لباحث الموسيقي والملحن سعدو الذيب:الأغنية السورية موجودة منذ آلاف السنين


الباحث الموسيقي والملحن سعدو الذيب:الأغنية السورية موجودة منذ آلاف السنين

حوار:يوسف الجادر – تشرين دراما
يقترب الموسيقي والملحن سعدو الذيب من التراث الغنائي والفلكلور، ويحاول كشف الغائب من جماليته عبر الأرشفة والحفظ لأغلب الأغنيات المنتشرة في سورية والمخبأة في صدور الناس. وسعدو الذيب صاحب الأغنيات الأكثر قرباً من إحساسات الناس ومشاعرهم ولغتهم البسيطة، من منا لا يذكر أغنية (يومٍ على يوم لو طالت الفرقة) للمطرب الكبير فهد بلان، تلك الأغنية التي مازالت حاضرة بين إحساسات الناس ومشاعرهم لأنها حققت ذلك التوازن بين التراث الأصيل والتجديد في الموسيقا.


وسعدو الذيب الشاعر والملحن والباحث في التراث الغنائي السوري، أعَدَّّ مجموعة من البرامج التلفزيونية، والأفلام الوثائقية التي تندرج ضمن أبحاثه في مجال التراث الغنائي والفلكلوري السوري، من أفلامه الوثائقية (خيّال يرمح بالشمس)، و(وَعْد)، وساهمت برامجه في توثيق الأغنية السورية والفلكلور الشعبي كالدبكة والسهرة والتعليلة، ومن برامجه التوثيقية (حكايات وأغانٍ)، وله مساهمات متعددة في مجال الكتابة الدرامية إذ كتب عدة مسلسلات منها (الدخيلة- شيماء- دموع الأصايل- نغم على وتر- جحا 2003) ويكتب حالياً مسلسل (مجنون الشام)، وقدم دراسة مطولة عن الموشحات وتفصيلاتها تحت عنوان (الموشحات كنوزنا)، وشارك في أمسيات شعرية في عدد من دور الثقافة في القطر، إضافة إلى مشاركته كعضو لجنة تحكيم في مهرجان الأغنية السورية لأكثر من دورة، وقد كرمته وزارة الثقافة لمساهماته الكبيرة في مسألة الحفاظ على التراث غير المكتوب، وكرمته أيضاً هيئة الإذاعة والتلفزيون، واتحاد الصحفيين العرب في أمريكيا في لوس أنجلوس، والرابطة اللبنانية للأدباء، ونال العديد من الجوائز منها جائزة أورنينا لأربع دورات. ‏
وخلال العشر سنوات الأخيرة من حياة المطرب فهد بلان قدم له أغلب أغنياته وأشهرها: يومٍ على يوم، وكتب ولحن لأصوات سورية وعربية مجموعة من الأغنيات كأغنية ياسنين لالياس كرم وعلى موج البحر، وهي شارة مسلسل (على موج البحر)، وكتب ولحن للمطرب الأردني عمر العبدلات، إضافة إلى لبانة القصير، وأحمد الأحمد وبرهان القصير، واشتغل عدداً من الافتتاحيات الدرامية الغنائية والموسيقية منها (على موج البحر- مذكرات مدير مدرسة- صورة وأسطورة-). زارته دراما في مكتبه في جرمانا وكان لها هذا الحوار: ‏

عبر حوارتنا مع أغلب المتتبعين والموسيقيين والمهتمين بالغناء والموسيقا في سورية لاكتشاف الإطار التنظيري للأغنية السورية منذ بواكيرها الأولى، لمسنا الاختلاف التنظيري حول الأغنية السورية.. أين يجد سعدو ملامح الأغنية؟ ‏
تعيش الأغنية قديماً قدم الإنسان نفسه، لقد ابتدع الإنسان أغنيته الأولى وطور ألحانه، ولكن السؤال هنا عن تلك الأغنية التي لحنها وغناها أول مرة، ربما كانت مزيجاً من الأصوات تعبر عن دلالات معينة، ومع مرور الزمن ضبطت هذه الأصوات على شكل مقاطع لحنية، ومع ظهور الحضارات في بلادنا كان الإنسان قد اجتاز هذه المراحل للوصول إلى مراحل العلوم والفنون، والأغنية الشعبية غناها الناس نتيجة تأثير انفعالاتهم وانطباعاتهم الأولى،وجاءت صورة عن حياتهم، بدأت مرتجلة تحركها روح الدعابة والخفة، وانتهت إلى أن تصبح تراثاً شعبياً لابد من الوقوف عنده.. إن معظم أغانينا الشعبية جاءت من تراكم الحضارات التي مرت على سورية ومع تطورها تمّ استبدال اللحن أكثر من مرة واستبدال الكلمات أيضاً، ولكن لابد من وجود الأصل، وبرغم كثرة التعبير بالكلمات واللحن، ومن طبيعة سورية المختلفة بين الساحل والجبل والبادية أخذت الأغنية عدة ألحان تتناسب وطبيعة الناس والأرض، ولكن كيف انتقلت إلينا هذه الأغاني؟ انتقلت من استمرار الأفراح والأحزان والتواتر الشفهي والحفظ وهذا التراث الغني والمتنوع والجميل مع بعض التغيير والتحوير فجاءت أغنياته إلينا على شكل قصص تحمل الأسطورة في بعض الأحيان والحقيقة في أحيان أخرى.. لقد عرف القدماء ومن فجر التاريخ الطبول والأجراس والمزامير، وخاصة آلات النفخ فغنوا على أنغامها فطور الإنسان الغناء، فاستطاع إيجاد السلم الموسيقي، وللعرب الفضل الأكبر في إيجاده، أما المقاطع (دو-ري- مي- فا- صول- لا – سي)، فهي مقتبسة من المقاطع النغمية للحروف العربية، وتجمعها الكلمتان (در مفصل)، وهذه كثيراً ما نجدها في مصنفات لاتينية مشتغلة على كثير من المصطلحات العربية وهي ترجع إلى القرن الحادي عشر، والتي عثر عليها في جبل كاسينو الذي كان يقيم فيه العرب. ‏

