​​​​​​​​​​​​​​​​​
ليبيا مائة عام من المسرح”1908م- 2008م”أوهكذا تكلم المسرحيون -2-15- نوري عبدالدائم
*****************​​​​*********************

فرقة المسرح الوطني مصراتة …
بقلم / علي يوسف رشدان

تعد فكرة إنشاء المسارح الوطنية كمؤسسات متخصصة تتبع قطاع الإعلام والثقافة خطوة من أهم الخطوات في هذا المجال
لأنها أضفت المزيد من التنظيم والفاعلية على الحياة المسرحية في المدن التي أنشئت بها هذه الفرق فبعد أن كان
المسرح الوطني بطرابلس والذي انطلقت مسيرته سنة 1966 م هو المسرح الوحيد تعدد وجود هذا النوع من المسارح في
كل من درنة وبنغازي واجدابيا ومصراتة وسبها.
وإذا اعتبرنا أن فترة الأربعينيات والخمسينيات هي مرحلة البداية للحركة المسرحية بمصراتة وأن مرحلة الستينيات
مرحلة مرحلة التعريف بهذا الفن وترسيخه فإن المراحل اللاحقة هي مراحل النضج لهذا الفن ولهذا يعد إنشاء المسرح
الوطني نقلة مهمة للمسرح في مصراتة فبعد أن كانت الحركة المسرحية تنضوي تحت لواء الأندية الرياضية وتدخل ضمن
أنشطة متعددة منها الرياضي والثقافي والاجتماعي أصبحت بوجود هذا المسرح مؤسسة لها كيان مستقل وأهداف تسعى
لتحقيقها مما جعل من العمل المسرحي المقدم أكثر حرفية لوجود خبرات عربية تمت الاستعانة بها في هذه الفرقة
أسوة بغيرها من الفرق المماثلة مما ساهم في الكشف عن عديد القدرات المتميزة في مختلف جوانب العملية الفنية
من كتاب ومخرجين وممثلين وفنيين.

انطلقت مسيرة هذه الفرقة بصدور قرار وزير الإعلام والثقافة رقم 345 بتاريخ يوم 1 الربيع – مارس 1969 وحملت في
بداية انطلاقتها اسم (المسرح القومي) وقد تشكلت لجنة من قبل إدارة الفنون والشؤون المسرحي بوزارة الإعلام
والثقافة ، لإجراء الاختبارات اللازمة للأخوة الفنانين المتقدمين للحصول على عضوية هذه الفرقة ، وكلف بإدارتها
الأستاذ عبدالله الترجمان وانتدب للعمل بها الممثل والمخرج المصري المعروف الفنان عبدالبديع العربي ، الذي أعد
للأعضاء المنتسبين دورة مكثفة في الجوانب الفنية المختلفة ، ولعل أهم جانبين تم التركيز عليهما جانب الأداء
التمثيلي وجانب الإلقاء المسرحي ، مما ساهم في الرفع من كفاءتهم الفنية ، وبسبب عدم وجود عناصر نسائية من بين
المنتسبين للفرقة ، وقع الاختيار على مسرحية (المروءة المقنعة) من تأليف الشاعر / محمود غنيم لتكون أول عمل
مسرحي تقدمه ، وكان أول عرض لها على مسرح دار عرض مصراتة يوم 24-7-1969 وأما عرضها الثاني فكان بعد قيام
ثورة الفاتح وعلى نفس المسرح يوم 28-3-1970 واشترك في تقديم هذا العمل كافة الفنانين المنتسبين للفرق منهم
:-
عبدالله الدناع – عبدالله الزروق – المبروك المجعوك – الصديق الولده – يوسف خشيم – محمد الزعلوك – عمر الكميلي –
محمد الدلفاق – علي قدح – أحمد الشامي – إبراهيم الكميلي – حسين الزروق – مصباح الفرجاني – محمد الشعافي –
عبدالله أبوعليم – أبوبكر عطية – علي النحائسي – عاشور مسعود – علي القويري – رمضان بعيو – عبدالهادي شنيشح –
ميلاد أبوصيد – مصطفى تنتون – محمد السنوسي – محمد النوال – حسين القرقني – عبدالكريم الدناع وغيرهم .
