​​​​​​​​​​​​​
ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-42- نوري عبدالدائم
*****************​​​​*********************​​​​​​

منصور بوشناف …
” أنا ابن المسرح الإنساني ومسرح “العبث”جزء من تكويني ”
حوار/ حواء القمودي

منصور بوشناف .. ليس أكثر من اسم يحاول أن يقدم شيئاً في عالم المسرح وفي المشهد الثقافي الليبي ، لكن هذا
الاسم يصنع تميزه ويشير إلى تفرده ، في حوارنا معه حاولنا التوقف عند تجربته المسرحية ، ونبشنا معه (حوار
البدايات) حيث الشغف بالمسرح ، بعض هذه الأسئلة اقترحها الصديقان الشاعر الناقد أحمد بللو صحبة نوري
عبدالدائم، وفي الجزء الأول من هذا الحوار سنقرأ عن (البداية) حيث (مدرسة مصراته المركزية) واكتشاف العالم
الساحر الذي اسمه (المسرح) … ثم الفوز بجائزة النص المسرحي عام 1973 ليصبح منصور بوشناف بعدها أحد الذين
شاركوا في تأسيس المسرح الجامعي ببنغازي عام 1974 مسيحي واتمنى أن يكون هذا الحوار إثراء لاحتفائية (أويا /
الفني) بمئوية المسرح الليبي …
أويا – هل في الذاكرة حيز لبداية الشغف بفن المسرح ؟
– كانت البداية عام 1965 بالمدرسة الابتدائية وقد اختارني لأكون عضوا بفرقة المسرح المدرسي “بمدرسة مصراته
المركزية” الأستاذ “إبراهيم الكميلي” واكتشفت أثر تلك التجربة عالماً ساحراً هو عالم المسرح ومنذ ذلك الزمن
ظللت ابناً للمسرح وإن ابتعدت أو حاولت الابتعاد عنه .. كنت عندها تلميذاً بالصف الخامس الابتدائى وكان المسرح
بمصراته يشهد نشاطاً كبيراً ، فكان المسرح المدرسي ومسرح النوادي ، كانت المؤسسات الاجتماعية والثقافية تهتم
بأن يكون لها نشاط مسرحي ، لذا حظيت وجيلي باهتمام أساتذة مخلصين لمشاريع ثقافية نهضوية .. بالمرحلة
الإعدادية بدأت أحاول الكتابة، وأصبحت عضواً عاملاً بالمسرح الوطني بمصراته وأنا بالأول ثانوي ، دون التوقف عن
العمل بالمسرح المدرسي ، وشاركت في المهرجانين الوطنيين الأول والثاني، وكذلك في مهرجان المسرح المدرسي على
مستوى ليبيا في طرابلس في دوراته الأولى … إلى جانب التدريب والدورات بالمسرح الوطني، كانت مكتبة المسرح
الوطني بمصراته والتي عملت أميناً لها لفترة ، معلماً حقيقيا لي فلقد وفرت لي زاداً معرفياً ممتازاً فيما يخص
النص العربي والعالمي إلى جانب الدراسات والتاريخ وكل ما يتعلق بالمسرح في تلك الفترة ..
وعرض نصي الأول (صراع) وأنا بالأول ثانوي ثم فزت بجائزة النص المسرحي التي نظمتها الهيئة العامة للمسرح
والموسيقا عام 1973مسيحي، وبدأت أنشر بالصحافة خاصة بالفجر الجديد والرأي والعمل ثم البلاغ ومجلة الإذاعة ،
عام 1974 شاركت في تأسيس المسرح الجامعي ببنغازي وأعاد تمثيل مسرحيتي (صراع( .
أويا – المسرح الليبي، هل له خصوصية تميزه عن المسرح في الوطن العربي؟
– رغم كل الظروف يتمتع المسرح الليبي بخصوصية مهمة وهي التزام بقضايا شعبه وأمته وتقديمها بشكل شعبي قريب من
الناس، على عكس غالبية المسارح العربية حيث ينقسم المسرح إلى تيارين ، إما مسرح مثقفين معزول عن الناس أو
مسرح تجاري تافه .
أويا- كيف تنظر لتجربتك في الكتابة المسرحية ؟ ثم ما الحلم أو الطموح الذي تسعى إليه من خلال هذه الكتابة؟
– تجربتي في كتابة المسرح سارت في خطين متوازيين الأول كان – النص المسرحي – الذي كتبته دون اهتمام بالعرض
المسرحي ، وكان همي الأول فيه كتابة الحوار الدرامي وما يمكن للغة أن تقدمه ، وغالبية هذه النصوص كتبت
بالفصحى. أما التجربة الأخرى فكانت كتابات للعرض المسرحي وكتبت جميعها باللهجة وتركت مساحة للمخرج وللممثل
للمساهمة في تطوير النص وكتابته .. وأنا أكتب لأنني أريد الكتابة، وأطمح أن تكون كتابتي المسرحية مساهمة ولو
صغيرة لكتابة مشهد ليبي مسرحي حقيقي ، مع احتمال الفشل والنجاح ومع إيمان بأنني لن أحقق ذلك إلا مع مخرج
وفنيين وممثلين وإدارة ، الأهم مع مناخ يتوفر فيه حوار اجتماعي شفاف ..
أويا – علاقة الكاتب المسرحي بمخرج العمل … كيف تراها ؟
– لا أومن بقداسة النص ، وأحرض على نزع القداسة عن أي نص ، لذا أرى المخرج كاتبا للنص، والممثل ومهندس
الديكور، ومصم الملابس والموسيقي كلهم شركاء في هذا الحوار الاجتماعي الذي نسميه النص المسرحي والعرض المسرحي