تعد الأغنية أحد أهم أعمدة الفلكلور عموماً وهي الأساس الذي ينبع من تنوعه وأشكاله المختلفة كالحرف اليدوية والصناعات وغيرها، أين يلتقي هذا الفلكلور مع الأغنية السورية التي ظهرت في بدايات القرن العشرين؟ ‏
حين نتحدث عن الفلكور عموماً لابد من أن نتحدث عن الفلكلور الغنائي لسورية الطبيعية، إن التراث الغنائي السوري غني جداً، لأنه منتشر في البادية والجبل والساحل، وهذا أعطى لهجات ولكنات متعددة، فالتراث الغنائي السوري مختلف عن بقية بلدان الوطن العربي، فهو الأغنى والأكثر تميزاً نتيجة هذا التنوع، مثلاً ظهرت عدة ألوان غنائية قديمة ويمكننا أن نوصف (الدلعونا)، من أكثر تراثنا الشفهي، وفي البرنامج الذي قدمته (حكايات وأغانٍ) كان الارتكاز عليه شفاهياً أي أن مصادره الأولية هي من ذاكرة الناس، فحين كنا نصل إلى قرية أو بلدة أو مدينة نسأل عن مصدر أغنية يحفظها أحد كبار السن نصاب بألم شديد حين نعلم أن حافظ التراث توفي قبل ستة أشهر أي أن التراث الذي كان يحفظه ذهب معه، وهنا تكمن الخطورة أي أننا يمكن أن نفقد تراثنا في أي لحظة،ولكن لدي الكثير من الوثائق التي حصلت عليها تشير إلى أن الدلعونا جاءت من دلعنة آلهة الخصب والجمال عند الكنعانيين، فكان على كل اثنين قبل الزواج أن يلبسا هذه الآله الدلعانات، ومن هذه الدلعانات اختصرت هذه إلى الدلعونا التي عاشت فقط في بلاد الشام، ولم تتجاوز هذه المنطقة، وغنيت الدلعونا بأشكال مختلفة في بلاد الشام ففي الساحل كان لها لونها المميز، وفي المقابل كانت في السهل مختلفة، وكذلك في بقية الأماكن، واختلفت الكلمات من مكان إلى آخر، واختلفت الإيقاعات التعبيرية أيضاً، لأن إيقاع البادية غير إيقاع السهل وغير إيقاع الجبل، وهذه الميزة مستمرة حتى وقتنا الحالي، وعلى ملحنينا أن يستفيدوا من اللحن الأساس لهذه الأغنية، لأنه اللون الغنائي السوري المميز، ومن هنا أقول: أنا لا يمكنني وصف هذا اللون من الغناء بأنه غير سوري، فهو غناء سوري لم يتجاوز حدود سورية الطبيعية، إذاَ الأغنية السورية موجودة منذ مئات وآلاف السنين، ولدي وثيقة تشير إلى أن الأغنية موجودة منذ 1400 قبل الميلاد، هذا بالنسبة فقط للدلعونا وإذا عدنا إلى الموليا فهي موجودة من أيام العصر العباسي، وهي ترجع تحديداً إلى ما بعد معركة (الطّف) وخسارة البرامكة إذ خرجت إحداهن وقالت الموليا فاعتمد هذا اللون، وانتشر من العراق إلى سورية الطبيعية كلها ومن ثم انتشر في كل بلدان العالم نتيجة الاغتراب إلى أمريكا اللاتينية، فالموليا تغني في البرازيل وتسمى بـ (المولاتة)، وقال أحد المستشرقين إن هذا اللون جاء من سورية، ولنرجع أكثر إلى أصول الغناء عند العرب فإننا نجد أن الحداء هو لون غنائي كان يغنى على إيقاع الجمل ثم على إيقاع الخيل، وهذا اللون مازال يغنى حتى وقتنا الحالي، وهناك السويحلي والنايل والعتابا والزلف، هناك كتلة كبيرة جداً من ألوان الغناء في سورية عاشت ومازال بعضها حتى هذه اللحظة، وأيضاً هناك الموشح العربي الذي قدمته في برنامجي (نغم ووتر) فدرست الموشح منذ بداياته الأولى لأجيب عن السؤال الإشكالي وهو (هل الموشح مغربي أم مشرقي؟)، فتبين أن الموشح أصله مشرقي غادرنا من المشرق إلى إسبانيا، وهناك استفادت منه فرق التريبيدور التي كانت تأتي على شكل فرق جوالة، واستسهلت ألحانه وطريقة كتابة الشعر الذي يتميز بالكلمات الخفيفة، فالموشح مشرقي عاش في سورية ومازال، لكنه أيضاً موجود في أغلب بلدان الوطن العربي. ‏
كل هذا الذي قلته يؤكد أن الأغنية السورية بأشكالها المختلفة موجودة منذ آلاف السنين، وكل من يقول عكس ذلك فهو يجهل التاريخ، وحين يقول: أحدهم إنه لا توجد أغنية سورية بل توجد أغنية عربية بلون سوري فإن وقْعُ هذا الرأي صعب على ذاتي، وكأنه يفسر على أن سورية لا يوجد فيها غناء، فالذي لا توجد عنده أغنية أعتقد أنه بلا هوية. وهناك الكثير من الأغاني الموجودة في سورية، لنأخذ الأهزوجة السورية التي بدأت من الحداء في الحروب على الجمال، وأصبحت تغنى في الأفراح والمناسبات الدينية والدنيوية. وهناك غناء في سورية وتراث غنائي وفلكوري مهم جداً يجب البحث عنه وأرشفته.وأعتقد أن أهم وثيقة مصورة بالصوت والصورة للأغنيات والفلكلور الشعبي الغنائي في سورية هو برنامج (حكايات وأغان) التي اعتمدته اليونسكو ليكون المرجعية الأساسية لهذا التراث، لأنه لا توجد وثيقة مصورة للتراث في سورية، برغم أن أغلب بلدان العالم لديها وثائق من هذا النوع. ‏