واعتبرت هذه المسرحية درساً عملياً تطبيقياً لما تلقاه الأعضاء من معلومات نظرية ، وبعد أن أنهت الفرقة تقديم
عرضها لهذه المسرحية شرعت في تنفيد أكثر من عمل مسرحي فقدمت مسرحية فصل واحد بعنوان (بريء المشنقة) وقدم
لها عرض واحد في إحدى المناسبات.
ثم قدمت مسرحية (وابتسمت الحياة) من تأليف وإخراج / إبراهيم الكميلي وهي مسرحية باللهجة المحلية ، تحكي
مساوئ الاستعمار التي أحدثها بوجوده على أرض الوطن ، وقدمت لعرض واحد فقط ، وعلى إثرها ترك بعض الأعضاء الفرقة
منهم ، إبراهيم الكميلي – حسين الزروق – محمد الشعافي وآخرون ، وعادوا ليمارسوا نشاطهم من خلال الفرقة
التابعة للنادي الأهلي المصراتي كما ذكرنا سابقا ، كذلك قدمت مسرحية (المحنة) من إعداد الكاتب / عبدالكريم
الدناع ، وقدمت لعرضين الأول على مسرح دار عرض مصراتة والثاني بمدينة هون .
كما قدمت الفرقة مسرحية (شعب لن يموت) من تأليف فتى الثورة من إخراج الفنان / عبدالبديع العربي ، غير أنه لم
يحضر العرضين اللذين أقيما لهذه المسرحية ، بسبب مغادرته مصراتة وتركه العمل بالفرقة ، نظراً للخلاف الفني
الذي نشب بينه وبين الأستاذ / عبدالله الترجمان مدير الفرقة عند تقديم العرض الثاني لمسرحية ( المروءة المقنعة)
وأشرف على العرض كل من الفنان التشكيلي / علي القويري . والفنان / المبروك المجعوك. وورد بصحيفة البلاغ في
عددها (74) الصادر بتاريخ 7 النوار – فبراير 1971 خبر مفاده ، أن المسرح القومي بمصراتة يستعد لتقديم مسرحية
(شعب لن يموت) ، وقدم العرض الأول لها على مسرح دار عرض مصراتة ، أما عرضها الثاني فخصص للنساء على مسرح
المدرسة الثانوية بمصراته .وهذه المسرحية تناقش قضية الشعب الفلسطيني والظلم الذي يتعرض له من قبل المحتلين
وتعد هذه المسرحية أول عمل في مصراتة تجسد فيه امرأة دوراً نسائياً مسرحياً ، فقد كان يتم تجسيد هذه الأدوار عن
طريق ممثلين رجال ،وفي هذا العمل تمت الاستعانة بالأختين نورية السنوسي ، وفايزة رجب العضوتين بفرقة المسرح
العام ببنغازي ، والتي أبدت استعدادها للتعاون مع المسرح الوطني في هذا الشأن ، وذلك خلال زيارتها لمدينة
مصراتة لعرض مسرحية (يوم في الجنة) ومسرحية (الشقة جوها هلها) . ويغادر الأستاذ / عبدالله الترجمان. مدير الفرقة
مصراتة ليتولى مهام عمله بوزارة التربية والتعليم بطرابلس ، ليتم تكليف الفنان عبدالله الدناع بتولي إدارة
الفرقة التي تستعد للمشاركة في المهرجان المسرحي الوطني الأول على مستوى ليبيا المقام في الفترة من 10 إلى
30-9-1971 ووقعت الفرقة في حيرة ، بأي عمل ستشارك في أول ظهور لها بالمهرجانات المحلية .
