​​​​​​​
ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-34- نوري عبدالدائم
*****************​​​​*********************​​​​​

البوصيري عبدالله ….
“أنا عاشق كبير للميثولوجيا ، فهي على الدوام مصدر من مصادر الإبداع ”

حوار : حواء القمودي

البوصيري عبدالله اسم له ثراءٌ في المشهد المسرحي الليبي وهذا الثراء يفيض كتابة للمسرح وكتابة عنه لذا ليس
عجيبا أن يمتلك البوصيري عبدالله عاشق المسرح الليبي كل هذا الصبر لينجز ” فهرست المسرح الليبي” الذي استغرق
جمع مادته خمس سنوات وتصنيفها وترتيبها عشر سنوات هذا العاشق الذي جمع ” تحويشة العمر” ليسافر إلى فرنسا من
أجل دراسة المسرح هذا العاشق للمسرح فأخرج ومثل وكتب عنه الدراسات وكتب له كتب المسرحية مذ شغفه المسرح
الذي التقى به حين كان عمره اثنتى عشرة سنة ومنذ ذاك الوقت ارتبط عنده المسرح ( بالمصير الإنساني وبالوظيفة
السياسية) لذا كانت الحرية أحد هموم مسرحه وكان تأثير السياسة على ( يوم الناس) أحد همومه ولذا يواصل كتابة
المسرحية ويوثق الهَمَّ الإنساني ويواجه الظلم والطغيان كما في مسرحيته الثلاثية عن ( يوسف باشا) و”أويا” الفني
في مئوية المسرج الليبي تفتح نافذة تضيء جوانب من هذه التجربة الثرية.
اقترح الصديق نوري عبدالدائم الكثير من أسئلة هذا الحوار وكان أن أضفت أسئلتي الخاصة فكان هذا الحوار الثري
وكانت هذه الإجابات التي استفاض في بعضها الكاتب البوصيري وسنقرأ بعضا من هذا الحوار في هذا الجزء الأول
ونتابع الحوار في جزء ثانٍ احتفاءً بمئوية مسرحنا الليبي احتفاءً بكل لمسة بكل صوت بكل بادرة بكل يد واكتفى.
– سؤال أحب أن أطرحه : البدايات، بداية الشغف، العلاقة بالمسرح، التفكير به، والعمل فيه؟
* كان عمري اثنتي عشرة سنة عندما شاهدت أول مسرحية في حياتي ألا وهي مسرحية ( أبناء القصبة) من تأليف وإخراج
المرحوم الأستاذ مصطفى الكاتب قدمت هذه المسرحية فرقة المسرح الوطني الجزائري في الهواء الطلق بملعب النادي
الأهلي المصراتي وذلك في سنة 1958 لقد أحكمت هذه المسرحية التي عرضت جانبا من حرب التحرير الجزائرية سيطرتها
على ذهني وأفكاري إلى حد أني أخذت أرتجل مسرحيات مدرسية قصيرة على منوالها وكنت مولعا بلعب دور المحارب
الجزائري، ومن تأثيرات هذه المسرحية على أفكاري أن ارتبط المسرح في ذهني بالمصير الإنساني وبالوظيفة السياسية
وبعد ذلك شاركت في مجموعة من المسرحيات المدرسية وفي سنة 1960 مثلث في أول مسرحية مدرسية طويلة حملت عنوان
(أصبحت رجلا) تحكي قصة طالب مجتهد وهي من تأليف الأستاذ الأمين القبي وإخراج الأستاذ فرج الحسان – رحمه الله-
وعرضت هذه المسرحية ضمن مهرجان نهاية العام الدراسي وأثناء إجراء التجارب على هذه المسرحية اتفقت مع صديقين
وهما عبداله علي حداد – رحمه الله- وفتحي الهوني على كتابة مسرحية نشارك بها في فعاليات هذه المهرجان وشرعنا
معا في العمل ولكني لاحظت أن الأخوين مهتمين برسم دوريهما فيما أهملا دوري – باعتباري أصغر منهما سناً – الأمر
الذي أثار حفيظتي وجعلني أنفصل عنهما لأكتب نصاً مسرحياً بمفردي أطلقت عليه عنوان (هارب من الحياة) وهو أول نص
أنجزه وكان عمري وقتئذ أربعة عشر عاماً، في سنة 1962مسيحي نقلت إقامتي إلى المحروسة طرابلس وفي سنة 1964
مسيحي التحقت بفرقة الجيل الصاعد وصادف أن كانت الفرقة تعاني حالة من الكساد وذات مساء صرخ المرحوم الفنان
علي بركة الذي كان مديراً للفرقة غاضبا من عدم عثوره على نص ملائم فقلت له وأنا يعتريني الخجل والوجل: أنا
عندي مسرحية يا أستاذ: فنظر إلى هاشا باشا وقال بصوته الأجش: جيبها .. جيبها.. نبي نخدم.