هل استفاد الموسيقيون والمغنون السوريون من هذا التراث المتنوع، وما وجه الاستفادة؟
كل إنسان ابن بيئته وابن وطنه بالدرجة الأولى، والمبدع الذي ارتبط بتراثه الموسيقي نجح في استمراريته، لأنه حمل هوية هذا التراث الموسيقي، أنا أنتمي إلى هذا التراث إذاً فمن الطبيعي أن أكون استمرارية لهذا التراث، فنجيب السراج أغلب أعماله خرجت من هذا التراث كأغنية (عاللا اللا)، وهي تغنى أساساً على مقام البيات، لكن نجيب السراج غناها على مقام العجم، ونتيجة هذا التغيير أعطاها بعداً جمالياً مختلفاً، برغم أن جذرها الأساس هو تراثي، ونجحت الأغنية وانتشرت بين الناس، وهي إلى الآن تغنى في كل أنحاء سورية،هل أستطيع أن أقول عن هذه الأغنية إنها ليست سورية ؟ وهل هي لون غنائي خليجي أو مصري أو سوداني؟. ‏

من هنا أريد أن أوضح وجهة النظر الأخرى التي تقول: إن الأغنية السورية هي لون من ألوان الغناء العربي، أي إنه لا توجد أغنية سورية بل هناك أغنية عربية بلون سوري ماذا تقول في هذا الرأي؟
إذا قلنا عن أغنية معينة إنها طربية هل هذا ينحصر في الغناء الطربي المصري، فهناك أغان طربية مصرية، وأخرى سورية، وسودانية، ولبنانية، وإذا قلنا إن هناك طقطوقة مصرية فهناك أيضاً طقطوقة سورية ولبنانية..إلخ، لكن لدي ملاحظة حول تفسير الطقطوقة، وهي تعرف على أنها تتألف من مذهب واحد واثنين كوبليه، وتغنى بلحن خفيف، وهي سميت بهذا الاسم الذي لايعبر عن حقيقتها، فحين أقول عن أغنية (عاللومة اللومة) التي سجلت في 1951 في الإذاعة السورية على أنها طقطوقة ومازالت حاضرة حتى هذه اللحظة فهي أهم من الكثير من الأعمال الموسيقية والغنائية الميتة، ومفردة الطقطوقة أتت مستوردة لأننا لا نقول عن الأغنية الشعبية إنها طقطوقة، الأغنية الشعبية هي تراث أجدادنا وروحنا وذاكرتنا وهي موجودة قبل هذه التسميات، وأكثر بكثير فهناك قصائد من حضارة أوغاريت، ولدي قصيدة بعنوان (السلام) وجدت منوتة، وهذا يدل على أن أول نوتة وجدت في التاريخ في مدينة أوغاريت 1400 قبل الميلاد، هذه النوتة التي اكتشفت في الخمسينيات على يد العالم الفرنسي هيو مون، تراثنا الشعبي، وأغانينا الشعبية جميلة جداً وجمالها يكمن في تنوعها وغناها، ولا نريد أن نربط الماضي الجميل بما يحدث الآن، لأن الربط خطير جداً فقد يأتي (شعرور) ويكتب أغنية ويأتي بلحن لاتيني أو تركي أو يوناني ويجعل منها أغنية يسميها أغنية سورية، بلا هوية، وتالياً، إذا أصبحنا على هذه الحالة ومع مرور عشرات السنين نصبح بلا أغنية وبلاهوية غنائية، الأغنية السورية الأصيلة حتى هذه اللحظة موجودة ومستمرة في التلقي والحياة. ‏