السقوط في دائرة الحيرة خرجت منه الفرقة عن طريق (دوائر الرفض والسقوط) للكاتب الصحفي وأحد أعضاء الفرقة
الأستاذ/ عبدالكريم الدناع هو في حقيقة الأمر لم يكن غريبا عن الحركة المسرحية في مصراتة فقد واكبها منذ أن
كان طالباً، ثم عضواً في فرقة البعث بالنادي الأهلي المصراتي ، كما كان عضواً بفرقة المسرح الليبي بطرابلس خلال
فترة عمله هناك ، عبدالكريم الدناع في بداية انطلاقته غلبت عليه ميوله الصحفية ومع هذا ظل لصيقاً بالمسرح في
علاقة غير مباشرة به ، ولكن بانطلاق فرقة المسرح الوطني في مسيرتها ، كانت تجربته المباشرة التي هي أكثر قرباً
وعمقاً ، فقد عرفته الساحة الأدبية في ليبيا باعتباره كاتبا مسرحياً متميزاً إضافة إلى كونه كاتبا صحفياً معروفاً،
ولعل قربه من الحركة المسرحية في بداية حياته أكسبته خبرة مكنته فيما بعد أن يكون مبرزاً كمؤلف مسرحي على
مستوى ليبيا، وكانت هذه الفرقة قد قدمت له أول عمل يقوم بإعداده وهو مسرحية (المحنة) وكذلك مسرحية (القضية)
أما من تأليفه فأنتجت له مسرحيات (دوائر الرفض والسقوط – باطل الأباطيل – سعدون – العاشق) وهي آخر عمل للفرقة
قبل توقفها ، وتبقى مسرحية (دوائر الرفض والسقوط) وهي مدار حديثنا أهم أعمال هذه الفرقة وأكثرها شهرة وعرضا
أيضا ، فقد أعدت الفرقة عدتها للمشاركة بها في المهرجان المسرحي الوطني الأول ، وتصدى لإخراجها الفنان / عبدالله
الطاهر الزروق في أول محاولة إخراجية له ،. وإن كان له من الخبرة والتجربة ما يؤهله لذلك ، فهو ليس بغريب عن
الحركة المسرحية بمصراتة ، بل نتاج مباشر لها ، ابتداء بالتمثيل من على مقاعد الدراسة في الخمسينيات ، مروراً
بتجربة فرقة البعث ليختتمها ممثلاً ومخرجاً بالمسرح الوطني، وخلال هذه الرحلة استفاد من تجارب من سبقه في هذا
المجال ، فعمل تحت إشراف الأستاذ / عبدالله الترجمان والأستاذ / مختار معافى والفنان خالد خشيم كما استفاد
استفادة كبيرة من وجود الفنان الكبير عبدالبديع العربي بالفرقة ، إضافة إلى رغبته الصادقة وحبه لهذا العمل ،
كل ذلك ساعده على أن يقدم عملاً ناجحاً ، وكانت إدارة الفنون والشؤون المسرحية وعندما كانت الفرقة تستعد لإجراء
تدريباتها على هذا العمل ، قد أرسلت خبيرين مسرحيين للعمل مع هذه الفرقة ، وهما الفنان / محمد عبدالرحمن ،
مخرج وناقد مسرحي ، والفنان نبيل الشاذلي في مجال الإدارة المسرحية ، ولم يستمرا في العمل طويلاً بالفرقة وعادا
إلى طرابلس ، وبذلك تحمّل الفنان عبدالله الزروق كمخرج للعمل كامل مسؤولياته بالتعاون مع زملائه فكانت (دوائر
الرفض والسقوط) عملاً محلياً في كامل جوانبه نصاً وتمثيلاً وإخراجاً ، وبعد الانتهاء من إجراء التدريبات عليها قدم
لها عرض تجريبي على مسرح دار عرض مصراتة ثم سافرت الفرقة إلى طرابلس لتقدم عرضها بالمهرجان على خشبة مسرح
الكشاف يوم 26-9-1971 ولتميز هذا العرض أوفدت الفرقة ممثلة للمسرح الليبي إلى المهرجان الوطني الأول للمسرح
في الجزائر الشقيقة ، فقدمت ثلاثة عروض ، على خشبة المسرح الوطني الجزائري عرضين يومي 26و 27 / 10 / 1971
وعرض بمدينة قسنطينة ، ولاقت هذه العروض نجاحاً كبيراً وتناولتها الصحافة الجزائرية بالنقد والتحليل ، هذا
