Author: almooftah

  • تعرف بالصور ( مغاره الشموع ) أومغارة سوريك أوكهف الحليمات العليا –  فى القدس – فلسطين

    تعرف بالصور ( مغاره الشموع ) أومغارة سوريك أوكهف الحليمات العليا – فى القدس – فلسطين

    كهف الحليمات العليا – مغارة سوريك في فلسطين مغارة الشموع في القدس

    بالصور :مغاره الشموع فى القدس أو كهف الحليمات العليا – أومغارة سوريك
    مغارة سوريك في فلسطين مغارة الشموع في القدس
    كهف الحليمات العليا – مغارة سوريك في فلسطين مغارة الشموع في القدس كلها مسميات لكهف يتحدث عن اسرار يقع مغارة أو كهف سوريك (الحليمات العليا )على المنحدرات الغربية لجبال فلسطين. مساحته حوالى 5000 متر مربع ، الكهب من اكثر الكهوف مثير للاعجاب لانه يتشكل به رسومات واشكال غريبه . وقد تم اكتشاف هذا الكهف بطريق الخطأ في مايو 1968،وذلك اثناء تفجير من التفجيرات وظل بعد اكتشافه سر لا يعرفه احد لاسباب غير معلومه. ويقول علماء الجيولوجيا، تم تشكيل الكهف سوريك منذ حوالي 25 مليون سنة مضت، ودرجات الحراره داخل الكهف ثابته لا تتغير على مدار العام الشكل من الداخل هناك هوابط من سقف المغاره وصواعد من الارض واحيانا تلتحم الهوابط مع الصواعد محدثه
    تشكيلات أخرى تشبه الرفوف أو قطع القماش والفروع والاشكال والرسومات الغريبه والتى ربما تحدثنا عن شىء ما وهناك أشياء أخرى كثيرة.و أنماط غريبة في هذا الكهف و تتشكل هابطات وصاعدات من المياه المتدفقة من السقف إلى أرضية الكهف،مع ذوبان الحجر الجيري في الطريق. على مدى مئات الآلاف من السنين، أودعت كل قطرة من المياه المعدنية لتكون طبقة رقيقة من الكالسيت على السقف وعلى الأرض . مما تعطي الوقت الكافي لتكوين هذه الطبقات الصغيرة التى تضيف وتعمل على تشكيل الأعمدة من كربونات الكالسيوم وتكوين مقرنصات ذات اشكال غريبه وغير مفهومة.








  • مخطط بناء كاتدرائية القديس بولس أوالفاتيكان ( الدول الأصغر في العالم  ومركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية)

    مخطط بناء كاتدرائية القديس بولس أوالفاتيكان ( الدول الأصغر في العالم ومركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية)

    كاتدرائية القديس بولس
    من ويكيبيديا
    كاتدرائية القديس بولس هي أضخم كاتدرائية بورتيستانتية في العالم، ورابع كاتدرائية تم بناؤها في الموقع. تقع الكاتدرائية في لندن، إنكلترا. تزيد سماكة بعض جدارنها عن خمسة أمتار، وتقدر التكلفة الإجمالية لبناء هذه الكاتدرائية بما يزيد عن 804.000 جنيه إسترليني: أي ما يعادل 1.5 مليار دولار أمريكي في وقتنا الحالي. تتألف قبة الكاتدرائية في الواقع من ثلاث قباب – قبة خارجية رئيسية، وقبة داخلية زخرفية والقبة الرائعة في الوسط المصنوعة من الطوب كي تحمل المشكاة الحجرية التي يبلغ وزنها 850 طن. قام جرينلنج جيبونز، النحات الأول في لندن آنذاك، برسم وجوه الملائكة استناداً إلى وجهي طفلين توأمين، غير أن كل واحد منها ينفرد بما يميزه عن الآخر. 4. أما العنصر الأبرز في كاتدرائية القديس بولس فهي القبة، التي يعتليها صليب ذهبي يبلغ ارتفاعه 111 متر عن سطح الأرض. في عام 940، وخلال معركة بريطانيا، تعرضت الكاتدرائية لقصف مباشر بالمدافع؛ وتم آنذاك إزالة قذيفة غير منفجرة، في محاولة بدت جد خطيرة، كانت موجودة قرب واحد من جدران الكاتدرائية. تم دفن العديد من الفرسان البارزين والفنانين والمفكرين في سرداب كاتدرائية القديس بولس، ومنهم اللورد نيلسون والدوق ويلينجتون.
    Peter and Paul Cathedral
    From Wikipedia
    For other uses, see Cathedral of Saints Peter and Paul.
    Saints Peter and Paul Cathedral, Saint Petersburg.
    The Peter and Paul Cathedral (Russian: Петропавловский собор) is a Russian Orthodox cathedral located inside the Peter and Paul Fortress in St. Petersburg, Russia. It is the first and oldest landmark in St. Petersburg, built between 1712 and 1733 on Zayachy Island along the Neva River. Both the cathedral and the fortress were originally built under Peter the Great and designed by Domenico Trezzini. The cathedral’s bell tower is the world’s tallest Orthodox bell tower. Since the belfry is not standalone, but an integral part of the main building, the cathedral is sometimes considered the highest Orthodox Church in the world.
    Contents
    الفاتيكان: أصغر دول العالم لكنها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية
    موقع العرب وصحيفة كل العرب – الناصرة (تصوير: Xinhua News Agency)الاربعاء, 25 كانون الاول 2013 14:50:47 اضف تعقيب ارسل لصديق ارسل للمحرر نسخة للطباعة
    رغم كونها أصغر دول العالم سكانًا ومساحةً فهي تستقي دورها وأهميتها من كونها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في العالم والتي يربو عدد أتباعها على 1.147 مليار نسمة
    شارك في نشر الخبر:
    مدينة الفاتيكان المعروفة رسميًا باسم دولة مدينة الفاتيكان، هي أصغر دولة من حيث المساحة في العالم وتأخذ شكل شبه إهليلجي في قلب مدينة روما عاصمة إيطاليا التي تحيط بها من جميع الجهات ويفصلها عنها أسوار خاصة؛ تبلغ مساحة الفاتيكان 0.44 كم مربع ويقارب عدد سكانها 800 نسمة فقط وتعتبر بالتالي أصغر دولة في العالم من حيث عدد السكان أيضًا.
    ورغم كونها أصغر دول العالم سكانًا ومساحةً فهي تستقي دورها وأهميتها من كونها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في العالم والتي يربو عدد أتباعها على 1.147 مليار نسمة، كذلك من كونها تحفظ في متاحفها وأرشيفها مجموعة من أرقى المنتوجات الفنية للجنس البشري على مر العصور، فضلاً عن القضايا السلمية والأخلاقية التي تدافع عنها.
    لغات
    لا تأخذ الفاتيكان بأي لغة على أنها لغتها الرسمية، لكن لغة الكرسي الرسولي الرسمية هي اللاتينية، وتستعمل الإيطالية في الفاتيكان بشكل واسع بحكم الأمر الواقع، كذلك حال اللغة الألمانية؛ وإلى جانب هذه اللغات يعترف الكرسي الرسولي بثمان وثلاثين لغة أبرزها: الإسبانية، الفرنسية، البولندية، البرتغالية، والإنكليزية، وتغطي هذه اللغات نسبة كبيرة من اللغات المنتشرة بين كاثوليك العالم.

    تعرف على ( كاتدرائية القديس بطرس البابوية في إبطالية Basilica Papale di San Pietro in Vaticano )
    JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ
    المخطط وعملية البناء
    طلائع المشروع: نيكولا الخامس وخلفاءه
    المخطط الأول لبناء الكاتدرائية، صليب إغريقي ضخم متساوي الأذرع.
    كان بناء الكنيسة القسطنطينية قد أخذ بالتداعي بعد اثني عشر قرنًا على بناءها، ورغم محاولات البابا مارتن الخامس بعد الانتهاء من انشقاق أفينغون ترميم الكنيسة إلا أن البناء قد ظل متداعيًا. فكان ذلك الحافز الأساسي لفكرة الإصلاح والتوسع، طلب البابا نيكولا الخامس من المهندس برناردو روسيلينو وضع مخططات جديدة لترميم الكنيسة ومن ثم طلب منه لاحقًا وضع مخططات جديدة للبناء عام 1452، كان روسولينو مهندسًا بارزًا وقد عهد إليه أيضًا تحسين المخطط المعماري لمدينة روما،[18] وقد قام روسولينو بتقديم مخططاته القائمة على شكل صليب إغريقي متساوي الأذرع ومن ثم نقل حوالي 2500 قطعة حجر للشروع بالبناء من مقالع روما، لكن البابا توفي بعد فترة وجيزة عام 1455 ولم يكن قد أنجز من العمل سوى القليل؛[19] لم يهتم خلفاء نيكولا الخامس بالمشروع أو بمتابعة ترميم الكنيسة أو إعادة بنائها ولعبت القلاقل السياسية الدور البارز في ذلك، حتى حبرية البابا بولس الثاني الذي طلب من المهندس جوليانو دا سانغالو الشروع بدراسة المخططات السابقة وتعديلها غير أنه عاد فجمد المشروع عام 1471،[20] وظل المشروع مجمدًا طوال ثلاث عقود توالى فيها أربعة بابوات هم: سيكتوس الرابع (1471 – 1484) وإينوسنت الثامن (1484 – 1492) وألكسندر الرابع (1492 – 1503) وبيوس الثالث (1503)، غير أن المشروع قد عاد إلى التداول من جديد خلال حبرية يوليوس الثاني.
    الشروع بالبناء: يوليوس الثاني وخلفاؤه[عدل]
    المخطط الثاني لبناء الكاتدرائية المقدم من اللجنة الهندسية برئاسة رافاييل: صليب لاتيني تقع القبة الكبرى في تقاطع ذراعييه.
    أصبح يوليوس الثاني حبرًا أعظم عام 1503 وعرف عنه دعمه للفنون وبنوع خاص الفن والنحت ونقل عنه أنه أراد أن يجعل من كاتدرائية القديس بطرس: أعظم بناء في العالم المسيحي، ويعود له أيضًا بناء كنيسة سيستين المجاورة لكاتدارئية القديس بطرس وتزيينها. كانت هناك العديد من العوامل المساعدة للبابا، فمن ناحية كانت روما تنعم بالاستقرار السياسي والوفرة الاقتصادية، ومن ثم كانت الكنيسة القديمة آخذة بالتداعي حتى خيف من انهيارها وسوى ذلك فإنها لم تكن تستوعب أعداد الحجاج المتزايدين إلى ضريح القديس بطرس؛ اقترح عدد من المهندسين على البابا فكرة فصل ضريح القديس بطرس عن الكنيسة، لكنه رفض ذلك وقرر العودة إلى خطط البابا نيكولا الخامس بتشييد بناء جديد بالكامل، ومن ثم كلّف المهندس دوناتو برامنتي دراسة المخطط القديم الذي وضع أيام حبرية نيكولا الخامس وتعاقد مع مايكل آنجلو لنحت عدد من التماثيل لتزيين الكنيسة. كان برامنتي كبير مهندسي روما وله خبرة طويلة في بناء الكنائس والكاتدرائيات، وفي ما يخصّ بناء الكاتدرائية، أجرى برامنتي بضع تعديلات طفيفة على المخطط السابق، لكنه أبقى على الصليب الإغريقي ذي الأذرع المتساوية على أن تشيد القبة الكبرى في منطقة تقاطع ذراعي الصليب مع وجود أربع قبب أخرى أصغر حجمًا على كل ذراع، والحفاظ على الحنية التقليدية لناحية الشرق من بناء الكنيسة.[21] مخطط برامانتي لم يكن خاليًا من الصعوبات الهندسية وفق معطيات فترة عصر النهضة، وكان المخطط موضع النقاش في عدد من المحافل الرسمية، ولا يزال القسم الأكبر من المخططات وتعديلاتها والتعليقات عليها، محفوظة في عدد من المتاحف خصوصًا في معرض أوفيزي في فلورنسا. في 18 أبريل 1506 وضع البابا حجر الأساس لبناء الكنيسة الجديدة، غير أن الكنيسة القسطنطينية لن تهدم دفعة واحدة وبالكامل وإنما على مراحل، حيث امتدت عملية البناء حوالي القرن من الزمن.[18]

    توفي برامنتي في 11 أبريل 1514 فشكل الكرسي الرسولي برئاسة البابا ليون العاشر لجنة من ثلاث مهندسين هم أنتونتيو دي سانغالو ورافاييل والراهب غيوكوندو دافيرونا؛ كانت الحالة معقدة إذ تم هدم النصف الشرقي من الكنيسة القديمة ولم تنتهي عمليات بنائها بعد. تزامن ذلك مع ظهور مارتن لوثر والانشقاق البروتستانتي الذي هزّ الكنيسة الكاثوليكية، وأثر سلبًا على التمويل اللازم لاستكمال علميات البناء، خصوصًا أن جزءًا من التمويل كان قادمًا من صكوك الغفران التي كانت الجزء الأساسي من المشكلة مع مارتن لوثر. رغم ذلك لا يمكن القول أن المشاكل كانت اقتصادية بحتة، فقد ظهرت عدة مشاكل هندسية لمخطط برامنتي، لذلك قدمت اللجنة المكلفة مخططًا جديدًا للبابا، حوّل من خلاله الصليب الإغريقي المتساوي الأذرع إلى صليب لاتيني طويل، تقوم القبة الرئيسية في منطقة تقاطع ذراعيه، مع إضافة خمسة أرواقة ومصليات صغيرة على الجانبين تفصل عن الأروقة الأساسية بمجموعة من الأقواس، كما عمد رافاييل في مخططه إلى تصغير حجم الأبراج التي كان من المقرر تشييدها في الكنيسة. وبدأ العمل بتقويض الجناح الأيسر للكنيسة القسطنطينية وتشييد النموذج الجديد لها.[22]
    القبة الكبرى واستكمال البناء: بولس الثالث وخلفاؤه
    المذبح البابوي ومظلة الاعتراف مغموران بنور الصباح: كان مايكل آنجلو أول من أشار إلى ترك فتح في القبة للسماح للنور بالمرور منها.
    في عام 1520 مات رافاييل والراهب غيوكوندو، فتم تعيين بالداساري بيروزي للعمل مع سانغالو، وأرادوا الرجوع عن مخطط رافاييل، غير أن نهب روما وعواقبه الاقتصادية والسياسية أدى إلى توقف العمل. ومع وفاة بيروزي عام 1536 تفرّد سانغالو بالإدارة فقام بإجراء الدمج بين مخطط رافاييل ومخطط بيروزي بحيث جعل صحن الكنيسة ضيق المساحة مقابل توسيع مساحة الأروقة، كذلك فقد كان اقتراحه للقبة أعقد من المخططات السابقة بحيث شمل المخطط وللمرة الأولى على وضع أضلاع خارجية لدعم القبة، ومن ثم اقترح بأن يعلو القبة فانوس وهو ما تمّ لاحقًا إنما على شكل أكبر. ويمكن القول أن مخططات سانغالو كانت مزجًا موفقًا بين المخططين السابقين، ولم يكتفي فقط بالتخطيط بل باشر العمل، وقام بطم ثلاث أمتار جديدة لرفع مستوى الأرض؛ ثم وضع مخططًا جديدة للشكل العام، بحيث صمم أروقة متفرعة عن الرواق الأصلي وجعل أجنحة الكاتدرائية أكثر اتساعًا، ويعود لجهوده إنهاء تشييد القسم الأيسر بكامله من الكاتدرائية. عيّن البابا بولس الثالث (1534 – 1549) مايكل آنجلو رغم معارضته، مهندسًا للبناء في 1 يناير 1547 وقد بلغ العقد السابع من العمر؛ وبعد دراسات تخطيطية مستفيضة دامت خمس سنوات حول طريقة تنفيذ المخططات وإدخال بعض التعديلات عليها خصوصًا من ناحية الجدران المصليات الجانبية، شرع مايكل آنجلو بين عامي 1551 و1557 ببناء الجناح اليميني من الكاتدرائية، ونصب الأعمدة المركزية الأربعة كقاعدة للقبة الكبرى، وكان قد بدأ منذ نوفمبر 1546 ببناء نموذج خشبي للقبة الكبرى، فأتمه في عام 1560.[23] القبة كما اقترحها آنجلو هي أعلى قبة بالعالم بارتفاع 136.5 متر (448.1 قدم)، وأما قطرها الداخلي مقياسه 41،47 م (136.1 قدم) لتكون أصغر بقليل من بعض قباب البانثيون المخصص لآلهة روما الوثنية، بيد أن قطرها أكبر بحوالي 9.1 متر (30 قدم) من آيا صوفيا في اسطنبول التي كانت أكبر قبة في زمانها وقد أنجزت عام 537، وكان تصميم كاتدرائية فلورنسا وقبتها المرتفعة الملهم الأساسي لآنجلو في تصميم قبة الكاتدرائية الأكبر في المسيحية.[24]
    المخطط الثالث من وضع مايكل آنجلو لبناء الكاتدرائية، وهو تحسين لمخطط رافاييل.
    كما تمّ خلال هذه الفترة تصميم المذبح البابوي على يد كارلو مديرنو، ويمكن القول بأن الطرف الشرقي بكامله يعود تصميمه لآنجلو. كان مخطط برامانتي يعتمد على المربعات في حين قام رافاييل بتحويل جزء من المربعات إلى أنصاف دوائر، وأخيرًا اقترح مايكل آنجلو تقنية ثالثة تقوم على دعم سطح الجدار بزوايا مختلفة، ودعمه أيضًا بمجموعة من الأعمدة الكورنثية على الطراز اليوناني بحيث تتحمل ضغط كتلة البناء لاسيّما قبته الكبرى؛ كذلك يعود له وضع فتح في القبة الكبرى بحيث يسمح بدخول الضوء من خلالها، لتكون بذلك كاتدرائية القديس بطرس مخالفة للكاتدرائيات القوطية التي تميزت بانعدام النور الخارجي والظلمة العامة، ما يساهم على الخشوع وفق آراء مهندسي الكنائس في القرون الوسطى.[25] وقد لاقى هذا التجديد الهندسي الذي قدمه آنجلو بعضًا من الاعتراض، غير أن دعم البابا بولس الثالث وخليفته يوليوس الثالث (1549 – 1559) لآنجلو حال دون توقيف العمل، رغم أنه تباطئ في بعض المراحل بنتيجة توقف الأفران عن خبز حجارة البناء بسبب نقص المواد الأولية اللازمة.[26]

    الفاتيكان: أصغر دول العالم لكنها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية
    قبة كاتدرائية القديس بطرس.
    إثر وفاة آنجلو عين بيوس الرابع (1559 – 1565) مهندس الكاتدرائيات جياكومو باروزي الشهير بفينولا مهندسًا للبناء، غير أن أي تطور يذكر لم يحصل في عهده ولا في عهد خليفته القديس بيوس الخامس (1566 – 1572) بسبب الحروب مع الدولة العثمانية من جهة، وتعثر إيجاد صيغة هندسية ملائمة لإشادة القبة الكبرى من جهة ثانية. وكذلك في عهد خليفتهما غريغوري الثالث عشر (1572 – 1585) والذي عين ديلا بورتا مهندسًا للكاتدرائية وفشل في إيجاد المعايير الهندسية الملائمة، ليترك الأمر للحث الفعال الذي قام به البابا سيكتوس الخامس (1585 – 1590) والمساعدة من المهندس دومنيكو فونتانا، بحيث تم الشروع في بناء القبة يوم 15 يوليو 1588، ووضع آخر حجر فيها يوم 14 مايو 1590، وقد رافق الحدث قرع أجراس جميع كنائس روما طوال النهار، وقد وضع في الحجر الأخير صندوقان رصاصيان، الأول يحوي على بقايا من الصليب الحقيقي الذي يؤمن المسيحيون أن يسوع قد مات عليه، والثانية تحوي على رفات القديس أندراوس، إلى جانب مداليات أخرى تحوي قربانًا.[27] حول القبة كتب باللاتينية وبخطوط مذهبة بعرض 2 متر (6.6 قدم):
    “Tv es Petrvs et svper hanc petram aedificabo ecclesiam meam. Tibi dabo claves regni caelorvm”
    والتي تعني بالعربية:
    “أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها”.
    المقتبسة من إنجيل متى 18/16، وهي الجملة التي قالها يسوع لبطرس، مفوضًا إياه زمام الكنيسة وفق المعتقدات الكاثوليكية؛ كذلك فقد كتب جملة ثانية:
    “S. Petri gloriae sixtvs pp. v. a. m. d. xc. pontif. V.”
    “لمجد القديس بطرس، سكتوس الخامس، البابا، في عام 1590 وهي السنة الخامسة من حبريته”.
    في منتصف القرن الثامن عشر ظهرت تشققات في القبة، ولذلك تم تركيب سلاسل حديد بين مختلف أجزائها وذلك لتدعيم البناء، ويشير البعض إلى أن مايكل آنجلو كان قد وضع الفكرة في مخططاته لبناء الكاتدرائية، كما فعل برونليسكي في كاتدرائية فلورنسا؛ وفي 7 ديسمبر 2007 تم اكتشاف جزء من مخططات مايكل آنجلو حول بناء القبة حفظ في متحف الفاتيكان، ويعتبر هذا الرسم هامًا لمعرفة كيفية بناء القبة، إذ إن العديد من مخططات ورسومات آنجلو قد دمرت قبل وفاته أو خلال الحروب بين الدولة البابوية ونابليون الأول، وقد أظهر المخطط حسابات رياضية مفصلة ودقيقة حول ضغط البناء وقدرة التحمل وسواها من المعلومات التفصيلية.[28]
    وإلى جانب القبة الكبرى، يوجد قبتان أصغر حجمًا فوق المصلى الكلمنتي والمصلى الغريغوري داخل الكاتدرائية، وثمانية قباب أخرى صغيرة الحجم فوق المصليات الجانبية. يمكن الوصول لسطح الكاتدرائية عن طريق درج لولبي يقع بين صحن الكاتدرائية ورواقها، وقد وصف النقاد المنظر من سطح، بأنه إطلالة فريدة على الفاتيكان ومدينة روما.[29]
    بناء الواجهة الخارجية وتدشين الكاتدرائية: أوربان الثامن[عدل]
    واجهة الكاتدرائية، من تصميم كارلو ماديرنو، يعلوها ثلاث عشر تمثال يتوسطهم تمثال يسوع، وقد أنجزت بين عامي 1607 و1614.
    في اليوم الأول من الصوم الكبير 18 فبراير 1606، قام البابا بولس الخامس (1605 – 1621) بالموافقة على تفكيك الأجزاء المتبقية من الكنيسة القسطنطينية، حيث تم نقل الرخام المهدى من الإمبراطور قسطنطين ليستخدم لاحقًا في بناء صحن الكنيسة، ومن بين ما تمّ نقله، اثنين من الأعمدة التي نقش عليها رسوم لأسود، ومجموعة من النواويس والتوابيت لبابوات سابقين. كان كارلو مديرنو ومنذ عام 1602 يتولى إدارة المشروع بعد وفاة دومنيكو فونتانا، ومديرنو هو ابن شقيق فونتانا. خلال عملية الإصلاح المضاد، برز بشكل متكاثر أصوات داعية للعودة إلى الصليب اللاتيني بدلاً من الصليب الإغريقي، ووجد المعترضون أن الصليب الإغريقي ينتمي للعالم الدنيوي أكثر من انتماءه للعالم المسيحي، غير أن البابا بولس الخامس دعم المخطط القائم وأعطى أوامره في سبتمبر 1605 لتطويل الجناح بحيث يغدو شكل الصليب أكثر بروزًا، كذلك عمد ماديرنو إلى تطويل الجناح الشرقي من الكاتدرائية ليشكل مقدمة الصليب، ثم أنهى مع عدو وجود عوائق هندسية ذلك الصليب، حتى حدود الواجهة الحالية بمساعدة سبعمائة عامل. وفي 22 نوفمبر 1614 يمكن اعتبار الكاتدرائية وقد اكتمل بناءها وفق الشكل المتعارف عليه اليوم.[30]
    أما واجهة الكاتدرائية فقد بنيت بين عامي 1607 و1614 على يد لجنة مؤلفة من عشرة مهندسين معماريين في روما تحت إمرة كارلو ماديرنو، الذي قام بوضع مخطط الواجهة. الواجهة بارتفاع 114،69 متر (376.3 قدم) وعرض 45،55 متر (149.4 قدم) مبنية من الحجر الجيري والرخام، ويتموضع فيها سبعة أعمدة كورنثية عملاقة، وهي مؤلفة من ثلاث طوابق يعلو الطابق الثالث تمثالاً ليسوع حاملاً الصليب ويبارك المتواجدين في الساحة، وبقربه يوحنا المعمدان وأحد عشر تلميذًا من تلاميذ يسوع، وقد نقش على الواجهة باللغة اللاتينية وبحروف كبيرة:
    “IN HONOREM PRINCIPIS APOST PAVLVS V BVRGHESIVS ROMANVS PONT MAX AN MDCXII PONT VII”
    “بولس الخامس بروغس، الحبر الروماني الأعلى، في 1612 وهو العام السابع من حبريته، تكريمًا لأمير الرسل.”
    قوس الأجراس والساعة في طرف واجهة الكاتدرائية.
    وصف بعض النقاد أن الواجهة تقل في مستواها الفني عن داخل الكاتدرائية، يعود ذلك حسب البعض بسبب الرغبة في الانتهاء من العمل بسرعة، بالإضافة إلى أن ماديرنو لم يكن يرغب في الخروج عن النمط المعماري لمايكل آنجلو، وسوى ذلك فإن التماثيل والأعمدة الكورنثية ثقيلة جدًا بحيث أن مستوى الأرض لا يستطيع احتمالها، بل إن الأبراج الجانبية التي كانت ضمن المخطط الأصلي للبناء استغني عنها، بعد أن اكتشف أن الأرض في تلك البقعة، ليست مستقرة بشكل كافي لتحمل الوزن؛ كما أن الواجهة القليلة الارتفاع تجعل من القبة أكثر وضوحًا وبروزًا. استعيض عن الأبراج ببرجين صغيرين في أقصى يمين ويسار واجهة الكاتدرائية، يحوي كل منهما على قوس أجراس وساعة، وقد تم تحويل الساعة للعمل على الكهرباء خلال حبرية البابا بيوس الحادي عشر.
    تتصل الواجهة مع ساحة القديس بطرس بسلم عريض مصنوع من الرخام الأبيض، يقف عند قدميه تمثالان ضخمان للقديس بطرس والقديس بولس، أولهما من صنع جيوسيس دي فلبريس أما الآخر من صنع آداموا تاد وليني، وقد وضعا في مكانهما الحالي عام 1840.[31] واجهة الكاتدرائية تتألف من ثلاث طبقات، الطبقة الأولى هي الطبقة الأرضية والطبقة الثانية تدعى “طبقة التبريكات”، فبحسب الأعراف البابوية، فإن البابا المنتخب الجديد يطل من شرفة الكاتدرائية المتوضعة في الطابق الثاني ليلقي تحيته على الجمهور في الساحة ويمنحهم بركته الأولى، وبنتيجة ذلك اشتقّ اسم الطابق. أما الطابق الثالث فهو سطح الكاتدرائية.[32]
    قام البابا أوربان الثامن في 18 نوفمبر 1626 بافتتاحها رسميًا، بعد أن انقضت السنوات السابقة في وضع الأعمال الفنية المختلفة داخلها، وقد تم التدشين في يوم تدشين الكنيسة القسطنطينية السابقة ذاته.[31]
    محتويات الكاتدرائية
    المذبح البابوي ومظلة برنيني
    المذبح البابوي تعلوه مظلة برنيني.
    يقع المذبح البابوي مباشرة فوق ضريح القديس بطرس، وهو يسمى باسم البابوي، لأن البابا فقط يحق له أن يترأس القداس الإلهي عليه طالما أن هناك بابا، وفي حال شغور المنصب الأول في الكنيسة الكاثوليكية يسمح بالاحتفال به من قبل عميد مجمع الكرادلة؛ ويدعى هذا المذبح أيضًا “مذبح الاعتراف” وذلك رمزًا للقديس بطرس الذي اعترف من خلال موته بالإيمان للعالم أجمع.[33] عند أقدام المذبح البابوي تقع فسحة الاعتراف، وهي عبارة عن منطقة تحت مستوى أرض الكاتدرائية لا سقف لها ومحاطة بسور ذهبي عالي، تحوي المدخل نحو الضريح الأساسي للقديس بطرس، كما تحوي على كوة الثياب الكاردينالية، حيث تحفظ فيها الأردية الحمراء والأرجوانية التي يمنحها البابا للأساقفة والبطاركة كدلالة على الرابط بينهم وبين البابا خليفة بطرس حسب المعتقدات الكاثوليكية. هذه الفسحة يعود بنائها للقرن الثاني أي أنها للفترة ذاتها التي ذكر بها غايوس الضريح المجيد الذي يكرمه المسيحيون في روما، وهي تحوي أيضًا على خمس وتسعين قنديل زيتي دائم الاشتعال، يرمز إلى علاقة الكنيسة بالبابا، ويتم تجديد القناديل في 2 فبراير من كل عام، وهو عيد دخول يسوع إلى الهيكل.[32]
    فوق المذبح البابوي تقوم مظلة برنيني، المسماة على اسم صانعها. المظلة عبارة عن أربع أعمدة لولبية هي رمز للإنجليين الأربعة تعلوها قبّة متطاولة يعلوها صليب؛ وفي نهاية كل عمود هناك تمثال لملاك ويبلغ ارتفاع كل عمود 20 مترًا، وقد تم وضع الأعمدة الأربعة على أربع منصات حجرية تحوي شعار البابوية بشكل نافر. مظلة برنيني تنتمي للفن الباروكي، وقد بدأ العمل بها بناءً على طلب البابا أوربان الثامن عام 1623 ودشنها رسميًا في 29 يونيو 1635 وهو اليوم الذي تحتفل به الكنيسة الكاثوليكية بعيد القديس بطرس والقديس بولس. استوحى برنيني فكرة الأعمدة الملتوية من الأعمدة التي كان قد جلبها قسطنطين الأول من اليونان إلى روما عندما شيّد الكنيسة القسطنطينية، وقد كساها بمجموعة من الزخارف التي تطابق ما جاء في سفر الملوك الأول لتصميم الهيكل اليهودي في القدس؛ وإلى جانب الخشب فقد أدخل البرونز والذهب في بناء المظلة، وساهم مع برنيني عدد من النحاتين في زخرفتها.[34]
    يقع المذبح البابوي في منطقة التقاء ذراعي الصليب في فسحة تشبه الدائرة يعلوه مباشرة القبة وتحيطه الأعمدة الأربعة التي تشكل أساسها، وقد زيّنت هذه الأعمدة الأربعة العريضة، بمجموعة الشرفات والزخرفات وفي نهاية كل عمود أيقونة تظهر أحد الإنجيليين الأربعة، كما وضع في كوّة محفورة داخل كل عامود تمثال: الأول للقديسة هيلانة تحتضن الصليب الحقيقي من تصميم آندريا بولجي،[35] والثاني تمثال للقديس لونجيوس وهو قائد المئة الروماني الذي آمن بيسوع بعد أن سال الدم والماء من جنبه في أعقاب طعن إياه بالحربة للتأكد من موته على الصليب كما هو مذكور في إنجيل يوحنا، ويظهر التثمال القديس لونجيوس ممسكًا بالحربة، وهو من صنع برنيني عام 1639؛[36] وتمثال للقديس إندراوس شقيق القديس بطرس، وبحسب التاريخ الكنسي فإن إندراوس قد صلب بشكل حرف X، ولذلك يظهر التمثال إندراوس ممسكًا بصليبه، وهو من تصميم فرانسيسكو دكيوسوني؛[37] أما التمثال الرابع فهو للقديسة فيرونيكا التي مسحت وجه يسوع بمنديلها عندما كان حاملاً صليبه تجاه الجلجثة، وبنتيجة الدم والعرق من وجه يسوع تشكلت على المنديل ما يشبه رسم صورته، والتمثال من تصميم فرانسيسكو موشي.[38] وقد وضعت هذه التماثيل في تجاويف داخل الجدار، وبالقرب من نهاية الرواق، يتموضع تمثال ضخم للقديس بطرس، من تصميم مايكل آنجلو. تحوي كل شرفة على مذبح على اسم التمثال الموضوع أسفل العمود، ويقام القداس الإلهي على هذا المذبح في يوم عيد شفيع المذبح، كما أنه وبحسب تقاليد الكاتدرائية، فإنه خلال الصوم الكبير يتم قراءة الكتاب المقدس من الشرفة التي تعلو تمثالاً معينًا، على سبيل المثال فإن الإنجيل في الأحد الخامس من الصوم يقرأ من الشرفة التي تعلو تمثال القديسة فيرونيكا.
    على الجانب الخلفي من كل عمود، يوجد مذبحان، فخلف العمود الذي يحوي تمثال القديسة فيرونيكا، يوجد مذبح “القديس بطرس يشفي المشلول” كما هو مذكور في سفر أعمال الرسل ومذبح “القلب الأقدس”، وخلف العمود الذي يحوي تمثال القديسة هيلانة يوجد مذبح “البخور” ومذبح آخر على اسم القديس بطرس، أما مذبح “القديس باسيل” ومذبح “القديس جيروم” يقعان خلف عمود القديس لونجينوس، وأخيرًا مذبح “الشمعدان” ومذبح “تجلي الرب” خلف عمود القديس أندراوس. مذبح تجلي الرب يحوي على رفات البابا بيوس العاشر، كما يضم رسمًا فسيفسائيًا من صنع بيترو كانونيكا للبابا يوحنا الثالث والعشرون تكريمًا له.[39] وفي المنطقة التي تقع فاصلة بين صحن الكنيسة ورواقها، يوجد تمثال من البرونز للقديس بطرس ويده بوضعية منح البركة. كان الاعتقاد السائد في الماضي، أن التمثال من أعمال القرن الخامس، ولكنه وبعد دراسات مستفيضة تبين أن التمثال من صنع آرنو لغودي كاميو في القرن الثالث عشر، وخلال العصور الوسطى، كان الحجاج إلى روما يقبلون قدمي التمثال كنوع من أنواع التقى والورع.[40]

