهشة في تحويل شيء إلى آخر، حتى توصل في إحدى نزهاته إلى أحد الاحتمالات الهامة الأخرى.

    لاحظت أن بعض الطين في تربة ألاباما بارزة الألوان. تبين بعد التجربة أني أستطيع صنع بعض اللوحات الملونة من هذا الطين. كما أن صنعها لن يكلف شيئا.

    يمكن القول أنه وحل رخيص.

    طريف جدا.

    توصل كرافر إلى الصباغ بالمئات التي أعدها من الجذور والأعواد والفاكهة ونباتات متنوعة، وقد حصل على ثلاثمائة ترخيص اختراع كلها في عمليات الصبغ.

    لا شك أنه جمع ثروة من هذه الاختراعات.

    لم تحول غالبية اختراعاته إلى نجاحات تجارية، بل كانت ترمز إلى ضرورة عدم قبول القيم على حالها، وأنه عبر تجانس الإبداع والمعارف العلمية، يمكن التوصل إلى حلول لجميع المشاكل اليومية.

    استمتع كارفر بالشهرة التي بلغها، ولم يكترث جدا بالمال، حتى أنه حين عرض عليه العمل لدى توماس إديسون، مقابل مائة ألف دولار في العام الواحد، كانت ثروة في تلك الفترة، رفض كارفر هذا العرض.

    المهم بالنسبة لي هو أن أكون مفيدا، وأساعد الناس، والرحيل عن هذه الأرض، وهي مكان أفضل مما وجدتها.

    أعتقد أنه توصل إلى هذا.

    أصبح كارفر شهيرا، وليس غنيا، وحاز على احترام وتقدير شخصيات عديدة، من رؤساء ورجال أعمال ومرفهين، وزعماء أجانب. لقد تحول إلى رمز لقدرات المواطنين السود في مختلف أنحاء العالم.

    يعتبر كارفر إنسان شغوف متفهم، شخصية مبدعة بعقلية علمية راقية.

    تكمن عبقريته كمخترع في التوصل إلى شيء من لا شيء، وتحويل نباتات تبدو عديمة الأهمية، والتربة التي تنمو فيها، إلى منتجات ينتفع بها من هم بأمس الحاجة إليها. كما أن مشاطرة اختراعاته مع الآخرين، خلق ميراثا ونموذجا لجميع العصور.

    ——————–انتهت.

    إعداد: د. نبيل خليل

  • المخترع ( بنجمين فرانكلين ).. الذي إخترع مدفأة فرنكلين الشهيرة ..

    المخترع ( بنجمين فرانكلين ).. الذي إخترع مدفأة فرنكلين الشهيرة ..

    بنجمين فرانكلين

    كانت الحياة في أمريكا خلال القرن الثامن عشر أبسط بكثير مما هي عليه اليوم. لم يكن فيها أدوات حديثة، أو مياه جارية أو لوازم كهربائية، حتى أن الولايات المتحدة لم تكن قائمة.

    كانت حرب الاستقلال والدولة التي نشأت بعدها رهن المستقبل. أي أن الأمريكيين حينها كانوا مستعمرين بريطانيين من أتباع ملك إنجلترا، وكانت غالبيتهم العظمى من المزارعين والتجار.

    كانت مدينة فيلاديلفيا مركزا ثقافيا وتجاريا للمستعمرات، وكان يسكن في هذه المدينة كاتب وناشر وعالم ورجل الدولة.

    تبدو مجموعة كبيرة.

    ترى هل كانوا يعرفون بعضهم؟

    ليست هذه مجموعة من الأشخاص، بل جميعهم في رجل واحد. وقد ثبت أن كان هذا الرجل مخترعا كبيرا. بل هو من أوائل مخترعي أمريكا. وكان اسمه بنجيمين فرانكلين.

    =-=-=-=-=-=-=

    كان أمريكيا عالي الذكاء، وعميق الفضول، واسع الاهتمامات، متعدد المواهب. إنه بنجمين فرانكلين.

    واسع الاهتمام، هكذا يقولون عني. من أبرز اهتماماتي تذوق الأطعمة الشهية. ولكني أؤكد لكم أني لم أكن شخصا بدينا كما ترونني الآن.