النجاح جاء بعد رحلة برية صعبة قامت بها الفرقة من مصراتة إلى الجزائر ، لكن النجاح الذي لقيته أنسى الفرقة
مشاق السفر ، وكانت مشاركة شرفت المسرح الليبي وكشفت عن إمكانات فنية متميزة . كما قُدم لنفس المسرحية عرض
بمدينة بنغازي على خشبة المسرح الشعبي ، ولما لاقته هذه المسرحية من حفاوة وترحيب في كل عروضها التي قدمتها ،
رأيت أن أتطرق إلى ما قالته بعض الصحف عن هذه العروض :-
ففي مجلة المرأة الجديدة وتحت عنوان / دوائر الفرض والسقوط نزاع بين التسييس والمسرح التقدمي .. مولد مؤلف
هل جاء طبيعياً ، كتب سعيد المزوغي يقول (… أبرزت هذه المسرحية ضمن عناصرها التي ساعدتها على أن تكون في
مثل هذا التوفيق .. المؤلف الوطني بالصورة التي نطلب وجودها ..) أما عن عرض بنغازي فكتب الصحفي / محمد مفتاح
أبوشعالة في صحيفة الجندي مقالاً تحت عنوان : الرفض والسقوط والتجربة المسرحية الناجحة ، قال فيه :(…
وبصورة عامة كانت المسرحية ناجحة وهادفة التمثيل كان ناجحاً والإخراج مبدعاً ولا أعتقد أن المتفرج الليبي وخاصة
في بنغازي شهد مثل هذه المسرحية نصاً وإخراجاً وأداء .. لقد جمعت المسرحية بين الدقة في التعبير والمرونة في
الإخراج إذ أحسن الأخ / الزروق استعمال الأضواء والموسيقا والمؤثرات الصوتية وأحسن الممثلون التنقلات على الخشبة
وتقمص الشخصيات مما جعل المسرحية تسير سيراً حسناً .. ولا أضيف شيئاً سوى أن العمل المركز والطيب يفرض نفسه …)
أما عن عرض الجزائر فقالت صحيفة الشعب الجزائرية في عددها الصادر 28 الحرث – نوفمبر 1971 في مقال تحليلي عن
عرض المسرحية كتبه الصحفي محمد علي الهراري تحت عنوان ” دوائر الرفض والسقوط بين الموت وقوفاً والموت بالمجان
.. قاتل حارس السجن الذي تحول إلى حارس قتيل .(إن أول ما يمكن أن يقال عن هذه المسرحية من حيث النص إنها عمل
جيد في بنائه الدرامي … ويمكن القول وبكل تجرد وموضوعية إن عبدالكريم الدناع اسم يجب ألا ننساه من أذهاننا
في المغرب العربي مستقبلاً .. بعد ذلك لابد من التنويه بأداء كل من مثل دور مراد والسجناء الثلاثة وعارف والشيخ
والقاضي… المسرحية من حيث الإخراج غلب عليها الطابع الكلاسيكي الذي يتنافى وموضوعها واللغة التي كتبت بها
والتكنيك المستعمل في بنائها الدرامي في حين أن الحوار كان ممطوطاً نوعاً ما …) أما صحيفة الأحداث وهي
جزائرية أسبوعية فتناولت عروض المسرحية في أكثر من مقال جاء في أحدها (ولاحظنا أن المسرح الليبي متطور في
السنوات الأخيرة بطريقة جميلة) ، وفي مقال آخر للكاتب / كمال بن دمرد .. جاء فيه (.. كان العرض منسقاً من حيث
الإضاءة والملابس والديكور والممثلين كانوا منضبطين ولم يبخلوا على الجهور بالبسمة ..) وشارك في تنفيذ هذا
العمل :-
ممثلون
يوسف خشيم – المبروك المجعوك – محمد الزعلوك – عبدالله الصيد – مصباح الفرجاني – علي النحائسي – ابوبكر عطية –
علي قدح – محمد الدلفاق – عبدالله الزروق – أحمد الشامي – عبدالله ابوعليم – عبدالله الدناع – عمر الكميلي – ميلاد
ابوصيد – عبدالوهاب كبلان .
فنييون
تنكر – عاشور مسعود
ديكور ومناظر / علي القويري – رمضان بعيو
إدارة مسرحية / محمد السنوسي.
اضاءة / حسين القرقني.