وفي اليوم التالي دخلت مقر الفرقة وأنا أتأبط مسرحيتي وجلست مع الأستاذ علي بركة الذي شرع في تعديل النص
بالحذف والإضافة حتى استقر حال النص على النحو الذي يريد ثم شرعنا في إجراء التجارب وبعد شهر كامل لاحظ أعضاء
مجلس الإدارة أن المسرحية ليست في مستوى تاريخ الفرقة – وهذا وجه الحق – فأوقفت المسرحية واستبدلت بمسرحية (
مشاكل وحكايات) من تأليف محمد عبده الفوراوي وفي سنة 1966 مسيحي ظهرت مسرحيتي تحت عنوان ( طموح وانحراف)
بإخراج عبدالمجيد خشخوشة وهو الآن أستاذ جامعي وقدمها نادي بلخير الرياضي الثقافي ضمن مهرجان النشاط المتكامل
وكتب عنها الناقد محمد أحمد الزوي في مجلة الإذاعة مادحا مؤلفها الذي رأى فيه كاتبا واعدا وخلال هذه الفترة
كتبت مسرحية أخرى بمشاركة زميلي الممثل محمد ريحان بعنوان ( طرد العدالة) كما ظهرت كممثل في مجموعة من
المسرحيات من بينها مسرحية: مشاكل وحكايات، وشباب يحترق مع فرقة الجيل ومسرحية من بينها مسرحية : مشاكل
الجديد، وشباب يحترق مع فرقة الجيل، ومسرحية مسكين مع فرقة المسرح الجديد ومسرحية حوت يأكل حوت، والعسل
المر، وحلم الجعانين مع القومية.
وفي عام 1968 مسيحي لملمت ( تحويشة العمر) التي جادت بها مهنتي كنجار ورحلت إلى فرنسا لدراسة المسرح على
نفقتي الخاصة حيث التحقت بدورة عن التمثيل والإخراج بالجامعة الدولية للمسرح بباريس ثم بدورة أخرى في مجال
الإخراج التلفزي بدار الإذاعة الفرنسية، ثم التحقت بجامعة “فانسان”.. ولكني انقطعت عن الدراسة بسبب الظروف
المالية القاسية، وبسبب عدم اعتراف الدولة الفرنسية بمنهج الفنون الذي كان يدرس في هذه الجامعة وفي سنة
1973م، عدت إلى أرض الوطن وعينت كمخرج بالمسرح الوطني ببنغازي بأجر يومي.
– بدأت تنشر عن المسرح “نشرت الكراس المسرحي 1-2) ثم نشرت نصا مسرحيا، وهكذا تم التداول حتى 1986م، حين
نشرت (أوريست يعود إلى المنفى).. بين الكتابة عن المسرح والكتابة له، ما الذي يخبرنا به الأستاذ البوصيري
عبدالله؟.
* أنا أميل إلى كتابة النص الإبداعي، ومرد ذلك إلى أسباب ثلاثة، أولاً: لأن النص المسرحي هو هاجسي، ورسالتي التي
أود أن أودع فيها أفكاري، وشخصيتي، ومواقفي، وهموم عصري وأمتي، أجد متعة لانظير لها حينما أجلس أمام أوراقي
وفي ذهني مشروع كتابة نص جديد، وثانيا: لقد علمتنا التجربة الثقافية الإنسانية أن العمل الإبداعي أكثر بقاء،
وأكثر رسوخا في الأذهان وتغلغلا في الأزمان، أما الدراسات والأبحاث فقد تفقد قيمتها بسبب تطور الأفكار والنظريات
ولعل خلود الإلياذة والأوديسا أكبر برهان على ذلك، وثالثا: وهو الأهم- ربما أن مسرحنا الليبي والعربي على وجه
العموم يحتاج إلى النص.. إننا لا نؤسس مسرحا في غياب النص، وبشكل عام.. إن كتابة النص هي مسؤوليتي تجاه
ذاتي.. محاولة لإرضاء رغبة تتملكني أما كتابة البحث والدراسة فهي مسؤوليتي تجاه الآخر، وإذا كانت كتابة النص
الإبداعي تسري في كياني شيئا من المتعة فإن كتابة البحث أو الدراسة تغذي عقلي، وتوسع مداركي إذ تحيلني إلى
المصادر والمراجع، وهي بهذا تعمق علاقتي مع الكتاب.. نعم إن الأبحاث تشقيني ولكنها تعلمني.
– أيضاً ماذا عن ( فهرست المسرح الليبي ) هل هو محاولة لترسيخ وتثبيت دور وأهمية المسرح في بلادنا؟.
*(فهرست المسرح الليبي) هو عمل ببليوغرافي رصدت فيه كل ما نشرته صحافتنا الوطنية عن المسرح الليبي ، وكل ما
كتبه الليبيون عن المسرح بصفة عامة، تتبعت فيه علاقة الصحافة الليبية – منذ تأسيسها بالحركة المسرحية ،
والدور الذي لعبته في نشر الثقافة المسرحية، استغرقت مني عملية التجميع وقتا يربو على خمسة أعوام فيما
استغرقت مسألة الكتابة والتصنيف أكثر من عشرة أعوام آخر، والكتاب- الآن- يقع في 1200 صفحة فولسكاب، وهو يحتوي
على ما يزيد على 2000 مادة، ثم قمت بتقسيم الكتاب إلى ثلاثة أبواب، الباب الأول يخص الكتاب وكتاباتهم، وفيه
قمت بترجمة لأكثر من 250كاتبا ليبيا، والباب الثاني يخص الموضوعات وفيه تصنيف الموضوعات حسب جنس المقالة
فتجدين فصلا للنقد: النظري والتطبيقي/ وفصلا للدراسات والبحوث/ وآخر للمقالات والخواطر/ ورابعا للقاءات/ وخامسا
للأخبار/ وسادسا للإعلانات ، أما الباب الثالث فهو فهرس تاريخي وفيه تصنيف الموضوعات حسب تسلسلها الزمني .