    الفاتيكان: أصغر دول العالم لكنها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية
    كرسي القديس بطرس ومذبح صدر الكنيسة
    صورة تفصيلية لكرسي القديس بطرس من تصميم برنيني.
    بأمر من البابا ألكسندر السابع شرع برنيني بإنشاء كرسي القديس بطرس والتي تترجم أيضًا “عرش القديس بطرس”، كان الاعتقاد السائد في الماضي أن الكرسي التي تحويها المنحوتة هي الكرسي التي جلس عليها القديس بطرس في روما، ومن ثم تبين خلال دراسات أجرت خلال حبرية البابا بيوس الثاني عشر أن الكرسي القديمة تعود للقرن الثاني عشر، عمومًا فإن البابا ألكسندر السابع قرر من خلال الطلب بصناعة هذه المنحوتة الإشارة إلى الرابط بين البابوات والقديس بطرس، بوصفهم خلفاءه. وقد صنع العرش من البرونز والذهب وهو محمول على أربع تماثيل ضخمة تمثل أربعة من القديسين الذين منحوا رتبة “ملفان” أي معلم في الكنيسة الكاثوليكية ووفق عقائدها. التماثيل هي للقديس أمبروسيوس والقديس أوغسطين ويمثلون الكنيسة اللاتينية والقديس أثناسيوس والقديس يوحنا الذهبي الفم ويمثلون الكنيسة اليونانية كرمز على وحدة الكنيسة. أعلى العرش، يوجد لوحة زجاجية تمثل طائر الحمام وهو رمز للروح القدس حسب العهد الجديد، وتسمح اللوحة الزجاجية بدخول النور عن طريقها حتى نهاية الكاتدرائية، كذلك فقد وضع في زاويتي صدر الكاتدرائية تمثالان عن اليسار للبابا بولس الثالث وعن اليمين للبابا أوربان الثامن،[41] وقد كتب على إفريز البناء باللاتينية واليونانية بخط مذهب وبعرض مترين:
    “الباب اليوبيلي”: يفتحه ويغلقه البابا شخصيًا في السنوات اليوبيلية.
    O Pastor Ecclesiae, tu omnes Christi pascis agnos et oves والتي تعني بالعربية: يا راعي الكنيسة، لقد أطعمت جميع حملان المسيح وخرافه. وهي بمثابة صلة على الفصل الحادي والعشرين من إنجيل يوحنا حيث يطلب يسوع من القديس بطرس أن يرعى خرافه، وهي الصورة التي تتكرر في الإناجيل لوصف جماعة المسيحيين.[41] سائر جدار مذبح صدر الكاتدرائية والتي تسمى بحسب المصطلحات الكنسية “الحنية”، هو من الرخام الأحمر اللون وقد نقش على بعضها، رسومًا تمثل القديس بطرس يتسلم مفاتيح الأرض والسماء من يسوع كما جاء في إنجيل متى، قطع رأس القديس بولس، وفق التقاليد الشفهية للكنيسة الكاثوليكية. وحسب العادة، عندما لا يترأس البابا القداس في الكاتدرائية، يقام الاحتفال في مذبح صدر الكنيسة، كما حصل خلال زيارة بشارة بطرس الراعي، البطريرك الماروني إلى الفاتيكان عام 2011.[42] كما أن قداسًا خاصًا يقام في 22 فبراير كل عام، على هذا المذبح، لكونها مناسبة تأسيس كنيسة روما وفق تقويم الأعياد الدينية في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.[41]
    دشن البابا هذا العرش خلال الاحتفال بيوبيل 16 يناير 1666.

    الفاتيكان: أصغر دول العالم لكنها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية
    أبواب الكاتدرائية[عدل]
    للكاتدرائية خمس أبواب رئيسية، الباب الرئيسي يقع في الوسط وهو من تصميم أنطونيو فيلاريتي عام 1455، وقد صنع للكنيسة القسطنطينية وعندما بنيت الكاتدرائية الحالية استخدم على بوابتها الرئيسي، مع بعض التعديلات ليناسب الحجم الجديد.[43] وهو بكامله من البرونز يحوي على مجموعة من الرسوم والنقوش رممت خلال القرن السابع عشر أبرزها نقش لسفينة كدلالة على الكنيسة. عند الولوج من الباب الرئيسي هناك مصطبة عريضة يتموضع في نهاية طرفها اليساري تمثال للإمبراطور قسطنطين وفي نهاية طرفها اليميني تمثال للإمبراطور شارلمان، في حين تتموضع في الصدر أربع أبواب أخرى اثنان منهما يفتحان للمناسبات العامة يدعيان “باب الخير والشر” والذي وضع في مكانه الحالي حديثًا خلال عهد بولس السادس وهو من تصميم لوقا مينوجوزي، وسبب التسمية تعود لكون النقوش على الباب تظهر في قسمها اليميني مجموعة من الأعمال الخيّرة أما على قسمه اليساري عكسها تمامًا.[44] وبقربه يقع الباب الثالث وهو “باب الأسرار” وهو غالبًا ما يظل مفتوحًا خلال النهار للسواح الراغبين بزيارة الكاتدرائية، وسبب التسمية تعود لأنه قد نقش عليه رسوم تمثل الأسرار السبعة.[45] الباب الرابع يدعى “باب الموتى” من تصميم جياكومو مانزا، ويقع إلى أقصى يسار الكاتدرائية، وسبب التسمية يعود إلى أن البابا لا يفتح إلا عند وفاة البابا، فعندما يعلن موت البابا، تغلق الأبواب الأربع الأخرى، ويدخل البابا المسجى من باب الموتى وكذلك يلحق الكرادلة وجموع المشاركين في التأبين، ويظلّ باب الموتى هو الباب المفتوح حتى انتخاب البابا الجديد.[43] والباب الحالي صمم خلال عهد بيوس الثاني عشر عام 1950.[46] أما الباب الخامس والذي يقع إلى أقصى يمين الكاتدرائية، يدعى “الباب المقدس” وهو أيضًا من تصميم جياكومو مانزا في القرن العشرين، يعود سبب التسمية إلى أن البابا شخصيًا هو من يفتحه ويغلقه في بداية ونهاية “السنة اليوبيلية”. فكرة اليوبيل قادمة من العهد القديم وهي بالتالي مشتركة مع الديانة اليهودية، وتشير الفكرة إلى بداية عصر حديد في توقيت معين، كان أول يوبيل أعلن عنه عام1300، وأخذ يحتفل باليوبيل بداية كل قرن، ومع تطور الزمن احتفل به كل خمسين عامًا وحاليًا كل خمس وعشرين عامًا إلى جانب بعض المناسبات الهامة كما يعلنها البابا.[43] آخر ثلاث مرات أعلن فيهما يوبيل في الفاتيكان كانوا، عام 1975 على يد البابا بولس السادس وعام 1983 على يد البابا يوحنا بولس الثاني وعام 2000 على يد البابا يوحنا بولس الثاني أيضًا، وهو ما دعي “اليوبيل الكبير”، وفي كل مرة يفتح بها الباب الخاص لمناسبة اليوبيل أو يغلق ينقش على الإطار أعلاه باللغة اللاتينية تخليدًا للحدث، كمثال على ذلك:
    IOANNES PAVLVS II P.M. ITERVM PORTAM SANCTAM APERVIT ET CLAVSIT ANNO MAGNI IVBILAEI AB INCARNATIONE DOMINI MM-MMI
    PAVLVS VI PONT MAX HVIVS PATRIARCALIS VATICANAE BASILICAE PORTAM SANCTAM APERVIT ET CLAVSIT ANNO IVBILAEI MCMLXXV
    يوحنا بولس الثاني، الحبر الروماني، فتح مرة أخرى وأغلق الباب المقدس، في سنة اليوبيل الكبير، من تجسد المعلم، 2000 – 2001.
    افتتح بولس السادس، الحبر الروماني، وأغلق الباب المقدس في كاتدرائية الفاتيكان البابوية، في سنة اليوبيل لعام 1975.
    رواق الكاتدرائية والمصليات الجانبية
    صورة بانورامية، تظهر الرواق الرئيسي والرواقان اليساري واليميني.
    يتفرع من الرواق الرئيسي للكاتدرائية، رواقان عن اليمين وعن اليسار، بواسطة أعمدة مزخرفة وتحوي تماثيل لقديسين. ويتفرع عن كل رواق جانبي مجموعة من المصليّات الجانبية. على الناحية اليمنى يقع أولاً مصلى العذراء الباكية، وهو يشمل واحدًا من أشهر أعمال مايكل آنجلو “العذراء الباكية”، وقد أتمّ هذا العمل عام 1500 ويمثل المرحلة الثالثة عشر من “درب الصليب” أي جثة يسوع وقد أنزلت عن الصليب ووضعت في حضن مريم العذراء.[47] وبالقرب من مصلى العذراء الباكية يوجد ضريحي البابا ليو الثاني عشر والملكة كريستينا السويدية؛ أما المصلى الثاني من الرواق اليميني فهو مذبح القديس سباستيان شفيع الشمال الإسباني. وهو يحوي تمثالاً ليسوع المصلوب من صنع كالفيني يعود للقرن الثالث عشر، ويقع بقربه تمثالان للبابا بيوس الثاني عشر والبابا بيوس الحادي عشر من صنع فرانشيسكو ناني وفرانشيسكو ميسينا بطلب من البابا بولس السادس. ويقع على القرب من مصلى القديس سباستيان أيضًا ضريح البابا إينوسنت الثاني عشر والكونتيسة ماتيلدا. أما المصلى الثالث من اليمين، فهو “مصلى القربان الأقدس” أكبر المصليات الجانبية وأغناها زخرفة وتحفًا، إذ إن السياج الخاص بالمصلى من تصميم بوروميني أما برنيني فقد صنع عام 1674 المظلة التي تلعو المذبح من البرونز وبقربها ملاكان جاثيان.
    صور من مناطق مختلفة في الكاتدرائية: (1) العذراء الباكية، (2) ضريح إينوسنت الحادي عشر، (3) ضريح بيوس الثامن.
    في غير الأوقات الاحتفالية، يجري القداس الإلهي يوميًا في هذا المصلى، كما أنه وبحسب التقاليد البابوية، فإنه عند وفاة البابا يعرض جثمانة ثلاث أيام في هذا المصلّى، قبل الجنازة. أما رابع المصليات المتفرعة عن الررواق اليمني هو “المصلى الغريغوري” الدائري الشكل، وقد سمي بهذا الاسم لأنه بني بطلب من البابا غريغوري الثالث عشر عام 1585 على يد جياكومو ديلا بورتا، وهو يحوي على مذبح “مريم ذات العناية الأبدية”، ويحوي أضرحة الباباوات غريغوري الثالث عشر وغريغوري الرابع عشر وغريغوري السادس عشر.[47] بعد المصلى الغريغوري ينفتح البناء على الجناح الأيمن لصحن الكاتدرائية، حيث يجلس الكرادلة في المناسبات الاحتفالية، وهو يحوي ضريح البابا بندكت الرابع عشر وثلاث مذابح مكرسة على الترتيب للقديس وينسلانس والقديس إيراسموس والقديسين بروكيوس ومارتين، وقد عقدت في هذه المنطقة فعاليات المجمع الفاتيكاني الأول. وفي نهاية الجناح الأيمن، في الفسحة الدائرة التي تقع بين المذبح البابوي، وكرسي القديس بطرس، يقوم “مذبح القوس” من تصميم مايكل آنجلو، ومذبح القديسة بيترونيلا، كما يوجد ضريحي كلمنت العاشر وكلمنت الثالث عشر.
    “السكرستيا”: غرفة الملابس والآواني المستعملة الطقوس.
    بالانتقال إلى الرواق اليساري، يتفرع عنه أولاً “مصلّى المعمودية”، وهو يحوي جرن للمعمودية هو في الواقع تابوت أثري من الحجر الأحمر، والمصلى من تصميم كارلو فونتانا ويحوي عددًا من الأيقونات الشهيرة “كعمادة المسيح” و”القديسين بروكيوس ومارتين”، ويحتفل البابا عادة في هذا المصلى بالعماد في الكاتدرائية. ويقع بقرب المصلّى ضريح ماريا سوبيكا وضريح ستورايت. المصلى الثاني هو “مصلى تقدمة العذراء للهيكل”، ويليه “مصلى المرتلين” أو “مصلى الحبل بلا دنس”، يليه ضريح إينوسنت الثاني عشر وليون الحادي عشر، ثم “المصلّى الكلمنتي” المنسوب اسمه للبابا كلمنت الحادي عشر الذي طلب بناءه، ويقع بقربه ضريح الباب بيوس الثامن، ومن بعده ينفتح الرواق على الجناح الأيسر من صحن الكاتدرائية، وهو يحوي كالجناح الأيمن، ثلاث مذابح مكرسة للقديس يوسف والقديس توما وذكرى صلب القديس بطرس. أما في الفسحى اليسرى الواقعة بين المذبح البابوي وكرسي القديس بطرس، يقع “مصلى العمود” وبقربه مذبح مكرس للقديس ليون الكبير وضريحي البابا ألكسندر السابع وألكسندر الثامن.[48]
    تجدر الإشارة، أن كل مصلى في الرواق الأيسر يناظر مصلّى في الرواق الأيمن، فالمصلّى الغريغوري مثلاً يقابل المصلّى الكلمنتي. إلى الخلف من المصلّى الكلمنتي، يمكن الولوج إلى السكرستيّا أي الغرفة التي تحفظ فيها الثياب والأواني التي يستعملها الكهنة خلال الطقوس، ويتفرع منها أربع قاعات، الأولى لحفظ الملابس للأزمنة الطقسية المختلفة والتي يستعملها البابا والكرادلة؛ والثانية هي المحتف البطرسي أو التاريخي، والثالثة هي قاعة لقاء البابا بالكرادلة والشمامسة قبل الولوج إلى الكاتدرائية، والأخيرة تحوي ملابس الجوقة والشمامسة وسواهم.[47]
    سرداب الكاتدرائية والمتحف البطرسي
    بدأ إنشاء السرداب الذي يقع تحت الكاتدرائية في عهد البابا غريغوري الثالث عشر واكتمل في عهد البابا كلمنت الثامن عام 1592 ويعرف أيضًا باسم “التلال الحدائقية الصغيرة، ويتألف السرداب من باحة وردهات جانبية، ويتفرع عنه مجموعة من الأقبية تستخدم لحفظ بعض الأمور المستخدمة في الطقوس الدينية كالشموع في القداس الإلهي أو النبيذ. يبدأ السرداب من المصلى الغريغوري والمصلى الكلمنتي، داخل الكاتدرائية، ويتابع تحت الأرض حتى نهاية الكاتدرائية. وهو يحوي اليوم أيضًا، الأضرحة الأثرية والرسوم الجدارية الجصية وأعمال الموزاييك والمذابح والتوابيت الحجرية للبابوات والكرادلة الذين دفنوا في الكنيسة القسطنطينية.[49] وقد دفن منذ افتتاح الكاتدرائية في القرن السابع عشر حتى اليوم، سبعة عشر بابا في السرداب كان آخرهم يوحنا بولس الثاني.
    أما المتحف البطرسي، فهو عبارة عن غرفة ملحقة بالكاتدرائية، تضم مجموعة من الأعمال الفنية التي سبق وعرضت فيها أو تعود لزمن الكنيسة القسطنطينية، ومن محتويات هذا المتحف، تابوت جوليانوس الذي يعود لبداية فن النحت لدى المسيحيين، ونصب بروزني لسيكتوس الرابع من صنع أنتونيو ديل بولايولو عام 1453 وخميلة الصياد أقدم فسيفسائية مسيحية في روما.[49] وكانت حفرات قد أجريت في السرداب بين عامي 1940 و1950 خلال عهد بيوس الثاني عشر، عثر خلالها على مجموعة من القطع الأثرية عرضت أيضًا في المتحف البطرسي.
    ساحة القديس بطرس
    مقالة مفصلة: ساحة القديس بطرس
    ساحة القديس بطرس تتموضع أمام الكاتدرائية بشكل بيضاوي، وبعرض 240 مترًا بين أبعد نقطتين، ويفصلها عن سائر الفاتيكان جدار يحوي على أربعة صفوف من الأعمدة الكورنثية الضخمة ذات التيجان، يبلغ مجموعها 284 عمودًا، يضاف إليها 88 دعامة و96 تمثالاً للقديسين والباباوات والملائكة، وقد تم تصميم الجدار بأمر من البابا إسكندر السابع (1655 – 1667) على يد برنيني بين عامي 1656 و1667 وفق النمط الباروكي في العمارة. أما في صدر الساحة تتموضع واجهة كاتدرائية القديس بطرس، والساحة مرصوفة من الغرانيت الأسود وهي من تصميم برنيني أيضًا. ويمكن من الساحة رؤية القصر البابوي وكنيسة سيستين ومجموعة من مقرات المجامع في الفاتيكان كمقر مجمع العقيدة والإيمان، على أن شرفة جناح البابا الخاص ونافذة مكتبه تطل مباشرة على الساحة.[50] في نهاية الساحة، نحو الغرب، يقع ميدان البابا بيوس الثاني عشر، ويفصل خط أبيض بين الساحة ومدينة روما، تحديدًا بين الساحة وشارع المصالحة (بالإيطالية: della Conciliazione؛ نقحرة: ديلا كونكيليازون)، وقد شق هذا الطريق عام 1929 بعد توقيع اتفاقيات لاتيران الثلاث، وقد سمح شقه رؤية قبة الكاتدرائية من نهر التيبر ومن مناطق بعيدة في روما.[51]
    في وسط الساحة تقوم مسلة تعود للقرن الثالث عشر قبل الميلاد بارتفاع 25,88 مترًا على ظهر أربع أسود برونزية، وفي أعلى المسلة يوجد صليب يحوي ذخيرة من الصليب الأصلي حسب المعتقدات المسيحية؛ وقد وضعت المسلة أمام الكاتدرائية بأمر من البابا سيكتوس الخامس (1585 – 1590) على يد دومنيكو فونتانا، وهي تنصف الساحة من حيث العرض، وتنصف واجهة كاتدرائية القديس بطرس أيضًا، وتدعى “الشاهد”، نظرًا لكونها كانت موجودة سابقًا في الملعب الذي شهد صلب القديس بطرس والعديد من المسيحيين الأوائل، وهي ثاني أكبر مسلة في العالم.[52] على جانبي المسلة نافورتان كل منهما بارتفاع 14 مترًا، التي تقع على يمين المسلة من تصميم ماديرنو عام 1613 والأخرى من صنع كارلو فونتانا عام 1670. وبالقرب من كل نافورة حجر مستدير يحدد نقطة، عند الوقوف عليها، يخيل للناظر أن الأعمدة الأربعة الكورنثية إنما هي رتل واحد.[53]
    تتخذ الساحة شكل مفتاح، وفي ذلك إشارة إلى القديس بطرس الذي سلّمه يسوع وفق إنجيل متى والعقائد الكاثوليكية مفاتيح الأرض والسماء، كذلك فهي تبدو كالذراعين الممدوتين من واجهة الكاتدرائية، وفي ذلك رمز حول أمومة الكنيسة لجميع أمم وقوميات العالم.[54]
    صورة بانورامية لساحة القديس بطرس كما تبدو من ميدان البابا بيوس الثاني عشر، ويظهر في الوسط مسلة كاليغولا الساحة الإهليلجية يعلوها صليب يحتوي ذخائر من الصليب الحقيقي وفق العقائد المسيحية، كما تظهر نافورة برنيني يمين المسلة وجانب من القصر الرسولي، في حين تبدو واجهة كاتدرائية القديس بطرس في الخلفية.
    خدمَـة الكاتدرائية
    الكاتدرائية كما تبدو في الليل، من جادة المصالحة (بالإيطالية:Via della Conciliazione) في روما.
    بندكت السادس عشر محاطًا بالشمامسة داخل الكاتدرائية.
    اثنان من الحرس السويسري، يحرسان البوابة البروزنزية للكاتدرائية.
    يقوم بخدمة الكاتدرائية وتعهد نظافتها وصيانتها جمعية عمال تأسست في القرن السادس عشر يدعى أعضائها “البطرسيين” ويبلغ عددهم نحو السبعين، وفي الغالب يتوارثون مهماهم كل جيل عن سابقه،[55] وكان من مهام “البطرسيين” إنارة الكنيسة باستعمال خمسة آلاف صحن يعبئ كل منه بثلاثة لترات من الشحم، غير أن البابا بيوس الحادي عشر، أدخل مع بداية القرن العشرين الكهرباء إلى الكاتدرائية.[55] يخدم الكاتدرائية من ناحية التراتيل والموسيقى الدينية، “جوقة التراتيل الباباوية”، بمرافقة “الفرقة الموسيقية الحبرية للشعائر”، وهاتان الفرقتان لا يمكن تحديد تاريخ تأسيسهما على وجه الدقة، غير أنهما يسميان مجتمعين “جوقة سيستين” كاسم غير رسمي، نسبة للبابا سيكتوس الرابع (1471 – 1479) الذي أعاد تشكيل الجوقة وشجع تطورها.[55] أما من ناحية تأمين البناء، فهو من اختصاص الحرس السويسري وشرطة الفاتيكان، المسؤولان عن الأمن في الفاتيكان بشكل عام. تجري العادة أن يقوم البابا بتعيين أسقف يشرف على العمل في الكاتدرائية وفي بعض الأحيان قد يعين كاردينالاً للقيام بهذه المهمة، والأساقفة الذين عهد إليهم رعاية الكاتدرائية والكنيسة القسطنطينية قبلها هم:[56]
    جيوفاني (1053)
    دويسديدت (1092)
    آزو (1103 – 1104)
    روستيكو (1121 – 1138).
    جيرفوني (1138 – 1139).
    بيترو (1140 – 1144).
    برنارد (1145 – 1175).
    جيوفاني سورتي (1176 – 1180).
    آنجيلو دي سيغني (1191 – 1200/1206).
    غودو بيرليوني (1206 – 1228).
    ستيفانو كونتي (1229 – 1254).
    ريكاردو آنيبالدي (1254 – 1276).
    جيوفاني أورسيني (1276 – 1277).
    ميتو أورسيني روسو (1277 / 1288 – 1305).
    نابليون فرانجيباني (1306 – 1342).
    آنيبالدو دي كيسانو (1342 – 1350).
    غوليم ديلا لويجي (1362 – 1365).
    رينالدو أورسيني (1366 – 1374).
    هوغو دي سانت مارتيل (1374 – 1378).
    فيليب دآلينكون (1378 – 1397).
    كريستفورو ماروني (1397 – 1404).
    آنجيلو آسيايولي (1404 – 1408).
    أنتونيو كالفي (1408 – 1411).
    بيدرو دي فيراز (1412 – 1420).
    أنتونيو كورير (1420 – 1434).
    جياردانو أورسيني (1434 – 1438).
    جوليانو سيزاريني (1439 – 1444).
    بيترو باربو (1445 – 1464).
    ريتشارد أوليفر (1464 – 1470).
    جيوفاني زينو (1470 – 1501).
    جان لوبز (1501).
    آبولتيو دي آستي (1501 – 1520).
    ماركو كورنارو (1520).
    فرانشيتو أورسيني (1520 – 1530).
    فرانسيسكو كورنارو (1530 – 1543).
    آليساندور فرانيسي (1543 – 1589).
    جيوفاني بالوتا (1589 – 1620).
    سكيبيوني كافاريللي بورجيسي (1620 – 1633).
    فرانسيسكو باربريني (1633 – 1667).
    كارلو باربريني (1667 – 1704).
    فرانسيسكو نيرلي (1704 – 1708).
    آنيبال آلباني (1712 – 1751).
    هنري بندكت ستيارت (1751 – 1807).
    روميالدو بارتشي أونستي (1807 – 1817).
    آليساندور ماتي (1817 – 1820).
    بيترو غاليفي (1820 – 1837).
    جياكومو غيستينياني (1837 – 1843).
    ماريو ماتي (1843 – 1870).
    نيكولا باراشياني (1870 – 1872).
    إدواردو بورميو (1872 – 1881).
    إدوارد هونارد (1881 – 1892).
    فرانسيسكو براشياني (1892 – 1894).
    مارينو ديل تيندارو (1894 – 1913).
    رافاييل ماري ديلا فال (1914 – 1930).
    فديريكو تيديسشياني (1939 – 1959).
    بابلو ميريلا (1961 – 1983).
    آريليو سابتاني (1983 – 1991).
    فيرجولي نو (1991 – 2002).
    فرانشيسكو مارشيسانو (2002 – 2006).
    آنجلو كوميستيري (10 أكتوبر 2006 – الآن).
    إحصاءات وأرقام