ساعد في الإخراج / عبدالكريم الدناع
أما من جسدت صوت المرأة في عرض المهرجان في طرابلس «تسجيل صوت» فهي الفنانة المصرية / نادية السبع ، أما في
عروض الجزائر فقد تمت الاستعانة بإحدى الأخوات المصريات «سمية» لتجسيد شخصية المرأة وجاءت مسرحية (باطل
الأباطيل) والتي قدمتها الفرقة ضمن نشاطها سنة 1972 كجزء ثان ومكمل لأحداث مسرحيتها السابقة وهي (دوائر الرفض
والسقوط) ولعلها من الأعمال المسرحية القليلة التي تتعدد فيها أجزاء العمل المسرحي ، ليس في ليبيا فحسب بل
على مستوى الوطن العربي ، أما مدى توفيق الكاتب في ذلك من عدمه فهو ليس مجال حديثنا ، الذي يقتصر على رصد
وتتبع ما قدم من أعمال مسرحية .
قدمت الفرقة عرضها الأول لهذه المسرحية على خشبة مسرح الكشاف بطرابلس يوم الخميس الموافق 8-6-1972 ، أما
عرضها الثاني والأخير فكان على مسرح دار عرض مصراته يوم 29-6-1972 ، ورغم قلة العروض ، لم يبخل عليها النقاد
والصحفيون بالتتبع النقدي ، وربما لو تعددت عروضها لاحظت بإقبال جماهيري واحتفاء نقدي أكبر ، ومن خلال الإطلاع
على ما ورد في بعض المقالات التي تناولت هذين العرضين ، نلمس اختلاف وجهات النظر ، بين كاتب وآخر ، مما يدل
على ثراء هذا العمل ليس من بين الأعمال المسرحية المطبوعة للمؤلف – ففي صحيفة الاسبوع الثقافي الصادرة يوم
الثلاثاء 8 من جمادى الثانية 1392 هجري الذي يوافق 19-6-1972 وعلى الصفحتين (10-11) مقعد بين صفوف الجماهير
وتحت عنوان : باطل الأباطيل .. رؤيا صادقة ولكنها من وراء منظار قاتم قال فيه كاتبه الذي لم يذكر اسمه (..
باطل الأباطيل )عنيفة مريرة منذ بدايتها … لعنات ونقمة كلمات كألسنة اللهب .. فالرجل الناقم في أول
المسرحية – وأظنه لسان حال المؤلف – يستعجل السماء صاعقة تنسف العالم من التحيط إلى الخليج . وعثمان الرجل
المأزوم بجرح في قلبه وتاريخ أمته عندما يسمع كلمة هتلر يتمنى أن يبعث ليحرق اليهود … وهذا الرجل أيضا طلق
زوجته ثلاث مرات عقب كل هزيمة منيت بها أمته ، ويريد أن يردها ولاتجد حلا لذلك إلا في المحلل .. كلمات كثيرة
متناثرة على ألسنة الممثلين قد تكون .. صادقة لكنها شديدة القتامة فالمؤلف ينظر إلى ما حوله من خلف منظار
حالك السواد ويمسك يده قلماً ينزف مرارة وأسى ويقطر يأساً وقنوطا … يحاول أن يسطر به كل احساساته المريرة ..
كل ما يعتمل في داخله .. في محاولة للكشف والتعرية .. حقيقي أن المواجهة بالواقع المرّ مطلوبة … وحقيقي أن
المكاشفة بالآلم الذي يعتصر قلوبنا واجبة .. أننا بطبيعة الحال لم نتوقف بعد عن المسيرة .. ومادمنا أحياء
فلابد أن يكون هناك أمل .. أقل أمل نهتدى بنوره ، ونحاول حتى ونحن نتعثر الاقتراب منه .. أعتقد لو أن المؤلف
استبعد فكرة الربط بين باطل الأباطيل ومسرحيته الأولى وكتبها على هذا الأساس لكان هذا أفضل للعمل دراميا لأن
عملية الربط هذه كانت ضعيفة وغير مقنعة فقد بنى المؤلف مسرحيته الأولى على فكرة محددة وحادثة لها أبعاد أما
في المسرحية الثانية «موضوع فقدنا» فلم نر إلا مجرد إطار عام حاول أن يشحنه بانفعالات وقذائف من نار …)
أما عن التامثيل والإخراج فقال (.. المخرج عبدالله الزروق يحب المسرح وكثيراً ما ضحى من أجله وقد حاول أن يعطينا
كل ما عنده في حدود خبرته التي استطاع أن يحصلها نتيجة تجاربه واطلاعاته الخاصة .. في ظني أن يوسف خشيم ممثل
دور «الحاكم مراد» هو بطل المسرحية فقد استطاع بآدائه المعبر وبحضوره على المسرح أن ينقلنا بين شتى الانفعالات
والعواطف …) كما نوه بالممثلين الآخرين وما قدمو ه من جهد.
