((الله نور السماوات و الارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء و يضرب الامثال للناس والله بكل شئ عليم)).
لقد وصف الله سبحانه نوره مثل نور زيت شجرة الزيتون
وأن تكون لاشرقية ولا غربية فهل هي سورية ؟؟؟؟؟؟؟؟
شجرة بأوراقها الخضراء هي رمز للسلام ..فقد رافقت شجرة الزيتون الانسان منذ ان خُلق على الارض..وكان ان اكتشف الجيولوجيون و علماء الاثار بقايا أشجار و حبوب زيتون كانت عبارة عن متحجرات او رماد أشجار من فصيلة الزيتونيات . تعود زراعة الزيتون الى العصر النيوليتي, اي الى المرحلة التي بدأ فيها الانسان يصقل الحجر و يبني الاكواخ و يزرع الارض و يدجن الحيوانات.
وعن كتاب صغير صدر قبل سنوات عن دار الفراشة في بيروت بِ (140) صفحة بعنوان « أسرار العلاج بزيت الزيتون «للمؤلفتين الفرنسيتين :صوفي لاكوست الكاتبة والصحافية في مواضيع الصحة والجمال ، والكاتبة سيمون شامومؤلفة العديد من كتب الطبخ ،ننقل هنا بعض ما جاء في الفصل الاول عن تاريخ زيت الزيتون بعد أن قامت المترجمتان ليديا طنوس ودوللي بشراوي بتعريب الكتاب:

نبات مقدس
يؤكد بعض المؤرخين المتخصصين بالعصور القديمة أن البابليين هم أول من زرع أشجار الزيتون بشكلها الحالي عن طرق التطعيم, في حين يزعم آخرون ان هذه العملية تعود الى المصريين؟!!..لكن و في مطلق الاحوال, فإن شجرة الزيتون التي نعرفها اليوم, قد ظهرت قبل عصرنا هذا بثلاثة آلاف سنة عند الضفاف الشرقية للبحر الابيض المتوسط, حيث نشأت فيها أكبر الديانات. و شجرة الزيتون شجرة ضخمة, قليلة الارتفاع, كثيرة العقد, تعيش بسهولة مئات , بل آلاف السنين. أولم تشهد هذه الاشجار على آلام السيد المسيح الذي أمضى ساعاته الاخيرة على جبل الزيتون؟!.
و سرعان ما غدت شجرة الزيتون شجرة مقدسة.. نعم ان الزيتون فعلاً هبة من الله, اذ كيف يسعنا أن نجد تعريفا آخر لهذه الثمرة الرائعة التي تقطر زيتا صافيا, ممتازا للطهو و حفظ الطعام, و لتركيب الادوية, و نموذجاً جيداًللإعتناء بالأرضيات و الجلود و الاسلحة.. وضرورياً لإضاءة المصابيح ليلاً .
و عديدة هي الاشعار و النصوص التاريخية و الطبية و الدينية التي تغنت بمزايا شجرة الزيتون و قشرتها الخارجية و النبات و جذورها و ثمارها و زيتها الذي يشكل علاجاًللانسان و الحيوان و النبات و الجماد, فقد راج استعمال هذا الزيت في الطقوس الدينية او الوصفات السحرية.
« وعندما أطلق سيدنا نوح الحمامة ليرى ما اذا كانت المياه قد جفت عن الارض بعد الطوفان , فعادت اليه الحمامة وقت العشاء و في منقارها ورقة زيتون خضراء».
ويوضح هذا المشهد التاريخي والديني أهمية شجرة الزيتون وقدرتها على تحمل أسوأ الظروف المناخية. و لا بدلنا من ان نذكر بأن شجرة الزيتون هي النبتة الاولى التي ظهرت على الارض بعد الطوفان الشهير.
أما سيدنا موسى النبي, فقد ذكر سبعة أطعمة إلهية هي: الحنطة, و الشعير, و الكرمة, و شجرة التين, و الرمان, و الزيتون, و العسل.

عند الفراعنة
وفي وادي النيل قبل سنة 1500 (ق.م) كان يتم استيراد زيت الزيتون الضروري من فينيقيا و كريت و قبرص و فلسطين. و كانت ايزيس, والدة هوروس و زوجة اوزيريس أكثر آلهة المصريين شعبية حارسةلشجرة الزيتون. و يقال انها هي من علم زراعتها.
و على ورقة بردى وردت هذه العبارة لتصف القربان الذي قدمه الفرعون رعمسيس الثاني للاله رع :»ان هذا الزيت الصافي مستخرج من هذه الاشجار ليشتعل و يضئ معبدك للأبد».
أضف ان اقدم النصوص الطبية التي كتبت في العصر نفسه وصفت فيه الزيتون و زيته من العلاجات التي تشفي الجروح و الحمى و للآلآم النسائية و التعب و الاضطرابات الهضمية و غيرها.