هذافيما يتعلق بالتعريف بالكتاب، أما الغاية منه فهي توفير الوقت والجهد أمام الباحث في رحلة المسرح الليبي
، سواء كانت غاية الباحث متصلة بالتاريخ ، أو النقد، أو بالدراسات أو غير ذلك من الموضوعات والقضايا
المسرحية ، حيث يجد أمامه دليلا مفصلا يحدد اسم الكاتب، وعنوان المقالة، وجنس المقالة، ومكان وتاريخ نشرها،
فما عليه- والحالة هذه- إلا أن يدون هذه المعلومات الأولية ثم يتجه مباشرة إلى طلبه، وفي ذلك- كما آمل- توفير
واختزال لوقته وجهده، ومن ناحية أخرى، فالكتاب هو- فعلا- محاولة لترسيخ وتثبيت دور المسرح الليبي، واعتراف
بفضل الكاتب الليبي ، والصحافة الليبية على الحركة المسرحية في بلادنا.
– تبدو مهجوسا بالسياسي ، أو بتأثير السياسي على حياة الناس، حسب ما أرى بشكل شخصي، هل ما أراه له نصيب من
الصحة؟.
* نعم.. صدقت، السياسة هاجسي، لأني عربي، وغيور على عروبتي، والعربي الآن مهدد في وجوده.. وفي كيانه..
الوجود العربي يباع الآن بالمزاد العلني في أسواق السياسة العالمية، لم تتعرض أمة في التاريخ إلى هذا القدر
من الزيف والتضليل والاعتداء على تاريخها وقيمها مثلما تتعرض إليه الأمة العربية هذه الأيام، والأدب والفن
العربيان حينما يصمتان عن هذا الواقع المرير فذلك يعني أنهما طرف مشارك في هذه اللعبة الخسيسة، وللأسف يحاول
بعض النقاد التبع من بني يعرب، وذوي النزعة البرجوازية فصل السياسة عن الإبداع، ويرسخون فكرة الفن الخالص، أو
مبدأ الفن للفن كي لا ينهض الفن والأدب بدورهما في توعية الناس، وفي ترشيدهم، وفي تبصيرهم بحقائق الأمور، وهذه
فكرة رأسمالية في أساسها وقد وظف لها كثير من الأدباء والمنظرين وأساتذة الجامعات من أجل ترسيخها في الأذهان.
– أيضاً عندك هاجس (الحرية) هذه الجدلية: السلطة/ الحرية.. لها حضور في مسرحياتك (أيضاً هذه قراءتي الخاصة)
فهل يجانب هذه القراءة الصواب؟.
* أشكر لك هذه القراءة النافذة إلى أعماق نصوصي، كما أشكرك على البوح بهذه الملاحظة المهمة ، وفي رأيي أن كل
إنجاز ثقافي جاد ومسئول هو عميق الصلة بالحرية، لأن الثقافة الجادة والمسؤولة تمد المتلقي بالمعرفة والمتعة،
والمعرفة هي الإحساس بالوجود أما المتعة فهي الارتقاء بهذا الوجود، لكن هذه الجدلية بين السلطة والحرية التي
تلاحظينها في مسرحياتي كانت وبالا علي في بداية مسيرتي الثقافية حيث اعتقلت مسرحياتي في أدراج رقابة المطبوعات
لمدة عشرة أعوام-تقريبا- بل تمت مصادرة بواكير إصداراتي وسبب ذلك أن الرقابة البوليسية تنظر دائما إلى مسألة
الدفاع عن الحرية على أنها عداء للسلطة، حتى و لو كانت هذه السلطة تنادي بالحرية، ولكن ما بعد الضيق إلا
الفرج- كما يقولون- ولقد فرجت- والحمد لله- وأمست رائحة الحرية التي تفوح من مسرحياتي باعثا على انتشار
مسرحياتي عربيا حيث عرضت في العراق، و سوريا، والمغرب، والأردن، وهذا أعتبره وسام شرف على صدر المسرحية
الليبية.
– يرى البعض أنك كاتب مسرحي كلاسيكي، بمعنى عندك صرامة في الزمان والمكان والحوار، وتتبع المنظومة الصارمة
لأرسطو!.
* أولا.. أنا سعيد بأن يراني البعض كاتبا كلاسيكيا، فهذا يعني أن مسرحياتي محكمة البناء، وهو شرف لم أكن لأجرؤ
على البوح به، وما كنت أظن أن تجربتي المسرحية قد أدركت هذا القدر من حسن الصنعة، أما أفضل رد على هذا الرأي
هو العودة إلى المدرسة الكلاسيكية لنرى، على ضوء المنهج العلمي، ما إذا كانت مسرحياتي قد التزمت بالخصائص
الفكرية والجمالية لهذه المدرسة، أم أن الأمر بعيد عن ذلك، ولهذا سأستطرد في الإجابة، وأرجو أن تستطيعي معي
صبراً.