    ولد فرانكلين في بوسطن وتحديدا في مستعمرة مساتشوسيس يوم السابع عشر من كانون الثاني يناير من عام ألف وسبعمائة وستة. جاء والده إلى أمريكا من إنجلترا، وفتح دكانا يبيع في الشموع والصابون.

    كان فرانكلين يحب المطالعة، ولكنه لم يجيد الحساب، أراد والده إرساله للتعلم، ولكن عدم تحمله مصاريف الدراسة جعله يخرجه من المدرسة في العاشرة لعمل في صنع الشموع والصابون.

    يبدو أنه ليس عملا سيئا.

    كنت أكره رائحة الشحوم التي تصنع منها الشموع، ورائحة السوائل المغلية التي يصنع منها الصابون.

    كان أخي الأكبر جيمس طابعا، وعندما أصبحت في الثانية عشرة ساعدني والدي كي أصبح تلميذا لديه، حتى يعلمني مهنة الطباعة.

    كانت الطباعة في تلك الفترة مفتاحا للمعلومات، إذ كانوا يطبعون أشياء مثل الصحف والبيانات والتقارير والوثائق القانونية.

    صيغ تعلم فرانكلين في عقد رسمي مدته تسعة أعوام. حتى بلغ الحادية والعشرين.

    كان عملا شاقا تعلمت المهنة خلاله بسرعة وبراعة، ولكن جيمس عاملني كالعبيد. حتى كان يضربني.

    رغم هذه الظروف القاسية، أبدى بنجمين في السادسة عشرة من عمرة كثيرا من الاحترام والخيال، اللذان رافقاه طوال حياته. عندما أصدر أخيه صحيفة نشر فيها مقالات يرسلها القراء، تحمس فرانكلين لفكرة نشر مقالة يكتبها بنفسه، ولكنه أدرك بأن جيمس لن ينشر أي شيء يكتبه. ولكنه حل هذه المشكلة بزج مقالته سرا من تحت باب المطبعة بعد توقيعها باسم مستعار هو فاعل خير صامت.

    ذكي جدا.

    أعتقد أن هناك عدة سبل للإبداع.

    وأخيرا ضاق ذرعا بسوء معاملة أخيه، فقرر الفرار قبل انتهاء فترة تعليمه.

    تعلمت خلال خمس سنوات كل ما أمكن عن مهنة الطباعة، كما جمعت مبلغا بسيطا من المال، وكانتلدي أفكار طموحة للقيام بها وحدي، خصوصا وأني أصبحت في السابعة عشرة.

    قررت البحث عن مستقبلي في نيويورك ولكني لم أجد عملا هناك لهذا توجهت إلى فيلاديلفيا.

    مدينة أخيه الحبيب؟

    هذه سخرية بعد كل المشاكل التي كانت مع أخيه.

    مشيت مسافة تقارب خمسين ميلا في أجزاء من نيوجرسي، وبعد ذلك ركبت زورقا لبقية المسافة. وصلت إلى فيلاديلفيا وليس معي سنتا واحدا، ولكني عثرت هناك على عمل كمساعد في مطبعة.

    نجح فرانكلين رغم حداثته في فيلاديلفيا، وقد عثر أخيرا على شريك أقام معه مطبعة خاصة.

    أول عمل قمت به هو طباعة الأوراق النقدية لبنسلفانيا. وأخيرا أصبحت الطابع الرسمي لجمعية بنسلفانيا، ومنها إلى مستعمرات ماريلاند ونيوجرسي وديلاور المجاورة.

    ثم بدأ فرانكلين بطباعة بنسلفانيا غازيت، وهي صحيفة أخذت تنتشر في أرجاء المستعمرات. وهكذا أصبح شخصية محترمة لها نفوذها.

    أثناء عمله في الطباعة أخذت طبيعته الإبداعية تجد متنفسا آخر. من بينها رغبته الشديدة في تقاسم الأفكار والمعلومات.

    أطلقت ناديا أسميته جونتو، وذلك بهدف مناقشة أفكار أخلاقية وفلسفية وسياسية، إلى جانب شؤون الأعمال.

    أقام فرانكلين مكتبة اشتراكات انطلاقا من أعضاء الجونتو، يدفع كل من ينضم إليها رسما، ليستعير بالمقابل الكتب التي تشتريها الكتبة. من هنا نشأت شركة مكتبات فيلاديلفيا.