وفي سنة 1973 شرعت الفرقة في إجراء تدريباتها على مسرحية (محاكمة رجل مجهول) تأليف / عزالدين إسماعيل ومن
إخراج الفنان المصري / سليمان محمد عبدالهادي والمنتدب للعمل بالفرقة ، وقدم عرضها الأول على خشبة دار عرض
مصراته ، وشاركت بها الفرقة في المهرجان الوطني الثاني وقدم العرض يوم 15-12-1973 ، كما شاركت بعرضها الفرقة
ضمن فعاليات مهرجان أسبوع الفنان الكبير «بشير فهمي» وورد مقال بصحيفة البلاغ الصفحة 7 كتبه / خليل الزوي /
حول محاكمة رجل مجهول يقول فيه :(.. كانت المسرحية في مستوى طيب وفرقة مصراته من الفرق المسرحية التي أعطت
للمسرح أعمالاً جيدة .. هذه المسرحية محاولة من كاتبها لتعرية الزيف في عادلة العالم المتعفن .. محاولة لفضح
أساليب القضاء على الإنسان الشريف .. النص جيد..ومتكامل البناء .. والحوار مترابط بشكل يدل على أن مؤلفنا هذا
من المسرحيين الأوائل … الأداء التمثيلي كان رائعاً .. وإن كانت هذه الكلمة ليست تقييماً حقيقياً للأداء ولكن
هذا ما يمكن قوله باختصار ، الإضاءة جيدة وكانت مطابقة للحركة المسرحية ، الحركة المسرحية واضح أن المخرج له
تجربة سابقة فالحركة المسرحية كانت جزءاً هاما من تجسيد النص على خشبة المسرح…) كما لم يغفل الكاتب على أن
يذكر بعض الملاحظات على العرض من بينها أنه عند انتقال الممثلين لتجسيد شخصيات تاريخية (معاوية والحجاج) نسوا
أن يخلعوا الساعات … أو أستعمال أواني البلاستيك في تلك العصور !
وخاضت فرقة المسرح الوطني تجربتها الثانية في تقديم الأعمال الاجتماعية الشعبية باللهجة المحلية ، عندما قدمت
مسرحيتها (ما يصح إلا الصحيح) وذلك سنة 1973 وهي تأليف وإخراج جماعي ، عالجت بعض القضايا الاجتماعية مثل
الاستغلال والطمع والتسلط والروتين الإداري ، وعرضت لمرتين الأولى على خشبة دار عرض مصراته والثانية بمنطقة
تاورغاء ، ثم بدأت الفرقة استعدادها لتقديم الملحمة الجهادية التاريخية مسرحية (سعدون) من خلال استعراض ملامح
من حياة البطل الشهيد (محمد سعدون السويحلي) وقدمتها في موسمها لسنة 1974 هي من تأليف الكاتب / عبدالكريم
الدناع ومن إخراج سليمان عبدالهادي.
وفي نفس السنة أصدر الأخ وكيل وزارة الإعلام والثقافة قراراً مؤرخاً في 7-4-1973 تم بمقتضاه إعادة تنظيم المسارح
الوطنية على مستوى ليبيا ، وتشكلت لجنة لهذا الغرض، اختارت لجنة جديدة لإدارة المسرح الوطني بمصراته على
رأسها الفنان / خليفة البكباك ، وقدم العرض الأول من مسرحية (سعدون) تحت إدارتها ، ثم تغيرت لجنة الإدارة
ليعود لتسييرها الفنان عبداالله الدناع ويعود بعض الفنانين للالتحاق بالفرقة مجددا بعد أن كانوا قد تركوها ،
وقدم لهذه المسرحية العديد من العروض داخل مصراته وخارجها ، وكان أحدها في افتتاح الأكاديمية الجوية مصراته ،
حضره عدد من المجاهدين ممن شاركوا هذا البطل خوض معارك الجهاد ، وشارك في تجسيد أدوار هذا العمل كل ممثلين
الفرقة أما الأدوار النسائية ، فقد جسدتها كل من الأختين فايزة رجب – وكريمة إحدى الأخوات المصريات .