-أ- المسرحية الكلاسيكية هي مسرحية شعرية بالدرجة الأولى، وليست مسرحياتي شعرية، وإن حرصت، في بعضها أن تكون
اللغة قريبة من الشعر في الروح لا في الوزن.
-ب- وحيث إن المسرحية الكلاسيكية هي مسرحية شعرية في المقام الأول فإنها تغلب العنصر السمعي على العنصر
البصري، ومسرحياتي على عكس ذلك تماما، إذ أنها تغلب البصري على السمعي فيرى المشاهد في مسرحياتي مشاهد
المبارزة بالسيوف والمشاهد الدموية، ومشاهد الحريق، ومشاهد تعذيب الشرفاء، ومشاهد القتل، بل يشاهد تصويراً
كاملا لجانب من حرب 1967م، في مسرحية “العم قريرة” ومثل هذه المشاهد لا يجوز تشخيصها في المسرحية الكلاسيكية،
وإنما يستعيض عن التشخيص بالأسلوب السردي.. الوصفي، كما هو الحال في مسرحية “الفرس” لاسخليوس.
-ج- المسرحية الكلاسيكية هي مسرحية قدرية.. أي أن الإنسان فيها مسير وليس مخيرا.. وفي مسرحياتي الإنسان ضحية
مجتمعه، وهو طرف مسؤول في بناء هذا المجتمع الذي ينتمي إليه.. أي بمعنى أنه مخير.. و(كل نفس بما كسبت
رهينة).
-د- الكلاسيكية.. مسرحية طبقية، ابتداء من لغتها، وانتهاء بموضوعاتها إنها تعرض علينا محنة الملوك “أوديب/
أجامنون/ كريون” ومعاناة القادة (إياس/ هكتور/ أخيل) وما وراء هؤلاء من نساء وأطفال ومريدين، ومسرحياتي أيضا
طبقية، ولكنها تقف على الضد من المسرحية الكلاسيكية حيث تستقي موضوعاتها من الأحياء الشعبية، وبيئة الفقراء،
فعاشور/ والعم قريرة/ والشاويش حميدة/ والأمباشي غيث/ ويوسف الزعراني/ وعمورة الطبنجي/ والهمشري أبو راوي/
والحلزوني/ والأعرج/ وجلاتيا/ وزنوبة/ وبائعة التفاح.. كل هذه الشخوص الدرامية تنتمي إلى البيئة الشعبية وتبوح
بأحزان الفقراء.
-هـ- المسرحية الكلاسيكية تلتزم بوحدة الزمان، أي أن الأحداث فيها تدور خلال أربع وعشرين ساعة، ومسرحياتي يمتد
فيها الزمن الدرامي إلى أبعد من ذلك بكثير، ففي مسرحية “لعبة السلطان والوزير” يمتد الزمن إلى ثلاثة ولاة،
ولهذا استبدلت مصطلح فصل بمصطلح حدث وأقمت مسرحيتي على ثلاثة أحداث كل حدث فيها له زمنه الخاص، وفي ثلاثية ”
يوسف باشا” وهي مسرحية تسجيلية تقوم مشاهدها على ترجمة درامية للوثائٍق التاريخية وبين كل وثيقة ووثيقة بعد
زمني طويل، وهذا الانتقال في الزمان لا تجيزه المسرحية الكلاسيكية، ووحدة الزمان- بالمناسبة- بطل مفعولها منذ
ظهور المسرح الإلزابيثي على يدي مارلو، وتوماس كيد، وبن جسون، أساتذة شكسبير العظام.
-و- المسرحية الكلاسيكية تلتزم بوحدة المكان.. أي أن الأحداث الدرامية تجري في مكان واحد لا تغادره أبدا، فأين
هذا من مسرحياتي ذات اللوحات والمشاهد والفصول العديدة، ولكي أضع النقاط على الحروف أشير إلى أن مسرحية (
لعبة السلطان والوزير) تدور أحداثها في مكانين مختلفين، ومسرحية (تفاحة العم قريرة) تدور في أربعة أمكنة،
ومسرحية “القاتلات) تدور في أربعة أمكنة أيضا و( ثلاثية يوسف باشا) تدور في أكثر من عشرة أمكنة أما في
المسرحية ( سجينة الجدران) فالشخوص الدرامية هي التي تشكل الأمكنة حسب مقتضى الحال إن أهم الخصائص الجمالية
في مسرحياتي تكمن في النقلات المكانية.
