محمود التركي نجم عراقي شاب يأسر قلوب مئات الملايين

مطرب وملحن يتحدى بالغناء في زمن كورونا.
الخميس 2020/11/26
محمود التركي مطرب عراقي يعانق العالمية بعذابة الصوب في إنتاج جديد يأسر ملايين القلوب زمن الكورونا

في السنوات العشر الماضية اتضح للجمهور العربي أن هناك من كان يتحكّم، وبشكل مسبق، في الذوق الفني ويقوم بتصدير مطربين معينين دون سواهم، ولا يسمح للكثير من الشباب الموهوب فنيا بدخول الساحة الفنية الرئيسية، وهنا نقصد شركات الإنتاج المهيمنة والقنوات الفضائية المختصة ببث الأغاني المصورة ليلا نهارا، وأيضا الإذاعات التي تعتمد على الأموال المدفوعة من قبل وكلاء المطربين لبث أغانيهم دون غيرهم. ولكن مع الحرية المتاحة اليوم في عالم الإنترنت وظهور موقع اليوتيوب، شهدنا بروز مطربين ومغنين وموسيقيين، لم نكن نسمع بهم بسبب الهيمنة الإنتاجية التي تعتمد على الاحتكار الظالم.

الشاب العراقي المبدع محمود التركي هو إحدى نتائج معادلة اليوتيوب الإيجابية، حيث عرفه الجمهور من خلال الأغاني الناجحة وصوته العذب، هو مطرب وملحن من طراز خاص، استطاع الدخول إلى الساحة الفنية العربية بدرجتها الأولى خلال زمن قياسي مقارنة مع مطربين احتاجوا إلى سنوات طويلة لتحقيق ذلك.

التركي الذي يمتلك في رصيده أغاني بملايين المشاهدات، يمكن القول إنه سبق من تسيدوا عرش الأغنية العراقية لعقود طويلة، من فنانين كبار أمثال كاظم الساهر وسعدون جابر وحاتم العراقي وغيرهم، وهنا نتكلم عن تفاعل الجمهور وليس عن تاريخ الأسماء المذكورة الطويل.

عصر جديد

الجمهور العربي، وبعد زوال عصر الفيديو كليب التقليدي، يكتفي بصورة فوتوغرافية فقط لتكون الواجهة المرئية لأي أغنية ناجحة، وهذا ما يستعمله فنانو اليوم ومنهم التركي الذي يحصد إعجاب الناس عامة ببساطته الشديدة.
الجمهور العربي، وبعد زوال عصر الفيديو كليب التقليدي، يكتفي بصورة فوتوغرافية فقط لتكون الواجهة المرئية لأي أغنية ناجحة، وهذا ما يستعمله فنانو اليوم ومنهم التركي الذي يحصد إعجاب الناس عامة ببساطته الشديدة.

ولى عصر الألبومات، أو يكاد في عالمنا العربي، ونعيش الآن عصر الأغاني المنفردة وعدم الاستعراض بـ”الفيديو كليب”، الجمهور بات حرّا بما يعجبه ويكفيه الإنتاج الصوتي وليس بحاجة إلى الصورة المكلفة التي كانت شركات الإنتاج تستخدمها لاحتكار أي فنان متذرعة بالتكلفة العالية وأهميتها لترويج أي أغنية أو ألبوم غنائي.

أصبحنا نحن الجمهور العربي نكتفي بصورة فوتوغرافية فقط لتكون الواجهة المرئية لأي أغنية ناجحة، وهذا ما يستعمله فنانو اليوم، و منهم التركي الذي يحصد إعجاب الجمهور العربي عامة والخليجي والعراقي خاصة، في كل أغنية يصدرها، رغم البساطة الشديدة في الإنتاج.

