أمير البزق محمد عبد الكريم
يوم لاحق معاش تقاعده
بعد 35 سنة خدمة و350 ل.س راتب – حسين راجي

Fareed Zaffour غير متواجد حالياًأضافة تقييم إلى Fareed Zaffourأعطي Fareed Zaffour مخالفة تقرير بمشاركة سيئة  رد مع اقتباس
ليس طويلاً لكنه عملاق ( أمير البزق محمد عبد الكريم ) – بقلم : فريد ظفور
أحبابي كل عام وأنتم بخير وقبل قدوم شهر رمضان المبارك حبيت أسمعكم معزوفات
جميله وتأملات موسيقيه لأمير البزق العربي محمد عبد الكريم -ومن يملك معزوفات للأمير فيا ليت يساعدنا بالأرشفههنا ملخص بسيط عن حياة أمير البزق محمد عبد الكريم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس طويلاً لكنه عملاق
الموسيقار الراحل محمد عبد الكريم : أمير البزق
– البطاقة الفنية : محمد بن علي المرعي الملقب بمحمد عبد الكريم
– ولد في مدينة حمص بسورية عام 1911 م وتوفي عام 1989 م
– واحد من الأمراء العرب الثلاثة
– تعلم عزف البزق على يد الفنان الكبير محي الدين معيون
– يحمل بجدارة لقب أمير البزق منذ ثلاثينيات هذا القرن
– عمل ألحان لأكثر من مطرب و مطربة مشهورين
– من المساهمين بتأسيس إذاعات( القدس – دمشق – الشرق الأدنى )
– من أسرع العازفين على آلة البزق
– أكثر آلات البزق كانت من تصنيعه
– زاد و جدد بعقد البزق
– صنع تياراً خاصاً بالموسيقا العربية
– له لحن أو مقام خاص به مسجل باسم مريوما
– عزف النشيد الملكي البريطاني بأصابع قدميه
– عشق الإذاعة و كره التلفزيون ( لقصر قامته
المولد و النشأة الفنية
تعتبر آلتي البزق و الكمان من اكثر الآلات الموسيقية قدرةً على تجسيد مشاعر الإنسان و التعبير عن أحاسيسه , و البزق على الرغم من صغر حجمه فهو قادر من خلال وتريه على إطلاق أرق و أجمل الأنغام الموسيقية الساحرة . لأن أصابع البزق الناعمة تدق باب مشاعرنا دون استئذان مسبق و تهب من ألحانه نسمات رقيقة تداعب أوتار العاطفة لتسكر القلب بالنغمات الحلوة .
نشأ عازف البزق الفنان الراحل محمد عبد الكريم و ترعرع في مدينة حمص في حي الجوالة ثم في عكرمة أو حي الخضر , تلمذ عند الشيخ عثمان , ثم بمدرسة الإنكليز ( الإنجيلية ) لمدة أسبوعين . ثم تعلم و عاش في بيئة فنية , حيث كان أبوه وأخوه يحييان الحفلات الموسيقية و الغنائية للأعراس و الموالد , و كذلك تتلمذ على يدي العازف الشهير لآلة البزق الفنان ( حسين محي الدين بعيون ) , انحدر من بيئة فقيرة. بدأ حياته الفنية بالأعراس و الأفراح , كان يدور و يعزف جوالاً في مدينة حمص , ثم سافر إلى البنان . و عاد أدراجه إلى حمص ليعمل كعازف مع مغني مصري اسمه ( محمد البخيت ) الذي عاصر الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب . ثم انتقل إلى حلب و بقي فيها مدة ثم غادر إلى البنان و من ثم إلى فلسطين و ذلك عام 1921 م و كان عمره 11 عام واستقر في يافا ولكن لم يحالفه الحظ بالنجاح كما أراد و ذلك لكثرة المغنين فيها . ثم انتقل إلى مصر ليعمل مغني و عازف ثم عمل في مسرح ( مدام بلانش )
احتضنته الإذاعة السورية و له فيها تسجيلات كثيرة و لعل معظمنا يستمع إلى عزفه صباحاً دون أن يدري قبيل النشيد العربي السوري بمعزوفة الافتتاحية (( تم … تريمتم .. تم تم تم ))
منذ نعومة أظفاره أحس بأنه مميز و عبقري و أن شكله غير مرغوب فيه و قامته قصيرة لدرجة شكلت عنده عقدة نقص عالجها و تصدى لها بتمرينه و عمله المتواصل و المبدع على آلة البزق تحسباً لأي ظروف قاهرة تواجهه من مفاجآت و مآزق , حيث كان يتمرن بالعزف بأصابع قدميه على آلة البزق .