– ز- المسرحية الكلاسيكية تفصل بين المضحك والمبكي وفي مسرحياتي يتآخى المضحك والمبكي في لعبة درامية تسخر
من كليهما، ففي مسرحية ( الغربان و جوقة الجياع ) تدخل شخصية المقرئ وهو تابع العمدة فيضفي على المسرحية جوا
مرحا في ظاهره كئيبا في باطنه وفي مسرحية ( لعبة السلطان والوزير) يصرخ الأعرج صرخة الانتحار قائلا:
– السلطان سارق .. السلطان لواط
– فيرد عليه الشرطي مفجوعا اللعنة .. إنه يفشي أسرار الدولة
إن هذه النكتة الملغومة اخترقت الحالة التراجيدية فأثارت – عند عرض المسرحية – موجة من الضحك لا أقدر الآن على
وصفها ومن ناحية ثانية توجد في مسرحياتي شخصيات هي مزيج من المضحك والمبكي في آن واحد فمثلاً شخصية بجماليون
هذا الذي صنع تمثالاً جميلاً ثم اعتراه الوله به هو شخصية درامية جمعت بين نقيضين المضحك والمبكي في ذات واحدة
إن ألم بجماليون هو ألم مجاني لأنه يريد أن يبني سعادته على حساب سعادة إنسان آخر فبذلك هو شخصية مثيرة
للسخرية رغم مكابدته وأحزانه وكذلك العم قريرة إنه يحمل مبادئ سامية ويهدف إلى غاية عظيمة ألا وهي تحرير الأرض
السلبية لكنه نهج أسلوباً ساذجاً مضحكا وكذلك شخصية ( عاشور) في مسرحية ( بضربة واحدة قتل عشرة) إنه إنسان
بسيط قام بفعل عادي إذ أنه قتل عشر ( دبانات) بضربة واحدة لكن أحدهم – لغاية في نفسه – أوهمه أن ذلك أمر
خارق للعادة فصدق عاشور الأكذوبة وبات ضحية لها، أن محنة عاشور تكمن في أنه لا ينظر إلى ذاته من خلال ذاته
ولكنه ينظر إليها من خلال الآخرين، وأن يصنعك الآخرون وفق هواهم فذلك هو مكمن الألم فيك ومكمن السخرية منك في
الوقت ذاته، وهكذا ترين – ياسيدتي – أن تصنيفي كمؤلف كلاسيكي – رغم شديد اعتزازي به…لا يمت للحقيقة بصلة وهو
رأي لا يعكس سوى جهلنا بالمصطلح النقدي.
– تستقي أعمالك .. أو أغلب أعمالك مستقاة من منابع الميثولوجيا أو (أيضا) الفكرة الجاهزة ..
– أنا عاشق كبير للميثولوجيا وللأدب الأسطوري فالميثولوجيا هي على الدوام مصدر من مصادر الإبداع، ونبع من
منابع الإلهام ، ولم يعرف تاريخ الأدب الإنساني كاتبا عظيماً لم يشرب من هذا النبع الخال، ابتداء من هوميروس
وهسيود – وانتهاء بكورني وراسين، ومرورا بشلر وجوتة، وأكثر من استفاد من ايلمثولوجيا هم المسرحيون والشعراء،
وأنت كشاعرة ، لابد أنك وقفت على أثر الميثولوجيا في شعر اوفيد، وفرجيل، ودانتي، وكليماخوس القوريني،
ورامبوا، واراجون، وبليك، وإليوت، وطاغور أو في الشعر البياتي والسياب، وادونيس وأمل دنقل من شعراء العرب،
أما في مجال المسرح فقد نشأ في القرن الثامن عشر تيار مسرحي اصطلح على تسميته بـ«الكلاسيكية» وهو تيار أو
مذهب يستمد كل مسرحياته من نبع الميثولوجيا، ذلك لأن الميثولوجيا أشبه بالجزيرة السحرية تفتح أمام المبدع
مساحات رحبة ليلعب فيها خياله، وينأى بلغته عن المباشرة والتقريرية، مبتعدا عن كل حوشي وسقط المتاع من
الألفاظ والمفردات، وطالما أن الأمر كذلك فما الضير في أن يجرب كاتب من ليبيا اقتحام هذه الجزيرة السحرية
ليقطف بعض ما فيها من فاكهة وأبّ، فلعلها تشبع أو تغني من جوع .
