الحجر.. والماء |
… لا تطفو روح الأموات على سطح الماءْ
|
ليست هادئة أنفسهم خلف حجاب الماءْ
|
تبدو لي أعينهم فارغةً مندهشه
|
وشفاههمُ قاتمةً زرقاءْ
|
تبدو الأسنان ملوثة هشَّه
|
تطفو بعض الأنياب المهترئه
|
تسبح فوق أظافر صدئه
|
ويظل يلوح الماء على البعد نقيا
|
البحر يظل له عمقٌ وعيون شَبِقه
|
البحر يرنّحنا, يترنح, يحمل سرّاً مطويَّا..
|
الأسماك الصفراء, السوداء الناعمة الزَّلِقَه
|
مهما حاولنا إمساك حراشفها
|
نفشلْ
|
فهي تروغ, تَواثَبُ, تسبح تحت الماء,
|
وفوق الماء ومن بين أصابعنا تتسربْ
|
تتوارى بين الأمواج العشبية
|
تدخل في ثقبٍ صخريٍّ
|
تمرق من عين في جمجمةٍ منسيَّه!!
|
لكنا لا نبحث في الماء المالح عن سمك طيار
|
إنا إذ نلقي بالسنارة في الماء فحتى تعلق
|
في قافية مَوْتيه..
|
أو حتى تتشبث بالفكرة وهْي تنوس بعيداً في
|
الأعماق العتميه..
|
أو حتى تترمَّد في القاع المظلمة الأشعار!
|
.. هذا البحر الماثل للأعين ليس الماء
|
هذا ألوانٌ مازَجَها ملح
|
ذوّبها فنان مهووس كي تحرس كنزاً فنيّا
|
كي تخفي سرَّ بلاد غاصت في الأرض بما فيها
|
وتظل دليلاً للشمس يجنِّبها الأنواء
|
ولكي نحلم, أو نبكي ونصلي
|
أو نرغب في أن نرحل فيها
|
أن نبنيَ قصراً عند شواطئها, بيتاً سريّا!.
|
|
يا بحراً
|
يا لوناً ممزوجاً بالأعين والأنفاس العاشقة
|
ويا قبر الأشواقْ
|
حدِّثنا عن تلك المدن الشائكةِ المائية
|
عن سرِّ الأعماقْ
|
عن عاشقةٍ – قالوا – طفله
|
كانت تولم في عينيها الضاحكتينْ
|
للفجر الخمريِّ المحزونْ
|
كانت تزرع في ليل غدائرها فلَّه
|
حدِّثنا كيف تنام الآن قريباً من نبع الأحداثْ
|
متجلدةً تنبت بين أصابعها الأعشاب بلا أوراقْ
|
تمرق من عينيها الأسماك الذهبيه
|
هل مازالت تنتظر هناك مواعيد العشاقْ?!
|
وتحملق في ذعرٍ بالعينين الفارغتين إلى النار الوحشيه?!
|
.. انهضْ من قاع الهاوية الوهمية ياراوية الأحزانْ
|
أكلتْ شفتيك الكلمات الهمجية واستشرى
|
في جلدك وخز الأحرف, لذْع الأوزانْ
|
لوِّنْ أفقك بالبحر القزحيّ وبالشفق الزاهي
|
أقلِعْ عن تسويد رؤاك, وهادنْ نفسك
|
روّح عن دفترك المفتوح على الليل
|
وشرِّعْ صدرك للإيمانْ
|
حدثني ياليل الريح المهووسة
|
صِفْ لي أعماق الغابة, أغوار البحر
|
ارسم لي لوحة مَن غابوا تحت الماء المالح
|
قل لي ما شأن اللحظة في دنياهم,
|
أخبرني كيف اقتتلوا كي يصلوا لكنوز القرصانْ?!
|
… كانوا, كانوا.. وتجلَّدتِ الأحرف في (صاروا)
|
قد صاروا صوراً جامدة, أجساداً..
|
من طين مشويٍّ ودخان
|
مابين شفاههمُ, في حفر عيونهمُ
|
عشَّشتِ الديدانْ
|
بعضهمُ يده مازالت تمتد بسيف
|
قد صار الآن بقايا شيءٍ مهتريءٍ, صديءٍ
|
نبتت في حدَّيهِ حراشف
|
أعشابٌ آسنةٌ..
|
والبعض يضم حكايته المهجورة
|
وينام على حلم.. ظمآنْ..
|
قل لي ياسيف القدرة ماذا حلَّ بكنز القرصان?
|
حدِّثْني عمَّا ضمَّ الكنز من اللؤلؤ والمرجانْ
|
أين هو الكنز الآنْ?!
|
…. الكنز.., الكنز حديثٌ إفكٌ
|
الكنز الضائع وهْمٌ.. كذبة نيسانْ!!
|
لكنْ, لو لم يوجد كنز, كان اخترع الناس
|
الكذبة, حتى يورق, يلمع لؤلؤهُ في أعينهم
|
حتى يقتتلوا فيدمَّر تمثال الصلصال
|
وتُخْنق فيهِ.. روح الإنسان!!
|