محمد بعجانو : = النحات السوري هو الافضل عالميا = الفنان يجب أن يكون منفتحا على كل التجارب‏


الوحدة
ثقافة
الاثنين 13 / 2 / 2006
مهى الشريقي

عندما يذكر اسم الفنان / محمد بعجانو / يعرف المهتمون في مجال الفن التشكيلي على الفور بأنه نحات هام على الساحتين السورية والعربية , سواء بأعماله المتنوعة الخامات ذات السوية الفنية العالية , أو بخبرته التي امتدت على مدى ربع قرن احتك فيها بكثير
من التجارب في الداخل والخارج العربي أو الغربي , من خلال المعارض والملتقيات ابرزها في دبي وقرطبة وبودابست والبحرين وباريس وعمان وموسكو وبطرس بورغ ولبنان والمحافظات السورية وآخرها منذ ايام في دمشق في صالة شورى لـ 44 عملا ما بين الجداري والتكويني من الخشب والحجر . مع الفنان بعجانو كان لنا هذا الحوار :‏‏

تجربتك طويلة بدأت منذ كنت في مرحلتك الدراسية الابتدائية حين وصلت اليوم إلى نضج متألق فماذا ستحدثنا عن تطورها ?‏‏

حياتي الفنية منذ دراستي الابتدائي كنت اميل آنذاك إلى مادتي الطين والجص . وتطورت في الثانوية لمادة الخشب فكانت اولى اعمالي الخشبية التي مازلت احتفظ بها مع نحت بسيط على الجص القابل للتشكيل. وفي مرحلة الجامعة التخصصصية كانت مادة الفخار هي الافضل . واتذكر اول معرض نحت قمت به كان بعد التخرج تماما وكان يضم اربعين عملا من الخشب والفخار في المركز الثقافي الالماني عام 1981 .‏‏

مادة الفخار كانت دائما في المرتبة الثانية عندي بعد الخشب , لكن بعد موجة الملتقيات النحتية « سمبوزيوم » في سورية انفتحت آفاق جديدة امامي للتطوير في مادتي الخام . فأذكر على سبيل المثال ملتقى المحببة العالمي الاول في اللاذقية 1998 كانت الحجوم الحجرية كبيرة وهذا خلق تحديا جديدا امامي . وسرعان ما تتالت الاعمال في ملتقيات حجرية كثيرة . ورغم ذلك كانت مادة الخشب هي الاولى عندي والحجر هي الثانية في ترتيب عملي الفني وهنا ملاحظة هامة احب أن اقولها أن النحت على الخشب هو اصعب انجازا من مادة الحجر على عكس ما هو شائع بين العامة باختصار لكل مادة مكانها عندي والفنان على نوعه يجب أن يكون منفتحا على كل التجارب من دون أن يقف عند حدود سواء في أسلوبه أو مادته وادواته .‏‏

لاشك أن المشاركة في الملتقيات لها فوائدها الكثيرة. عرفنا بها باختصار ?‏‏

ان ملتقيات النحت « سمبوزيوم » لها فائدتان للفنان الاولى اختلاطه بالفن العالمي ومعرفته لما يجري مباشرة امامه والاخرى هي المنفعة للمكان الذي يقام به الملتقى باحتوائه فنانين متميزين ذوي نتاج زاخر بالجمالية الفنية العربية والعمالية .‏‏

وعلى الجهات المسؤولة ووزارة الثقافة العمل على تفعيل تلك الملتقيات الحضارية لكل مدينة في سوريا وليس فقط في مهرجان المحبة وان كان هذا المهرجان من اقوى المهرجانات التي تحتضن مثل هذه الملتقيات النحتية . ايضا لا بد هنا من ذكر ملتقيين هامين ايضا هما سمبوزيوم قرطبة الذي كان العمل به يدويا وبدون آلة كهربائية وكانت البلوكة الحجرية ذات ابعاد 150 – 150 – 380 سنتمترا والثاني هو سمبوزيوم البحرين وكان من مادة الخشب وبالحديث عن الملتقيات اود أن اذكر أن آخر ملتقى نحتي في مهرجان المحبة عام 2004 كان من المفروض توزيع الاعمال النحتية خارج المدينة الرياضية ومع انه تم تشكيل لجنة بوجود محافظ اللاذقية ورئيس البلدية وبعض المهندسين والصحفيين وتقرر بأن يقوم محمد بعجانو بدراسة وتوزيع بعض الاعمال وكان هناك عملان هما نصبان كبيران ولكن لم ينقلا خارج المدينة الرياضية والقيا ارضا دون اهتمام بذلك الامر وكأن شيئا لا يهم احدا .‏‏

