حكم الحسن علي (1162م-1166م)(557 هـ-561 هـ) Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: الحسن علي بن حسن القاهر كان حكم حسن علي – إبن الخمسة وثلاثين ربيعاً – في بداية الأمر خالياً من الأحداث المهمة، لم يُميّزه سوى بعض التخفيف من الإتّباع الحازم للشريعة الذي كان سائداً من قبل في ألموت، ولكنه فجأة بعد عامين ونصف من ولايته وفي منتصف شهر رمضان حدث أمرٌ غريب. تتفق المصادر على سرد قصة غريبة: ففي اليوم السابع عشر من شهر رمضان عام 559 هـ (8 أغسطس 1164م) أمر حسن بإقامة منبر في فناء ألموت يواجه الغرب ترفرف على أركانه الأربعة رايات، وجاء الناس من مختلف الجهات وبأعداد كبيرة ليتجمعوا حول المنبر وتقول نبذة في وصف ما حدث: «وبعد قرابة الظهر نزل السيد حسن على ذكره السلام من القلعة مرتدياً ثوباأ أبيضاً وعمامة بيضاء، وتقدم نحو المنبر من الجانب الأيمن، وارتقاه في خطى وئيدة، وتوّجه بالتحية ثلاث مرات: الأولى إلى أهل الديلم ثم إلى الذين على اليمين ثم إلى الذين على اليسار، وظل جالساً برهة، ثم وقف مرة أخرى وهو ممسك بسيفه، وتحدث بصوت جهوري مخاطباً سكان العوالم الثلاث: عالم الجن، وعالم الإنس، وعالم الملائكة، فأعلن أنه قد وصلته رسالة من الإمام المختفي تحمل تعليمات جديدة وتقول: إن إمام عصرنا يبعث إليكم تحياته وسلامه، ويُبلَّغكم أنه سمّاكم (خدمه الخصوصيين المختاريين)، وانه حرّركم من أعباء قواعد الشريعةـ وأحضركم إلى القيامة.[49]» ويقول المؤرخ الإسماعيلي رشيد الدين أنه بعد أن أعلن حسن قيامته؛ وزَّع مكاتيب يقول فيها إنه وإن كان من الناحية الظاهرية يعرف كحفيد لبزرجميد؛ إلا أنه في الحقيقة الخفيّة إمام العصر وابن الإمام السابق من نسل الإمام نزار المقتول في الاسكندرية. ونجد في التراث الإسماعيلي اللاحق إجماع على تأكيد أن حسن ونسله جاءوا من الخط الحقيقي لنزار بالرغم من وجود تفسيرات مختلفة لكيفية حدوث ذلك. ووفق عقيدة القيامة؛ فان الواجبات التي يفرضها الإسلام قد تحوّلت من الطابع العملي الجسدي إلى الروحي. مثلاً إن الشريعة تقول إن على الناس أن يقيموا خمس صلوات في اليوم كي يكونوا مع الله، لكن في القيامة الروحية ينبغي على الناس أن يكونوا دائما مع الله في قلوبهم ويتجهوا بأرواحههم دوماً له، أي أن تكون الصلاة روحية وليست جسدية[50]. وقد رفض العديد من الإسماعيليين هذا النظام الجديد، واستخدم حسن ضدهم أشدَّ العقوبات “لتحريرهم”. وكان من ضمن الذين رفضوا الانصياع للأوامر الجديدة “صهو حسن” وهو سليل أسرة ديلمية نبيلة. إلا أن المؤرخ الإسماعيلي مصطفى غالب يروي القصة بطريقة مختلفة: حيث يروي أن حسن علي أعلن عن حقيقته بأنه إمام بعد أن كان مخبوئاً، فتخلّل هذا الإعلان احتفالات كبيرة دامت عشرة أيام سُمّيت فيما بعد بـ “عيد القيامة” ولا يروي أيَّ تغيير في الأمور الشرعية[51]. وفي يوم الأحد 9 يناير 1166م\561 هـ طُعن حسن بخنجر أثناء تواجده في قلعة لامسار؛ ليفارق الحياة ويدفن في قلعة ألموت[52]. حكم أعلى محمد بن الحسن علي (1166م-1210م)(561 هـ-606 هـ)[عدل] Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: أعلى محمد بن الحسن علي وخلف حسناً ابنه محمد، وكان شاباً في التاسعة عشر