    هل تعني أن فرانكلين اخترع المكتبات؟

    أقيمت المكتبات منذ ما يزيد عن ألف عام، ولم تكن جميعها خاصة. ولكن الكتب في أمريكا كانت باهظة الثمن، لا يستطيع شراءها إلا الأغنياء، فكانت هذه أول مكتبة عامة في المستعمرات الأمريكية، سمحت للمستوطن العادي الحصول على كتب من مختلف الأنواع.

    أي أنه لم يخترع المكتبة، بل توصل إلى طريقة مختلفة في استعمالها.

    يبدو أن الاختراع يتخطى حدود الأشياء والآلات.

    آمنت بضرورة تحسين الناس لأوضاعهم عبر التعليم، وبعد ذلك يطبقون ما يتعلمونه لتصبح حياتهم أفضل، وحياة العالم أفضل. لهذا بدأت بنشر تقويم رتشارد المسكين.

    من هو المسكين رتشارد؟

    وما هو التقويم؟

    رتشارد المسكين هو شخصية اصطنعها فرانكلين، والتقويم هو كتاب ينشر مرة في العام ويحتوي على تقويم ومعلومات حول مواضيع مثل مراحل المد والجزر ومراحل القمر ومواسم المحاصيل والمناخ.

    كنت كثير الاهتمام بالمناخ وقد درسته عن قرب. حتى أني طاردت الإعصار القمعي على حصاني مرة لمعرفة سبب دورانه بهذه الطريقة. حاولت في التقويم أن أتوقع المناخ.

    أثار فرانكلين عدة تساؤلات حول المناخ، وقد أدرك أن قدرته على توقع المناخ ببعض الدقة سيعود بالنفع الكبير على الجميع وخصوصا المزارعين. كان من أوائل الأمريكيين الذين أجروا دراسات علمية مكثفة في محاولة لإيجاد عناصر تؤثر في المناخ.

    استعنت بشخصية المسكين رتشارد كوسيلة لإسداء النصائح، عبر مجموعة من المقولات والأمثلة الشعبية التي شملتها في التقويم.

    تحولت الأمثلة والأقوال التي جمعها إلى جزء من الثقافة الأمريكية، ومنها مثلا..:

    لا يوجد أي مكسب، بدون ألم.

    و..:

    النوم والصحو باكرا ضمانة للصحة، والثروة، والحكمة.

    سمعت شيئا كهذا.

    نشر فرانكلين تقويمه سنويا من عام ألف وسبعمائة واثنين وثلاثين إلى عام ألف وسبعمائة وثمانية وخمسين. حتى قيل أن الناس في المستعمرات كانوا يقرءون رتشارد المسكين أكثر من أي كتاب آخر باستثناء الإنجيل.

    وكأنه الأكثر مبيعا.

    كانت منجم ذهب لفرانكلين، ولكنه لم ينشرها من أجل المال وحده، بل اراد مساعدة الناس أيضا. قام فرانكلين بعدة أشياء لجعل فيلاديلفيا أفضل مكان للعيش.

    نسقت مجموعة حراس مأجورة تقوم بدوريات ليلية في المدينة. حتى أني أقمت أول شركة إطفاء فيها، ولم يكن لديها إلى دلاء من المياه لتمريرها بين الرجال. كما أقمت شركة تأمين ضد الحرائق. وكثيرا ما قلت أن درهم وقاية خير من قنطار علاج.

    يبدو أنه كان حلاّل مشاكل حقيقي.

    أعتقد أن هذا ما يفعله جميع المخترعين فهم يحلون المشاكل بطريقة أو بأخرى.

    مع أنه كان في البداية بعد. قدم فرانكلين اقتراحا بتعبيد شوارع فيلاديلفيا وتنظيفها.

    تنبهت إلى أن تماسك المجتمع وعمله المشترك، سيعود على المواطن العادي ببعض الفوائد والخدمات التي لا ينعم فيها إلا الأثرياء وحدهم.

    وقد جاء بفكرة إنشاء أكاديمية تولت إلى جامعة بنسلفانيا، وبعد سنوات قليلة ساهم بتأسيس أول مستشفى أمريكي في فيلاديلفيا.

    حين تحسن للآخرين، تحسن لنفسك أيضا، فالأشياء التي تؤثر في المجتمع تؤثر على جميع من فيه.

    في مجال آخر من اختراعاته العبقرية كرس فرانكلين اهتمامه بمسألة هامة تتعلق بالتدفئة المنزلية.