هذا فيما يتصل بعلاقة الأدب والفن بالميثولوجيا ، أما فيما يتصل بصيغة سؤالك فاسمحي ليّ أن ابدي ملاحظتين
الملاحظة الأولى : تتصل بالموقف من الميثولوجيا، حيث ألاحظ أن المثقفين الليبيين ينظرون إلى التعامل مع
الميثولوجيا على أنه نقيصة ودلالة عجز عند الكاتب، أو بالأحرى عند البوصيري عبدالله باعتباري الكاتب الليبي
الوحيد الذي تعامل مع الميثولوجيا، وتعزي هذه النظرة إلى اعتقادهم في أن التعامل مع الميثولوجيا يعني
التعامل مع الفكرة الجاهزة … أى بمعنى أنه لا فضل للكاتب فيما كتب، وإذا انطبق هذا القول عليّ فهو ينطبق –
بالضرورة – على اسخليوس، وسوفوكليس، وسنيكا، وكورني، وراسين، وبرنارد شو، ويوجين اونيل، والحكيم وغيرهم ممن
تعاملوا مع الميثولوجيا ومن ناحية ثانية .. علينا أن نعرف أن الدراما ليست فكرة فقط، بل أن الفكرة ليست سوى
جزئية بسيطة في تركيبة الدراما. والأفكار – على رأي الجاحظ – موجودة على قارعة الطريق، ووراء كل إنسان تلتقين
به توجد فكرة ، توجد حكاية ، وإنما الدراما تناول، والتناول يعني : لغة + إحساس + صنعة + موقف + رأى، وكل
كاتب تناول أسطورة من الأساطير أودع فيها شيئاً رأيه وفلسفته وموقفه فاوريست ـ مثلاً ـ عند اسخليوس هو ذاك الشاب
الذي اهرق دم ذوي القربى، وعند سارتر في مسرحية (الذباب) هو الوجودي الذي يبحث في معنى وجوده، وعند البوصيري
عبدالله هو الإنسان الفلسطيني الذي يسعى إلى استرداد وطنه، إذ أن الوطن أبلغ معنى للوجود، وبجماليون عند برنارد
شو في مسرحية (سيدتي الجميلة) هو ذاك الارستقراطي الذي اتخذ امرأة فقيرة كحقل تجارب يصب فيها أفكاره
وسلوكياته بهدف إعادة صنعها لتكون مناسبة للمجتمع الارستقراطي، وعند توفيق الحكيم هو ذاك الفنان الحائر بين
الفن والحياة ، أما بجماليون بالنسبة لي فهو رجل ليبي، في شبقيته، وفي نظرته إلى المرأة .. إنه مخلوق نزّاع
إلى السيادة لإحساسه بأنه صانع المرأة ومؤسس الأسرة ومن ناحية ثالثة ..إن القول بأن التعامل مع الميثولوجيا أو
التاريخ أو التراث .. أو الفكرة الجاهزة – حسب تعبيرك – أمر سهل فذلك قول من قبيل الظن، والظن لايغني من الحق
شيئا، إن الكاتب الذي يستحضر فكرته الخاصة يملك حرية التصرف، في بناء الأحداث، وفي رسم الشخوص، ولا أحد يملك
حق محاسبته على ذلك، أما الكاتب الذي يستقي فكرته من الأسطورة أو من التاريخ فإنه يقيم من حوله الأسوار
والسدود، ويجعل عمله محفوفاً بالمخاطر بسبب فقدانه حرية التصرف في البنية الأساسية لحكايات سرى خبرها في كل
الاصقاع والامصار وبذلك فهو ملزم بالمحافظة على الحقائق الأسطورية والتاريخية، والتراثية، وهنا يأخذ العمل
الدرامي شكل البحث الذي يستوجب التقصي والإطلاع والتحليل، وفوق هذه المحاذير والمخاطر على الكاتب الذي يتعامل
مع الأسطورة أن يعيد قراءة الأسطورة قراءة تتسم بالوعي والنضج بهدف السيطرة على وقائعها، من ثم تحميلها معاني
تتصل بزمانه ومكانه ، وهمومه الخاصة والعامة .. وباختصار، أن التعامل مع الميثولوجيا أشبه بالماء الغور
تطلبه ولكنك قد لا تدركه .
أما ملاحظتي الثانية : فأود أن اوضح فيها أني لم أتعامل مع الميثولوجيا إلا في عملين أثنين فقط هما مسرحية (
اوريست يعود إلى المنفى) ومسرحية (سجينة الجدران) من أصل عشر مسرحيات طويلة وخمس مسرحيات للأطفال … إذن
ليست كل أعمالي، وليست أغلب أعمالي مستقاة من الميثولوجيا كما ورد في سؤالك، وكنت أفضل أن تلتزم صياغة
السؤال بالحقيقة وتبتعد عن صيغة التعميم والمطلق.
– التجريب في المسرح، سواء محلياً أو عربيا، هل تجد له منابع، وإذا كنت معه فلماذا؟ أو ضده فلماذا؟
*لست ضد التجريب، ولست معه، لست ضده كمبدأ ولست معه كواقع فمن ناحية أنا لست ضده، لأن التجريب – كهدف وغاية
– هو التمرد على المذاهب و النظريات الإستاتيكية التي قولبت المسرح، ووضعته داخل علب وأحكمت الأغلاق عليه، ومن
هنا فالتجريب ضد السكونية .. ضد التبعية، وهو في الوقت ذاته بحث جمالي يبغي فتح آفاق جديدة أمام اللعبة
المسرحية وهذا لا يعني أن التجارب المسرحية استوعبت، إلى حدّ الملل، الأشكال المسرحية القديمة، ولم تجد من
خلالها أي معنى لأى إضافة جديدة وفعّالة هكذا كان الأمر بالنسبة للمسرح الإليزابيثي عندما تمرد على الكلاسيكية،
وهكذا كان الأمر عندما تمردت الواقعية على الرومانسية، وهكذا كان الأمر عندما تمرد شعر التفعيلة على الشعر
العمودي، هذه قاعدة شبه ثابتة في النظريات الفنية والأدبية والفلسفية والسياسية ايضا والسؤال الملح هنا هو :
هل استوعبت الحركة المسرحية العربية والليبية الأشكال المسرحية القديمة ؟
طبعا… لا..!
