صبري روفائيل الفنان التشكيلي السوري ورحيل لون شموس فنان ألم الفقراء

 قراءة نقدية : عبود سلمان العلي العبيد / سوريا

تسكن ظاهرة الفنان التشكيلي السوري الرائد الراحل (صبري روفائيل) فنان الحسكة الكبير.في عمق تاريخ الدراسات والبحوث التشكيلية. للجزيرة السورية في شمال سورية . حيث تبرق الأفكار الجمالية والفنية والتشكيلية من هناك . نظرا لتنوعها البشري والمعرفي والفكري . من خلال تنوع أطيافها البشرية التي تسكن المنطقة منذ ملايين الاحتمالات التاريخية والحضارية . حيث تنسجم كل تلك الأطياف والنوازع والانتماءات والرؤى تحت سقف الروح العاشقة للأرض والمكان والإنسان . وبشكل عميق . كي تضح عوالم الفنانين التشكيليين الرواد الراحلين القادمين من الشمال . وذلك لأهمية حضورهم الإنساني والجمالي وذلك بظواهر عمر الوفاء والإيثار والدهشة في أساطير القدم التاريخية . حيث قدم الفنان التشكيلي الرائد ( صبري رؤفائيل ) لحياتنا التشكيلية . كل اشكال الوعي الجمالي . في أطار إنسانية المواقف الإنسانية .التي تتبع