من العمر، واستطاع أن يطوّر نظرية القيامة ويرسخها، ومرَّت فترة حكمه من دون أحداث بارزة؛ ماعدا بعض الاغتيالات للمنافسين، والتوّسع أكثر. وقد صاحب فترة حكمه مزيدٌ من الانهيار للدولة السلجوقية المنافسة[53]. وتوفي في الأول من سبتمبر 1210م. ليخلفه ابنه جلال الدين. حكم جلال الدين حسن بن أعلى محمد (1210م-1221م)(606 هـ-618 هـ) Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: جلال الدين حسن بن أعلى محمد أظهر جلال الدين في حياة أبيه عدم رضاه على نظريات وممارسات “القيامة”، كما أبدى رغبةً في قبول الأُخوّة الإسلامية بمعناها الواسع، فأعلن – فور وصوله للحكم – عن نبذ نظرية القيامة؛ والعودة إلى المعتقدات الإسلامية السابقة. وأعلن فرض الشريعة مجدداً، وأرسل المبعوثين إلى الخليفة في بغداد ومحمد خوارزمشاه والملوك والأمراء؛ يبلغهم هذه التغييرات؛ الأمر الذي نال استحسان جميع الأمراء؛ وخاصة في بغداد. ونالت هذه التغيرات الطاعة السريعة عند جميع أتباعه في كوهستان وسوريا ورودبار، وغادر ألموت كما لم يفعل أحد من سابقيه؛ حيث أقام عام ونصف بالخارج دون أن يتعرض للأذى. وفي نوفمبر 1221م – وبعد حكم دام عشر سنوات – مات جلال الدين حسن ليخلفه ابنه الوحيد علاء الدين محمود[54][55]. حكم علاء الدين محمود (1221م-1255م)(618 هـ-653 هـ) Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: علاء الدين محمد بن الحسن تولى الحكم وكان صبياً في التاسعة، وظل وزير أبيه جلال الدين هو الحاكم الفعلي لألموت مدة من الزمن. ويبدو أنه حافظ على سياسة جلال الدين إلى حدٍ مّا. خلال السنوات الأولى من حكم علاء الدين كان الوضع في إيران مناسباً لمزيد من التوّسع الإسماعيلي، فالإمبراطورية الخوارزمية كانت قد تحطمت لتوّها تحت ضغط الغزو المغولي، فتمكنوا من السيطرة على مدينة دمغان. وقد أرسل في عهده المبعوثين لنشر الدعوة الإسماعيلية النزارية في الهند، والتي ستصبح – فيما بعد – المركز الرئيسي لفرقتهم. وقد شهِد عهده الكثير من الاغتيالات الجريئة ضد أعداء الإسماعيليين. توفي سنة 1255م\653 هـ ليخلفه ابنه ركن الدين. حكم ركن الدين خورشاه والنهاية (1255م-1256م)(653 هـ-654 هـ)[عدل] Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: ركن الدين خورشاه بن علاء الدين خلال السنوات الأخيرة من حكم علاء الدين اقترب الإسماعيليون أكثر فأكثر من المواجهة النهائية مع أخطر الأعداء وأكثرهم إرهاباً ورعباً؛ وهم المغول. ففي عام 1218م وصلت جيوش المغول بقيادة جنكيز خان إلى حدود الدولة الخوارزمية وفي عام 1220 م استولى على المدن الإسلامية القديمة في سمرقند وبخارى، وعندما مات في عام 1227م حدثت هدنة صغيرة لم تلبث أن انتهت ليشنّ خليفته هجوماً على الدولة الخوارزمية ويسحقها، وذلك في عام 1230م. وما إن حلَّ عام 1240م حتى تمكّن المغول من إخضاع غرب إيران بأكمله. وجاء الهجوم الأخير في منتصف القرن الثالث عشر، فقد أرسل الخان الأكبر – الذي كان يحكم حينئذٍ من بكين- حملة جديدة هي الأشرس بقيادة هولاكو مزودة بأوامر لإخضاع كل دول المسلمين؛ حتى البعيدة منها مثل مصر، وعندما قاد هولاكو حملته عام 1256م\654 هـ كانت القلاع الإسماعيلية أول