جرار الزيت
وأحد أكثر ألغاز التاريخ العالمي إبهاما وقع على جزيرة بين اليونان و ليبيا.. فمنذ ألفي سنة قبل المسيح تقريبا, و بينما كانت بلدان العالم بمعظمها يخرج من مرحلة ما قبل التاريخ, ازدهرت على هذه الجزيرة حضارة رائعةعاش أهلها في ترف و فخامة لم يسبق لها مثيل…. و فجأة, تدمرت البلاد بأسرها, و يعود ذلك على الارجح الى انفجار بركاني هائل. و في بداية القرن العشرين, عندما قام علماء الاثار بإزالة أنقاض قصر كنوسوس الرائع في كريت, اكتشفوا في أقبيته جرار زيت زيتون يبلغ ارتفاعها حوالي مترين, مما يشير الى تقدم تقني لا يصدق بالنسبة الى تلك الحقبة. و قد حصل هذا التقدم على صعيدين, اولهما زراعة الزيتون الواسعة النطاق, و ثانيهما صناعة هذه الاواني الكبيرة جدا.
و نظرا للتخزين الذي يفوق الاستهلاك المحلي بأشواط, استنتج المؤرخون أن سكان جزيرة كريت كانوا يصدرون زيتهم و يعتمدون على أسعاره و ينظمون تجارته.

أثمن هدية
. وعن مدينة أثينا تروي الأسطورة أن الآلهة نظموا مسابقة لانتخابمن الذي سيكون حامي المدينة, و يفوز بالمسابقة من يقدم أثمن هدية.. فأخذ كل ينافس الآخرين بجرأته اوقوته او عظمته, الى ان أتت الإلهة أثينا بحكمتها و قدمت غرسة الزيتون الاولى, و هكذا أطلق على المدينة التي غدت أجمل مدن العالم القديم اسم أثينا تيمناًبها .
أضف أن تمثال الاله زيوس في اولمبيا, و هو رائعة من روائع النحات الشهير فيدياسكان مكللاً بورق بالزيتون الذي يرمز الى العظمة.
و نسبت اساطير أخرى الى زيت الزيتون قدرات سحرية عديدة, فالالهة حيرا مثلا, كانت تدلك جسمها بزيت الزيتون بيكتسب بعض اللمعان, قبل ان تغوي الاله زيوس. و أميرات اليونان استخدمن زيت الزيتون لحفظ لمجوهراتهم النفيسة .
و نظرا لبطء نمو أشجار الزيتون و للتقنيات الزراعية البدائية حينذاك, بقي انتاج الزيتون ضئيلا جدا في اليونان و لمدة طويلة, و لعله السبب الذي دفع الى نص قانون صارم يعاقب كل من يقتلع أشجار الزيتون. و ربما لهذا السبب أيضا بقي الزيتون و زيته النادران و الثمينان حكراً على النبلاء حتى عصر هوميروس.
و ازدادت زراعة الزيتون بازدياد نفوذ المدن اليونانية, فبات يزرع في كافة المناطق تقريبا, لا سيما في المستعمرات الرئيسية كصقلية و ايطاليا الجنوبية و مرسيليا.
و كان اليونانيون يعصرون الزيتون بأقدامهم كالعنب, منتعلين احذية خشبية ضخمة. و هذه التقنية لا تزال معتمدة في بعض المناطق, لا سيما في شمال افريقيا. فالزيت المعصور بهذه الطريقة مطلوب كثيرا لأنه ذو جودة عالية استثنائية؟؟!!.

الذهب السائل
اكتسب زيت الزيتون سريعا أهمية اقتصادية بالغة, سرعان ما أدركها الرومان, فراحوا يفتحون المناطق الغنية بزراعة الزيتون و يستعمرونها.
و كان اليونانيون يعتبرون زيت الزيتون «الذهب السائل» آخذين بعين الاعتبار فوائده و قيمته معا. و لكن مع انتشار الحضارة الرومانية, أصبح زيت الزيتون السلعة الأغلى, و غدت تجارته من اولى التجارات الى جانب تجارة الذهب و التوابل.
وكان الرومان يجبون سنويا ضريبة من الزيت. و في ولايات كانوا مالكو بساتين الزيتون يعفون من تأدية الخدمة العسكرية . و عندما وضع القيصر أفريقيا الشمالية تحت سيطرة الرومان, لم يكن السبب فقط رغبته في التفوق على الاسكندر الكبير, فقد قال المؤرخ بلوتارخس في احدى كتاباته مبينا أسباب ذلك :» فما ان عاد قيصر من حملته على افريقيا, حتى ألقى خطبتة أمام الشعب فعرض فيها انتصاراته بأفصح الكلام, قائلا بأن البلاد التي هزمها, شاسعة الى حد أن الشعب الروماني قادر أن يجني منها سنويا مئتي الف مكيال من القمح… و ثلاثة ملايين ليبرة من الزيت».
و يعود انتشار بساتين الزيتون , لا سيما في اسبانيا و جنوب فرنسا, الى الرومان الذين ابتكروا ايضا معصرة الزيتون الالية بالاضافة الى تقنيات زراعية و صناعية لا تزال مستخدمة في ايامنا هذه.