سوف أعود معك إلى فترة اشتغالك على التراث الغنائي والموسيقي في سورية، هل يمكن أن تحدد جذر الأغنية السورية التي ظهرت في الستينيات والسبعينيات من خلال هذا الاشتغال؟ ‏
أعتقد أن هذا الموضوع عريض وكبير.. لنأخذ بعض الأسماء التي اشتغلت وأبدعت في إطار الأغنية السورية وارتكزت على التراث كتجربة فهد بلان.. تلك التجربة التي بدأت من الفلكلور الجبلي السوري، وكذلك نجيب السراج الذي انطلق من فلكلور وتراث حماة الغنائي، ومعن الدندشي، ورفيق شكري والكثير الكثير من هذه الأسماء التي كان لها حضورها في عالم الغناء والطرب وقتذاك كلها تأثرت بفلكلورها وهويتها الغنائية، ولنأخذ أيضاً مثالاً آخر وهو (السويحلي) نجد أنه انطلق من الفرات وتحديداً من أعلى الفرات حين كان يركب الناس القارب من انطاكية ويمشون مع جريان النهر، ولكن حين يعودون للفرات الأعلى فإنهم يمشون عكس التيار، ونتيجة التعب والإرهاق فإنهم ينزلون عن القارب ويباشرون بسحل المركب، ومن فعل السحل هذا كان يخرج شكل الغناء وهو السويحلي المعروف، وهناك من يقول إن السويحلي يرجع إلى تصغير كلمة الساحل سواء كان نهراً أو بحراً، وهناك الكثير من الألوان أيضاً كالنايل والعتابا وغيرها، وهذه الألوان الغنائية هي متداخلة بعضها ببعض، لكن لكل مكان وبيئة تراثها الغنائي الذي يميزها، فتراث شرق الأردن وفلسطين يختلف عن بلاد الشام، بل وهناك اختلافات ضمن المنطقة الواحدة أحياناً، فتراث دمشق المدينة الغنائي يختلف عن تراث الغوطة الغنائي وتراث مدينة حماة يختلف عن تراث ريفها، وهكذا فالتنوع والفسيفساء أو الكريستال الغني للتراث السوري يعطيه ديمومته وثراءه واستمراريته، فالدلعونا غنتها كل هذه الأنواع من التراث الغنائي، كل بطريقته ولكنته ولهجته الخاصة، وتالياً روحه الخاصة، وهذا ينطبق على أغلب أشكال الغناء في سورية. ‏

لكن هذا التنوع وهذا الاختلاف في التركيبة والبنية في الغناء ألا يعطيان شكلاً غامضاً وغير واضح للغناء في سورية؟
إني أنظر إلى هذا الثراء في التراث والتنوع من ناحية إيجابية، فأنا سجلت لحن الموليا لأكثر من أربعة عشر لونا وتم أداؤه على ستة مقامات موسيقية، وأساسه ينطلق من مقام واحد، ففي الرقة والجزيرة تغنى الموليا على مقام صبا، والميجانا والزلف أيضاً تختلف حتى طريقة الدبكة من مكان إلى آخر، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل هذه النماذج من الأغنيات سورية أم لا؟ أعتقد أن الإجابة عنه ينطلق من وجودها في ذاكرة الناس وتواصلهم واستمراريتها حتى وقتنا الراهن. وهل غنى الزلف أشقاؤنا المصريون أو المغاربة أو السودانيون، وحين اشتغلت أغنية (يوم على يوم) لفهد بلان حاول الكثيرون أن ينسبوها إلى التراث، وهي أغنية جديدة تختلف عن التراث الغنائي بأربع علامات إضافية، وهي ليست تراثاً، ولكنني أشبه أبي وأبي يشبه جده، وتالياً، أنا ابن هذه الموسيقا وهذا التراث، وأنا لم استعر موسيقا من اللاتينية أو التركية أو اليونانية لأقدمها بطريقة جديدة، أنا كتبت ولحنت من مخزون ذاكرتي الغنائية التراثية. ‏