أهدافه. شنّت الجيوش المغولية هجمات على قواعد الإسماعيلية في رودبار وكوهستان، ولكن نجح الإسماعيليون في صدّ تلك الجيوش، وأفشلوا الهجوم ضد قلعة غيردكوه فشلاً ذريعاً. لكن ركن الدين (زعيم الإسماعيليين) كان يؤمن بعدم جدوى المقاومة أمام الغزو المغولي؛ فحاول إقامة السلام معهم لإنقاذ دولته. فأرسل مبعوثاً إلى قائد المغول في همدان يعرض عليه الاستسلام والخضوع للدولة المغولية، لكن القائد المغولي اقترح أن يقدم ركن الدين خضوعه لهولاكو شخصياً، فأرسل أخاه شاهنشاه كحلٍ وسط. وفي نفس الوقت حاول المغول التقدم في رودبار؛ إلا أن الإسماعيليين تمكّنوا من صدّهم، غير أن هذه المقاومة الإسماعيلية لم تفلح في منع المغول من السيطرة على عدة مراكز إسماعيلية في كوهستان, حيث نجح المغول في اقتحام قلعتي “تون وخوان” وأعدموا كل من يزيد عمره على عشر سنوات[56]. رفض هولاكو سفارة شاهنشاه وطلب مقابلة ركن الدين شخصياً لتقديم الاستسلام مقابل أن يضمن هولاكو سلامة الإسماعيليين. فقرّر ركن الدين تسليم نفسه، وأمر جميع أتباعه بالنزول من القلاع. وبالفعل أُخليت قلعة ألموت في ديسمبر 1256م\ذي القعدة 654 هـ. وعلى كل حال ففي عام 1256 م سارع البرابرة من المغول إلى تسلّق جدران قلعة ألموت التي بقيت صامدة بوجه أقوى الغزوات، وأبدى هولاكو إعجابه بمعجزة البناء العسكري للقلعة. ثم أمر جنوده بهدمها، ولم يستثنِ المكتبة، لكنه سَمح لمؤرخ في الثلاثين من عمره يُعرف بالجويني بدخول المكتبة. فتمكّن من دخول هذا المكان العجيب الذي يحتوي على آلاف الكتب والمخطوطات النفيسة، ولم يكن الجويني يملك إلا عربة واحدة تُدفع باليد. فقرر الجويني أن من أول واجباته إنقاذ كلام الله؛ فأخذ يجمع – على عجلٍ – نسخ القرآن؛ حتى أمضى الوقت في نقلها. فأُضرمت المكتبة والتهمتها النيران على مدى سبعة أيام بلياليها؛ ولتضيع مصنفات لا يُحصى عددها؛ فلم يبقَ منها حتى نسخة واحدة![57]. وما إن اعتقل المغول ركن الدين أخذوه إلى قراقورم ليقابل الإمبراطور المغولي مونكو خان. وفي أثناء الطريق اضطروه ليأمر ضباطه في كوهستان بتسليم قلعتهم إلى المغول, ففعلوا بعد أن أمَّنهم هولاكو على حياتهم، وبمجرد تحرّك ركّاب ركن الدين باتجاه قراقورم قتلوا الآلاف من سكان القلعة، ولم يلبثوا حتى قتلوا ركن الدين وأسرته؛ ولم يستطع الفرار من القتل إلا ابنه “شمس الدين محمد”[58]. ثم قام المغول بجمع أعداد كبيرة من الإسماعيليين بحجة إحصاء عددهم، فقُتلوا جميعاً. واستمروا بإقامة المذابح الرهيبة في كل مكان وجدوا فيه الإسماعيليين؛ فضلاً عن هدم قلعة ألموت؛ لتنتهي بذلك دولة الإسماعيليين في فارس، ولم ينجُ من الإسماعيليين إلا من اعتصم بجبال فارس[59]. ثم قامت الحصون الأخرى، ففتحوا أبواب قلاعهم، واشتبكوا مع التتر في معارك قويّة طاحنة، قتل فيها إثنا عشر ألف إسماعيلي، وثلاثون ألف تتري[60] ولم يتمكّن المغول من السيطرة على قلعة غيردكوه إلا عام 658 هـ[61]. في بلاد الشام دولة الحشاشين باللون الأبيض بين إمارة أنطاكية وكونتية طرابلس الصليبيتين فيما كان حسن الصباح ما زال يحكم قلعة ألموت, قامت مجموعة صغيرة من أتباعه برحلة طويلة خطرة عبر أراضي العدو نحو الغرب. وكانت سورية هي وجهتهم, وكان هدفهم