    رأى فرانكلين أن غابات بنسلفانيا تقطع من أجل الوقود، ثم تنبه إلى أن المواقد تبدد غالبية الحرارة الناجمة عن حرق الأخشاب.

    اخترعت مدفأة على الخشب توضع في وسط الغرفة لتوزيع الحرارة من حولها، فتضمن مزيدا من الدفء، بكمية أقل من الوقود.

    وهكذا ولدت مدفأة فرنكلين الشهيرة التي أضيفت إليها بعض التعديلات واستمرت بتدفئة المنازل الأمريكية لمائتي عام. وما زال تصميمها الأساسي قائما حتى اليوم.

    لا شك أنه جمع ثروة هائلة منها.

    ما يثير الدهشة بفرانكلين كمخترع هو أنه لم يحصل على براءة في أي اختراع توصل إليه. وكأنه لم يسع إلى جمع المال.

    فكرت على الشكل التالي: أستخدم يوميا أشياء كثيرة مما اخترعها الآخرين دون أن أدفع ثمنها، فلماذا أجبر الناس على دفع ثمن أفكاري؟ يكفيني التمتع بتقديم المساعدة للآخرين.

    عام ألف وسبعمائة وثمانية وأربعون أدرك فرانكلين أنه بحالة مالية آمنة. فقرر بيع المطبعة وتكريس بقية حياته للتجارب والأبحاث.

    قررت أن أصبح أستاذ عصري. كثيرا ما قلت أني أفضل العيش مفيدا وأموت غنيا.

    لا شك أن هذا الرجل فريد من نوعه.

    طبيعة فرانكلين الفضولية دفعته لإجراء البحوث والتجارب على قوة مدهشة غامضة، تعرف باسم الكهرباء.

    لم يعرف الكثير عن الكهرباء في بداية القرن الثامن عشر. ولكن أبحاث فرانكلين غيرت هذا الواقع وساعدت في إعادة بناء العالم.

    قلة من العلماء كانوا يتعاملون مع الكهرباء جديا في عصر فرانكلين.

    بما أنهم لم يدركوا حقيقة ما يتعاملون به من صدمات كهربائية، كان المجربين مثل فراكلين يعرضون أنفسهم لمخاطر يجهلونها.

    أجريت مئات التجارب، مرة بعد أخرى سجلت فيها بدقة وحللت النتائج.

    يتحدث كالعلماء فعلا.

    عام ألف وسبعمائة وسبعة وأربعون بدأ فرانكلين يكتب عن نظرياته المتعلقة بالكهرباء، التي وصف فيها تجاربه، كما وضع التعابير التي ما زالت تستخدم حتى اليوم في الكهرباء، كما هو حال السالب والموجب والبطارية والشحن.

    والسؤال هنا هل البرق والكهرباء متشابهان؟ أعتقد شخصيا أنهما هكذا.

    أشار فرنكلين في ملاحظاته إلى أن البرق ينجذب إلى الأشياء المروّسة التي تبرز فوق محيطها.

    اقترحت إجراء تجربة. لنختر مكانا مرتفعا ونضع فوقه قضيب حديدي طويل. وعند مرور عاصفة رعدية، سنرى أنه سيجذب البرق لتنجم عنه الشرارات.

    المفارقة هي أن هذه التجربة كانت قد أجريت من قبل عالم فرنسي قبل أن يجريها فرانكلين شخصيا، وكان الفرنسي قد قرأ التجربة التي اقترحها فرانكلين.

    أثبتت النتيجة أن فرانكلين كان على حق، البرق والكهرباء هما الشيء نفسه.

    الفكرة من وجهة نظري هي نوع من الاختراعات، وأرى ضرورة نشرهما ما. هكذا تتزايد المعارف، وتتحسن الأمور. ولهذا تكلفت عناء كتابة نظرياتي ونتائج تجاربي وإيصال أفكاري للآخرين.

    إنها فكرة رائعة، لنتقاسم المعارف.

    كانت الأخبار تنقل ببطء في عصر فرانكلين، لم يدرك فرانكلين أن أفكاره قد طبقت، فوضع خطة لتنفيذ تجربة البرق بنفسه.

    لا شك أن هذا كان خبرا رائعا في أمريكا.