    تكلفة تشييد الكاتدرائية: 46,800,052 دوقية.[57]
    السعة: 60,000 نسمة.
    طول الرواق: 639.8 قدم (195.0 م)
    طول الردهة الداخلية: 451 قدم (137 م)
    عرض صحن الكاتدرائية: 90.2 قدم (27.5 م)
    عرض حنية الكاتدرائية: 78.7 قدم (24.0 م)
    عرض الردهة الداخلية: 451 قدم (137 م)
    ارتفاع صحن الكاتدرائية: 151.5 قدم (46.2 م)
    المساحة الكلية: 227,070 قدم مربع (21,095 م2)
    المساحة الداخلية: 163,182.2 قدم مربع (15,160 م2)
    الواجهة، بالطول: 167 قدم (51 م) بالعرض: 375 قدم (114 م)
    طول الأعمدة الداخلية: 92 قدم (28 م)
    محيط أعمدة صحن الكنيسة: 240 قدم (73 م)
    ارتفاع فانوس القبة = 63 قدم (19 م)
    ارتفاع فانوس القبة مع الصليب = 8 and 16 قدم (2.4  و  4.9 م )
    للحصول على معلومات بشأن طول وعرض الكاتدرائية وارتفاعها، وعرض وارتفاع القبة، انظر القالب بداية الصفحة.

  • تعرف على ( كاتدرائية القديس بطرس البابوية في إبطالية Basilica Papale di San Pietro in Vaticano )

    تعرف على ( كاتدرائية القديس بطرس البابوية في إبطالية Basilica Papale di San Pietro in Vaticano )

    كاتدرائية القديس بطرس

    صورة
    من ويكيبيديا
    كاتدرائية القديس بطرس البابوية
    Basilica Papale di San Pietro in Vaticano (إيطالية)
    Basilica Sancti Petri (باللاتينية: )

    أماكن رئيسية داخل الفاتيكان
    1. المسكن البابوي: حيث توفي البابا يوحنا بولس الثاني، 2 أبريل/نيسان 2005
    2. قاعة كليمنتين: الكرادلة ومسؤولون آخرون يلقون النظرة الأخيرة على جثمان البابا
    3. كنيسة القديس بطرس: العامة يودعون جثمان البابا، الذي يدفن أيضا في الكنيسة
    4. كنيسة السيستين: الكرادلة يجتمعون لاختيار من يخلف البابا
    5. ساحة القديس بطرس: القداس الجنائزي يجري فيها يوم الجمعة

    كاتدرائية القديس بطرس في الصباح الباكر.
    معلومات أساسيّة
    الموقع     الفاتيكان
    الإحداثيات الجغرافية    41°54′8″N 12°27′12″E / 41.90222°N 12.45333°Eإحداثيات: 41°54′8″N 12°27′12″E / 41.90222°N 12.45333°E
    الانتماء الديني    الكنيسة الرومانية الكاثوليكية
    تاريخ الرسامة    1626م
    الطبيعة    كنيسة كبرى
    العمارة
    المصمم    دوناتو برامنتي
    أنطونيو دا سانغالو الأصغر
    ميكيلانجيلو دي لودفيكو بوناروتي
    يعقوب باروتسي دا فينيولا
    جياكومو ديلاّ بورتا
    كارلو ماديرنو
    جان لورينزو برنيني
    الطراز المعماري    عصر النهضة والباروكيه
    بدء الإنشاء    1506م
    تاريخ الانتهاء    1626م
    المواصفات
    الطول    220 مترًا (730 قدمًا)
    العرض    150 مترًا (500 قدم)
    أقصى ارتفاع    138 مترًا (452 قدمًا)
    ارتفاع القبة (خارجيًا)    42.0 مترًا (137.7 أقدام)
    عرض القبة (داخليًا)    41.5 أمتار (136.1 قدم)
    كاتدرائية القديس بطرس أو بازليك القديس بطرس وتعرف رسميًا باسم بازليك القديس بطرس البابوية (باللاتينية: Basilica Sancti Petri)، كنيسة كبيرة بنيت في أواخر عصر النهضة في القسم الشمالي من روما وتقع اليوم داخل دولة الفاتيكان رسميًا. كاتدرائية القديس بطرس تعتبر أكبر كنيسة داخلية من حيث المساحة،[1] وواحدة من أكثر المواقع قداسةً وتبجيلاً في الكنيسة الكاثوليكية، وقد وصفها عدد من النقاد بأنها “تحتل مكانة بارزة في العالم المسيحي”، وبأنها “أعظم من جميع الكنائس المسيحية الأخرى”.[1] بالإضافة إلى وصفها بكونها من الجمال وتناسق الخطوط في الذروة”.[2] سبب التبجيل يعود، لأن الكاتدرائية وبحسب التقليد الكاثوليكي تحوي ضريح القديس بطرس، ويقع الضريح مباشرة تحت المذبح الرئيسي للكاتدرائية والذي يسمى “مذبح الاعتراف” أو “المذبح البابوي” أو “مذبح القديس بطرس”.[3] القديس بطرس هو أحد التلاميذ الاثني عشر ومن المقربين ليسوع، وبحسب العقائد الكاثوليكية فإن يسوع قد سلّمه زمام إدارة الكنيسة من بعده، وبالتالي كان بطرس البابا الأول للكنيسة الكاثوليكية وكذلك أول أسقف لمدينة روما. تشير البحوث المستقلة التي أجريت بين عامي 1940 و1964 خلال حبريات بيوس الثاني عشر ويوحنا الثالث والعشرون وبولس السادس إلى صحة التقاليد الكاثوليكية بشأن مدفن القديس بطرس؛[3] ومنذ تشييدها في القرن السابع عشر دفن أغلب البابوات في أضرحة منفصلة على امتداد الكنيسة أو في الصالة التي تقع تحتها، وذلك كإشارة رمزية بوصفهم خلفاء القديس بطرس.
    الموقع الذي تشغله الكنيسة، كان محط تبجيل من قبل مسيحيي روما منذ القرون الأولى، وقد ذكر المؤرخ الروماني غايوس في بداية القرن الثاني عن “الضريح المجيد” الذي يبجله المسيحيون في المدينة؛ وبعد إعلان المسيحية كدين رسمي للإمبراطورية الرومانية عمد الإمبراطور قسطنطين إلى تشييد كنيسة فوق المدفن الأصلي سميت “الكنيسة القسطنطينية” نسبة إلى بانيها الإمبراطور. بنيت الكنيسة الأولى بدءًا من العام 320 وبداعي التقادم الزمني من ناحية والثورة الثقافية في عصر النهضة عمد البابوات منذ يوليوس الثاني إلى ترميم ومن ثم بناء الكاتدرائية بشكلها الحالي، وقد أدت الظروف السياسية والاقتصادية من ناحية وبعض العقد الهندسية كطريقة تشييد القبة الكبرى من ناحية ثانية، إلى تأخر إتمام عمليات البناء لما يربو القرن من الزمن. إذ بدأ العمل يوم 18 أبريل 1506 وانتهى في 18 نوفمبر 1626.
    تحوي الكاتدرائية على عدد كبير من القطع الفنية التي تعود لفترة عصر النهضة والفترات اللاحقة لها، ولعل من أهمها أعمال مايكل آنجلو،[4] كما أنها مدرجة كجزء من الفاتيكان على لائحة التراث العالمي، ومنذ العام 1960 مدرجة في “السجل الدولي للأعمال الثقافية تحت الحماية الخاصة في حالة الصدام المسلح”.[5] في الواقع فعلى الرغم من شيوع لفظ كاتدرائية في توصيفها، فإن هذه التسمية ليست دقيقة؛ إذ كلمة كاتدرائية وهي مشتقة من الفعل اليوناني كاتدرا (باليونانية: καθέδρα) بمعنى “كرسي”، نظرًا لكون الكاتدرائية تحوي الكرسي أو المقر الرسمي للأسقف؛ غير أن المقر الرسمي لأسقف روما هو كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني، إحدى الكاتدرائيات الثلاث التي تقع في روما وتتبع سيادة الفاتيكان، ولذلك يعمد البعض إلى وصفها بعبارة بازليك القديس بطرس، أي كنيسة كبيرة دون أن تكون مقرًا أسقفيًا لتنال توصيف كاتدرائية بشكل رسمي. وعلى الرغم من ذلك فإن عبارة كاتدرائية القديس بطرس تعتبر أكثر شيوعًا. وعلى العموم، فإنه قبل بناء البازليك بالشكل الحالي وكذلك القصر الرسولي بقربه، فإن البابا كان يقيم في القصر اللاتراني في روما.
    تحوي الكاتدرائية على 777 عمودًا و44 مذبحًا و395 تمثالاً، إلى جانب عدد من الأضرحة والأيقونات الأخرى، وقد ألحق بها متحف خاص للآواني المقدسة والثياب الكهنوتية المستعملة بها.[6]
    قبل الكاتدرائية الحالية
    مدفن القديس بطرس والضريح الأول
    صورة بانورامية لقلب الكاتدرائية، ويظهر في صدر الصورة المذبح البابوي تعلوه مظلة برنيني القائمة مباشرة فوق ضريح القديس بطرس، وأمامهما فسحة الاعتراف، المدخل إلى المدفن.
    وفق عقائد وتقاليد الكنيسة الكاثوليكية، فإنه بعد يسوع قام أحد التلاميذ الاثني عشر المدعو سمعان بطرس، أحد الصيادين من الجليل والذي عينه يسوع رأسًا للرسل مفوضًا إياه شؤون إدارة الكنيسة من بعده، بالسفر إلى روما مبشرًا بالمسيحية. وتعني كلمة “بطرس” في العربية الصخر أو الحجر، وهو الاسم الذي أطلقه يسوع عليه. بطرس لم يتنقل إلى روما مباشرة، وإنما مكث في فلسطين ومن ثم في أنطاكية قسطًا من الزمن يدون أحداثه سفر أعمال الرسل، وبعد حوالي ثلاثين عامًا انتقل إلى روما مؤسسًا كنيستها، ومن ثم صلب في العام 64 أو 67 خلال عهد الإمبراطور الروماني نيرون؛ وكان عملية صلبه واحدة من عمليات الصلب والقتل التي لحقت بالمسيحيين في روما في أعقاب الحريق الكبير الذي أشعله نيرون، ويعتبر اضطهاد نيرون أول اضطهاد للمسيحيين في الإمبراطورية الرومانية؛ وبحسب ما نقل أوريجانوس فقد صلب بطرس رأسًا على عقب، وذلك بناءً على طلبه لأنه اعتبر نفسه لا يستحق أن يموت بنفس الطريقة التي مات فيها يسوع.[7] عملية الصلب وقعت بالقرب من مسلة مصرية قديمة كان قد جلبها الإمبراطور كاليغولا من مصر، ونصبها في قلب ملعب نيرون الذي شهد العديد من عمليات إعدام للمسيحيين، وفي القرن السادس عشر نقلت المسلة إلى وسط ساحة القديس بطرس بوصفها أحد الشواهد على قتل القديس بطرس.
    حسب التقليد أيضًا، فإن القديس بطرس قد دفن في أحد التلال القريبة من موقع الملعب، وهو المكان الذي ترتفع فوقه حاليًا الكاتدرائية. وبموجب البحوث التي قامت بها جهات مستقلة بين عامي 1940 و1964 خلال حبريات بيوس الثاني عشر ويوحنا الثالث والعشرون وبولس السادس تم تأكيد صحة التقاليد الكنسية في هذا الخصوص،[8] فبحسب الحفريات التي أجريت تحت الكاتدرائية، استدل على أن الضريح الأول كان قبرًا بسيطًا ومحفورًا في الأرض من الحجر الأحمر؛ ويبدو من خلال النقوش المكتشفة، أن عناية مخصوصة كانت تكلؤه منذ البدء، وهذا يتفق مع ما نقله عدد من المؤرخين الرومان، لعل أبرزهم هو المؤرخ غايوس الذي أشار إلى الضريح المجيد الذي يكرمه المسيحيون في روما وذلك في القرن الثاني.[9]
    من المكتشفات التي عثر عليها تحت الكاتدرائية، تبين أن عددًا متزايدًا من المسيحيين في روما دفنوا بالقرب من الضريح خلال القرن الثاني، وأن المنطقة الأصلية قد سورت لفصلها عن المقبرة الخارجية، على أن العديد من الكوى المخصصة لإيقاد الشموع أو الفتائل حفرت على هذا السور. إلى جانب نقوش عديدة للحرفين P و E في إشارة إلى بطرس قد وجدت مكتوبة باللاتينية، إضافة لأدعية وابتهالات عديدة وصيغ تتضمن كثيرًا من أسماء الموتى، وتظهر عبارات تفخيم ليسوع وبطرس مرات عديدة أيضًا.[10] كما اكتشف بعض النواويس والأضرحة لبابوات من قرون مختلفة اختاروا أن يدفنوا قرب القديس بطرس ككلمينت الثامن عام 1594 وكاليستوس الثاني عام 1123 وغريغوري الأول عام 604.
    بعد نقب السور الأصلي، وجدت فسحة تعود لما بعد بناء الكنيسة القسطنطينية تحوي فتحة فيها أجزاء من عظام مكفنة في نسيج أرجواني مرصع ببعض الأحجار الكريمة؛ وعلى الرغم من أنه لم يجري أية بحوث على العظام نفسها، إلا أن البابا بيوس الثاني عشر وفي رسالة عيد الميلاد يوم 23 ديسمبر 1950 أعلن اكتشاف قبر القديس بطرس، استنادًا على المعطيات الداخلية الضمنية ومنها التقليد الكنسي وروايات المؤرخين، والعناية الخاصة بالقبر المذكور.[11]
    ملعب نيرون، الذي شهد عملية الصلب، يقع حاليًا ضمن حدائق الفاتيكان.

    الفاتيكان: أصغر دول العالم لكنها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية
    الكنيسة القسطنطينية
    جزء من سلسلة
    الفاتيكان
    الكرسي الرسولي
    البابا • فرنسيس
    القديس بطرس • الباباوات السابقون
    كاردينال • مجمع الكرادلة
    الكوريا الرومانية
    كاتدرائية القديس بطرس • كنيسة سيستين
    الساحة • المتاحف • المكتبة
    الحدائق • الأرشيف • الحرس
    القصر البابوي • بيت القديسة مرثا
    العَـلم • الشعار
    اتفاقية لاتران
    الكنيسة القسطنطينية أو كاتدرائية القديس بطرس كما كانت تبدو قبل تشييد الكاتدرائية الحالية، حوالي عام 1450. الرسم يعود للقرن التاسع عشر، وتظهر في الصورة المسلة المصرية التي لا تزال قائمة إلى اليوم.
    بدأت عملية بناء الكنيسة القسطنطينية بناءً على أوامر الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول حوالي العام 326 أو 333 واستمر العمل ثلاثة عقود بعد أن تم طم سبعة أمتار لتسوية سطح الأرض والحفاظ على الضريح بشكله الأول، أما مخطط الكنيسة فقد كان على شكل صليب إغريقي ضخم، وساهمت قوة المخططات ومتانة البناء على صموده اثني عشر قرنًا كاملاً، حتى بناء الكاتدرائية بالشكل الحالي؛ وقد احتلت الكنيسة القسطنطينية، بوصفها ضريحًا للقديس بطرس مكانة حج هامة في روما ومن ثم أصبحت أحد معالمها الدينية الرئيسية؛ كما أصبحت المكان التقليدي لتقليد البابوات المتعاقبين شؤون حبرياتهم، وشهدت الكنيسة أيضًا عام 800 تتويج شارلمان كإمبراطور للإمبراطورية الرومانية المقدسة، لكنها تعرضت عام 846 لمحاولة نهب وتدمير، ألحقت أضرارًا بليغة بها، غير أن البابا غريغوري العظيم قام بترميمها، وكذلك فعل البابا كاليستوس الثاني في القرن الثاني عشر.[12]

    أخذ الحديث يدور حول ترميم الكنيسة منذ القرن الخامس عشر، وبالفعل بعد انتهاء انشقاق أفينغون رعى البابا مارتن الخامس عملية ترميم أشرف عليها ليون باتيستا ألبرتي ورسويلينو برناردو، ولم تتوقف عمليات الترميم والإضافة على البناء الأساسي طوال القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر، أي حتى الشروع ببناء الكاتدرائية الجديدة. وفي الواقع، فإنه حتى عندما شرع البابا يوليوس الثاني بناء الكاتدرائية الجديدة، كان المخطط قائمًا على توسيع وترميم الكنيسة القسطنطينية دون هدمها بالكامل، وطوال القرن السادس عشر كان المهندسون يتجاذبون مخططات بعضها رام ترميم الكنيسة وتوسيعها والبعض الآخر وجد إعادة بناء كنيسة جديدة بالكامل.[13]

    كانت الكنيسة القسطنطينية مؤلفة من خمسة أروقة وصحن واسع في المنتصف على جانبيه ممرات تؤدي إلى صحنين آخرين أصغر حجمًا، وقد زينت الكنيسة بواحد وعشرين عمودًا من الرخام الأبيض المهداة من قبل الإمبراطور قسطنطين، أما سقفها فكان مغلفًا بالخشب وقد جدد عدة مرات، وفي القرن الرابع عشر رسم عليه عدد من الصور والأيقونات الفسيفسائية الكبيرة الحجم من تصميم نافيسيلا بين عامي 1305 و1313، وأكبر الأيقونات تمثل القديس بطرس وهو يمشي على الماء إلى جانب أحد عشر رسمًا آخر يمثل مقاطع من العهد القديم والعهد الجديد؛[14] وقد زين السقف أيضًا مع تعاقب البابوات بالثريات. أمام الكنيسة كان هناك ساحة متوسطة الحجم، على شكل صليب دعيت “حديقة الجنة”، كما كان للكنيسة خمسة أبواب غير أن بعضها قد أضيف خلال المرحلة اللاحقة لتشييدها في القرن الرابع.