نشر “الدعوة الجديدة” إلى تلك المنطقة. وقد مر كفاحهم لتدعيم أنفسهم هناك بثلاث مراحل. المرحلة الاولى 496-506 هـ / 1103-1113 م تمكن الإسماعيليون الجدد ان يجعلوا حلب مركزاً لهم في نشر دعوتهم وذلك برضا الحاكم السلجوقي لحلب رضوان حيث سمح لأسعد أبو القنج الباطني المعروف بالحكيم المنجم وتابعه أبوطاهر الصائغ العجمي بممارسة شعائرهم والدعوة لمذهبهم. وكان رضوان بحاجة إلى حليف قوي في الداخل لمواجهة مؤامرات خصومه، حيث وجد ضالته فيهما فأطلق لهما حرية العمل وسمح لهما ببناء دار للدعوة في حلب[62]. وكانت لحلب مزايا كثيرة تجذب الحشاشين فالمدينة يسكنها عدد كبير من الشيعة الاثنا عشرية وهي مجاورة لمناطق الشيعة الأخرى في جبل سماق وجبل البهرة. وقد كان قاضي حلب فضل الله الزوزني العجمي الحنفي أول ضحاياهم حيث كان يهاجم معتقداتهم[63][64]. ثم قام الحشاشون بأول عمليات اغتيال مثيرة في أول مايو 1103 م \ 496 هـ عندما اغتال اثنين من الحشاشين متنكرين بثياب متصوفين جناح الدولة حسين أمير حمص أثناء صلاة الجمعة وكان شديد العداء لرضوان[65]. وبعد مقتل جناح الدولة تولى زعامة الحشاشين أبو طاهر الصائغ. والذي كان متحمسا لمزيد من الانتشار الإسماعيلي في سوريا. ففي سنة 499 هـ / 1105 م شن الإسماعيليون أول هجوم لهم على حصن أفاميا حيث تمكنوا من الاستيلاء عليها وقتل أميرها خلف بن ملاعب في 3 فبراير 1106 م. وسرعان ماوصل أبو طاهر الصائغ لتولي القيادة بنفسه[66]. وضلت أفاميا بأيديهم حتى قام الأمير تانكرد حاكم إمارة أنطاكية الصليبية بمحاصرة المدينة وارغمها على الاستسلام في 13 محرم 500 هـ / 15 سبتمبر 1106 م. فقتلوا أبو القنج السرميني واطلقوا سراح أبو طاهر وبعض زملائه بعد فترة[67]. ليعودا إلى حلب مرة أخرى. وفي عام 1113 م أحرز الإسماعيلييون اكثر ضرباتهم طموحا حتى ذاك الحين باغتيال الأمير مودود في دمشق وهو الحاكم السلجوقي للموصل، إلا أن سطوتهم لم تدم طويلا، فقد توفي اكثر المدافعين عن الحشاشين رضوان بن تتش يوم 29 جمادى الآخر 507 هـ / 10 ديسمبر 1113 م ليتولى ابنه ألب ارسلان الحكم. اتبع الب ارسلان سياسه أبوه بالنسبة للتعامل مع الحشاشين في حلب ولكن لم يلبث ان حدث رد فعل فقد وصل إليه خطاب من السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه يحذره من الخطر الإسماعيلي ويدعوه إلى تدميرهم وقام ابن البديع قائد الشرطة للمدينة بالتقاط المبادرة وحرض الحاكم على النيل من الإسماعيليين. وبالفعل قام الحاكم بشن هجوم لم يتوقعه الإسماعيليين في المدينة فاعتقل أبو طاهر وزعماء الطائفة وقتلوا جميعا وتمكن اخرون من الفرار. لتنتهي بهذه النكسة أول مراحل الكفاح الإسماعيلي في بلاد الشام[68][69]. المرحلة الثانية (1113م-1130م)/(506 هـ-524 هـ)[عدل] بالرغم من النكسة في حلب إلا أن الإسماعيليين الجدد لم يتراجعوا عن طموحهم في نشر دعوتهم. ففي عام 1114م قامت قوة مكونة من مائة إسماعيلي بالاستيلاء على معقل شيزار بعد هجوم مفاجئ بينما كان الحاكم وجنوده في مكان بعيد يشاهدون احتفالات المسيحيين بعيد الفصح. وقد تعرض الحشاشون فور ذلك لهجوم مضاد اوقع بهم الهزيمة. وحتى في حلب استطاع الإسماعيلييون بالرغم من كارثة 1113م