إن الأصوات الغنائية المعاصرة في سورية بدأت تأخذ منحى جديداً عبر أدائها بعض الأغنيات التراثية كتجربة لينا شمميان، ما رأيك في هذه التجارب الجديدة؟ ‏
أنا لست ضد التطور، لكن هناك أصلاً للغناء فإذا اعتمدت هذا الأصل فيجب أن أتطور، ونحن في زمن مختلف، فلا يمكنني أن أطلب من الجيل الجديد أن يستمع إلى أم كلثوم مساء كل يوم فالإيقاعات تطورت وأنا مع هذا التطور بما لا يسيء للأذن والأصول الموسيقية، والكثير اشتغل على التراث وطوره وانطلقوا خارج سورية ولنأخذ مثلاً تراث الساحل السوري فهناك كثير من الأصوات التي اشتغلت على هذا التراث وطورته ووصل إلى العالم لأنه أصيل وجميل والقلة القليلة من الشعراء (شعراء الأغنية) مازالوا محافظين على الأصالة لكن الكثير للأسف يتماشى مع سوق الأغنية التجارية فيأتي بألحان تركية أو غربية أو كوكتيل من الألحان ويركب عليها كلمات تتماشى مع السوق. وهناك من يقول إن أغنياتنا السورية الأصيلة لاتصل إلى الخارج وهذا كذب، لأن تراثنا الفني بدأ الغرب الآن يأخذ من أشكاله، حتى الشعبية منه. ‏

في رأيك ما الحل للحفاظ على التراث الغنائي أولاً؟ وكيف نوصل أصواتنا للمؤسسات المعنية؟
يجب أن يكون لدى المؤسسات المعنية لجان ردع، وللأسف وسائل الإعلام لا توجد فيها وسائل ردع أمام مئات المحطات الغنائية والموسيقية المبتذلة، وأي أغنية مهما كانت رديئة تقاس بحجم المبالغ المادية التي تدفع للقناة الفضائية لتبثها عشرات المرات في اليوم، والأذن بطبيعتها تعتاد الاستماع لهذا المبتذل من الغناء، والدليل على اعتياد الأذن للاستماع للموسيقا سوف أروي لك هذه الحادثة: حين اشتغلت على الموشحات احتاجت هذه الموشحات عشرات الساعات يومياً من العمل بين التصوير والبروفات والتسجيل فأصبح أغلب الفريق الفني من مصورين ومخرج ومساعد مخرج بعد أيام من التصوير يرددون أغلب الموشحات ذاتها التي بدأنا في تصويرها، فالأذن تعتاد الاستماع، وحين نعوّد الجيل الجديد على الاستماع للأصيل فمن الطبيعي أن يستمتع به. ومسألة الحفاظ على التراث مسألة وطنية فهو أمانة،وقد وثقت أغلب الشعوب تراثها الغنائي. ‏
ولدينا تجارب اشتغلت على التراث وأغنياته،لكنها نسبت هذه الأغنيات التي عمرها مئات السنين لإبداعاتهم الخاصة، وهذا خطأ كبير يرتكبه المبدعون، فلا يمكنني أن آخذ أغنية عمرها مئات السنين وأنسبها لنفسي، وفي المقابل لدينا أصوات جديدة في سورية لكنها وصلت إلى الخارج قبل أن تنجح وتنتشر في وطنها الأم، وهذا يدل على أن هناك مشكلات معينة لها علاقة بشركات الإنتاج والتسويق، ولا تتبنى هذه الأصوات بشكل جيد وكل من يعتمد على المحطة الوطنية يمكن أن يصبح نجماً لأن المحطة الوطنية منوعة ومتعددة البرامج. ‏
ومن هذا المنبر أريد أن أقول: في زحمة المحطات الغنائية العربية أتمنى أن تكون هناك محطة فضائية خاصة للغناء والموسيقا في سورية وتسمى «سورية موسيقا» كما سورية دراما وسورية أخبار إلخ، وهذه المحطة (سورية موسيقا) هي محطة رابحة حكماً لأنها تنتشر بسرعة بين أوساط الشباب وتجذب الكثير من الشركات المعلنة وفي المقابل المطرب السوري يذهب إلى محطات ويدفع الكثير من الأموال ليضمن بث أغنيته فيها، بينما لو وجدت محطة وطنية موسيقية لاختصرت الطريق أمام هذا النجم وفتحت له باب الشهرة والنجومية.‏

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“ياسهل حوران” أغنية أصبحت من التراث

 معين حمد العماطوري

«من يتذكر حنين البيئة التراثية لجبل العرب بأغنية “غالي علينا يا جبل” و”يوم على يوم” وعشرات الأغاني التي صدح بها صوت الرجولة الراحل “فهد بلان”، يعلم أن وراء تلك الأغاني والكلمات المعبرة الحاملة نفحات الماضي ورائحة تراب الجبل موهبة فنية خلاقة».

