المحامي منير العباس
هِيَ الأمُّ الَّتي !!
تَصَادَفَ أنْ يُرَافِقَنيْ عَقُوْقٌ
بِعِيْدِ الأمِّ فيْ إحْدى السِّنِيْنِ
فأمْعَنُ في التَّهَكُّمِ والتَّرَدِّيْ
وزَمْجَرَ قائِلاً : “عيدُ المُجُونِ”
***
رَدَدْتُ كَلامَهُ بالرِّفْقِ أَحْذوْ
بِحُبٍّ حَذْوَ ذِي النَّهْجِ الْمُبِيْنِ
أُحَاوِرُهُ بِمَا قَدْ صَارَ فَصْلاً
مِنَ الْقَوْلِ الْحَكِيْمِ لِكُلِّ دِيْنِ
أَمَا مِنْ رَحْمَةِ الرَّحْمنِ كانَتْ
لَنَا أُمٌّ كَعِطْرِ الياسَمِيْنِ ؟
أتُنْكِرُ فَضْلَ آمِنَةٍ عَلَيْنَا
وَقَدْ حَمَلَتْ بِهَادِيْنَا الأمِيْنِ
وَفَاطِمُ كَمْ حَبَاهَا اللهُ طُهْراً
وَأَوْدَعَ سِرَّهُ أمَّ البَنينِ
وأمُّ المُؤْمِنِيْنَ تَفِيْضُ بِرَّاً
وقدْ حَازَتْ تُقَى لَقَبٍ مَكِيْنِ
إلهُ العَرْشِ كَرَّمَ أمَّ مُوْسىْ
لِتُوْدِعَهُ لَدى يَمٍّ حَصِيْنِ
وَأُمُّ مَسِيْحِنا هَزَّتْ بِفَخْرٍ
لِجِذْعٍ جَادَ بالرُّطَبِ الثَّمِيْنِ
وَلَوْ شَاءَ الإلهُ أَتَى بِرُطْبٍ
بِلا هَزٍّ لِمَرْيمَ مِنْ عُيُوْنِ
أمَا سُئِلَ الرَّسُوْلُ فَقَالَ : أُمِّيْ
وَأُمّيْ ثُمَّ أُمِيْ كُلَّ حِيْنِ
وَأَلْقَى بَيْنَ كَفَّيْها دُعَاءً
لِتُزْهِرَ فِيْهِما جَنَّاتُ عَدْنِ
ألمْ تَسْمَعْ جَوَاْبَ حَفِيْدِ طَه
لِماذا لمْ يُؤاكِلْها بِصَحْنِ
فقَالَ : أخَاْفُ أنْ آتيْ عُقُوْقاً
فَتَسْبِقَ كَفَّهَا للصَّحْنِ عَيْني
و “نابِلْيَوْنُ” أَهْدَى الأمَّ قَوْلاً
عَظِيْمَاً كانَ كَالْحِكْمِ الرَّصِيْنِ
فَمَا مِنْ ناجِحٍ فِي الْكَوْنِ إلاَّ
وَعَوْنُ الأُمِّ مِنْهُ كالْقَرِيْنِ
وَآخَرُ قَالَ : مَنْ هَزَّتْ سَرِيْري
بِيُسْرَاهَا تُزَلْزِلُ بِالْيَمِيْنِ
لَمَنْ هَزَّتْ بِيُسْرَاهَا سَرِيْري
تَهُزُّ الكَوْنَ بالكَفِّ اليَمِيْنِ
***
هيَ الأُمُّ الَّتي حَمَلَتْ جَنِيْنَاً
بِهِ نَاءَتْ جِبَالُ الْعَالَمَيْنِ
وآلامُ الْمَخَاضِ جُيُوْشُ مَوْتٍ
تُقَلِّعُ بالرِّمَاحِ الْمُقْلَتَيْنِ
حَنانُ الأُمِّ لَيْسَ لَهُ مَثِيْلٌ
خَلايا الأمِّ صِيْغَتْ مِنْ لُجَيْنِ
رَغِيْفُ الأمِّ تِرْياقاً تَجَلَّى
لأنَّ اللهَ بارَكَ بالْعَجِيْنِ