لقد عشق الأمير البزق و عشقه حتى أصبحا شيئاً واحداً , بل وجهان لعملة البزق ( الآلة و العازف )
حيث طور بالبزق و جدد بعقد البزق و أضاف إليه ( زندّ و دساستين ) و غير الطاسة و صنعها من خشب ( موندرين ) وزاد وترين علىالبزق و وضع بالقرار وتر زيادة ( واحد قرار و واحد جواب )
بإضافة ( سلك + قصب ) أي ( قرار + جواب ) . أما رباطي زند البزقفقد كان عددها ( 18 ) رباطاً و جعلها ( 38 ) للتنوع في النغم . علما ً بأن البزق وتر فوق وشريط تحت . و الجدير بالذكر أن معظم آلاتالبزق كانت من صنعه سابقا ً و هكذا كما يقولون زاد في الطنبور نغماً .
له لحن بل مقام خاص به مسجل باسمه باسم ( مريومة ) .
و يعتبر من المساهمين بتأسيس إذاعات كل من ( دمشق – القدس – الشرق الأدنى ) هذا ويعتبر من أسرع عازفي البزق بالعالم , حيث سبق له و تنافس مع العازف التركي الشهير و السريع جداً (شنشلار)
وفاز عليه بالسرعة .
وتعتبر معزوفة محمد عبد الكريم ( رقصة الشيطان ) من أصعب وأسرع المعزوفات على البزق , لذلك لقب بألقاب كثيرة منها ( شيطان البزق – باكنيني البزق – أمير البزق – ملك البزق … الخ … )
كذلك كان الأمير من المعجبين و المحبين للموسيقا الغربية ( الموسيقا الكلاسيكية – موسيقا الباليه – موسيقا الجاز – موسيقا الحجرة ) . وأعجبه من الموسيقين السورين ( علي الدرويش – سامي الشوا -توفيق صباغ – جميل عويس – نجيب السراج – عبد الفتاح سكر ….. ) .
كان أحد الأمراء الثلاثة ( 1- أمير الشعر : أحمد شوقي 2- أميرالكمان : سامي الشوا 3- أمير البزق : محمد عبد الكريم )
لحن الكثير من الأغنيات من مشاهير المطربين و المطربات أمثال : ( سعاد محمد – صالح عبد الحي – ماري مكاوي – فهد نجار – فايزة أحمد بأشهر أغانيها \ يا جارتي ليلى \ – نجاح سلام وأغنيتها الجميلة
\رقة حسنك وجمالك \ ….. ) وغيرهم .
طرائف الأمير
تطالعنا كتب الموسيقا العربية عن ( زرياب و الفارابي ) و غيرهم بأنه عزف أحدهم على آلته فأضحك الموجودين ثم أبكاهم ثم أنامهم ….. وهذا ما حصل و فعله الأمير محمد عبد الكريم في سهرة ٍ خاصة
بمنزل المطربة ( كروان ) و بحضور المطرب و الملحن نجيب السراج و الشاعر الغنائي نظمي عبد العزيز
و زوجته و حشد غفير من أصدقاء الفن و الفنان الراحل محمد عبدالكريم و وبعد أن قدم المطرب نجيب و المطربة كروان وصلتين غنائيتين ز و من ثم عزف الأمير على البزق عزفاً منفرداَ كان مسك ختام تلك السهرة , وصلة عزف ٍ سحرية بأنامل الأمير أبكت الحضور ثم أضحكتهم ثم جعلتهم نياماَ .