ان يحفظوا لنفسهم بموضع قدم. ففي عام 1119م تم طرد عدوهم ابن البديع من المدينة وهرب إلى ماردين وكان الحشاشون في انتظاره وهو يعبر الفرات فقتلوه. تمكن خليفة أبو طاهر المعدوم في حلب “بهرام” من نقل النشاط الإسماعيلي جنوبا وسرعان مابدا يلعب دورا نشطا في شؤون دمشق. ففي عام 1126م/520 هـ حدث أول تعاون بين الحشاشين والحاكم التركي لدمشق طغتكين حيث اشتركوا سويا في هجوم فاشل شن ضد حصون الصليبيين[68][70]. وقام الحاكم الدمشقي بعد ذلك بمنح الإسماعيليون قلعة بانياس على الحدود مع المملكة الصليبية[71]. كما حصلوا على في دمشق على على بناية اسموها “بيت الدعوة” واتخذوها مقرا لهم. وفي بانياس أعاد بهرام بناء القلعة وبدا حملة من التوسع في المناطق المجاورة. وكان وادي التيم في إقليم الحصيبة يسكنها خليط من الدروز والنصارى وكان يبدو ملائما للتوسع الإسماعيلي. لكن أثناء محاولة الإسماعيليين السيطرة على المنطقة نشب قتال حاد مع سكانها أدى إلى مقتل الزعيم بهرام وانسحاب الإسماعيليين[31][72]. ليتولى الزعامة بعده “إسماعيل” وقد سار على سياسة سلفه, واستمر الدعم الدمشقي له وخاصة من الوزير المزرجاني. ولكن سرعان ماجاءت النهاية ففي عام 1128م\522 هـ توفي طغتكين وبعد وفاته حدثت حملة رد فعل تشبه تلك التي حدثت بعد وفاة رضوان في حلب. وجاءت المبادرة من قبل مفرج بن الحسن الصوفي الذي كان شديد العداء للإسماعيليين وقائد شرطة المدينة بتحريض الحاكم “بوري” ابن طغتكين وخليفته على توجيه ضربة قاضية للإسماعيليين والغدر بهم. ففي يوم الاربعاء 4 ستمبر 1129م\523 هـ حدثت هذه الضربة[73]. حيث اغتيل الوزير المزرجاني -باوامر من بوري- وهو جالس في مجلسه يستقبل الزوار وفصل راسه عن جسده وماان انتشر الخبر حتى قام عسكر المدينة ومعهم الرعاع على الحشاشين قتلا ونهبا حتى إذا حل الصباح ابيد الإسماعيليون بالمدينة[74][75] ولم يعرف عدد الذين قتلوا بالضبط إلا أن أحد المؤرخين قدر العدد ب 20 الف قتيل[76]. وتحقق إسماعيل ان موقفه في بانياس أصبح بائسا فسلم القلعة للافرنج مقابل إعطاءه واتباعه الملاذ الامن ففر ومن معه في اراضيهم حيث توفي في عام 1130م[73][77]. وقد اتخذ المسؤلين عن هذه المجزرة الكثير من الاحتياطات لحماية انفسهم من انتقام الحشاشين فارتدوا شباك من الازرد واحاطوا انفسهم بالحراس على مدار الساعة. ولكن بدون جدوى, إذ لم تلبث ان جاءت الضربة من مركز الفرقة في ألموت. ففي 7 مايو 1131م\525 هـ تمكن اثنين من الحشاشين متنكرين بزي جنديين تركيين من الدخول لقصر بوري والانقضاض بشكل السريع على “بوري” وطعنه بالخناجر ليموت بوري متاثرا بجراحه[73][78][79]. المرحلة الثالثة (1130م-1150م)/(524 هـ-545 هـ) قلعة مصياف خلال السنوات العشرين التالية حدثت المرحلة الثالثة والناجحة التي استطاع فيها الحشاشون الحصول على قواعد قلاعية لهم في سورية وكانت هذه المرة في جبل البهرة. ففي عام 1132م اشترى الحشاشون قلعة القدموس[80][81]. وفي عام 1136م تمكن الحشاشون من طرد الافرنج من الخريبة وسيطروا عليها. وفي عام 1140م تمكنوا من الاستيلاء على قلعة مصيف والتي ستصبح لاحقا اهم معاقلهم وتمكنوا بعدها من السيطرة على قلاع أخرى وهي الخوابي والرصافة