 الدراسات المعاصرة بالأفكار الجمالية والفنية . في المجتمع . بحيث يكون وعي الإنسان خاضع لنشاطه المادي والروحي والمعنوي . حيث جلاء العلاقة الجدلية . مابين قضايا الإنسان والحياة والحب والموت والخير والشر . وعوامل الضبط الإنساني . المخزون وفق ظواهر الحياة الكبرى . ولهذا سكنت أشياءنا كل عبق حميمية الأشياء الجميلة . بكل ماهيتها . في حقيقة صورة الوعي الكامل لمسألة جمال داخل الإنسان الجميل . حيث كانت إعمال هذا الفنان / المعلم / والرائد ( صبري روفائيل ) عالم من الإبداع والخلق والموهبة الواعية . الملتزمة بقضية الإنسان المسحوق . والمتطلع إلى الحب والحرية والاستقرار . وحياة الناس الطيبة . ولأنه وبدون مقدمات . كانت هموم الناس وقضاياهم الاجتماعية . والظلم الاجتماعي والثقافي . ودماء الفقراء والمساكين المسحوقين والتعساء . أهم صور أعماله الفنية التشكيلية الكثيرة . حيث ارتسم على وجوه شخوصه . تجربة الفن . تجربة حياة طويلة . مع تجربة قلق ضد الظلم . وقوى الشر. في صور انموذجاته المرسومة . وفق نماذجه البشرية التي تحاكي مأساة الإنسان . في الشرق . ولأنه ابن الأرض . وابن فضاءات الشمال السوري . وعمق تاريخ الجزيرة السورية . التي تعايش كل الظروف . ويسكن بها كل الطوائف والمذاهب والأعراق . والوجوه . والديانات والفلسفات . وصيرورة الحياة البشرية . حيث يشغله الخط الحياتي . بزرقة السماء كحلم ابدي . للأمل والحب والسلام . وصورة خضرة الأرض الذهبية . في سنابل الحنطة . لسهول الحسكة والجزيرة السورية . عندما تترك السنابل ملاىء بالذهب الثمين . لتنتفض عروق الأرض . وتزدهي زهر شقائق النعمان الحمراء . في حالة أبداع سماوي لا يكرر . سواء بالدقة والروعة . أو عبر رسمه لحقول عباد الشمس . في حقول هذه الأرض الخصبة . حيث تتداخل حمرة دم الفقراء في تعبهم ونار أشعة الشمس . في قيلولة الصيف . ومع استمرار النضال اليومي لعشق حب الفلاحين والعمال والمطحونين . وشفافية ألم الواقع . يأتي صور النقل الحرفي المشوب بالإبداع . ليكون الإنسان هو المكون الحقيقي . الذي يؤسس المعايير المعرفية الدقيقة . لحياة الفنان الشخصية والإبداعية . حيث تسكته امتلاك البداهة الفنية . والثقافة البصرية المتعمقة بالمعرفة الدقيقة . لحياة بيئة الفنان الجمالية . عندما يغرف منها ( صبري رؤفائيل ) مستوى الآلية الحسية والحركية والتشكيلية . راسم عمق الحرج الإنساني . بخصوره المخضب . على ذات النظرة التأملية الفلسفية التعبيرية . او عبر رؤى تجريد الألوان . عن حيزها المكتظ . بالنفوس ومفارقات القدر الإنساني والمكاني لإنسانه المرسوم بظلال لا تنتهي . وقد اتشحت الكثير منها بمعاني الحزن المقيم . والأمل الصبور . في غرة ملكوت تقديس وقفة تأمل الذات . المثيرة للدهشة والجدل . في عمق تجربة الفنان التشكيلي الشعبي التلقائي .العفوي . الرائد ( صبري رؤفائيل ) حيث كان له الحضور الخصب في ساحة الفن التشكيلي العربي والسوري والعالمي . عندما اغرق صالات العرض التشكيلية الرسمية . في الحسكة ودمشق وحلب وغيرها من المدن . بروحية الفنان المتمرس والمبدع والذي لا يهدأ . كبيكاسو جديد في عمق فنون التشكيل المعاصر بالجزيرة السورية . وقد تعلم على يديه الكثير . واستنسخ عنه الكثير . من طلاب الفن والألم والمعاناة . ليكون هو نسيج نفسه . وخصوصية ذاته المعذبة والقلقة . بحواف شتى . عاشت معه . في عمره الطويل . وكأنه المعلم الكبير . في تعاليم مساحات الإحساس والقيم اللونية . في أحساس صادق لذاتية الفنان الانفعالية . المرتبطة بشكل واضح بارتباطه اللصيق بالهموم اليومية . الاجتماعية . عندما يفرزها في محددته الشتى . قوامها التحويرات الإنسانية . في مداها الداخلي والتعبير وغنى القيم اللونية . التي ترفض رتابة حرارة اللون . وتجعل من طقس برودة المناسبات . مساحات و فضاءات أخرى . للحب والتعبير . في مؤشر حقيقي . لشخوصه المرسومة والمتناثرة . على عموم لوحاته الإبداعية . المؤطرة بأسرار البناءات الدرامية . والأصالة التعبيرية . الإنسانية . حيث رسم