– في إحدى زياراته إلى المانيا و هو يغني في إحدى حاناتها و شاهده (هتلر ) قبل استلامه الحكم , وسأل من هذا الحمار ؟ و بعد أن فهم من مرافقه ما قاله عنه , أجابه بالرد عزفاَ و غناء ً على البزقحتى جعله يهز رأسه إعجاباَ به
– بينما كان يزور المملكة البريطانية و بعد أن قدمه المذيع للجمهور على المسرح هزأ الجمهور منه و بدأ بالصفير و الصياح , فما كان منه ألا أن خلع حذاءه و بدأ يعزف النشيد الملكي بأصابع قدميه , مما جعل جمهور الحضور يقفون إجلالاً له و لعزفه المتقن , ثم غادر المسرح و لم يعد إليه إلا بعد اعتذار و تأسف لما حدث من الجمهور
– أيضاَ حادثة شفائه لابنة أحد الملوك العرب من جراء عزفه لها موسيقاه على البزق ز
– كذلك إعجاب سيدة الغناء العربي أم كلثوم بعزفه على البزق و قولها الدائم له ( دنت موهبة عظيمة يا سلام يا أمير ) أما عباس محمود العقاد فكان يقول له  إنك من فلتات الطبيعة ) أما عبد القادر المازني فكان كثير المزاح معه . أما أحمد شوقي كان كل ما سمعه يقول : ( أسمع الأنغام الصحيحة التي ليس فيها زيف …. ) أما محمدعبد الوهاب كان يصغي لألحانه و يقول ك ( آه … طيب يا أمير)
الخاتمة
وندلف للقول بأن الموسيقار الراحل أمير البزق محمد عبد الكريم الذي أحب الإذاعة وعشقها و لحن لها عواطف الحب و الجمال و الحنين و العذاب و الشكوى و النجوى و الألم و الأمل و العطاء و المجد طيلة أربعين عاما َ و نيف من العطاء و الإبداع و العبقرية النادرة و اللحن الثقيل الباهر , حيث رفع لواء آلة البزق عالياً في سماء التخت الشرقي و حفظ للفن شرفه و ذاد عن حياضه و دافع عن كرامته من خلال ألحان الخالدة و أنامله الساحرة .
هذا و لم يكن محمد عبد الكريم في حد ذاته ظاهرةَ منفصلة من نهاية القرن التاسع عشر و حتى القرن العشرين عن أقرانه من العباقرة أمثال ( سيد درويش – أبو خليل القباني – محمد عثمان – عبدو الحمولي ) بل كان ينضوي تحت ظاهرة العازف الموسيقي المبدع المنفرد أمثال ( سامي الشوا على آلة الكمان – توفيق الصباغ – على آلة الكمنجة – عمر النقشبندي على آلة العود – محمدعبد الكريم على آلة البزق ) و هكذا جعل محمد عبد الكريم لآلةالبزق مكانة مرموقة و ممتازة فاستحق لقب أمير البزق فقد كان يطربنا بعزفه و يسكرنا بلحنه و يسمعنا غناءً على آلة البزق و يعبر عن شيء ما يجيش في داخلنا عبر آلة موسيقية مجردة لتوصل بتعابيرها آلام الطير و حكاية الأنهار و أشجار الصنوبر و الجوز و اللوز و الحور و السرو و النخيل .
و حتى أواخر حياته بقي فقيراَ معدماَ يسد رمق عيشه من عرق جبينه , و استقر في مدينة دمشق قرابة الثلاثين عاما ً يسكن في غرفة متواضعة بحي عين الكرش رافضاً الانصياع إلى تيار الأغنية الشبابية و إعطائها ألحانه التي لو فعل ذلك لكان من أكبر الأثرياء لكنه بقي محافظاً على مبادئه و فنه و لم يلقي بألحانه في سوق النخالسين , و كذلك رفضه وصاية امرأة ثرية و جميلة أرادت أن تشتريه بمالها , رغم أنه كان يعيش شيخوخة صعبة من شظف العيش براتب تقاعدي بسيط .
كذلك أقام له أعضاء جمعية ( أصدقاء أمير البزق ) حفلة تكريمية في حمص بأواخر حياته , إلا أن هذا يسير من كثير يستحقه الفنان المبدع من تكريم و تخليد و ذكراه الخالدة . لقد كان بحق قزما ً لكنه عملاق .


لأمير البزق العربي محمد عبد الكريم::Arabic Buzuq Prince

شكراً للسيد فريد ظفور – صاحب هذه المقالة – وليس أنا
تحياتي – ربيع 

 28-09-2005, 07:06 PM #1 Abu Ahmad 
أبو أحمد
 نشرفي منتدى زرياب للموسيقى والغناء الشرقي الكلاسيكي > منقول عن موقع المفتاح 2004م
لأمير البزق العربي محمد عبد الكريم::Arabic Buzuq Prince

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمير الصغير( مــحــمــد عــبــد الــكــريــم )
أمير البزق يتربع عرش الفن بجدارة
* متى يكرم هذا العملاق ويأخذ حقه …؟!
