​​​​​​​​​​​​​​
ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-26- نوري عبدالدائم
*****************​​​​*********************​​​

محمد الصادق….
” المسرح الليبي كزمار الأفراح … الأزمة تكمن في الممثل وليس في النصوص … لا نحتاج إلى إداريين، بل إلى
متخصصين ”

حوار: أسماء بن سعيد

” محمد الصادق” .. عرفه الجمهور ممثلاً كوميدياً وتميز كمخرج عاشق للمسرح بدرجة جنون يقولون عنه “جني المسرح”
ويقول عن نفسه “أنا إنسان محظوظ”..
هو “الرجل الذي تسلق السلم” معتمداً على خياله الذي دعمه بالقراءة والاطلاع.. وبالإصرار على تحدي ذاته أحدث ”
الزلزال” الذي أوصله للمشاركة في تونس ومنها لمهرجان البحر المتوسط بالجزائر.
ليتوقف بعدها عن الإخراج لمدة عشر سنوات ويكتفي بالتمثيل وكأنه أراد في هذه الفترة أن يعيش حالة توتر ويدرس
الموقف بالرجوع إلى الثل القديم شيع وطي وليعود بقوة للإخراج في المهرجان الوطني الثامن للفنون المسرحية حتى
يقول الجميع “شابن هذوب الليل”..
ولم يثنه “كلام نساوين” عن إصراره وليقل للجميع وبأعلى صوت “فليسقط شكسبير” ويوجه دعوة “للعراسة” بأن يشاركوه
قريباً “يوم الكسكسو”..
فعن التمثيل والنقلة إلى الإخراج وأعماله الماضية واستعداداته وأزمة النصوص المسرحية وأعمال المهرجانات ولجان
التحكيم والجمهور الواعي والمثقف ومئوية المسرح الليبي والهيئة العامة للمسرح والخيالة وغيرها من المواضيع
كان لنا معه هذا الحوار:
أويا.. في البداية من هو محمد الصادق؟
* محمد الصادق ممثل ومخرج مسرحي وأيضاً أستاذ في مادة الإخراج بمعهد علي الشعالية وفي رصيدي قرابة الخمس
وثلاثين عمل متزوج عاشق بدرجة الجنون للمسرح وأفخر بلقب “جني المسرح” الذي تم إطلاقه علي.
أويا.. عرفك الجمهور في بداياتك من خلال الأدوار “الكوميدية”.. فماذا تقول عن هذه المرحلة؟
* هذه المرحلة تعتبر مميزة جداً بالنسبة لي وهي مرتبطة ببدايتي المسرحية وتحديداً في عام 1983مسيحي عندما
شاركت في مسرحية “دونك يا المبسوط”.. وهي باللهجة العامية وأنا اعتبر نفسي شخصاً محظوظاً جداً لأنه منذ بدايتي
لم أشارك في أدوار ثانوية وإلى جانب هذا كنت دائماً أحاول التطوير من نفسي وصقل مواهبي.. فأذكر على سبيل
المثال أني كنت أخذ مفتاح المسرح قبل “البروفات” بساعتين تقريباً وأقوم بالتدريب لوحدي مما جعل المخرج
عبدالحميد المالطي يطلبني في دور رئيس وهكذا توالت الأعمال التي شاركت بها لتكون النقلة الفعلية بالنسبة لي
عام 1988 عندما شاركت في مسرحية “الغيطة” مع الفنان صلاح الشيخي وكان ثمن التذكرة دينار ونصف ولكنها كانت
تباع خارج المسرح بعشرة دنانير من شدة إعجاب الجمهور بها.. وقد استمر عرضها خمسة وستون يوماً متواصلة هذا إلى
جانب أنني لم نكتف بعرضها في مدينة بنغازي فقط بل قمنا بعرضها في عدة مناطق أخرى مثل درنه والبيضاء والمرج
واجدابيا وسرت وكانت بعدها عدة أعمال أخرى مثل حميدة وحميد وغريق في بحر لولاف ومن ثم توقفت لمدة عامين..