التكوينات الإنسانية ووجوه نساء الجزيرة العربية . بحس ايقوني . لا يخلو من خاماته المتوفرة . باقتصاديات اللون والعنصر الأكثر إثارة وبروزا . في سماته التصويرية التشكيلية . الواضحة . على قواسم القيم الاجتماعية المصورة . وروح الحالات القيمية المختزلة في اللاشعور . والتي تعج بالجماليات والإثارة والتوليفات لاستقرائه الداخلي . المولع بسياق الهم الإنساني والجمالي . حيث محتوى موضوعاته ومفرداته التعبيرية والتقنية في شخوصه . وأماكنه . شواء . بسمو فكرته . أو عبر صياغاته الشكلية التشكيلية . حيث واضح مقومات إعماله الإبداعية . بعالم البؤساء والمستضعفين . والحب العظيم لخارطة ثورات الجياع في الأرض . وعقدة الألم الإنساني . حين ترفرف دروب الشجاعة والإخلاص والأمطار والصلابة . والمواد الخام للحزن . ومن أعراس الفقراء وأحلام زخارفهم . في لباسهم وأحلامهم وزيت مصباحيهم . وأشياءهم الدبقة . وعنكبوت عراقيلهم . في فردوسهم الممنوع . الى شمسهم المقطوعة . بحرارة كاوية . حيث الطريق إلى العذاب . جحيم لا ينتهي . في سهول مرتفعات الذات والآبار والحقول . لمملكة العشائر والعائلات والقبائل الشمالية . إلى راية مراكب الأولياء الصالحين . في جبل البشري وسنجار ومرقدة والدرباسية وعامودا وقامشلوا والغنامية وحكاية الموزاييك السوري الجميل . تبقى أصابع هذا الفنان التشكيلي الرائد ( صبري رؤفائيل )أزهار مصبوغة بالدم الأخضر والشمس والأمواج اللونية والخطية . حيث العمال والفلاحين وأحرار العالم والبسطاء والشرفاء والأعناق الممطوطة وزمن البطولات . وأعياد النيروز ورقصات دبكة البنات . مع إزهار المدى البنفسجي . في غروب ذرى الجبال الشمالية . هي عنوان لوحاته . ومحتوى جمال ريشة الفنان ضد كآبة العالم . وقبح مسيرتهم الكبرى . حين تنقشع العتمة والظلمة . كي يستقر اللون . عالم من الأزهار والألوان والأفراح الحية . لتقول شمس الفقراء في لوحة ( صبري رؤفائيل ) بأنها جنة ألوان الفقراء . لوحته . حيث اللانهائية تبدأ وتنتهي .في أكليل ربيع شمالي . هو من أعمق أعماق قشرة الأرض الخصبة . لعالمه الفني والحياتي والتصويري . لهذا وسم اسمه بالصبر الجميل . واقترن اسمه برؤفائيل . كي يكون قريب من نجوم عصر النهضة الايطالية . وقد أحب الفنان العالمي رؤفائيل . وكان شغوف بكل دروب الفن . التي منحته العذاب والضياع والتشرد والإفلاس والثراء المعنوي والقوة والعمل والسعي خلف أهدافه المعلنة . لأنه انتصر إلى قيم الجمال . فرسم أحلامه ينابيعه أودية بنفسجية . وكأنها العيون الزرقاء بتمراحل ألوانه . حيث تنقل بين مراحله اللونية والخطية والتشكيلية . بدأ من قلب الفنان الرسام الساذج والفطري . إلى رحلة التمرس والعناد والمثابرة والاجتهاد . فصار في أسوار المدن الشمالية. عماد البيت التشكيلي الحسكاوي في الجزيرة السورية . ومنها انتقل إلى عواصم أخرى من العالم . حيث ازدهرت إعماله في صالات عرض كبرى . لتكون جامعة للمبدعين والتشكيليين عبر واقع المعاصرة . التشكيلية . في شفافية عبقه الإنساني لمكانة الفنون التشكيلية الجميلة . ودورها الوظيفي في حياة الشعوب . وهو الذي تناغم بصوفية حالمة مع روح الفنان المرحة والمشاكسة . بتدريجات كبرى . قد لا تتفق مع سيكولوجيا الإنسان المبدع . الجبار والقادر على صنع المستحيلات الإبداعية . في عالم اللون وضربات الريشة . لأسلوبية دقة أداءه التقني المنسجم أصلا. مع روحانية الفنان المجرب والخبير والمعلم والقدير . باعتبار أن الفن كان حياته وجزءا هام من مسيرة أيامه . رغم انه قضى عمره في مخبره اليدوي يصنع الخبر والحلوى . كي يقدم إنسانيته كمدلولات منطقة . لحياته في عمق زخم الأيام المعاشة . في ترحل دائم . قد لا يرحم . بشواهد عصره الاستهلاكي . المتجذر به هموم الناس ومشكلاتهم . في معاناة الناس البسطاء الكادحين . بذكريات طفولة لأترحم . في مدركات الحياة الكبرى . وهنا تكمن عمق أهمية تجربة الفنان التشكيلي الراحل صبري روفائيل الرائدة في حقل حقول الساحة التشكيلية العربية السورية في الجزيرة السورية.