أمير البزق محمد عبد الكريم
في مدينة حمص السورية ولد محمد عبد الكريم، عام 1905، لأسرة غجرية، وكعادة الغجر وجد الصغير نفسه في بيئة فنية، تتكسّب من العزف والرقص والغناء، فتفتحّت حواسّه على الفن ونمت ذائقته الموسيقية معه، وكان أوّل شيء عمله، أنه جلب قطعة خشب وثبّت عليها مسمارين وشدّ أوتاراً وراح يعزف هواجس الطفل عليها، مقلّداً والده علي المرعي الذي كان من أمهر عازفي العود والبزق وشقيقه سليم وكانا يعزفان لعماشة، والدته صاحبة الصوت الصاخب وقد أصابت الفرقة شهرة في حي الخضر الشعبي والأحياء المجاورة، بسبب جودة العزف والغناء الجميل.
أصيب محمد عبد الكريم وهو في الرابعة عشرة من عمره إصابة بليغة في ظهره إثر حادث تصادم عنيف، سبّب له عاهة دائمة، احدودب ظهره نتيجة لها، وتوقّف نمو جذعه.
أتقن محمد في يفاعته العزف على البزق، وانضم بذلك إلى الفرقة الصغيرة ، بعد أن تحوّل أخوه إلى العود، واشتهرت الفرقة في كل مدينة حمص فصارت تحيي الأفراح والأعراس، وطاب السهر في ليالي الميماس على الصوت الصافي واللحن المجنون. ومنها انطلقت الفرقة إلى المدن السورية تعزف وتغني وترقص في حفلات خاصّة، وفي فترة الشباب تعرّف محمد عبد الكريم على نادي دوحة الميماس الموسيقي، فانتسب إليه وصار عضواً رئيساً بين عازفيه، وفي هذه الفترة سافر إلى بيروت برفقة عازف الكمان الشهير “سامي الشوّا” وهناك التقى بأشهر العازفين والفنانين الذين أعجبوا بأدائه وأثنوا عليه. ثم زار مدينة دمشق وتعرَّف فيها على الشاعر فخري البارودي الذي سُحر بأدائه وقدّمه على أنه أعجوبة عصره، وهكذا كان.
لم يكن محمد عبد الكريم عازفاً بارعاً على البزق فحسب، بل كان يحسّ بأن هذه الآلة تملك إمكانات غير محدودة وبحاجة إلى تطوير دائم، لذلك عمل على زيادة عدد الأربطة التي تلف على الزند، فعدّل فيها وطوّرها لتلبّي احتياجاته وعطشه إلى أنغام تستطيع أن تعبّر عن إمكاناته غير المحدودة ليواكب الآلات الموسيقية الأخرى أثناء العزف. ( زاد في عدد الأربطة من 17 إلى 38 ديستاناً )
ويعود الفضل إليه في أنه أوّل من أدخل “التانغو والسيراناد” على البزق وأضاف إليه أوتاراً جديدة، لذلك كان يقال فيه: “وزاد في الطنبور نغماً”. لقد أصبحت آلة البزق شغله الشاغل، وكان همّه الأكبر أن يجعل منها آلة محترمة، كما كان يردّد دائماً، وتجلت براعته عليها في قدرته الفائقة على عزف أية مقطوعة موسيقية في أقل وقت ممكن. ولم تكن مهارته مقتصرة على آلة البزق وإنما على العود الكبير والعود الصغير “نشأة كار” وجميع الآلات الوترية التي تعتمد على الريشة في العزف.
عزف بأصابع القدمين
زار الفنان الشاب مدينة حلب، وقد استضافه فيها الفنان (كميل شمبير) عدّة أشهر، تعرف خلالها على عدد كبير من الفنانين والملحنين ووجوه الطرب والغناء، بينهم عمر البطش وبكري الكردي، وهناك وضع أوّل لحن له لأغنيته (ليه الدلال)، وقد طلبتها منه أم كلثوم في القاهرة عندما سافر إليها مع صديقه كميل شمبير، حيث عزف معه في أرقى صالونات الأدب والفن، ولقي ترحيباً حاراً فيها. وقد عزف في دار الأوبرا المصرية بأصابع قدميه على أوتار البزق، وصفق الحضور له بشكل منقطع النظير. سافر بعدها إلى مدن وعواصم كثيرة عربية وأوروبية، وقد منحه الملك فيصل لقب “أمير البزق” في إحدى زياراته إلى بغداد، بعد أن سمع عزفه وأعجب به. وقد عزف الأمير مع أشهر عازفي عصره، مثل: عمر النقشبندي ومحمد العقاد وسامي الشوّا … وكان يدهش الجميع ببراعته وسرعة أدائه ومهارته الفنية. سافر في عام 1928 إلى ألمانيا واتصل بشركة (أوديون) التي أقامت لـه العديد من الحفلات وسجلت لـه خمس أسطوانات وعزف في باريس في الكونسرفتوار، كما عزف ألحان “النابوليتان” الشعبية الإيطالية في روما، ثم عاد بعدها إلى مصر وتعرّف فيها على أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، سافر بعدها إلى القدس ليشتغل في إذاعة الشرق الأدنى الـ B.B.C اليوم، وبعد أربع سنوات سافر إلى إنكلترا وسجل للإذاعة كثيراً من المقطوعات والارتجالات الموسيقية بما فيها شعار المحطة الذي كانت تقدمه قبل الافتتاح الرسمي، ثم عاد إلى القدس ليرأس الفرقة الموسيقية في الإذاعة. وعندما افتتحت إذاعة دمشق رجع إلى وطنه ليستقر في دمشق ويعمل في إذاعتها عازفاً وملحناً طوال حياته، وقد أغنى مكتبتها بكثير من الألحان والأغاني الشرقية الأصيلة الخالدة.