    أما المذبح، فبدوره كان مزينًا بمجموعة من الأعمدة المهداة من قبل الإمبراطور قسطنطين وهي مصممة وفق وصف الهيكل المقدس كما ورد في سفر الملوك الأول؛ وعندما بنيت الكاتدرائية بالشكل الحالي أوحت هذه الأعمدة لبرنيني ليقوم بتصميم مظلته البرونزية ذات الأعمدة الأربع الملتوية، بحيث كانت تشابه الأعمدة السابقة.[15] أما الأعمدة السابقة، سواءً أكانت في الكنيسة ككل أو بالقرب من المذبح فقد نقلت إلى ساحة القديس بطرس، ونقل البعض من اللوحات والأيقونات الفسيفسائية إلى متاحف الفاتيكان أو بعض الكاتدرائية الهامة في إيطاليا.[16]

    لم تكن الكنيسة القسطنطينية تعتبر المقر الرسمي والوحيد للبابا، بل إن الباباوات آنذاك كانوا يقيمون في القصر اللاتراني في روما، بيد أن أغلبهم قد دفن في الكنيسة القسطنطينية في إشارة إلى الارتباط مع القديس بطرس، وعندما تم بناء الكاتدرائية بالشكل الحالي، تم نقل العديد ناوويس ومدافن البابوات، خصوصًا البابوات الذين يعودون لفترات قريبة من فترة تشييد الكاتدرائية أي بابوات القرن الخامس عشر والقرن الرابع عشر، أما القبور السابقة لذلك دمرت خلال عملية التشييد الجديدة؛ وقد نقلت النواويس المكتشفة إلى القاعة الخاصة بمدافن البابوات أسفل الكنيسة الحالية.[17]

  • رواية ” الاحتجاج ” بقلم القاص والروائي السوري نبيه اسكندر الحسن -3-

    رواية ” الاحتجاج ” بقلم القاص والروائي السوري نبيه اسكندر الحسن -3-

    رواية ” الاحتجاج ” بقلم القاص والروائي السوري نبيه اسكندر الحسن

    حمص سوريا – ص – ب – 5121 جوال 0966326100
    نبيه اسكندر الحس

    الاحتجاج
    رواية
    ( يبكي ويضحكُ لا حزناَ ولا فرح ..كعاشقٍ خطَ سطراً في الهوى وم ..من بسمةِ النجمِ همسٌ في قصائدهِ ..ومن مخالسةِِ الظبي الذي سنح ..قلبٌ تمرسَ باللذاتِ
    وهو فتى كبرعمٍ لمستهُ الريح   فانفتح مالي الآقاحيةِ السمراءِ قد صرفت عنا هواها أرقُ الحسنِ ما سمح لو كنتِ تدرينَ ما القاهُ من شجنٍ لكنتِ أرفقَ من آسا ومن صفح )

    سأل صابر ذاته :” ما العلاقة بين جلوي والأفاعي ؟.سؤال حير أهل القرية من بيت الجردي إلى بيت الكردي “؟.
    رجل يلبس قنبازا كرجال الدين  ومعطفا أسود ،وعمامة لها لونين ،ويحزم كرشه المندلق إلى أسفل بشكل كروي ،ينتعل جزمة لها مهماز فارس ، لم يمتطي دابة ، وصل مضافة المختار،وقف بين الناس ،قبل احتساء الماء الملون ،نظر إلى رجل :
    – رقطاء سمها زعاف في بيتكم.
    اتسعت  عينا الرجل خوفا،كأنه أصيب بدوار ،لكن صابر  استدرك :
    – كيف عرفت ؟.
    – لن أقول شيئاً الماء تكذب الغطاس والتجربة أكبر برهان ،هيا لأسحبها من جحرها ،وأضع تعويذاتي ،كي لا يدخل الشر بيتكم  .
    هدأت العبارات من خوف الرجل ،وأعادته إلى طبيعته ،انفرجت شفتا صابر حين ،قال الشيخ  :
    – عشرة ليرات لا غير .
    تدخل المختار :
    – من حضرتك يا شيخنا ؟.
    التفت جلوي إليه وبنبرة الواثق :
    –  جلوي ي يعرفني أهل الشرق والغرب ،صاحب المقامات ،سجان الأفاعي ،مدوخ العمائم في العلم الإلهي والطبيعي ،المبعوث إليكم من قبل رب العالمين ،مخلصكم من الشرور.
    صب المختار سائل القهوة المرة ،قدم الفنجان والحيرة تأكل لبابه :
    – أهلا بك .
    ارتشف الشيخ الشفة ،هز الفنجان ،ثم وجه كلامه للمختار :
    – أتحسب أن بيتكم خال من الأفاعي ؟.
    وانفلتت من فمه ضحكة ساخرة ،مشى الرجل ومن وراءه الشيخ ،وحشد من الناس يحتفون به ، وصل إلى البيت أبو العز ، تجمع الرجال والنساء ليشاهدوا المعجزة ،دخل أبو العز إلى الإسطبل ،أخلاه من الطيور ،والماعز ،بناء على رغبة الشيخ ،الذي راح يقرأ التعاويذ بصوت جهوري ،وحين
    دخل أغلق الباب خلفه .ثمة شوشرة بين الناس  يعرفون أن ثمة من يمسك الأفاعي ،أحد الشباب:
    – لا أحد يعلم بالغيب إلا الله .
    أجابه رجل مسن :
    – كيف عرف أن في بيت أبي العز أفعى .
    – هذا رجل دجال .
    صرخ والده بوجهه :
    – اللعنة عليك ألا تحترم جلوي.
    لحظتها صرخت امرأة :
    – انظروا .
    خرج الشيخ وعلى هامته أفعى رقطاء ،وراح يداعبها ويضع خده على جلدها الأملس :
    – أتعرف من أين جاءت هذه المباركة ؟
    جعل المشهد  الناس في حيرة ،والواقع يفرض نفسه ،حيث بدأ الناس يبجلونه ، نظر في وجه أحدهم ،وأشار بإصبعه :
    – أفعى بيتكم من لون آخر .
    فطلب منه إخراجها ،وراح يتنقل من بيت إلى آخر ،استطاع القبض على ست أفاعي.قبل انحدار الشمس باتجاه البحر لتطلي الأفق بلون احمر عائدة إليه لتبدأ من جديد ،بعد أن تفترش سريرها الحريري ،ووسادتها من غيوم الصيف الباهتة ،لعلها تغازل القمر كأنها تشي برسائل العشاق
    ،وثمة سحب تتمدد لتنشر وشاحا .دخل أحدهم إلى المضافة عاقدا ما بين حاجبيه ،وقطرات من العرق على أرنبة أنفه تشي بالغضب لا يمكن الإفصاح عنه إلا في اللحظات المناسبة ،تفرس وجه الأستاذ في حيرة كباقي الناس المجتمعين في بيت المختار ،فاختاروه لمعرفة سر جلوي ،دعاه إلى
    منزله ،لينفرد به .
    في أثناء ذلك ،عاد ” صابر ” من اللعب ،كان شغله الشاغل العراك والركض في أزقة القرية ،شعر بألم الجوع ،تسلق الجدار وهبط بهدوء كي  لا يشعر بقدومه أحد  ،دخل غرفة الضيوف ،وجد الذي لم يكن يتوقعه ،حيث كان الضيف يطلق شخيرا مصحوبا بصفير من أنفه ،أشعل (بابور الكاز)
    ،وراح يبحث عن السكر لمست أصابعه كيسا تناوله وخرج إلى ضوء القمر فوجئ بأنه مليئا بالأفاعي ،أعد الكيس ونسي الطعام ،حاول النوم ،عبثا فعل ، فبدت الأفاعي ترتسم أمام ناظره تحت اللحاف ،وشخير الشيخ يزيد الأمر ،لا يدري من أين جاءت الفكرة ،تناول سله من القش ،وضع
    الأكياس في داخلها ،ليبعدها عن غرفة نومه ،خوفا من الكوابيس المرعبة ،فجأة سمع سعال والده  :
    – ما هذا ؟.
    -أفاعي وجدتها في الكيس ؟.
    – ماذا ستفعل بها ؟.
    – سأبعدها عن غرفتي .
    – انتظر
    التفت :
    – خذها إلى المقبرة وضع السلة في المقام .
    هناك تخيل أشباحا ذات رؤوس تشبه رؤوس الأفاعي ،لها ذيول طويلة ملساء ،رآها تطارده ،فأخذ يستحضر ما حفظه من كل آيات الذكر الحكيم ،وجمع كل ما يملك من شجاعة ،دفع السلة من بوابة صغيرة ،و بنى حولها الأحجار .عاد مسرعا كأنه هارب من ،جحفل شياطين .
    – خذ فراشك ونم في غرفتي .
    دخل الغرفة ،لم يستطع النوم فأخذ يعد أعواد سقف البيت ،حتى غالبه النعاس ،ونام  دون طعام ،راودته الأفاعي في المنام ،فنهض مذعورا رأى العصافير تنقر أبواب الفجر ،كتب وظائفه  وحفظ بعض الدروس ،ثم حمل محفظته ،وهرول إلى المدرسة في الحصة الأولى قال المدرس :
    – من علمني حرفا صرت له عبدا .
    أجاب صديقه :
    – بلا علم بلا علاك الحرية أسمى .
    كان يكتب بدون رغبة مع أنه يحب مادة اللغة العربية ،لكن موضوع الأفاعي قد سيطر على كيانه ،فراح يتخيل أعيان الضيعة ،وهم يسألون النوري ويشتمونه ،وتخيل أنهم يسلخون جلده .لكن في المساء لم يجد الشيخ ،عرف أنهم طردوه ،لم يكتف بالمعلومة ،وبأسلوبه عرف أنه عند المختار
    ،ينتظرون مجيء الدرك هيئ له أن الدرك سيطلبونه كشاهد  ،وحين وصل المضافة ,رأى الرجال ينتظرون .
    كان الناس يتوزعون على شكل جماعات ،يؤلفون القصص والأحاجي هذا يؤيد وذاك يكذب والجميع يدركون أن لعبة الشيخ لعبة احتيال وابتزاز ،لكن تعميم مثل هذه العبارات تقابل بالرفض عند الأغلبية .في تلك اللحظة حضر السائس الذي كلفه المختار بمراقبة الطريق لمعرفة حضور الدرك
    الذين سيأخذون جلوي إلى  السجن ،وحين أقبل :
    – جاء الدرك يامختار .
    وقف المختار ،ودنا من السائس وراح يوشوشه ،لم يبق لدينا شعير ،وأنت تعرف العريف لا يهون عليه حصانه ،دبر الأمر .
    –  لا يهمك .
    عوذل المختار  وحوقل ،ودار في مكانه ،حتى وقع بصره على إوزات قرب الساقية ،فصرخ بصاحب الإوزات:
    –  خبأهم قبل حضور العريف .
    – ليش يامختار ؟.
    –  سيأخذ بعضها .
    خرج أحدهم وبسرعة جمع الإوز  وساقهم إلى البيت ،قدم النصائح لمن حوله لاقتناء مثل إوزاته ،لأن هذه الطيور لا تكلف شيئا ،وبيضة واحدة تكفي رجل .
    طلت خيول الدرك من منعطف الزقاق ،ركض السايس وأمسك عنان حصان العريف .فجأة هرب أحدهم  إلى بيت الجيران ،أبعده الشيخ عن أعين الدرك ،ريثما يتم اتخاذ القرار ،بيد أن العريف أمر الشرطيين بالترجل ،كانا يحملان معهما بندقيتان ذات حراب طويلة .رحب المختار بهم .
    رد العريف :
    – هيك يا منظوم تأتي إلى الناحية.لسنا قد المقام .
    ثم لوح بالسوط :
    – أين جلوي سأسلخ جلده !.
    دخل السايس يطمئن المختار بأنه وضع العلف للخيول  . كان العريف يسند بندقيته على الجدار ، ووضع السوط بمحاذاة الفرش  ،وقال مداعبا السايس :
    – قل يا مختار ما سّر سائس الخيل يحب الخيول المخصية ؟.
    أختصر السائس :
    – إذا خصيت الخيول تحافظ على قوتها .
    ضحك العريف وغمز زوجة المختار :
    يعني لو خصينا  جلوي يبقى محافظا على قوته ؟..
    أدرك السائس ما رمى إليه :
    – بكسر الهاء لا يستطيع أحد أن يخصي جلوي قل الله يستر .
    وقطع الكلام خوفا من غضب العريف ،لكن الأخير :
    – سأريك أن الدرك عند كلامهم ..
    – جلوي موجود ،وإن كنت حكومة نفذ ما قلت .
    أعلن العريف عن غضبه :
    – وأخصيك أنت أيضا .
    – محسوبك تم خصيه من أيّام ” العصملي ” ..وأبي وجدي أيضا أسأل الأكبر منك سنا ،والسلام .
    وخرج من المضافة ،يقول للناس حضرته يحسبني لا أفهم :
    – قسما لا يستطيع أن يفعل شيئا لا مع جلوي ولا غيره كل ما هناك يأخذونه للتحقيق .رحل زمن ” البيكوات ”  ،ونحن في زمن حرب بور سعيد .
    صب المختار القهوة لهم ، اهتز كرش العريف من سعال يرافق ضحكاته .فقال المختار :
    – أراك غاضبا ،انتبه إلى رجال الله ،هؤلاء لهم كرامة  ،لا تغلط مع جلوي لقد رأيناه كيف يقبض على الأفاعي ،ولو سمعت ذلك من أحد لما صدقت .
    ردّ أحد الحضور :
    – جاء جلوي إلى امرأة في المنام وفلح عليها مساحة فدان من الأرض كما يفلح المزارع على بقرته ،لمجرد أنها أساءت له ،ومازالت رقبتها مشبوكة ،ولن يحلها إلا الله ودعاء جلوي ،على المرء الانتباه.
    راح العريف يتلمس عنقه تارة وتارة يتلمس صدره في محاولة إخفاء خوفه فقال :
    – جيء به يا مختار علي أن أكتب الضبط ،وإلا المساعد سيعاقبني ،وأنت تعرفه ..
    فانفض الناس من المضافة ،ولم يبق سوى أعيان القرية ،وهم في حيرة من أمر جلوي ،مع أنه اعترف أمام الجميع بأنه كاذب ،وأنه انتحل هذه الصفة بغية أن يؤمن الطحين لأولاده خوفا من شتاء قارس .

    13

    عاد ” صابر ” إلى البيت خوفا أن يصاب بأذى المطر ،دخل على زوجه ،وجدها طريحة الفراش تعاني من مرض مفاجئ ،ومازالت في ريعان الشباب ، كان يحبها كثيرا ،قبل أن يسعفها إلى المشفى سألته :
    – كيف حصلت على المال ؟.
    – أرجوك …أنت بحاجة للراحة …
    – ولكن …
    – لا تشغلين بالك .
    تعرف أنه لم يملك شيئا من المال ،يومذاك جمع من رفاق العمل بعض المال ،كجمعية يأخذها كل واحد  حسب ترتيبه بالقرعة ،أيعقل أن يعترف لها بالحقيقة ،تمنع الكرامة أن يبوح الرجل لزوجه بكل شيء.وخصوصا في وأوقات المرض .
    اسند رأسها على كتفه ،وطوقها بذراعيه ،وهما في جوف سيارة الإسعاف ،ما إن وصلت السيارة إلى المشفى ،حتى أسرعت الممرضة ونقلتها إلى غرفة الإنعاش ،وقف صابر ينتظر على أحر من الجمر ،فجأة خرجت الممرضة ،تسأل :
    – من صابر ؟.
    – نعم .
    – زوجتك في حالة مخاض ،وعليك مقابلة المدير .
    ولج غرفة المدير ،لم يكن يدري أن المدير يخفي شيئا ،وراء بشاشة وجهه فقال :
    – الأمر بسيط …نريد موافقتك على إجراء العمل الجراحي .
    وقع بصره على عبارة احتشاء في عضلة القلب ،لم يدر من هو المقصود، الجنين أم الأمّ ،وجد نفسه محاطا بكل أتون الخيارات ،كتب اسمه على الأوراق ووقع عليها ،على مبدأ الطبيب يعرف واجبه ،وقبل أن يغادر الغرفة طلب المدير:
    – أجرة العمل الجراحي مبلغ كذا …
    – أليس المبلغ كبيرا ؟.
    – خذها إلى مشفى عام .

    أختزل طلب الطبيب مساحة عمر تجمعه ورقة فضفاضة ، تلقى في سلة مهملات ،دفع كل ما بحوزته من مال ، ولم يبق لديه إلا بضع قطع معدنية لا تفي بشيء ،وعليه أن يتدبر أمره على جنح السرعة ،خرج من غرفة المدير.كانت الممرضات يركضن في البهو ،ألقى نظرة سريعة على غرفة
    العمليات ،تخيل أشباحا في داخلها ،لمح أمامه جسد ممدد ،لم يدرك أنه جسد زوجه ،فغض الطرف عن ساق عار ، انبرى إلى الشارع ،يبحث عن مكتب عقاري ،حس بفرح حين وجد ضالته ،فلم يساوم على السعر ،رهن بيته مقابل مبلغا لا يتعدى ثمن أرض زراعية غير معدة للبناء ،عاد أدراجه
    إلى المشفى ،دفع المبلغ للمدير ،وفجأة وجد نفسه يغوص بالفاجعة .
    كان الطبيب يرصد حركاته وموجات الكآبة ،وبدت عروقه بارزة  تلتف حول جبينه العالي ،بدت كخرائط بلدان يضمر الأعداء على تقسيمها ،وقد سموها الشرق الأوسط الجديد دنا الطبيب منه :
    – هون عليك …الموت قانون الحياة ،وليس إلا حالة تعيدنا إلى السكينة والإيمان بالله .
    – هل نعتبر فساد الأخلاق إيمان .؟..
    تركه الطبيب وأغلق باب غرفته ،تجمع الناس وعمال المشفى على صراخه واحتجاجه .قال أحدهم :
    – جنّ الرجل !….
    اخترقت كلماته جدران الزمن ،اندفعت كشلالات ،تحرك الأشياء الهاجعة ،وترصد دوائر مكتب المدير ،الذي يرغب بامتصاص كل شيء ،قبل بروزه للعيان ،ليحوله إلى أطياف ماضية في أتون ،تحوله الأصابع إلى ذكرى .
    فجأة خرج شرطيان من مكتب المدير ،وضعا الجامعة بيد ” صابر ” دفعاه بقوة إلى جوف السيارة ،فأحس أنه خرج من داخل إسفنجه ماصة للكلمات ، وثمة تساؤلات في عيني الشرطي ، لم يعرفها ” صابر ” طيلة عمره .

    بدأ رحلته مع نفسه بشفافية ليل رطب و ريح ندية، تعرت الطفولة ،و تجردت الروح عن الثوابت ، خرج من سجن المخفر، بعد ساعات حيث أحضرت الشرطة سيارة الإسعاف و نقلت الزوجة إلى مثواها الأخير .
    مشى مع الجمع وراء الجنازة و من أمامهم الشيخ الذي سمعه يكفر لكنه صمت حتى نهاية التلاوة فتقدم صابر لينقده أجرته سحب يده حوقل و عوذل و قال :
    – أيها المارقون .
    نظر إلى عيني صابر ، رأى بحارا و أمواجا ، و ثمة طيور ستهاجمه و تغرس مخالبها في وجهه و عينيه ، فبرقت في نفسه لوثة الخوف ، فأخذ المبلغ دسه في جيبه و طلب للمرحومة متسعا من الجنة .
    بعد حديث و حوار بين الناس ، قال صابر :
    – نعطيه مالنا و يتكبر علينا .
    ضحك ضحكة حزينة ، فاستاء بعضهم من حديثه و انسحبوا واحد تلو الآخر ، و هناك قرب الحديقة تجمعوا بغية قسطا من الراحة ،و راحت ألسنتهم تسوط صابر و تقطعه إرباً .
    لكن أحد الأصدقاء أدرك ما يجتاحه من حزن و ألم ، جلس بجانبه و بكل محبة  :
    – اسمع يا صاحبي أنت لست الناصري ..
    – لكن …
    ضحك :
    – لا تستطيع أن تصلح العالم و لو أنك تدفع من دمك ثمن ذلك .
    – هذه ليست مشكلة .
    – أرجو … أن تحافظ على هدوئك .. و انتبه لنفسك و إلا خسرناك .
    دس مبلغا في جيب صابر . اغرورقت عيناه بالدموع وحصلت مشاجرة بين النفس اللوامة و بين النفس المتمردة في داخله ، فاعتذر من صديقه و تركه ينصرف إلى شأنه ،و انزوى وحيدا غريبا بائسا في عقله زخم الأفكار و آلاف الأسئلة  ، تتسلق أفكاره سقف الغرفة ، حيث بدا الوقت قطار
    يصفر دون توقف ،إلا في المحطة فآن له الالتحاق به ، كان صفيره يعلن الوصول إلى محطة سيبدأ منها الرحيل ، و كانت اللفافة تحترق بين إصبعيه  .
    تحركت المشاعر كتيار جاري ،اشتعلت شرارة في مخيلته لتستطلع حالة التأهب للأهوال في ليلة زفافه ، ازدحم المنزل بالناس وضجيج  الموسيقا يلف  أرجاء المنزل فلم يمض شهر العسل حتى أضحى فارغ اليدين وتعالت السحب الداكنة تزحف إلى القبة الفيروزية تعلن أن الشتاء على قاب
    قوسين لذا يترتب عليه أن يحضر نفسه لشتاء عاصف فكر أن يبتاع مدفأة و كمية من المازوت و مؤنه، فهو بحاجة أشياء كثيرة و لا باليد حيلة و بعد تفكير طويل قفزت فكرة إلى ذهنه فقصد جاره صاحب المنزل القريب من بيته
    ليقترض مبلغا  يفي حاجته حتى نهاية الشهر و بعد جدل مع ذاته حشد كل قوته و قرع  الباب استقبله الجار مرحبا  و انفرجت شفتاه عن أسنان مطوقة برقائق ذهبية فتذكر أحدهم حين قال بكبرياء :
    – أعمل عند متعهد و أكسب مالا  كثيرا.
    – ما عملك ؟ .
    – فقط أقوم بجمع عظام الموتى من المدفن ، و قبل ترحيلها إلى مكان آخر أتفقد أسنان الموتى و أصابعهم و لن أنسى الأضراس أيضا ، فكلما وقع بصري على خاتم أو سن ذهبي أقلعه و أحتفظ به .
    جعلته الذكرى يشرد بخياله بعيدا  و لم يصح حتى سأله جاره :
    – إيه .. نصف الألف خمسمائة . أهلا  بك يا جار الرضا ، ماذا سنشرب ؟ .
    – أرجوك …. في الحقيقة لست ضيفا  بل صاحب حاجة . ( لك أم للديب ) ؟ .
    – تفضل …
    – يلزمني بعض المال .
    أجاب صاحب الأسنان الذهبية ، ارهن مصاغ زوجك ، شعر صابر بطعنة من جاره .. لم يدرك الجار أن زوجة صابر لا تعرف الذهب لا من قريب و لا من بعيد ، فصمت صابر هنيهة فداخلته لحظات نسختها أرواح الكتب على روحه و تحكمت بانطباعاته الحديثة فلا تخرج من رفعتها إلا كما تشاء
    ممزوجة بالكبرياء ، فرجفت يده و رجف كأس الشاي بين أصابعه ، فارتشف منه رشفة بغير لذة ، و راح ينظر إلى نصف الكأس الفارغ و النصف الملآن ، فلا يجد إلا فراغا مخيفا وراء شفافية الزجاج و أخذ يبحث في نفسه عن شبيه لصاحب الأسنان المذهبة فلم يجد شبيها إلا في أحد
    الكتب المنسية على الرف فلم يأخذ منه سوى الجانب المضحك ، فضحك ساخرا .
    سأله :
    – أراك تضحك ؟ .
    فلم يرد عليه ، و دارت قصص البخلاء دورتها في رأسه :
    -رأيت كلبا أبرشا .
    – أين .. لا وجود للكلاب في حينا .
    حدق بوجه جاره جامعا جذوة عينيه :
    – نعم ، يشبهك يا جار .
    صمت الجار على حرقه و راح يستحضر جوابا فبلع لعابه :
    – و لو .. لم أتوقع هذه الإهانة من مثقف مثلك .
    نهض من مكانه بزهو مازجه فخر ينبع من أخدود عميق في النفس و وقف بمحاذاة الباب و يده على قبضة الإغلاق :
    – اسمع.. الكلب حيوان وفي للإنسان ، يبدو أني ظلمته ، وربما تحتج جميع الكلاب على وصفك بأحدهم .

    ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
    _الى اللقاء في الحلقة القادمة من – رواية ” الاحتجاج ” بقلم القاص والروائي السوري نبيه اسكندر الحسن