أغنية التركي “تعال أشبعك حب” التي يرددها الصغير قبل الكبير، حطمت كل الأرقام القياسية، حتى أن شهرتها تجاوزت النطاق العربي، ورأينا مقاطع فيديو كثيرة لأشخاص من شرق آسيا يرددون كلماتها ويرقصون على أنغامها. أما عدد مشاهداتها على اليوتيوب فما يزال في ارتفاع مستمر متجاوزاً 611 مليون مشاهدة

بدايته الفنية كانت عام 2013 من خلال أغنية “ماعوفك” من كلمات الشاعر أمجد الطائي، وألحان حسن الجابري، صحيح أنها صورت على طريقة “الفيديو كليب”، لكنْ كان الإنتاج متواضعا والإخراج بسيطا أيضا. كان التركي يعلق على تلك الأغنية الكثير من الآمال، كونها أول عمل خاص له والإطلالة الرسمية الأولى على الجمهور، لكن آماله باءت بالفشل، لأن عمله ذلك لم يحقق المطلوب ولم يصل إلى عدد كافٍ من الجمهور، باختصار الأغنية لم تكن ”ضاربة“ كما يقال.

طموح الشباب الكبير الذي يمتلئ به التركي دعاه إلى الاستمرار والبحث عن ألحان أجمل تناسب ذوق الجمهور في ذلك الوقت، أغنيته الثانية كانت بعنوان “رحت زعلان” من كلمات علي بدر وألحان عبدالله البدر، بدت أكثر نجاحا وانتشارا على مستوى الجمهور العراقي، والعمل تم تصويره تحت إشراف المخرج والمنتج مصطفى العبدالله الذي أصبح منذ ذلك الوقت شريكا في نجاح التركي وتألقه. صورة الأغنية كانت أكثر جمالا من سابقتها، وتم عرضها على الكثير من الفضائيات العربية، وانتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل جيد.

الديو الغنائي في عالمنا العربي ليس رائجا كثيرا، ولكن منذ خمس سنوات تقريبا بتنا نشاهده كثيرا في الفن الخليجي ومن ضمنه العراقي، ولكن العبدالله أقدم على خوض مغامرة التريو الغنائي الذي نادرا ما نجده في الساحة العربية وهو منتشر أكثر في الغرب، زج العبدالله  بالتركي في عمل رائع حقق الكثير من النجاح رفقة كل من وسام حلمي وياسر ماجد. العمل من كلمات الشاعر المتميز ضياء الميالي وألحان حسن الجابري.

التريو حقق انتشارا واسعا ومشاهدات بالملايين على موقع اليوتيوب، ويمكن القول إن بداية التعارف الحقيقي بين التركي والجمهور العربي كانت من خلال تلك الأغنية. ثم قدم التركي أول أغنية من ألحانه بعنوان “يمة حميد”، كتب كلماتها أحمد الميالي، وتخطى عدد مشاهداتها على اليوتيوب حاجز الـ50 مليون مشاهدة، وهي أغنية شعبية إيقاعية مهداة للجيش العراقي، وهذا الأمر غريب و قليل الحصول كون الأغاني الوطنية عادة لا تحقق النجاح الجماهيري الواسع.

لكن “يمة حميد” كانت قريبة بالكلمة واللحن من الشارع العراقي ولامست عاطفته المحبة للوطن، وفي الوقت نفسه هي أغنية راقصة مليئة بالفرح، وهي المحطة الفنية الثالثة في مسيرة التركي الفنية وكانت علامة ثابتة له؛ وضع قدميه على الساحة الفنية العراقية وأخبر الجميع بأن هناك نجما شابا قادما سوف يخطف الأضواء من الجميع.

اعتمدت الشركة المنتجة لأعمال التركي مبدأ الغزارة في إصدار الأغاني، خصوصا أن محمود يمتلك موهبة التلحين ويقوم بوضع ألحان أغلب أغانيه، وهذا الأمر يشكل راحة مادية وزمنية إنتاجية، إنْ كان ذلك للشركة المنتجة أو للفنان المغني، حيث إن أكبر معضلة للمطربين هي اختيار اللحن المناسب لصوتهم وللنوع الغنائي الذي يؤدونه، بينما نجد التركي من المطربين القلائل في العالم العربي الذين يمتلكون موهبة الغناء والتلحين، ونذكر على سبيل المثال بعض المطربين الأوائل في هذا المجال، منهم كاظم الساهر، والفنان المتكامل مروان خوري والمبدع زياد برجي و الرائع وليد الشامي أيضا.