بين التانغو والمونولوج
ألف محمد عبد الكريم في كل المقامات الموسيقية وأبدع مقاماً موسيقياً جديداً، أطلق عليه اسم “المريوما” لم يكن معروفاً في الموسيقا الشرقية قبلاً. ولحنّ لعدد كبير من الفنانين والفنانات، وكانت ألحانه لهم سبباً في شهرتهم، ومنهم على سبيل المثال “فايزة أحمد، محمد عبد المطلب، نجاح سلام، صالح عبد الحي” وقد وضع أكثر من مئة أغنية في مواضيع عديدة، كان أشهرها “رقة حسنك وسمارك” التي غنّتها المطربة نجاح سلام بعد أن لحنها لها. ومن أعماله الأخرى، أغنية “جارتي ليلى” التي وضعها للفنانة ماري عكاوي، وغنتها فيما بعد فايزة أحمد بصوتها وغدا هذا التانغو من الألحان السائرة، وغدت مثالاً يحتذى به في فن صياغة المونولوج الشاعري، وغنت له سعاد محمّد عدداً من الأغاني جعلت اسمها معروفاً في عالم الطرب، كما لحن لها أشهر أغانيها “مظلومة يا ناس” التي سارت زمناً على شفاه الناس سنوات طويلة .
ومن أشهر الذين غنّوا للأمير “أسمهان، صباح فخري، ماري جبران، كروان، ليلى حلمي، سهام رفقي، محمد عبد المطلب، صالح عبد الحي”. أمّا أشهر أعماله الموسيقية، فكانت: “بين أشجار الصنوبر، رقصة الشيطان، تحت العريشة، ساعة الوداع، في قصور الأندلس، رقصة الحب، عروس الصحراء، آلام الطير، رقصة الصبايا، البنفسجة الذابلة، ليالي ديك الجن، حكاية عيون، وغيرها كثير. وفي إذاعة دمشق أرشيف كامل عن الأمير وعن أعماله الموسيقية والغنائية، إضافة إلى العديد من البرامج التي أعدت لأجله.
بعد هذا العطاء الفني الكبير، اعتزل محمد عبد الكريم الحياة الفنية، وآثر أن يعيش وحيداً، عازفاً عن الدنيا وما فيها، وفي الثلاثين من كانون الثاني، عام 1989، عزف الموت بأصابعه الباردة قصة حياة أمير البزق محمد عبد الكريم وختمها بتوقف قلبه في أحد مشافي دمشق … لقد رحل الأمير بعد أن ترك لنا حياة حافلة وإرثا موسيقياً خالداً. عاش غجرياً متمّرداً على كل القوانين، واستطاع أن يبرهن بقامته الصغيرة النحيلة على أن الإمارة يمكن أن تؤخذ بجدارة. ولم يجد شيئاً ليكون أميراً عليه سوى بزقه الذي احتضنه وأحبه كل حياته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أمير البزق محمد عبد الكريم

 
حمد مزهر – همام كدر
فنان ينضوي تحت ظاهرة العزف الموسيقي المبدع المنفرد، يطربنا بعزفه و يسكرنا بلحنه و يسمعنا غناءً على آلة البزق يعبر عن شيء ما، يجيش في داخلنا عبرآلة موسيقية مجردة ..