    لم يخبر فرانكلين أحدا عن تجربته باستثناء ابنه وليام البالغ من العمر اثنين وعشرين عاما. لم يفهم الناس ما هو البرق حينها، ولكنهم كانوا يعرفون قدرتها التدميرية الهائلة.

    الفكرة التي حاول إثباتها هي أن البرق والكهرباء هما الشيء نفسه. لم تكن هذه مسألة مثبتة، حتى أثارت بعض الجدل. كما أن فرانكلين لم يشأ أن يسخر منه الناس علنا إن ثبت أنه على خطأ.

    كنت أعرف أن الكهرباء تمر عبر مواد كالمعادن بسهولة، فأطلقت عليها لقب موصلة.

    هذه كلمة أخرى يخترعها فرانكلين.

    أرد التأكد أنه إن كان البرق يمر عبر الموصل، يعني ان البرق والكهرباء متشابهان. لاحظت أن البرق عادة ما يصعق المباني والأشياء العالية، لهذا كنت بانتظار الانتهاء من بناء برج في كنيسة فيلاديلفيا لتجريب نظريتي.

    ولكن عملية البناء طالت، فلجأ فرانكلين إلى خطة جديدة، إن كان من الضروري حمل موصل إلى نقطة عالية، فلماذا لا يجرب طائرة ورقية؟

    هذا ما حدث إذا؟

    أعددنا الطائرة الورقية التي صنعت من قطعة قماش من الحرير ثبتت بأعواد خشبية، واستعملنا خيط لربطها بالمفتاح المعدني، الذي شكل موصلا لنا.

    توقعنا اقتراب أول عاصفة رعدية في شهر حزيران، فمرت مجموعة من الغيوم الداكنة فوق رؤوسنا دون أي تأثير. ثم رأيت بعض خيوط الطائرة تنتصب وترفض بعضها البعض. فأدركت أن الشحنة الكهربائية تمر عبرها.

    وضعت يدي في نفس اللحظة على المفتاح لأشعر بالشرارة وبالشحنة، فأدركت أنها الكهرباء فعلا، دون أي مجال للشك.

    أي أن البرق لم يصعق الطائرة الشراعية.

    من حسن حظ فرانكلين.

    الشحنة نفسها التي أنتجت البرق عبرت الخيط وصولا إلى المفتاح.

    حين علمت ما هو البرق وما هو سلوكه، وجدت طريقة لحماية المباني من الصواعق، لا أحتاج إلا لنصب قضيب حديدي على السطح، وربطه بسلك يمتد منه إلى الأرض. ما يجعل الصاعقة تمر بعيدا عن المبنى.

    سرعان ما أصبح عامود الصواعق شائعا في جميع أنواع المباني، لتخفف بهذا خطر الحرائق الناجمة عن الصواعق. ما تستخدم حتى اليوم، وهي مشابهة جدا لما صنعه فرانكلين. أزال فرانكلين هالة السرية عن البرق، وانتزع منه فتيل الخطر من خلال هذه التجربة وما نجم عنها من اختراع. قد لا نتمكن من تقدير حجم الممتلكات والأرواح التي تم إنقاذها عبر هذا الاختراع.

    هذا مثال آخر لمساعدة فرانكلين للناس باختراعاته.

    لا شك أن فرانكلين اخترع عدة أشياء ساهمت في تحسين مستوى حياة الناس. ولكنه كان يحب الموسيقى جدا، حتى أنه اخترع أداة موسيقية، عرفت بالهرمونيكا الزجاجية، مستلهما بحفل موسيقي حضره في لندن.

    عاش فرانكلين جزءا من حياته في إنجلترا، بلغت سبعة عشر عاما، كممثل لمصالح بنسلفانيا وعدد من المستعمرات الأخرى.

    ولكن العلاقات بين المستعمرات وإنجلترا أصبحت متوترة. وفي أواسط ألف وسبعمائة وسبعين، اتضح أنه لا مفر من الحرب .

    مع إعلان الاستقلال الأمريكي تحول فرانكلين إلى العمل الدبلوماسي، فسافر إلى أوروبا محاولا إقناع فرنسا لمساعدة المستعمرات في حربها ضد بريطانيا. كانت مفاوضات حساسة، ولكن سمعة فرانكلين وشهرته بالتوافق مع مهارته في التواصل، أدت جميعها إلى النجاح.

