«عرب البحر».. رحلة السندباد الإسباني  من مواني الجزيرة العربية إلى جزيرة زنجبار
 «عرب البحر».. رحلة السندباد الإسباني من مواني الجزيرة العربية إلى جزيرة زنجبار

 عمان – الدستور

أكد الشاعر والمترجم د. طلعت شاهين أن كتاب «عرب البحر.. على طريق السندباد: من مواني الجزيرة العربية إلى جزيرة زنجبار» للرحالة والكاتب الأسباني جوردي استيفا الصادر بترجمته وتقديمه أخيرا عن دار سنابل هو كتاب رحلات بالمعنى الحقيقي للكلمة، فهو عبارة عن رحلة غوص في واقع مختلف عن الذي اعتاد عليه القارئ، عودة إلى صفحات مشرقة في تاريخ العرب الذين كانوا سادة البحار وقت أن كانت أوروبا تعيش في عصر الظلمات والتخلف.. فقد جمع جوردي استيفا في هذا الكتاب الأسطورة العربية في البحار مع الرغبة في استرداد رماد عالم اختفت ملامحه تماما، لأن «كل شيء يتغير على الرغم من أن الذاكرة تبقى».

وأشار إن هذا الكتاب يصور رحلة «سندباد جديد» جاء هذه المرة من أسبانيا ليفرد أشرعته في البحر الأحمر وما حوله من مياه ويابسة بحثا عن العرب الذين حلم بهم في مرحلة الطفولة، «خلال تلك الرحلة ووصفها كتابة نجح المؤلف في إلقاء نظرة واقعية وحالمة في الوقت نفسه إلى هذا العالم من البحارة العرب الذين أبحروا في المحيط الهندي مع الرياح الموسمية التي تحرك القوارب بحثا عن التوابل والحرير والعاج والأحجار الكريمة.

من خلال ما يصفه الكاتب الذي وهب نفسه للمغامرة نجد إن هذه الطريق بالكاد قد تغيرت منذ زمن البحار الأسطوري. رغم أن هؤلاء البحارة العرب استخدموا في رحلاتهم «غزواتهم» سلاحا واحدا فقط هو التجارة، وساعدوا بهذا السلاح على انتشار الإسلام وثقافتهم العربية، وتلك التجارة نفسها قادت الحضارة الهندية، ابنة الرياح الموسمية، لتشكل حضارة عربية فريدة تجمع بين عناصرها أفضل ما أنتجه العرب والفرس والهنود والأفارقة».
وقال شاهين «الحلم برحلات السندباد راودنا أطفالا في العالم العربي كثيرا، بل ان الكبار منا كانوا يتابعون تلك الرحلات من خلال قصص «ألف ليلة وليلة» سواء مذاعة أم متلفزة أو حتى على شاشات السينما كما في فيلم «البساط السحري» الذي يسافر بنا أسرع من الخيال والحلم، وهذا طبيعي أن يحدث معنا باعتباره جزءا من ثقافتنا العربية، ولكن أن يظل هذا الحلم يراود طفلا أسبانيا أو اوروبيا لفترات طويلة تدفع به بالبحث عن آثار تلك الرحلات بعد أن غابت في التاريخ وابتعدت في الجغرافيا.
ويعتبر كتاب «عرب البحر» للكاتب والمصور الفوتوغرافي الأسباني «جوري استيفا، والصادر مؤخرا عن دار «بينونسولا» في برشلونة، نموذجا لهذا الحلم الذي تحول إلى رحلة شيقة ومغامرة لا تقل إثارة عن رحلات السندباد البحري، وأيضا يتضمن الكثير من المعلومات التي تدفع إلى تساؤلات عديدة ربما لم يقصدها الكاتب ولكن لو وجدت في حينها من ينتبه إليها لأمكن كشف الكثير من التغيرات التي مرت وتمر بها منطقتنا العربية منذ أن بدأت رحلاته التي دونها هنا منذ العام 1977».
وأضاف «إن كان هذا التاريخ يذكره الكاتب الأسباني في حكايته «عرب البحر» على أنه بداية رحلته انطلاقا من القاهرة إلى سلطنة عمان ذهابا وإيابا بداية من القاهرة ومرورا بالسودان ثم عبور البحر الأحمر إلى شواطيء عدن باليمن، مستخدما وسائل النقل البرية الممكنة من الحمير والسيارات والقطارات والمراكب، ولنقل استخدام كل ما أمكنه من وسائل سير أو نقل متاحة، وكأنه يريد بالفعل أن يعيش مناخ المغامرة الذي حلم به منذ طفولته وهو يتابع قراءة مغامرات السندباد البحري التي كانت منتشرة في أوروبا في كتب مصورة للأطفال طوال القرن العشرين».
ورأى شاهين أن الجانب الأكثر تشويقا في رحلة بحث جوردي استيفا عن «عرب البحر» يكمن في رحلته عبر السودان، شماله وجنوبه، وبشكل خاص خلال وجوده في العاصمة الخرطوم وجوبا حيث بدأ في ذلك الوقت يرصد ظواهر مهمة أهمها بداية الأحداث التي كانت تمر بها الصومال التي انتهت بتفتيتها وجعلت منها دويلات تشبه كانتونات مستقلة، فقد نزل بين شباب معسكرات الشباب بالخرطوم واختلط بأولئك القادمين من الصومال سيرا على الأقدام بحثا عن جواز سفر اوروبي أو كندي للهروب من جحيم الفقر وأهوال الحروب.

من almooftah

اترك تعليقاً