أن المسرح العربي مازال عاجزاً عن تقديم مسرحية وفق المعايير الواقعية السليمة على نحو ما يحدث في مسرح
الأوديون، والكوميدي فرانسيز، وفي المسرح الملكي ببريطانيا، أو مسرح الفن بموسكو وهكذا نرى أن التجريب في
المسرح العربي .. والليبي على وجه الخصوص جهد نافل، ولا مبرر له ومن ناحية أخرى أنا ضد التجريب ، ذلك لأن
المسرح فكر وجمال وموقف وهذه الوظائف الثلاث لا وجود لها فيما نرى ونشاهد من مسرحيات تزعم أنها تجريبية .. بل
أن التجريب العربي لايزيد – في الحقيقة – عن تخريب لتلك الوظائف السامية، واغراق في الشكلانية البحتة وبذلك
فالتجريب – وفق مشاهداتنا – مسرح غير جماهيري وإنما هو مسرح نخبوي .. بل هو مسرح للمسرحيين فقط، إنه شكل
مسرحي يصنع خصيصا للمهرجانات، ولم يحدث أن نزلت مسرحية تجريبية إلى الأسواق لتجرب حظها أمام شباك التذاكر وكل
شكل من أشكال الفن لايضع الجماهير نصب عينيه يكون قد حكم على نفسه بالموت والقبور.
– المسرح الليبي هل ترى أنه له تميزه في ساحة المسرح العربي؟
* لا أحد ينكر أن لنا في الجيد نصيب، وثمة محاولات جيدة في مجال التأليف والإخراج والتمثيل لكننا لا نستطيع
القول أن لنا مسرحاً متميزاً يعادل تميزنا في مجال الرواية أو الفن التشكيلي والواقع أن المسرح العربي كله لم
يدرك التميز والتفرد عن غيره من المسارح، والمحاولات الوحيدة التي سعت إلى التميز هي محاولات عبدالرحمن ولد
كاكاي بالجزائر. ومحاولات الطيب الصديقي بالمغرب وما عدا ذلك كله إتباع أكثر من كونه إبداعاً ويمكنني أن أخذك
أبعد من ذلك فأقول لك أن التميز ـ علي الصعيد العالمي ـ محصور الآن في تجربتين اثنتين فقط هما تجربة جروتفسكي
وتجربة بتربروك وهكذا ترين أن التميز خاصية فردية وليست قومية والاستثناء الوحيد هنا ـ هو المسرح الآسيوي ـ
الياباني و الصيني ـ على وجه الخصوص.
– الإخراج الذي جربته من خلال مسرحية (لعبة السلطان والوزير) وقيل إنك نفذت هذا العمل بشكل جيد وإنك مخرج مهم
لماذا توقفت عن هذه التجربة؟
* الإخراج هو وظيفتي الأساسية ومجال دراستي بل أنا المخرج الليبي الوحيد المصنف على وظيفة مخرج في الملاك
الوظيفي وقد تحصلت على هذه الميزة ـ إن كانت حقاً ميزة ـ عن طريق امتحان خاص بالمخرجين نظمته هيئة المسرح
والموسيقا سنة 1977 وبهذه المناسبة أجدد الدعوة بضرورة إدراج وظيفة فنان ضمن الملاك الوظيفي للدولة وهو الأمر
الذي سعت إلى تحقيقه المرحومة هيئة المسرح والموسيقا ثم أجهض ـ للأسف ـ أما لماذا توقفت عن الإخراج؟ فهذا سؤال
يوقظ فيّ جرحاً بليغاً كنت أظن أني قد شفيت منه .. فماذا أقول؟
الحقيقة أن لعبة الإخراج تستهويني كثيراً وكنت أمني النفس بأن ألعب دوراً نشطاً في هذا المجال لكن واقع الحركة
المسرحية وواقع الحركة الثقافية أيضاً أحبط في داخلي هذه الأماني فبعد تجارب قليلة في الإخراج تبين لي أن مهمة
الإخراج في ليبيا ليست أكثر من وسيلة لاستنزاف الوقت والجهد أذكر أني قضيت بضعة أسابيع أجري التجارب مع فرقة
المسرح الوطني ببنغازي على مسرحية (البيت الصاخب) لمؤلفها وليد مدفعي وبعدها تلقيت رسالة ممهورة ـ للأسف ـ
بتوقيع الأستاذ حسين مخلوف مدير إدارة الثقافة فرع بنغازي بإيقاف المسرحية وإحالتي إلى مجلس تحقيق بتهمة
تغيير مضامين النص كما أذكر أني قضيت ثلاثة أشهر كاملة في إخراج مسرحية (سولارا) تأليف محمد الفيتوري لصالح
المسرح الوطني ببنغازي أيضاً وفجأة أوقفت المسرحية بسبب عدم التغطية المالية لاحتياجات المسرحية المذكورة
وتكرر معي نفس الأمر ـ للمرة الثالثة ـ عندما كنت أخرج مسرحية (الغربان وجوقة الجياع) لصالح فرقة الأنوار.