هو”محمد بن علي المرعي” الملقب “بمحمد عبد الكريم الحمصي الأصيل” . ولد عام 1911 ليكون أميراً 
للبزق بكل معنى الكلمة، نشأ و ترعرع في مدينة حمص في حي الجوالة في عكرمة أو حي الخضر، انحدر من بيئة فقيرة فنية مبتدئا حياته الفنية بحفلات الأعراس حيث كان أبوه وأخوه يحييان الحفلات الموسيقية .بداية موهبته للعزف على البزق رأت النور عبر قصة طريفة يذكرها لنا التاريخ الحمصي ، تقول القصة :
عندما كان في العاشرة من عمره, قدم مع أمه إلى دمشق، وفي أحد الأيام كان يسير معها في منطقة الدرويشية أول شارع مدحت باشا، لمح فجأة محلاً لبيع الآلات الموسيقية, والبزق معروض في الواجهة، فأفلت من يد أمه وتمدد على سكة الترام وهدد والدته أنه سينتحر دهساً بدواليب الترام إذا لم تشتر له آلة بزق.‏‏ شاهد المنظر(جميل القوتلي) صاحب المحل آنذاك، فتقدم من محمد مرعي قائلاً (اذا استطعت أن تعزف على البزق, أقدمه لك هدية) ..ذهب الطفل وأمسك بالبزق وعزف عليه بشكل أدهش صاحب المحل الذي أوفى بوعده وأعطاه البزق،هدية.‏‏..!
تتلمذ أمير البزق على يدي ( حسين محي الدين بعيون )أمير البزق الشهير , ثم سافر إلى لبنان، وبعد فترة من الزمن عاد أدراجه إلى حمص ليعمل كعازف مع مغنّ مصري اسمه ( محمد البخيت ) ، ثم انتقل إلى حلب و بقي فيها مدة ثم عاد مرة أخرى إلى لبنان و من ثم إلى فلسطين، و ذلك عام 1921 م و كان عمره في تلك الأثناء 11 عاما واستقر في يافا ولكن لم يحالفه الحظ بالنجاح كما أراد و ذلك لكثرة المغنين فيها . ثم انتقل إلى مصر ليعمل مغنيا و عازفا، وأخيرا عمل في مسرح (مدام بلانش)هناك.


منذ نعومة أظفاره أحس بأنه مميز و عبقري و أن شكله غير مرغوب فيه ،و قامته قصيرة لدرجة شكلت عنده عقدة نقص عالجها و تصدى لها بتمرينه و عمله المتواصل و المبدع على آلته، تحسباً لأي ظروف قاهرة تواجهه من مفاجآت و مآزق.
كل من كان يسمع لحنه وعزفه كان يطرب لحد الدهشة ،فاستحق أن يطلق عليه لقب أمير البزق ،هذه الآلة التي طور فيها الكثير حيث جدد بعقد البزق و أضاف إليه ( زندّ و دساستين ) و غير الطاسة و صنعها من خشب(موندرين ) وزاد على البزق وترين، ووضع بالقرار وترا زيادة بإضافة ( سلك + قصب ) أما أربطة زند البزق فقد كان عددها (18 ) رباطاً و جعلها ( 38 ) للتنوع في النغم.
اشتهر محمد عبد الكريم بالشارات الموسيقية التي وضعها لعدد من الإذاعات لدى افتتاحها. وهذه الشارات تعزف عدة مرات قبل بدء إرسال الإذاعة صباحاً، منها إذاعة القدس العربية عام 1936 وإذاعة الشرق الأدنى في يافا (لندن اليوم )
وإذاعة دمشق في السابع عشر من نيسان عام 1947. وضع لها أيضا شارة الافتتاح التي لا تزال تبث حتى اليوم .
يعتبر الفنان محمد عبد الكريم من المساهمين بتأسيس إذاعات كل من ( دمشق- القدس – الشرق الأدنى ) ويعتبر من أسرع عازفي البزق بالعالم.
لقد عشق الأمير البزق وعشقه حتى أصبحا شيئاً واحداً, بل وجــهان لعملة البزق (الآلة والعازف) وقام بتطوير البزق وجدد بعقده وأضاف إليه ( زندّ و دساستين) وغير الطاسة وصنعها من خشب (موندرين) وزاد وترين على البزق و وضع بالقرار وتر زيادة (واحد قرار وواحد جواب)بإضافة (سلك + قصب أي (قرار + جواب). أما رباطي زندالبزق فقد كان عددها (18) رباطاً وجعلها (38) للتنوع في النغم. علما ً بأن البزق وتر فوق وشريط تحت. والجدير بالذكر أن معظم آلات البزق كانت من صنعه سابقا ً وهكذا كما يقولون زاد في الطنبور نغما. له لحن بل مقام خاص به مسجل باسمه باسم (مريومة).