أويا.. من التمثيل إلى الإخراج.. كيف جاء هذا التحول؟
* كما يعلم الجميع أن هناك نشاطات مدرسية تقام على مدار العام وفي هذه الفترة كان الأستاذ رافع نجم هو
المسؤول عن هذا النشاط.. فقدم لي عرضاً مفاده لماذا لا أخوض تجربة الإخراج؟.. وفعلاً قمت بإخراج مسرحية بعنوان ”
الرجل الذي تسلق السلم” معتمداً على شيء مهم جداً ويجب أن يمتاز به المخرج من وجهة نظري وهو الخيال
والمخادعة.. وفعلاً تحصل العمل على الترتيب الثاني على مستوى المرحلة المتوسطة.. ومن هنا استهوتني الفكرة
وذهبت لبعض الأصدقاء منهم المرحوم محمد أبوشعالة والمخرج داوود الحوتي وطلبت منهم إعارتي بعض الكتب في الإخراج
وعندما كنت لا أفهم أي مصطلح أعود إليهم وأسألهم عن معناه.. بالإضافة لقراءتي لكم هائل من المسرحيات العالمية
وبعدها شاركت في المهرجان المدرسي للمرحلة الثانوية و،نلنا وقتها ترتيباً متقدماً.. وبعدها مباشرة كان
الاستعداد للمهرجان الوطني الرابع فحضر إليه مجموعة من المسرح الجديد اقترحوا أن أقدم معهم مسرحية “الزلزال”
وهي التي سبق وشاركت بها ضمن النشاط المدرسي.. وهذا ما جعلني خائف جداً من هذه التجربة وأهميتها فأمر
مشاركتي في المهرجان الوطني لم يكن أمراً هيناً ففي البداية أعدت المسرحية برؤية إخراجية جديدة تماماً بالإضافة
لاستعانتي بعديد الأصدقاء من ذوي الخبرة في هذا المجال للحضور ومشاهدة “البروفات” وتقديم النصائح وكان هذا تحدٍ
بيني وبين نفسي مع العلم إنني كنت خائفاً جداً من فشل التجربة ولكن المفاجأة تمثلت في حصول المسرحية على عدة
جوائز منها جائزة الإخراج والإعداد وأيضاً تحصل خالد الشيخي والذي كان وقتها ممثلاً جديداً ولم يتجاوز دوره الخمس
دقائق جائزة أفضل ممثل ثانٍ وتقديراً لجهدي كمخرج شاب أوكل إليه إخراج حفل الاختتام وهذه كانت ثقة كبيرة جعلتني
أفكر بشيء جديد يمكن أن أقدمه حتى توصلت لفكرة أخذ مشهد من كل مسرحية مشاركة وركبت تلك المشاهد فبدت وكأنها
مسرحية واحدة.. وبعدها بشهر تم الاتصال بي ليخبرونني بأنني ساشارك في مهرجان بتونس وفعلاً ذهبت وشاركت في
مهرجان “باجه” وكان مقرراً في هذا المهرجان أن يتم اختيار الدول التي ستشارك في مهرجان البحر المتوسط
بالجزائر وكانت ضمن الدول المشاركة تركيا وإيطاليا وأسبانيا بالإضافة للدول العربية التي تم اختيارها وأذكر
أيضاً أن عضو لجنة التحكيم د.اليزابيث وهي أمريكية درست المسرح العربي أعجبها العرض الذي قدمناه جداً لدرجة
أنها كانت تترك مكانها لتقوم بتصويرنا وفعلاً نلنا جائزة الإخراج وجائزة المدينة عن مسرحية “الزلزال” أيضاً مع
العلم أن مشاركتنا بين ليبيا وتونس والجزائر جاءت جميعها في فترة لم تتعد الشهرين فقط..
المهم بعد هذا النجاح قررت التوقف لفترة عن الإخراج واستمرت الفترة من العام 1989 وحتى 1996 كنت أشارك في هذه
الفترة كممثل فقط من خلال تقديم عدة مسرحيات منها جاك الليل – توتر – شيع وطي وغيرها بالإضافة لانهماكي في
القراءة والإطلاع بكل ما له علاقة بالفن عامة والمسرح بصفة خاصة.
أويا.. بعد الابتعاد لمدة عشر سنوات تقريباً عن الإخراج كيف جاءت فكرة العودة من جديد؟
* خلال العشر سنوات التي توقفت فيها عن الإخراج واتجهت فيها للتمثيل فقط كما أسلفت الذكر قررت أنني لن أخرج إلا
عملاً أكون راضياً عنه تماماً كنص أولاً وكأسماء ممثلين وساتعاون معهم ثانياً فلهذا جاءت مشاركتي في المهرجان
الوطني الثامن كمخرج بمسرحية “شابن هذوب الليل” وهي من تأليف علي الفلاح وفعلاً كانت في المستوى والدليل تحصلنا
من خلالها على أربع جوائز وفي المهرجان الوطني التاسع شاركت بمسرحية “كلام نساوين” تأليف منصور أبوشناف
وتحصلنا بها على أربع جوائز أيضاً وبعدها شاركت بمسرحية “فليسقط شكسبير” وتحصلنا بها على جائزة العرض
المتكامل وفي عام 2007 شاركت بمسرحية “العراسة” والتي شاركنا بها في “الأردن” وبعدها تم استضافتنا في الشارقة
لعرض نفس المسرحية على هامش مهرجان الشارقة للفنون المسرحية.