والعليقة والمنيقة[82][83]. وتبقى علاقات الحشاشين خلال هذه الفترة غامضة بعض الشيء. غير ان من المعروف ان جماعة من الإسماعيليين النزاريين يقودهم شخص اسمه علي بن الوفا قد تعاونوا مع ريموند الانطاكي في حملته على أمير حلب نور الدين زنكي، الذي أثار عداوة الإسماعيليين بسياسته القمعية للشيعة. وقد فقد علي وريموند كلاهما حياتهما على ارض معركة أنب سنة 1149م. وعقب ذلك بسنوات قليلة في عام 1152م\547 هـ أقدم الحشاشون على أغتيال الكونت ريموند الثاني من طرابلس والذي كان الضحية الافرنجي الأول الذي يقضي على يد الحشاشين. وقد قام ملك القدس بلدوين الثالث برد هائج بذبح اعداد كبيرة من المسلمين وقام فرسان الهيكل بغزو أراضي الحشاشين واجبروهم بعد سلسلة من الهجمات على دفع أتاوة سنوية بلغت زهاء 2000 قطعة ذهبية[84]. سنان شيخ الجبل في هذه الأثناء وصل اعظم رؤساء الحشاشين في سورية إلى القيادة. وهو سنان بن سلمان بن محمد المعروف برشيد الدين. وكان عراقيا مولدا في قرية بالقرب من البصرة وقد تمكن من الوصول لزعامة الفرقة عام 1162م. وكان أول مااهتم به بعد وصوله للحكم هو دعم قوة فرقته فاعاد بناء قلعتي الرصافة والخوابي واستولى على قلعة العليقة. العداء مع صلاح الدين الايوبي وقعت أول محاولة للحشاشين لاغتيال صلاح الدين في ديسمبر 1174م\568 هـ بينما كان يحاصر حلب. حيث تمكن بعض الحشاشين من التسلل إلى معسكر صلاح الدين وقتل الأمير أبو قبيس وتلا ذاك عراك قتل فيه عدد كبير من الناس ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب باذى. وحدثت المحاولة الأخرى في 22 مايو 1176م\572 هـ عندما كان صلاح الدين يحاصر عزز حيث تمكن بعض الحشاشين المتنكرين بزي جنود جيش صلاح الدين من التسلل لمعسكره ومهاجمته. ووتمكنوا من قتل العديد من الأمراء ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب سوى بجروح بسيطة بفضل الدروع التي كان يرتيدها. وقد اتخذ صلاح الدين بهد هذه الاحداث احتياطات واسعة للحفاظ على حياته، فكان ينام في برج خشبي لقيم خصيصا له ولم يكن يسمح لاحد لايعرفه شخصيا بالاقتراب منه[85]. يرجع بعض المؤرخين أسباب هذا العداء إلى تحريض قمشطجين حاكم مدينة حلب. كما ان هناك قصة يرويها بعض المؤرخين. وطبقا لهذه القصة فقد قام عشرة آلاف فارس من “النبوية” -وهي طائفة دينية معادية للشيعة في العراق- بالاغارة في عام 1174م-1175م على مراكز الإسماعيلية في “الباب” و”البوزعة” حيث ذبحوا 13 الف إسماعيلي، وانتهز صلاح الدين فرصة ارتباك الإسماعيليين وارسل جيشه عليهم يغزو سارمين ومعرة مصرين وقتل معظم سكانهما. وقد يكون قد قام بذلك أثناء مسيره شمالا باتجاه حلب[86]. وفي أغسطس 1176م تقدم صلاح الدين في اراضي الحشاشين تحدوه الرغبة في الانتقام وضرب حصار حول مصيف -كبرى قلاع الحشاشين- ولكنه لم يلبث ان فك الحصار وانصرف. ويعزي مؤرخ صلاح الدين عماد الدين سبب الانسحاب إلى وساطة أمير حماة خال صلاح الدين الذي ناشده جيرانه الحشاشون التدخل لصالحهم. بينما يقدم مؤرخ اخر سببا اكثر اقناعا وهو هجوم الفرنجة على وادي البقاع وماترتب على ذلك من حاجة ملحة لحضور صلاح الدين هناك. اما كمال الدين بن عديم فيذكر في تاريخه عن حلب. ان