أما في سنة 1975 فقدمت الفرقة المسرحية مسرحية (القضية) وهي من إعداد الكاتب عبدالكريم الدناع عن مسرحيتي
«الدخان و الزجاج» للكاتب المصري المعروف / ميخائيل رومان ، ومن إخراج / سليمان عبدالهادي وهي مسرحية تتناول
بعض القضايا الاجتماعية وتم إعدادها باللهجة المحلية وقدم لها عرض واحد فقط على خشبة دار عرض الفاتح وقد مثل
شخصياتها / يوسف خشيم ، يوسف حيدر ، فايزة رجب ، محمد الدلفاق ، الهادي الشريف ، علي النحائسي ، مصطفي تنتون
وآخرون.
وتكون مسرحية (العاشق) من تأليف الكاتب / عبدالكريم الدناع ومن إخراج شوقي نعمان أحد المدرسين المصريين
العاملين بقطاع التعليم بمصراته وساعده في ذلك الفنان / محمد الزعلوك هي آخر الأعمال المسرحية التي قدمتها
هذه الفرقة قبل توقفها وقدمت سنة 1976 وكان أول عرض لها على مسرح دار عرض مصراته ثم أقيم لها عرض بمدينة
طرابلس بنفس السنة على خشبة مسرح الكشاف وقامت الإذاعة المرئية الليبية بتصويره ويعد أول عمل مسرحي يتم
تصويره بالألوان محليا ، حدث ذلك عندما كانت الإذاعة المرئية تجري تجاربها على هذا النظام الجديد في البث
حينذاك ، فكلفت الفنان المرحوم / محمد الساحلي بإخراجه مرئياً ، إلا أنه أعتذر لأسباب فنية ، من بينها عدم
حضوره لأي تجارب أو عرض لهذه المسرحية سابقاً ، ولكن وجود المخرج/ خالد خشيم في صالة العرض أنقذ الموقف ، فقام
بإخراج العمل مرئياً بالتعاون مع الطاقم الفني للعرض المسرحي .
وقبل أن ننهي هذا الحديث عن مسيرة فرقة المسرح الوطني ، وما لعبته من دور فاعل في إثراء وتطوير الحركة
المسرحية ، في فترة زمنية وأن بدت قصيرة – سبع سنوات وبضعة أشهر – ولكنها تميزت بالعطاء المتواصل وعمق
التجربة ، مما أكسب العاملين بها والمنتمين إليها خبرة في هذا المجال ، فهي قد احتضنت جل المهتمين بالمسرح
داخل المدينة ، ليقدموا من خلالها أغلب الأعمال المسرحية التي شهدتها مسارح المدينة بعد أن توقفت الأنشطة
الفنية التي تقدمها بعض الجهات الاخرى وتجدر الإشارة في الختام إلى نقطتين :-
الأولى – أن المسرح ، ومنذ بداية السبعينيات أصبح أكثر تنظيماً ونشاطاً ، بعد أن تم اعتماده كمهرجان تسابقي على
مستوى ليبيا يحظى بالدعم والرعاية ، مما حفز على مزيد من الاهتمام بهذا النشاط وساهم بالتالي في اكتشاف
المواهب وصقلها ، وقد كان لمشاركة الفريق المسرحي المدرسي بمصراته في هذا المهرجان ومنذ بدايته ، دور متميز
توج بالحصول على تراتيب متقدمة وجوائز ، مما دفع ببعض العناصر المنتمية إليه للاستمرار في ممارسة هذا الفن ،
حتى بعد التحاقهم بالدراسة في المرحلة الجامعية في بنغازي ، فقد كان من بين أبرز نشطاء فرقة المسرح الجامعي
: منصور أبوشناف – يونس لملوم – يوسف الغزال – عبدالباسط القذافي – حسن الليبيدي ، كما أنضم بعضهم إلى فرقة
المسرح الوطني ببنغازي ، وقدموا من خلالها بعض الأعمال المسرحية .. وكان بعضهم قد انتسب وفي مرحلة مبكرة إلى
فرقة المسرح الوطني بمصراته ، حيث تطالعنا اسماء / منصور ابوشناف – عزالدين المنتصر – يوسف حيدر – عبدالباسط
القذافي ، وهذا اكسبهم خبرة ساهمت في تطورهم واستمرارهم فيما بعد .