ابن البصرة والعام الذهبي

ظاهرة التركي إحدى نتائج معادلة اليوتيوب الإيجابية. فقد عرفه الجمهور، مطربًا وملحنًا، من خلال تلك المنصة التي بثّت أغانيه بصورة مختلفة.
ظاهرة التركي إحدى نتائج معادلة اليوتيوب الإيجابية. فقد عرفه الجمهور، مطربًا وملحنًا، من خلال تلك المنصة التي بثّت أغانيه بصورة مختلفة.

ولد التركي في الكويت عام 1992 وينحدر والداه من محافظة البصرة العراقية، التي عاد إليها محمود ببداية شبابه ليبدأ منها حلمه الفني، رغم أنه حلم في طفولته بأن يكون لاعبَ كرةِ قدمٍ، ولكن المجتمع المحيط بعائلته وأقربائه تنبه لصوته العذب، فشجعه الجميع على احتراف الغناء بدلا من احتراف كرة القدم في بلد مثل العراق تعاني فيه الرياضة بجميع ألعابها، بينما يتألق الفن العراقي في الساحة العربية ويتصاعد نجومه نحو القمة بسرعة، وهذا ما حققه التركي منذ بدايته.

يعتمد التركي على مبدأ “السهل الممتنع“ والابتعاد عن التصنّع الفني؛ يقول “أصبحنا في وقت مواقع التواصل الاجتماعي ومخاطبة الجمهور مباشرة دون وسيط أو تكلف، والإنتاج البسيط يوصل الأغنية الجميلة بطريقة سلسة، وهذا ما نعتمده. وهناك أغانٍ تم تسجيلها وتصويرها بشكل بسيط، وخلال يوم واحد فقط“. ويشير التركي إلى تلك الأغنية التي حققت انتشارا ونجاحا منقطعي النظير، وهي الديو الغنائي “راحتي النفسية” مع الفنان علي جاسم الذي قام بتلحينها وكتب الكلمات الشاعر عمار محمد. حصدت الأغنية حتى الآن حوالي 274 مليون مشاهدة، هذا الرقم الكبير يعني أن هناك جمهورا عربيا من مختلف الجنسيات أحب هذه الأغنية، وتعرّف على المغني الشاب المتألق محمود التركي الذي بدأ الحظ يستجيب لأغانيه فأخذت تحصد الشهرة الواسعة، “راحتي النفسية” تم إصدارها مطلع عام 2018 وتحديدا في الشهر الأول.

رصيد التركي من المشاهدات المليونية يجعله متقدّماً على من احتلوا عرش الأغنية العراقية قبله، مثل سعدون جابر وكاظم الساهر وغيرهما

بالنسبة إليه يُعدّ ذلك العام ذهبيًّا بامتياز؛ فالأغاني التي أصدرها وشارك بها كلها حصدت حب الجماهير، وخصوصا التريو الغنائي “تعال أشبعك حب”، الأغنية التي شغلت كل الوطن العربي ورددها الصغير قبل الكبير، وحطمت كل الأرقام القياسية وهي أغنية العام بالتأكيد، حتى أن شهرتها تجاوزت النطاق العربي، ورأينا مقاطع فيديو كثيرة لأشخاص من شرق آسيا يرددون كلمات الأغنية ويرقصون على أنغامها. عدد مشاهداتها مازال في ارتفاع مستمر ووصل إلى حوالي 611 مليون مشاهدة على اليوتيوب، وهي الأغنية الثانية عربيا بعدد المشاهدات بعد أغنية “المعلم” لـسعد لمجرد.

الصورة المقدمة بـ”تعال أشبعك حب” أقل من الحد المطلوب فنيا؛ تصوير بسيط جدا، وكأن كلاً من التركي والعبدالله والجاسم راهنوا على أنهم سوف يحطمون الأرقام القياسية بتحدي بساطة الإنتاج والتصوير المتواضع في غرفة صغيرة وهم يغنون أمام كاميرا ثابتة، ويبدو أن الثلاثة ربحوا الرهان وحصدوا أكثر بكثير مما توقعوه.

