15 أيّار.. رحيل ونّوس محكومون بالأمل.. والانتصار!

15 أيّار.. رحيل ونّوس محكومون بالأمل.. والانتصار!
كتبه  أيمن مروة – بيروت

رحل الكاتب والأديب سعد الله ونّوس عن هذا العالم في 15 أيّار 1997، بعد أن شكّل بالنسبة لعدد كبير من المثقّفين والمبدعين العرب الضمير المعلن والقادر على الجهر، في مشهد الصمت. رحل الرمز وأحد علامات الضمير الأدبي الشجاع الذي بات يتقلّص ويندر في عالمنا.

ولد سعد الله ونوس في عام 1941 في قرية حصين البحر في شمالي غربي سورية بالقرب من مدينة طرطوس. التحق ونّوس بالمدرسة الابتدائية، وكان أوّل كتاب اقتناه في تلك المرحلة هو كتاب «دمعة وابتسامة» لجبران خليل جبران وكان عمره اثنتي عشرة سنة، قضى شهور الصيف يقرأ كل ما يقع تحت يديه، حتّى عشق القراءة، وازداد ولعه بها إلى درجة أنّه كان يشتري كتبه بالدَّيْن.
تابع ونّوس الدراسة في ثانويّة طرطوس في عام 1959، وفي نفس العام حصل على منحة دراسيّة للحصول على ليسانس الصحافة في كليّة الآداب بجامعة القاهرة، وفي هذه السنوات الأربع من الدراسة استطاع أن يطلّ على الأدب المسرحي.
كانت الانفصال بين مصر وسورية، الواقعة التي هزت شخصيته ودفعت به إلى كتابة أولى مسرحيّاته وكانت بعنوان «الحياة أبداً» في عام 1961.
تخرّج ونّوس في عام 1963، وعاد إلى دمشق حيث عُيِّن مشرفاً على قسم النقد بمجلّة «المعرفة». سافر ونوّس في عام 1966 في إجازة دراسيّة إلى باريس لدراسة الأدب المسرحي، وهناك وصلته أنباء هزيمة 1967 فتأثر كثيراً وعبّر عن ألم هذه الهزيمة في مسرحيّته الشهيرة «حفلة سمر من أجل 5 حزيران» التي صدرت في عام 1968.
مارس ونّوس في باريس الحياة السياسيّة وساهم أثناء انتفاضة الطلّاب في جامعات فرنسا مع زملائه في إقامة أحد المنابر للتعريف بالقضيّة الفلسطينيّة من خلال الخطب والمنشورات والكتيّبات، وكان مؤمناً بالاشتراكية العلميّة منهجاً وأسلوباً في الحياة، إلا أنه لم يعرف ارتباطاً بأي تنظيم حزبي.
أنهى ونّوس دراسته في فرنسا وعاد إلى دمشق، فعُيِّن رئيساً لتحرير مجلّة «أسامة» من عام 1969 إلى عام 1975. عمل ونّوس في تلك الفترة محرّراً في صحيفة السفير البيروتيّة، وعندما اندلعت الحرب الأهليّة، عاد إلى دمشق ليعمل مديراً لمسرح القبّاني، وأسّس مع صديقه المسرحي فوّاز الساجر فرقة للمسرح التجريبي، قدّمت عدّة عروض.

الإشارات والتحولات..

نظّم ونوّس مهرجان دمشق المسرحي الأوّل في عام 1969، وعرض خلاله مسرحيّته الشهيرة «الفيل يا ملك الزمان»، وقد لاقى المهرجان نجاحاً باهراً على مستوى الوطن العربي.
في عام 1977 أصدرت وزارة الثقافة السوريّة مجلّة مسرحيّة اسمها «الحياة المسرحيّة» وأوكلت إلى ونّوس رئاسة تحريرها حتى عام 1988 وهي مجلّة فصليّة متخصّصة في شؤون المسرح.

اعتصم ونّوس عن الكتابة لعقد من الزمن تقريباً في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان وحصار بيروت في عام 1982 ، وعاد إليها في أوائل التسعينات بمجموعة من المسرحيّات السياسيّة بدأت بمسرحيّة «الاغتصاب» التي صدرت في عام 1990، التي تدور حول الصراع العربي الإسرائيلي، و«منمنمات تاريخيّة» في عام 1994، «طقوس الإشارات والتحوّلات» في عام ١٩٩٤، «أحلام شقيّة» في عام 1995، «يوم من زماننا» في عام 1995، وأخيراً «ملحمة السراب» في عام 1996 و«بلاد أضيق من الحب» في نفس العام. هدف ونّوس في أعماله إلى تقديم مسرح وثائقي وسينما وثائقيّة تساهم في اكتشاف مشاكل المجتمع وفهمها، وتدعو إلى الإصلاح والتغيير والثورة.

محكومون بالأمل..

أصيب ونّوس بمرض السرطان في عام 1992، وقد حدّد له الأطباء مدّة للمرض القاتل بستّة أشهر وأنّه سيفارق الحياة بعدها، لكنّه كما عبّر هو نفسه، فقد كافح المرض من خلال إصراره على الكتابة والتأليف والإبداع، وهكذا دخل في صراع استمر خمس سنوات مع مرضه، وفي عام 1994 عاوده بقوّة وبدأ دورة علاج في دمشق.
في عام 1997 كلف سعد الله ونوس من اليونسكو بإلقاء كلمة بمناسبة اليوم العالمي للمسرح وأطلق عبارته الشهيرة:
(ما يجري ليس نهاية التاريخ ونحن محكومون بالأمل)..!
ليضيف عليها المناضلون السوريون لاحقاً:
(بالأمل والإنتصار).

من almooftah

اترك تعليقاً