أويا – لماذا يغيب المسرح في ليبيا عن العام كله .. ولايحضر إلا في المهرجان!!
– مهرجان المسرح الوطني في ليبيا صار هو المسرح ، إنه غرفة الإنعاش والحاضنة للمسرح في ليبيا ، ولو توقف هذا
المهرجان لمات المسرح في ليبيا ، إنه المسرح الليبي الآن ، وذلك نتيجة لسيطرة التلفزيون وتخلى الجمهور عن
المسرح وتلك ظاهرة واضحة في البلدان المتخلفة فقط ، حيث يسيطر التلفزيون وتغيب كل الفنون الأخرى ، كالمسرح
والسينما والكتاب والتشكيل …يغيب الحوار الاجتماعي الحي والشفاف والنتيجة غياب المسرح، لذا يصبح مهرجان
المسرح ندوة اجتماعية تنظم وتعقد في مكان وزمان محددين ثم تنتهي أعمالها حتى ندوة أخرى ..!!
أويا – كتاب المسرح ليبيا (البوصيري – القويري- الأمير- بوبكر حميد- قناو وغيرهم) ماذا تقول عن هذه التجارب
؟!
– كُتاب المسرح في ليبيا ،(البوصيري – القويري- الأمير- بوبكر حميد- قناو – تجارب مهمة في المسرح الليبي
والمسرح العربي ، عبدالله القويري لم ينل الاهتمام اللائق به من المسرحيين الليبيين، ربما لأنه لم يكتب وفقاً
لنماذج جاهزة وأساليب معروفة، والبوصيري عبدالله كتب المسرحية الفصحى كأى كاتب عربي متمكن وهو تجربة مهمة تمتاز
بالنضج والالتزام بمعايير المسرح الذي ينتمي إليه … وقناو تجربة مهمة في المسرح الاجتماعي وفي بناء الحوار
المتقن .
أويا – ما يمكن أن نسميه (مجموعة المجر) بوفاخرة – الزني – كحلول – سرقيوة – بوشعالة- فرج بدر، ماذا تقول
عنهم؟!
– (مخرجو المجر) منهم من قدم تجربته وتطور، ومنهم من ظل يلوك “علكة” التجديد والتطوير دون عمل.
أويا:-“الإرث”المسرحية التي كتبت بعد توقفك..مليئة بالعنف والمواجهة؟!
– الإرث مسرحية “الخاص والعام”مسرحية الماضى والحاضر،صدام بين التكوينين والزمنين،كتبت المسرحية عام 1989من
القرن الماضى،وفيها تحسس لعنف هذا الصراع الذي قد يحرق البيت والإنسان وأعتقد أن تسعينيات القرن الماضي
وبدايات هذا القرن دلت على نتائج هذا الصراع وتمظهراته..
وهي مسرحية علاقتنا كأفراد بالإرث..إرث القبيلة وصراعه مع إرث “البيولوجيا”وقوانين الحياة الطبيعية التي لاتلقى
لإرث القبيلة بالاً..
الإرث مسرحية تخيفني حين اقرأها الآن ولكنها مسرحية صادقة..
أويا:تبدو في مسرحك مهجوسا بعلاقة الرجل بالمرأة..ولديك إعلاء لقيمة الأسرة..حتى إن بدا غير ذلك؟!!
-ظلت علاقة الرجل بالمرأة حجر الأساس في تاريخ البشرية،إن شكل المجتمعات ومستواها الحضاري لا أبالغ إن قلت
أنها رهينة لعلاقة الرجل بالمرأة في هذه المجتمعات،إن المساواة بين الجنسين هي أساس المساواة في
المجتمع..ولايمكن أن يكون هناك حوار اجتماعي حر وديمقراطي وعادل مالم يكن هناك مساواة بين الرجل والمرأة..
