مهرجان جرش والشعور الوطني والقومي – د.فادي عبد الكريم الربابعه

انطلقت فعاليات مهرجان جرش في ظل ظروف صعبة ومعقدة يملؤها الحزن والأسى الذي يشعر به المواطن الأردني جراء ما يواجهه من صعوبة في ظروف المعيشة وشعور بألم ما يجري للبلاد العربية المجاورة وتهيئ لاستقبال شهر عبادة لله تعالى هو شهر رمضان المبارك، ومن جهة أخرى ما تشهده بلادنا العربية من أوضاع صعبة يغلب عليها طابع الحزن والقلق والتوتر والقتل والمصائب والتدمير والتهجير الذي لم يعد خافياً على أحد.
وإن المواطن الأردني والعربي بل وجميع مواطنين العالم تجمعهم ثقافة متمثلة بأن إظهار الفرح والبهجة والسرور في مناسباتهم الاجتماعية والوطنية يكون بالتعبير عنها بالأغاني والاحتفالات والموسيقى بالطريقة التي يراها كل شعب من شعوب العالم، والمواطن الأردني والعربي جزء من هذا العالم له طريقته الشعبية في التعبير عن فرحه وابتهاجه وما مهرجان جرش إلا مظهر من مظاهر الفرح والبهجة بما يؤدى فيه من أغاني وطرب وموسيقى ورقص، وحول هذا المعنى أثارني ما سمعته من أحد المتحدثين في كلمته التي ألقاها في افتتاح مهرجان جرش حيث قال: ” من حق الأردنيين والعرب والأصدقاء من أنحاء العالم أن يفرحوا ويعبروا عن سعادتهم في هذا الملتقى المفعم بالفرح”.
فيا أيها القائمين على مهرجان جرش. أين شعوركم الوطني مع المواطن الذي يمر بظروف اقتصادية ومعيشية صعبة تكاد تجعل الكثير من الأسر لا تجد ما تطعم أفرادها من الطعام والشراب بسبب الغلاء الذي يشهده الوطن في هذه الأيام، بل من الحليب الذي تغذي به أطفالها، فضلاً عن ظروفها الصعبة في توفير المسكن الكريم لأفرادها؛ بسبب ارتفاع أجور المساكن، والشقق، وأسعار الأراضي، وتكلفة المباني، ولا تجد ما توفر به لأفرادها من الملابس التي ربما لا يقدم الكثير من المواطنين على شراءها إلا في مناسبتين في العام: مناسبة عيد الفطر، وعيد الأضحى المبارك، أين شعوركم بألم المواطن الذي يسعى بكد وجهد لتوفير رسوم الدراسة الجامعية لأبنائه حتى يكملوا دراستهم.
كيف سيكون شعور المواطن الذي ينظر إلى مظاهر الترف والإسراف التي تنفق على مهرجان للغناء والطرب والموسيقى وتدفع للمشاركين من المغنيين والفرق؟ أتغنون وتطربون وترقصون على موائد الفقراء؟
أين الشعور مع المواطن الأردني المسلم؟ الذي يستقبل شهراً فضيلاً من الأشهر التي يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى بالصيام، وما يتملكه من شعور إيماني ونفسي وسلوكي تجاه هذا الشهر الفضيل يجعل قلبه رقيقاً متعلقاً بالله تعالى منضبطاً في سلوكه وتصرفاته وتعاملاته مع الآخرين يجدد فيه علاقته بربه سبحانه وتعالى، ويرى أنه من غير اللائق أن يصاحب هذا الشهر الفضيل مهرجانات للغناء والموسيقى والرقص.
يا أيها القائمين على هذا المهرجان، أين شعوركم القومي مع ما تشهده البلاد العربية منذ سنوات من الفوضى والدمار وسفك دماء الأطفال والشباب والنساء والرجال والتهجير والتشرد؟ فالبلاد العربية اليوم في وضع لا يسرعدو ولا صديق، مما تشهده من المآسي والمصائب والويلات، فأين هو البلد العربي الذي يشعر بالأمن والاستقرار ورغد العيش الذي يؤهله لأن يتفرغ لحضور ومشاهدة ومتابعة المهرجانات؟ وما هو شعور المواطن العربي وهو يعيش هذا الواقع المرير وأنتم تقيمون المهرجانات الغنائية والموسيقية؟ وكيف سينظر إليكم؟ فعلى ماذا نغني ونرقص على أرواح الأبرياء التي تسقط يومياً في بلادنا العربية؟ أم على الاقتتال الذي يدور بين المسلمين؟
علماً بأن أغلب الدساتير الوطنية العربية تصف نفسها بموجب الدستور الوطني للبلاد بأنها جزء لا يتجزأ من أمتها العربية والإسلامية، ومن هذا المنطلق يفهم أنها ذات شعور وحس قومي عربي وإسلامي تتفاعل مع قضايا أمتها العربية والإسلامية المعاصرة بما يبرز مظاهر هذا التفاعل في الحزن والفرح كمشاركة اجتماعية قومية ووطنية.
وأنتم أيها الفنانون المشاركون في هذا المهرجان، أغاب عنكم شعوركم الوطني والعربي بما يشهده المواطن العربي من هذه الظروف؟ أم أنكم لستم جزء منهم أفلا تشعرون؟ وماذا تجيبون جماهيركم العربية عن مشاركتكم؟
نعم إنه غياب للشعور الوطني والقومي عن كل ما يجري ويحدث.

 

من almooftah

اترك تعليقاً