والتين والزيتون …
وزيت الزيتون نعمة من الله, فهو ينير الانسان و يبقيه يقظا ليعمل و يصلي. و القرآن الكريم يثني مرارا و تكرارا على صفاء زيت الزيتون و جودته, فشجرة الزيتون بالغة الاهمية بالنسبة الى الاسلام و المسلمين. و قد ورد في سورة النور, الآية(35): ((الله نور السماوات و الارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء و يضرب الامثال للناس والله بكل شئ عليم)).
و لا تزال شجرة الزيتون و زيتها حتى اليوم جزءا مهما من الدين و المعتقدات السائدة, ففي بعض القبائل العربية و البربرية بشمال افريقيا يُقال ان من يكثر من تناول زيت الزيتون تزداد قدرته على الانجاب.

مسحة المرضى
وقد أولى المسيحيون الاوائل الذين اقتفوا أثر السبد المسيح أهمية لشجرة الزيتون و رموزها. فزيت الزيتون أحد مكونات الميرون المقدس الذي يستعمل في العماد و مسحة المرضى ( و هي المسح على يدي و جبين المريض اذا كان ينازع). و كانت نوعية هذا الزيت غاية في الاهمية بحيث أثار عدم استعمالها غضب البابا أوجين الرابع في العام 430(م) تقريبا, فليس جائزا بنظره تحضير الزيوت المقدسة الا من زيت الزيتون الذي استعمله الرهبان مده طويلة لتسكين الآلآم و معالجتها. ففي الفترة الممتدة ما بين نهاية الامبراطورية الرومانية و الثورة الفرنسية, ازداد استعمالهم لهذا الزيت لأن الامراض الجلدية المختلفة و تساقط الشعر و الحشرات الطفيلية كانت الشغل الشاغل و الهم الاول لدى الشعب الذي لم يكن واعيا لمسألة النظافة و أهميتها.

حقبة غابت؟!
ما يدعو للاستغراب هو أن حقبة يأسرها غابت عن المؤرخين الذين لم يأتوا على ذكرها. فمن العام 1000 تقريبا حتى عصر النهضة, لم توجد سوى آثار قليلة للزيتون في جنوب فرنسا. او يحتمل ان تكون موجات صقيع قوية قد أطاحت بالبساتين؟ لكن زيت الزيتون في تلك الفترة ظل مهما في مجالين رئيسين خاصين برجال الدين, الا و هما إضاءة الكنائس و تحضير المراهم الطبية.
كانت أشجار الزيتون في الواقع, منتشرة بين الكروم و حقول الحنطة, و إذا ما بدت الزراعة متلاشية في جنوب فرنسا, فالعكس هو الصحيح في إيطاليا, و لا سيما توسكانا حيث ازدهرت هذه الزراعة. و بات جزء كبير من الاقتصاد الإيطالي حتى القرن السادس عشر, معتمدا على انتاج زيت الزيتون و الاتجار به. و شبه الاحتكار هذا أتاح لإيطاليا البقاء حتى القرن العشرين متقدمة في مجال إنتاج الزيتون و تقنياته.
أما جنوب فرنسا, فلم يبد اهتمامه بزيت الزيتون من جديد إلا إبتداءً من القرن الخامس عشر. و لم يزدهر استعماله في الطهو و صناعة الصابون الا بعد تفشي الطاعون عام (1720). لكن الجمود الذي سببته الثورة الفرنسية و الجمود الآخر الذي حدث عام (1870). بالإضافة الى وصول زيوت أخرى, بعضها مصنوع من النفط, أدى الى اضمحلال هذه الزراعة و الصنعة المزدهرتين.

الغذاء الشافي
تضاعفت الدراسات على منافع زيت الزيتون منذ عدة عقود لأن الطلب و البحث عن زيت عالي الجودة ازداد … و الدول المنتجة, لا سيما إيطاليا و فرنسا و إسبانيا و اليونان, تبذل جهودا ملحوظة لكي يصبح زيت الزيتون أشهى ألذ أصفى. و هناك ناحية أخرى تدفع الدراسات المتعلقة بزيت الزيتون قدما لأنه بحق الغذاء الشافي.

من almooftah

اترك تعليقاً