والمؤسسة التي تمثل هذه العلاقة وهذا الحوار هي الأسرة،لذا أعتقد أن تجاهل هذه المؤسسة يعتبر تجاهلاً للحوار
الاجتماعي ولقضايا المجتمع..
وأنا لا أقدم أحكاماً-قيمية،أحاول فقط أن أقدم أشكال وآليات الحوار والصراع في المجتمع..
أويا:الأب إذا ظهر في مسرحك فهو يمثل قيمة سلبية،بينما الأم غالباً ذات قيمة إيجابية؟!
– الأب “حارس”قيم “الإرث”..قيم الذكورة والتسلط،أما الأم فأراها الأكثر إيجابية وإنسانية والأكثر استعداداً لتقبل
الجديد والمختلف..
أويا:يرى البعض أن مرجعية منصور بوشناف هي مسرح “العبث”؟!
– أنا ابن المسرح الإنساني ومسرح “العبث”جزء من تكويني،إنه المسرح الأكثر واقعية وإنسانية الآن،ومسرح العبث هو
مسرح الثورة الحديثة،ثورة الإنسان المهمش المسحوق ضد شركات وأدوات الحكم والقمع العملاقة التي تسحقه،إنه
محاولة الروح الإنسانية للخروج من قبو التشيوء والرسملة والتسليح..
أويا:يقول البعض الآخر أنك مولع باللعب؟!
منصور:المسرح في أساسه “لعب”والمسرحية “لعبة”وقد أضر بالمسرح العربي المترجمون،حين
ترجموا”اللعبة””مسرحية”وحولوا اللعب إلى “مسرحان”إن كلمة “يتاترون””اليونانية”تعني بالضبط “الفرجة”و”اللعب”.
أويا:في مسرحياتك”باللغة الفصحى”شعرية وتكثيف حتى لايجد المخرج مساحة؟!
– الشعرية في مسرحياتي”بالفصحى والعامية”أيضاً،ربما تقصدين بالشعرية “الايقاع العالي”ولكنني أراها في كل
الأعمال التي كتبت وإن كانت داخلية ومبطنة،وأستغرب ألا يجد المخرج مساحة نتيجة لهذه الشعرية،وربما تبدو
المساحة في اللهجة أكبر لقربها من المخرج والممثل..ربما..
أويا:في مسرحك يبدو جدل الثنائيات،وأيضاً اسقاط الأقنعة،والحجالات مثالاً؟!
– أنا ابن ثقافة الثنائيات “الخير والشر..التقدم والتخلف..إلخ،والجدل والصراع بينهما،وأرى المسرح حواراً
وصراعاً اجتماعيين..والمسرح في أساسه وكما أراه اسقاط للأقنعة وليس وضعا لها على الوجوه،فالكل يظهر نبيلاً وطيباً
والمسرح ينزع عنه أقنعته لتتجلى إنسانيته الحقيقية،بالضبط كما علينا أن ننزع قناع الشر عمن يظهر شريراً
فقط،لنرى إنسانيته الحقيقية..و”الحجالات”لعبة وضع الأقنعة ونزعها،فالقناع هو الشخصية المسرحية التي هي “الدور
الاجتماعي”الذي نلبسه مكرهين أو طائعين،وفي “الحجالات”يلبس الرجال أقنعة النساء للقيام بوظيفة اجتماعية وهم
مكرهون،ببساطة أن قناع الرجولة”الاجتماعي”دور وعمل في الأساس..
أويا:”جالو”بعد “اعدادك”صارت نصاً مغايراً للأصل..فلماذا إعداد “منصور بوشناف”فقط؟!
– “جالو”تأليف وإن كتب عليها إعداد،لقد حافظت على حدوثة المرحوم الكاتب “الصادق النيهوم”ولكنني أضفت إليها
شخصيات وأحداث،وصارت الرؤيا اجتماعية بدل “القدرية”التي قدمها بها “المرحوم النيهوم”،في “جالو”المجتمع يصنع
الصحراء بينما عند النيهوم يصنعها “القدر”.

من almooftah

اترك تعليقاً