تكبير الصورة

الشاعر والملحن وكاتب الدراما “سعدو الذيب” قدم للمكتبة الموسيقية أكثر من مئتي أغنية من كلماته وألحانه، وكتب العديد من المسلسلات الوثائقية والدرامية البدوية.

الحديث كان للمخرج المسرحي الدكتور “تامر العربيد” وتابع بالقول: «هو ذاك الصوت الشجي القوي الذي تستمع إلى قصائده الشعرية فتجد فيها “عمار يا سورية عمار”.

لعل “سعدو الذيب” الشاعر الذي كتب القصيدة مبكراً، وحمل معاناته على أكتافه، ليحلق فيها بفضاء الزمن الرحب، مغرداً بين أسراب الحمام، ناقلاً ثقافته المحلية التي اكتسبها من أرض السويداء، المدينة التي لم تعرف يوماً إلا البطولة والشهامة وضعت حجارتها البازلتية الصلبة بوجه الرياح وصدت بها غزوات الاستعمار العثماني، وحملات الفرنسيين، وفي مضافاتها المشرعة بالحب والود والوئام، نهل “سعدو الذيب” ثقافته الاجتماعية، بعد أن لعب على تراب بيادرها وتنشق هواءها، وهو يستمع إلى ناي رعيانها، وأهازيج شيوخها، وزغاريد نسائها، وحداء فرسانها على خيولهم، لم تمحها عتابات السنين، بل غرد وصدح من غبارها “جتنا تبرقع”، و”شيالوا”، وحنيت الك حنيت”، وعانقت كلماته وألحانه صوت الرجولة الراحل “فهد بلان” مدة عقد ونيف من الزمن، ليقدم معه أكثر من عشرة أعمال ختم الأخير حياته بها وخاصة في أغنيتيه “عالبال بعدك يا سهل حوران، وغالي علينا يا جبل”.

رحل “فهد” وهو يغني “يا شام” التي سجلت على شكل بروفا، واستمر “الذيب” يقدم أفلاماً وثائقية نافحاً من مخزونه الثقافي الكثير من الأعمال الإبداعية، خاصة أنه كاتب دراما من النوع المميز، وشاعر له مع القصيدة حكايا، بادئاً مشواره الجديد “بعمار يا سورية عمار”».

وحول أغنيته “عالبال بعد يا سهل حوران” بين الكاتب الكبير “حنا مينة” رأيه فيها بزاوية كتبها في جريدة تشرين السورية بعنوان “من البحر إلى الجبل” قال فيها: «لقد فتنت إلى حد الإدهاش من عبارة “شرشف قصب ومطرز بنيسان”، وسعيت لمعرفة الشاعر الرقيق، العذب، حلو الشمائل الذي قالها، فإذا هو الصديق الصدوق الذائب كسكرة الندى الكف كحاتم الطائي، الحافظ للمودات كحبة القمح التي منها وفيها يضرب المثل وتتجلى حكمة العطاء السرمدي، عنيت به الأستاذ والأخ ورفيق الدرب الطويل بغير قياس “سعدو الذيب”، “عالبال بعدك يا سهل حوران، شرشف قصب ومطرز بنيسان” وأن يكون هناك شرشف قصب فهذا من خيال وتخييل عجيبين في دنيانا، وفوق هذا أن يكون هذا الشرشف القصبي المطرز بنيسان موجوداً في حياة أمة إلى العروبة منتماها ومفداها فإن ذلك من الابتكارات النادرة في حياتنا كبشر».

وفي اتصال هاتفي مع الأستاذ “محمود دويعر” المعاصر والصديق للشاعر “الذيب” قال: «هناك جانب في “سعدو الذيب”، لم يلق الضوء عليه في أقلام الصحافة، وهو أنه فنان وملحن وشاعر وكاتب دراما، إلا أنه ينطوي على حالة من الإنسانية، والعاطفة الجياشة بشكل كبير، إذ تراه يبتسم وقد لا يكون في جيبه ثمن ربطة الخبز، رغم زحمة الأماكن والفضاء الرحب الأوسع لمغريات الحياة، لكنه يأبى ذلك عند رؤية طفل يردد

تكبير الصورة
الدكتور تامر العربيد

أغانيه أو أشعاره، يكبر كالجبل، وهو يعتز بانتمائه إلى جبل العرب بشكل لا يوصف، لا ينكر أصدقاءه، ولذلك قال عنه الشاعر الكبير “محمد الماغوط”: “شعر “سعدو الذيب” وألحانه هي الأقرب إلى الروح”، لأنه شعر بحس الشاعر بأنه ينطوي على جمالية خاصة في روحه الإنسانية، لذلك “ارتفع سعدو” بفنه وإبداعه وتواضعه وإنسانيته إلى مصاف جبل العرب».

