قد تكون صورة لـ ‏شخص واحد‏

Toufik Bouguerra
Al Habib Sayah
في ذكرى ميلاد الصديق عمار بلحسن (1953-1993)، هذا التذكار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمار بلحسن في ذكراه
الحبيب السائح
أقدر أنه لو طال العمر بعمار بلحسن ـ وهو من سني ومن أعز أصدقائي تقاسمنا غرفة الجامعة في حي اللوز بوهران وجنون الشباب وحلم الثورة ـ إلى هذا الزمن لكان؛ ليس فحسب أكبر كاتب قصة قصيرة بعد زكريا تامر؛ لأن يوسف إدريس تجربة أخرى سابقة، وأهم مختص في على الاجتماع الثقافي.
وربما كان من أكبر الروائيين في جيلنا؛ لأني أعرف حساسيته النفسية تجاه التجديد، كما هشاشته الروحية حيال كل ما هو جميل غنائي ومأسوي.
قصصه، من تلك التي جمعها في “الأصوات” كما قرأت كثيرا منها مسودة بخطه الجميل من نوع النسخي المائل إلى الرقعة، لم تكن مدهشة لي وحدي ولكن لأصدقائنا الآخرين ـ إني أذكر واسيني لعرج وأمين الزاوي وعمار يزلي؛ لأننا كنا وقتها كتاب قصة شبابا في الجامعة نفسها وننشر في الجرائد الحكومية (الشعب والجمهورية) ومجلة آمال.
لذلك، كان عمار فاز قبلي بجائزة القصة القصيرة التي كانت تنظمها وزارة التعليم العالي.
ولذلك نشر قبلنا في الملحق الثقافي لجريدة الشعب.
ولذلك قطع قبلنا المسافة إلى المشرق فنشر في مجلة “أقلام” العراقية الشهيرة.
أما من حيث الفكر فإنه كان متقدما جدا كـ “معرَّب”؛ نظرا إلى اختصاصه “علم الاجتماع” ـ ومثله عمار يزلي ـ مقابل اختصانا نحن في الأدب.
كان يقرأ، يقرأ كثيرا. وبرغم أن علم الاجتماع، في وهران خاصة، كان بتأطير يساري، فإن عمار ـ على درجة مفارِقة لنا ـ نحن اليساريين وقتها ـ كان يتمع باستقلالية عجيبة في أخذ مواقفه تجاه القضايا السياسية.
كان معنا في حركة التطوع، ولكنه كان دائما يملك هامش الحرية الذي لم يكن لبعضنا. لعله لذلك، كانت كتابته على درجة من الذاتية النافذة ومن الغنائية الجميلة.
فلغة قصِّه مزيج هائل النكهة من الشعري والسردي.
صحيح أنه كان لكل منا بداية خيار أسلوب في الكتابة القصصية؛ نظرا إلى “الالتزام” بتيمات معينة، ولكننا كنا نغبط عمار بلحسن على تلك الجمالية الساحرة في بلاغته.
عمار بلحسن كان نموذج الكاتب المتحرر من قيد “الأيديولوجي” وقتها.
في بداية مرضه، أذكر أنه تحول، وهو الهش، إلى أجمل إنسان خلقة وروحا وتماسحا يمكن أن تتمناه صديقا.
عمار، كان كاتبا جميل السرد وباحثا متوتر الوعي عالي الإنسانية. إنه هو صاحب مقولة الأصوليات الثلاث: “الدينية والسياسية والثقافية”.
تحية لروحه في ذكراه.

من almooftah

اترك تعليقاً