  • رواية ” الاحتجاج ” بقلم القاص والروائي السوري نبيه اسكندر الحسن -2-

    رواية ” الاحتجاج ” بقلم القاص والروائي السوري نبيه اسكندر الحسن -2-

    رواية ” الاحتجاج ” بقلم القاص والروائي السوري نبيه اسكندر الحسن

    حمص سوريا – ص – ب – 5121 جوال 0966326100
    نبيه اسكندر الحس

    الاحتجاج
    رواية
    ( يبكي ويضحكُ لا حزناَ ولا فرح ..كعاشقٍ خطَ سطراً في الهوى وم ..من بسمةِ النجمِ همسٌ في قصائدهِ ..ومن مخالسةِِ الظبي الذي سنح ..قلبٌ تمرسَ باللذاتِ
    وهو فتى كبرعمٍ لمستهُ الريح   فانفتح مالي الآقاحيةِ السمراءِ قد صرفت عنا هواها أرقُ الحسنِ ما سمح لو كنتِ تدرينَ ما القاهُ من شجنٍ لكنتِ أرفقَ من آسا ومن صفح )
    ……
    ظهر الغضب على وجهها ،رحلت مع الأحلام في إرهاصات اللذة ،مستسلمة لرغبة أحالتها إلى شحرورة ،خلخلت سكينة هاجعة ،وزحف الضوء باندفاع الوقت حتى إذا ما وصل نهديها ،يستيقظ الزمن المتواطئ مع شعاع يمارس زحفه فوق تضاريس جسد ،لا يعرف الوصال .منذ زمن بعيد ،كانت  تدور
    حول نفسها على إيقاع طبل غجري ،وإذ ما انتشر الضوء ،يملأ أركان الغرفة ، ينفث آخر قبس من نغمة الصباح ، فاجأتها صاعقة لطيف رجل يهيج روحها من كمد الاغتراب ،فتناديه والصبوة  تنفلت من زمامها، آتية على اللحظات ،يؤكد ذلك كله ذبول واستسلام لجسد عطش ،وقبل التئام
    الحلم ،يحدث شرخ في الموقف ،تشعر كأن طيرا سري بجناحين فضيتين ،يضرب على زجاج النافذة ،فقالت :
    – هل لديك فكرة عن مكان تواجد علوان ؟.
    – نعم .
    – هيا لنذهب إليه الآن .
    قفزت عن السرير ،وهي تقبض على صدرها ،فأسرعت تحضر نفسها للقاء رجل لا تعرفه،حاولت أن تتصل مع الماضي . تذكرت مدرساتها اللواتي تنبئن لها بمستقبل رفيع المستوى إن بقيت مثابرة على تفوقها ،وحين نالت الشهادة الثانوية ،تقدم “علوان ” وطلب يدها من زوج أمّها الذي وافق
    على زواجها دون أي تردد .ولعبت الأقدار دورا كبيرا في ذلك .قبل أن يأخذ طفلها الرضيع ،كانت تعيش بلا غاية ،تتأمله في إعجاب ، لم يكن متحمسا لذلك ،لكنه استطاع على إغوائها ،وخانتها خطاها فضلت الطريق ،وتجرعت كأس الألم .
    كان يوما من أيّام الثلج البارد ،كانت المحكمة تزدحم بالمراجعين ،لاحت نظرة خوف على محياها ، تقف في قفص الاتهام ،ناجت خيالها ،جاءها ” صابر”  يرتدي ثوبا أسود ، يتطلع بنظرات لا تخلو من اللباقة ،همست له ببضع كلمات قالت :
    – من الكرم أن تدافع عني بدون مقابل .
    – أمن الممكن أن نتحدث بصراحة ؟.
    – نعم ،أنا مستعدة .
    – تفضلي …
    – قسما لا أعرف غير علوان .
    – هذا رائع .
    كانت بنيتها تضفي عليها مسحة من النضج والصدق ،فرأى الإعجاب يلمع في عينيها،حدثها بلهجة مرحة  ،جعلتها تضع النقاط على الحروف ، روت له كل ما حدث بصدق ،منذ أن هجرها “علوان ” في أيّام الشدة ،وتركها عند زوج أمّها في قريتهم دون أن تذكر اسم القرية ،لم يقم “علوان ”
    أي اعتبار للجنين الذي تحرك في أحشائها ،كان الجنين يركلها في خاصرتها اليسرى .
    انتعش صدرها بالأمل ،حين تهلل وجهه بالفرح ،ربما لأنه سيدافع عن متهمة أحس أنها بريئة ،أدركت أنه مخلص وثاقب الرأي ،أحست أن قلبه مليئا بحب المغامرة ،كانت مرهقة تحت عبء قضية ظالمة ،حين أخذت عيناه تبرقان ،وهي في قفص الاتهام ،أثار دفاعه ضجة أمام القضاة ،أجهد
    نفسه ليخفف عنها مدة الحكم ، لكن  ” علوان ” قد حبك التهمة بدهاء ،قرنها بشهود ،فصرخت :
    – يا لآلام بني البشر .
    – اعذريني .
    طرق سمعها أنين خافت ،أعادها إلى صوابها ،أسرعت إلى سيارتها الفارهة ،اندفعت بسرعة هائلة إلى جوف المدينة ،غدت كمن يبحث عن شيء ضاع في بحر ،وجدت نفسها في شارع مكتظ بالباعة والمشردين،فكلمت ذاتها :” أليس الأمر مؤلم “؟!.
    اتجه الناس  إلى محطة حافلات  تشعبت مسالكها ،كتشعب حبال الضوء في العتمة ،طالعت الوجوه الصامتة ،تجمد ما يجول بخاطرها ، لم تتوقف ،لقد اجتازت مبنى نقابات العمال ،سرحت في صدى الذكريات قال زوجها الثري :
    – لك ثروتي .
    – وورثتك ؟.
    – أعطي كل ذي حق حقه .
    توقفت قرب سوق الدواجن ،ترجلت من السيارة ،راحت تشق حشود الناس ،وقع بصرها على صبي يبيع الدخان ،نظرت إليه ،قرأت في ملامحه أشياء وأشياء ،ثمة عينان في وجه يشبه هالة القمر ،ملطخ بنقاط سود ،يرتدي ثيابا رثة ، لم يعرف وجهه الماء منذ الشتاء المنصرم ، ذكرها بطفلها
    ” فادي ” وقف  أمامها :
    – كرمى  لله .
    دفع إليها علبة الدخان .ناولته قطعة نقدية ،نظرت إليه بعطف ،رأت في وجهه أسرارا ذكرتها بوجه ولدها الذي غاب عنها ولم تره منذ أن لفق زوجها لها تهمة ما أنزل الله بها من سلطان ، كادت تنسى ملامحه ،هزّت رأسها بحزن :
    – هل يمكنني رؤيتك ثانية ؟.
    – لا سأذهب إلى أمي .
    – أين هي ؟.
    – في البيوت البائسة .
    – جئني بها .
    – مريضة .
    – ما هو مرضها ؟.
    – لا أدري .
    – ألم تذهب إلى الطبيب؟.
    – نحن لا نعرف الأكابر .
    – خذني إلى بيتكم .
    – إن شاء لله .
    – غدا ..
    حشر الصبي  القطعة النقدية في جيبه بعد أن تفحصها ،وراح يشيعها بناظريه ،عندما عبرت من أمامه ،أحست أن وجوه الباعة الصغار كوجه ولدها ،اكتشفت سرّ ميولها لهذه الطفولة المعذبة ،راحت تعيد صورة بعيدة في ذاكرتها ،فأسرعت إلى سيارتها ،جلست أمام المقود ،تناولت الحقيبة
    ،أخرجت بعض الصور ،ثمة صورة لرضيعها على صدرها ،تفرست في الصورة تفرس من سينقش الملامح في وعاء الذاكرة ،وصورة ثانية كان الطفل  يلتهم  حلمة ثديها.ركزت عيناها في وجهه كمن ينبش الذكريات من الركام ، خيم الصمت ،وانحدرت الدموع ،فانهالت على رأسها شلالات من ألم
    الفراق ،تذكرت ذلك اليوم المشؤوم ،لقد تركها  “علوان ” تعاني من الحاجة في قرية تقع على خط المطر .ومازال الجنين في أحشائها يجهز نفسه لرؤية النور .أدارت إبرة المذياع :
    ( يا صاحب الوعد
    خلي الوعد نسيانا ).
    كانت الجدران ترجع صدى صوت ” فادي “،يبدو  لم يعرف  الطفولة ،هكذا أخبرها قلبها ،ويؤكد عقلها ذلك ،ينبغي عليها أن تعيده إلى حضنها مهما كان الثمن ،جعل الأمل وجهها يشع في المدارات ،ستعمل قصارى جهدها لتستعيد طفلا ابتلعه الضباب . من بين الوجوه تخيلت وجه أمّها
    التي قضت قهرا على فراقها ولم يكن بوسعها أن تفعل شيئا من أجل براءتها ،ومرّ طيف زوج أمّها من أمام ناظرها ،ليذكرها يوم جاءت تعتذر عن جرم لم تقم به ،صفق الباب بوجهها قائلا :
    – نسيت إن كان لي بنتا اسمها ماجدة .
    راحت تسترجع أيّاما ،غدت أسود من الليل ،لكن ثمة سجينة اتخذتها صديقة ،قدمت النصائح دون حساب ،ومازالت تذكر حين قالت :
    – اسمعي يا ماجدة من يملك المال يملك كل شيء .
    – كيف ؟.
    – كنت أعمل في منزل يقع ضمن حديقة متشابكة الأشجار ،تشبه المظلات ،وكانت صاحبة البيت قبيحة الوجه ، أظهر زوجها إعجابه بأمانتي ، اعتبرني كابنته لأنني يتيمة ،مما أثار غيرتها فهمت الأمر خطأ ،لفقت لي تهمة السرقة ،ولأنها ذات نفوذ من خلال ثروتها ،استطاعت أن تنفذ
    حقدها ،وكنت الضحية .
    ( لملمت ذكرى لقاء الأمس بالهدبِ
    ورحتُ أحضنها بالخافق التعبِ
    أيد تلوح من غيب وتغمرني
    بالدفء والضوء بالأقمار بالشهب
    مال العصافير ترنو ثم تسألني
    أهملت شعرك راحت عقدة القصب )

    نظرت في المرآة ،لمحت في عمقها وجها ينظر إليها بهيئة عابسة ،تحرت الأشياء من حولها ،ندبت سوء طالعها ،فكرت أن السماء تعاقبها ،أظهرت شيئا من عدم الرضا عن النفس ،كانت في غاية الارتباك ،وراحت تحسب الدقائق ،حين تساقط الثلج في الليل ،فكرت بالمستقبل ،ومازال كل شيء
    غامضا ،ذرعت فسحة البيت ذهابا وإيابا ،كان المغص يجتاح أمعاءها ،نادت على أمّها ،لبت نداءها ،أحضرت “قابلة ” تملك شجاعة خارقة ،وصاحبة خبرة قديمة في مثل هذه الحالات ، قامت بالواجب ،قدمت شرابا يخفف شيئا من الألم ، فحصتها بعناية ،أدركت وضع الجنين :
    – رأس المولود إلى الأعلى .
    أكدت أن وضعه بخير .
    سألتها أمّ ماجدة :
    – ما العمل ؟.
    – كالعادة .لا تنقصك المعرفة .
    كانت الأمّ في غاية الارتباك ،عيناها المتيقظتان ترنوان إلى ابنتها بين الفينة والفينة  ،أدركت أنها ترزح تحت وقع الفاقة ومهام الأمومة ، تحملت الألم بقوة وصبر ، فأسرعت تصنع مرق الزنجبيل ،هذا المرق يحمي بيت الرحم .تقدم  النصح بعدم الحركة ،والالتزام بتعليمات ”
    القابلة ” لأنها خبيرة بمثل هذه الأمور . فلم تدخر جهدا ،  تدرك أن الأمر يستحق الاهتمام ،بقيت ترقب ابنتها حتى غالبها النعاس .
    وراحت تحسب الدقائق ،لا تضيع منها دقيقة واحدة ،دون تنهيدة تذمر ،قالت لنفسها وهي تتأمل وجه ابنتها البكر :” حالتها غير طبيعية ، ينبغي أن نكون على حذر “.
    وقفت قرب السرير ،تأملت وجهها ، كانت ” ماجدة “ت رأت في الحلم طيرا كبيرا أسود اللون ينقض من الفضاء بلمح البرق يغرس أظافره الحادة في أحشائها ،يسحب الجنين ،ويطلق جناحيه للريح ،اندفعت تقتفي أثره ، تصرخ وتصرخ إلى أن اجتاز النهرين .
    شعرت الأمّ بهبوب العاصفة ،أيقظتها من رقادها وقطعت عليها الحلم ، تألمت من لسعات سوط يهوي على ظهرها ،يتكسر مع شهقة حادة .
    وقعت الشهقة على  مسمعي أمّها ،بعد صيحة ألم ،استردت زمام أعصابها فأسرعت خائفة ،ربتت على كتفها :
    – اجلسي …كما جلست ليلة الزفاف ..
    كانت صاحبة خبرة وتجربة ،استجمعت قواها،حين تجاوز  الوقت منتصف الليل ،ورسم التعب خطوطه القاسية على وجهها ،انفجرت قائلة لزوجها :
    – أحضر القابلة فورا .
    خرج ساخطا مهتاجا يكاد أن يفقد عقله مع صرخات تكاد لا تنقطع في ليلة باردة ،فقال لذاته :” والله لئحطمن رأس ابن العاهرة “.
    كان في غاية الارتباك ،فانطلق الصراخ في داخله من كل الجهات ،فجأة لم يبق سوى سكون تلفه ريح باردة ، وخطوات ليل مترجرجة يلف البيوت بظلام عميق .قرع الباب بيد مرتجفة ،انتظر قليلا ، فتح الباب، وقف أمام القابلة ،كانت قسمات وجهه تعبر عن ألم كبير .
    نظرت إليه ،كانت مستعدة لتلبية طلبه ،يرتسم على قسمات وجهها الحزم والثبات فسألته بلهجة تلونها الدهشة :
    –  كدت تخيفني .
    – أسرعي ماجدة في حالة المخاض .
    قفل أدراجه ومن خلفه القابلة، وحين أصبحت أمام ماجدة ،لاحظت بكثير من الانتباه  شهقات  تصحبها سياط شرسة ،تلف الحوض برمته ،يتفصد العرق أنحاء الجسد في محاولة  لإطفاء اللهب. انفجرت بالبكاء ،قرأت نبأ لم تكن تتوقعه ، وبدت الحقيقة واضحة أمام عينيها ،قدمت لها قطعة
    من القماش :
    – ضعيها في فمك ،وشدي عليها بأسنانك .
    كانت في أوج ألمها ،كادت أن تفرغ جذوة النفس في حمى الألم،عبقت رائحة الدم بين أرجاء الغرفة ،و تحولت قطعة القماش إلى ذبالة فانوس تمتص اللعاب ،وتحرض على فرز المزيد منه ،وراحت تشهق بعد احتباس نفسها ،حسب وصية القابلة . كانت أمّها ترقب المشهد فانقبض قلبها ،عادت
    بالذاكرة إلى ذلك اليوم ،حين ولدت ” ماجدة “..
    أطل المولود دون صراخ .لم يكن بوسعها أن تفعل شيئا ، سألت نفسها :” ليس الأمر صعبا على الله ،أن يرزقني  بحفيد “.
    كانت ” ماجدة ” تصر على تنفيذ وصية القابلة ،تتحرق لهفة لرؤية الطفل  ، خلفت الأمومة  في نفسها شعورا بالاطمئنان ،ولاحت على وجهها إمارات انشغال ،بسبب عدم صراخ المولود فحدثت نفسها:” أيعقل أنه أخرس …أو ربما فارق الحياة؟! ” .
    جلجل صوت القادم ،فأدركت أنه خرج إلى النور ،كانت القابلة تقف في وسط البيت ،أدركت ما يدور بخلد ” ماجدة “،ضحكت  لتخفف عنها شيئا من تفكير ،ربما يؤذيها :
    – ( اسم الله …(قل أعوذ برب الفلق )… ( ومن شر النفاثات في العقد ) .
    بلغت ماجدة ذروة السخط حين تدفق الدم ،كان ارتيابها يزداد مع تداخل آيات من الذكر الحكيم ،أحست بخوف حين رأت المولود داخل كيس يأخذ لون الزمرد ،تحيطه يدا القابلة ،فسرّت لنفسها :” لا يمكن أن ينتهي الأمر على خير “.
    جاءت الأمّ تحمل الماء البارد ،قدمته للقابلة سكبته فوق الغلاف الذي تشقق ،صرخ المولود على حين غرة ،تأملته :
    – يا فرحي …ضناي حيّ .
    – اطمئني.
    دهشت ” ماجدة ” ، حاولت أن تبتسم حين صرخ الصرخة الثالثة ،كأنه يستقبل العالم بشديد من الاحتجاج ،أجهشت بالبكاء ، فقالت للقابلة مظهرة احتراما كبيرا :
    – أسترد أنفاسي بكثير من المشقة .
    – لا عليك …
    – تعبت معنا .
    – لقد تعودت على مثل هذه الولادات ؟
    ودفعت المولود إلى حضنها ،وربتت على كتفها :
    – إنه كامل الخلق …ككل الولادات .
    – حقا ؟.
    – نعم. قل هو الله أحد .
    استردت ” ماجدة ” هدوءها ، ضمت المولود إلى صدرها العاري ،بدافع الفطرة بحث الطفل  عن حلمة الثدي  ،فدفعت الحلمة إلى فمه ،قدرت ذلك متفائلة ،فخلف التفاؤل في نفسها شعورا بالتوازن ،وأخذ الطفل يمص حلمة الثدي ،فسال اللبن على وجهه ،وانزلق على سرتها .
    خفق قلب القابلة بشدة ،قبل أن تغلق الباب خلفها ،كانت تسير بتمهل ،تلوح على وجهها إمارات انشغال ، لأنها وجدت أن الولادة متعبة ،فلم يكن بمقدورها التقاعس كونها مسؤولة عن كافة ولادات البلدة . وقبل أن تدلف من البيت دوى انفجار عنيف ،هزّ المباني  وتصدعت جدران
    …وأيقظ وحوش الأرض ،لتخرج من أوجارها . صرخت أمّ ماجدة :
    – يا إلهي !…
    – الله أكبر فعلوها أولاد …الله يسترنا من شرهم .
    تناولت الطفل ،وراحت تهدئ من روعها ،وتطيب خاطرها :
    –  ماذا ستسميه ؟.
    – فادي .
    استولى على الأمّ إحساس غريب ،لاحت  الأسماء :
    – ( خير الأسماء ما حمد وعبد ).
    توغلت ” ماجدة ” في الأسماء ،مضت الأحرف في ذاكرتها ،كانت شغوفة باسم ” فادي ” فقالت :
    – فادي كل الأسماء .
    ازدادت الجذوة اشتعالا في روح أمّها ،أخذت تنعم النظر في وجه المولود، أسرعت لإحضار وعاء من الماء ،وضعت الطفل في وسطه ،غسلت جسده ، غنت 🙁 سموك فادي ،سنرقص لأجلك ،مادمت حيا ونشبع جلدك بالملح ) .
    استرسلت بتلذذ كبير بعبارات الأغنية ، صبت الماء على جسده ، كانت عيناه تنظران إلى اللانهاية ،فأخذ يظهر شيئا من الاحتجاج ،مما جعل أعصابها ترتجف ،و لم تهدأ حتى لفته بحزام من قماش القطن ،وبهدوء وضعته بجانب أمّه  ،وأسرعت تقدم لها شرابا خاصا يقدم للمرأة في حالة
    النفاس :
    – هنيئا

    ( أمس انتهينا فلا كنا ولا كان
    يا صاحب الوعد خل الوعد نسيانا
    طاف النعاس على ماضيك وارتحل
    حدائق العمر بكين فاهدأ الآن
    كان الوداع ابتسامات مبللة
    بالدمع حينا وبالتذكار أحيانا
    حتى الهدايا وكانت كل ثروتنا
    ليل الوداع نسيناها هدايانا )
    هدأت نفسها من ذكرى أليمة ،في جو يسوده الضباب ،ترك في نفسها أسوأ انطباع ،رأت الأشياء ،وكل الموجودات ،كانت عقارب الساعة تزحف إلى موعد اللقاء.اتخذت لنفسها مبدأ ( أنها جاءت لذات الأمر ) . ليست من النساء اللواتي تخور عزيمتهن ،ولم يتح الوقت للانتظار ، ارتمت
    أمام مقود السيارة ،حزينة مجللة بالسواد ،قررت أن تذهب إلى مقهى الروضة ،بغية أن تقابل المحامي ” صابر “الذي  وكلته النيابة للدفاع عنها يوم أطلقت النار على زوجها ، يومذاك  حجزتها المحكمة  في سجن النساء ،كانت ما تزال  في شرخ الصبا،وقد تربت في بيت زوج أمّها
    ،فكانت تشاركهما الأفراح والأحزان ،إلى  حين عصفت ريح الخريف في داخلها .
    فأحس “صابر ”  بشيء يحفزه إلى التعاطف معها  فلم يبح بسرّه :”  أليس حرام أن يعرض هذا الجمال لمباضع الجزارين “؟.
    منذ أن غادر القرية لم تعد تعرف عنه شيئا .انطلقت السيارة تشق ضباب الشارع ،وطيلة المسافة تستحضر العبارات ،تدخرها إلى تلك المقابلة ،تحدثت في نفسها : ” يا إلهي !… لم أحضر إلى هنا إلا لأطلب ولدي …هل هذا ضرب من المستحيل،لقد قضى والدي أيّام ولادتي  ” ؟.
    جعلتها الذكرى تفقد  صوابها ،فغدت كمن تنبش الذكريات من الركام  ،شعرت أنها تدفع ” صابر ” إلى مغامرة ربما تودي بحياته ،بادئ ذي بدء  أنبها ضميرها ،فصمتت مليا ،فركت كفيها بإطار المقود ،شعرت بالضيق ، أدركت أنه ليس هناك من يستطيع إحضار ولدها غيره ،قالت بهدوء :
    – نعم ،لا غيره …
    كانت عل استعداد أن تضحي بكل ما تملك من ثروة ، ،مقابل عودة ولدها فلذة كبدها ، وكيف لم تبحث عنه ،وتثأر لنفسها ممن جعلها مضغة على الأفواه ،وجعلها تعيش الفاقة بكل معانيها ،وكيف وهي اليوم غير الماضي ،الآن يحسب لها ألف حساب ،و تعد امرأة واسعة الثراء ، أليس هي
    من دفعت سمعتها ثمنا لحريتها ،تزاحمت في نفسها معايير الحقيقة فسألت ذاتها : ” ترى حريتي أمْ ولدي “؟.
    كانت المقارنة صعبة ،انتفضت من الركام ( كالفينيق )، فحرك حزنها حجارة السنين ،كانت في المدى المنظور كالموتى ترتدي قميصا أبيض سابحة في فضاء فيروزي ،وراحت تناجي ذاتها  :” ليموت ألف ولد …وتبقى الحرية ” .
    فهي لا تنسى أن وظيفة المرأة الإنجاب :
    –  هل من يقاوم قوانين الطبيعة ؟.
    عادت إلى سيارتها لا تدري كيف مسحت الحمرة وراحت تستحضر الكلمات البيضاء وتمنت لو اتيحت لها الفرصة كلي تهدم سياج البعد الذي صنعه القدر ،منذ ذلك اليوم بدأ العالم بالزوال أمام ناظرها ،والمدن خلت من  سكانها وتحولت في ذاتها الدقائق إلى عناكب تقفز بين السطور
    والفواصل ترتدي ثوب اليعاسيب وتطير ،أما الأشجار المترامية من بعيد غدت أرقاما لعدد صرير السريرعلى غدائر اللهاث ،لكن السيارة تحركت كنحلة تبحث عن القطر في شوارع حمص ،وغدت الأمنيات تسكن أبراجها كالحمائم وكان عليها أن تحظى بصابر الذي دافع عنها أمام المحكمة دون
    أجر فقالت :
    – سأجده .

    شعرت بحيرة كادت تشل لسانها ،ووجدت نفسها تندفع بسيارتها بسرعة كبيرة .

    تثاقلت أهدابها من الدفء ،وغالبها النعاس ،رحلت بعيدا مع الأحلام ،مضت على ضفة النهر ،مستغرقة ضجرة ،كان النهر يزدحم بالطيور ، برزت أصوات الحيوانات ،وامتلأ سواد الليل المتقهقر بخوار البقر وثغاء الماشية ،و غناء الفلاحين ،ورقص المناجل على إيقاع النور الآخذ
    بالتيقظ ،وبدت واحات النخيل موشحة بالغسق ،فاختلط الأمر في ذهنها ،وبسخاء أمرت للأطيار بالقمح ،فأخبرتها الطيور عن كل الطقوس ،وقد توصلت إليها بعقلية من يبحث عن الحقيقة ،وفجأة وقف رجل بجانبها ،نظرت إليه بصمت ،كان ذكيا ،يمتاز بوجه جميل فقال :
    – هل وجدت ضالتك ؟.
    – لا …
    – يسرني خدمتك .
    – حسنا أريد فادى …
    – لا ما نع ..
    صرخت :
    – استحلفك بنخيل العراق ،من أنت ؟.
    وقبل أن يرد الجواب وجدت نفسها تنهض من النوم ،فأخذت تطوف بين أرجاء البيت ،وراحت تستعيد أحلامها ،كانت مستعدة للأخذ بالثأر ،بدا في عقلها رغبة  في حب الاستطلاع ،تذكرت ذلك اليوم ،حين طلقها زوجها ثلاثا ،واقسم أن ينفذ فعله ،ويحرمها من ولدها ،وقد نفذ رغبته ،حين
    رفع بحقها دعوى طلاق بجرم الزنا،وقد دعمها بشهود بعدد أصابع اليدين ،أقسموا اليمين بهتانا وزورا  أمام القاضي ،فلم تتمالك أعصابها ،تناولت مسدسا من صدرها ،وأطلقت النار على المفتري ،فهوى على الأرض ،يتخبط بدمه كالذبحية ،قبضوا عليها ،ووضع أحدهم القيد بيديها
    ،وهناك بين الجدران البائسة ،ألبسوها ثياب المجرمين ، وأودعوها

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    سجن النساء ،ولم يبق لها من شيء سوى أصداء أصوات نساء سجينات ،تلفهن برودة المساء ،ينتظرن ليلا مقبلا بخطوات ثقيلة ،ليلّف عشرات الذكريات كتبت على جدرانه ،قبعت بركن السجن ،تسأل نفسها :” لولا محاولتي قتل المفتري ، هل كانت المحكمة ستبرئني من تهمة باطلة ؟.وهل
    ستحكم العدالة لي بحضانة طفلي”؟
    بعد أسبوع من وجودها في السجن  ،أخبرها  أحد الحراس،أن المفتري لم يمت .
    اعتبر القضاء تصرفها اعتداء على مقام المحكمة ،وشرف العدالة ، واعتبر الناس أن تصرفها حماقة ،وراح كل منهم يفسر الأمر على مقدار معرفته .
    دفعت ثمنا باهظا بسب تهمة باطلة ،خسرت الكثير …ولم يبق معها إلا بضعة قروش لا تفي لشراء وجبة فطور ،أمسكت عن الكلام ، تعذبت كثيرا في سجن النساء ، لم تستطع التأقلم مع نساء ارتكبن جرائم بحق الآخرين ،وبقيت منفردة بائسة ،لا تتكلم مع أية واحده منهن ،ولا تتناول
    الطعام معهن ،أخذن ينظرن إليها نظرات ازدراء .اجتاحت كيانها عاصفة من الجوع والتفكير ،أغمي عليها ،فأسرعت ” حسيبة ” باستدعاء طبيب ،فلبى طلبها على جنح السرعة ،وقدم العلاج اللازم .
    وحين استردت قوتها ،التمست في “حسيبة ” الصدق والوفاء :
    – عجبا !…
    – جئتك بالطبيب .وهل في هذا ما يزعجك ؟.
    – آسفة ..
    – ينبغي أن تأكلين .
    – من أنت  ؟.
    – اعتبريني أختك .
    كانت “حسيبة ”  تلم بأمور كثيرة ، وبفراستها أدركت أن ” ماجدة ” بريئة من التهمة كبراءة ( الذئب من دم يوسف ) .اقتربت منها بطريقة ذكية ،قالت مبتسمة في لهجة اعتذار :
    – أنا متأكدة من براءتك .
    – بحق السماء .
    – مسكينة يا ماجدة .
    استطاعت ” حسيبة ” بلباقة أن تجعلها تستجيب لرغبتها ،فأنست لمسامرتها ،وبسرعة كسبت ثقتها ،ووجدت من يبعث فيها الأمل ،فقالت :
    – يا ماجدة ،من يملك المال يملك كل شيء .
    – أيعقل ؟.
    – نعم ،المرأة ناقة حلوب تذبح يوميا ألف مرة على مآدب الشرف . المرأة ضحية أخطاء الرجل ،وضحية ارتكبتها العدالة بحقها لا لشيء إلا لكونها ابنة حواء .
    فأصبحت “حسيبة ” صديقتها الوحيدة ،تسترسل في الحديث معها ،وتستمد منها الشجاعة والمعرفة ،تلجئ إليها عندما تعقد الأمور .
    قبل خروج ” ماجدة ” من السجن ،عرفت الكثير عن السجينات ،من خلال مشاركتها مشاكلهن ،والإطلاع عل جرائمهن ،والأحكام الصادرة بحق كل منهن ، مما جعلها تلم بالقانون ،وأصبحت تملك خبرة قانونية ،تضاهي خريجة كلية الحقوق  بامتياز .