وتعتبر معزوفة محمد عبد الكريم (رقصة الشيطان) من أصعب وأسرع المعزوفات على البزق, لذلك لقب بألقاب كثيرة منها (شيطان البزق– باكنيني البزق– أميرالبزق- ملك البزق … الخ)
لحنّ أمير البزق الكثير من أغنيات المشاهير من المطربين والمطربات أمثال: (سعاد محمد -صالح عبد الحي– ماري مكاوي – فهد نجار- فايزة أحمد بأشهر أغانيها \ياجارتي ليلى\- نجاح سلام وأغنيتها الجميلة رقة حسنك وجمالك …..) وغيرهم.
نال إعجاب سيدة الغناء العربي أم كلثوم بعزفه على البزق، وقد قالت عنه (دنت موهبة عظيمة يا سلام يا أمير) أما محمد عبد الوهاب كان يصغي لألحانه ويقول له (آه …طيب يا أمير)
توفي أمير البزق محمد عبد الكريم (1989)م وحتى أواخر حياته بقي فقيراَ معدماَ يسد رمق عيشه من عرق جبينه, واستقر في مدينة دمشق قرابة الثلاثين عاما ً يسكن في غرفة متواضعة بحي عين الكرش رافضاً الانصياع إلى تيار الأغنية الشبابية وإعطائها ألحانه التي لو فعل ذلك لكان من أكبر الأثرياء لكنه بقي محافظاً على مبادئه و فنه. أقامت له كنيسة مار اليان الحمصي ضمن أسبوعها الثقافي في حمص حفلا تكريميا لذكراه وإعادة توزيع أعماله على الجمهور في CDخاص.

ــــــــــــــــــــ عن الأمير ………….
زياد عساف – كاتب وباحث موسيقي وسينمائي
رقة حسنك وسمارك تقو ليلي جايبه منين
خفة دمك ده شعارك والمعنى برموش العين
يا محلى الروح يا سمره.
كلمات لاغنية من اجمل الاغاني العربية شدت بها نجاح سلام في اوائل الخمسينات، وكانت من أهم ما لحن محمد عبدالكريم المعروف ب»أمير البزق» وهو لقب اطلقه عليه ملك العراق آنذاك الملك فيصل حين استمع لعزفه المتميز على آلة البزق في احدى الحفلات، وعلى العكس من معظم الفنانين الذين كانوا يواجهون معارضة من آبائهم في الدخول لعالم الفن، شجعه والده على العزف على آلة البزق حيث كان والده عازفا متميزا على هذه الالة ايضا.
امسيات «خيال الظل»
ولد وعلى الارجح في عام 1905 في مدينة حمص بسوريا وتوفي والده وهو في سن صغير وانتقل بعدها لدمشق حيث كان يعزف على البزق في امسيات «خيال الظل» لشخص يدعى «ابو شاكر الكراكوزاتي» وهي امسيات كانت تقام في مقهى النوفره اعرق مقاهي دمشق والذي لا يزال موجودا حتى الان.
وفي اواسط العشرينات ذهب الى مصر واقام فيها مدة طويلة حيث التقى هناك ومن خلال الصالونات الفنية كبار نجوم الفن والموسيقى من امثال محمد القصبجي, زكريا احمد وداود حسين ومحمد عبدالوهاب وام كلثوم التي اشادت بعزفه المتميز، من خلال زياراته المتكررة للقاهرة وكان قد قدم مجموعة من المقطوعات الموسيقية للاذاعة المصرية.
«حضور متميز في المانيا وفرنسا وايطاليا»
في المانيا اقام العديد من الحفلات اذهلت جمهور المستمعين هناك، وسجل في برلين العديد من الاسطوانات تحتوي على مقطوعات موسيقية من ابداعه، ثم تابع مشواره الى باريس وصفق له الجمهور الفرنسي كثيرا، من خلال امسيات عديدة اقامها هناك، وفي ايطاليا اقام فترة طويلة انبهر الايطاليون بآلة البزق هذه حيث قدم لهم المقامات الشرقية بطريقة تتواءم مع المقامات الغربية مما سهل التواصل مع جمهور الحاضرين.