    قلة من الناس لعبوا دورا أهم من بنجمين فرانكلين في قيام الولايات المتحدة. كانت المساعدات العسكرية والمالية القادمة من فرنسا أساسية جدا للنصر في حرب الاستقلال. لقد ساعد في كتابة بيان الاستقلال وتوقيعه. كما وقع على الدستور أيضا.

    كان فرانكلين الأكبر سنا بين المؤسسين، وقد حاز على احترام شخصيات مثل جورج واشنطن وتوماس جيفرسون.

    رغم أنه أصبح رجل دولة معروف، ورغم تقدمه في السن، لم يتوقف فرانكلين عن الاختراعات. وكان عملي جدا يبحث عن حلول لمشاكل جديدة كان يلحظها.

    لاحظ فرانكلين على سبيل المثال أنه على ممر السنين كان ضوء النهار يوميا يتغير مع الفصول، فاقترح تعديل الساعة عدة مرات في العام، ليستفيد الناس من ضوء النهار. وما زالت هذه الممارسة مستمرة وهي تعرف بتوفير إنارة النهار.

    كان نظري ضعيفا. لم أواجه مشكلة في رؤية الأشياء البعيدة فحسب، بل وحين كبرت، بدأت لا أرى الأشياء القريبة أيضا. عند القراءة مثلا.

    كان لدي نظارتين، الأولى لرؤية الأشياء البعيدة، والأخرى لرؤية عن قرب. ولكني تعبت من حملهما واستبدال الأولى بالثانية، لهذا فكرت بالمزج بين النظارتين في نظارة واحدة تمكنني من الرؤية عن بعد وعن قرب في آن معا.

    انطلق فرانكلين من حاجته الخاصة لصنع نظارة بنوعين من العدسات الزجاجية.

    نوعين من العدسات، نظارة والدي شبهة بها.

    هذه فكرة رائعة أخرى.

    اشتهر فرانكلين في أوروبا كعالم ودبلوماسي، وأحبه الناس في أمريكا كشعبي وفيلسوف ومفكر ومبدع محترم،ذلك أنه رأى العالم بطريقة لا تعرفها إلا قلة من الناس.

    سار فرانكلين خلف فضوله الدائم، ورغبته في رؤية العالم أفضل مما هو عليه، فتوصل إلى عدد من الاختراعات المفيدة والعملية والهامة جدا. كما دفعته القناعة بقيام دولة أمريكية وبراعته في العمل الدبلوماسي، إلى المساهمة في قيام ما يعتبر من أهم اختراعاته: الولايات المتحدة الأمريكية.

    ——————–انتهت.

    إعداد: د. نبيل خليل

  • في 26 آذار/ مارس الماضي، احتفلت الأوساط الأدبية والفكرية بالذكرى الــ 36 لرحيل ( رولان بارت )، وكانت السنة الماضية مئوية ولادته

    في 26 آذار/ مارس الماضي، احتفلت الأوساط الأدبية والفكرية بالذكرى الــ 36 لرحيل ( رولان بارت )، وكانت السنة الماضية مئوية ولادته

    (بارت، 1915 – 1980) "رولان بارت": وجوه متعدّدة للسيميولوجي

    “رولان بارت”: وجوه متعدّدة للسيميولوجي

    صفاقس – العربي الجديد

    11 أبريل 2016م

     في 26 آذار/ مارس الماضي، احتفلت الأوساط الأدبية والفكرية بالذكرى 36 لرحيل رولان بارت، وكانت السنة الماضية مئوية ولادته، وقد شهدت الكثير من الفعاليات التي تستعيده، ولا يزال الأمر كذلك في 2016.
    • بداية من الغد، تنطلق فعاليات ندوة دولية بعنوان “رولان بارت ذو الوجوه المتعددة” تنظمها كل من جامعة صفاقس واتحاد الكتاب التونسيين، وتقام فعالياتها في مدارج “المعهد العالي للفنون والحرف” في صفاقس.

    يشارك في الندوة باحثون من تسعة بلدان؛ هي تونس والمغرب والجزائر وليبيا ومصر ولبنان والعراق وفرنسا وإيطاليا. وإضافة إلى تعدّد البلدان التي ينتمون إليها، نجد تعدداً في اختصاصات الباحثين، بين السيميولوجيا والأنثروبولوجيا والفلسفة والأدب والفنون الجميلة. ولعل أبرز ما تقدّمه استعادة بارط هو هذا التفاعل المعرفي العابر للاختصاصات.