 ………………………………..

وكتبت حول معرض تحية إلى الفنان صبري روفائيل ( أميرة نصري )بتاريخ (29 مارس 2007 م)(( الفنان هو ذل الإنسان الذي يملك العين الثالثة، يرى ويحس مالا يحس به البشر العاديون. كثيرون الذين رسموا الأشياء المحيطة بهم، منهم من رسموها كما هي، ومنهم من برعوا برسمها ومنهم من عبثوا بها ولكن في النهاية يبقى الرسم حالة من الخشوع تخرج الأشياء من عالمها الواقعي إلى عالمها المجرد للكشف عن أوجهها الجديدة. ))وقد كتب الصحفي ( كولوس سليمان) بموقع ( اكتشف سورية) (( افتتح بصالة المعارض في المركز الثقافي العربي بالحسكة معرض تشكيلي مشترك بعنوان تحية للفنان التشكيلي الراحل صبري رفائيل وذلك يوم الأحد 13 آذار 2011م . حيث قال الأستاذ عبد الوهاب حسين مدير المركز الثقافي العربي بالحسكة عن هذه التجربة:تجربة معرض تحية إلى الفنان الراحل صبري رفائيل «إذا كان الفن هو تجسيد لما يبدو في النفس الإنسانية فقد حقق الفنانان هذا التجسيد المبدع و ما يلفت النظر هو استقطاب هذا المعرض لهذا الكم الكبير من وجوه الفن في هذه المحافظة الخيرة التي تتميز بتنوعها الثقافي و المعرفي و باهتمام واضح بحركة الفن بشكل عام ,أتمنى لهما التوفيق». يذكر أن التشكيلي الراحل صبري رفائيل مواليد الحسكة 1935 توفي في 23 آذار 1998 من الفنانين الأوائل في محافظة الحسكة و هو من الرواد الذي كان له فضل واضح على الحركة التشكيلية في محافظة الحسكة. وقد قالت الفنانة التشكيلية ( ليلى طه ) (( أن الفن التشكيلي هو لغة تعبير عن المشاعر الإنسانية وأيضا نؤكد من خلال هذه المشاركة أن الفن هو لغة تعبير عن وفاءنا وولاءنا للفنانين الذين رحلوا عنا وسجلوا بصمة واضحة وكبيرة في تاريخ الفن التشكيلي. وفي لوحاتي المشاركة بالمعرض هذا 0 فيها استحضار لمعطيات التراث والمبادئ والتمسك بها من اجل الانطلاق منها لتحقيق المعادلة : التراث المعاصر أيضا أسعى في أعمالي لكسر الشكل التقليدي والجمود في الزخرفة وتنظيمها بالاعتماد على الخطوط وجعلها متحركة مفتوحة على العالم وفيها تأكيد على دور الزخرفة في التعبير عن المشاعر الإنسانية وولاء الإنسان وارتباطه بأرضه ووطنه والتاريخ عبر فهم جديد في أعمالي اعتمد على التشخيص من خلال الرمز فمثلا الكرسي هو تعبير عن التوازن والانسجام والطمأنينة من خلال لوحاتي قدمت عالماً من الرؤية والبحث والخلق بخلفية تراثية تتمتع بشاعرية مرهفة لها تفردها وتتحظى كل القرائن والدلالات فيها دعوة للحظة صمت والتأمل للتعبير عن عالمنا الداخلي بإيقاع عاطفي جياش وعودة إلى الموروث الشعبي بذاكرته وصوره فاعتمدت على دعامتين أساسيتين التجريد ألزخرفي والرمز )) كذلك قالت الفنانة التشكيلية (عدوية ديوب ) جاءت هذه المشاركة ليست فقط تحية لروح الفنان صبري وإنما إحياء لذكرى فنان ساهم مع جيل الرواد في تطوير الفنون على مختلف إشكالها كما ويأتي هذا المعرض كمشاركة فنية ووجدانية وإنسانية وأخلاقية لتكريم هذا الفنان الرائد الذي يشهد له محبيه وأبناء منطقته وحتى طلابه بموهبته ورهافة حسه ومصداقيته وبساطته في العطاء والتعامل مع الشباب كمرشد ومعلم كما يشهد له نتاجه الفني بوفائه لواقعه وبيئته ولشخوصه المفعمة بهموم الناس وقضاياهم المختلفة , وهذا الملتقى هو فرصة للتواصل والتحاور بين تجارب الفنانين المختلفة وبالتالي تبادل الخبرات والمعارف والاطلاع على المزيد من التقنيات والأساليب الفنية الجديدة كما وتساهم في توسيع رقعة الثقافة الفنية والارتقاء بها 0 شاركت في هذا المعرض بمجموعة من اللوحات ذات الموضوع الواحد وهو الزهور المنفذة بأسلوب واقعي انطباعي بالألوان المائية ولابد من شكر الزملاء الذي شاركوا في هذا الملتقى مع تمنياتي لهم بالنجاح الدائم 0 وقد قال الفنان رئيف صبري روفائيل(لقد كانت بداياتي الفعلية في الفن بعد رحيل والدي الفنان التشكيلي الرائد صبري رفائيل.. بذور هذه الموهبة كانت لدي منذ الطفولة وأنا أراقب يدي والدي وهي تصنع اللوحة.وقد جاءت بداياتي الفعلية بعد إطلاعي على أرشيف والدي الذي يضم من المعارض ما يقارب 45 معرضاَ. رسمت الواقعية الكلاسيكية والواقعية التعبيرية الحديثة والانطباعية فأنا ابن مدرسة فنية رائدة وآخر تلميذ من تلاميذ الفنان التشكيلي الرائد صبري رفائيل. لذلك كان هذا الملتقى بين الفنانين لإحياء ذكرى هذا الفنان الرائد، والذي يشهد له فنه وتاريخه وفاءَه لواقعه وبيئته ولأشخاصه البسطاء الذين يترجمون المعاناة الحقيقية لابن الجزيرة المرهف الإحساس كما ويشهد له طلابه ببساطته ومصداقيته في التعاطي مع الشباب كمعلم ومرشد. وهذه المشاركة فنية، وجدانية، إنسانية وأخلاقية وبطاقة شكر لما قدمه هذا الفنان كما أنها مرصد للتعارف وللإطلاع على أساليب وأنماط وطرق جديدة في معالجة اللوحة وتساهم في رفع سوية المشاهد والمتذوق والمختص. )

 ___________________________________

جميع الحقوق محفوظة

 الميادين منبر الإبداع العربي الحر

 عبود سلمان

من almooftah

اترك تعليقاً