شارك في افتتاح اذاعة القدس عام 1940
في عام 1940 دعي الى القدس للمشاركة في حفل افتتاح «اذاعة القدس»، والتقى بكبار الموسيقيين الفلسطينيين من امثال يوسف بتروني وروحي الخماش ويحيى السعودي والمطرب محمد غازي الذي ذاعت شهرته في سوريا ولبنان والاردن، وشارك (محمد غازي) في غناء الموشحات الاندلسية مع فيروز والرحابنة، وعمل (محمد عبدالكريم) في اذاعة القدس عدة سنوات، حيث غنت له المطربة الفلسطينية «ماري عكاوي» اغنيته «يا جارتي ليلى» والتي غنتها فايزة احمد فيما بعد وقدم الحانا ايضا لفهد نجار ومحمد غازي، ووجوده في القدس اتاح له تعلم التدوين الموسيقي على يد الفنان المقدسي يوسف بتروني والفنان محمد عبدالكريم كان له الفضل في تلحين ووضع الشارة الموسيقية لمحطة اذاعة القدس ثم وضع ايضا الشارة الموسيقية لاذاعة دمشق، واذاعة لندن والتي كانت تسمى انذاك باذاعة الشرق الادني.
الاصالة والمعاصرة
كان رأي امير البزق ان كل تجديد في الموسيقى لا يأتي من التراث لن يترك اثرا في تاريخ الموسيقى العربية، ومن هذا المنطلق تابع تأليف المقطوعات الموسيقية ومنها «المعركة الموسيقية» رقصة الشيطان» التي لفتت انتباه الغرب حيث كانت من اصعب واسرع المعزوفات على آلة البزق، ومن المقطوعات الموسيقية ايضا «تحت العريشة» قصة الحب وقصة الصبايا وليالي ديك الجن» حكاية عيون.
الحان لمطربين عرب
تزخر المكتبة الموسيقية العربية بالعديد من الالحان التي قدمها محمد عبدالكريم لكبار المطربين من امثال فايزة احمد، محمد عبدالمطلب، نجاح سلام، صالح عبدالحي، صباح فخري، ماري جبران، كروان، ليلى حلمي، محمد عبدالمطلب، سهام رفقي.
عزف باصابع قدميه
ومن الجدير بالذكر ان محمد عبدالكريم كان قد تعرض في طفولته لحادث سير سبب له عاهة وتوقف نمو جذعه مما ادى الى ان يعيش بعدها قصير القامة ولكنه اثبت انه قامة فنية عظيمة لا تجارى ففي امسية موسيقية كان يقيمها على احد مسارح لندن ولحظة ظهوره على المسرح استقبله الجمهور هناك بالضحك والاستهزاء نظرا لقصر قامته وضعف بنيته فما كان منه الا ان خلع حذاءه واخذ يعزف باصابع قدمه على الة البزق حينها عزف مقطوعة من التراث الموسيقي البريطاني تحول موقف الجمهور بعدها للذهول والاعجاب وهو ايضا قامة فنية حيث في اخر سنوات حياته كان معدما وفقيرا ورفض كل الاغراءات التي قدمت له ليقدم الحانا تواكب الموجة الشبابية السائدة لكنه ورغم قسوة الحياة رفض احتراماً لنفسه لذاته وفنه.
آخر أيامه في حي «عين الكرش» في دمشق
قبل وفاته بأشهر قليلة كنت قد شاهدت على احدى المحطات التلفزيونية حفل تكريم في حمص لجمعية «اصدقاء امير البزق» والتي انشئت تكريماً لانجازاته في مجال الفن, حيث كان احد العازفين يعزف على البزق على خشبة المسرح, ولم يتمكن محمد عبدالكريم من العزف ليلتها على آلته المحببة بسبب أن يديه بدا عليهما الانهاك بحكم كبر السن وكان الحزن بادياً عليه وقتها جلس في مقدمة الصفوف وما كان منه الا ان رفع عصاه ليحيي الشاب العازف بابتسامة المعلم لتلميذه وفي اوائل عام 89 وافته المنية حيث عاش آخر سنوات حياته في غرفته وحيداً في حي قديم في دمشق اسمه «عين الكرش» وكثيراً ما كان يشاهده سكان ذلك الشارع وهو يتمشى في الليل وحيداً وبقيت آلة البزق رفيقته الوحيدة, يعزف على اوتارها ليلاً وكأني به يستعيد ذاك المقطع الغنائي من اغنيته الشهيرة «رقة حسنك وسمارك»
بأوتاري ياما سليتك واسمعك من وحي الله
وبلحني ياما حاكيتك ما منك غير نغمة آه
يا محلى الروح يا سمرة
ملاحظة: من اشهر عازفي البزق في الوطن العربي بالاضافة الى محمد عبدالكريم مطر محمد من لبنان والملحن جميل العاص من الاردن .

من almooftah

اترك تعليقاً