أويا.. من خلال ما سلف هل نفهم بأنك تفند مقولة الدراسة الأكاديمية أولاً؟
* ما أريد قوله أنني برغم عدم دراستي الأكاديمية إلا أنني دعمت موهبتي “بالدراسة الذاتية” وما أعنيه بأنني لدي
مكتبة أراهن على أن العديد من الأكاديميين لا يمتلكونها وهي ليست للزينة فقط ولهذا أقول أن الشخص الأكاديمي قد
يكون درس في مجال بعدم رغبة أو لمجرد الشهادة بعكس من درس ذاتياً مجالاً يعشقه فلهذا قد تغلب النوع الثاني عن
الأول.
أويا.. أسماء في مجال التأليف لن تتردد أبداً في التعامل معها؟
* بدون تفكير علي الفلاح، ومنصور أبوشناف
أويا.. هل لأنك من خلال تعاملك معهم تحصلت على جوائز؟
* أنا إنسان لا تعنيني الجوائز بقدر ما تعنيني القيمة المقدمة على خشبة المسرح وشخصياً مقتنع جداً بهذين الأسمين
وكل ما يكتبوه وحالياً اتفقت مع علي الفلاح على عملين الأول مأخوذ عن “ماكبت” ولكن برؤيته هو والثاني عمل
كوميدي باللهجة العامية بعنوان “يوم الكسكسو” ومع منصور اتفقنا على عمل لم يتم تحديد اسمه حتى الآن.
أويا.. حالياً أخبرتنا بأنك تستعد لإخراج ثلاثة أعمال جديدة.. وفي المقابل نسمع كثيراً عبارة “أزمة نصوص مسرحية”
فهل لك أن توضح لنا هذه المفارقة؟
* من وجهة نظري لا توجد أي أزمة في النصوص المسرحية ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في “الممثل” فمثلاً في مسرحية ”
العراسة” استمررنا فترة طويلة لنجد الممثل وهذا راجع لعدة أسباب منها اتجاه الممثلين إلى المرئية وهي ذات
الانتشار الأوسع والربح المادي الأكبر مما يعني ابتعادهم عن المسرح.
أما عن أزمة نصوص فهذا شيء غير واقعي فلدينا عديد الأسماء المهمة في هذا المجال أمثال علي الجهاني، ومحمد
العقوري، والبوصيري عبدالله وعديد الأسماء الأخرى.
وهناك إشكالية أخرى تواجه المسرحيين وهي بعد انهماكهم في البروفات وحفظ الأدوار يطلب منهم العرض ليوم واحد في
المهرجان فقط مما يسبب إحباطاً للممثل فهو يريد أن يقطف عناء تعبه وجهده للعرض أمام الجمهور ولأيام توازي فترة
التدريبات على الأقل.
أويا.. هل تؤمن بأن هناك أعمالاً خاصة بالمهرجانات ولجان التحكيم وأخرى خاصة بالجمهور؟
* لا أؤمن بهذا على الإطلاق والدليل أنني دائم القول بأن المهرجان المسرحي يجب أن يكون نتاج موسم مسرحي.. يعني
أن المبالغ التي تعطى للفرق قبل المهرجان يجب أن تعطى لهم لإقامة موسم مسرحي بالكامل يتم من خلاله انتقاء
الأعمال التي ستشارك في المهرجان الوطني لنضمن أن يتم مشاهدة الأعمال من قبل أكبر شريحة من المتفرجين فعندما
أعرض عملاً لا أعرضه للجنة ولا للفنانين ولكن ما يهمني هو المتلقي الذي تكبد كل شيء في سبيل حضور عرض مسرحي
وأيضاً جمهورنا واعٍ ومثقف وله عين راصدة يجب أن لا نستخف به.
أويا.. الجمهور الواعي المثقف.. هل يقتصر على الجمهور في العاصمة والمدن الكبرى فقط أو إنه تعميم للجمهور
الليبي؟
* عندما قلت بأن جمهورنا واعٍ ومثقف فقصدت بها تعميماً عاماً على الجمهور الليبي فشخصياً لدي تجربة مميزة جداً مع
جمهور مدينة “البيضاء” على سبيل المثال قدمت مسرحية من نوع “المينودراما” بعنوان “من العطس ما قتل” وبحضور
1200 متفرج ولمدة ساعة ونصف وأقسم بأني كنت أسمع صوت أنفاسي من كثرة الهدوء والانتباه في الصالة وهذا كان عام
1992.. ولكن في المقابل كانت هناك قضية أناقشها.. وأنا اعترض جداً على جملة مسرحية جمهور ومسرحية مهرجانات فلا
يوجد إلا نوع واحد فقط مسرحية أو لا مسرحية.