ماذا عن مكانة النحت والنحات السوري عربيا وعالميا ?‏‏

من خلال المشاركات العديدة التي حضرتها وفيها نحاتون عرب واجانب فمثلا في دبي اربعون نحاتا 52 خمسة وعشرون منهم من العالم الغربي ومن خلال احتكاكي المباشر معهم في تنفيذ العمل من البداية حتى نهايته اتضح لي أن النحاتين السوريين هم افضل من نحت على الحجر أو الخشب .‏‏

في الدول العربية طبعا لا يوجد مدرسة أو اسلوب أو تاريخ , الا في مصر والعراق وسوريا وبقية المجموعات العربية مازالت أو مازال الفنان فيها يفتش عن اسلوب استقاه من مدرسة تجريدية اوروبية أما الفنانون النحاتون في الغرب فهم اقل امكانية فنية ولكن لديهم عدة عمل يدوية أو ميكانيكية أو كهربائية ليست متوفرة لدى النحات السوري .‏‏

بالنسبة لجماليات العمل ارى أن النحات السوري هو الافضل عالميا ايضا مع النحاتين في الدول التي كانت في المنظومة الاشتراكية والذين لديهم ايضا امكانيات فنية عالية .‏‏

هل من كلمة اخيرة تحب اضافتها ?‏‏

اود أن اقول انه على السلطات المسؤولة في بلدنا الغالي سوريا أن تراعي الفنانين النحاتين وتقدم لهم الدعم اكثر وتزيد من اقامة الملتقيات بالمكان وبعدد المرات . وان ينصب اهتمامها على النصب التذكارية فتكرم وتوضع للتزيين لان نحاتي سوريا وبحق افضل فناني العالم .‏‏

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أجريت مع النحات محمد بعجانو حواراً صحفياً نشر في موقع esyria الالكتروني بتاريخ 29/3/2008م فكان الآتي:

حوار النحات محمد بعجانو
فنان ذو خطوات واثقة, سمع وقعها العالم أجمع, شق طريقه بكثير من الجرأة, عرف في الحي حيث يسكن بذكائه, و الآن مشهور على مستوى العام, بفنه الراقي, ونحته المتميز.
لن تجده متردداً أبداً,وهو يملك ثقة بالنفس, حسم فيها خياراته, على الأقل هذا ما يبدو عليه, يؤكد ذلك, ما قد تلمسه في تعاملك معه, فهو يستطيع أن يغير مجرى الحديث, إلى حيث يريد, تماماً كما يتعامل مع عمله النحتي,
النحات محمد بعجانو, من مواليد اللاذقية , فنان أكاديمي, تخرج من كلية الفنون الجميلة, من جامعة دمشق, واحترف الفن, شارك في الكثير ملتقيات النحت العالمي, في أنحاء العالم, اقترن اسمه بنهضة فن النحت في سورية elatakia التقته في مرسمه, وكان لنا معه الحوار التالي :
– حدثنا عن المادة التي تنجز منها منحوتاتك, نود أن نتعرف عليها, وأن تطلعنا قليلاًَ عن تلك الإضافات, التي تضعها في أعمالك, من أحجار ملونة, و معادن, و غيره, و التي أحبها النحاتون الشباب, فبتنا نجدها كثيراً في أعمالهم.
“بدابة, علي أن أوضح أن أهم المواد القابلة للنحت, هي المادة الخشبية, و من ثم الحجرية, والمواد الأخرى, كالطين والمعجون, هي مواد تكوينية, أو تمثيلية, أي لا يحدث النحت عليها, بل يتم تكوين الجسم فيها بإضافة المادة, وليس بنحتها,
حوار النحات محمد بعجانو