ومن جانب آخر يبذل المخرج جهداً كبيراً في إخراج المسرحية وبعد ذلك تعرض المسرحية ليلة واحدة أو ثلاث ليال في
أفضل الظروف دون أن يواكب هذه العروض حركة نقدية أو حتى متابعة صحفية ساذجة تقوم جهدك، تمدحك أو تقدحك،
تشكرك أو تلعنك المهم ألا تمر معاناتك مرور الأنذال .. وأن يقابل جهد الفنان بالصمت فذلك هو مبلغ الألم وفوق
ذلك توجد أنواع أخرى من المعاناة بعضها إداري وبعضها الآخر فني ولذلك فضلت الانسحاب ولذت بالفرار إلى مكتبي
لأذفن رأسي بين أوراقي وكتبي فهي أحق من سواها في استنزاف وقتي وامتصاص جهدي.
– البوصيري عبدالله الكاتب المسرحي والذي مارس لبعض الوقت الكتابة عن المسرح كيف ينظر لمسيرته وما الذي يسعى
إليه من خلال الكتابة المسرحية؟
* يخيل إليّ أني قد أشرت إلى بعض هذه المساعي من خلال إجابتي عن الأسئلة السابقة ولكن لا بأس في الإضافة لأقول
أنني أسعى إلى الآتي:
أ- إلى ممارسة هوايتي وتوكيد شخصيتي الإبداعية.
ب – إلى تعميق تجربتي المسرحية على الصعيدين الفكري والجمالي.
ج – إلى تحقيق مكانة لائقة للمسرحية الليبية في الأدب المسرحي العربي.
د – إلي رفع درجة الإحساس بقيمة الحرية.
هـ – إلى الدفاع عن هويتي العربية.
أما النظر إلي مسيرتي فذلك أمر متروك لرأي القارئ والمشاهد والناقد والبحث الأكاديمي.
– على ذكر الأبحاث الأكاديمية هل تضيف الدراسات الأكاديمية للكاتب بشكل عام؟ ثم هل الرسائل الأكاديمية التي
أعدت حول أعمالك هل ترى أنها تضيف إليك أم ماذا؟
* قبل الإجابة عن هذا السؤال اسمحي ليّ أن أقدم شكري إلى كليات الآداب بجامعاتنا على عنايتها بالثقافة الليبية
وتوجيه الدراسات الأكاديمية إلي منابع هذه الثقافة وأخص بالشكر الأستاذين الدكتور الصيد أبوديب والدكتور محمد
مسعود جبران فهما من أشدّ المتحمسين للثقافة الليبية في الحرم الجامعي أما من حيث الإضافة التي يمكن أن تقدمها
الدراسات الأكاديمية للكاتب فيفترض أنها تقدم له الشيء الكثير لأنها أطروحات لنيل شهادات عليا ينهض بها أشخاص
يملكون ـ افتراضاً ـ أدواتهم الأدبية من حيث فهمهم لمنهجية البحث وحسن صياغة، وحس نقدي، وقدرة على التحليل
ومن ناحية ثانية نحن نعلم أن الدراسة الأكاديمية هي عمل ثقافي شبه جماعي فوراء الباحث يقف أستاذ مشرف ولجنة
من الأساتذة ذوي التخصص لتنظر في أفكار الباحث وتناقشها وتصوبها ومن ناحية ثالثة صاحب الدراسة الأكاديمية
متفرغ لإعداد أطروحته مما يجعله أكثر قدرة على التركيز والتحليل وهو في الوقت نفسه يعمل داخل مساحة شاسعة ـ
أقصد حجم الدراسة ـ وهذا يسمح له بتناول العمل الإبداعي من جوانب متعددة.
وبفضل هذه المعطيات قدمت لنا الدراسات الأكاديمية إضافات جليلة على صعيد الدراسات الأدبية لكن الدراسات
الأكاديمية في مجال المسرح تعاني جملة من المشاكل أهمها أن أصحاب هذه الدراسات لا صلة لهم بالمسرح ولا يعرفون
شيئاً عن المسرح الليبي بالإضافة إلى غياب المصادر اليقينية وهذا يسبب في إرباك هذه الدراسات وأصحابها، أما
بالنسبة للرسائل الأكاديمية التي أعدت حول أعمالي وعددها الآن أربع رسائل فلابد أنها تحمل ليّ إضافات طيبة وأنا
سعيد بها مهما كانت وجهة نظرها لأنها حركت السكون من حولي.
– عبدالله القويري، الأمير، قناو، الأزهر أبوبكر حميد، منصور بوشناف، ماذا تقول عن مسرح هؤلاء؟
بالنسبة لمصطفى الأمير فهو أستاذي وهو المؤسس الأول للمسرحية الليبية أما الآخرون فهم زملائي ورفاق الرحلة وكلهم
حلوين مع ملاحظة أن هؤلاء ليسوا هم فرسان الدراما الليبية كما قد يفهم من انتقاء الأسماء ـ ولكي تتضح الصورة
بإمكاننا إضافة :سعيد السراج، وعبدالكريم الدناع، أحمد إبراهيم الفقيه، وعبدالعظيم شلوف، علي الفلاح، علي
الجهاني.

من almooftah

اترك تعليقاً