    المحاضرة الافتتاحية يقدّمها السيميولوجي المغربي سعيد بنكراد، وهي بعنوان “السيميولوجيا والتجربة البصرية عند بارت”، لتنطلق بعدها الجلسات العلمية. ستكون الأولى بعنوان “بارت في المشهد الثقافي”؛ من المشاركين فيها محمد عبد الحميد المالكي (ليبيا) حول “أهمية بارت في التمهيد للقطيعة الإبستيمولوجية الكبرى” والباحثة اللبنانية أسماء الشملي بورقة “بارت وما بعده بمنظور ثقافي أنثروبولوجي”.

    الجلسة الثانية، والتي تقام مساء اليوم الأول من الندوة، ستكون بعنوان “النص والتناص عند بارت” من المشاركين فيها مصطفي الكيلاني (تونس) بمداخلة “التناص بارتياً في القراءة والكتابة” وحسن لشكر (المغرب) بـ “سردية الحكاية”.

    في اليوم الثاني، تقام الجلسات العلمية التالية؛ “النقد السيميولوجي” و”لذة النص والكتابة” و”الأسطوريات والتأويل” وهي جلسة تقام باللغة الفرنسية، كما هو الحال مع أولى جلسات اليوم الثالث “بارط والسيميولوجيا”، وإضافة إليها تقام الجلسة الأخيرة “بارط في الثقافة العربية”، وتليها المحاضرة الاختتامية التي يلقيها فريد الزاهي وهي بعنوان “بارت وعبد الكبير الخطيبي: مرايا القراءة التفاعيلة”.

  • قصيدة: وروسِ السنابل يولعو وجنود فوق السّرجْ .. شعر : *عبـَّاس سليمان علي – ســ 16/4/20133 ــورية

    قصيدة: وروسِ السنابل يولعو وجنود فوق السّرجْ .. شعر : *عبـَّاس سليمان علي – ســ 16/4/20133 ــورية

    ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
    وروسِ السنابل يولعو
    وجنود فوق السّرجْ
    عن مجد أوطان الشرفْ عم يدفعو
    حتى الشمس تضوي الصبح
    حتى البدرْ ..
    حتى النجومِ يـْشعشعو
    ســ 16/4/20133 ــورية *عبـَّاس سليمان علي
    ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
    Shadia Alhmo
    Shadia Alhmo سلمت حروفك الرائعة
  • حفل العدد الجديد من مجلة “دوائر الإبداع” الفصلية الصادرة عن جامعة دمشق بدراسات في مجالات الآداب وعلم الاجتماع وإضاءات على التراث ..

    حفل العدد الجديد من مجلة “دوائر الإبداع” الفصلية الصادرة عن جامعة دمشق بدراسات في مجالات الآداب وعلم الاجتماع وإضاءات على التراث ..

     دراسات نقدية واجتماعية في العدد الجديد من مجلة دوائر الإبداع

    دمشق-سانا

    حفل العدد الجديد من مجلة “دوائر الإبداع” الفصلية الصادرة عن جامعة دمشق بدراسات في مجالات الآداب وعلم الاجتماع وإضاءات على التراث وعدد من القصص والقصائد لكوكبة من الكتاب السوريين والعرب.

    وجاءت افتتاحية العدد بقلم رئيس التحرير الدكتور طالب عمران بعنوان.. “أسفار الكشف والدخول في التفاصيل” طرح فيها قصة واقعية جرت معه وشكلت له تجربة إنسانية أضافت إلى رصيده المعرفي.

    وجاء في باب الدراسات “قراءة في كتاب الميتافيزيقيا” كتبها الدكتور مخلص الريس و”دراسة حول الجدوى الاقتصادية للتعلم باللغة الأم” للدكتور نزار عبد الله وكتب حسين سباهي عن “سيكولوجية التنشئة الاجتماعية” وتضمن القسم المعني بالتراث مقالا بعنوان “بلاد الشام في العصر الروماني” بين فيه الدكتور خليل سارة أن الأباطرة الرومان عرفوا مكانة المدن السورية المهمة وساهموا في ازدهارها وتطورها على عدة أصعدة وأولوها عناية خاصة.