أنا في البداية تعاملت مع الخشب لتوفره, أكثر من غيره, والحجر توفر لنا في مشروع التخرج, عندما كنت في السنة الخامسة, من كلية الفنون, حينها قدمنا أنا واثنين من زملائي, أعمال حجرية يدوية, (أي بالمطرقة و الأزميل), أما الإضافات التي تتحدث عنها, و تسمى ( الستراسات), فهي موجودة منذ القدم, استخدمها الأشوريون, و اليونان, و الفراعنة أيضاً, وهي ليست من ابتكاري, ولكن التحدي الذي يواجه الفنانين الجدد, هو مدى الحاجة لاستخدامها, وقدرتها على خدمة الموضوع, أما فيما يخصني, وتميزت به, فهو عملي على الجداريات النحتية, التي عرفتها مؤطرة في السابق, وفي مشروع تخرجي في الجامعة, رأيت أن أنزع ذلك الإطار عن المنحوتة, فيصبح الفراغ المحيط, أو حتى الفراغ الموجود ضمن الشكل, فراغاً حقيقياً, وأنا أعتبر ذلك إضافة لفن النحت, قمت به كما استطيع أن اذكر الكثير من العناصر التي أضفتها, فقد اجتمعنا أنا واثنين من زملائي, كان أحدهم المرحوم مظهر برشين, والآخر أكثم, وتركز اهتمامنا, بفكرة البحث عن النحت السوري, أو النحت في بلاد الشام, وما دفعنا إلى ذلك, هو انتشار ظاهرة, لم نكن نميل إليها, وهي أن كان النحاتون السوريون, يذهبون ويدرسون النحت في بلد ما, مثل فرنسا, أو روسيا, ومن ثم يأتون حاملين تجربة ذلك البلد, وفكره النحتي, لينشروها بيننا, بحثنا عن الهوية السورية, وكان فن النحت ضعيف جداً في تلك الفترة, درسنا الموضوع بجدية, وعملنا بجهد في المتحف الوطني, وبحثنا في كامل تاريخ سورية, فوجدنا أن هناك ثغرة في هذا الفن, بدأت منذ سقوط الدولة الآشورية, و حتى منتصف القرن الماضي, حيث كانت المحاولات خجولة جداً, ومن هنا انطلقنا, أما الآن, ومنذ عشرون سنه مضت, فنستطيع أن نقول, أن سوريا بدأت نهضة قوية جدا,ً في هذا المجال, أعتقد أننا كنا ثلاثتنا, من ذكرت أسمائهم, مساهمين جداً, في تحريك تلك النهضة.”
– طبعاً أنت عملت بأدوات تحت تقليدية, كالمطرقة و الأزميل كما ذكرت, وأيضاً أدوات حديثة, كقرص القطع الكهربائي (الصاروخ), و غيره. إلى أي منها أنت تميل؟
“نعم أنا أعمل بالأدوات اليدوية, و الكهربائية, لكن الفنان يشعر أنه منتصر في العمل اليدوي, أنا انظر إلى التطور التكنولوجي على أنه ضرورة, فهو بالنهاية يقدم أداة حديثة, ربما تكمن الحاجة لها, بقدرتها على تسريع العمل, فقط لا غير, ولا أجد لها دور آخر.”
– بمعنى آخر, ألا تجد أن وجود هذه الأدوات, فرصة لكي نتخلص من مشكلة الأداة, و التقنية. (وهنا تنقلنا بالحديث إلى تقنيات الرسم و التصوير)؟
“نعم, أحياناً برنامج معالجة الصور,photoshop, وبرامج الرسم الرقمي الآخرى, تستطيع أن تقدم أعمال تشابه الأعمال المائية, أو الزيتية, وهنا بالفعل حلت مشكلة التقنية, ولكني أفضل الأصل, حيث يملك العمل عناصره بصدق.”
-ننتقل إلى الأشكال التي تظهر في أعمالك, هناك رموز تتكرر باستمرار, كالثور, والمرأة, ولهذه الرموز, دلالات قوية, في الفكر و الثقافة السورية, فكيف تنظر لها ؟
“بالحقيقة, إن ما يشغل بالي أثناء العمل, هو السطح, وانكسار الخط على هذا السطح, فأنا استخدم تلك العناصر, لتساعدني على صنع ذلك الانسجام بين الأسطح, واستخدم الثور و المرأة, و الحمائم, و الخيول, أو أي عنصر آخر, عندما تنسجم أشكالها مع الأسطح التي أعمل عليها. نعم هناك من يستخدمها لرابط يحمله, أو لدلالاتها, وهي تملك دلالات واضحة, و معروفة, ولكني لا استخدمها إن لم تكن مناسبة للعمل.”
– أخيراً البيئة, ماذا قدمت لك العناصر التي تشاهدها في مدينة اللاذقية؟ أنت من أصول ريفية وتعيش في المدينة؟
مواضيعي بعيد عن الالتزام بالمكان, ولا أجد في ذاكرتي ما يلزمني بمكان ما, أجد اللاذقية مدينة ضعيفة المدنية, ومع ذلك, من الصعب أن تؤثر بي, بقعة معينة بحد ذاتها.”
هكذا ينهي نحات اللاذقية العالمي حواره مؤكداً انتمائه العالم بأكمله
مضر سليمة

من almooftah

اترك تعليقاً