وَطَعْمُ حَلِيْبِهَا يَشْفِي سَقَامِيْ
فَإنْ يَضْنُنْ يُبَاغِتْنِيْ مَنُوْنِي
هِيَ الأُمُّ الَّتي حَسَمَتْ خَيَاراً
فَباتَ وَلِيْدُهَا فِي الْكَفَّتَيْنِ
إذا نَالَ الْغَضَنْفَرُ مِنْ بَنِيْهَا
غَزَتْ ذاكَ الْغَضَنْفَرَ فِي الْعَرِيْنِ
وإنْ وَلَدٌ لَهَا جُرْحٌ دَهَاهُ
تُضَمِّدُ جُرْحَهُ بالْخَافِقَيْنِ
فَقُمْ يا صَاحِبِيْ عَرِّجْ عَلِيْهَا
وقُلْ يا أُمُّ لُطْفاً سَامِحِيْنِي
***
نَظَرْتُ إلى رَفِيْقِي بَعْدَ هذا
فَكَانُ يَلُوْذُ فيْ وَجْهٍ حَزِيْنِ
فَمِلْتُ عَلَيْهِ فيْ دَعَةٍ فَأَثْنَى
عَلَيَّ ثَنَاءَ مُمْتَنٍّ مَدِيْنِ
أَجَابَ وَقَدْ تَبَلَّلَ شَاْرِبَاْهُ
بِنَهْرٍ فَاضَ مِنْ مَجْرَى العُيُوْنِ
قَضَيْتُ العُمْرَ أَجْحَدُ يا رَفِيْقِي
بَدِيْعَ الخَلْقِ في رُوْحِ الْجنِيْنِ
أُفَتِّشُ فيْ صَحَارى العُمْرِ عَنِّي
فَأَلْقَانِي يُحَرِّكُنِي سُكُوْنِي
تُجَاوِبُنِي فَرَاشَاتٌ تَوَالَتْ
لَتَرْثِيَنِي بإشْفَاقٍ مُهِيْنِ
وتَرْجُمَني ، بإصْرَارٍ تُنَادي :
خَزِيْتَ أَيَا غَضيْبَ الوالِدَينِ
قَوَاميسُ الأُمُومَةِ كَمْ تَنَادَتْ
ليُنْقِذَني سَنَاها مِنْ أَنِيْني
فَلَمْ أَكُ سامِعَاً إلاَّ صُراخِيْ
أَلُوذُ لِنُصْرَةِ الحِقْدِ الدَّفِيْنِ
وَكِدْتُ أَصِيْرُ جَبَّاراً شَقِيَّاً
عَقَقْتُ الْوالِدَيْنِ الأزْهَرَيْنِ
إلى أنْ شاءَ ربُّكَ فيْكَ هَدْياً
وكَانَ هُدَاكَ نُوْرَ الفَرْقدَيْنِ
فَعَهْداً إنْ أَعِشْ دهْراً فَإِنِّيْ
سَأَغْرُسُ عندَ رِجْلَيْها جَبِيْني
وَإِنْ شَاءَ الإلَهُ لَهَا رَحِيْلاً
فَبَعْدَ فِرَاقِهَا لا رَفَّ جَفْنِيْ
فَهَبْنِي يا إلهِي مِنْ رِضَاها
مَزِيْداً أنْتَ يا رَبِّيْ مُعِيْنِيْ
***
حَمَدْتُ اللهَ أنْ يُهْدى رَفِيْقِيْ
إلى نُورِ الْمَحَبَّةِ واليَقِيْنِ
بدَمْعِ قَصِيْدَتِيْ غَرِقَتْ حُرُوْفِي
وغَاْرَتْ فيْ مَآقِيْها شُجُوْنِي
غَدَوْتُ أَحِنُّ لِلْصَدْرِ المُفَدَّى
وأَحْلُمُ أنْ تَكُوْنَ بهِ سُجُوْنِي
فَقَدِّرْنِي لِمَا تَرْضَى إلهِي
حَنِيْفاً .. مُسلِمَاً .. هو ذاكَ دَيْنِي
رجَائِيْ فيْكَ يا مَوْلايَ خَيْرٌ
بِعَفْوِكَ لا تُخَيِّبْ لِيْ ظُنُوْنِي