    تعلمت في السجن كيف تواجه الحياة ،كانت مصممة على قرار لا تحيد عنه،وعاهدت نفسها بأنها لن تحفل بالأخطار ، قضت أيامّها  مثل أمثالها من السجينات ،لكن بفارق بسيط ، كانت تحس بظلم تلاشى مع مرور الزمن ،ومنذ دخولها السجن،ثابرت على حسن السلوك ،وأصرت أن لا يخطئ
    لسانها بالكلام .وكانت على وجه العموم مؤدبة ،رغم الفجيعة الأليمة ،لقد خلت بنفسها في زاوية المهجع ،بعيدة عن ضجة السجينات ،وضوضائهم .
    تأملت ” حسيبة ” وجه ماجدة ،وبسمة الصباح لا تزال باقية على ثغرها ،استخدمت ذكاءها بغية أن تضمد جراح صديقتها التي بقيت طيلة الليل ،وعيناها المتيقظتان ترنوان إلى النافذة ،ترصدان النجوم التي تومض من بعيد .
    ربتت على كتفها وسألتها :
    – أين ستذهبين ؟.
    – سأبحث عن ولدي .
    بشرتها بعهد جديد :
    – وستكونين أسعد حالا مع فادي .
    فخرت ساجدة عند قدميها قائلة :
    – لك وليمة عظيمة .
    كانت في حالة يرثى لها مع أنها تعرف أن مدة حكمها  قد انتهت ، وغدا سوف يفك حجز حريتها ،ألهبها التفكير ،فسألت ذاتها : ” هل أذهب إلى بيتنا ،أيكون زوج أمي قد عرف الحقيقة من والدتي ،لا أبدا لو أنه صدقها لكان سمح لها أن تقوم بزيارتي ، ساعات قليلة يطلق سراحي ولم
    يزرني  .
    سألتها حسيبة:
    – علام أنت حزينة ؟.
    – لا أدري …لا بد أن شيئا سيحدث .
    – لم يبق لك هنا سوى ساعات معدودة .
    هزت رأسها ولم تقل شيئا،وانهمرت الدموع على خديها رسمت خريطة من الضياع .
    في ظهيرة يوم تشريني ،نادى الشرطي :
    – ماجدة ،ش ….س …
    – حاضر .
    – أنهيت مدة الحكم .
    أسرعت تنزع ثياب السجن ،وارتدت ثيابها الرثة ، ذكرتها في يوم  دخولها إلى السجن  ،عقد ونيف ،لم يأت إنسان لزيارتها ،ودعت صديقات السجن .بكت حسيبة بكاء مرا ،كانت كريمة السريرة ،حنونة عطوفة ،ربتت ماجدة على كتفها :
    – سأزورك يا حسيبة .
    خرجت إلى فضاء الحرية ،طافت في الشوارع ،تبكي بصمت المقابر ،لا تدري أين ستودي بها الرياح ،قرعت طبول الغجر في داخلها ،سارت ببط في الأزقة ،وعادت رغبتها في اللجوء إلى دار والدتها ،تصارع رغبتها في عدم اللجوء إليه ،شعرت بالجوع والعطش اللذان أدخلها في صراع مع
    الطبيعة ،حاصرتها الأشياء من كافة الاتجاهات ،لم تدر كيف وصلت إلى  دارهم ،شعرت بتغير كل شيء ،وراحت تتذكر بعض المعالم ،ولولا حصافتها ،لم  تستطع معرفة  دار رعت طفولتها ،تذكرت نصيحة حسيبة :” يوجد المال في خزائن الأغنياء ،أو في البنوك ،فكيف الحصول على المال
    ،وأنا المقيدة بالقوانين ،المحصنة بأعرافه ” .
    مع انحدار شمس إلى عالم المجهول ،أفضى بها الطريق إلى دارهم ،وقع بصرها على فانوس يرسل ضوءا كابيا ،وقفت أمام الباب ،مترددة ،تنفست بملء رئتيها ،كانت ستعود من حيث جاءت ، وكان الأمل يحدوها  بالراحة والدفء ،تخيلت أمّها تأخذها بين ذراعيها لتدخل إلى فؤادها نفحات
    حب مصفى ،واختزنت في أعماقها صورة لأجمل أمّ ،منذ زمن تتشوق إلى الحنان ،  وفجأة برز لها الظلم الاجتماعي في وجه قبيح ،كانت تعرف موقف زوج أمّها،لكنها عدلت عن فكرتها ،ظنا أن والدتها ستأخذها بين ذراعيها ،وتكون قد بذلت قصارى جهدها ،بغية أن تجعل زوجها أكثر رأفة
    بابنتها البريئة ،لم تكن تعرف أن أمّها قضت حزنا عليها ،وكيف تعرف وهي في سجن النساء ،كانت تعبة جدا ،قرعت الباب بيد مرتعشة وبقلب واجف ، على أمل أن تستقبلها أمّها ،وتضمها بحنان ،لكن أمنيتها تلاشت حين أطل زوج أمّها ،اندفعت إليه لتقبل يديه ،وقبل أن تقسم بشاربه
    أنها بريئة براءة الذئب من دم يوسف ،ثار كحيوان هائج ،وصرخ  :
    – نسيت اسمك . يا زانية  …
    وصفق الباب بوجهها ،سرحت في صدى عباراته ،شعرت أن شياطين الأرض تطوقها ،جلست في زقاق الضيق ، تندب حظها ،ريثما تخرج والدتها هي تعرف كم عانت من الظلم ،مرّت الدقائق ولم تخرج  المنقذة ،فناجت نفسها : ” يا رب !…. أتكون أمي قد انجرت وراءهم “؟ .
    نهضت بتثاقل من مكانها ،شعرت بدوار في رأسها ،لاذت بالجدار كالهاربة من الزمن ،وقع بصرها على جارتهم قادمة من  بداية الشارع ،وحين أصبحت أمامها ،أمسكت طرف ثوبها وبصوت أبح  وسألتها :
    – كيف حال  أمّ  ماجدة يا خاله ؟.
    هزت المراة رأسها :
    – من أنت يا بنيتي ؟.
    – قريبتها.
    صمت مليا :
    – يا حسرتي !…ماتت قهرا على ابنتها السجينة .
    – ألم تخرج ماجدة من السجن ؟.
    – لا… جرمها كبير …كل الناس قالوا ذلك ،إلا أمّها  كانت تدافع عنها وتأكد  أنها مظلومة .
    أحست أن الدنيا أطبقت على دماغها ، وعلقت غصة في الحلق ،حثت خطاها ،لا تعرف ماذا تفعل ،أتبكي أمْ تضحك ،لكنها لم تكن تدري أنها قد جمعت بينهما ،فأخذت تضحك ،ضحكات لم تتجاوز حلقها ،كانت تعبر الأزقة هائمة ،تناجي نفسها :” ماتت والدتي ،وحذرني زوجها من الذئب وتركني
    بين أنيابه “!…
    طيلة عمر ماجدة لم تر إلا الذئاب يرتدون مسوح البشر ،تشابكت التساؤلات في مخيلتها حتى صارت أجزاؤها في منظومة تفكيرها ،رفضت فكرة استجداء شهامة الرجل …وراحت تعبر من مكان إلى آخر حتى أنهكها السير بين الأزقة ،رغم التعب لم تفترش الأرض خوفا من العقارب السامة
    ،فوضعت على الجرح ملحا ،وقبل أن تهوي على الأرض وقع بصرها على  صندوق في أحد الزوايا ،جلست عليه والخوف والجوع يسيطران على كيانها ،وثمة خيالات تتراءى لها من زوايا البيوت ،كانت محاصرة ضعيفة ،لا مكان آمن تأوي إليه ،ولا كسرة خبز تسد رمقها ،فكيف سترتب حياتها من
    جديد ،لكن ليس بالإمكان أفضل مما كان ،تارة تضحك بصمت ،وطورا ترثي نفسها ،وترثي حال المرأة أيضا .
    أدركت أنها خسرت إنسانيتها وشرفها ووالدتها وابنها من خلال كذبة اخترعها زوجها ” علوان ” لإشباع غروره فقالت في سرّها:
    – ” الحل في السفر “.
    كان ينتابها خوف من هول الليل ،وفجأة دلفت الخفافيش من شقوق الجدران ،كانت ترى فيها صورة الشياطين فدبت الرعب في قلبها ،فكرت أن تعود إلى السجن ،لكنها عدلت عن فكرتها ،لأن المسافة بعيدة وهي لم تقو على السير ،فقالت لذاتها :” يا إلهي أهدني السبيل “….
    دنا رجل منها في ساعات الليل المتأخرة ،مدّ يده على مهل ،لا تدري كيف ذهبت معه إلى منزله ،هناك طلبت منه أن يدلها على مكان المنامة ،كان ثملا هائجا انقض عليها كذئب ،حمي وطيس العراك ،وقع بصرها على سكين ،تناولتها وبلا شعور غرست النصل في أحشائه ،فجمدت أصابعها على
    قبضة السكين ،وقبل أن تلوذ بالفرار ،وقع بصرها على محفظة صغيرة ،تناولتها ،وخرجت إلى الشارع ،حثت خطاها في دروب لا تنتهي ،ولا تدري في أي اتجاه تهب الرياح .

    حجب الليل ضياء الكون ،ومازالت تفكر ،لا تدري من أين جاءتها فكرة أن الغيوم لا تستطيع أن تغيب النجوم إلا لحين ،لكن هي ذاتها لم تعد تصدق أنها بريئة ،كمن ( كذب الكذبه وصدقها )،حنقت على ذاتها ،وأدركت أن الغلبة للأكثرية ،على مبد أ ( إذا وجدت زرقاء اليمامة في
    مدينة العميان،غدت مثلهم عمياء ) .قررت السفر إلى المجهول ،وما أكثر المجاهل في عالم  امرأة عانت من ظلام السجن .
    صعدت إلى جوف الحافلة ،قبعت في المقعد ،تفكر كيف سيكون موقفها أمام صاحبها ،وكيف ستبرر أنها سوف تقابله مرة أخرى  وتدفع الأجرة ،ماذا ستقول له أنها خريجة السجن ،أم أنها كانت على عجلة من أمرها ونسيت المحفظة في البيت ،مرت الدقائق بطيئة سوداء ،تقاذفتها أمواج
    الفاقة ،أثخنتها الجراح ،تذكرت المحفظة ،بحثت عن النقود ،وجدتها خالية إلا من بطاقة شخصية ،حدقت في الصورة ،لم تصدق عينيها فتكلمت مع ذاتها :
    – يا إلهي !… نعم أنه أحد الشهود .
    قذفت المحفظة من نافذة الحافلة ، عادت بها الذاكرة إلى زوجها المفتري ،لكنها فوجئت حين تجاوزها المعاون ولم يطلب منها شيئا ،كانت في أوج تساؤلاتها ،حين وصلت الحافلة إلى المحطة في طرابلس ،وقال المعاون :
    – الحمد لله على السلامة .
    نظر المعاون إليها ،وقف أمامها ،شعرت بخوف شديد يجتاح كيانها ،لكنها هدأت حين سألها:
    – لحظة بقي لك خمسون ليرة .
    – ليس لي معك شيئا .
    – كيف ؟.
    – لم أملك نقودا ،لقد نسيت نقودي في البيت ،وسأعود غدا .
    – لا سامحك الله.
    – شكرا …
    – سأراك غدا .
    – أتعرفني ؟.
    – نعم . رأيتك في السجن مع حسيبة .
    – إذن بلغها سلامي .
    في منتصف الليل ،وطئت قدماها الشارع ،اجتازت المحلات ،دفعها الجوع أن تلجأ إلى نزل أمّ ” خليل ” ،التي استقبلتها بوجه بشوش ،وقفت ماجدة منكسرة ،سألت :
    – هل أستطيع النوم عندكم ؟.
    – أهلا بك .
    جلست معها في الصالون ،وبعد أن تعرفت عليها ،أخبرتها أن أحد الشباب من قريتهم ،بقى مدة من الزمن ينام في نزلها ،لكنها نسيت اسمه ،وراحت ماجدة تتذكر الأسماء ،فقفز اسم ” صابر ” إلى ذهنها ،لكنها نسيت ملامح وجهه ،فقالت :
    – أيكون صابر ؟.
    – نعم أتعرفينه ؟.
    – نعم ،ابن جارنا .
    – كيف أحواله ؟.
    – لم أره من زمن بعيد .
    – أيعقل ؟.
    – لقد هرب من القرية أيّام الانفصال .
    ضحكت أمّ خليل :
    – ما خاب ظني .
    اقترحت على ماجدة أن تعمل في الفندق ،فوافقت على طلبها ،لعلها تحصل المصروف .عملت خادمة لا قيمة لها. بسبب لقمة العيش والمنامة ،وذات يوم سافرت إلى بيروت وعملت في نادي ليلي ،ومع مرور الأيّام .أصبحت راقصة لا تجاريها أية راقصة.
    خرجت في ساعة متأخرة ،ومع يقظة نسمات البحر الرطبة ،استوقفها رجل في عقده الخامس ،طلب منها الزواج ،كان رجلا متصابيا لكثرة ماله ،ومندفعا للراحة لأنه يملك ثروة طائلة ،درست الأمر مع ذاتها : ” إذا كنت لرجل واحد ،أفضل من أن أتعرى أمام عشرات الرجال “.
    ثم قالت :
    – حسنا أنا موافقة .
    – إذن تعالي معي إلى البيت .
    – انتظرني حتى أستلم أجري وأحضر حقيبتي وملابسي .
    – لا داع لذلك . وما عليك إلا أن تشيري بإصبعك إلى كل ما تريدين فيأتيك على جنح السرعة .
    لم تدخر وقتا فالتصقت به بفعل نداء العقل ،أخلصت له ،على أمل أن يكون هذا الزواج نهاية المتاعب فقالت :
    – إلى جهنم يا أيام البؤس …
    تأبط ذراعها وأدخلها إلى البناية ،ومرت أيّام السعادة ،كانت تحلم بالإنجاب لكن الرجل عقيم ،فتبددت أمانيها وبقي ” فادي ” أملها الوحيد ، أوت إلى فراشها ،حدقت في سقف الغرفة ،تبادر لذهنها قول جدتها ،وهي تحشر رأسها تحت إبطها:”( تاجرنا بالحنى كثرت الأحزان ،وتاجرنا
    بالأكفان كثرت الأفراح ) .
    أخذتها الذكريات إلى الماضي نبشت ركامه حتى غيبها النوم ،رأت نفسها في عرض البحر على متن زورق يشق عباب الماء ،تطاير شعرها الغجري ليشكل مظلة، تستظل بظلها الأجيال ، قدمت لهم الفاكهة ،وبلح الرافدين ،شعرت بان الله عوضها بملايين الأبناء عوضا عن ولدها ،وفجأة شقت
    الحيتان الأمواج ، حاصرت الزورق طوقته من كل الاتجاهات ، انبرى قرش جشع من جماعة الحيتان ، فاتحا شدقيه ،بغية التهام الزورق برمته ،لكنه اكتفى أن يضرب خاصرته الشرقية ضربة كادت أن تحطم أضلاعه ،صرخت:
    – احمنا يا رب .
    إذ ليس من السهل أن يرى الإنسان  نفسه بين فكي حوت جشع لعين ،يريد أن يجعل جسده كعصف مأكول  :”( اجمعوا الأضلاع بالمحبة والحوار قبل أن تحل في الديار لعنة الأقدار )” .
    جف حلقها ومازال القرش ،يدور حول الزورق يبغي إغراقه ،حاول أن يشعل النار في خاصرته الغربية ،لكنه لم يفلح لأن الأضلاع كانت فولاذية .
    قرع أحدهم الباب بعنف ،نهضت مذعورة ،وعندما فتحت الباب  فوجئت بشاب يقف أمامها ويخبرها عن فاجعة حلت بزوجها، بسبب حادث أليم ،بعث الرعب في صدرها ،وبدا اللهب يشتعل من حولها ،خلت بنفسها بعيدا عن الناس ومشاكلهم ،وبقيت على هذه الحال إلى يوم تأبينه ،في ذلك المساء
    بدا الصراع على الميراث ،كانت ثروته سببا في ظهور ذئاب من نوع جديد ،لكنها بدت لبوة تحمي نفسها ،وكيف لا تكون شجاعة،أليس هي من خبرت مسالك الغابة ،فاندفعت بكل ما تملك من فنون نحو تحقيق هدفها ،فحصلت على ثروة جعلت اسمها يحلق بين أرجاء العالم ،فكل هذه الشهرة لم
    تجعلها تنسى الأزقة الضيقة ،و ذلك الصندوق الذي حماها من العقارب .عادت إلى  مدينة حمص التي لم تر فيها يوما أبيض .

    عادت إلى مدينة حمص تذكرت القرية التي رعت طفولتها ،وهي تشق عباب الليل تذكرت أمّها ،التي قضت ولم ترها ،وتذكرت زوج أمّها ورغم قسوته صفحت عنه ،لم يكن باستطاعته أن  يقف غير ذلك الموقف ،لأن العرف ينطوي على كل أبناء جلدتها ،فقررت أن تزوره لعل العرف يكون قد تغير
    بعض الشيء ،فهي على استعداد أن تطلب منه الصفح ،ولم ،لا… أليست هي من أُخذت بافتراء  رجل ناقم لعب لعبته ، وقد حقق مأربه وهرب إلى العراق مع طفلها قبل أن يبلغ الفطام ،حين وصلت إلى دارهم ،أنبأها أحدهم أن صاحب البيت باعه منذ أشهر ،و كان يردد اسم ابنته ماجدة
    ،بكت في سرّها كثيرا ،وحين أدركت أن جارهم لم يستطع التعرف عليها ،تأكدت أن ماضيها اندثر ،ودفنت كل مشاكلها تحت رماد الأيّام ،ورغم ذلك استخدمت كل براعتها علها تكتشف هل هناك من يعرف خريجة سجن النساء ،زارت قبر والدتها ، وكلفت أحد العمال ، لبناء القبر من رخام
    ،وبعد أيّام، جاءت زيارة إلى المقبرة ،وزينت القبر بالرياحين  ،تعمدت أن تتحدث مع جارتهم ،التي لم تستطع التعرف عليها وللتأكد سألتها :
    – هذا قبر من يا خالة .
    اغرورقت عيناها بالدموع ،وببحة :
    – يا حسرتي ماتت قهرا على ابنتها التي رحلت ،ولا يعلم إلا الله أين هي الآن .
    شعرت بسرور كبير،همست مع نفسها:” لم يعرف أحد المرأة التي شغلت قاعات المحاكم ،ومخفر الشرطة  مدة  من الزمن “.
    حاولت شراء المنزل من أحدهم ،وأشادت بناية لائقة ، ولم تنس صديقتها  التي اطمأنت لها ،كانت تحس بفراغ كبير ، وزخم الأفكار في رأسها ،ثمة حلم ستحققه من أهم من ” فادي ” يجب أن تستعيده بأي طريقة ،تذكرت قول صديقة السجن :
    – من يملك المال يملك كل شيء .
    سحرتها الفكرة ،فقالت لنفسها :” نعم الثأر سيتحقق “.
    دلفت إلى الشرفة نادت على ” فاديا “، لبت دعوتها بسرعة :
    – نعم .
    – أرجوك …أين النرجيلة ؟.
    – جاهزة ..
    غابت لدقائق ،وعادت تحمل النرجيلة معمرة بجمرات ملتهبة ،تناولت خرطومها ،وراحت تعبّ الدخان ،والماء تقرقر في النرجيلة  ،كانت تراقب الناس ،وتفرحها حركات الأطفال ،تذكرت ” صابر ” ،كانت تعرف أنه من رواد مقهى الروضة ،أججت العصافير فرحا في داخلها ،مرّ شريط من
    الذكريات أمام ناظرها ،جعلها تقفز كظبية ،كانت فاديا تراقب حركاتها ،فأسرعت :
    – هل تحتاجين شيئا ؟.
    – جيء بمفتاح السيارة .
    ناولتها المفتاح:
    – تفضلي سيدتي.
    خرجت مسرعة ، لا تدري كيف فتحت باب السيارة  ،ولجت إلى داخلها ،وانطلقت بسرعة ،وقفت أمام باب المقهى ،مرّ من أمامها رجل يبيع أوراق اليانصيب ،كان شيخا أحنت السنون ظهره ،عرفته زوج أمها لا غيره ،كيف تنسى ذلك الرجل ،وقف أمامها وبلهجة ضعيفة :
    – خمسة آلاف الجائزة الكبرى .
    سحبت من الرزمة خمس بطاقات ،حشرتها في محفظة يدها ،وناولته مئة ليرة ،نظر إلى القطعة النقدية متعجبا :
    – لحظة …
    عرفت ما رمى إليه فقالت :
    – لك المئة .
    – كريمة ابنة كريم .
    – كم تحصل في اليوم ؟.
    – خمسون ليرة تقريبا .
    – كم عدد أفراد أسرتك ؟.
    – خمسة …
    – يبدو أنك تأخرت في زواجك .
    – لا …هذا زواجي الثاني …
    – ما رأيك أن تعمل عندي ،كحارس للبناية وبأجر محترم .
    وقبل أن يبدي موافقته ناولته خمس آلاف ليرة سوريه ،وكتبت له العنوان .
    ( من زمن أنا وصغيري
    كان في صبي أجي من الحراش
    ألعب أنا وياه
    كان اسمه شادي انا وشادي
    غنينا سوى لعبنا على التل
    ركضنا بالهوى اكتبنا على الحجار
    قصص صغار ولوحنا الهوى )

    كانت حائرة ، لا تعرف كيف استطاع “علوان ” أن يشتري الشهود الذين لا تعرفهم ،وما هو الدافع الذي دفعهم لأن يدلوا بشهادتهم أنهم مارسوا الزنا معها في سرير واحد ،وهي لا تعرف إياهم، لقد فعل كل ذلك من أجل أن يسلبها طفلها ،لا لأنه يحبه ،ولا لأنه يريده ابنا ،هذا ما
    تدركه بإحساسها ، بل كل ذلك من أجل أن يحرق قلبها ،فقالت في نفسها :” نعم حرق قلبي وحوله على صحن سجائر “.
    حين عادت تملك الثروة ،راحت تتخيل ولدها ،لا تعرف كيف يعيش مع أبيه الذي أخذه من زمن ،كانت مستعدة أن تعود إلى ” علوان “،ستضحي بكل شيء من أجل ” فادي ” عليها أن تطرق كل الأبواب ،فجأة تراجعت قائلة :
    – محال كيف لخائن الأمس أن يكون بطل اليوم ؟.
    عبرت الرصيف ،كانت معتادة على مثل هذه الأماكن ، انتحت زاوية من خلالها تستطيع رصد حركات الناس .كان المقهى يعج بلاعبي الورق ،وعلى الطاولة المجاورة ،يتبارز  لاعبو النرد ،وهناك أهل السياسة يتحاورون بحدة ،وعلى جانبهم شارب النرجيلة غير مبال شارد اللب ،دنا النادل
    :
    – مري سيدتي .
    – من فضلك … عصير .
    وقبل أن ينصرف إلى عمله .سألته
    – هل تعرف المحامي صابر ؟.
    – نعم ،من لا يعرفه .
    – اطلبه فورا .
    انصرف النادل يدور من طاولة إلى أخرى ،كان معتادا على مثل هذه الحركات ،عشرون عاما وقدماه تزرع هذا المكان عشرات المرات يوميا ،طيلة الأعوام المنصرمة لم تقع عينه على امرأة تتجرأ أن تدخل إلى مقهى الرجال ،فقال لنفسه :” امرأة بهذا الجمال كيف لها أن تدخل
    المقهى”؟!.
    سمع تصفيقا من أحدهم :
    – يا لله جاي .
    شعرت بقسوة ألهبت غضبها  ،حشدت كل جرأتها لطرد مشاعر الخيبة ،كيف سيكون حالها  إذا أخلف ” صابر” موعده ،ماذا تفعل لو كان كاذبا ؟. جاء النادل ،ووضع الشراب على الطاولة ،ونظر إليها معجبا ،أدركت ما يدور بخاطره ،عقدت مابين حاجبيها ،جعلت عيناه  تأكلان أطراف الصينية
    ،لا يدري كيف انسحب من أمامها ؛مناديا :
    – أنا قادم ،أنا قادم .
    انتهت من تناول الشراب ،ولم  يأت ” صابر ” أشعلت سيجارة ( كنت ) سحبت الدخان إلى رئتيها،وراحت تتساءل كيف ستدبر أمرها ،إذا تخلى عن تنفيذ المهمة التي ستكلفه بها ،بلا شعور سحقت لفافة التبغ في صحن السجائر ،و فجأة وقف رجل أمام الطاولة ،فافتر ثغرها عن بسمة تشع
    أملا بالنصر ،قدرت عمره يناهز الخامسة والأربعون ،أسمر الوجه ،عريض المنكبين ،ووجه مثلثي ،عيناه غائرتان في عمقيهما  حزن وحيرة :
    – مساء الخير …
    – أهلا …أستاذ صابر .
    – وبك .يا مدام ماجدة .
    – تفضل …لنشرب القهوة .
    – لا مانع .
    جلس أمامها ،ومع ارتشاف القهوة ،راحت تتحدث معه بأمور كثيرة ،ومن خلال الحديث ،شعر أنها مسرورة بوجوده  ،وبعد أن انتهيا من شرب القهوة ،طلبت منه أن يقوما بمشوار خارج ازدحام المدينة ،فاستجاب لرغبتها ،وسار خلفها إلى السيارة ،وما إن أصبحا في داخلها،حتى أقلعت
    السيارة ،وأخذت الدواليب تنهب الإسفلت ،وتنعطف يمينا ويسارا في نهاية كل شارع ،إلى أن أصبحا على أطراف المدينة ،توقفت بجانب حديقة ،واختارت مكانا بعيدا عن عيون المارة ،وبعد أخذ ورد ،استطاعت أن تعقد مع ” صابر “صفقة ،كان يصغي إلى الحديث بانتباه ودقة متناهية
    ،فقالت :
    – المال لا يهم  .خذ ما شئت .
    في بادئ الأمر ظنها كاذبة ،ومن أجل أن تقطع عليه شكوكه ،نظرت إلى وجهه ،وبجدية :
    – كل أموال العالم لا تساوي ظفر من أظافر فادي .حدد المبلغ الذي تريده الآن ،وإذا نفذت وعدك وجئت به …تأخذ ما تشاء أيضا .
    – أنا تحت أمرك …لكن أطلب منك ضمانا .
    – سأضع لك مبلغا في البنك .
    ومع ابتسامة فيها سحر :
    – ماذا تريد غير ذلك ؟. هل تريد عقد زواج ؟.أم لست جديرة ؟.
    – أنا لا أريد سواك ،حين يحوّم طائر الموت ،لم تعد تنفع الأشياء .
    زفرت بحدة :
    – لو كنت رجلا ..
    – ما قصدك ؟.
    – لا شيء ،إن عدت ظافرا نعلن زواجنا .
    – فهمت .
    – ارحموا يا ناس قلب الأمّ .
    – أقدر ظرفك سيدتي .
    – إذن راجع غدا البنك .
    لم يشعرا بمسافة الطريق ،عبرت ساحة الساعة الجديدة ،أخذت أقصى اليمين فرملت العجلات ، بمحاذاة حديقة رائد الفضاء ” محمد فارس ” ،دلف ” صابر ” من جوف السيارة ،لوح بيده مودعا ،حركات السيارات مستمرة في شارع القوتلي  ،وقف ” صابر ” أمام واجهه من الزجاج ، قابلته
    صورته مدّ يده إلى ذقنه الحليقة ،تفرس وجهه فراودته نرجسية فاقعة ،ضحك حين تذكر لقاءه مع” ماجدة ” .
    حث خطاه وهو يضحك دون سبب ،فوجد نفسه هاربا من ذاته ،وراح يدور في الاتجاهات الأربعة ،دخل في الزحام مشتت الذهن ،تجول بين الباعة ،ابتاع بحرية تعويضا عن نقص عانى منه في حياته ،انصرم النهار ،وبقي طيلة الليل يفكر في المغامرة حتى تبلورت في ذهنه ،شق طرائق جديدة
    ،ومثالب لم تعبر  ذكرياته ولا هواجسه .فقبع في ركن البيت ،انفرد مع نفسه ،اكتشف أن شيطانا في داخله يدفعه للترحال ،هاجمته لحظة من التردد ،دفعته الحاجة أن يفكر من جديد ،لكن بطريقة أخرى ،وبقي لدقائق يعيش الصراع بشقيه ،عربدت شياطين الأرض بداخله ،حمي وطيس الصراع
    ،بعد اللقاء مع ” ماجدة ” ،رتب فواصل حياته ،لعن فوضاه ،مازالت تزاحمه في كل المنعطفات ،حدث ذاته :” وسوسة  النفس وصدئها تدفعاني إلى مجاري الموت.
    تحولت نار الذاكرة إلى وحش ،من الصعب التخلص من براثنه ،فليست الذكريات إلا إيقاعا لا نسمعه بأذنينا فقط  بل بكل كياننا وطاقاتنا المحتبسة .فالذكرى موجودة في الزمان والمكان المحددان ،فنشأت رغبة دفعت الجسد والعقل والإحساس إلى الغوص في الانفعال ،كما يدفع الماء
    رحى الطاحونة .
    ضاق ذرعا ،وهو يزرع فسحة البيت ذهابا وإيابا ،تحرك في داخله شيء، يدفعه لعدم مغادرة  مكانه ،وعدم تنفيذ اتفاقيته مع ” ماجدة “، كيف سيرحل عن مدينة دفن فيها كل أحبابه ،والدته ووالده ،وزوجه .