أويا.. أسماء فنانين من الجنسين تتمنى التعاون معهم؟
بصراحة أتمنى العمل مع الفنانة خدوجة صبري لأنه في اعتقادي إن الممثل الذي يمتلك الجرأة على الخشبة وعدم
التردد هو الممثل الحقيقي حتى وإن شاهدناه في أعمال ليست في المستوى يمكن أن نرجعها لسوء اختياراته.. وشخصياً
اعتبرها ممثلة كبيرة أتمنى العمل معها.. وأيضاً محمد الطاهر وفاطمة غندور ومنيرة الغرياني التي اعتبرها ممثلة
خطيرة ومحمد عثمان والذي للأسف أخذته المرئية في الفترة الأخيرة وشغلته عن المسرح وأيضاً جمال أبوميس
وعبدالرزاق أبوروينة الذي اعتبره من الشخصيات المركبة وعيبه أنه لا يعي مقدار قدراته ويتعامل مع نفسه
باستخفاف.. ومن بنغازي تعاملت مع جل الأسماء باستثناء خالد الفاضلي.
أويا.. ممثلة أو ممثل يقفزون لذهنك بمجرد قراءة نص؟
* سلوى المقصبي وسعاد خليل ومن الممثلين رافع نجم وعلى ذكر هذا لا يعني الإنتقاص من قيمة باقي الأسماء الموجودة
فهي أولاً وأخيراً مسألة انسجام فمثلاً سلوى المقصبي بمجرد النظر “لعيوني” تفهم إن كانت على صواب أو خطأ ولهذا
الراحة في التعامل بين المخرج والممثل مهمة جداً.
أويا.. حالياً نحتفل بمئوية المسرح الليبي.. فما الذي تقوله عن هذه المناسبة؟
* شخصياً أفضل القول إنها احتفالية بمناسبة مئوية أول عرض مسرحي عام 1908 مائة عام من العروض المسرحية.. مائة
عام من الفرجة المسرحية.. مائة عام لحضور الجمهور.. مائة عام ولم يؤسس أو يؤرخ المسرح الليبي حتى الآن ولم
تبرز تجارب جد مهمة في المسرح الليبي فهل مائة عام تقابلها عدم وجود أي مطبوعة منتظمة للمسرح أو أي اهتمام
إعلامي وإبراز في الخارج.. وهنا استشهد بجملة للأستاذ رافع القاضي الذي يقول إن المسرح في ليبيا مثل الطفل
اليتيم.. فعندما يشاهدونه يؤلمهم حاله ولكن في المقابل لا يوجد من يتبناه فعلياً ويدعمه بالكامل ولهذا يجب
وجود خارطة حقيقية لدعم المسرح الليبي فللأسف هناك تاريخ وأسماء ضاعت فالمسرح الليبي يعتبر حتى الآن “كزمار
الأفراح” فلا يتم الاهتمام به إلا أثناء المهرجانات والمناسبات فقط.. فهل يعقل أننا نحتفل بمائة عام من المسرح
وأول مسرح يبنى كمسرح حقيقي هو الآن في درنه ومائة عام بدون أفق وخيال.
أويا.. هيئة عامة للمسرح والخيالة.. من الإدارات المستحدثة والتي ستباشر أعمالها قريباً.. فماذا تقول عنها؟
* أتمنى لو تكون هناك هيئة خاصة بالمسرح وأخرى بالخيالة وتكون لكل واحدة منها أشخاص ذوي اختصاص فنحن لا نحتاج
إداريين بقدر حاجتنا لمتخصصين مع احترامي للموجودين والذين لا توجد لهم علاقة بالمسرح فهذه الهيئات يجب أن
توثق وتؤرخ التجارب والأسماء الليبية والتطرق لهم خاصة ونحن في زمن “النت” فنتمنى أن تكون هذه الهيئات حقيقية
وليست من أجل “البزنس” على حساب المسرح.
أويا.. لو طلبنا منك معلومة تكون حصرية لقراء الملف الفني في أويا؟
* المعلومة الجديدة والحصرية هي تعاملي مع الأديب يوسف الشريف في مسرحية خاصة بالطفل والجديد أن يوسف الشريف
ستكون هذه تجربته الأولى في مجال الكتابة المسرحية.
أويا.. كلمة تختتم بها هذا الحوار؟
* أريد أن اختتم الحوار بأن استشهد بكلمة قالها المرحوم محمد الشاعري وهي “أيها المسؤولون أنتم تعرفون ماذا
نريد ولكن نحن لا نعرف ماذا تريدون فهل تريدون مسرحاً أم تريدون أفراحاً وزغاريد”.

من almooftah

اترك تعليقاً