صلاح الدين هو الذي طلب وساطة أمير حماه وذلك لهلع اصابه من اساليب الحشاشين وخشية على حياته من الاغتيال[87]. ويُقال ان صلاح الدين قد بَعث ذات مرة برسالة تهديد إلى سنان فكان رد سنان كالتالي: «قرأنا خطابك وفهمنا نصه وفحواه ولاحظنا مايحتوي عليه من تهديدات لنا بالكلمات والأفعال، ووالله انه لشيء يدعو إلى الدهشة أن نجد ذبابة تطن في أذن فيل وبعوضة تلدغ تمثالا، كثيرون قبلك قالوا مثل هذه الأشياء ودمرناهم دون ان يشفع لهم شفيع، فهل تبطل الحق وتؤيد الباطل؟ “(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)” اذا كنت حقا قد أصدرت أوامرك بقطع رأسي وتمزيق قلاعي في الجبال الصلدة فان هذه امال كاذبة وخيالات واهمة لان الاساسيات لاتدمرها العارضات كما أن الأرواح لاتدمرها الأمراض، أما اذا عدنا إلى المحسوسات التي تدركها الحواس وتركنا جانبا المعنويات التي تدركها الأذهان فان لدينا أسوة حسنة برسول الله الذي قال: “لم يقاس نبي مثلما قاسيت” وأنت تعرف ماذا حدث لدعوته واهل بيته وحزبه، ولكن الموقف لم يتغير والرسالة لم تفشل وحمد لله لايزال اولا واخيرا. إننا مُضطهدون ولسنا طغاة، محرومون ولسنا حارمين “(وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)”. وانت تعرف ظاهر أحوالنا وقدر رجالنا وما يمكن ان يحققوه في لحظة واحدة وكيف يحبون الموت “(قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)” والمثل الشائع يقول انك لاتستطيع أن تهدد بطة بالقائها في النهر! فخذ كل مافي اسطاعتك اتخاذه من احتياطات دون الكوارث والفواجع فأنني هازِمُكَ من داخل صفوفك، ومنتقم منك في مكانك، وستكون كمن يدمر نفسه بنفسه “(ومَاذلِكَ علىٰ اللهِ بِعسيرْ)” عندما تقرأ خطابنا هذا فارتقبنا وترحم على نفسك واقرا اول “النحل”[88] واخر “صاد”[89].» – راشد الدين سنان[90] كونراد اوف مونتفيري ملك بيت المقدس ملك بيت المقدس الثالث عشر بريشة الرسام فرانسسكو ادوارد بيكوت 1843م أغتيال ملك بيت المقدس Crystal Clear app kdict.png طالع أيضًا: كونراد من مونفيراتو في 28 أبريل 1192م\588 هـ تمكن الحشاشون من توجيه ضربتهم الكبرى باغتيال المركيز كونراد من مونفيراتو “Conrad of Montferrat” ملك بيت المقدس بينما كان في صور[91]. حيث تخفى مغتاليه في زي رهبان مسيحيين وشقوا طريقهم إلى خلوة الأسقف والمركيز وعندما سنحت الفرصة طعنوه حتى الموت[92]. ويذكر بعض المؤرخين تعاون صلاح الدين مع الحشاشين لتنفيذ الاغتيال. وتجدر الإشارة إلى ان بعد مرور اربع اشهر من الاغتيال حصلت هدنة بين صلاح الدين والحشاشين. هذا الاغتيال اخر منجزات سنان الذي توفي عام 1192م\588 هـ. ما بعد سنان واصل خلفاء سنان علاقاتهم الطيبة مع خلفاء صلاح الدين من الايوبيين في سورية في الوقت الذي كانت علاقتهم متشنجة بشكل كبير مع الصليبيين فقاموا باغتيال ريموند ابن بوهيموند الرابع في كنيسة في طرطوس عام 1213م\610 هـ الامر الذي أثار غضب بوهيموندالذي سارع في القاء الحصار على قلعة الخوابي إلا أن حكام دمشق وحلب الايوبيين لم يتاخروا في نجدة الحشاشين واجبار الفرنجة على التراجع وفك الحصار[93]. وفي غضون ذلك تمكن الحشاشون بطريقة ما من تحصيل أتاوات “الجزية” من بعض الأمراء