حول حياته وبداية أعماله الفنية أوضح الشاعر والملحن وكاتب الدراما “سعدو الذيب” لموقع eSwueda قائلاً: «في جبل العرب الذي له مع التاريخ شأن، وفي جو مجتمع يسود بخلجاته المحبة والتشارك ضد ظلم الحياة، كانت ولادتي عام 1954، في كنف أسرة كان الفقر عنوانها، والمحافظة على القيم والأخلاق الاجتماعية شعارها، الأسرة التي ربتني على الأمانة، والكرم، والشهامة، حيث درست في المدارس الابتدائية بقرية “دوري”، والإعدادية والثانوية في السويداء، وخلال أيام الثانوية كتبت أولى مقالاتي بعنوان “على الرصيف” في مجلة “جيش الشعب”، لأدخل جامعة دمشق كلية الآداب قسم الفلسفة، وأنتقل بعدها إلى دول الخليج العربي، عاملاً في حقل الثقافة بجريدة “اليوم” لمدة ثلاث سنوات كتبت بها الخواطر والشعر، ثم اتجهت إلى الأعمال الحرة لأعود إلى بلدي “سورية” عام 1986، ليكون لقائي مع الفنان الراحل مطرب الرجولة “فهد بلان” المحطة الجديدة في حياتي، إذ بدأت بكتابة الأغاني وتلحينها، وأول تجربة لي كانت أغنية “جتنا تبرقع” غناها الفنان “داوود رضوان”، لأبدأ مشواري الفني بخطا واثقة مع الراحل “فهد بلان” بأغنية “عالبال بعد يا سهل حوران” التي حصلت على إعجاب كبير من الجمهور وأصبحت من التراث الغنائي السوري، وخلال ثلاثة عشر عاماً قدمت مع الراحل “فهد” ثلاث عشرة أغنية، وكنا على موعد مع مشروع وطني يشمل المحافظات السورية بعد أن بدأنا في السويداء بأغنية “غالي علينا يا جبل” ثم في محافظة دير الزور بأغنية “سلامين” والتي أقول فيها “سلامي للي مفارقوا سلامي لهل الدير”، لكن يد المنون كانت بالمرصاد للكبير الراحل “فهد بلان”».

ولدى سؤاله عن بدايته في كتابة الدراما قال: «بعد أن تعرفت على “فهد بلان” عام 1986، سافرت عام 1988 لمدة عامين إلى “دبي” ومنها انطلقت بكتابة الدراما حيث طُلب مني أن أكتب مسلسلاً بدوياً، لأني أحب أن أكتب خاصة أني عشت في البادية وتعلمت اللهجة ومفردات الكلمات المستعملة وبعض العادات والتقاليد الهامة من خلال وجودي في السويداء التي تقرض الشعر الشعبي باللهجة البدوية، وهي المحاذية للبادية وحدودها في جوانب عديدة ترتبط بالبادية، لهذا كتبت سيناريو وحوار لمسلسل “الدخيلة” وقد مثل فيه نجوم الدراما السورية، وقد حصل العمل على جائزة أفضل عمل عربي في محطة “دبي” ضمن استفتاء لجريدة الخليج، وكان ذلك موازيا لعملي في تأليف الأغاني والألحان.

بعد ذلك رجعت إلى سورية عام 1990، لنقدم الأغنية التي حققت جماهيرية واسعة وهي “يوم على يوم” بصوت “فهد بلان”، ثم أعمال أخرى منها “شيالوا، وحنيت، وقسمة

تكبير الصورة
مع الراحل فهد بلان

ونصيب، يا طير، سفرهم طال، ترحل ولا كلمة وداع، طيور السما، دمعي اليوم، دنيا، وغيرها”، في تلك الفترة ما بين عامي 1989 و1997 قدمت من المسلسلات الوثائقية والدرامية “شيماء، دموع الأصايل، نغم على وتر، جحا 2003، ودراسة معمقة في الموشحات وتفاصيلها منذ العصر الأندلسي حتى يومنا وهو بعنوان “الموشحات كنوزنا” و”مجنون الشام” و”حكايات وأغاني على البال” وثقت فيه التراث الغنائي السوري، إضافة إلى أعمال أخرى».