أصدر التركي في تلك الفترة المتسارعة أكثر من أغنية، وجميعها حققت ملايين المشاهدات، منها “شالع قلبي” التي حصدت حوالي 50 مليون مشاهدة، والديو الغنائي “كلش قطعت وياي” الذي ربح حوالي 70 مليون مشاهدة، وأيضا التريو الغنائي “بروحي” مع حمزة جلال وعلاء برهان.

التركي يلحن للكبار

لم يتراجع مستوى نجاح التركي بل استمر مع إصدار الأغاني الضاربة، واستطاع التعامل مع أشهر ملحني العراق والخليج العربي علي صابر الذي يتهافت عليه مغنو الوطن العربي من كل صوب ليتحصّلوا منه على لحن يحقق لهم الملايين من المشاهدات والشهرة المرجوة. صابر لحن للتركي أغنية في غاية الجمال، كتب كلماتها محمد الجبوري ووزعها الفنان عثمان عبود وحملت عنوان “ضمني ضمني”، وتمت مشاهدتها حوالي 151 مليون مرّة على اليوتيوب رغم أنها نُشرت كصوت فقط دون تصويرها على طريقة “الفيديو كليب”، وقد أظهر فيها التركي قدرات صوتية جديدة مليئة بالأحاسيس.

الأغنية التي يفخر التركي ببساطتها وبأنه قام بتصويرها خلال يوم واحد وحققت انتشارًا ونجاحًا منقطعي النظير، هي الديو الغنائي “راحتي النفسية” مع الفنان علي جاسم، والتي حصدت حتى الآن حوالي 274 مليون مشاهدة

التركي لا يفوّت الفرص السانحة لاختيار الشريك والعمل المناسبين؛ في العام الماضي قدم ديو رائع الجمال مع اسم عراقي شبابي ناجح جدا هو محمد سالم، بعنوان “الساعة خمسة”، وقد لحنه صابر، وتم تصويره تحت إدارة العبدالله المخرج الشريك لنجاحات التركي، وحقق انتشارا واسعا أيضا.

في العام الحالي، ورغم جائحة كورونا وامتناع الكثير من المطربين عن إصدار أغانٍ جديدة، قدم التركي مفاجأة لجمهوره، هي رائعة الملحن ميثم علاء الدين “تدرون شكلي” التي كتب كلماتها الشاعر رامي العبودي. علاء الدين أخذ التركي إلى مكان جديد كليا، فهذه الأغنية بالتحديد لا تشبه كل ما قدمه سابقا؛ اللحن هادئ ورائع جدا والتوزيع الموسيقي الذي وضعه علاء الدين بنفسه والكلمة الجميلة كل ذلك سوف يجعل هذه الأغنية خالدة وعلامة فارقة في مسيرة التركي الفنية، وسوف ينتبه إلى كل أغنية يقدمها في ما بعد. نسبة المشاهدات كبيرة جدا باعتبار الوقت القياسي الذي انتشرت فيه، فقد صدرت في شهر يونيو الماضي وحققت حتى كتابة هذه المقالة 56 مليون مشاهدة على موقع اليوتيوب.

وبعد ذلك التألق بدأ التركي بتقديم ألحان ناجحة لزملائه من الفنانين، مثل المبدع وليد الشامي المعروف بألحانه الجميلة وأغانيه الضاربة، لكنه اقتنع بلحن أغنية “انتهى المشوار” وهي تحقق النجاح الكبير في أيامنا هذه، كما أعلنت المغنية التونسية شيماء الهلالي عودتها إلى الساحة الفنية بلحن من توقيع التركي، وقال ماجد المهندس

في مقابلة تلفزيونية إنه أخذ لحنا جميلاً من المبدع محمود التركي. وقبل أيام قليلة قدم التركي ديو غنائيًّا فريدا من نوعه مع شريكه العبدالله بعنوان “اتحدى واحد”، تم تصويره في مدينة دبي وأخرجه الفنان اللبناني عادل سرحان، والأغنية لحنها المغني الواعد كرار شريف، وحققت في اليوم الأول فقط مليون مشاهدة.

من almooftah

اترك تعليقاً