النصارى. ففي عام 1227م بعث فردريك الثاني قائد الحملة الصليبية السادسة (1228-1229) وملك القدس بسفارة إلى زعيم النزاريين (الحشاشين) وقد أحضر سفراء فردريك هدايا بلغت قيمتها 80000 دينار. ولاقت محاولات فردريك الثاني مع الحشاشين معارضة فرسان الإسبتارية، الذين سارعوا إلى الهجوم على القلاع النزارية وتكبيد الحشاشين خسائر مادية فادحة. وفي حلول سنة 1228م أقام الطرفان “حلف تعاوني” يدفع بموجبه الحشاشين مبالغ مالية لفرسان الاسبتارية مقابل دفاع الاسبتاريين عن قلاع النزاريين من اعتداءات القوات الصليبية في انطاكية وطرابلس. وقد تطور الامر إلى تعاون الطرفين (الحشاشين والاسبتاريين) في حملة شنوها من قلعة الحصن سنة 1230م ضد أمير انطاكية بوهيموند الرابع[94]. وكان هذا التعاون قد أثار غضب بوهيموند الخامس أمير انطاكية، فقام بكتابة إلى البابا غريغوري التاسع يشكو فيه تحالف الاسبتاريين مع الحشاشين. وفي رد البابا غريغوري على تلك الشكوى كتب إلى رئيس أساقفة صور والى اسقفي صيدا وبيروت: «الحشاشين، أعداء الله وأعداء الاسم المسيحي، الذين تجرؤا سابقا على ذبح ريموند ابن بوهيموند الرابع وكثيرا من العظماء والأمراء الكاثوليك غدرا، ويجاهدون للتغلب على ديننا بالقوة..والأخطر من ذلك كله هو أن الحشاشين قد تعدوا، بناء على الوعد الذي قطعه سيد الاسبتارية بدعمهم وحمايتهم من الهجمات المسيحية، ان يدفعوا لهم مبلغا محددا من المال سنويا ولذلك قد بعثنا اليهم باوامر خطية ليكفوا عن حماية ذات اولئلك الحشاشين» – البابا غريغوري التاسع (26 اب 1236م)[95] نهاية الحركة[عدل] كان الحشاشون في سورية قد شاركوا غيرهم من المسلمين في التصدي للتهديد المغولي، وحاولوا كسب ثقة المماليك – الظاهر بيبرس بارسال السفارات والهدايا ولم يبد بيبرس في بداية الامر عداء نحوهم. غير ان بيبرس لايمكن ان يتوقع منه التسامح ازاء استمرار وجود جيب مستقل في قلب سورية ففي عام 1265م امر بجمع الضرائب والرسوم على الحشاشين ولم يكن باستطاعة الحشاشين الذين اضعفوا في سورية واثبطت عزيمتهم نتيجة مصير اخوانهم الفارسيين ان يبدوا مقوامة تذكر. فأصبحوا هم يدفعون الجزية بدلا من اخذها من امراء الدول المجاورة وسرعان ماأصبح بيبرس هو الذي يعين رؤساء الحشاشين ويخلعهم بدلا من ألموت. ففي عام 1270 م استاء بيبرس من موقف رئيس الحشاشين المسن نجم الدين فخلعه وعين بدله سريم الدين مبارك، وكان الرئيس الجديد يحكم من منصبه كممثل لبيبرس واسثنيت مصيف من سلطته وجعلت تحت السيطرة المباشرة لبيبرس. ولكن سريم الدين استطاع ان يضم مصيف إلى املاكه فعزله بيبرس وجاء به سجينا إلى القاهرة حيث مات مسموما هناك. واستولى عام 1271م\669 هـ على قلعتي “العليقة” و”الرصافة” وسقطت قلعة “الخوابي” في عام نفسه لتسقط بقيه القلاع عام 1273م\671 هـ لتنتهي بذلك دولة الحشاشين في بلاد الشام. قائمة الزعماء الحاكم الحكم 1 حسن الصباح 1094-1124 2 بزرك آميد 1124-1138 3 محمد بن بزرك آميد 1138-1162 4 الحسن علي بن حسن القاهر 1162-1166 5 أعلى محمد بن الحسن علي 1166-1210 6 جلال الدين حسن بن أعلى محمد 1210-1221 7 علاء الدين محمد بن الحسن 1221-1255 8 ركن الدين خورشاه بن علاء الدين 1255-1256