وعن تحوله من الشعر الفصيح إلى المحكي، وانتقائه للشخصيات في الكتابة الدرامية أوضح “الذيب” بالقول: «في الشعر الفصيح كانت بدايتي، وبعد أن كتبت العديد من القصائد ونشرتها في مجلة “اليوم”، وجدت نفسي أميل نحو الشعر المحكي، ذلك لأنني لم أجد حاجزاً بيني وبين الناس الذين يحبون العامية من الشعر، وربما كان الأقرب إلي، لأن الكلمة البسيطة تدخل الأفئدة دون استئذان، وأنا من خلال كتابتي للأغنية الشعبية الدارجة وجدت أن كلماتي تدخل القلوب، إذ ما ندر أن أجلس في مقعد أو مجلس شعبي داخل سورية وخارجها إلا وأجد كلماتي تتردد على الشفاه، الأمر الذي دفعني إلى الميل نحو المحكي من الشعر، وفي النهاية القصيدة هي التي تكتبني لأنها تعيش في مخيلتي كثيراً حتى تخرج إلى النور، وآخر قصيدة مصورة كتبتها كانت “عمار يا سورية عمار”، أما الدراما وخلق الشخصيات الدرامية وحبكتها أرى أن كاتب الدراما عندما يكون شاعراً، أو قاصاً، أو روائياً، تكون لديه تخييلات سردية قادر فيها على معالجة الشخصيات وإيجادها في الأمكنة المناسبة، ومعالجتها معالجة درامية بحبكة فنية تجعل من حركة الشخصية معنى وفعلاً، وهي تمكن المخرج من إعطاء العمل بعده الفكري والثقافي أكثر، فأنا مازلت أبحث في زوايا صخورنا البازلتية وبين شقوقها حكايا الأهل والأجداد لأكون لها موثقاً لأنني على يقين أن تحت ذرة تراب كل أرض سورية حكايا للبطولة والنضال، والتاريخ لم يستطع تدوينها بشكلها الأمثل».

لمحة توثيقية:

في مجال الأغنية الشعبية الدارجة كتب ولحن أكثر من مئتي عمل موسيقي قدمها بأصوات “الراحل فهد بلان، والراحل فؤاد غازي، الياس كرم، عمر العبد اللات، سمارة سمارة، برهان القصير، كنانة القصير، محسن غازي، أحمد الأحمد”، وغيرهم. وحالياً منهمك في تقديم سبعة أغاني للأطفال.

وفي مجال كتابة الدراما قدم تسعة أعمال منها: “الدخيلة” وهو مسلسل بدوي، ودراسة مطولة عن الموشحات وتفصيلاتها تحت عنوان “الموشحات كنوزنا”، و”دموع الأصايل” باللهجة البدوية، ومسلسل “العود” وهو الرجل الكبير أو كبير العائلة، وعمل بدوي “شيماء”، وعمل كوميدي بعنوان “جحا 2003″، و”نغم على وتر” بطولة فنان الشعب “رفيق سبيعي” و”اندريه اسكاف”، و”أحلام على الورق”، ومسلسل جديد “مجنون الشام”، إضافة إلى “حكايات وأغاني على البال” وهو وثائقي عن التراث الغنائي السوري.

أما الأفلام الوثائقية فقد قدم سبعة أعمال وهي: “خيال يرمح على الشمس، وعد، طريق إلى ميسلون، رجالات الثورة، على الرصيف الآخر، شيخ الفنانين، وفيلم عن الكاتب

تكبير الصورة
سعدو الذيب أثناء عمله الموسيقي

الراحل “ممدوح عدوان”.

وهناك شارات موسيقية تصويرية لمسلسلات قدم ثلاثة أعمال “على موج البحر، صورة وأسطورة، مذكرات مدير مدرسة”، كما كتب في مجلة “أصداء فلكية” لمدة عام في صفحة الأدب والشعر.

له مشاركات في أماسي شعرية في عدد من دور الثقافة في بلده سورية بدعوات خاصة من دور الثقافة بالمحافظات، إضافة إلى مشاركته كعضو لجنة تحكيم في مهرجان الأغنية السورية لأكثر من دورة، كرم من قبل وزارة الثقافة لمساهماته في الحفاظ على التراث اللا مادي، كذلك كرمته هيئة الإذاعة والتلفزيون، واتحاد الصحفيين العرب في أمريكا في لوس أنجلوس، عندما أقام بها أمسية شعرية، والرابطة اللبنانية للأدباء، ونال العديد من الجوائز منها جائزة “أورنينا” لأربع دورات، عدا مشاركته في مهرجان “طرطوس”، ومهرجان الجبل الأول الذي قدم فيه أمسية شعرية وأغنية المهرجان.

لعلنا نتساءل كيف يمكن لكاتب الدراما وشاعر وملحن، مثل “سعدو الذيب” أن يجمع أطراف الموهبة من جوانبها لو لم تكن موهبته فطرية، ربما سؤال يترك لأصحاب المواهب والخبرات الفنية، أين وإلى متى في زحمة الألقاب…

من almooftah

اترك تعليقاً