    وكتب محمد ياسر منصور عن “محاكمة سقراط” بينما كتب هواش الصالح عن “النساء والحرب والشعر” تحدث فيها عن نماذج من شاعرات الجاهلية بينما تضمن الملف الإبداعي للمجلة عدداً من النصوص الأدبية من شعر وقصة حيث كتب الأديب غسان كامل ونوس قصيدة بعنوان “مهد” وحملت قصيدة الدكتور كمال حسين عنوان “أراك ولا تراني” بالإضافة إلى 8 قصص تنوعت موضوعاتها وآليات السرد فيها.

    وفي باب “أعلام ومفكرون” كتب الدكتور راتب سكر عن المفكر السوري عبد الرحمن الكواكبي معتبراً أنه أسس لمشروع مستقبلي مستمر وكتب عبد الله الشيخ عن الشاعر نديم محمد في دراسة مطولة بين فيها الخصائص الفنية لإبداعاته مؤكداً أن منجز الشاعر لم يأخذ حقه من الاهتمام في الأوساط الثقافية والنقدية العربية.

    وكتب الناقد سامر منصور دراسة بعنوان “قضايا كبرى في نصوص قصيرة” متخذا الأديب جبران خليل جبران نموذجاً حيث رأى في دراسته أن مؤلفات جبران حوت نصوصا قصيرة أهم من مؤلفاته الروائية لما تحتويه من طرح فكري عميق ونفس فلسفي ولكونها جعلت من جبران “رائد النص المفتوح على قراءات متعددة في الأدب العربي” وفق تعبيره.

    واختار محمد مروان مراد أن يسلط الضوء على الشاعر الجواهري ملقباً إياه بمتنبي العصر والشاعر الخالد.

    وفي باب المتابعات كتبت الدكتورة ريما الدياب عن “رمزية الطيور في الأدب” بالإضافة إلى إضاءات كوفمان ترجمة .. سوسن قاسم عزام.

    محمد خالد الخضر

  • بالسويداء فعاليات ملتقى النحت البازلتي المركزي الثاني للعام 2017م

    بالسويداء فعاليات ملتقى النحت البازلتي المركزي الثاني للعام 2017م

     فعاليات ملتقى النحت البازلتي المركزي الثاني بالسويداء

    السويداء-سانا

    انطلقت اليوم فعاليات ملتقى النحت البازلتي المركزي الثاني الذي تقيمه مديرية التربية في السويداء بالتعاون مع معهد الفنون التشكيلية والتطبيقية في المحافظة ويستمر لمدة شهر كامل. 

    ويشارك في الملتقى 11 فناناً نحاتاً من محافظات السويداء ودمشق والقنيطرة وطرطوس واللاذقية ودير الزور حيث سينجز كل واحد منهم عملاً فنياً نحتياً من مادة البازلت.

    وأشار محافظ السويداء عامر ابراهيم العشي خلال افتتاحه الملتقى إلى أن هذه التظاهرة الفنية هي رسالة للعالم أجمع بأن سورية بخير وتمتلك كل مقومات الإبداع عبر إنجاز منحوتات تحكي قصص الشهادة والمحبة والسلام مبيناً أن الملتقى يمثل تأكيداً على وقوف النحاتين السوريين إلى جانب الجيش العربي السوري في مواجهة الإرهاب والفكر التكفيري.

    وبين مدير التربية في السويداء هيثم نعيم أن الملتقى في نسخته الثانية تعبير عن لغة الجمال والتميز لدى الفنانين النحاتين ورسالة تربوية وفنية مفادها أن السوريين قادرون على تقديم ثقافة الحياة والجمال والإبداع في مواجهة ثقافة الموت والقتل والتخريب والإرهاب.

    بدوره أوضح المدير التنفيذي للملتقى الفنان النحات محمد جودية أن الملتقى يشكل مجالاً رحباً للنحاتين المشاركين لتبادل الخبرات وصقل تجاربهم وإظهار إبداعاتهم في تقديم منحوتات متميزة من مادة البازلت التي تعد خامة نبيلة تتميز بها محافظة السويداء.

    يشار إلى أن النحاتين المشاركين هم الدكتور فؤءاد طوبان وهشام الغدو وفيصل ذياب وهشام رومية ويامن يوسف وأنور رشيد وأسامة عماشة ونشأت الحلبي وسوزان أبو سعدة وسمير حمشو ووائل هلال حيث سيتم أنجاز أعمال نحتية بأحجام تصل لارتفاع مترين تقريباً.