الثانية / إن الفرقة ومنذ أواخر سنة 1973 شرعت في تكوين فرقة للأشبال ، انضم إليها عدد من الشباب وأقيمت لهم
دورة في فنون المسرح ، أشرف عليها المخرج / سليمان عبدالهادي بتكليف من إدارة الفرقة ، وقدمت هذه الفرقة
الناشئة أول أعمالها المسرحية وهي مسرحية (على ضفاف اليرموك) سنة 1974 من إخراج سليمان عبدالهادي ،وكان أول
عرض لها على مسرح المدرسة الثانوية بنين ، كما قدم لها عروض في مدن (زليتن – الخمس – طرابلس) وقدمت نفس
الفرقة عملها الثاني ، وهي مسرحية (حياة) لنفس المخرج وقد أختير عدد من أنتسب إلى هذه الفرقة الناشئة
للقيام ببعض الأدوار في مسرحيتي (سعدون – والعاشق) لكن بتوقف الفرقة الأم ، توقفت فرقة الأشبال ، وانتهت تجربة
بدأت ولكنها لم تستمر طويلاً ، بل أن أغلب المنتمين إليها توقفوا عن تقديم أي نشاط مسرحي منذ ذلك التاريخ .
وقد حاول عدد من المهتمين بالشأن المسرحي داخل المدينة ، وبعد سنوات من التوقف ، إعادة احياء فرقة المسرح
الوطني بمصراته وإعادتها إلى نشاطها مجددا ، ومن بينها محاولة قام بها قطاع الإعلام بمصراته سنة 1981، عندما
قام بتكوين فرقة قدمت عملاً مسرحياً واحداً وهو (قضيتي تحت جبل من ثلج) من تأليف وإخراج / سعيد محمد مسعود قدم
لها عرضين الأول على مسرح الهندسة التطبيقية ، والآخر على مسرح دار عرض الفاتح ، ثم توقفت عن تقديم أي نشاط
واشترك في تقديم هذا العمل الفنانون :-
عبدالله كرواد – محمد الدنقلي – فرج التير – محمد اشويشوة – سعيد محمد مسعود ، وعدد من طلبة معهد الفاتح لإعداد
المدربين بمصراته .
كما أن هناك محاول أخرى سنة 1988، حيث أصدر الأخ / أمين اللجنة الشعبية لبلدية خليج سرت قراره رقم 24 لسنة
1988 بشأن تكوين فرقة للمسرح الوطني . وتم تكليف الفنان / عبدالله الدناع أميناً لإداراتها واجتمع عدد من الأعضاء
وشرعوا في التدريبات على مسرحية (سعدون) من تأليف الكاتب / عبدالكريم الدناع ، وأسند إخراجها إلى الفنان /
خالد مصطفى خشيم ولكن بعض الظروف حالت دون الاستمرار فلم تعرض المسرحية .
وبعد غياب 13 سنة ، عادت الفرقة سنة 1989 لتظهر تحت اسم جديد ، وهو فرقة (المسرح الجماهيري) ولكن بأعضاء غير
دائمين وفي نشاط غير متواصل ولذلك حديث آخر .
ومن جراء هذا التوقف ، فقدت الساحة الفنية بمصراته – بكل أسف – عددا من الفنانين المسرحيين تمتعوا بالخبرة
والتجربة ، وكان لهم دورهم الفاعل في إثراء الحركة المسرحية . وكان بقاؤهم واستمرارهم لاشك سيساهم في مزيد
تفعيل الحركة المسرحية وإكسابها مزيدا من الثقة والفاعلية ، ويحدث بالتالي تواصلا بين الأجيال يثرى هذه
الحركة ويفعلها ،وقد حاول من بقى في الساحة من فناني المسرح الوطني ، تعويض ذلك من خلال تعاونهم مع الفرق
الأهلية العاملة في ما تقدمه من مسرحيات.

من almooftah

اترك تعليقاً