    ___________________________الى اللقاء في الحلقة القادمة من – رواية ” الاحتجاج ” بقلم القاص والروائي السوري نبيه اسكندر الحسن

  • تَصَادَفَ أنْ يُرَافِقَنيْ عَقُوْقٌ .. بِعِيْدِ الأمِّ فيْ إحْدى السِّنِيْنِ – فصيدة (( هِيَ الأمُّ الَّتي !! )) – للشاعر /  المحامي منير العباس /..

    تَصَادَفَ أنْ يُرَافِقَنيْ عَقُوْقٌ .. بِعِيْدِ الأمِّ فيْ إحْدى السِّنِيْنِ – فصيدة (( هِيَ الأمُّ الَّتي !! )) – للشاعر / المحامي منير العباس /..

    المحامي منير العباس

    هِيَ الأمُّ الَّتي !!

    تَصَادَفَ أنْ يُرَافِقَنيْ عَقُوْقٌ

    بِعِيْدِ الأمِّ فيْ إحْدى السِّنِيْنِ

    فأمْعَنُ في التَّهَكُّمِ والتَّرَدِّيْ

    وزَمْجَرَ قائِلاً : “عيدُ المُجُونِ”

    ***
    رَدَدْتُ كَلامَهُ بالرِّفْقِ أَحْذوْ

    بِحُبٍّ حَذْوَ ذِي النَّهْجِ الْمُبِيْنِ

    أُحَاوِرُهُ بِمَا قَدْ صَارَ فَصْلاً

    مِنَ الْقَوْلِ الْحَكِيْمِ لِكُلِّ دِيْنِ

    أَمَا مِنْ رَحْمَةِ الرَّحْمنِ كانَتْ

    لَنَا أُمٌّ كَعِطْرِ الياسَمِيْنِ ؟

    أتُنْكِرُ فَضْلَ آمِنَةٍ عَلَيْنَا

    وَقَدْ حَمَلَتْ بِهَادِيْنَا الأمِيْنِ

    وَفَاطِمُ كَمْ حَبَاهَا اللهُ طُهْراً

    وَأَوْدَعَ سِرَّهُ أمَّ البَنينِ

    وأمُّ المُؤْمِنِيْنَ تَفِيْضُ بِرَّاً

    وقدْ حَازَتْ تُقَى لَقَبٍ مَكِيْنِ

    إلهُ العَرْشِ كَرَّمَ أمَّ مُوْسىْ

    لِتُوْدِعَهُ لَدى يَمٍّ حَصِيْنِ

    وَأُمُّ مَسِيْحِنا هَزَّتْ بِفَخْرٍ

    لِجِذْعٍ جَادَ بالرُّطَبِ الثَّمِيْنِ

    وَلَوْ شَاءَ الإلهُ أَتَى بِرُطْبٍ

    بِلا هَزٍّ لِمَرْيمَ مِنْ عُيُوْنِ

    أمَا سُئِلَ الرَّسُوْلُ فَقَالَ : أُمِّيْ

    وَأُمّيْ ثُمَّ أُمِيْ كُلَّ حِيْنِ

    وَأَلْقَى بَيْنَ كَفَّيْها دُعَاءً

    لِتُزْهِرَ فِيْهِما جَنَّاتُ عَدْنِ

    ألمْ تَسْمَعْ جَوَاْبَ حَفِيْدِ طَه

    لِماذا لمْ يُؤاكِلْها بِصَحْنِ

    فقَالَ : أخَاْفُ أنْ آتيْ عُقُوْقاً

    فَتَسْبِقَ كَفَّهَا للصَّحْنِ عَيْني

    و “نابِلْيَوْنُ” أَهْدَى الأمَّ قَوْلاً

    عَظِيْمَاً كانَ كَالْحِكْمِ الرَّصِيْنِ

    فَمَا مِنْ ناجِحٍ فِي الْكَوْنِ إلاَّ

    وَعَوْنُ الأُمِّ مِنْهُ كالْقَرِيْنِ

    وَآخَرُ قَالَ : مَنْ هَزَّتْ سَرِيْري

    بِيُسْرَاهَا تُزَلْزِلُ بِالْيَمِيْنِ

    لَمَنْ هَزَّتْ بِيُسْرَاهَا سَرِيْري

    تَهُزُّ الكَوْنَ بالكَفِّ اليَمِيْنِ

    ***
    هيَ الأُمُّ الَّتي حَمَلَتْ جَنِيْنَاً

    بِهِ نَاءَتْ جِبَالُ الْعَالَمَيْنِ

    وآلامُ الْمَخَاضِ جُيُوْشُ مَوْتٍ

    تُقَلِّعُ بالرِّمَاحِ الْمُقْلَتَيْنِ

    حَنانُ الأُمِّ لَيْسَ لَهُ مَثِيْلٌ

    خَلايا الأمِّ صِيْغَتْ مِنْ لُجَيْنِ

    رَغِيْفُ الأمِّ تِرْياقاً تَجَلَّى

    لأنَّ اللهَ بارَكَ بالْعَجِيْنِ

    وَطَعْمُ حَلِيْبِهَا يَشْفِي سَقَامِيْ

    فَإنْ يَضْنُنْ يُبَاغِتْنِيْ مَنُوْنِي

    هِيَ الأُمُّ الَّتي حَسَمَتْ خَيَاراً

    فَباتَ وَلِيْدُهَا فِي الْكَفَّتَيْنِ

    إذا نَالَ الْغَضَنْفَرُ مِنْ بَنِيْهَا

    غَزَتْ ذاكَ الْغَضَنْفَرَ فِي الْعَرِيْنِ

    وإنْ وَلَدٌ لَهَا جُرْحٌ دَهَاهُ

    تُضَمِّدُ جُرْحَهُ بالْخَافِقَيْنِ

    فَقُمْ يا صَاحِبِيْ عَرِّجْ عَلِيْهَا

    وقُلْ يا أُمُّ لُطْفاً سَامِحِيْنِي

    ***
    نَظَرْتُ إلى رَفِيْقِي بَعْدَ هذا

    فَكَانُ يَلُوْذُ فيْ وَجْهٍ حَزِيْنِ

    فَمِلْتُ عَلَيْهِ فيْ دَعَةٍ فَأَثْنَى

    عَلَيَّ ثَنَاءَ مُمْتَنٍّ مَدِيْنِ

    أَجَابَ وَقَدْ تَبَلَّلَ شَاْرِبَاْهُ

    بِنَهْرٍ فَاضَ مِنْ مَجْرَى العُيُوْنِ

    قَضَيْتُ العُمْرَ أَجْحَدُ يا رَفِيْقِي

    بَدِيْعَ الخَلْقِ في رُوْحِ الْجنِيْنِ

    أُفَتِّشُ فيْ صَحَارى العُمْرِ عَنِّي

    فَأَلْقَانِي يُحَرِّكُنِي سُكُوْنِي

    تُجَاوِبُنِي فَرَاشَاتٌ تَوَالَتْ

    لَتَرْثِيَنِي بإشْفَاقٍ مُهِيْنِ

    وتَرْجُمَني ، بإصْرَارٍ تُنَادي :

    خَزِيْتَ أَيَا غَضيْبَ الوالِدَينِ

    قَوَاميسُ الأُمُومَةِ كَمْ تَنَادَتْ

    ليُنْقِذَني سَنَاها مِنْ أَنِيْني

    فَلَمْ أَكُ سامِعَاً إلاَّ صُراخِيْ

    أَلُوذُ لِنُصْرَةِ الحِقْدِ الدَّفِيْنِ

    وَكِدْتُ أَصِيْرُ جَبَّاراً شَقِيَّاً

    عَقَقْتُ الْوالِدَيْنِ الأزْهَرَيْنِ

    إلى أنْ شاءَ ربُّكَ فيْكَ هَدْياً

    وكَانَ هُدَاكَ نُوْرَ الفَرْقدَيْنِ

    فَعَهْداً إنْ أَعِشْ دهْراً فَإِنِّيْ

    سَأَغْرُسُ عندَ رِجْلَيْها جَبِيْني

    وَإِنْ شَاءَ الإلَهُ لَهَا رَحِيْلاً

    فَبَعْدَ فِرَاقِهَا لا رَفَّ جَفْنِيْ

    فَهَبْنِي يا إلهِي مِنْ رِضَاها

    مَزِيْداً أنْتَ يا رَبِّيْ مُعِيْنِيْ

    ***
    حَمَدْتُ اللهَ أنْ يُهْدى رَفِيْقِيْ

    إلى نُورِ الْمَحَبَّةِ واليَقِيْنِ

    بدَمْعِ قَصِيْدَتِيْ غَرِقَتْ حُرُوْفِي

    وغَاْرَتْ فيْ مَآقِيْها شُجُوْنِي

    غَدَوْتُ أَحِنُّ لِلْصَدْرِ المُفَدَّى

    وأَحْلُمُ أنْ تَكُوْنَ بهِ سُجُوْنِي

    فَقَدِّرْنِي لِمَا تَرْضَى إلهِي

    حَنِيْفاً .. مُسلِمَاً .. هو ذاكَ دَيْنِي

    رجَائِيْ فيْكَ يا مَوْلايَ خَيْرٌ

    بِعَفْوِكَ لا تُخَيِّبْ لِيْ ظُنُوْنِي

  • تعرف على شجرة التفاح وأهم أنواع و مراحل نمو شجرة التفاح من الزهرة الى الثمرة..

    تعرف على شجرة التفاح وأهم أنواع و مراحل نمو شجرة التفاح من الزهرة الى الثمرة..

    التفاح صيدلية كاملة

    التفاح صيدلية كاملة
    تناوَل تفاحة كاملة بين أوقات الطعام يوميا يحمى من سرطان الرئة والأمراض الخبيثة الأخرى وأمراض القلب وهى تحتوى على 81 سعرا حراريا فقط وأكثر من 3 جرامات من الألياف، تحميك ضد أكسدة الكوليسترول ( أى العملية التى تسببسداد الشرايين ) .. تحتوى التفاحة أيضا على مادة تدعى ( quercetin ) .. التى يعتقد أنها تحمى من الإصابة بسرطان الرئة.هكذا أشارت مجموعة من العلماء اليابانيين فى إحدى دراساتهم التى توصلت إلى أن الأشخاص الذين تحتوى أجسادهم على كمية عالية من ( quercetin ) يعانون من أمراض القلب بنسبة أقل بكثير من أولئك الذين تحتوى أجسادهم على كمية قليلة من المادة ذاتها .. التفاح هو فاكهه لذيذة الطعم..و للتفاح فوائد طبية منها:1- يقوي المخ والقلب والمعدة ويسهل الهضم ويفيد فى علاج أمراض المفاصل ويسكن الآلام2-يدخل فى تركيب بعض العقاقير الطبية ويذهب ضيق التنفس- 3ينشط الأمعاء ويكافح الإمساك المزمن ويكافح الإسهال عند الأطفال4-يفيد فى حصى الكلى والحالبين والمثانة كمذيب للحصياتنقــع التفــــــاح وشربــه1-يخفف الآم الحمى وينشط الكبد ويهدئ السعال..2- ويخرج البلغم ويخلص الجسم من الأحماض والدهون..3
    – يسهل إفراز غدة اللعاب والأمعاء وينشط القلب ..4-ويزيل الشعور بالتعب ويحفظ الأسنان من النخر ويخفف آلام التهاب الأعصاب ..التفاح مفيد جدا لجمال النساء1-يحافظ على بشرتهن..2- ويجدد نشاطهن..3- ولا يزيد الوزن..

    مراحل نمو شجرة التفاح من الزهرة الى الثمرة
    التفاح . فاكهة التفاح – هي من النوع Malus domestica في عائلة الورد المسماة بالورديات.و هي واحدة من أكثر أشجار

    الفاكهة من حيث الزراعة. شجرة التفاح صغيرة ونفضية، يتراوح طولها من 3 إلى 12 متر، ولها تاج ورقي واسع وكثيف

    الأشواك ورق شجرة التفاح مرتب بالتناوب على شكل اهليليجات بسيطة، يصل طولها من 5 إلى 12 سم، وعرضها 3-6

    سنتيمترات على سويقات ذات طول من 2 إلى 5 سنتيمترات برأس مدببة، وهامش مسنن، وجانب سفلي ناعم. يحدث الإزهار في

    الربيع في نفس وقت نشوء الأوراق، وزهور الشجرة بيضاء مع مسحة وردية تزول تدريجيا، ولها خمسة بتلات، وقطرها من 2.5

    إلى 3.5 سنتيمترات. ينضج الثمر في فصل الخريف، وعادة ما يكون قطر الثمرة من 5 إلى 9 سنتيمترات. يحتوي وسط الفاكهة

    على خمسة كربلات مرتبة على شكل نجمة خماسية، وتحتوي كل كربلة على واحد إلى ثلاثة بذور.

    بدأت نشأة الشجرة في آسيا الوسطى، حيث ما زلنا نجد سلفها البري إلى اليوم.هناك أكثر من 7500 مُسنبتٌ معروف للتفاح، مما

    أدى إلى امتلاك التفاح طائفة من الخصائص المرغوبة. يختلف المستنبتون في حجم محاصيلهم والحجم النهائي للشجرة لديهم، حتى

    عندما تُزرع الشجرة على الجذر نفسه.

    يتميز التفاح بغناه بالحديد وله فوائد صحية أخرى وخصائص طبية عديدة منها:

    إن التهام بضع تفاحات هو أفضل علاج في الصباح لآثار ليلة عامرة تناول فيها المرء كثيرا من الطعام والشراب فأصيب بالصداع،

    ويجب أن تؤكل التفاحات ببطء وتمضغ جيدا، وبعد نصف ساعة تزول عن المرء كل الآثار المزعجة من الليلة السابقة، كما ينصح

    باستعمال هذه الطريقة لمعالجة الأنواع الأخرى من الصداع ووجع الرأس.

    يحتوي التفاح على مادة الباكتين وبقاياه الخشنة تعتبر خير دواء للأمعاء، ويفضل أكل التفاح مع القشرة الخارجية لكي يتأكسد

    بسرعة في المعدة، ويستحسن إضافة عصير الليمون إلى عصير التفاح ليصبح طيب المذاق، كما يمكن مزجه مع أنواع أخرى من عصير الفاكهة.

    وإذا كان التفاح مبشورا فإنه يساعد على تليين المعدة والأمعاء بصورة جيدة، ويحقق إسهالا طبيعيا. وفي حال الإصابة بالإمساك

    يمكن تناول التفاح وحده مدة يوم او يومين بمعدل خمس وجبات في اليوم، ويمكن تناول التفاح المشوي لعلاج الإمساك المستعصي.

    والتفاح مفيد في ” الريجيم” خاصة مع الذي يشعر بالجوع في كل الأحيان، فالتفاح هو خير دواء خصوصا في إتباع الحمية.

    انواع التفاح..

    التفاح الأحمر الأمريكي: برغم أن هذا النوع هو من أكثر الأنواع المستوردة والمنتشرة في العالم العربي، الا أنه أفضل للنظر منه

    للطعم، أي أن شكله أفضل من طعمه. قشرة هذا النوع من التفاح صعبة المضغ فهي قاسية نوعا ما، الا أن اللب يتميز بكثرة السائل

    فيه فهو جيد للعصير. لا يفضل استخدام هذا النوع في الطبخ لأن لبه يذوب بسرعة.

    موسم القطاف لهذا النوع من التفاح في شهر سبتمبر الا أنه يخزن ويباع في الأسواق طوال السنة.

    التفاح الأخضر: سبب نجاح هذا التفاح هو توازن طعم الحموضة والحلاوة فيه. من مزايا هذا النوع من التفاح أنه لا يفسد بسرعة

    ويمكن أن يبرد لمدة 6 أشهر تقريبا. مع أن طعم التفاح الأخضر لذيذ في العصير الا أن قلة السوائل فيه لا تشجع على عصره. هذا

    النوع من التفاح يستخدم كثيرا في الحلويات المطبوخة وفي عمل صوص التفاح الذي يسهل تفريزه. الكثير من المستهلكين لا

    يحبذون هذا النوع للأكل لقساوته.

    موسم القطاف لهذا النوع من التفاح في شهر اكتوبر الا أنه يخزن ويباع في الأسواق طوال السنة.

    التفاح الأصفر: هذا النوع من التفاح محبوب للغاية لرقة قشرته ولأن لبه ناعم وسهل الأكل ويحتوي على الكثير من العصير. طعمة

    معطر ومميز برغم أنه ليس حاد. لونه الذهبي وكبر حجمه يجعله محبب لأكثر الناس. هذا النوع يستخدم في عمل فطائر التفاح

    والحلويات المطبوخة من غير الحاجة لإضافة السكر.

    Green apple

  • الأشجار الحراجية المثمرة في مختلف مناطق سورية كـ أشجار الصنوبر الثمري ، الكستناء، البندق، الجوز.

    الأشجار الحراجية المثمرة في مختلف مناطق سورية كـ أشجار الصنوبر الثمري ، الكستناء، البندق، الجوز.

    ماوي البرية غابة النخيل والطبيعة

     

     

    المياه المناظر الطبيعية طبيعة أشجار الغابات الخشبية يترك الحياة البرية هنتر الصخور كوخ الحياةنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    الأشجار الحراجية المثمرة

    مقدمة:

    في السنوات الأخيرة ونتيجة للوعي المتزايد لدى المواطنين وحبهم للشجرة والمحافظة عليها بدأت زراعة الأشجار الحراجية المثمرة بالاستثمار في مختلف مناطق القطر العربي السوري ونذكر منها على سبيل المثال: أشجار الصنوبر الثمري ، الكستناء، البندق، الجوز.
    تأتي نشرتنا هذه للتعريف بهذه الأشجار وفوائدها آملين استمرار التوسع في زراعتها من قبل الأخوة المزارعين لزيادة دخلهم وزيادة الرقعة الخضراء في هذا البلد الجميل.
    مقدمة
    انتشرت الاشجار المثمرة في الوطن العربي عامة منذ آلاف السنين فنحن نشاهد اشجار الزيتون العملاقة المعمرة في مناطق عدة من الوطن العربي كتونس وفلسطين والاردن وأشجار الموز والبرتقال والنخيل في السودان والصومال وأشجار التين والعنب والتوت والرمان والتفاح منتشرة حولنا في مزارعنا وحدائقنا المنزلية
     
    تصنيف الاشجار المثمره :
    تتعد اسس تقيسم الاشجار المثمره وتتنوع وسيتم التركيز على نوعين من التقسيمات هما:
    1- تقسيم الاشجار المثمره حسب طبيعة تساقط الاوراق:
    من الاشجار المثمره ما هو دائم الخضرة ومنها ما هو متساقط الاوراق فالاشجار دائمة الخضرة تبقى عليها الاوراق طوال العام ولا تسقط دفعه واحده في وقت محدد من السنه كأشجار الحمضيات والزيتون والاسكدنيا والموز
    اما الاشجار متساقطة الاوراق فتبدأ اوراقها بالسقوط ببداية فصل الخريف من كل عام نظرا الى وصولها الى مرحلة الشيخوخة ويكتمل تساقطها من بداية فصل الشتاء من كل عام فتصبح عارية وتدخل البيات الشتوي مثل اشجار التين والعنب واللوز والتفاح والتوت وفي فصل الربيع تعاود الاشجار نشاطها فتتفتح البراعم وتظهر الاوراق الجديدة
     
    2- تقسيم الاشجار المثمرة حسب نوع ثمارها الى خمس مجموعات وهي:
    أ- اللوزيات او الفواكه ذات النواة الحجرية مثل اللوز والدراق والنكتارين والبرقوق والكرز والقراصيا والمشمش
    ب- التفاحيات مثل التفاح والكمثرى والسفرجل
    ج- الحمضيات مثل الليمون والبرتقال والجريب فروت والكلمنتينا والمندلينا
    د- الجوزيات مثل الجوز والفستق الحلبي والبندق والبيكان
     
    الغابة الخضراء المناظر الطبيعية طبيعة الأشجار الحرجية الحياة البرية يترك أحادية اللون الصيف موس VINES الحياة
     
    أهمية الاشجار الحرجية للانسان والبيئة
    الاشجار هي العنصر الاساسي في التوازن البيئي فمن خلال عملية التمثيل الكلوروفيلي تمتص الاشجار ثاني اكسيد الكربون وتحوله الي مواد كربوهايدراتيه مفيده يتغذى عليها الانسان والحيوان والطير وجميع الكائنات الحية كما انها الحاضنة والملجأ للطيور والجيوانات والكائنات الحية التي من حولنا وتنتج الاشجار غاز الاكسجين الذي نتنفسه وتمتص الغازات السامه والغبار وتلطف الجو
     
    الاهمية الاقتصادية للاشجار الحرجية
    الاخشاب هي المنتج الرئيس للاشجار الحرجية فمنها يتم تغطية بعض احتياجاتنا المحلية اللازمة لصنع الاثاث المنزلي وصناعة الصناديق الخشبية وصناعة الفحم وحطب الوقود وهناك منتوجات ثانوية يتغذها عليها الانسان وتكون بذورا مثل الصنوبر والجور والبندق او ثمارا مثل الخروب والبلوط او اوراق مثل السماق وتشكل الغابات وبعض الاشجار الحرجية مصدرا ً عليفيا ً مهم للثروة الحيوانية
     
    أماكن زراعة الاشجار الحرجية
    تزرع الاشجار الحرجية في الاراضي التي لا تصلح لرزاعة الاشجار المثمرة ومن هذه الاماكن الاراضي الصخرية والمنحدرة حيث تتواجد على منحدرات يتراوح ميلها بين 15-50% كما انها تنمو في التربة الطينية والكلسية والرملية والتربة الفقيرة الضحلة ويتحمل بعضها التربة المالحه مثل اشجار الاثل كما نزرعها حول الحدائق والمتنزهات وحول البساتين لصد الرياح وعلى اطراف الحديقة المدرسية
     
    موعد زراعة الغراس الحرجية
    تزرع الغراس الحرجية في الحفر المعده لها مسبقا فش شهر كانون الثاني بعد سقوط كمية كافية من الامطار وتستمر زراعتها حتى منتصف شهر آذار واذا لم تزرع الاشجار بعد استلامها مباشرة فلا بد من الحفاظ عليها حتى يحين موعد الزراعةبوضعها في اماكن غير معرضة للرياح والامطار الشديدة وريها من وقت لأخر

    صيدلية البيئة الكستناء فاكهة الشتاء 1360835874591.jpg
    الصنوبر الثمري Pinus Pinea:

    صفاته النباتية: 

    شجرة يبلغ ارتفاعها 25 متراً، تاجها كثيف ومنبسط بشكل مظلة، قشرتها حرشفية ذات لون بني، البراعم أسطوانية الشكل، بنية حمراء، لها حراشف مغطاة بأوبار بيضاء.
    تجتمع كل ورقتين في غمد واحد، نادراً كل ثلاثة أوراق، طولها من 8-10 سم ، عرضها من 1.5-2.5 مم، لونها أخضر زاه، الأزهار المذكرة صفراء مرصعة بالبني، الأزهار المؤنثة باهتة مع بعض البقع الوردية.
    المخاريط الثمرة بيضوية الشكل أو شبه كروية، تحمل عنقاً قصيراً ، طولها من 8-10 سم ورعضها من 7-10 سم تتألف من حراشف سميكة ذات رأس عريض، البذور : كبيرة حداً ولها غلاف سميك وقاس وتستعمل في التغذية.

    التوزيع الجغرافي والبيئة:

    يوجد الصنوبر الثمري في كل المناطق المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط ولايعرف حتى الآن موطنه الأصلي إذ أن الإنسان قد أدخله إلى هذه المناطق لاستعمال بذوره في التغذية منذ زمن بعيد جداً. إنه كثير الانتشار في لبنان حيث يشكل غابات متسعة الأرجاء.
    يتطلب الصنوبر الثمري حرارة ونور ويحب الأتربة الخفيفة والعميقة ويخشى الأتربة الثقيلة النفوذية وهو يقاوم رياح البحر ويمكن استعماله في تشجير الرمال الساحلية، يزرع الصنوبر الثمري من أجل البذور وليس من أجل الخشب.

    الكستناء Castaller Sativa- C.Vesca:

    الموطن الأصلي:

    إن الموطن الأصلي لشجرة الكستناء هو أوروبا الجنوبية وشمال أفريقيا وهي تصادف من البرتغال إلى القوقاز غير أنه من الصعب تحديد المناطق التي توجد فيها هذه الشجرة في الحالة الطبيعية تماماً إذ أن الإنسان قد ساعد على انتشارها في مناطق عديدة نظراً لفائدتها وقد تكيفت في هذه المناطق وانتشرت في الجزائر وتونس وفي منطقة صافيتا.

    الصفات النباتية:

    شجرة كبيرة يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 30 مترً، ذات أغصان منبسطة القشرة ملساء وفضية ومسمرة في البدء ثم مشققة وبنية غامقة الأوراق بسيطة ذات عنق قصير، متطاولة ، ذات أسنان محيطية كبيرة شوكية تقريباً لون الوجه السفلي أخضر غامق البراعم ضخمة مروسة وملساء.
    الأزهار المذكرة بشكل نورات زهرية محيطية وطويلة، الأزهار المؤنثة بدون عنق وتقع عند قاعدة الأزهار المذكرة، الثمار كبيرة ذات غلاف حقيقي قاس بني اللون ومحاطة بالغلاف الذي أصبح شوكياً وينفتح بواسطة مصراعين أو أربعة، يتراوح عدد الثمار داخل كل قناب من 1-3 .
    تثمر شجرة الكستناء بصورة متنظمة كل سنة اعتباراً من عمر 25 سنة إذا كانت الأشجار منفردة وابتداء من 40 سنة إذا كانت الأشجار بشكل مجموعات كثيفة، تستعمل الثمار في التغذية خاصة عند الأصناف المحسنة.

    البيئة:

    تعيش شجرة الكستناء بصورة طبيعية في المناطق الجبلية، لأنها تتحمل البرد تخشى الأتربة الغنية بكربونات الكالسيوم والرطبة والعميقة.
    إن مجال استعمال هذه الشجرة في سوريا متوفر في الطوابق شبه الرطبة ويمكنها أن تلعب دور شجرة مثمرة كما يمكن الاستفادة من خشبها.

    الخشب:

    يشبه خشب الكستناء خشب البلوط ولكنه أقل قيمة ، كالخشب الكاذب ذو لون أبيض وتختلف عن خشب القلب بأنه قليل ، يحتوي خشب الكستناء على مادة نستعمل في دبغ الأقمشة الحريرية باللون الأسود وهو غني جداً بالمادة العفصية.

    البندق Corylus Avellana:

    الموطن:

    منبته الطبيعي في حراج أوروبا الوسطى وفي الأناضول وشمال القطر العربي السوري.

    الأوصاف النباتية:

    شجرة من الفصيلة السنديانية Quercineae الساق تعلو من 6-7 م في الأرض الخصبة ، الأغصان لينة مغطاة بورق، والأوراق مسننة قلبية ومتوالية وعلى سطحها وبر ناعم وبراعمها مستديرة.
    أزهارها تبتسم في أواخر الشتاء قبل تفتح الأوراق وهي على نوعين ذكرية وأنثوية فالأولى بشكل زهرية طويلة متدلية والثانية سنبلة قصيرة تكون ضاربة إلى الحمرة كما تكون أطول من حراشف البراعم المحنطة بالزهور ، وكلا النورتين الذكرية والأنثوية على شجرة واحدة فهي إذن مستقلة الجنس وحيدة المسكن، والثمرة بندقة محاطة بغلافه والغلاف الثمري قاسي وداخله بذرة فلقتاها لحميتان وهو ما يؤكل من الثمرة، ويختلف حسب الأنواع منها ماهو كروي ومنها ماهو بيضوي ضمن عنقود يحتوي على ثمرتين من سبع ثمرات وهذا العنقود بارز في غلاف ورقي مشقق الحواف.

    الإقليم:

    يستطيع البندق أن يعيش في جميع مناطق القطر العربي السوري ، إنما يألف المناطق المعتدلة وجميع الاتجاهات توافقه خاصة الشمالي الرطب.

    التربة:

    ينمو البندق في جميع الأتربة ولاسيما الرملية الطينية والإرواء ضروري لنموه في البساتين.

    الأنواع:

    جميع أصناف البندق تعود إلى نوعين اثنين:
    1- النوع الكروي Corylus Tubulosa الكثير الاستعمال نظراً لكثرة حمله وجودة زيته، أوراقه مشرحة نوعاً.
    2- النوع المستطيل Corylus Tubulosa يعطي ثماراً مستطيلة بيضاء أو حمراء أو أرجوانية أوراقه محاطة بإطار ملون بغير لون الأوراق ولذا يستعمل في حدائق الزينة.

    التكاثر:

    يتكاثر البندق بالبذرة والتطعيم والفسائل التي تنمو حول الساق والترقيد.
    1- البذرة تنضد في الشتاء ثم تؤخذ في شهر شباط على أثر إنباتها أو قبل ذلك وتبذر في المرقد ويكون البذار على خطوط تبعد عن بعضها 20 سم وبين البذرة والأخرى 10 سم ثم تنقل في الربيع التالي إلى المشتل سنتين أو ثلاث حسب نوع الخدمة إلى أن تصبح بسماكة الإصبع فيطعم عليها بالبرعم أو بالقلم ثم تنتقل بعد سنة أو سنتين إلى المحل الدائم.
    2- الفسائل : تقطع الفسائل النامية حول ساق الشجرة وتغرس في أوائل الشتاء أو أواخره في المشتل على خطوط يبعد بعضها عن بعض 70-80 سم على أن يترك بين الفسيلة والثانية مسافة 40-50 سم على الخط ثم تطعم بالبرعم أو القلم وتنقل بعد سنة أو سنتين حسب الخدمة إلى المحل الدائم، إن التكاثر بالفسائل أسرع من البذور.
    3- عملية الترقيد سهلة في البندق إذ أنه يعطي جذور بسهولة.

    تعهد المغروسات:

    تغرس الغراس في حفر عمقها من 50-75 سم على مسافات 4-5 أمتار ويتابع الحرث والإرواء والتسميد كسائر الأشجار المثمرة خاصة الفستق الحلبي. يجوز غرس أشجار مؤقتة بين أشجار البندق أو زروع منتظمة لمدة خمس سنوات بعد الغرس فيستفيد البندق من الحرث ومياه الري والتسميد وإن لم يزرع شي وجب حرث الأرض مرتين أو ثلاث في السنة وإرواؤها بانتظام.

    الإثمار والمحصول :

    تثمر شجرة البندق بعد 5-7 سنوات من الغراس لكن لايكون الحمل مرضياً لابعد مضي 10 سنوات على الغراس، تقطف الثمار باليد في شهري آب وأيلول وتجفف خلال بضعة أيام ثم تنزع العلاقة عنها، ويقدر المحصول المتوسط بنحو 50-100 كغ للدونم من البندق الذي نزعت عنه الغلاف.

    الجوز Juglans Regia:

    الموطن الأصلي:

    ذكر المؤلفون أن الموطن الأصلي لشجرة الجوز بلاد العجم وجنوب القفقاس ومنها نقلت إلى سوريا وحوض البحر الأبيض المتوسط وإلى أوروبا منذ زمن الرومان. ويوجد الجوز الآن في الشرق الأوسط وجنوب أوروبا وفي الهيملايا واليابان والصين. وينتشر الجوز بكثرة في غوطة دمشق وقد وجدت شجرة في الغوطة بلغ ارتفاعها 23 متراً ومحيطها 4.5 متر كما بلغ قطرة دائرة الأرض التي تظللها 30 م.

    الوصف النباتي:

    • الشكل: شجرة ضخمة متساقطة الأوراق تتراوح ارتفاعها ن 15-20 سم وتعمر مئات السنين.
    • الساق: مستقيم رمادي اللون مبيض، يتشقق عندما تكبر الشجرة في العمر.
    • البراعم: حرشفية وتبدأ شجرة الجوز بالإزهار قبل تفتح الأوراق حيث تظهر الأزهار المذكرة على أفرع العام الماضي أما المؤنثة فتظهر مع تفتح الأوراق على نهاية الأغصان الجديدة يتم التلقيح بواسطة الرياح وتنضج الثمار مع قدوم فصل الخريف.
    • الأوراق : مركبة تتألف كل ورقة من خمس إلى سبع وريقات بيضوية قسمها السفلي مغطى بالأوبار تنتشر منها رائحة قوية عند فركها باليد، يستخرج من الأوراق وقشرة الساق مواد ملونة وعفصية تستعمل في صناعة الأقمشة ودباغة الجلود.
    • الثمرة: كروية الشكل ، غلافها أخضر، غنية بالمواد الدهنية حيث تبلغ نسبتها 50-60% تستعمل الثمار للغذاء أو للحصول على زيت يستعمل في تغذية الإنسان كما يصنع من غلاف الثمرة نوع من المشروبات الكحولية.
    • خشب الجوز قاسي وثقيل سهل الشعل قابل للصقل ويحتوي على عروق جميلة وملونة ولذا فإنه يستعمل كثيراً في صناعة الموبيليا والمفروشات. ويعتبر الجوز من الأخشاب المتينة والمقاومة لضرر الحشرات والأمراض.

    التربة:

    تتطلب شجرة الجوز الأراضي العميقة والخصبة وتتحمل وجود الكلس في التربة ، لاتنمو جيداً في الأراضي الطينية الثقيلة ولا في الرمال. كما لا تتحمل الملوحة في التربة.
    المناخ:
    تعيش شجرة الجوز في المناطق المعتدلة الدافئة وتنمو في مواقع حتى ارتفاع 1400 م فوق سطح البحر وهي حساسة للصقيع ومقاومة للرياح نظراً لقوة مجموعها الجذري تشعبه.الأنواع والأصناف:

    ليس للجوز أصناف في سوريا كلها معروف تحت اسم البلدي أو العادي أو الخليلي، شجرته قوية وثمرته متوسطة بيضية قشرتها غليظة غزير المحصول ينضج في شهر أيلول ويتكاثر بالبذرة.

     

    • الشائع J Regia
    • الأسود: خشبه صلب لونه بنفسجي ضارب إلى السواد يستعمل بذرته للغراس.
    • الأصفر ثمرته كبيرة جداً بحجم بيضة الدجاج الرومي.
    • الفريك: ثمرته مستطيلة سهلة الكسر لكنها معرضة للثقب بمنقار العصافير.
    • الرمادي: رمادي اللون أصله من مقاطعة لويزيانا في أمريكا.
    • الأسطواني: صغير الحجم لذيذ الطعم زيتوني الشكل.
    عدا عن الأنواع التي أدخلت من أمريكا لمقاومتها الصقيع وهي: كاليفورنيا ، الأسود، وريكا، ليلياس.

    التكاثر والأصول:
    يتكاثر الجوز بواسطة البذرة الجيدة الأوصاف وهي قابلة للزراعة مباشرة بالمشتل بعد نقعها لمدة 48 ساعة إلا أنها تتأخر بالإنبات أو تعد جراء عملية التنضيد بهدف الإسراع بالإنبات ولمساعدة البذرة على اجتياز فترة السكون اللازمة لها.

    ويتم التنضيد بوضع البذور في صناديق بعمق 10 سم على طبقة متصلة وبسمك بذرة واحدة وذلك ضمن الرمل النقي الخالي من الأملاح والكلس (رمل مزار) وعلى عمق 4 سم من السطح ويمكن وضع أكثر من طبقة واحدة في الصندوق .
    ويجري هذا التنضيد في البراد على درجة حرارة 4-6 مْ أو في منطقة جبلية مرتفعة وفي معرض شمالي مغطى ويجب مراقبة الصناديق خلال التنضيد لريها للمحافظة على الرطوبة القصوى فيها ولمكافحة الأمراض والآفات التي قد تظهر عليها.

    إذن تزرع البذور منقوعة أو منضدة في أول آذار وتبقى الغرسة سنتين بالمشتل اعتباراً من البذرة وتنقل وتغرس بالأرض المستديمة بدون تطعيم في حفر حجمها متر مكعب واحد على مسافة 10-12 متر بين الحفرة والأخرى وتعمل الوزارة على إدخال الاصل المقصر الجوز (جوز أسود) ليطعم ببعض أصناف الجوز العالمية عالية الإنتاج وبالنسبة لبلادنا يبقى الصنف الأسود من أهم الأصول المستعملة للجوز.

    الغرس والخدمة:

    لايغرس شجر الجوز في سوريا عادة كزراعة قائمة بذاتها (بستان) وإنما تغرس في الأراضي المروية على السواقي الرئيسية بأطراف البستان ويكون وقت الغرس في أوائل الشتاء (حمص حتى حلب) وفي شباط (ضواحي دمشق) تنقل الغراس من المشتل وتغرس في حفر حجمها متر مكعب على أن يكون بين الحفرة والأخرى 10-12 متر.

    أما إذا أريد غرس الجوز في أرض تستقل بها فإنه يعيق نمو الزراعات السنوية التي تزرع تحت ظل فروعه وأغصانه وتفسد عليها الهواء لدرجة لاتعد معها تلك الزراعات صالحة لحمل محصول كاف.

     

  • بقلم الدكتور محمد السقا عيد – الغدة النخامية (بحجم حبة الحمص الصغيرة)  وهي معجزة من معجزات الخالق ..

    بقلم الدكتور محمد السقا عيد – الغدة النخامية (بحجم حبة الحمص الصغيرة) وهي معجزة من معجزات الخالق ..

    معجزة الغدة النخامية

    تاريخ المقال : 28/6/2010 | عدد مرات المشاهدة : 13024


    بقلم الدكتور محمد السقا عيد

    الغدة النخامية هي معجزة من معجزات الخالق سبحانه وتعالى.و تزن تلك الغدة حوالي نصف جرام (حجم الحمصة الصغيرة)  وبرغم صغرها فانها تفرز العديد من الهرمونات الرئيسية في الدم  والتى  تحمل الأوامر المباشرة إلى كل الغدد الهرمونية الموجودة في الجسم، وبذلك تُجري تبنيها لتلك الغدد الأخرى؛ لتفرز هرموناتها فورًا في الدم.

    فعند الغضب والغيط والحقد تُرسل الغدة النخامية الأمر إلى غدة “الأدرينال” التي تستجيب على الفور؛ حيث يُفرز هرمون “الأدرينالين”، الذي يؤدي إفرازه في الدم إلى تغيرات فسيولوجية وكيميائية حيوية مذهلة، إنه يهيئ الجسم لقوى شيطانية رهيبة؛ وذلك استجابة لإشارة التهديد الصادرة من الغضب والغيظ والحقد.

    وتقوم أيضا غدة “الأدرينال” بإفراز هرمونات القشرة مثل هرمون “الكورتيزون”؛ لإعداد الجسم بيولوجيا للدفاع عن الإرهاق النفسي بأشكاله المختلفة.

    وحينما يتعرض الإنسان إلى تلك الانفعالات السابق ذكرها لفترات مستمرة تزيد إفرازات تلك الهرمونات التي تؤدي إلى تغيير مدمر لكيميائية الجسم: هدم في أنسجة الجسم، إفراز الجليكوز في البول.. وعلى المدى الطويل قد يحدث مرض “السكر”، ويسير الجسم بخطى وئيدة إلى زيادة نسبة “الكولسترول” في الدم؛ وهو ما قد يؤدي إلى حدوث الذبحة الصدرية، وتصلب الشرايين، وأمراض أخرى مدمرة لكيان الإنسان، هذا بجانب الأمراض النفسية العضوية.

    وحصيلة كظم الغيظ والعفو عن الناس والخلاص من الحقد هو الطريق للخلاص من قوى التدمير النفسي والعضوي، وهو الطريق المضيء نحو الاستقرار الوجداني والأمن النفسي والسعادة الروحية.

    موقع الغدة النخامية

    تقع الغدة النخامية في الجزء السفلي الأمامي للدماغ ومتصلة من الأعلى بمنطقة في المخ تسمى بمركز تحت سرير المخ(الهيبوثلاموس) Hypothalamus وهذا الموقع يعتبرموقعاجيدا وحصنا حصينا(بين سقف الفم وقاع المخ) لحمايةالغدة ووقايتها.

     

     صورة توضيحية للغدة النخامية

    وهي غدة مهمة تفرز العديد من الهرمونات الحيوية والضرورية لجسم الإنسان، وتعتبر (المايسترو) بالنسبة لعدد كبير من الغدد الصماء الأخرى، حيث تعد هرموناتها هي المؤثر والمنظم الأساسي لعمل تلك الغدد وإفرازاتها .

    التركيب المجهري لاجزاء الغدة النخامية

    وهي تتكون من فصين اثنين يختلفان عن بعضهما البعض من حيث التركيب والوظيفة

  • ماذا تعرف عن  الغدد الصماء؟.. كيف تعمل وما تأثيرها على أجسامنا؟(عِلْمُ الغُددِ الصُّمّ)Endocrinology ( أمراض الغدد الصماء )

    ماذا تعرف عن الغدد الصماء؟.. كيف تعمل وما تأثيرها على أجسامنا؟(عِلْمُ الغُددِ الصُّمّ)Endocrinology ( أمراض الغدد الصماء )

    علم الغدد الصم (عِلْمُ الغُددِ الصُّمّ)Endocrinology
    Endocrinology ( أمراض الغدد الصماء )
    مبْحثُ الغُددِ الصُّمّ
    يهتم علم الغدد الصماء بتصنيع الهرمونات وإفرازها وتأثيرها على الجسم ، والهرمونات هي رسائل كيماوية لها بنيات جزيئية متنوعة يتم تحريرها من الغدد الصماء ،تقوم بتنسيق نشاطات العديد من الخلايا المختلفة ولهذا السبب فإن المرض الغدي الصماوي له مجال واسع من التظاهرات التي تؤثر على العديد من الأعضاء الرئيسية الأخرى.

    وتتصف الغدد الصم بصغر حجمها ووزنها وهي تتوضع في أنحاء متفرقة من الجسم ، وتفرز هرمونات لها تأثيرات حياتية على جميع أعضاء الجسم وخلاياه. وإذا زادت كمية هذه الهرمونات أو نقصت عن المستوى المطلوب، حدثت تبدلات مرضية تؤدي إلى الوفاة مع مرور الزمن .

    تستجيب الغدد الصم لحاجة الجسم من الهرمونات استجاب بطيئة تتأثر بعوامل عديدة كالعوامل الهرمونية والعوامل النفسية والعاطفية كالانفعالات والشدة والعوامل المرضية كالصدمة والأمراض الحادة والمزمنة وغيرها.
    يعمل جهاز الغدد الصم بشكل متكامل ومتناسب بسبب ظاهرة التأثير والتأثير العكسي التي تعمل على شكل حلقتين هما الحلقة الطويلة والحلقة القصيرة ويعرف نمطان من الأجهزة الداخلية الإفراز التي تضبط تركيب الهرمونات وافرازها.
    يرتكز النمط الأول على وجود هرمون منحاز وهرمون آخر يختلف عنه ويتأثر إفرازه بالهرمون المنحاز. وخير مثال على ذلك جهاز الحاثة الكظرية – الكورتيزول .
    أما النمط الثاني فلا يرتكز على وجود هرمون منحاز كما أن المادة الحائلة في الدم التي تؤثر على إفراز الهرمون ليست هرمونية، وخير مثال على ذلك جهاز هرمون جارات الدرقية – الكالسيتونين- الكالسيوم، وإضافة إلى هاتين الآليتين ، يتأثر ضبط تركيب الهرمونات وإفرازها بمواد كيميائية عديدة قد يكون منشوءها داخلياً أو خارجياً، كما قد تكون فيزيولوجية أو دوائية، مثال على ذلك الغلوكوز والكالسيوم والحموض الأمينية.

    تصنف الهرمونات كيميائياً إلى ثلاث فئات هي: الببتيدات ، والستيروئيدات ، والآمينات.
    ومن الناحية الوظيفية تصنف إلى فئتين هما:
    – الهرمونات المنحازة التي تنبه غدة صماء أخرى على إنشاء الهرمونات وإفرازها.
    – الهرمونات اللامنحازة التي تؤثر على أنسجة لاغدية.

    تنجم أمراض الغدد الصماء عادة إما عن زيادة كمية هذه الهرمونات في الدم أو نقصها. وقد يكون سبب هذه الزيادة أو النقصان خللاً مكتسباً أو خلقياً يمكن أن يصيب الغدد المستقبلة أو المراكز الغدية الموضعة في الدماغ.وكذلك يمكن أن يكون الخلل موضعاً في الأنسجة الهدفية ذاتها إذ لا يستطيع هذه الأنسجة أن تزيل فاعلية كمية سوية من هرمون سوي أو أن لديها القدرة على زيادة فاعلية كمية سوية من هرمون سوي بسبب زيادة تحويله رلى مستقبلات فعالة. وأخيراً قد لا تكون الآفة الغدية صماوية ، لآنه تعرف بعض السرطانات اللاغدية التي تستطيع أن تفرز كمية شاذة من الهرمونات المنحازة واللامنحازة.

     

    تعريف الغدد الصماء بالصور

    ما هي الغدد الصماء؟ كيف تعمل وما تأثيرها على أجسامنا؟
    الغدد الصماء
    هي عبارة عن مجموعة متخصصة من الخلايا تفرز مواد تسمى الهرمونات والتي تؤثر على باقي خلايا الجسم.. تفرز الخلايا هرموناتها إلى مجرى الدم مباشرة حيث تصل إلى خلايا الجسم المستهدفة ومن هنا أتت تسميتها بالصماء. تعمل جميع هذه الغدد بشكل مترابط ومنظم بالتعاون مع الجهاز العصبي والذي يلعب دورا هاما في إفراز بعض الهرمونات.

    (هرمون) كلمة يونانية تعني المنشط أو المثير أو حامل الرساله، تفرز الهرمونات بكميات محدده تتناسب ووظيفتها ثم تفرز عن طريق البول أو يتم ابطال مفعولها بواسطة العضو المؤثرة فيه.


    أهم الغدد الصماء في جسمنا:


    تعريف الغدد الصماء بالصور


    الغدة النخامية: وهي سيدة الغدد الصماء نظرا لما تلعبه من دور كبير في تنظيم أعمال الغدد الصماء الأخرى ، توجد في قاعدة الدماغ وتتكون من فصين الأمامي والذي له وظيفة هرمونية بحتة والخلفي والذي يربط الجهاز الهرموني بالجهاز العصبي عن طريق حلقة الوصل بين الجهازين والمسماة تحت المهاد (hypothalamus ). أي خلل في هذه الغدة يكون تأثيره كبيرا نظرا لما ذكرت سابقا من أهميتها.


    أما عن إفرازاتها فالفص الأمامي يفرز حوالي سبع هرمونات وظائف معظمها مبنية على تنظيم إفرازات الغدد الأخرى وإليكم بعض إفرازاتها:


    1- هرمون النمو: وتتضح وظيفته من اسمه حيث أنه له الدور الأكبر في نمو الجسم سواء على مستوى العظام أو الأنسجة، نقص هذا الهرمون في الصغر يسبب قصر القامة وبطؤ النمو، أما زيادته في الصغر فتسبب العملقة..


    2- الهرمون المنشط للغدة الدرقية: والذي يحفز الغدة الدرقية لإفراز الثايروكسين والذي ستذكر وظيفته لاحقا.


    3- هرمون الحليب (البرولاكتين): وهو المسئول مع الإستروجين عن نمو الثدي و تكوين حليب الأم.


    4- الهرمون المحفز للغدة فوق الكلوية (الكظرية) ACTH : وهو الذي يحفز الغدة الكظرية لإفراز الكورتيزول.


    5- الهرمون المحفز للميلانين MSH : والذي يلعب دورا في تنظيم دور صبغة الميلانين التي تعطي جلودنا لونها.


    6- الهرمونات المنشطة للغدد التناسلية( Gonadotrophine ).


    أما الفص الخلفي فيفرز هرمونين فقط هما الهرمون المضاد لإدرار البول ADH أو Vasopressin ويعمل على الحفاظ على كمية الماء في الجسم عن طريق تركيز البول، أما الهرمون الثاني فيسمى أوكسيتوسين Oxytocin والذي يساعد في خروج الحليب أثناء الرضاعة دون التدخل في تكوينه كما أن له دور هام في تقلص عضلات الرحم أثناء الولادة.


    ————————————————-


    تعريف الغدد الصماء بالصور


    الغدة الدرقية: وربما تكون أكثر الغدد شهرة نظرا لانتشار أمراضها بشكل واسع، تقع الغدة الدرقية في المنطقة الأمامية من الرقبة أمام القصبة الهوائية، لها شكل الفراشة حيث أنها تتكون من فصين أيمن وأيسر يربطهما جزء يسمى isthmus، أما الهرمون الذي تفرزه فيسمى الثايروكسين والذي أعطى الغدة دورا يشبه محطة توليد الطاقة للجسم. فهذا الهرمون مسئول عن العمليات الأيضية في الجسم، فلو زاد نشاطها عن المنسوب العادي تصبح كالنار تأكل الهشيم، تحرق كل ما يصل إليها من وقود، ولو قل نشاطها عن معدله فإن الجسم يفقد نشاطه وحيويته ويركن إلى الكسل و الخمول والنعاس ويشعر بالبرودة باستمرار. يوجد خلايا أيضا في الغدة الدرقية تفرز الكالسيتونين والذي يعمل على تنظيم نسبة الكالسيوم في الدم مع الباراثورمون حيث أن لهم تأثيرا متضادا، فالكالسيتونين يعمل على إخراج الكالسيوم من الجسم إذا زاد بينما يقوم الباراثورمون بامتصاص الكالسيوم من الأمعاء و العظام إذا قل. في المناطق الجبلية عادة ينتشر تضخم الغدة الدرقية الناتج عن نقص اليود الذي يعد مهما في تكوين الثايروكسين.

    ———————————

    تعريف الغدد الصماء بالصور


    الغدد جارات الدرقية: عددهم أربعة يوجدون في الجهة الخلفية من الغدة الدرقية. الباراثورمون هو الهرمون المفرز من هذه الغدد والذي تتمثل وظيفته في تنظيم الكالسيوم في الجسم والحفاظ على نسبته لأن نقصه أو زيادته تؤدي إلى مشاكل عديدة، وبالتالي فنقص هذا الهرمون يؤدي إلى خلل في نسبة الكالسيوم في الدم.

    ————————————-

    تعريف الغدد الصماء بالصور


    البنكرياس: يقع خلف المعدة، يحتوي على جزر لانجرهانز وهي تجمعات من الخلايا يفرز بعضها_خلايا ألفا_الجلوكاجون بينما يفرز البعض الآخر_خلايا بيتا_ الأنسولين والذي لا يخفى عنا دوره في تنظيم السكر في الجسم حيث يقوم بإدخال الجلوكوز إلى الخلايا، نقص الأنسولين أو عدم استجابة الخلايا له تسبب داء السكري حيث ترتفع نسبة السكر في الدم لعدم قدرة الخلايا على امتصاصه بسبب عدم وجود الأنسولين. أما الجلوكاجون فيعمل على زيادة نسبة السكر في الدم إذا احتاج الجسم إلى الطاقة.


    ———————————————-


    تعريف الغدد الصماء بالصور

     

     

    الغدة فوق الكلوية (الكظرية) : غدتين تقعان أعلى الكليتين، لا يمكن للجسم العمل دونها فإزالتهما تسبب الموت. تفرز هرمون الكورتيزولالذي يلعب دورا كبيرا في تنظيم ضغط الدم و أيض الكربوهيدرات والبروتين والدهون وتقليل الإلتهابات.

     

    ——————————-

     

    الغدد التناسلية ( الخصية والمبيض): تعمل هاتين الغدتين تحت تأثيرها الهرمونات المنبهة للغدد التناسليه التي يفرزها الفص الأمامي للغده النخاميه.

     

    الخصية في الذكور تفرز الأندروجينات وأهمها التستوسيترون المسؤول عن نمو الأعضاء التناسلية وظهور الصفات الذكرية كخشونة الصوت ونمو العضلات ونمو الشعر على أجزاء من الوجه.

     

    أما المبايض في الأنثى فإفرازاتها تدعى الإستروجينات مثل الاستريول والاسترادايول ومهمتها زيادة سمك الغشاء المبطن للرحم وإبراز الصفات الأنثوية كنمو الثدي ونعومة الصوت